أبو سلمة الخلال حفص بن سليمان الهمداني الخلال، أبو سلمة: أول من لقب بالوزارة في الإسلام. كانت إقامته قبل ذلك في الكوفة، وأنفق أمولا كثيرة في سبيل الدعوة العباسية. وكان يفد إلى الحميمية - في أرض الشراة - فيحمل كتب إبراهيم الإمام ابن محمد، إلى (النقباء) في خراسان. وصحبه مرة أبو مسلم الخراساني تابعا له. ولما استقام الأمر للسفاح أستوزره، فكان أول وزير لأول خليفة عباسي. وكان يسمر كل ليلة عند السفاح، وهو في الأنبار. والسفاح يأنس به لما في حديثه من إمتاع وأدب ولما كان عليه من علم بالسياسة والتدبير. واستمر اربعة أشهر، واغتاله أشخاص كمنوا له ليلا ووثبوا عليه وهو خارج يريد منزله، فقطعوه بأسيافهم، قيل: إن أبا مسلم الخراساني دسهم له لشحناء بينهما، أو لأن السفاح توهم فيه الميل لآل علي فسلط عليه أبا مسلم. وكان يقال لأبي سلمة (وزير آل محمد) ولأبي مسلم (أمين آل محمد) ويعرف بالخلال لسكناه بدرب الخلالين بالكوفة

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 263

أبو سلمة الخلال اسمه حفص بن سليمان الهمذاني.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 357

أبو سلمة حفص بن سليمان الخلال الهمداني الكوفي مولى السبيع من همدان
قتل سنة 132 بالهاشمية قرب الكوفة ودفن بها وقيل قتل بالأنبار والأول أصح سيأتي عن المسعودي انه كان فكها ممتعا أديبا عالما بالسياسة والتدبير وكان من وجوه أهل الكوفة وممن قام بالدعوة العباسية أشد قيام ثم أراد تحويل الأمر عنهم إلى آل أبي طالب فكان ذلك سبب هلاكه وكان يسمى وزير آل محمد، قال المسعودي كان أول من وقع عليه اسم الوزارة في دولة بني العباس ويمكن لنا أن نستفيد من مجاري الأحوال انه كان علوي النزعة معاديا للأموية بالطبع يحب زوال دولتهم على أي حال كان، فكراهته للأموية بعثته على القيام بالدعوة العباسية وميله إلى آل أبي طالب حداه على إرادة صرف الأمر عنهم إلى آل أبي طالب وبهذا الاعتبار صح لنا إدخاله في موضوع الكتاب قال ابن عساكر في تاريخ دمشق كان أبو سلمة حفص بن سليمان الخلال من دعاة بني العباس وقدم الحميمة من أرض الشراة مقر بني العباس وأشخصه أبو العباس السفاح اه‍. والدعوة العباسية قامت باسم الرضا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن الأثير كان أبو زينب الخزاعي طلحة بن زريق أحد النقباء الاثني عشر الذين اختارهم محمد بن علي بن عبد الله بن العباس من السبعين الذين استجابوا له حين بعث رسوله إلى خرأسان وكان عالما بحجج الهاشمية ومعايب الأموية وكان أبو مسلم يشاوره في الأمور وكان هو الذي يأخذ البيعة بأمر أبي مسلم وهي أبايعكم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والطاعة للرضا من أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قحطبة بن شبيب أحد قواد أبي مسلم الخرأساني في بعض خطبه مشيرا إلى بني أمية فأخافوا أهل البر والتقوى من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلطكم عليهم وقال أهل خرأسان لما جاءهم أبو مسلم رجل من أهل البيت ذكره الطبري وقال السفاح لما خطب على منبر الكوفة وخصنا الله برحم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته ووضعنا من الإسلام وأهله بالموضع الرفيع فقال تعالى {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}. {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}. {وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله ولرسوله ولذي القربى}. {واعلموا إنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى}.
وقال ورجع الحق إلى نصابه في أهل بيت نبيكم فبنو العباس استمالوا الناس باسم أهل البيت وقالوا إنهم هم آل رسول الله وأهل بيته ثم فعلوا الأفاعيل بال رسول الله الأقربين الذين هم أحق بآية الطهارة وغيرها منهم والذين هم أحد الثقلين ومثل سفينة نوح وباب حطة قال أبو فراس الحمداني: أأنتم آله فيما ترون وفي أظفاركم من بنيه الطاهرين دم وقال الكميت:

وقال أبو تمام:
وقال الشريف الرضي:
وقال آخر:
تالله ما نالت أمية منهم معشار ما فعلت بنو العباس قال ابن الأثير في حوادث سنة 172 فيها كتب بكير بن ماهان أحد دعاة بني العباس إلى إبراهيم الإمام انه في الموت وانه قد استخلف أبا سلمة حفص بن سليمان وهو رضا للأمر فكتب إبراهيم لأبي سلمة يأمره بالقيام بأمر أصحابه وكتب إلى أهل خرأسان يخبرهم انه قد أسند أمرهم إليه ومضى أبو سلمة إلى خرأسان فصدقوه وقبلوا أمره ودفعوا إليه ما اجتمع عندهم من نفقات الشيعة وخمس أموالهم وقال الطبري في تاريخه أن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بعث رجلا إلى خرأسان وأمره أن يدعو إلى الرضا ولا يسمي أحدا ثم مات محمد بن علي وأوصى إلى ولده إبراهيم فبعث إبراهيم إلى خرأسان أبا سلمة حفص بن سليمان مولى السبيع وكتب معه إلى النقباء بخرأسان فقبلوا كتبه وقام فيهم ثم رجع إليه فرده ومعه أبو مسلم وقال الطبري وابن الأثير: كان قحطبة بن شبيب يحارب يزيد بن عمر بن هبيرة أمير العراق من قبل بني أمية فقتل قحطبة في بعض الوقائع وقال لأصحابه قبل موته إذا قدمتم الكوفة فوزير آل محمد أبو سلمة الخلال فسلموا هذا الأمر إليه اه‍. وكان هذا أصل تسميته بوزير آل محمد ولما قتله أبو مسلم غيلة قال فيه سليمان بن المهاجر البجلي: أن الوزير وزير آل محمد=أودى فمن يشنأك كان وزيرا ثم مات قحطبة وبايعوا بعده ابنه الحسن بالإمرة وكان رجل يسمى حوثرة بن سهيل الباهلي من قواد مروان فأمد مروان به ابن هبيرة وكان محمد بن خالد بن عبد الله القسري خرج بالكوفة مسودا وعلى الكوفة زياد بن صالح الحارثي فأخرجه محمد منها ودخل قصر الإمارة وسمع حوثرة الخبر فسار نحو الكوفة فتفرق عن محمد عامة من كان معه وأرسل أبو سلمة ولم يظهر بعد إلى محمد يأمره بالخروج من القصر تخوفا عليه من حوثرة ودخل الحسن بن قحطبة الكوفة من الغد فكانوا يسألون في الطريق أين منزل أبي سلمة وزير آل محمد فدلوهم عليه فجاءوا حتى وقفوا على بابه فخرج إليهم فقدموا له دابة من دواب فحطبة فركبها وجاء حتى وقف في جبانة السبيع وبايع أهل خرأسان فمكث يقال له وزير آل محمد فعسكر بالنخيلة يومين ثم ارتحل إلى حمام أعين ووجه الحسن بن قحطبة إلى واسط لقتال ابن قحطة وبايع الناس أبا سلمة واستعمل محمد بن خالد بن عبد الله القسري على الكوفة وكان يقال له الأمير حتى ظهر أبو العباس وبعث العساكر والقواد إلى البلاد إلى المدائن ودير قنى وعين التمر والأهواز والبصرة. ثم أن بني العباس ساروا من الحميمة إلى الكوفة ومعهم أبو العباس محمد بن عبد الله المعروف بالسفاح وقال ابن الأثير في حوادث سنة 132 كان مروان بن محمد يجد في الكتب صفة رجل يقتلهم ويسلبهم ملكهم وكانت الصفة منطبقة على أبي العباس السفاح فبعث مروان جماعة ووصف لهم تلك الصفة وأمرهم بالقبض على إبراهيم بن محمد الإمام لأنه كان يظن أنه هو صاحب الصفة فقدموا فأخذوا أبا العباس بالصفة فلما ظهر إبراهيم وامن قيل للرسل إنما أمرتم بإبراهيم وهذا عبد الله فتركوا أبا العباس واخذوا إبراهيم فانطلقوا به إلى مروان فقال ليس هذا صاحب الصفة التي وصفت لكم فقالوا قد رأينا صاحب الصفة التي وصفت وإنما سميت إبراهيم فحبس إبراهيم ثم خنقه في جراب النورة وأعادهم في طلب أبي العباس فلم يروه وإذا أراد الله أمرا هيا أسبابه. قال الطبري وفي سنة 129 كتب سليمان بن كثير أحد دعاة بني العباس إلى أبي سلمة الخلال أن يكتب إلى إبراهيم أن يوجه رجلا من أهل بيته فبعث إبراهيم أبا مسلم. وكان إبراهيم بن محمد الملقب بالامام أوصاهم لما قبض عليه بالمسير إلى الكوفة مع أخيه السفاح وجعله الخليفة بعده فقدموا الكوفة وشيعتهم من أهل خرأسان ظاهر الكوفة بحمام أعين فأنزلهم أبو سلمة الخلال دار الوليد بن سعد مولى بني هاشم في بني أود وكتم أمرهم نحوا من أربعين ليلة من جميع القواد والشيعة وأراد أبو سلمة بذلك فيما ذكر تحويل الأمر إلى آل أبي طالب لما بلغه الخبر عن موت إبراهيم بن محمد فقال له أبو الجهم أحد القواد في عسكره ما فعل الإمام قال لم يقدم فألح عليه فقال أكثرت السؤال ليس هذا وقت خروجه لأن واسطا لم تفتح بعد وكان أبو سلمة إذا سئل عن الامام يقول لا تعجلوا قال المسعودي بنو أود حي من اليمن قال وقد ذكرنا مناقب أود وفضائلها فيما سلف من هذا الكتاب وبراءتهم من علي والطاهرين من ذريته ولم أر إلى هذا الوقت وهو سنة 302 فيما ردت من الأرض وتغربت من المماليك رجلا من أود إلا وجدته إذا استبطنت ما عنده ناصبيا متوليا لآل مروان وحزبهم قال الطبري وكتم أمرهم نحوا من أربعين ليلة من جميع القواد والشيعة قال المسعودي ووكل بهم وكان وصولهم في صفر سنة 132 قال وقد كان أبو سلمة لما قتل إبراهيم الامام خاف انتقاض الأمر وفساده عليه فبعث بمحمد بن عبد الرحمن ابن أسلم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب معه كتابين على نسخة واحدة إلى أبي عبد الله جعفر الصادق والى عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي يدعو كل واحد منهما إلى الشخوص إليه فأما الصادق عليه السلام فلقيه الرسول ليلا فاعلمه أنه رسول أبي سلمة ودفع إليه كتابه فقال له أبو عبد الله وما أنا وأبو سلمة وهو شيعة لغيري فقال له إني رسول فتقرأ كتابه وتجيبه بما رأيت فوضع كتاب أبي سلمة على السراج حتى احترق وقال عرف صاحبك بما رأيت وتمثل بقول الكميت:
فخرج الرسول من عنده واتى عبد الله بن الحسن فقرأ الكتاب وابتهج وجاء في غد ذلك اليوم إلى منزل أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق وكان أبو عبد الله أسن من عبد الله فقال يا أبا محمد أمر ما أتى بك قال نعم هو هو أجل من أن يوصف هذا كتاب أبي سلمة يدعوني وقد قدمت عليه شيعتنا من أهل خرأسان فقال ومتى كان أهل خرأسان شيعة لك أنت بعثت أبا مسلم إلى خرأسان وأنت أمرته بلبس السواد وهؤلاء الذين قدموا العراق أنت كنت سبب قدومهم وهل تعرف أحدا منهم فنازعه عبد الله الكلام إلى أن قال إنما يريد القوم ابني محمدا لأنه مهدي هذه الأمة فقال أبو عبد الله والله ما هو مهدي هذه الأمة ولئن شهر نفسه ليقتلن فقال عبد الله والله ما يمنعك من ذلك إلا الحسد فقال أبو عبد الله والله ما هذا إلا نصح مني لك ولقد كتب إلي أبو سلمة بمثل ما كتب به إليك فأحرقت كتابه قبل أن اقرأه فانصرف عبد الله مغضبا ولم يصل رسول أبي سلمة إليه حتى بويع السفاح بالخلافة وذلك أن أبا حميد الطوسي محمد بن إبراهيم الحميري. أتى من حمام أعين محل عسكر أبي سلمة ودخل الكوفة فلقي في سوق الكناسة خادما لإبراهيم الإمام اسمه سابق فسأله عن إبراهيم الإمام فقال قتله مروان في الحبس وأوصى إلى أخيه أبي العباس قال وأين هو قال معك بالكوفة هو وأخوه وعمومته وجماعة من أهل بيته فقال منذ متى هم هنا قال من شهرين قال فامض بي إليهم قال الموعد بيني وبينك غدا في هذا الموضع وكره سابق أن يدخله عليهم إلا بإذنهم فأخبر أبا العباس بذلك فلامه إذ لم يأت به معه إليهم ورجع أبو حميد إلى أبي الجهم فأخبره وهو في عسكر أبي سلمة في حمام أعين فأمره أن يلطف للقائهم فرجع أبو حميد من الغد فادخله سابق على أبي العباس وأهل بيته فسال عن الخليفة فقال داود بن علي هذا إمامكم وخليفتكم وأشار إلى أبي العباس فسلم عليه بالخلافة وقبل يديه ورجليه وعزاه بإبراهيم ورجع إلى أبي الجهم فأخبره عن منزلهم وان الإمام أرسل إلى أبي سلمة يسأله مائة دينار يعطيها الجمال كراء الجمال التي حملتهم فلم يفعل فبعثوا إلى الإمام بمائتي دينار وذهب جماعة منهم إلى الإمام فيهم أبو الجهم وأبو حميد وموسى بن كعب وبلغ ذلك أبا سلمة فسال عنهم فقيل دخلوا الكوفة في حاجة ودخل القوم على أبي العباس فسلموا عليه بالخلافة وعزوه بإبراهيم ورجع موسى بن كعب وأبو الجهم وأمر أبو الجهم الباقين فتخلفوا عند الإمام فأرسل أبو سلمة إلى أبي الجهم أين كنت قال ركبت إلى إمامي فركب أبو سلمة إلى الإمام فأرسل أبو الجهم إلى أبي حميد أن أبا سلمة قد أتاكم فلا يدخلن على الإمام إلا وحده فلما انتهى إليهم أبو سلمة منعوه أن يدخل معه أحد فدخل وحده فسلم بالخلافة على أبي العباس فقال له أبو حميد على رغم أنفك يا ماص بظر أمه فقال له أبو العباس مه وأمر أبا سلمة بالعودة إلى معسكره فعاد ثم خرج أبو العباس فعسكر بحمام أعين في عسكر أبي سلمة ونزل معه في حجرته بينهما ستر وأقام أبو العباس أشهرا في العسكر ثم ارتحل فنزل المدينة الهاشمية بقرب الكوفة قال الطبري وابن الأثير: وكان تنكر لأبي سلمة حتى عرف ذلك وكتب السفاح إلى أبي مسلم يعلمه رأيه في أبي سلمة وما كان هم به من الغش فكتب إليه أبو مسلم أن كان أمير المؤمنين اطلع على ذلك منه فليقتله فقال داود بن علي السفاح لا تفعل فيحتج بها أبو مسلم عليك وأهل خرأسان الذين معك أصحابه ولكن اكتب إليه فليبعث إليه من يقتله فكتب إليه فبعث أبو مسلم مرار بن انس الضبي لقتله فقدم على السفاح واعلمه بسبب قدومه فأمر السفاح فنودي أن أمير المؤمنين قد رضي عن أبي سلمة ودعاه فكساه ثم دخل عليه بعد ذلك ليلة فلم يزل عنده حتى ذهب عامة الليل ثم انصرف إلى منزله وحده فعرض له مرار بن انس ومن معه فقتلوه وقالوا قتله الخوارج ثم اخرج من الغد فصلى عليه يحيى بن محمد بن علي ودفن بالمدينة الهاشمية ثم أن أبا مسلم وجه محمد بن الأشعث على فارس وأمره بقتل عمال أبي سلمة ففعل ثم أن المنصور قتل أبا مسلم بعد ذلك هذه رواية الطبري وابن الأثير، ولكن المسعودي قال كان في نفس أبي العباس منه شيء لأنه كان حاول رد الأمر عنهم إلى غيرهم فكتب أبو مسلم إلى السفاح يشير عليه بقتله ويقول له قد أحل الله لك دمه لأنه نكث وغير وبدل فقال السفاح ما كنت لأفتتح دولتي بقتل رجل من شيعتي لا سيما مثل أبي سلمة وهو صاحب هذه الدعوة وقد عرض نفسه وبذل مهجته وأنفق ماله وناصح إمامه وجاهد عدوه وكلمه أبو جعفرأخوه وداود بن علي عمه في ذلك وكان أبو مسلم كتب إليهما أن يشيرا على السفاح بقتله فقال ما كتب لأفسد كثير احسانه بزلة كانت منه فقالا فينبغي أن تحترس منه فانا لا نأمنه عليك فقال كلا اني لآمنه في ليلي ونهاري وسري وجهري ووحدتي وجماعتي فلما بلغ ذلك أبا مسلم أكبره وأعظمه وخاف من أبي سلمة أن يقصده بالمكروه فوجه جماعة من ثقات أصحابه لقتل أبي سلمة وكان أبو العباس يأنس بأبي سلمة ويسمر عنده وكان أبو سلمة فكها ممتعا أديبا عالما بالسياسة والتدبير فانصرف ليلة من عند السفاح من مدينته بالأنبار وليس معه أحد فوثب عليه أصحاب أبي مسلم فقتلوه فلما اتصل خبره بالسفاح أنشأ يقول:
وكان يدعى وزير آل محمد فلما قتل غيلة قال في ذلك الشاعر من أبيات:
وينبغي أن يكون الشطر الأول: أن المسرة قد تسوء وربما ولا يبعد أن يكون الصواب هو الرواية الأولى ويؤيده البيت الذي أنشده السفاح لما بلغه قتله ثم أن في الرواية الأولى انه قتل بالهاشمية وفي الثانية في الأنبار. ثم أن أبا مسلم وجه محمد بن الأشعث على فارس وأمره بقتل عمال أبي سلمة ففعل ثم أن المنصور قتل أبا مسلم وهكذا تكون عاقبة الظلمة واتباعهم.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 201

الوزير الخلال حفص بن سليمان أبو سلمة الكوفي المعروف بالخلال- بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام وبعد الألف لام أخرى - مولى السبيع من همدان. كان من دعاة بني العباس، وكان يعرف بوزير آل محمد. وهو أول من وقع عليه اسم الوزير في الإسلام. قدم الحميمة من أرض الشراة، وأشخصه منها إبراهيم الإمام بالكتب إلى النقباء بخراسان. قال أحمد بن سيار في أسماء النقباء الإثني عشر: كلهم من مرو، سبعة من العرب وخمسة من الموالي فلما قبض على إبراهيم، ظهر من أبي سلمة الميل إلى أبي علي، فدس عليه أبو مسلم الخراساني من قتله سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين ومائة. فقال سليمان بن المهاجر البجلي:

وكان السفاح يأنس به لأنه كان ذا مفاكهة حسنة، ممتعا في حديثه، أديبا عالما بالسياسة والتدبير، وكان ذا يسار. وأنفق أموالا كثيرة في إقامة الدولة العباسية. ولما ولي السفاح، استوزره. وكان السفاح لما أشار عليه أبو مسلم بقتله قال: هذا الرجل بذل ماله في خدمتنا ونصحنا، وقد صدرت منه زلة، فنحن نغفرها له. فلما سمع أبو مسلم ذلك، سير جماعة كمنوا له ليلا، فلما خرج من عند السفاح ليلا، وكان يسمر عنده ليلا بالأنبار، وثبوا عليه وخبطوه بالسيوف. وأصبح الناس يقولون: قتله الخوارج. وكانت قتلته بعد بيعة السفاح بأربعة أشهر سنة اثنتين وثلاثين ومائة. ولما سمع السفاح بقتله أنشد:
ولم يكن خلالا، وإنما كان منزله في حارة الخلالين. وكان من مياسير الصيارف

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0

الخلال الوزير حفص بن سليمان.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0

الخلال الوزير القائم بأعباء الدولة السفاحية، أبو سلمة حفص بن سليمان الهمداني مولاهم، الكوفي رجل شهم، سائس شجاع، متمول، ذو مفاكهة، وأدب، وخبرة بالأمور وكان صيرفيا أنفق أموالا كثيرة في إقامة الدولة، وذهب إلى خراسان.
وكان أبو مسلم تابعا له في الدعوة، ثم توهم منه ميل إلى آل علي عندما قتل مروان إبراهيم الإمام، فلما قام السفاح، وزر له وفي النفس شيء، ثم كتب أبو مسلم إلى السفاح يحسن له قتله، فأبى، وقال: رجل قد بذل نفسه وماله لنا. فدس عليه أبو مسلم من سافر إليه وقتله غيلة ليلا بالأنبار فإنه خرج من السمر من عند الخليفة فشد عليه جماعة فقتلوه وذلك بعد قيام السفاح بأربعة أشهر سنة اثنتين وثلاثين ومائة في رجبها.
وتحدث العوام أن الخوارج قتلوه. وكان -سامحه الله- يقال له: وزير آل محمد وكان ينزل درب الخلالين، فعرف بذلك وفيه قيل:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 6- ص: 190