التصنيفات

السلطان نادر شاه الأفشاري ملك إيران لما غزا الأفغانيون إيران وقتلوا الشاه حسين الصفوي واستولوا على العاصمة أصفهان أفسدوا كثيرا واستولى العثمانيون على بعض بلاد إيران قام طهماسب ابن الشاه حسين واجتمع عليه خلق كثير، منهم نادر شاه وكان اسمه ندر قلي بك فولاه الوزارة فأخذ نادر أصفهان من الأفغانيين وفرق جمعهم وحارب العثمانيين ثم بايعه الإيرانيون بالسلطنة بتدبير منه سنة 1137 ثم فتح الهند وبلخ وبخارى وأفغانستان وجميع بلاد تركستان وإيران وقتل طهماسب واستقل بالملك وغزا العراق مرتين فحاصر بغداد في المرة الأولى سنة 1145 وهي بيد العثمانيين ثمانية أشهر وكاد يفتحها فجهز عليه العثمانيون جيشا فعاد عنها وذلك قبل أن يبايع بالسلطنة ثم غزاها ثانيا سنة 1156 وحاصر البصرة بنحو تسعين ألف مقاتل وبغداد بنحو من سبعين ألفا مدة ستة أشهر وتوجه بباقي عسكره إلى شهرزور (السليمانية) ففتحها وفتح كركوك وإربل وحاصر الموصل ثم عاد عنها إلى بغداد وترددت الرسل بينه وبين أحمد باشا والي بغداد في الصلح وكان من شروط الصلح الاعتراف بمذهب الشيعة وأن يكون لهم محراب خامس في مكة المكرمة وإمام في الحرم الشريف وأن يكون من قبله أمير لطريق الحج من طريق العراق وهو يتولى إصلاح البرك والآبار من طريق زبيدة فتقرر إرسال عالم من بغداد وهو عبد الله أفندي السويدي فحضر مع رسل نادر شاه فأكرمه واحترمه وكان خائفا من الشاه خوفا شديدا حتى إنه وهو في الطريق بال دما – كما حكى عن نفسه – وكان مع الشاه تسعة عشر عالما من الشيعة وخمسة عشر من علماء أهل السنة من الأفغان وبخارى وغيرهما فجمعهم الشاه للمناظرة وكتب محضر بأن الشيعة فرقة من المسلمين ومذهبهم مذهب الإمام جعفر الصادق بعدما احتج الملاباشي لذلك بما في جامع الأصول: مدار الإسلام على خمسة مذاهب وعد الخامس مذهب الإمامية ويعد صاحب المواقف الإمامية من الفرق الإسلامية وبقول الإمام أبي حنيفة في فقهه الأكبر لا نكفر أهل القبلة ويقول شارح هداية الفقه الحنفي والصحيح أن الإمامية من الفرق الإسلامية وحضر هذه المناظرة جملة من علماء العراق منهم الشيخ جواد النجفي الكوفي ووضع علماء الفريقين شهادتهم في المحضر ثم أمر الشاه أن تصلى الجمعة في مسجد الكوفة وأن يدعى للسلطان محمود أولا ثم لنادر شاه ويحضر السويدي الصلاة فاجتمع نحو خمسة آلاف وصليت الجمعة وكان الخطيب عربيا من أهل كربلاء وبعد ذلك رخصت الدولة للسلطان نادر شاه بإرسال خطيب وإمام جماعة إلى مكة المكرمة فأرسل السيد نصر الله الحائري وأرسل معه هدايا إلى شريف مكة الشريف مسعود بن سعيد سنة 1155 وأرسل معه كتابا إلى الشريف يقول فيه إنه حصل الاتفاق بيننا وبين الدولة العثمانية على إظهار المذهب الجعفري وأنه يصلي إمام خامس الصلوات الخمس في جميع الأوقات بلا معارضة وأنه يدعى لنا على المنابر والمقام كما يدعى للدولة العلية فواصلكم إمام مذهبنا السيد نصر الله فدعوه يصلي بالناس صلاة خامسة بالمسجد الحرام.
ولما علم بذلك أهل مكة هاجوا ومنعوا منه وطلبوا من الشريف تسليم السيد نصر الله فسافر مع الحاج الشامي حتى كان من أمره ما يأتي في ترجمته. ويوجد في بعض الكتب أن غزو نادر شاه العراق ثانيا الذي تبعه إرسال السيد نصر الله إلى مكة فاسلامبول كان سنة 1156 والظاهر أنه اشتباه صوابه 53 أو 52 لأن إرساله وشهادته كانت سنة 53 أو 55 فكيف يكون ما تقدمه سنة 56.
(تذهيبه القبة العلوية)
في سنة 1155 ذهب نادر شاه القبة الشريفة قبة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وقيل في تاريخ ذلك (آنست من جانب الطور نارا).
وفي سنة 1150 بنى المنارتين في مشهد أمير المؤمنين عليه السلام، وأرخ ذلك بعضهم بقوله:

سنة 1150.
(ما كتبه على السكة)
وكتب على أحد وجهي السكة (نادر إيران زمين وخسرو كيتي ستان) وتعريبه (نادر أرض إيران سلطان آخذ للأرض).

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 199