التصنيفات

السيد شمس الدين محمد بن علي بن الحسين ابن أبي الحسن الموسوي العاملي
الجبعي صاحب المدارك
ولد سنة 946 وتوفي ليلة السبت 18 ربيع الأول كما عن الدر المنثور للشيخ علي بن الشيخ محمد بن صاحب المعالم أو في العشر منه كما عن خط ولده السيد حسين على ظهر كتاب المدارك، أنه قال توفي والدي المحقق مؤلف هذا الكتاب في شهر ربيع الأول ليلة العاشر منه سنة 1009 في قرية جباع.
’’أقوال العلماء في حقه’’
في أمل الآمل كان فاضلا متبحرا ماهرا محققا مدققا زاهدا عابدا ورعا فقيها محدثا كاملا جامعا للفنون والعلوم جليل القدر عظيم المنزلة.
وقال السيد مصطفى التفريشي في نقد الرجال سيد من ساداتنا وشيخ من مشايخنا وفقيه من فقهائنا.
وعن صاحب كتاب المقامع في أول شرحه على المدارك أنه قال في حقه السيد السند الحسيب النسيب أسوة المحققين وقدوة المدققين ولسان المتأخرين.
وقال صاحب اللؤلؤة أما السيد السند السيد محمد وخاله المحقق المدقق الشيخ حسن ففضلهما أشهر من أن ينكر.
أحواله
كان والده السيد علي تزوج ابنة الشهيد الثاني في حياته فأولدها السيد محمد المذكور ثم تزوج زوجة الشهيد الأخرى بعد قتله أم الشيخ حسن صاحب المعالم فأولدها السيد نور الدين عليا، فالسيد نور الدين أخو صاحب المدارك لأبيه وأخو صاحب المعالم لأمه، وصاحب المدارك ابن أخت صاحب المعالم وصاحب المعالم خاله وأخو أخيه. وما عن صاحب المقامع من أن الشهيد الثاني كان متزوجا أم السيد علي والد صاحب المدارك فأولدها الشيخ حسن ثم زوج والد صاحب المدارك ابنته أخت الشيخ حسن فأولدها صاحب المدارك فصار صاحب المعالم خال صاحب المدارك وعمه اشتباه.
وقال الشيخ علي الصغير بن محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني في كتابه الدر المنثور: كان الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني هو والسيد الجليل السيد محمد ابن أخته قدس الله روحيهما في التحصيل كفرسي رهان ورضيعي لبان وكانا متقاربين في السن وبقي الشيخ حسن بعد السيد محمد بقدر تفاوت ما بينهما في السن تقريبا، وكتب على قبر السيد محمد: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ورثاه بأبيات كتبها على قبره وهي:

قال وتولى السيد علي الصائغ تعليم الشيخ حسن والسيد محمد العلوم التي استفادها من الشهيد الثاني من معقول ومنقول وفروع وأصول وعربية ورياضي ولما انتقل السيد علي إلى رحمة الله ورد الفاضل الكامل مولانا عبد الله اليزدي تلك البلاد فقرا عليه في المنطق والمطول وحاشية الخطائي وحاشيته عليهما وقرأ عنده تهذيب المنطق وكان الشيخ ملا عبد الله يكتب عليه حاشية في تلك الأوقات قال وهي عندي بخط الشيخ وبلغني أن ملا عبد الله كان يقرأ عليهما في الفقه والحديث ثم سافر الشيخ حسن والسيد محمد إلى العراق إلى عند مولانا أحمد الأردبيلي قدس الله روحه فقالا له: نحن ما يمكننا الإقامة مدة طويلة ونريد أن نقرأ عليك على وجه نذكره أن رأيت ذلك صلاحا قال بل هو؟ قالا نحن نطالع وكل مت نفهمه ما نحتاج إلى البحث والتقرير نتكلم فيه فأعجبه ذلك وقرأ عنده عدة كتب في الأصول والمنطق والكلام وغيرها مثل شرح المختصر العضدي وشرح الشمسية وشرح المطالع وغيرها وكان قدس الله روحه يكتب شرحا على الإرشاد ويعطيهما أجزاء منه ويقول انظروا في عبارته وأصلحوا منها ما شئتم فإني أعلم أن بعض عبارته غير فصيح. فانظر إلى هذه النفس الشريفة، وكان جماعة من تلامذة ملا أحمد يقرؤون عليه في شرح المختصر العضدي وقد مضى لهم مدة طويلة وبقي منه ما يقتضي صرف مدة طويلة أخرى حتى يتم وهما إذا قرأا يتصفحان أوراقا حال القراءة من غير سؤال وبحث وكان يظهر من تلامذته تبسم على وجه الاستهزاء بهما على هذا النحو من القراءة فلما عرف ذلك منهم تألم كثيرا وقال لهم عن قريب يتوجهون إلى بلادهم وتأتيكم مصنفاتهم وأنت تقرؤون في شرح المختصر. وكانت إقامتهما مدة قليلة لا يحضرني قدرها ولما رجعا صنف الشيخ حسن المعالم والمنتقى والسيد محمد المدارك ووصل بعض ذلك إلى العراق قبل وفاة ملا أحمد فكان الشيخ حسن والسيد محمد شريكين في القراءة على المشايخ والرواية عنهم، منهم السيد علي بن أبي الحسن والد السيد محمد والسيد علي الصائغ والشيخ حسين بن عبد الصمد وهؤلاء كلهم من تلامذة الشهيد الثاني ويروون عنه ومنهم الملا أحمد الأردبيلي.
وعن صاحب الأنوار النعمانية قال: حدثني أوثق مشايخي أن السيد الجليل محمدا صاحب المدارك والشيخ المحقق الشيخ حسن صاحب المعالم رحمهما الله قد تركا زيارة المشهد الرضوي على ساكنه أفضل الصلاة خوفا من أن يكلفهما الشاه عباس الأول بالدخول عليه مع أنه كان من أعدل سلاطين الشيعة فبقيا في النجف الأشرف ولم يأتيا إلى إيران احترازا من ذلك ’’اه’’ وفي اللؤلؤة بعد ما ذكر صاحب المعالم وابن أخته صاحب المدارك وأثنى عليهما ثناء بليغا قال: إلا أنه مع السيد محمد قد سلكا في الأخبار مسلكا وعرا ونهجا منهجا عسرا أما السيد محمد صاحب المدارك فإنه رد أكثر الأحاديث من الموثقات والضعاف باصطلاحه وله فيها اضطراب كما لا يخفى على ن راجع كتابه فيما بين أن يردها تارة وما بين أن يستدل بها أخرى وله أيضا في جملة من الرجال مثل إبراهيم بن هاشم ومسمع بن عبد الملك ونحوهما اضطراب عظيم فيما بين أن يصف أخبارهم بالصحة تارة وبالحسن أخرى وبين أن يطعن فيها وبردها يدور في ذلك مدار غرضه في المقام مع جملة من المواضيع التي سلك فيها سبيل المجازفة كما أوضحنا جميع ذلك بما لا يرتاب فيه المتأمل في شرحنا على كتاب المدارك الموسوم بتدارك المدارك وكتاب الحدائق الناضرة إلا أن الشرح الذي على الكتاب إنما برز منه ما يتعلق بالطهارة والصلاة. وأما كتاب الحدائق وما فيه من البحث معه والمناقشات فهو مشتمل على جميع ما ذكره في كتب العبادات ’’اه’’ وذكر في خاله الشيخ حسن ما مر في ترجمته.
مؤلفاته
(1) مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام مطبوع مرتين برز منه العبادات وكأنه جعله بمنزلة التتمة للمسالك لأنها مختصرة في العبادات مطولة في المعاملات (2) نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام وجد منه كتاب النكاح إلى آخر النذر وفي تكملة أمل الآمل عندي منه نسخة من أول النكاح إلى آخر النذر بخط تلميذه والمخرج له من السواد إلى البياض وفي آخره تم المجلد الثالث من كتاب نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام ضحى نهار الخميس 19 من رجب من شهور سنة 1007 من الهجرة على مشرفها السلام وقد وقع الفراغ من كتابته يوم الجمعة العشرين من شهر رجب سنة 1007 فكان قدس سره يكتب الكراسة فيقرؤها تلميذه عليه ويبيضها فتم التصنيف والتبييض في شهر واحد. قال في المقامع ووجه تخصيص ذلك الموضوع بالشرح على ما سمعناه من بعض مشايخنا أنه لما كتب المحقق الأردبيلي ليخرجوه على الإرشاد وفرق أجزاءه على التلامذة ليخرجوه من السواد إلى البياض وكان بعضهم رديء الخط جدا فاتفق وقوع النكاح إلى آخر النذر في سهمه فلم ينتفع به من سوء خطه وكان الشارح قد توفي فالتمس بعضهم تجديد المواضع التالفة من السيد ليكمل شرح أستاذه فقبل لكنه عدل عن الإرشاد إلى المختصر النافع تأديا من أن يعد شرحه متمما لشرح أستاذه ’’اه’’.
وإذا صح هذا فيلزم أن يكون تصنيفه للشرح المذكور في جبل عامل لا في العراق لما مر من أنه حضر إلى جبل عامل ووصلت مؤلفاته إلى العراق قبل وفاة الأردبيلي والله أعلم.
رأيت منه نسخة مخطوطة في النجف الأشرف بخط جيد (3) حاشية الاستبصار (4) حاشية التهذيب (5) حاشية على ألفية الشهيد.
الاشتباه في نسبة شرح الشواهد وشرح العلويات إليه
وقد اشتهر أن له شرح شواهد شرح الألفية لابن الناظم حتى أن الكتاب طبع في النجف سنة 1344 على أنه لصاحب المدارك وهو خطأ فاحش لأن الكتاب تأليف السيد محمد بن علي بن محيي الدين الموسوي العاملي قاضي المشهد المقدس الرضوي وقد صرح في أمل الآمل في ترجمته بنسبة الكتاب إليه وأنه من تلامذة السيد بدر الدين الحسيني العاملي الأنصاري المدرس بطوس ومن تلامذة السيد حسين ابن صاحب المدارك. والذي أوقع في الاشتباه قول المؤلف في خطبة الكتاب: وبعد فيقول العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن علي الموسوي مقتصرا على ذلك فلاشتراكه مع صاحب المدارك في الاسم واسم الأب والنسب والبلاد وشهرة صاحب المدارك ظن أنه هو ونسب الكتاب إليه مع أنه قد صرح في مقدمته بأنه صنفه بأمر شيخه المذكور وفي آخر بأنه فرغ منه في المشهد المقدس الرضوي سنة 1057 ’’اه’’. وصاحب المدارك لم يدخل المشهد الرضوي ولا في مشايخه من اسمه السيد بدر الدين وفاته تأليف الكتاب بثمانية وأربعين سنة ومؤلف الكتاب من تلامذة ابنه.
كما أنه وقع الاشتباه في نسبة شرح القصائد السبع العلويات لابن أبي الحديد إليه وقد طبع هذا الشرح في إيران وطبع في صيدا على أنه لصاحب المدارك وهو اشتباه وإنما هو للسيد محمد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي البغدادي ولم يذكر أحد هذين الشرحين أهني شرح الشواهد وشرح العلويات صاحب المدارك لا صاحب أمل الآمل ولا غيره.
أولاده
كان له من الأولاد السيد نجم الدين الذي كتب له صاحب المعالم الإجازة الكبيرة له ولوالديه أبي عبد الله محمد وأبي الصلاح علي وله أيضا السيد حسين شيخ الإسلام بالمشهد المقدس الرضوي على مشرفه السلام ومن أحفاده السيد مرتضى المعاصر للمجلسي صاحب البحار وقد ذكرنا الجميع كلا في بابه.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 6