المستنصر الأموي الحكم بن الرحمن الناصر بن محمد ابن عبد الله: خليفة أموي أندلسي. ولد بقرطبة، وولي الخلافة بعد أبيه (سنة 350هـ) فطمع به ملك الإسبان (أردون بن ألفونس) فتهيأ للأغارة على قرطبة، فسبقه المستنصر وغزا الإسبان بنفسه، فعاقدوه على السلم، واشترط على (كنت برشلونة) وسائر أمراء الكتلان (Catalans) دك حصونهم القريبة من ثغوره، وعاهدوه على ان لايمالئوا عليه أحدا من ملوك المسيحين الذين يدخلون معه في حرب. فقوى وكثرت فتوحاته. وزاره أردون في قرطبة مستجيرا به، وجاءت بيعة (شانجة بن ردمير) وطاعته مع قواميس (Contes) أهل جليقة وسمورة وأساقفتهم. وأوطأ عساكره أرض العدوة - من المغرب الأقصى والأوسط - وخطب بدعوته ملوك زناتة من مغراوة ومكناسة. وكان عالما بالدين ملما بالأدب والتاريخ، ضليعا في معرفة الأنساب، ويروى له شعر، محبا للعلماء يستحضرهم من البلدان النائية فيستفيد منهم ويحسن إليهم، جماعا للكتب، قيل: إن مكتبته بلغت أربع مئة ألف مجلد. وفي أيام أبيه قصده من كتلونية مطرانجيرون المسمى غودمار (Godmar) والف له تاريخا لبلاد فرنسة من زمن قلوزيه (كلوفس Clovis) إلى ذلك العهد. قال ابن حزم: اتصلت ولايته خمسة عشر عاما في هدو وعلو. وقال ابن حيان: وبأسمه طرز أبو علي البغدادي القالي من كتاب الأمالي، وعليه وفد، فأحمد وفادته. توفى بقرطبة مفلوجا
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 267
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أمير المؤمنين: عبد الرحمن بن محمد الناصر لدين الله
قال أحمد: ولي أمير المؤمنين - الناصر لدين الله: عبد الرحمن بن عبد الله -: صبيحة يوم الخميس مستهل شهر ربيع الأول، سنة ثلاث مائة. وتوفي (رحمه الله): يوم الأربعاء لليلتين خلتا من شهر رمضان، سنة خمسين وثلاث مائة.
ومولده - فيما ذكره الرازي -: يوم الخميس، عند انبلاج الصبح، لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، سنة سبع وسبعين ومائتين.
فكانت خلافته: خمسين سنة، وستة أشهر، ويومين.
مكتبة الخانجي - القاهرة-ط 2( 1988) , ج: 1- ص: 14
الحكم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أمير المؤمنين المستنصر بالله، الحكم بن عبد الرحمن
وولي المستنصر بالله الحكم بن عبد الرحمن: يوم الخميس لثلاث خلون من شهر رمضان، سنة خمسين وثلاث مائة. وتوفي (رحمه الله): يوم السبت لثلاث خلون من صفر، سنة ست وستين وثلاث مائة.
ومولده - فيما ذكره الرازي -: يوم الجمعة، عند صلاة الظهر، لست بقين من جمادى الآخرة، سنة اثنتين وثلاث مائة.
فكانت خلافته: خمس عشرة سنة، وخمسة أشهر.
مكتبة الخانجي - القاهرة-ط 2( 1988) , ج: 1- ص: 15
المستنصر بالله الأموي الحكم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية الأموي المرواني. هو المستنصر بالله صاحب الأندلس ابن الناصر لدين الله الأموي. بقي في المملكة بعد أبيه ستة عشر عاما. وعاش ثلاثا وستين سنة، وقد تقدم ذكر أخيه محمد بن عبد الرحمن. وسيأتي ذكر أخويه عبد الله وعبد العزيز في مكانيهما إن شاء الله تعالى. ويأتي ذكر والده عبد الرحمن في مكانه من حرف العين. وكان حسن السيرة مكرما للقادمين عليه. جمع من الكتب ما لا يحد ولا يوصف كثرة ونفاسة، قيل أنها كانت أربع مائة ألف مجلد، وأنهم لما نقلوها أقاموا ستة أشهر في نقلها. وكان عالما نبيها حسن السيرة صافي السريرة. سمع من قاسم بن أصبغ وأحمد بن دحيم ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، وزكرياء بن خطاب، وأكثر عنه. وأجاز له ثابت بن قاسم. وكتب عن خلق كثير سوى هؤلاء. وكان يستجلب المصنفات من الأقاليم والنواحي، باذلا فيها ما أمكن من الأموال، حتى ضاقت عنها خزائنه. وكان ذا غرم بها، قد آثر ذلك على لذات الملوك. فاستوسع علمه ودق نظره، وجمت استفادته. وكان في المعرفة بالرجال والأنساب والأخبار أحوذيا نسيج وحده. وكان أخوه الأمير عبد الله المعروف بالولد، على هذا النمط من محبة العلم. فقيل في أيامه أبيه -وكان الحكم- ثقة فيما ينقله. قال ابن الأبار هذا وأضعافه فيه وقال: عجبا لابن الفرضي ولابن بشكوال كيف لم يذكراه. ولي الأمر سنة خمسين وثلاث مائة بعد والده، وقل ما نجد له كتابا من خزائنه إلا وله فيه قراءة أو نظر في أي فن كان. ويكتب فيه نسب المؤلف ومولده ووفاته. ويأتي من بعد ذلك بغرائب لا تكاد توجد إلا عنده لعنايته بهذا الشأن. توفي بقصر قرطبة في ثاني صفر سنة ست وستين وثلاث مائة، مات بالفالج. وكان قد شدد في إبطال الخمر في مملكته تشديدا مفرطا. وتولى الأمر بعده ابنه المؤيد بالله هشام وسنه يومئذ تسع سنين. وقام بتدبير المملكة الحاجب أبو عمر محمد بن عبد الله بن أبي عامر العامري القحطاني الملقب بالمنصور، وقد تقدم ذكره. ومن شعر المستنصر بالله وهو جيد:
عجبت وقد ودعتها كيف لم أمت | وكيف انثنت بعد الوداع يدي معي |
فيا مقلتي العبرى عليها اسكبي دما | ويا كبدي الحرى عليها تقطعي |
إلى الله أشكو من شمائل مترف | علي ظلوم لا يدين بما دنت |
نأت عنه داري فاستزاد صدوده | وإني على وجدي القديم كما كنت |
ولو كنت أدري أن شوقي بالغ | من الوجد ما بلغته لم أكن تبت |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0
المستنصر بالله أمير المؤمنين الأموي اسمه الحكم بن عبد الرحمن.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 25- ص: 0
الحكم بن عبد الرحمن بن محمد ير المؤمنين بالأندلس، أبو العاص، المستنصر بالله بن الناصر الأموي، المرواني.
بويع بعد أبيه، في رمضان، سنة خمسين وثلاثمائة.
وكان حسن السيرة، جامعا للعلم، مكرما للأفاضل، كبير القدر، ذا نهمة مفرطة في العلم والفضائل، عاكفا على المطالعة.
جمع من الكتب ما لم يجمعه أحد من الملوك، لا قبله ولا بعده، وتطلبها، وبذل في أثمانها الأموال، واشتريت له من البلاد البعيدة بأغلى الأثمان، مع صفاء السريرة والعقل والكرم، وتقريب العلماء.
أكثر عن: زكريا بن الخطاب، وأجاز له: قاسم بن ثابت كتاب: ’’الدلائل في غريب الحديث’’. وكتب عن خلق كثير، منهم: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، وأحمد بن دحيم.
ولقد ضاقت خزائنه بالكتب إلى أن صارت إليه، وآثرها على لذات الملوك، فغزر علمه، ودق نظره، وكان له يد بيضاء في معرفة الرجال، والأنساب، والأخبار، وقلما تجد له كتابا إلا وله فيه قراءة أو نظر، من أي فن كان، ويكتب فيه نسب المؤلف، ومولده ووفاته، ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد توجد.
ومن محاسنه: أنه شدد في مملكته في إبطال الخمور تشديدا عظيما.
وكان أخوه الأمير عبد الله المعروف بالولد، على أنموذجه في محبة العلم، فقتل في أيام أبيه.
وكان المستنصر موثقا فيما ينقله. ذكره: ابن الأبار في ’’تاريخه’’، وقال: عجبا لابن الفرضي، وابن بشكوال، كيف لم يذكراه؟!
مولده في سنة اثنتين وثلاثمائة.
وقال اليسع بن حزم: كان الحكم عالما، راوية للحديث، فطنا، ورعا.
وفد عليه أبو علي القالي، وأبو علي الزبيدي، وغيرهما.
ولما توفي القاضي منذر بن سعيد، استعمل على القضاء الفقيه ابن بشير، فشرط عليه نفوذ الحق والعدل؛ فرفع إليه تاجر: أنه ضاعت له جارية صغيرة، وأنها في القصر، فانتهى الأمر إلى الحكم. فقال الحكم: نرضي هذا التاجر بكل ما عسى أن يرضى به. فقال ابن بشير: لا يكمل عدلك حتى تنصف من نفسك، وهذا قد ادعى أمرا، فلا بد من إحضارها، وشهادة الشهود على عينها. فأحضرها الحكم، وأنصف التاجر.
وفي دولة الحكم همت الروم بأخذ مواضع من الثغور، فقواها بالمال والجيوش، وغزا بنفسه، وزاد في القطيعة على الروم، وأذلهم.
وكان موته بالفالج، في صفر، سنة ست وستين وثلاثمائة. وخلف ولدا، وهو هشام، فأقيم في الخلافة بتدبير الوزير ابن أبي عامر القحطاني.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 7- ص: 289
المستنصر الملقب بأمير المؤمنين، المستنصر بالله، أبو العاص الحكم ابن الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد الأموي المراوني، صاحب الأندلس وابن ملوكها.
وكانت دولته ست عشرة سنة، وعاش ثلاثا وستين سنة.
وكان جيد السيرة، وافر الفضيلة، مكرما للوافدين عليه، ذا غرام بالمطالعة وتحصيل الكتب النفيسة الكثيرة؛ حقها وباطلها؛ بحيث إنها قاربت نحوا من مائتي ألف سفر، وكان ينطوي على دين وخير.
سمع من قاسم بن أصبغ، وأحمد دحيم، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، وزكريا بن خطاب، وطائفة.
وأجاز له ثابت بن قاسم السرقسطي.
وكان باذلا للذهب في استجلاب الكتب، ويعطي من يتجر فيها ما شاء، حتى ضاقت بها خزائنه، لا لذة له في غير ذلك.
وكان عالما أخباريا وقورا، نسيج وحده.
وكان على نمطه أخوه عبد الله -الملقب بالولد- في محبة العلم، فقتل في أيام أبيه.
وكان الحكم موثقا في نقله، قل أن تجد له كتابا إلا وله فيه نظر وفائدة، ويكتب اسم مؤلفه ونسبه ومولده، ويغرب ويفيد.
ومن محاسنه أنه شدد في الخمر في ممالكه، وأبطله بالكلية، وأعدمه.
وكان يتأدب مع العلماء والعباد، التمس من زاهد الأندلس أبي بكر يحيى بن مجاهد الفزاري أن يأتي إليه فامتنع، فمر في موكبه بيحيى وسلم عليه، فرد عليه ودعا له، وأقبل على تلاوته، ومر بحلقة شيخ القراء أبي الحسن الأنطاكي فجلس، ومنعهم من القيام له، فما تحرك أحد.
مات بقصر قرطبة في صفر سنة ست وستين وثلاث مائة.
وبويع ابنه هشام وله تسع سنين أو أكثر، ولقب بالمؤيد بالله، فكان ذلك سببا لتلاشي دولة المروانية، ولكن سدد أمر المملكة الحاجب الملقب بالمنصور أبي عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر القحطاني، وإليه كان العقد والحل، فساس أتم سياسة.
وقد تقدم المستنصر مع جدهم الداخل أيضا.
عز الدولة، والصكوكي، وابن حرارة:
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 275
الحكم بن عبد الرحمن بن محمد
أمير المؤمنين بالأندلس أبو العاص، المستنصر بالله بن الناصر الأموي المرواني. م سنة 366 هـ رحمه الله تعالى.
قال الذهبي: ’’ ولقد ضاقت خزائنه بالكتب إلى أن صارت إليه وآثرها على لذات الملوك، فغزر علمه، ودق نظره، وكان له يد بيضاء في معرفة الرجال، والأنساب، والأخبار وقلما نجد له كتاباً إلا وله فيه قراءة ونظر، من أي فن كان، ويكتب فيه نسب المؤلف، ومولده ووفاته ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد
توجد ’’ أه.
له: أنساب الطالبيين والعلويين القادمين من المغرب.
دار الرشد، الرياض-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 87
ابنه الحكم بن عبد الرحمن المستنصر بالله أبو العاصي
ولى بعده الخلافة وهو ابن سبع وأربعين سنة وقيل ابن ثمان وأربعين سنة وشهرين ويومين وذلك يوم الخميس لثلاث خلون من رمضان سنة خمسين وثلاثمائة وتوفي لليلتين خلتا من صفر سنة ست وستين فكانت خلافته خمس عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة أيام استغرقت خلافة أبيه الطويلة عمره حتى كان يقول له فيما يحكى عنه لقد طولنا عليك يا أبا العاصي
وكان حسن السيرة فاضلا عادلاً مشغوفاً بالعلوم حريصاً على اقتناء دواوينها يبعث فيها إلى الأقطار والبلدان ويبذل في أعلاقها ودفاترها أنفس الأثمان ونفق ذلك لديه فحملت من كل جهة إليه والملك سوق ما نفق فيها جلب إليها حتى غصت بها بيوته وضاقت عنها خزائنه
قال ابن حيان عند ذكر الحكم كان من أهل الدين والعلم راغباً في جمع العلوم الشرعية من الفقه والحديث وفنون العلم باحثاً عن الأنساب حريصاً على تأليف قبائل العرب وإلحاق من درس نسبه أو جهله بقبيلته التي هو منها مستجلباً للعلماء ورواة الحديث من جميع الآفاق يشاهد مجالس العلماء ويسمع منهم ويروى عنهم
وكان أخوه عبد الله المعروف بالولد على مثل هذه الحالة من المحبة في العلم والعلماء والرواية وتوفي في حياة أبيه مقتولاً فتصيرت كتبه إلى أخيه الحكم
ولم يسمع في الإسلام بخليفة بلغ مبلغ الحكم في اقتناء الكتب والدواوين وإيثارها والتهمم بها أفاء على العلم ونوه بأهله ورغب الناس في طلبه ووصلت عطاياه وصلاته إلى فقهاء الأمصار النائية عنه ومنهم أبو إسحاق محمد ابن القاسم بن شعبان بمصر وأبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندت وغيرهما جرى ذكر هذا في كتب تواريخهم
وبعث إلى أبى الفرج الأصبهاني القرشي المرواني ألف دينار عينا ذهبا وخاطبه يلتمس منه نسخة من كتابه الذي ألفه في الأغاني وما لأحد مثله
ووصل بذلك المال رحمه إذ كان قسيمه في المروانية ومن ولد مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين بالمشرق فأرسل إليه منه نسخة حسنة منقحة قبل أن يظهر الكتاب لأهل العراق أو ينسخه أحد منهم، وألف له أيضا أنساب قومه بني أمية موشحة بمناقبهم وأسماء رجالهم فأحسن فيه جدا وخلد لهم مجداً وأرسل به إلى قرطبة وأنفذ معه قصيدة حسنة من شعره وكان محسناً يمدحه بها ويذكر مجد قومه بني أمية وفخرهم على سائر قريش فجدد له عليه الصلة الجزيلة
وكان له وراقون بأقطار البلاد ينتخبون له غرائب التواليف ورجال يوجههم إلى الآفاق عنها ومن وراقيه ببغداد محمد بن طرخان ومن أهل المشرق والأندلس جماعة وكان مع هذا كثير التهمم بكتبه والتصحيح لها والمطالعة لفوائدها وقلما تجد له كتابا كان في خزانته إلا وله فيه قراءة ونظر من أي فن كان من فنون العلم يقرؤه ويكتب فيه بخطه إما في أوله أو آخره أو في تضاعيفه نسب المؤلف ومولده ووفاته والتعريف به ويذكر أنساب الرواة له ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد توجد إلا عنده لكثرة مطالعته وعنايته بهذا الفن وكان موثوقاً به مأمونا عليه صار كل ما كتبه حجة عند شيوخ الأندلسيين وأئمتهم ينقلونه من خطه ويحاضرون به
قلت وقد اجتمع لي من ذلك جزء مفيد مما وجد بخطه ووجدت أنه يشتمل على فوائد جمة في أنواع شتى، قال وكان قد قيد كثيرا من أنساب أهل بلده وكلف أهل كور الأندلس أن يلحقوا كل عربي أخمل ذكره قبل ولايته وأن يصحح
نسبهم أهل المعرفة بذلك ويؤلف من الكتب ويرد كل ذي نسب إلى نسبه وفرج ذلك بالعلم فتم له من ذلك ما أراد ونفع الله بكرم قصده البلاد والعباد
وقال أبو محمد بن حزم في كتاب جمهرة الأنساب من تأليفه وذكر الحكم اتصلت ولايته خمسة عشر عاما في هدوء وعلو وكان رفيقاً بالرعية محباً في العلم ملأ الأندلس بجميع كتب العلوم وأخبرني تليد الفتى وكان على خزانة العلوم بقصر بني مروان بالأندلس أن عدد الفهارس التي كانت فيها تسمية الكتب أربع وأربعون فهرسة في كل فهرسة خمسون ورقة ليس فيها إلا ذكر أسماء الدواوين فقط
قال ولم يعقب إلا هشاماً الوالي بعده وقد انقرض ولا عقب له ولا لأبيه، وذكر الحميدي في تاريخه أن الحكم رام قطع الخمر من الأندلس فأمر بإراقتها وتشدد في ذلك وشاور في استئصال شجرة العنب من جميع أعماله فقيل إنهم يعملونها من التين وغيره فتوقف عن ذلك
ومن شعره
عجبت وقد ودعتها كيف لم أمت | وكيف انثنت عند الفراق يدي معي |
فيا مقلتي العبري عليها اسكبي دماً | ويا كبدي الحرى عليها تقطعي |
ومن عجب أني أحن إليهم | وأسأل شوقاً عنهم وهم معي |
وتبكي دماً عيني وهم في سوادها | ويشكو الهوى قلبي وهم بين أضلعي |
فيا مقلتي العبري أفيضي عليهم | ويا كبدي الحرى عليهم تقطعي |
ومن عجبني أني أحن إليهم |
دار المعارف، القاهرة - مصر-ط 2( 1985) , ج: 1- ص: 1
الحكم المستنصر
ولاية الحكم المستنصر
ثم ولي بعده ابنه الحكم بن عبد الرحمن، ويلقب بالمستنصر بالله، وله إذ ولي سبع وأربعون سنة، يكنى أبا العاص، أمه أم ولد اسمها مرجان وكان حسن السيرة، جامعاً للعلوم، محباً لها، مكرماً لأهلها، وجمع من الكتب في أنواعها ما لم يجمعه أحد من الملوك قبله هنالك، بإرساله عنها إلى الأقطار، واشترائه لها بأغلى الأثمان، ونفق ذلك عليه، فحمل إليه، وكان قد رام قطع الخمر من الأندلس، وأمر بإراقتها، وتشدد في ذلك، وشاور في استئصال شجرة العنب من جميع أعماله فقيل له: إنهم يعملونها من التين وغيره، فتوقف عن ذلك.
وفي أمره بإراقة الخمور في سائر الجهات يقول أبو عمر يوسف بن هارون الكندي قصيدته المشهورة فيها، متوجعاً لشاربها، وإنما أوردناها تحقيقاً لما ذكرنا عنه من ذلك، وهي قوله:
بخطب الشاربين يضيق صدري | وترمضني بليتهم لعمري |
وهل هم غير عشاق أصيبوا | بفقد حبائب ومنوا بهجر |
أعشاق المدام لئن جزعتم | لفرقتها فليس مكان صبر |
سعى طلابكم حتى أريقت | دماء فوق وجه الأرض تجري |
تضوع عرفها شرقاً وغرباً | فطبق أفق قرطبة بعطر |
فقل للمسفحين لها بسفح | وما سكنته من ظرف بكسر |
وللأبواب إحراقاً إلى أن | تركتم أهلها سكان قفر |
تحريتم بذاك العدل فيها | بزعمكمو فلم يك عن تحر |
فإن أبا حنيفة وهو عدل | وقر عن القضاء مسير شهر |
فقيه لا يدانيه فقيه | إذا جاء القياس أتى بدر |
وكان من الصلاة طويل ليل | يقطعه بلا تغميض شفر |
وكان له من الشراب جار | يواصل مغرباً فيها بفجر |
وكان إذا انتشى غنى بصوت ال | مضاع بسجنه من آل عمرو |
أضاعوني وأي فتى أضاعوا | ليوم كريهة وسداد ثغر |
فغيب صوت ذاك الجار سجن | ولم يكن الفقيه بذاك يدري |
فقال وقد مضى ليل وثان | ولم يسمعه غنى ’’ليت شعري’’ |
أجاري المؤنسى ليلاً غناء | لخير قطع ذلك أم لشر |
فقالوا إنه في شجن عيسى | أتاه به المحارس وهو يسرى |
فنادى بالطويلة وهي مما | يكون برأسه لجليل أمر |
ويمم جاره عيسى بن موسى | ولاقاه بإكرام وبر |
وقال: أحاجة عرضت فإني | لقاضيها ومتبعها بشكر |
فقال: سجنت لي جاراً يسمى | بعمرو قال: يطلق كل عمرو |
بسجنى حين وافقه اسم جار ال | فقيه ولو سجنتهم لو تر |
فأطلعهم له عيسى جميعاً | لجار لا يبيت بغير سكر |
فإن أحببت قل لجوار جار | وإن أحببت قل لطلاب أجر |
فإن أبا حنيفة لم يؤب من | تطلبه تخلصه بوزر |
نوافعها من أجل النهى سراً | وكم نهى نواقعه بجهر |
أضاعوني وأي فتى أضاعوا | ليوم كريهة وسداد ثغر |
دار الكاتب المصري - القاهرة - دار الكتاب اللبناني - بيروت - لبنان-ط 1( 1989) , ج: 1- ص: 1