السيد ميرزا محمد مهدي الشهيد المعروف بالشهيد الثالث ابن هداية الله ابن طاهر
ولد سنة 1152 وقتل سنة 1217 أو سنة 1218.
(أقوال العلماء في حقه)
قال في (نجوم السماء) في ترجمة السيد عبد الكريم بن جواد بن عبد الله بن نور الدين الجزائري أنه لما سافر إلى المشهد المقدس الرضوي قرأ في الحكميات بقدر الفرصة على أستاذ الحكماء ميرزا محمد مهدي الخراساني.
وفي مطلع الشمس: من أكابر مجتهدي خراسان وأجلة رجال إيران. وقال في حاشية كتاب اللؤلؤ والمرجان كما نقل ما تعريبه: إن خمسة من العلماء الأجلاء كانوا في عصر واحد واسم كل منهم مهدي (1) بحر العلوم الطباطبائي (2) السيد الجليل ميرزا مهدي الشهرستاني (3) العالم النبيل ميرزا مهدي الخراساني الشهيد جد السادات العظام في المشهد المقدس (4) الفقيه النبيه ملا مهدي التبريزي (5) ملا مهدي النراقي.
وقال الفاضل البسطامي في حق المترجم: السيد الفاضل الهادي والعالم العالم الكامل المهتدي الشهيد السعيد الأوحد مولانا ميرزا مهدي المعروف بالشهيد الثالث من مشاهير علماء خراسان بل من معاريف فضلاء إيران له مهارة تامة في المعقول والمنقول والفقه والأصول في أعلى درجات العلم والعمل قرأ على الآقا البهبهاني العلوم الشرعية وقرأ العلوم العقلية عند الحكيم الرباني آقا محمد البيدابادي وقرأ العلوم الرياضية على الشيخ حسين المشهدي إمام الجمعة في المشهد الرضوي المذكور في محله وبالجملة كان ماهرا في غالب الفنون ومشغولا دائما بإفاضة أنواع العلوم والآدب وتربية المحصلين والطلاب وتشويقهم، ويقال إنه كان يحمل الزاد ليلا لأجل الأيتام والأرامل وكان ميرزا حسن الزنوزي الخوئي صاحب رياض الجنة من تلاميذه وألف تاريخه المذكور في عصر فتح علي شاه قال فيه في أحواله: ميرزا مهدي ابن ميرزا هداية الله الموسوي الأصفهاني القاطن بمشهد الرضا عليه السلام فاضل كامل عادل ثقة تقي مدقق محقق حكيم متكلم فقيه جليل المرتبة والشأن عظيم المنزلة والمكان والأستاذ العارف ذو المفاخر والمعارف مجمع البحرين للعلوم العقلية والنقلية ومشرق الشمسين للحكمة العلمية والعملية علامة دهره ووحيد عصره المولى الهمام والبحر القمقام صاحب الجاه والمقام المنيع الذي طار صيت فضيلته كالأمطار في الأقطار وأشرق على المحصلين أنوار إفاضته كالشمس في رابعة النهار وحاز من خصال الكمال مآثرها ومن أنواع الفضائل مفاخرها كامل في أكثر الفنون سيما العقلية والرياضية وله خط في نهاية الحسن والجودة قرأنا عليه فيهما في مشهد طوس واقتبسنا من أنوار إفاضاته ما لا يمكن ضبطه بالتحرير في الطروس وله مؤلفات أنيقة ومصنفات رشيقة مشتملة على التدقيقات الجديدة والتحقيقات السديدة منها (1) شرحه لكفاية المولى محمد باقر الخرساني جيد جدا خرج منه شرح كتاب الطهارة مبسوط (2) رسالة في تحقيق النيروز (3) رسالة في رد الرسالة المحاباتية للأستاذ محمد باقر البهبهاني وغير ذلك. وقد استشهد قتلا بالسيف بيد بعض الفسقة والظلمة من الأمراء في المشهد الرضوي في أوائل العشر الأول من شهر رمضان المبارك سنة 1218 ’’اه’’ وفي أواخر سؤال وجواب الميرزا القمي في ضمن المسائل التي سألها الحكيم الإلهي ملا علي النوري المحقق القمي هذه المسألة التي أجاز الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وميرزا محمد مهدي هبة الولي المدة المنقطعة عن الصغير ولم يجعلوها كالطلاق فما هو رأيكم المبارك في هذه المسألة: وفي كتاب ذكرى المحسنين في أحوال السيد محسن الكاظمي: أقول يا سبحان الله ما كان أحسنه من عصره في الشيعة الطبيب فيه الميرزا خليل والشاعر فيه الأزري والأتقياء فيه الحسينيون الثلاثة الشيخ حسين نجف والشيخ حسن الخالصي والد الشيخ عزيز والشيخ حسين محفوظ العاملي الكاظمي والعلماء والرؤساء فيه المهديون الأربعة بحر العلوم والميرزا الشهرستاني بكربلاء والملا المهدي النراقي والميرزا مهدي الخرساني الذي لقب السيد مهدي ببحر العلوم. والمصنفون من العلماء فيه مثل السيد محسن والسيد مير علي صاحب الرياض والميرزا القمي والشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء والشيخ أسد الله صاحب المقابيس ’’اه’’ وفي الشجرة الطيبة: لا يخفى أن مؤلفات المترجم شرح على كفاية المحقق السبزواري على كتاب الطهارة والصلاة والحج في غاية المتانة والرشاقة وفي هذه الأوقات سيد العلماء الأعلام الحاج ميرزا محمد جعفر الذي هو من أحفاد المترجم بصدد طبعه ونشره ولعله اشتبه الأمر على صاحب نجوم السماء والميرزا حسين النوري فحسبوه شرح الدروس وعدوه من مصنفاته
(مقتله)
أما كيفية شهادته على ما ذكره الفاضل البسطامي في فردوس التواريخ على ما سمع من الشيوخ الكبار بهذه الديار: إن محمد حسين خان السردار أمر من فتح علي شاه بفتح خراسان فتحصن نادر ميرزا سبط نادر شاه وطال زمان المحاصرة ووقع الناس في ضيق فتعاقد المترجم مع رؤساء البلد أنه في وقت معين متى هجم عسكر السردار على البلد ينهزمون ويلتجؤون إلى الحرم وأعلموه السردار بذلك فلما جاء الوقت أظهروا آثار ذلك واطلع نادر ميرزا على حقيقة الأمر وإن هذا كان بإشارة المترجم نحو البست وكان المترجم مع علماء البلد وأشرافه ملتجئين إلى الحرم الشريف فخاف المترجم أن تهتلك حرمة الحرم بسببه ويقتل جماعة أيضا فتوجه بنفسه خارج البست إلى جهة نادر سلطان لعله يرجع عن رأيه بالمواعظ والنصائح فلما وصلوا إلى محاذاة دار الضيافة تلاقى مع نادر فأمر بعض أتباعه المسمى تيمور بضربه والقبض عليه فرفسه برجله مرارا على صدره وخاصرته فتوفي بعد يومين متأثرا من ذلك ولكن في تلك الليلة وهي 11 رمضان سنة 1218 فتح مستحفظو البروج والأبواب الأبواب للعسكر ففر نادر ومن التقادير أنه لم يهتد إلى الطريق من الليل إلى الصبح فرئي خلف باب المشهد فقبض عليه وأرسل إلى طهران وقتل ’’انتهى فردوس التواريخ’’.
ونقل صاحب مطلع الشمس أن نادر ميرزا أخذ بعض زينة الحرم والذهب الذي على الضريح ليصرفه في المحاربة وأغار أخوه نصر الله ميرزا وأخذ باقي الذهب الذي في الروضة وسكه ليصرفه على العسكر أعطوا ذلك الذهب خفية إلى ميرزا مهدي المجتهد وانحرف المجتهد المذكور عن نادر وأخيه فكان في بعض الأيام ذاك المجتهد خارجا من الصحن فالتقى بنصر الله ميرزا وبعد المناقشة بعدة كلمات ضربه بسيفه فقطعه نصفين. قال صاحب الشجرة الطيبة: نسبة القتل إلى نصر الله ميرزا اشتباه والصواب ما تقدم. وقال الميرزا صادق ’’وقائع نكار في تاريخ جهان آرا’’ في عنوان تسخير قلعة المشهد المقدس وتدمير نادر ميرزا: إن خوانين خراسان أمضوا العهود السابقة مع حسين خان السردار وأهل الحصار من ضيق المحاصرة مدة أربعة أشهر لم يقر لهم قرار وفي هذه المدة وقع القحط والغلاء في البلد وافل نجم نادر ميرزا وظهرت إمارات النصر للمحاصرين في جوف الليل سمع نادر ميرزا في البلد ضجيجا كأنه ضجيج الحشر فتوجه نحو الحرم الشريف فالتقى بالنحرير الكامل والفاضل العامل علامة العلماء مولانا محمد مهدي فضربه بسيفه فقتله لاعتقاده أن هيجان الناس بتحريكه ودخلت العساكر البلد وفر نادر ميرزا فقبض عليه في بعض الرساتيق التي حول البلد وأركب على حمار مقلوبا وخلفه النقارة وقبض على سلسلة نادر ميرزا ذكورا وأناثا وكان محمد ولي ميرزا يومئذ مقيما بنيشابور فجاء إلى المشهد وأمن الناس وأحضر نادر ومن معه إلى طهران ثم قتل ورميت جثته للكلاب ’’انتهى’’.
(تلاميذه)
من تلاميذه الراوين عنه بالإجازة السيد دلدار علي الهندي قال المترجم في إجازته له: وبعد فقد استجاز مني السيد الماجد الأمجد العالم العامل والفاضل الكامل صاحب الفطنة الوقادة والقريحة النقادة منبع الفضل والإفادة صاحب النسب العلي سيدنا ومولانا السيد علي الهندي فأجزت له أن يروي عن جميع ما صنف في الإسلام من الخاص والعام بحق إجازتي عن شيخنا المحدث الفقيه والنحرير النبيه الشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي بحق إجازته عن العلامة المجلسي ثقتين وبحق إجازتي عن الأفضل الأكمل مولانا محمد باقر بن محمد أكمل وبحق إجازتي عن سبط العلامة المجلسي عن والده عن جده وكتب بيمناه الوزارة الداثرة الجانية الفانية ابن هداية الله الموسوي محمد مهدي الحسيني الموسوي الأصفهاني مولدا والمشهدي الرضوي مسكنا مصليا مسلما ’’اه’’ وعن كتاب الإجازات للسيد دلدار علي المذكور أنه قال: وصلت إلى المشهد سنة 1194 فزرت الإمام الرضا عليه السلام وكان العلامة فخر الخاصة والعامة جامع المعقول والمنقول حاوي الفروع والأصول المتكلم العديم البديل والمجتهد الذي ليس له نظير ولا عديل مولانا محمد مهدي بن هداية الله أدام ظله العالي يومئذ مقيما بذلك المشهد فتشرفت بملاقاته وأدخرت كنوز الفوائد بزياراته وكان ذلك في أول فصل الشتاء الذي يتعذر فيه السفر فجاورت هناك وكنت كل يوم بعد زيارة الإمام عليه السلام أحضر في خدمته حينما كان يشتغل بإفادة العلوم لخواص تلاميذه فكم من درر التحقيقات تلقيت منه وكم من أزهار الفوائد اقتطفتها من حدائق مجالسه وبعد انقضاء فصل الشتاء كتب لي على ظهر كتاب إجازة وجيزة فاستأذنته وسافرت وقال في موضع آخر من كتاب الإجازات: وما أخبرني به العلامة المتكلم الفقيه الجامع بين علمي المعقول والمنقول حاوي الفروع والأصول سيدنا مهدي بن هداية الله الموسوي الأصفهاني عن الشيخ لمحدث الفقيه والنحرير النبيه محمد مهدي الفتوني العاملي الذي يروي بواسطة الثقتين عن العلامة التقي المجلسي، وفي الشجرة الطيبة والظاهر أنهما أبو الحسن الشريف العاملي ومولانا محمد باقر كما يظهر من سند السيد السند كما عرفت وأيضا يروي عن أستاذنا وشيخنا العلامة الأفضل الأكمل محمد باقر بن محمد أكمل رفع الله درجته ويروي أيضا عن سبط العلامة التقي مولانا محمد تقي عن أبيه عن جده مولانا المذكور وأيضا في إجازة السيد حسين والسيد دلدار علي السيد محمد هادي قال في مقام تعداد مشائخ أبيه المعظم ويروي الوالد العلامة عن جماعة ممن أدركه وعاصره من المشائخ الفخام والسادة العظام الخمسة الأجلة من الفقهاء القادة النجباء منهم الشيخ الأجل مولانا محمد باقر البهبهاني والسيد الجليل مولانا السيد الطباطبائي والسيد الأجل مولانا محمد مهدي النجفي والطباطبائي السيد السناد علم الهداية والإرشاد قطب سماء المجد والعلى والبالغ في العلم والعمل المرتبة القصوى جامع المعقول والمنقول حاوي الفروع والأصول المقيد المجيد ميرزا مهدي الشهيد في الروضة المقدسة الرضوية على راقدها ألف ألف تسليم وتحية والسيد الجليل الشأن العالي المكان عين الأعيان ميرزا المهدي الشهرستاني ’’اه’’ وفي إجازة السيد محمد الهندي للسيد محمد هادي عند تعداد مشائخ السيد دلدار علي ما لفظه: السديد المتكلم الفقيه والمحدث الوجيه الجامع في معارج السعادة بين درجتي العلم والشهادة سيد السادات زمنبع الفضل والإفادة حاوي المعقول والمنقول نقاد نقود الفروع الأصول الودع النحرير اللوذغي سيدنا ومولانا محمد مهدي بن هداية الله الموسوي المشهدي عن عدة من مشائخه الأجلاء منهم أستاذ الكل في الكل العلامة البهبهاني والشيخ المحدث العلامة محمد مهدي الفتوني بحق إجازته عن العلامة المجلسي بواستطين ثقتين عن سبط العلامة المجلسي عن والده عن جده كما صرح به في إجازته الوجيزة التي كتبها بخطه الشريف لوالدي العلامة حين تشرفه بزيادة الروضة الرضية الرضوية على مشرفها آلاف الصلاة والتحية واستفادته منه وفي إجازة السيد السند الأوحد السيد محمد للسيد الجليل السيد محمد تقي في مقام تعداد مشائخ والده السيد دلدار على ما هذا لفظه: محمد المحقق العلامة والمدقق الفهامة مرجع الخاصة والعامة والمتكلم العديم العديل والفقيه الذي ليس له نظير ولا بديل الجامع في معارج السعادة بين رتبة العلم ودرجة الشهادة مجاور الروضة الرضية الرضوية على ساكنها آلاف صلاة وتحية الورع البارع والشهيد الرابع الثقة الثبت الرباني سيدنا ومولانا محمد مهدي بن هداية الله الموسوي المشهدي الأصفهاني ’’اه’’.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 75