أبو الخطاب حمزة بن إبراهيم، المعروف بأبي الخطاب:منجم، اتصل ببهاء الدولة البويهي (صاحب كرمان) وعظم جاهه عنده، حتى كان الوزراء يخدمونه، وحمل إليه فخر الملك مئةألف دينار فأستقلها. ثم نكب وصار أمره إلى الضيق والفقر والغربة. ومات مفلوجا بكرخ سامراء ورثاه الشريف المرتضى
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 276
أبو الخطاب حمزة بن إبراهيم ولد سنة 339 وتوفي بكرخ سامراء سنة 418 قاله ابن الأثير.
كان هذا الرجل عارفا بالنجوم متصلا ببهاء الدولة الديلمي ذا منزلة رفيعة ومرتبة عالية حتى بلغ من علو منزلته أن يمدحه الشريف المرتضى بعدة مدائح موجودة في ديوانه ويصفه فيها بأوصاف الإجلال والتعظيم ويسميه سيدنا الأجل ويصفه بالأستاذ الأجل أبو الخطاب حمزة بن إبراهيم وان يرثيه بعد وفاته قال ابن الأثير في حوادث سنة 408 فيها توفي أبو الخطاب حمزة ابن إبراهيم وكان سبب اتصاله ببهاء الدولة معرفة النجوم وبلغ منه منزلة لم يبلغها أمثاله فكان الوزراء يخدمونه وحمل إليه فخر الملك مائة ألف دينار فاستقلها وصار أمره إلى ما صار من الضيق والفقر والغربة ومات بكرخ سامراء مفلوجا غريبا قد زال عنه أمره وجاهه وعندنا قطعة من ديوان الشريف المرتضى فيها ثلاث قصائد في مدحه أما مرثيته فيه فليست في هذه القطعة ويظهر انه كانت بينه وبين الشريف المرتضى صداقة ومودة ويمكن أن يستفاد من ذلك ومن اتصاله ببهاء الدولة انه من شرط كتابنا.
مدائح المرتضى فيه
في ديوان الشريف المرتضى كما في قطعة عندي منه مخطوطة ما لفظه: قال يشكر الأستاذ الأجل أبا الخطاب حمزة بن إبراهيم على نيابته عنه بالحضرة السامية حضرة بهاء الدولة وقيامه بإنشاد بعض شعره بها:
لنشر فضلك آثاري وأخباري | وفي ولائك إعلاني وأسراري |
وأنت من بين من بتنا نسوده | صفر من ألعاب عريان من العار |
أوليت ما لم أكن أرجوه مبتديا | وجزت غاية تأميلي وايثاري |
وكيف يبلغ شكري من أطال يدي | مدا وأعلق بالعلياء أظفاري |
إن الأجل أبا الخطاب أسكنني | في عرضة العز دارا أيما دار |
أعلى بحضرة ملك الأرض منزلتي | عفوا ورفع في مثواه مقداري |
وقام لا حصر منه ولا عجل | يجلو على سمعه أبكار أشعاري |
فالآن قدحي المعلى في مجالسه | إذا ذكرت وزندي عنده الواري |
فقد جزاء بما أوليت من حسن | زمام كل شرود الذكر سيار |
ما كان قبلك طلاعا إلى أحد | ولا لغيرك في الدنيا بزوار |
وخذ إليك مقاليدي مسلمة | فلست ارخص إلا فيك أشعاري |
أترى يعود لنا الأبيرق | والمنى للمرء شغل |
طلل لعمرة ما يزال | على ثراه دم يطل |
قل للذين على | مواعدهم لنا خلف ومطل |
كم ضامني من لا أضيم | وملني من لا أمل |
يا عاذلا لعتابه | كل على سمعي وثقل |
إن كنت تأمر بالسلو | فقل لقلبي كيف يسلو |
وتعجبت جمل لشيب | مفارقي وتشيب جمل |
ورأت بياضا في سوا | دما رأته هناك قبل |
أي المفارق لا يزار | بذا البياض ولا يحل |
يا ضائع البكرات والسر | روحات تنقله شمل |
ينبو به في كل | شارقة مراد أو محل |
هذا أبو الخطاب ذو | النعماء سيدنا الاجل |
أحلل به عقد الرجال | فليس بعد اليوم حل |
واعقر قلوصك عنده | فهناك مال ثم أهل |
يا مفزع الملهوف مما | خاف يعمد أو يزل |
ومحصن المهجات لما | أن غدون وهن أكل |
وعلى الوسائد منك | للأقوام مرهوب مجل |
رهب ورغب عنده | فكأنه شمس وظل |
ولرب داهية يضيق | بكيدها السمع الأزل |
كنت ابن بجدتها وقد | دعي الرجال لها فقلوا |
ولقد تحققت النوائب | إن غربك لا يفل |
وحريز أمرك لا يراع | وذود أرضك لا يشل |
أقسمت بالبيت الحرام | يزوره ركب ورجل |
وبزمزم والكارعين | لمائها نهل وعل |
وبمسقط الجمرات في | الوادي أحل بها المحل |
والمحرمين وقد علوا | وادي المغمس واستهلوا |
أما السجايا الغر | عندك ليس يعدلهن مثل |
كرم وعدل فائض | منواله كرم وعدل |
كم نعمة لك جمة | عندي ومعروف وفضل |
وصنائع مشهورة | طرق إلى شكري وسبل |
ما انس لا انس اهتمامك | بي وقد شحط المحل |
ومواقف لي قمتها | والحاسدون إلي قبل |
وكفيتني شطط السؤال | وأي عضب لا يسل |
وكثير ما قمنا به | في جنب حقك مستقل |
واسمع فذا النيروز | يخبر أن جدك فيه يعلو |
وخلود عزك لا يحال | ولا يزال ولا يمل |
واسلم فأنا لا نبأ | لي بعد بعدك من يعل |
وإذا بقيت محرما | فجميع ما نخشاه حل |
عرفت الديار كسحق البرود | كان لم تكن لأنيس ديارا |
ذكرت بها نزوات الصبي | بساحاتها والشباب المعارا |
أمنت على القلب خوانة | تطيع جهارا وتعصي سرارا |
أقاد إليها على ضنها | ولولا الهوى لملكت الخيارا |
ومفترش صهوات الجياد | إذا ما جرى لا يخاف العثارا |
تراه قويما كصدر القنا | ة لا يطعم الغمض إلا غرارا |
فلما ثناه جناب الاجل | نفض عن منكبيه الغبارا |
وشرد عنه زماع الرحيل | فألقى عصاه وأرخى الإزارا |
مزار إذا زاره الرائدون | أبوا أن يؤموا سواه مزارا |
ومغنى إذا اضطربت بالرجال | رحال الركائب كان القرارا |
فلله درك من آخذ | وقد وتر المجد للمجد ثارا |
ومن جبل ما استجار العفاة | به في البوائق إلا أجارا |
فتى لا ينام على ريبة | ولا يأخذ الهم إلا اقتسارا |
ولا يصطفى غير سيارة | من الذكر خاض إليها الغمارا |
فما كنت للرمح إلا السنان | ولا كنت للسيف إلا الفرارا |
وكم لك دون مليك الملوك | مقام ركبت إليه الخطارا |
وملتبس كالتباس الظلام | أضرمت فيه من الرأي نارا |
وكنت اليمين بتلك الشعوب | وكان الأنام جميعا يسارا |
ولما تبين عقبى الأمور | وأسفر ديجورها واستنارا |
درى بعد أن زاد ذاك المراء | من بالصواب عليه أشارا |
ولي نفثة بين هذا المديح | صبرت فلم أعط عنها اصطبارا |
أأدنو إليك بمحض الوداد | وتبعد عني ودا ودارا |
وأنسني فلا ذكر لي في المغيب | وما زادني ذاك الا ادكارا |
وإني لأخشى وحوشيت منه | أن يحسب الناس هذا ازورارا |
ولست بمتهم للضمير | ولكنني استزيد الجهارا |
ولو قبل الناس عذر امرئ | لأوسعتهم عن سواي اعتذارا |
فليس لهم غير ما أبصروه | عيانا وعدوا سواه ضمارا |
وكانت جوابات كتبي تجئ | إلي سراعا بفخر غزارا |
فقد صرن إما طوين السنين | وأما وردن خفافا قصارا |
وكيف تخيب صغار الأمور | لدى من أنال الأمور الكبارا |
وكم لي فيك من السائرات | أنجد سار بها ثم غارا |
ومن كلم كنبال المصيب | وبيت شرود إذا قيل سارا |
يغني بهن الحداة الركاب | ويسقي بهن الرطوب العقارا |
فلا زلت يا فارج المشكلات | تنال المراد وتكفى الحذارا |
وهنئت بالمهرجان الذي | يعود كما تبتغيه مرارا |
ولم لا يتيه زمان رآك | فضلا لأيامه وافتخارا |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 235
الأجل الوزير حمزة بن إبراهيم.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0
الأجل الوزير حمزة بن إبراهيم أبو الخطاب، رباه جعفر بن المكتفي بالله. وكان متوحدا في علم النجوم، فتعلم منه شيئا يتكسب به على الطريق. فنفق بالنجوم على الموفق أبي علي بن إسماعيل. وكان وزير الملك بهاء الدولة، فاستخلفه بحضرة بهاء الدولة فتقرب إليه. واستولى على أمور المملكة في أيامه وأيام ابنه سلطان الدولة. وكان إليه الأموال والخزائن والقلاع. وخوطب بالأجل. كان بحضرة الملك بهاء الدولة في يوم نوروز أو مهرجان، فدخل عليه تركي من خالص الترك يخدمه على حسب ما جرت به عادتهم. ثم قال له بالعجمية كلاما معناه: تعيش ألف سنة. فقال له: وهل يعيش إنسان ألف سنة؟ فقال: نعم تعيش أنت مائة سنة، وتعمل عملا جميلا تذكر به تسع مائة سنة، فذلك ألف سنة. لأن الثناء عمر ثان. توفي سنة تسع عشرة وأربع مائة، وخلف ألفي ألف دينار.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0