حماد الراوية حماد بن سابور بن المبارك، أبو القاسم: أول من لقب بالراوية. وكان من علم الناس بأييام العرب لا وأشعارها وأخبارها وانسابها ولغاتها. أصله من الديلم، ومولده في الكوفة. جال في البادية ورحل إلى الشام. وتقدم عند بني أمية، فكانوا يستزيرونه ويسألونه عن أيام العرب وعلومها، ويجزلون صلته. وهو الذي جمع السبع الطوال (المعلقات) قال له الوليد بن يزيد الأموي. بم استحققت لقب الراوية؟ قال: بأني أروي لكل شاعر تعرفه يا أمير المؤمنين أو سمعت به، ثم لاينشدني أحد شعرا قديما أو محدثا إلا ميزت القديم من المحدث فال فكم مقدار ما تحفظ من الشعر؟ قال: كثير، ولكني انشدك على كل حرف من حروف المعجم مئة قصيدة كبيرة سوى المقطعات، من شعر الجاهلية دون الأسلام. قال سأمتحنك في هذا. ثم أمره بالإنشاد، فأنشد حتى ضجر الوليد، فوكل به من يثق بصدقه، فأنشده ألفين وتسع مئة قصيدة للجاهلية. واخبر الوليد بذلك فأمر له بمئة ألف درهم. ولما زال أمر بني أمية أهمله العباسيون، فكان مطرحا مجفوا في أيامهم. أخباره كثيرة. وقيل: كان أول أمره يتشطر ويصحب الصعاليك واللصوص ثم طلب الأدب وترك ما كان عليه. وفيه يقول الطهو:
#نعم الفتى لو كان يعرف ربهـ ، أو حين وقت صلاته، حماد وتوفى في بغداد

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 271

الراوية حماد بن أبي ليلى، ميسرة أبو سابور أبو القاسم الكوفي المعروف بالراوية. ولاؤه لبكر بن وائل. كان أخباريا علامة، خبيرا بأيام العرب ووقائعها وشعرها. وكانت بنو أمية تقدمه وتؤثره وتحب مجالسته. قيل أن الوليد قال له: كم مقدار ما تحفظ من الشعر؟ قال: أنشدك على كل حرف مائة قصيدة طويلة سوى المقطعات من شعر الجاهلية دون الإسلام. فامتحنه، فأنشده ألفين وسبع مائة قصيدة. فأمر له بمائة ألف درهم. وكان غير موثوق به. كان ينحل شعر الرجل غيره، ويزيد في الأشعار. وهو أول من جمع شعر العرب. قال المدائني: ومن أهل الكوفة ثلاثة نفر من بكر بن وائل أئمة: أبو حنيفة في الفقه، وحمزة الزيات في القراءات، وحماد الراوية في الشعر. وكان المنصور يستخف مطيع بن إياس ويحبه. فذكر له حمادا وكان صديقه. وكان حماد مطرحا مجفوا في أيامهم. فقال له: آتنا به لنراه. فأتاه مطيع وأعلمه بذلك. فقال له حماد: دعني فإن دولتي كانت مع بني أمية، وما لي مع هؤلاء خير. فأبى مطيع وألزمه بالتوجه معه إلى المنصور، فأمره بالجلوس وقال له: أنشدني، قال: أيها الأمير، لشاعر بعينه أم لمن حضر؟ قال: بل أنشدني لجرير. قال: فسلخ والله شعر جرير من قلبي إلا قوله:

فاندفعت فأنشدته إياه حتى انتهيت إلى قوله:
فقال له: أعد هذا البيت فأعدته، فقال: بوزع أيش هو؟ فقلت اسم امرأة. فقال: هو بريء من الله ورسوله، نفي من العباس. إن كانت بوزع إلا غولا من الغيلان، تركتني يا هذا والله لا أنام الليلة من فزع بوزع. يا غلمان فقاه. قال: فصفعت حتى لم أدر أين أنا، ثم قال: جروا برجله، فجروا برجلي حتى أخرجت من بين يديه مسحوبا. فتخرق السواد، وانكسر جفن السيف. فلما انصرفت، أتاني مطيع يتوجع لي، فقلت له: ألم أخبرك أني لا أصيب من هؤلاء خيرا، وأن حظي قد مضى مع بني أمية. وكان انقطاع حماد إلى يزيد بن عبد الملك. وكان هشام يجفوه، فلما ولي الأمر اختفى حماد. وبقي سنة في بيته لا يخرج. ثم إن هشاما استقدمه من الكوفة إلى دمشق في اثنتي عشرة ليلة، ودفع إليه متولي الكوفة خمس مائة دينار وجملا مرحولا. فلما دخل عليه، فإذا جاريتان لم ير مثلهما، وفي أذن كل واحدة لؤلؤتان في حلقتين يوقدان، فقال له: بيت خطر لي لم أدر لمن هو، وهو:
فقلت: هذا يقوله عدي بن زيد في قصيدة. فقال أنشدنيها، فأنشدته:
فطرب هشام وقال: يا جارية، اسقيه. فسقته، فذهب ثلث عقله، ثم قال: أعد فأعاد، فطرب فقال: يا جارية، اسقيه. فسقته، فذهب ثلثا عقله، ثم قال له: أعد فأعاد، فقال: سل حوائجك. فقال: إحدى الجاريتين، فقال: هما جميعا لك بما لهما وما عليهما. ثم قال للأولى: اسقيه فسقته، فسقط معها ولم يعقل. فلما أصبح، إذا هو بالجاريتين عند رأسه وعشرة من الخدم، مع كل واحدة بدرة. فأخذ الجميع وانصرف. هكذا أورد صاحب الأغاني هذه الحكاية، وفي بعضها زيادة. وقال في الأول أن هشاما كتب إلى عامله يوسف بن عمر بتجهيز حماد إليه. قال شمس الدين ابن خلكان: هكذا ساق الحريري هذه الحكاية. وما يمكن أن تكون هذه الواقعة مع يوسف بن عمر الثقفي، لأنه لم يكن واليا بالعراق في التاريخ المذكور، بل كان متوليه خالد بن عبد الله القسري. قال: وهشام لم يكن يشرب الخمر. قلت: ومع سعة هذه الرواية، كان لا يحسن من القرآن إلا أم الكتاب، فألزموه. فقرأ في المصحف، فصحف في مواضع، منها: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يغرسون} -بالغين المعجمة والسين المهملة- و{وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إباه} -بالباء الموحدة- و{ليكون لهم عدوا وحربا} - بالراء والباء الموحدة - و{يعززوه..} -بزايين- و {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يعنيه} - بفتح الياء والعين المهملة- و{هم أحسن أثاثا وزيا..} - بالزاي- و{عذابي أصيب به من أساء} - بالسين المهملة وفتح الهمزة الثانية- و{نبلو أحباركم} -بالحاء المهملة- و{صنعة الله ومن أحسن من الله صنعة} -بالنون والعين المهملة- و{سلام عليكم لا نتبع الجاهلين} - بالنون والتاء المثناة من فوق والباء الموحدة والعين المهملة- و{قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العايذين} -بالياء آخر الحروف والذال المعجمة-.
كتب حماد إلى بعض الأشراف:
فكتب إليه الرجل: اكتب لي حاجتك، ولا تشهرني في شعرك. فكتب إليه حماد:
فبعث بها إليه. وقال أبو الغول يهجوه:
وأخبارحماد كثيرة في كتاب الأغاني وغيره. وتوفي سنة خمس وستين ومائة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0

حماد الراوية هو العلامة، الأخباري، أبو القاسم حماد بن سابور بن مبارك الشيباني مولاهم.
كان مكينا، ونديما للوليد بن عبد الملك، وكان أحد الأذكياء، راوية لأيام الناس، والشعر، والنسب.
طال عمره، وأخذ عنه: المهدي. وتوفي سنة ست وخمسين ومائة، وهو في عشر التسعين. وكان قليل النحو، ربما لحن.
وقيل: مات في دولة المهدي، نحو الستين ومائة.، وقيل: إن الوليد بن يزيد سأله: لم سميت الراوية؟ قال: لأني أروي لكل شاعر تعرفه، ولكل شاعر تعترف أنك يا أمير المؤمنين لا تعرفه، وأنشدك على كل حرف من حروف المعجم مائة قصيدة للجاهلية. فيقال: إنه، وكل به من يستنشده حتى سرد ألفين، وتسعمائة قصيدة، فأمر له بمائة ألف درهم، وقيل: إن هشام بن عبد الملك أعطاه مائة ألف.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 6- ص: 572

حماد الراوية
حماد بن أبي ليلى المعروف بحماد الراوية، مشهور برواية الأشعار وأخبار الناس عالم بالأنساب.
من ندماء: الوليد بن عبد الملك قال الجاحظ وكان متهماً في دينه وعده في آخرين. م سنة 155 هـ.

  • دار الرشد، الرياض-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 34

حمَّاد الراوية
وأما حماد الراوية، فإنه كان من أهل الكوفة، مشهوراً برواية الأشعار والأخبار، وهو الذي جمع السبع الطوال، هكذا ذكره أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس، ولم يثبت ما ذكره الناس من أنها كانت معلقة على الكعبة.
ويحكى أن حماداً الراوية قال: كنت منقطعاً إلى يزيد بن عبد الملك، وكان أخوه هشام يجفوني لذلك دون سائر أهله من بني أمية، في أيام يزيد، فلما مات يزيد، وأفضت الخلافة إلى هشام خفته، فمكثت في بيتي سنة لا أخرج إلا إلى من أثق به من إخواني سراً. فلما لم أسمع أحداً يذكرني أمنتُ فخرجت، وصليت الجمعة في الرصافة، ثم جلست عند باب الفيل، فإذا شرطيان قد وقفا علي، فقالا: يا حماد، أجب الأمير يوسف بن عمر، فقلت في نفسي: هذا الذي قد كنت أخافه؛ ثم قلت للشرطيين: هل لكما أن تدعاني حتى آتِيَ أهلي، فأودعهم وداع من لا يرجع إليهم أبداً، ثم أصير معكما! فقالا: ما إلى هذا سبيلٍ؛ فاستسلمت في أيديهم، وصرت إلى يوسف بن عمر، فسلمت عليه، فرد علي السلام، ورمى إلي كتاباً فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله هشام أمير المؤمنين إلى يوسف بن عمر؛ أما بعد؛ فإذا قرأت كتابي هذا فابعث إلى حماد الراوية من يأتيك به، وادفع إليه خمسمائة دينار وجملاً مهريّاً يسير عليه اثنتي عشرة ليلة إلى دمشق.
فأخذت الدنانير، ونظرت فإذا حمل مرحول، فجعلت رجلي في الغرز، وسرت اثنتي عشرة ليلة، حتى وافيت دمشق، ونزلت على باب هشام، فاستأذنت فأذن لي، فدخلت عليه في دار قوراء، مفروشة بالرخام، وبين كل رخامتين قضيب ذهب، وهشام جالس على طنفسة حمراء، وعليه ثياب حمر من الخز، وقد تضمخ بالمسك والعنبر، فسلمت عليه، فرد علي السلام، واستدناني فدنوت منه حتى قبلت رجله؛ فإذا جاريتان لم أرَ مثلهما قط، في أذنيْ كل واحدة منهما حلقتان فيهما لؤلؤتان تتوقدان، فقال لي: كيف أنت يا حماد؟ وكيف حالك؟ فقلتُ: بخير يا أمير المؤمنين، قال: أتدري فيم بعثت إليك؟ قلت: لا، قال: بعثت إليك لبيت خطر ببالي، لم أدر من قائله؟ قلت: ما هو؟ قال:

فقلت: يقوله عدي بن زيد، في قصيدة له، قال: أنشدينها، فأنشدته:
قال: فانتهيت إلى قوله:
قال: فطرب، وقال لي: أحسنت والله يا حماد؛ يا جارية اسقيه، فسقتني شربة ذهبت بثلث عقلي. فقال: أعده فأعدته، فاستخفه الطرب حتى نزل عن فرشه، ثم قال للجارية الأخرى: اسقيه، فسقتني شربة فذهب ثلث آخر من عقلي، فقلت: إن سقتني الثالث افتضحت، ثم قال: سل حاجتك، فقلت: كائنةً ما كانت! قال: نعم، قلت: إحدى هاتين الجاريتين، قال: هما جميعاً لك بما عليهما وما لهما. ثم قال للأولى: اسقيه، فسقتني شربة سقطت منها فلم أعقلْ حتى أصبحت والجاريتان عند رأسي، وإذا عشرة من الخدم مع كل واحد منهم بدرة، فقال أحدهم: إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول لك: خذ هذه فانتفع بها في سفرك، فأخذتها والجاريتين، وعاودت أهلي. والله أعلم.

  • مكتبة المنار، الزرقاء - الأردن-ط 3( 1985) , ج: 1- ص: 39

  • دار الفكر العربي-ط 1( 1998) , ج: 1- ص: 41

  • مطبعة المعارف - بغداد-ط 1( 1959) , ج: 1- ص: 23