التصنيفات

الشيخ نجيب الدين أبو القاسم بن حسين ابن العود الأسدي الحلي الحلبي الجزيني
توفي ليلة النصف من شعبان سنة 679 في جزين من بلاد جبل عامل عن نيف وتسعين سنة وقيل سنة 677 والظاهر أنه تصحيف.
(أقوال العلماء فيه)
ذكره الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام على ما حكي عنه فقال: الفقيه المتكلم رئيس الرافضة وشيخ الشيعة كان عالما مشاركا في أنواع من الفضائل ثم ذكر ما فعله معه الحلبيون مما يأتي ثم قال وبلغني أنه كان في الأخير متدينا متعبدا يقوم الليل، وقد رثاه إبراهيم بن أبي الغيث بأبيات أولها:

وذكره أبو ذر في كنوز الذهب في تاريخ حلب على ما حكي عنه فقال: ابن العود كان من الحلة وهو عندهم إما يقتدى به في مذهبهم وفيه مشاركة في علوم شتى وحسن عشرة ومحاضرة بالأشعار والتواريخ والحكايات والنوادر ’’اه’’. قال: لما توفي رثاه الجمال إبراهيم العاملي فقال (عرج بجزين يا مستبعد النجف) إلى آخر الأبيات التي ذكرناها في ترجمة الشيخ جمال الدين إبراهيم بن الحسام أبي الغيث العاملي في الجزء السابع. وفي شذرات الذهب في حوادث سنة 679 فيها توفي النجيب ابن العود أبو القاسم بن الحسين الحلي الرافضي المتكلم شيخ الشيعة وعالمهم سكن حلب مدة فصفع بها لكونه نال من الصحابة ثم سكن جزين إلى أن مات بها في نصف شعبان وله نيف وتسعون سنة وكان قد وقع في الهرم ’’اه’’ وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ بعين عبارة الشذرات وكأن صاحب الشذرات أخذ منه. ومن الغريب أنه ليس له ذكر في كتب أصحابنا لا في أمل الآمل ولا غيره مع جلالة قدره وزيادة فضله باعتراف خصومه الذين عرفناه من جهتهم، ولا عجب فكتب أصحابنا العامليين جملة منها قد ذهبت بها الحوادث والفتن وأمل الآمل اقتصر فيه على ما ذكره منتجب الدين في فهرسته وهو لا يسمن ولا يغني من جوع وعلى أحوال معاصريه الذين اطلع على أحوالهم وعلى من ذكر في سلسلة الإجازات ويسير من غيرهم وخفي عنه كثير من سواهم.
(ما فعله معه الحلبيون)
وهو أمر نهاية في الفظاعة وغاية في تمثيل التعصب والشناعة مع العلماء الأعلام لأجل التشيع والانتساب إلى أهل البيت الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام وكان الأولى بنا أن لا نذكره لفظاعته وشناعته لكننا رجحنا ذكره لأمانة التاريخ ولبيان ما كان عليه أهل ذلك الزمان من الجلافة والتعصب والعداوة لشيعة أهل البيت الطاهر وعلمائهم حتى تناولوهم بعظيم الأذى وبالقتل وليعلم من يعيب الشيعة بالتقية أنهم معذورون فيها وأنه يضطر إليها بطبعه لو ابتلي بما ابتلوا به. وحاصل هذه الواقعة هو ما ذكره الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام بعدما ذكر في حق المترجم ما تقدم من المدائح فقال:
قدم حلب وتردد إلى الشريف عز الدين مرتضى نقيب الأشراف فاسترسل معه يوما ونال من الصحابة فزبره النقيب وأمر بجره من بين يديه وأركب حمارا مقلوبا وصفع في الأسواق فحدثني أبو الفضل بن النحاس الأسدي أن قاميا نزل في حانوته إلى مزبلة فاغترف غائطا ولطخ به ابن العود وعظم النقيب عند الناس وتسحب ابن العود من حلب ثم إنه أقام بقرية جزين مأوى الرافضة فأقبلوا عليه وملكوه ’’كذا’’ بالإحسان.
وعن أبي ذر في كتابه كنوز الذهب في تاريخ حلب أنه ذكر فيه قصة الفقيه ابن العود في كلامه على مدرسة ابن النقيب وقال بعد ذلك قال العلامة قطب الدين وعمل في هذه الواقعة أشعار كثيرة وقال القاضي شهاب الدين وعمل في هذه الواقعة أشعارا كثيرة. وقال القاضي شهاب الدين محمود أنا أذكر هذه الواقعة وأنا بحلب في الكتاب بعد 650 وكان استؤذن فيها يوسف الظاهري فتوقف خوف الفتنة وأمضاها المرتضى وفعلها بيده فلم يجسر أحد من الشيعة أن يعارضه في ذلك ’’اه’’.
(أقول): إن فعل الحلبيون هذا مع ابن العود العالم الجليل الفقيه المتكلم لأنه من أتباع أهل البيت الطاهر بتهمة النيل من السلف فقد فعلت قريش مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يشبهه من وضع السلا وما يستقذر على ثيابه لأنه عاب آلهتهم وأصنامهم وقد انتقم الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله منهم بأبي طالب فأمر السلا على سبالهم ولحاهم ولئن لم ينتقم الله لابن العود من الحلبيين في الدنيا (ولعله فعل) فسينتقم له منهم يوم تجتمع لديه الخصوم: والحقيقة أن ابن العود لم ينل من أحد أمام النقيب ولا غيره وإنما عرفه الحلبيون بالتشيع ففعلوا معه ذلك ولم يجسر النقيب على منعهم لئلا يجري معه ما جرى مع ابن العود فسكت فنسب إليه الرضا أو مباشرة ذلك بيده. والعجب ممن يفعلون ذلك مع من يتهمونه بالنيل من السلف ويتولون من سب سيد السلف على المنابر في الأعياد والجمعات وقنت بسبه في الصلوات وأضاف معه الحسنين سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عباس حبر الأمة وأحد سادات الصحابة.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 206