الشيخ موسى ابن الشيخ شريف بن محمد ابن يوسف بن جعفر
ابن علي بن حسن بن محيي الدين بن عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني العاملي النجفي.
من أهل القرن الثالث عشر الهجري.
ذكره الشيخ جواد آل محيي الدين العاملي النجفي في ملحق أمل الآمل: كان فاضلا كاملا أديبا شاعرا كاتبا ماهرا له ديوان شعر وقد خمس القصيدة المشهورة المقصورة لابن دريد ’’اه’’ ومن شعره قوله:
أسبط المصطفى المختار يا من | به في كل ما أرجو نجاحي |
وحقك لم يكن بحماك مثلي | فتى والاك مقصوص الجناح |
أحيت فؤادك ذات الخال والشنب | غداة حيتك جهرا بابنة العنب |
وروحت منك قلبا قد أضر به | طول السقام وفرط الوجد والوصب |
يا حبذا طيب أنس قد نعمت به | في مجلس هو لولا الراح لم يطب |
لا عيب فيه سوى أن السرور به | يفتر عن ظلم ثغر بارد الشنب |
أنس تطلبته حتى ظفرت به | حيث السماور فيه منتهى طلبي |
كأنه الشمس إذ تبدو أشعتها | للعين من بين شباك من الذهب |
وإن نضا لك نار القلب تحسبها | طرف السنان يدا في كف مختضب |
أودى به الوجد حتى أنه أسفا | أسال أحشاءه من مدمع صبب |
بكى وما كل باك إن بكى انبجست | منه العيون بمثل اللؤلؤ الرطب |
ولا هبت بزلال طعم راحته | أحلى من العسل الماذي ومن ضرب |
متيم ما بكت عيناه من وصب | إلا وروج قلب الصب من نصب |
حفت به أنجم تحكي أشعتها | زهر النجوم إذا بانت من الحجب |
فلو تراها وقد لاحت نضارتها | وفوقها اللؤلؤ الطافي من الحبب |
رأيت شمسا تجلت في يدي قمر | في كوكب قط لم يأفل ولم يغب |
في مجلس أرجت أرجاؤه وزهت | أكنافه بأريج المندل الرطب |
يجلو به الشمس بدر التم حين بدا | يسعى بها في قوارير من الشهب |
ساق غدا قلبه قاس ولا حرج | إذا أحل دمي قاس بلا سبب |
حلو الشمائل قاني الحد ذو هيف | طلق المحيا رخيم بالجمال حبي |
بديع حسن إذا ما هز قامته | يكاد ينقد من لين ومن طرب |
فلا تلمني إذا ما ملت من طرب | وارتاح جسمي من تيه ومن عجب |
فقد أنست بقوم لا نظير لهم | بين البرية من عجم ومن عرب |
قوم لهم شرف يعزى إلى مضر | وهم ولا فخر أهل العز والرتب |
آل النبي وخير الناس سابقة | من كان جدهم في الناس خير نبي |
آل الرضا والرضا من شأن مفخرهم | والحلم يكسر منهم سورة الغضب |
يا ظبية أشبه شيء بالمهى | ترعى الخزامى بين أجراع النقى |
أوهى القوى كتم الهوى وصونه | وخانه يامي فيك عونه |
يا من بها راسي شع جونه | أما ترى رأسي يحاكي لونه |
ولى الصبا وما وفى بعهده | وخامر القلب جوى لفقده |
وحان وخط الشيب بعد بعده | واشتعل المبيض في مسوده |
صاح بأرجاء شباب مغدف | صبح مشيب شبه در الصدف |
وقبل قد كان كليل مسدف | فكان كالليل البهيم حل في |
لما ذكى حبي بقلبي ونما | وذاع من مكنون سري ما اكتمى |
أفاض ماء عبرتي هم طما | وغاض ماء شرتي دهر رمى |
وأصبح الدهر الخؤون طاويا | مجاسنا وناشرا مساويا |
وقد غدا ربع السرور خاويا | وآض روض اللهو يبسا ذاويا |
أتاح لي فرط التنائي صبوة | ما تركت قط لقلبي سلوة |
وأوهن الأعراض مني قوة | وضرم النأي المشيب جذوة |
فكيف لا يذوب قلبي كلفا | ولا يسيل دمع عيني أسفا |
والوجد قد صير قلبي كنفا | واتخذ التسهيد عيني مألفا |
هم وحزن وعنا وكدر | متصل ومدمع منهمر |
إني وإن لم تحص ما بي فكر | فكلما لاقيته مغتفر |
لا تلحني إن ذاب قلبي سقما | أو إن قضيت أسفا والما |
ولا تسل إن سال دمعي عندما | لو لابس الصخر الأصم بعض ما |
مم البكا بعد التجافي ولمن | والدهى قد ضن بما أعطى ومن |
وقد لحا عودك صرف ذا الزمن | إذا ذوى الغصن الرطيب فاعلمن |
وإن غدا الحادي بهن مدلجا | لم تر رحب الأرض إلا رهجا |
وإن طوين نفنفا وسجسجا | أخفافهن من حفا ومن وجى |
من كل وجناء نفور خضرف | يجبن كل جفجف وصفصف |
يفللن كل ناحف ذي كلف | يحملن كل شاحب محقوقف |
قد ارتضى رب العلى إيمانه | من بعد ما أناله أمانه |
حر قضى يطوي الفلا أزمانه | بر برى طول السرى جثمانه |
قد خاض تيار الفيافي وفلا | ناصية البيد وما تململا |
وكم من الشوق الملح أرملا | ينوي التي فضلها رب العلى |
وخف فيه شوقه وأرقلا | إلى التي فضلها رب العلى |
وحن لما أن دنا وأعولا | حتى إذا قابلها استعبر لا |
كم حلبة يوم الوغى مرهوبة | رددتها بعزمة مشبوبة |
وكم لها سعيت في مثوبة | فإن سمعت برحى منصوبة |
ولم أزل أسعى بقلب يقظ | لحفظ ما لولاي لما يحفظ |
أنا الذي تخشى العدى تيقظي | وإن رأيت نار حرب تلتظي |
دع نفس حر لا تزال تغرة | تخوض للموت الزؤام غمرة |
وخلها جهرا تسيل حسرة | خير النفوس السائلات جهرة |
جبت العراق وعره وسهله | وقد وردت عله ونهله |
فقلت مذ لم ترى عيني مثله | إن العراق لم أفارق أهله |
كلا ولا شاهدت مذ صادقتهم | سواهم ناسا ومذ رافقتهم |
أصفيتهم ودي وما نافقتهم | ولا أطبا عيني مذ فارقتهم |
رافقت منهم من إذا خطب عرا | كانوا شآبيب الندى لمن عرا |
هم المحاريب الوثيقات العرى | هم الشناخيب المنيفات الذرى |
بنو الأولى أولهم عليها | دان لهم من الورى عليها |
هم الغيوث ساكب ماذيها | هم البحور زاخر آذيها |
قوم سموا هام السهى بجدهم | وقد علوا العلى بجدهم |
لا والذي أتحفني بودهم | إن كنت أبصرت لهم من بعدهم |
ولم تكن تبصر عيني أبدا | من الورى أكرم منهم محتدا |
ولم أجد أعظم منهم سؤددا | حاشا الأميرين اللذين أوفدا |
هما سليلا أحمد خير الملا | الحسنين الأحسنين عملا |
هما اللذان أنقعا لي غللا | هما اللذان أثبتا لي أملا |
فقدت من شرخ الصبا ريقه | أيام يرعى ناظري رونقه |
ومذ أحال الدهر ما رقرقه | تلافيا العيش الذي رنقه |
هما اللذان أورداني موردا | عاد به روض المنى موردا |
وأنعشاني بعدما كنت سدى | وأجريا ماء الحيا لي رغدا |
هما اللذان رفعا نواظري | وأعليا قدري على نظائري |
وعندما قد نفدت ذخائري | هما اللذان سموا بناظري |
كم ردني بعد الرجاء خائبا | من خلته أن لا يرد طالبا |
وحين أصبحت له مجانبا | هما اللذان عمرا لي جانبا |
وأوليائي ما به النفس اقتنت | عزا به عن درن الدنيا اغتنت |
وعوداني عادة ما امتهنت | وقلداني منة لو قرنت |
بل كل من فوق الثرى عنها نكل | وحاد بل أعيا عن البعض وكل |
بل لم يف لسان كل من شكل | بالعشر من معاشرها وكان كال |
أحمد ربي الله ما أعاشني | إذ في ولاء المرتضى قد راشني |
فلم أقل وهو بخير ناشني | إن ابن ميكال الأمير انتاشني |
ومذ وفى لي بالذي له ضمن | وخصني بما به قلبي أمن |
قلت أبو السبطين بالوفا قمن | ومد ضبعي أبو العباس من |
ذاك علي المرتضى عقد الولا | وصنو طه المصطفى خير الملا |
ذاك الذي رام المعالي فعلا | ذاك الذي لا زال يسمو للعلى |
ومذ علا بالرغم من حسوده | بجوده الضافي على وفوده |
قلت وحقة القول من ودوده | لو كان يرقى أحد بجوده |
إن كنت تشكو من أوار متلف | فرد نداه بفؤاد شغف |
وثق إذا ما كنت ذا تلهف | ما إن أتى عبر نداه معتفي |
فعد إلى مدح الحسين والحسن | تأمن في مدحهما من الزمن |
وقل إذا ما فزت منهما من | نفسي الفداء لأميري ومن |
كم قلت من حسن الثناء آملا | عد سجايا لهما ونائلا |
وحين أعييت غدوت قائلا | لا زال شكري لهما مواصلا |
فارقت من بنيهما ذوي علا | لم أر منهم قط إلا موئلا |
فارقتهم لا قاليا بعد ولا | إن الأولى فارقت من غير قلى |
ولم أزغ عن صاحب أصفيته | خالص ودي بعدما اصطفيته |
كلا ولا في البعد قد قليته | لكن لي عزما إذا انتضيته |
سقى الخال من نجد وسكانه الخال (السحاب) | وأزهر في أكنافه الرند والخال (نبت له بهار) |
فلي بين هاتيك الربوع خريدة | هواها لأحشائي وحق الهوى خال (ملازم) |
مهفهفة الأعطاف مهضومة الحشا يحن | لها شوقا أخو العشق والخال (الرجل الفارغ من علاقة الحب) |
لها حسن وجه يخجل البدر طلعة | ومرهف جفن دونه المرهف الخال (القاطع) |
تميل كما مال القضيب وتنثني | كما ينثني النشوان والمعجب الخال (المتكبر) |
ويهتز من سكر الشباب قوامها | ويسحب من تيه أعطافه الخال (الثوب الناعم) |
على حبها أفنيت شرخ شبيبتي | ومن أجلها طاف البلاد بي الخال (البعير الضخم) |
أضن بها ألا تضن بوصلها | دخلت بها الحسنى قلم يكذب الخال (النظر) |
ولما بدت تختال من فرط تيهها | إلي ولا عم يلوم ولا خال (أخو الأم) |
تخيلت في مرآة صفحة خدها | فخلت سواد العين فيها هو الخال (الشامة) |
لئن زعم الواشون أني سلوتها | فإني مما لفقوه الفتى الخال (البريء من التهمة) |
أأسلو هواها لا ومن خلق الهوى | هواها بأحشائي وإن ضمني الخال (الكفن) |
حنانيك يا معطي الصبابة حقها | ومن هو في بذل الحياة الفتى الخال (الرجل السمح) |
تكلفت أسباب المودة والهوى وقمت | بأمر لا يوقم به الخال (الجبل) |
وأصبحت في أسر التصابي مقيدا | أخو كمد مما تجن الحشا الخال (الرجل الضعيف الكبد والجسم) |
إذا هانت النفس النفيسة في الهوى | فليس يعز الملك بعد ولا الخال (الخلاف) |
وكل جماح يحسن الخال عنده | وما لجماح الحب يستحسن الخال (اللجام) |
وصلتك لما أن رأتك ودودا | فغدا بها عصر الشباب جديدا |
أصفتك ودا صادقا من بعد ما | كانت تريك تباعد وصدودا |
أحيت بزورتها حشاشة مغرم | وشفت فتى في حبها معمودا |
وأرى بها ناديك أصبح مسفرا | فكأن به شق الصباح عمودا |
أمعنفي مهلا بأسباب الهوى | أقصر أطلت لعمرك التفنيدا |
دعني بها أقضي لبانات الهوى | ما دام غصني شبيبتي أملودا |
جهلا بدين الحب ما دام الصبا | إن كنت تسلو الكاعبات الرودا |
فإذا قضى عصر الشبيبة فاعتزل | ذكرى الحسان المائسات قدودا |
يا سعد قد سمح الزمان بليلة | زارت سعاد بها فكانت عيدا |
فأدر علينا خمرة تبرية | تبري السقيم وتنعش المجهودا |
هي راحة الأرواح إلا أنها | تكسو اللبيب من السفاه برودا |
صرفا معتقة تذكرنا الأولى | سلفوا وعادا بعدهم وثمودا |
في كف ممشوق القوام فإن بدا | ترك الفؤاد بحبه مفؤودا |
حلو الشمائل فاتر الألحاظ كم | أردى بلحظيه المراض أسودا |
رشأ أعار الغصن قدا مائسا | وأعار آرام المهامه جيدا |
أو ما ترى يا سعد أغصان المنى | في لينها تحكي الغصون الميدا |
ورياض أيام المسرة ألبست | ورد الشقيق غلائلا وبرودا |
في عرس من فيه نؤمل وثبة | يقتاد فيها الماجدين الصيدا |
غض المحامد من سما أقرانه | وعلا عليهم يافعا ووليدا |
ينمى لأكرم ماجد في مجده | أضحى لأهل المكرمات عميدا |
الماجد القرم الهمام ومن غدا | في العلم ما بين الأنام وحيدا |
رب المفاخر من تسامى رفعة | تسمو به هام السماك صعودا |
يا أيها المولى الهمام ومن به | أضحى عمود المكرمات مشيدا |
إن رمت عد مفاخر لك في الورى | لم أستطع أبدا لها تعديدا |
هب الصبا إن هب أو تنفسا | أبدى من الصب المعنى نفسا |
أليس إن هب يهب حاملا | ريا التي أورت بقلبي قبسا |
كفى بتلك منة لو أنها | تحنو علي ما شكوت أبؤسا |
منحتها صفو الهوى ولم تزل | تمنحني عمدا تباريح الأسى |
يا سائلي والصب لم يأس على | حياته ما دام مفقود الأسى |
تسأل عن صنع الهوى بوامق | لم يبق منه الشوق إلا نفسا |
نفسي الفدا لشادن إن جئته | مبتسما أبغي رضاه عبسا |
فهب أسأت في الهوى فما على | طلق المحيا لو عفا عمن أسا |
وقائل لي كم تعاني أبؤسا | وكم تقاسي للزمان مرسا |
فقلت إني قد وجدت ملجأ | أرغم فيه للزمان معطسا |
ذاك منار الدين والدينا ومن | به أزال الله عنا أبؤسا |
محمد والحسن الأفعال من | سما محلا دونه النجم رسا |
حتى إذا أبدى لنا جواهرا | أنفاسها كالصبح إن تنفسا |
أحيا بها دين النبي أحمد | من بعد ما أوشك أن ينطمسا |
وكم بها حل لنا من مشكل | قد كان لولا رأيه ملتبسا |
وحين قد أودعها نفائسا | أحيت نفوسا وأماتت أنفسا |
يا حجة الله على عباده | من بعد آل المصطفى أهل الكسا |
ونائب الإمام في أيامنا | وخير من شاد التقى وأسسا |
شققت في ظهر الغريين لنا | نهرا به تلقى الأنام مأنسا |
وذاك أمر لم يقم بمثله | قرم وإن كان الأشم الأحوسا |
يا أيها المولى الذي شاد لنا | ربع العلى من بعد ما قد درسا |
سمعا رعاك الله نظم مخلص | فيك أتى سهل القياد سلسا |
لا زالت الأفراح تترى أبدا | عليك في كل صباح ومسا |
زارت على رغم الأعادي | هيفاء صادقة الوداد |
وترنمت ورق الهنا | طربا بعرس أخي السداد |
الواضح الحسب الحسين | شفاء ملهوف الفؤاد |
إنسان عين المكرمات | وغرجة الشرف التلاد |
ندب سما شرفا بجد | سابق وأب جواد |
وحوى مكارم لم تزل | في كل يوم بازدياد |
فنعمت في ظل الإمام | محمد غيث العباد |
لولا جواهر علمه | لم يلف للعلماء هادي |
بوجوده وبجوده | يحيي ويروي كل صادي |
يا حجة الإسلام والها | دي إلى سبل الرشاد |
ما في الأنام سوى علاك | لحاضر يرجى وبادي |
بك قد رسا ركن الهداية | واغتدى سامي العماد |
سمعا مدايح مخلص | ما حاد عن سنن الوداد |
وأسلم ودم في نعمة | أبد الزمان بلا نفاد |
أشمس تجلى ضوءها أم فرايد | وأقمار تم أسفرت أم خرايد |
أم ابتسمت زهر الرياض فاطلعت | ثنايا بها تزهو الربى والمعاهد |
أجل سطعت في جبهة الدهر غرة | لمولى به للفضل مدت سواعد |
موشحة جادت بها منه فكرة | ’’سبوح لها منها عليها شواهد’’ |
همام له الأيام ألقت مقالدا | وقل بأن تلقى إليه المقالد |
أقام رباع الجود وهي دوارس | وشاد رسوم المجد وهي هوامد |
تلكم معاهدهم من بعدهم دثر | لم يبق منهن لا عين ولا أثر |
سرعان ما عبثت أيدي الزمان بها | وغيرتها كما شاءت بها الغير |
أخنى عليها وقد محى جوانبها | مر الجنائب فيها حين تعتور |
وقفت فيها كأني بعض أرسمها | أكاد عن لمحة الأنظار أستتر |
أحفي السؤال رسوما عندها درست | وهل تجيب سؤالي الأرسم الدثر |
ورب مغرية باللوم ما وجدت | وجدي ولا خاض جفني طرفها السهر |
إلى م تبكي الرسوم الدارسات أسى | وتطبيك جفون زانها حرر |
دعها ودع أن تبكيها وجيرتها | أما بناهي النهي عنهن مزدجر |
فقلت والناظر المنهل يبدرني | بمدمع من سحاب الجفن ينهمر |
لم أبك إلا لأعلام نووا ظعنا | والعلم خلفهم يقفوا ويبتدر |
ألووا لبين فلا بحر الندى عذب | غداة ألووا ولا عود العلى نضر |
أكل يوم لنا منهم هلال دجى | تطوى عليه على رغم العلى الحفر |
لم تنس أرزاؤه الأولى وما ذهبت | أشجانها إذ دهت أرزاؤه الأخر |
قضى علي وقد أودى الرضا وكفى | ثم انطوى بالحسين الماجد القدر |
العالم العلم الحبر الذي اشتهرت | أيامه فأقر البدو والحضر |
والمتقي الله في سر وفي علن | يأتي الجميل وفي أحشائه ذعر |
لم يخش في الله لوما في هدايته | فمنتهى منه عن نهي ومؤتمر |
فلتبكه أعين العلم التي قذيت | لأجله واعتراها بعده الحسر |
ولتبكه بيضة الإسلام ثاكلة | عليه ولتبكه الآيات والسور |
ولتبكه علماء الدين قاطبة | فقد مض ناصر للدين منتصر |
من مبلغ شانئينا غير ضائرنا | إذا ذوى الغصن ما لم يخضد الشجر |
فإن فينا الذي من رشح نائله | كان الذي كان ما سارت به السير |
محمد الحسن الأفعال أكرم من | عليه ألوية العلياء تنتشر |
بقية السلف الماضين والخلف الذي | به فضل أهل الفضل منحصر |
يا كاظم الغيظ يا جد الجواد ومن | عمت جميع بني الدنيا مكارمه |
ومن غدا شرع خير المرسلين به | سامي الذرى وبه شيدت دعائمه |
الحق لولاك ما بانت حقائقه | والشرع لولاك ما قامت قوائمه |
وفيك ينكشف الكرب العظيم إذا | جاشت علينا بلا جرم قشاعمه |
إمام حق أبان الحق وانتشرت | أفعاله الغر مذ نيطت تمائمه |
فعالم الدين خير الناس عالمه | وكاظم الغيظ خير الناس كاظمه |
مولى غدا من رسول الله عنصره | أكرم به عنصرا طابت جراثمه |
به وآبائه زان الوجود وفي | أبنائه الغر قد شيدت معالمه |
من أم مغناك يا أزكى الورى نسبا | للازم كيف لا تقضى لوازمه |
فيا خليلي والخل الخليل إذا | حبا الخليل بأسنى ما يلايمه |
لا تحسبا كل شوق يدعى عبثا | فالشوق إن هاج لا تخفى علائمه |
ولا تلوما إذا ما رحت ذا كلف | والدمع من مقلتي فاضت سواجمه |
أنا المشوق المعنى بازديار حمى | موسى بن جعفر صب القلب هائمه |
فعللا قلبي العاني الضعيف به | فإن في ذكره تقوى عزائمه |
هي الدار أما القلب عنها فسائل | وأما عليها دمع عيني فسائل |
تعرفت بعد النكر منها منازلا | لهن فؤاد المستهام منازل |
جدايد أبلاها الجديدان فأنثنت | أعالي مبانيها وهن أسافل |
أوانس بالعين الأوانس أصبحت | وهن من العين العواطي عواطل |
وقفت بها والعيس تسقي عراصها | هواطل تهمي أثرهن هواطل |
فقل للردى إن غال بدرا لهاشم | رويدا فماذا بعد هذا تحاول |
فقل ما تشا بعد الذي نلت منهم | فليس يبالي بعدما أنت فاعل |
قضى وهو ذو عمر قصير يزينه | طويل على سام الدعام وطائل |
وحامل فخر لم يقم فيه غيره | كما لم تقم عن مثله الدهر حامل |
تحمل والأرزاء فينا مقيمة | وسلواننا والمكرمات رواحل |
وأودى فأودى مفخر فخرت به | على من سواها من لوي قبائل |
فيا حاملا نعش التقى كيف نلته | ونعش السما من دون ما أنت حامل |
ويا قبره كيف استطعت تضم من | فضائله ملء الفضا والفواضل |
ويا غاسليه جنبوا الماء من له | بأدمعه من خشية الله غاسل |
وحنطه نشر الثنا وهو عاطر | أريجا وحلاه العلى وهو عاطل |
وضمنه أحناء الضلوع وأطبقت | عليه جفون هاميات هوامل |
فماذا على الأيام لو عدن بعده | ليالي تكسوها لهن غلائل |
فيا ابن رسول الله كم فيك شاهد | بأنك من أبنائه ودلائل |
عليك ولم يحتج دليل على ذكا | مخائل من سيمائهم وشمائل |
بهاء وأغضاء وعز وعفة | وعلم وإمضاء وحزم ونائل |
أعبد الرشيد المودع القلب حسرة | تشب لها عمر الزمان مشاعل |
فسمعا وإن أصمى الردى منك مسمعا | لآلئ لم تظفر بهن العقائل |
حداني لها حق الأخاء أو الوفا | وليس كمأجور على النوح ثاكل |
سقى الله قبرا ضم جسمك صيبا | من العقو يهمي غيثه المتواصل |
سلوا وإن هان الأسا وتصبرا | فأحمد صبر المرء والخطب هائل |
فحسب بني حوا وحسبك سلوة | بمن هو كاف للبرايا وكافل |
أبوك الذي ود الأنام بأسرهم | بأنهم أيتامه والأرامل |
هو الباقر العلم الحنيفي فكره | وبحر علوم ما له قط ساحل |
منار هدى يهدي شبابا وكاهلا | وقد قام في ثقل الهدى منه كاهل |
فيا حجة الله المقيم حدوده | على الخلق لا يعدوه حاف وناعل |
سماعا بأقصى أصفهان وإنني | على ذروة الجودى ما أنا فاعل |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 186