حكيم بن جبلة حكيم بن جبلة العبدي، من بني عبد القيس: صحابي، كان شريفا مطاعا، من أشجع الناس. وولاه عثمان إمرة السند، ولم يستطع دخولها فعاد إلى البصرة. واشترك في الفتنة أيام عثمان. ولما كان يوم الجمل (بين علي وعائشة) أقبل في ثلاث مئة من بني عبد القيس وربيعة، فقاتل مع أصحاب علي، وقطعت رجله فأخذها وضرب بها الذي قطعها، فقتله بها، وبقى يقاتل على واحدة ويرتجز:

#احمي بها كراعي ونزف دمه، فجلس متكئا على المقتول الذي قطع رجله، فمر به فارس فقال: من قطع رجلك؟ قال؛ وسادي ! وقتل في هذه الوقعة

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 268

حكيم بن جبلة بن حصن أو حصين بن أسود حكيم بن جبلة بن حصن أو حصين بن أسود بن كعب بن عامر بن الحارث بن الديل بن غنم بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار العبدي الربعي.
استشهد بالبصرة سنة 36 حكيم في الاستيعاب وأسد الغابة بضم الحاء وقبل بفتحها والأول أكثر ابن جبلة وهو الأكثر ويقال ابن جبل اه‍ والعبدي نسبة إلى عبد القيس وكانت تتشيع وهي من ربيعة.
أقوال العلماء فيه
عن الشيخ في رجاله في أصحاب علي عليه السلام وعن مجالس الصدوق انه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه كان رجلا صالحا مطاعا في قومه وحارب طلحة والزبير قبل قدوم أمير المؤمنين عليه السلام واستشهد وقال المسعودي في مروج الذهب عند ذكر وقعة الجمل أن أصحاب الجمل قتلوا حكيم بن جبلة العبدي وكان من سادات عبد القيس و زهاد ربيعة ونساكها اه‍ وقال أبو مخنف كان حكيم شجاعا مذكورا اه‍ وفي لاستيعاب أدرك حكيم النبي صلى الله عليه وسلم وما أعلم له عنه رواية ولا خبر يدل على سماعه منه ولا رؤية وكان رجلا صالحا له دين مطاعا في قومه بعثه عثمان إلى السند فنزلها ثم قدم على عثمان فسأله عنها فقال ماؤها وشل ولصها بطل وسهلها جبل أن كثر الجند بها جاعوا وان تلوا بها ضاعوا فلم يوجه عثمان إليها أحدا حتى قتل اه‍. وفي الدرجات الرفيعة: كان رجلا صالحا شجاعا مذكورا مطاعا في قومه وهو من خيار أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام مشهورا بولائه والنصح له وفيه يقول أمير المؤمنين عليه السلام على ما ذكره ابن عبد ربه في العقد:

أخباره ومقتله
روى الطبري في تاريخه وذكر ابن الأثير في الكامل أن طلحة والزبير لما قدما البصرة مع عائشة قبل قدوم علي وتوافقوا مع عثمان بن حنيف وأصحابه أقبل حكيم بن جبلة وقد خرج وهو على الخيل فانشب القتال وأسرع أصحاب عائشة كافون إلا ما دافعوا عن أنفسهم وحكيم يذمر خيله ويركبهم بها ويقول: ضربا دراكا أنها قريش=ليردينها جبنها والطيش واقتتلوا على فم السكة وأشرف أهل الدور ممن كان له في واحد من الفريقين هوى فرموا باقي الآخرين بالحجارة وحجز بينهم الليل وبات أصحاب عائشة يتأهبون وأصبح عثمان بن حنيف فغاداهم وغدا حكيم بن جبلة وهو يبربر وفي يده الرمح فقال له رجل من عبد القيس على من تتكلم قال على عائشة قال يا ابن الخبيثة ألأم المؤمنين تقول هذا فوضع حكيم السنان بين ثدييه فقتله ثم مر بامرأة فجرى له معها ما جرى مع الرجل فطعنها بين ثدييها فقتلها ثم سار فاقتتلوا بدار الرزق من بزوغ الشمس إلى الزوال ثم تهادنوا على أن يصلي عثمان بالناس حتى يكتب إلى علي فلم يلبث إلا يومين حتى وثبوا عليه فقاتلوه بالزابوقة عند مدينة الرزق فظهروا واخذوا عثمان وأرادوا قتله ثم خشوا غضب الأنصار فنتفوا كل شعرة في وجهه وضربوه وأصبح طلحة والزبير وبيت المال في أيديهما وبلغ حكيم بن جبلة ما صنع بعثمان بن حنيف فقال لست أخاف الله أن لم أنصره فجاء في جماعة من عبد القيس ومن تبعه من ربيعة وتوجه نحو دار الرزق وبها طعام أراد عبد الله بن الزبير أن يرزقه أصحابه فقال له عبد الله ما لك يا حكيم قال نريد أن نرتزق من هذا الطعام وان تخلوا عثمان فيقيم في دار الإمارة على مال كتبتم بينكم حتى يقدم علي وأيم الله لو أجد أعوانا ما رضيت بهذا منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم ولقد أصبحتم وان دماءكم لنا لحلال بمن قتلتم أ ما تخافون الله بم تستحلون الدم الحرام قال بدم عثمان قال فالذين قتلتم هم قتلوا عثمان أ ما تخافون مقت الله فقال له عبد الله لا نرزقكم من هذا الطعام ولا نخلي سبيل عثمان حتى يخلع عليا فقال حكيم اللهم أنك حكم عدل فاشهد وقال لأصحابه لست في شك من قتال هؤلاء القوم وتقدم فقاتلهم ونادي أصحاب عائشة من لم يكن من قتله عثمان فليكفف فانا لا نريد قتاله فانشب حكيم القتال ولم يرع للمنادي فاقتتلوا أشد قتال ومع حكيم أربعة قواد هو أحدهم فكان حكيم بحيال طلحة فزحف طلحة لحكيم وهو في ثلاثمائة رجل وجعل حكيم يضرب بالسيف ويقول
فضرب رجل رجله فقطعها فأخذ حكيم رجله فرماه بها فأصاب عنقه فصرعه ووقذه ثم حبا إليه فقتله واتكأ عليه وقال:
أحمي بها كراعي
وقال:
أقول لما جدني زماعي=للرجل يا رجلي لن تراعي
أن معي من نجدة ذراعي وقال وهو يرتجز:
#والمجد لا يفضحه الدمار فأتى إليه رجل وهو رثيث رأسه على آخر فقال ما لك يا حكيم قال قتلت قال من قتلك قال وسادتي فاحتمله فضمه في سبعين من أصحابه فتكلم يومئذ حكيم وانه لقائم على رجل واحد وان السيوف لتأخذهم فما يتعتع ويقول انا خلفنا هذين وقد بايعا عليا وأعطياه الطاعة ثم أقبلا مخالفين محاربين يطلبان بدم عمان ففرقا بيننا ونحن أهل دار وجوار اللهم أنهما لم يردا عثمان. وهذا منتهى الشجاعة والصبر والجلد قال ابن الأثير وقتلوا وقتل معهم قتله يزيد ابن الأسحم الحداني فوجد حكيم قتيلا بين يديه وأخيه كعب وقيل قتله رجل يقال له ضخيم وقتل معه ابنه الأشرف وأخوه الرعل ابن جبلة اه‍ وفي الاستيعاب كان حكيم بن جبلة ممن يعيب عثمان من اجل عبد الله بن عامر وغيره من عماله ولما قدم الزبير وطلحة وعائشة البصرة وعليها عثمان بن حنيف واليا لعلي بن أبي طالب بعث عثمان بن حنيف حكيم بن جبلة العبدي في سبعمائة من عبد القيس وبكر بن وائل فلقي طلحة والزبير بالزابوقة قرب البصرة فقاتلهم قتالا شديدا فقتل رحمه الله قتله رجل من بني حدان هذه رواية الاستيعاب في قتل حكيم ابن جبلة قال وقد روي أنه لما غدر ابن الزبير بعثمان بن حنيف بعد الصلح الذي كان عقده عثمان مع طلحة والزبير أتاه ابن الزبير ليلا في القصر فقتل نحوا من أربعين رجلا من الحرس على باب القصر وفتح بيت المال وأخذ عثمان بن حنيف فصنع به ما يأتي وذلك قبل قدوم علي البصرة فبلغ ما صنع ابن الزبير بعثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة فخرج في سبعمائة من ربيعة فقاتلهم حتى أخرجهم من القصر ثم كروا عليه فقاتل حتى قطعت رجله ثم قاتل ورجله مقطوعة حتى ضربه سحيم الحداني فقطع عنقه واستدار رأسه في جلدة عنقه حتى سقط وجهه على قفاه. وقال أبو عبيدة قطعت رجل حكيم بن جبلة يوم الجمل فأخذها ثم زحف إلى الذي قطعها فلم يزل يضربها حتى قتله. وقال:
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى وليس يعرف في جاهلية ولا إسلام أحد فعل مثل فعله قال أبو عمر هكذا قال أبو عبيدة قطعت رجله يوم الجمل وهذا منه على المقاربة لأنه قتل قبل الجمل بأيام وقد عرض لمعاذ بن عمرو بن الجموح يوم بدر في قطع يده من الساعد قريب من هذا. قال وذكر المدائني عن شيوخه بعدة أسانيد انه لما أخذ عثمان بن حنيف استشاروا عائشة فيه فقالت اقتلوه فقالت لها امرأة نشدتك الله يا أم المؤمنين في عثمان بن حنيف وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت احبسوه ولا تقتلوه فقال لهم مجاشع بن مسعود اضربوه وانتفوا شعر لحيته فضربوه أربعين سوطا ونتفوا شعر لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه فلما كانت الليلة التي اخذ فيها عثمان بن حنيف غدا عبد الله بن الزبير إلى الزابوقة ومدينة الرزق وفيها طعام يرزقونه الناس فأراد أن يرزقه أصحابه وبلغ حكيم بن جبلة ما صنع بعثمان بن حنيف فقال لست أخاه أن لم انصره فجاءه في سبعمائة من عبد القيس وبكرين وائل وأكثرهم عبد القيس فأتى ابن الزبير في مدينة الرزق فقال ما لك يا حكيم قال نريد أن نرتزق من هذا الطعام وان تخلوا عثمان بن حنيف فيقيم في دارة الإمارة على ما كنتم كتبتم بينكم حتى يقدم علي وأيم الله لو أجد أعوانا عليكم ما رضيت بهذا منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم من إخواننا أ ما تخافون الله بم تستحلون الدماء قالوا بدم عثمان قال والذين قتلتموهم قتلوا عثمان أو حضروا قتله فقال ابن الزبير لا نرزقكم من هذا الطعام ولا نخلي عثمان حتى يخلع عليها فقال حكيم اللهم اشهد اللهم اشهد وقال لأصحابه أني لست في شك من قتال هؤلاء فمن كان في شك فلينصرف فقاتلهم فاقتتلوا قتالا شديدا وضرب رجل ساق حكيم فقطعها فاخذ حكيم الساق فرماه بها فأصاب عنقه فصرعه ووقذه ثم حجل إليه فقتله وقتل يومئذ سبعون رجلا من عبد القيس اه‍ قال ابن الأثير فلما انتهى علي عليه السلام إلى الآساد اتاه ما لقي حكيم بن جبلة فقال:
وأتاه وهو بذي قار الخبر بما لقيت ربيعة وخروج عبد القيس فقال عبد القيس خير ربيعة وفي كل ربيعة خير قال:
#حلوا بها المنزلة الرفيعة وروى أبو مخنف بسنده عن ابن عباس أن طلحة والزبير أغذا السير بعائشة حتى وصلا حفر أبي موسى الأشعري وهو قريب من البصرة وكتبا إلى عثمان بن حنيف عامل علي على البصرة أن أخل لنا دار الإمارة فأرسل إلى الأحنف فأخبره فقال إنهم جاءوك بزوجة رسول الله للطلب بدم عثمان وهم الذين ألبوا على عثمان الناس وسفكوا دمه واراهم والله لا يزايلون حتى يلقوا العداوة بيننا ويسفكوا دماءنا
وأراهم والله سيركبون منك خاصة ما لا قبل لك به أن لم تتأهب لهم بالنهوض إليهم فيمن معك من أهل البصرة فإنك اليوم الوالي عليهم وأنت فيهم مطاع فسر إليهم بالناس وبادرهم قبل أن يكونوا معك في دار واحدة فيكون الناس لهم أطوع منهم لك فقال له عثمان الرأي ما رأيت لكنني أكره الشر وان أبدأهم وأرجو العافية والسلامة إلى أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين ورأيه فاعمل به ثم أتاه بعد الأحنف حكيم بن جبلة العبدي من بني عمرو بن وديعة فاقرأه كتاب طلحة والزبير فقال له مثل قول الأحنف فأجابه بمثل جوابه للأحنف فقال له حكيم فائذن لي حتى أسير إليهم بالناس فان دخلوا في طاعة أمير المؤمنين وإلا نابذتهم على سواء فقال عثمان لو كان ذلك رأيي لسرت إليهم بنفسي قال حكيم أما والله أن دخلوا عليك هذا المصر لينقلن قلوب كثير من الناس إليهم وليزيلنك عن مجلسك هذا، وأنت اعلم، فأبى عليه عثمان وقال أبو مخنف أيضا بعد ما ذكر اختلاف الناس بالبصرة فرقة مع ابن حنيف وفرقة مع عائشة وطلحة والزبير اقبل طلحة والزبير يريدان عثمان بن حنيف فوجدا أصحابه قد اخذوا بأفواه السكك فاستقبلهم أصحاب ابن حنيف فشجرهم طلحة والزبير وأصحابهما بالرماح فحمل عليهم حكيم بن جبلة فلم يزل هو وأصحابه يقاتلونهم حتى أخرجوهم من جميع السكك ورماهم النساء من فوق البيوت بالحجارة ثم تحاجزوا واصطلحوا على أن لعثمان بن حنيف دار الإمارة والرحبة والمسجد وبيت المال والمنبر وان لطلحة والزبير ومن معهما أن ينزلوا حيث شاؤوا من البصرة ثم أن طلحة والزبير خرجا في ليلة مظلمة ذات ريح ومطر ومعهما أصحابهما إلى المسجد وقت صلاة الفجر وقد سبقهم عثمان بن حنيف إليه وأقيمت الصلاة فتقدم عثمان ليصلي بهم فأخره أصحاب طلحة والزبير وقدموا الزبير فجاء جماعة فاخروا الزبير وقدموا عثمان فغلبهم الآخرون فقدموا الزبير وأخروا عثمان حتى كادت الشمس تطلع فغلب الزبير فصلى بالناس فلما فرع صاح بأصحابه خذوا عثمان بن حنيف فأخذوه وضربوه ضرب الموت ونتفوا حاجبيه وأشفار عينيه وكل شعرة في رأسه ووجهه فلما بلغ حكيم بن جبلة ما صنعوا بعثمان بن حنيف خرج في ثلاثمائة من عبد القيس مخالفا لهم ومنابذا فخرجوا إليه وحملوا عائشة على جمل فسمي ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر ويوم علي يوم الجمل الأكبر وتجالد الفريقان بالسيوف فشد رجل من الأزد من عسكر عائشة على حكيم بن جبلة فضرب رجله فقطعها ووقع الأزدي عن فرسه فجثا حكيم فاخذ رجله فرمى بها الأزدي فصرعه ثم دب إليه فقتله متكئا عليه خانقا حتى زهقت نفسه فمر بحكيم إنسان وهو يجود بنفسه فقال من فعل بك هذا قال وسادتي فنظر فإذا الأزدي تحته وقتل مع حكيم إخوة له ثلاثة وقتل أصحابه كلهم وهم ثلاثمائة من عبد القيس والقليل منهم من بكر بن وائل. وفي مروج الذهب أن الناس لما نقموا على عثمان ما نقموا سار فيمن سار إلى المدينة حكيم بن جبلة العبدي في مائة رجل من أهل البصرة.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 213

حكيم بن جبلة (ب) حكيم بن جبلة بن حصين بن أسود بن كعب بن عامر بن الحارث بن الديل بن عمرو بن غنم ابن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، العبدي. وقيل: حكيم، بضم الحاء، وهو أكثر، وقيل: ابن جبل.
قال أبو عمر: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم. ولا أعلم له رواية ولا خبرا يدل على سماعه منه ولا رؤيته له، وكان رجلا صالحا له دين، مطاعا في قومه، وهو الذي بعثه عثمان على السند فنزلها، ثم قدم على عثمان فسأله عنها، فقال: ماؤها وشل، ولصها بطل، وسهلها جبل، إن كثر الجند بها جاعوا، وإن قلوا بها ضاعوا، فلم يوجه عثمان رضي الله عنه إليها أحدا حتى قتل.
ثم إنه أقام بالبصرة، فلما قدم إليها الزبير، وطلحة مع عائشة رضي الله عنهم وعليها عثمان بن حنيف أميرا لعلي رضي الله عنه، بعث عثمان بن حنيف حكيم بن جبلة في سبعمائة من عبد القيس وبكر بن وائل، فلقي طلحة والزبير بالزابوقة قرب البصرة، فقاتلهم قتالا شديدا فقتل، وقيل: إن طلحة والزبير لما قدما البصرة استقر الحال بينهم وبين عثمان بن حنيف أن يكفوا عن القتال إلى أن يأتي علي، ثم إن عبد الله ابن الزبير بيت عثمان رضي الله عنه، فأخرجه من القصر، فسمع حكيم، فخرج في سبعمائة من ربيعة فقاتلهم حتى أخرجهم من القصر، ولم يزل يقاتلهم حتى قطعت رجله، فأخذها وضرب بها الذي قطعها فقتله ولم يزل يقاتل ورجله مقطوعة، وهو يقول:

أحمى بها كراعي
حتى نزفه الدم، فاتكأ على الرجل الذي قطع رجله، وهو قتيل، فقال له قائل: من فعل بك هذا؟
قال: وسادتي. فما رئي أشجع منه، ثم قتله سحيم الحداني.
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: ليس يعرف في جاهلية ولا إسلام رجل فعل مثل فعله.
قال أبو عمر: ولقد فعل معاذ بن عمرو بن الجموح يوم بدر لما قطعت يده من الساعد قريبا من هذا، وقد ذكر عند اسمه.
أخرجه أبو عمر.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 293

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 2- ص: 57

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 1- ص: 521

حكيم بن جبلة العبدي ذكره ابن عبد البر بفتح أوله، وإنما هو بضمها مصغرا، كما تقدم.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 2- ص: 181

العبدي البصري حكيم بن جبلة بن حصن بن أسود بن كعب بن عامر بن عدي بن الحارث بن الدئل بن عمرو بن غنم بن وديعة بن كثير بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن حديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان العبدي البصري. وهو من أجداد يموت بن المزرع. كان حكيم من أعوان علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما بويع بالخلافة. بايعه طلحة والزبير، فعزم علي على تولية الزبير البصرة وتولية طلحة اليمن. فخرجت مولاة لعلي بن أبي طالب، فسمعتهما يقولان: ما بايعناه إلا بألسنتنا، وما بايعناه بقلوبنا. فأخبرت مولاها بذلك فقال: {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه}. وبعث عثمان بن حنيف الأنصاري إلى البصرة، وبعث عبيد الله بن العباس إلى اليمن. فاستعمل عثمان بن حنيف حكيم بن جبلة المذكور على شرطة البصرة. ثم إن طلحة والزبير لحقا بمكة وفيها عائشة، فاتفقوا وقصدوا البصرة وفيها ابن حنيف المذكور. فأتى حكيم بن جبلة وأشار عليه بمنعهم من دخول البصرة، فأبى وقال: ما أدري رأي أمير المؤمنين في ذلك. فدخلوها وتلقاهم الناس، فوقفوا في مربد البصرة وتكلموا في قتل عثمان وبيعة علي. فرد عليهم رجل من عبد القيس، فنالوا منه، ونتفوا لحيته. وترامى الناس بالحجارة واضطربوا. فجاء حكيم بن جبلة إلى ابن حنيف، فدعاه إلى قتالهم فأبى. ثم أتى عبد الله بن الزبير إلى مدينة الرزق ليرزق أصحابه من الطعام فيها. وعدا حكيم بن جبلة في سبع مائة من عبد القيس، فقاتله فقتل حكيم بن جبلة وسبعون من أصحابه. وروي أنه قال لامرأته -وكانت من الأزد -لأعملن بقومك اليوم عملا يكونون به حديثا للناس. فلقيه رجل يقال له سحيم، فضرب عنقه فبقي معلقا بجلده. فاستدار رأسه فبقي مقبلا بوجهه على دبره. وكان ذلك قبل وصول علي رضي الله عنه بجيوشه إليهم. وكانت قتلته في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين من الهجرة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0

حكيم بن جبلة العبدي الأمير، أحد الأشراف الأبطال، كان ذا دين وتأله.
أمره عثمان على السند مدة، ثم نزل البصرة.
وكان أحد من ثار في فتنة عثمان. فقيل: لم يزل يقاتل يوم الجمل حتى قطعت رجله، فأخذها وضرب بها الذي قطعها، فقتله بها، وبقي يقاتل على رجل واحدة، ويرتجز ويقول:

أحمي بها كراعي
فنزف منه دم كثير، فجلس متكئا على المقتول الذي قطع ساقه، فمر به فارس، فقال: من قطع رجلك؟ قال: وسادتي. فما سمع بأشجع منه، ثم شد عليه سحيم الحداني، فقتله.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 4- ص: 499

حكيم ويقال حكيم بن جبلة، وهو الأكثر، ويقال ابن جبل، وابن جبلة، العبدي، من عبد القيس. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أسلم له عنه رواية ولا خبرا يدل على سماعه منه ولا رؤيته له، وكان رجلا صالحا له دين، مطاعا في قومه، وهو الذي بعثه عثمان إلى السند فنزلها، ثم قدم على عثمان فسأله عنها، فقال: ماؤها وشل، ولصها بطل، وسهلها جبل، إن كثر الجند بها جاعوا، وإن قلوا بها ضاعوا، فلم يوجه عثمان إليها أحدا حتى قتل.
ثم كان حكيم بن جبله هذا ممن يعيب عثمان من أجل عبد الله ابن عامر وغيره من عماله.
ولما قدم الزبير، وطلحة، وعائشة، البصرة، وعليها عثمان بن حنيف واليا لعلي رضي الله عنه، بعث عثمان بن حنيف حكيم بن جبلة العبدي في سبعمائة من عبد القيس، وبكر بن وائل، فلقي طلحة والزبير بالزابوقة قرب البصرة، فقاتلهم قتالا شديدا، فقتل رحمه الله، قتله رجل من بني حدان.
هذه رواية في قتل حكيم بن جبلة، وقد روى أنه لما غدر ابن الزبير بعثمان بن حنيف بعد الصلح الذي كان عقده عثمان بن حنيف مع طلحة
والزبير أتاه ابن الزبير ليلا في القصر، فقتل نحو أربعين رجلا من الزط على باب القصر، وفتح بيت المال، وأخذ عثمان بن حنيف فصنع به ما قد ذكرته في غير هذا الموضع، وذلك قبل قدوم على رضي الله عنه، فبلغ ما صنع ابن الزبير بعثمان بن حنيف حكيم بن جبلة، فخرج في سبعمائة من ربيعه فقاتلهم حتى أخرجهم من القصر، ثم كروا عليه فقاتلهم حتى قطعت رجله، ثم قاتل ورجله مقطوعة حتى ضربه سحيم الحداني العنق فقطع عنقه، واستدار رأسه في جلدة عنقه حتى سقط وجهه على قفاه.
وقال أبو عبيدة: قطعت رجل حكيم بن جبله يوم الجمل، فأخذها ثم زحف إلى الذي قطعها فلم يزل يضربه بها حتى قتله، وقال:

قال أبو عبيدة: وليس يعرف في جاهلية ولا إسلام أحد فعل مثل فعله.
وقال أبو عمر رضي الله عنه: كذا قال أبو عبيدة، قطعت رجله يوم الجمل، وهذا منه على المقاربة، لأنه قبل يوم الجمل بأيام، ولم يكن علي رضي الله عنه لحق حينئذ، وقد عرض لمعاذ بن عمرو بن الجموح يوم بدر في قطع يده من الساعد قريب من هذا، وقد ذكرنا ذلك في بابه من هذا الكتاب.
وذكر المدائني عن شيوخه عن أبي نضره العبدي، وابن شهاب الزهري وأبي بكر الهذلي، وعامر بن حفص، وبعضهم يزيد على بعض: أن عثمان بن حنيف لما كتب الكتاب بالصلح بينه وبين الزبير، وطلحة، وعائشة أن يكفوا عن الحرب، ويبقى هو في دار الإمارة خليفة لعلي على حاله حتى يقدم علي رضي الله عنه فيرون رأيهم قال عثمان بن حنيف لأصحابه: ارجعوا وضعوا سلاحكم.
فلما كان بعد أيام جاء عبد الله بن الزبير في ليلة ذات ريح وظلمة وبرد شديد، ومعه جماعة من عسكرهم، فطرقوا عثمان بن حنيف في دار الإمارة فأخذوه، ثم انتهوا به إلى بيت المال فوجدوا أناسا من الزط يحرسونه، فقتلوا منهم أربعين رجلا، وأرسلوا بما فعلوه من أخذ عثمان وأخذ ما في بيت المال إلى عائشة يستشيرونها في عثمان، وكان الرسول أليها أبان بن عثمان.
فقالت عائشة: اقتلوا عثمان بن حنيف.
فقالت لها امرأة: ناشدتك الله يا أم المؤمنين في عثمان بن حنيف وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم! فقالت: ردوا أبانا، فردوه، فقالت: احبسوه ولا تقتلوه. فقال أبان: لو أعلم أنك رددتني لهذا لم أرجع، وجاء فأخبرهم. فقال لهم مجاشع بن مسعود: اضربوه وانتفوا شعر لحيته. فضربوه أربعين سوطا ونتفوا شعر لحيته وحاجبه وأشفار عينه، فلما كانت الليلة التي أخذ فيها عثمان بن حنيف غدا عبد الله بن الزبير إلى الزابوقة، ومدينة الرزق وفيها طعام يرزقونه الناس، فأراد أن يرزقه أصحابه، وبلغ حكيم ابن جبلة ما صنع بعثمان بن حنيف فقال: لست أخاه إن لم أنصره. فجاء في سبعمائة من عبد القيس وبكر بن وائل، وأكثرهم عبد القيس، فأتى ابن الزبير في مدينة الرزق، فقال: مالك يا حكيم؟ قال: تريد أن نرزق من هذا الطعام، وأن تخلوا عثمان بن حنيف فيقيم في دار الإمارة على ما كنتم كتبتم بينكم وبينه حتى يقدم على علي ما تراضيتم عليه، وأيم الله لو أجد أعونا عليكم ما رضيت بهذا منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم، ولقد أصبحتم وإن دماءكم لحلال بمن قتلتم من إخواننا، أما يخافون الله؟ بم تستحلون الدماء؟ قالوا: بدم عثمان. قال: فالذين قتلتموهم قتلوا عثمان أو حضروا قتله، أما تخافون الله؟ فقال ابن الزبير: لا نرزقكم من هذا الطعام، ولا نخلي عثمان حتى نخلع عليا.
فقال حكيم: اللهم اشهد. اللهم اشهد. وقال لأصحابه: إني لست في شك من قتال هؤلاء، فمن كان في شك فلينصرف، فقاتلهم فاقتتلوا قتالا شديدا، وضرب رجل ساق حكيم فقطعها، فأخذ حكيم الساق فرماه بها فأصاب عنقه، فصرعه ووقذه، ثم حجل إليه فقتله، وقتل يومئذ سبعون رجلا من عبد القيس.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 366