الحسين بن مطير الحسين بن مطير بن مكمل الأسدي، مولاهم: شاعر متقدم في القصيد والرجز، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. له أماديح في رجالهما. وكان زيه وكلامه كزي أهل البادية وكلامهم. وفد على معن بن زائدة لما ولي اليمن، فمدحه. ولما مات معن رثاه
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 260
الأسدي الحسين بن مطير -تصغير مطر- الأسدي. من فحول الشعراء. مدح الدولتين، وله مدائح في المهدي. وتوفي في حدود السبعين ومائة. قال صاحب الأغاني: هو مولى بني سعد بن مالك من بني أسد. وهو يذهب مذهب الأعراب. وكان من ساكني ربالة. وقال يمدح المهدي:
إليك أمير المؤمنين تعسفت | بي البيد هوجاء النجاء خبوب |
ولو لم يكن قدامها ما تقاذفت | جبال بها مغبرة وسهوب |
فتى هو من غير التخلق ماجد | ومن غير تأديب الرجال أديب |
علا خلقه خلق الرجال وخلقه | إذا ضاق أخلاق الرجال رحيب |
إذا شاهد القواد سار أمامهم | جرئ على ما يتقون وثوب |
وإن غاب عنهم شاهدتهم مهابة | بها تقهر الأعداء حين يغيب |
يعف ويستحيي إذا كان خاليا | كما عف واستحيى بحيث رقيب |
لو يعبد الناس يا مهدي أفضلهم | ما كان في الناس إلا أنت معبود |
أضحت يمينك من جود مصورة | لا بل يمينك منها صور الجود |
لو أن من نوره مثقال خردلة | في السود طرا إذا لابيضت السود |
ألما على معن وقولا لقبره | سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا |
أيا قبر معن أنت أول حفرة | من الأرض خطت للسماحة مضجعا |
ويا قبر معن كيف واريت جوده | وقد كان منه البر والبحر مترعا |
بلى قد وسعت الجود والجود ميت | ولو كان حيا ضقت حتى تصدعا |
فتى عيش في معروفه بعد موته | كما كان بعد السيل مجراه مرتعا |
أبى ذكر معن أن تموت فعاله | وإن كان قد لاقى حماما ومصرعا |
مستضحك بلوامع مستعبر | بمدامع لم تمرها الأقذاء |
فله بلا حزن ولا بمسرة | ضحك يراوح بينه وبكاء |
كثرت لكثرة ودقه أطباؤه | فإذا تحلب فاضت الأطباء |
وكأن بارقه حريق يلتقي | ريح عليه وعرفج آلاء |
لو كان من لجج السواحل ماؤه | لم يبق في لجج السواحل ماء |
فيا عجبا للناس يستشرفونني | كأن لم يروا بعدي محبا ولا قبلي |
يقولون لي: اصرم يرجع العقل كله | وصرم حبيب النفس أذهب للعقل |
ويا عجبا من حب من هو قاتلي | كأني أجزيه المودة من قتلي |
ومن بينات الحب إن كان أهلها | أحب إلى قلبي وعيني من أهلي |
وقد تعذر الدنيا فيضحي غنيها | فقيرا ويغنى بعد بؤس فقيرها |
فلا تقرب الأمر الحرام فإنما | حلاوته تفنى ويبقى مريرها |
وكم قد رأينا من تكدر عيشة | وأخرى صفا بعد اكدرار غديرها |
مخصرة الأوساط زانت عقودها | بأحسن مما زينتها عقودها |
وصفر تراقيها وحمر أكفها | وسود نواصيها وبيض خدودها |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0
الحسين بن مطير بن مكمل الأسدي مولى بني أسد بن خزيمة وكان جده مكمل عبدا فعتق وقيل كوتب. وابن مطير من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية فصيح متقدم في الرجز والقصيد، يعد من فحول المحدثين، يشبه كلامه كلام الاعراب وأهل البادية، وفد على الأمير معن بن زائدة الشيباني لما ولي اليمن، فلما دخل عليه أنشده:
أتيتك إذ لم يبق غيرك جابر | ولا واهب يعطي اللها والرغائبا |
قلدته عرى الأمور نزار | قبل أن يهلك السراة البحور |
أضحت يمينك من جود مصورة | لا بل يمينك منها صورة الجود |
من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقة | ومن بنانك يجري الماء في العود |
ألما على معن وقولا لقبره | سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا |
فيا قبر معن أنت أول حفرة | من الأرض خطت للمكارم مضجعا |
ويا قبر معن كيف واريت جوده | وقد كان منه البر والبحر مترعا |
بلى قد وسعت الجود والجود ميت | ولو كان حيا ضقت حتى تصدعا |
ولما مضى معن مضى الجود وانقضى | وأصبح عرنين المكارم أجدعا |
وما كان إلا الجود صورة وجهه | فعاش ربيعا ثم ولى وودعا |
وكنت لدار الجود يا معن عامرا | وقد أصبحت قفرا من الجود بلقعا |
فتى عيش في معروفه بعد موته | كما كان بعد السيل مجراه مرتعا |
تمنى أناس شأوه من ضلالهم | فأضحوا على الأذقان صرعى وظلعا |
تعز أبا العباس عنه ولا يكن | جزاؤك من معن بأن تتضعضعا |
أبى ذكر معن أن يميت فعاله | وان كان قد لاقى حماما ومصرعا |
فما مات من كنت ابنه لا ولا الذي | له مثل ما أبقى أبوك وما سعى |
بيضاء تسحب من قيام فرعها | وتغيب فيه وهو جعد أسحم |
فكانها منه نهار مشرق | وكأنه ليل عليها مظلم |
كثرت لكثرة قطره أطباؤه | فإذا تحلب فاضت الأطباء |
وله رباب هيدب لذفيفه | قبل التبعق ديمة وطفاء |
وكأن ريقه ولما يحتفل | ودق السماء عجاجة كدراء |
وكأن بارقه حريق تلتقي | ريح عليه وعرفج وألاء |
مستضحك بلوامع مستعبر | بمدامع لم تمرها الأقذاء |
فله بلا حزن ولا بمسرة | ضحك يؤلف بينه وبكاء |
حيران متبع صباه تقوده | وجنوبه كنف له ووعاء |
غدق ينتج في الأباطح فرقا | تلد السيول وما لها أسلاء |
غر محجلة دوالح ضمنت | حمل اللقاح وكلها عذراء |
سحم فهن إذا كظمن سواجم | سود وهن إذا ضحكن وضاء |
لو كان من لجج السواحل ماؤه | لم يبق في لجج السواحل ماء |
ألا حبذا البيت الذي أنت هاجره | وأنت بتلماح من الطرف ناظره |
لأنك من بيت لعيني معجب | وأملح في عيني من البيت عامره |
أصد حياء ان يلم بي الهوى | وفيك المنى لولا عدو أحاذره |
وفيك حبيب النفس لو تستطيعه | لمات الهوى والشوق حين تجاوره |
فإن آته لم أنج إلا بظنة | وإن يأته غيري تنط بي جرائره |
وكان حبيب النفس للقلب واترا | وكيف يحب القلب من هو واتره |
فإن يكن الأعداء أحموا كلامه | علينا فلن تحمى علينا مناظره |
أحبك يا سلمى على غير ريبة | ولا بأس في حب تعف سرائره |
ويا عاذلي لولا نفاسة حبها | عليك لما باليت أنك خابره |
بنفسي من لا بد أني هاجره | ومن أنا في الميسور والعسر ذاكره |
ومن قد لحاه الناس حتى اتقاهم | ببغضي إلا ما تجن ضمائره |
أحبك حبا لن أعنف بعده | محبا ولكني إذا ليم عاذره |
لقد مات قبلي أول الحب فانقضى | ولو مت أضحى الحب قد مات آخره |
كلامك يا سلمى وإن قل نافعي | فلا تحسبي أني وإن قل حاقره |
ألا لا أبالي أي حي تحملوا | إذا إثمد البرقاء لم يخل حاضره |
لقد كنت جلدا قبل أن توقد النوى | على كبدي نارا بطيئا خمودها |
ولو تركت نار الهوى لتصرمت | ولكن شوقا كل يوم وقودها |
وقد كنت أرجو أن تموت صبابتي | إذا قدمت أيامها وعهودها |
فقد جعلت في حبة القلب والحشا | عهاد الهوى تولى بشوق يعيدها |
بمرتجة الأرداف هيف خصورها | عذاب ثناياها عجاف قيودها |
وصفر تراقيها وحمر أكفها | وسود نواصيها وبيض خدودها |
مخصرة الأوساط زانت عقودها | بأحسن مما زينته عقودها |
يمنيننا حتى ترف قلوبنا | رفيف الخزامى بات طل يجودها |
وفيهن مقلاق الوشاح كأنها | مهاة بتربان طويل عقودها |
وكنت أذود العين أن ترد البكا | فقد وردت ما كنت عنه أذودها |
هل الله عاف عن ذنوب تسلفت | أم الله إن لم يعف عنها معيدها |
رأت رجلا أودى بوافر لحمه | طلاب المعالي واكتساب المكارم |
خفيف الحشا ضربا كأن ثيابه | على قاطع من جوهر الهند صارم |
فقلت لها لا تعجبن فإنني | أرى سمن الفتيان إحدى المشائم |
يضعفني حلمي وكثرة جهلهم | علي وأني لا أصول بجاهل |
دفعتكم عني وما دفع راحة | بشيء إذا لم تستعن بالأنامل |
ولي كبد مقروحة من يبيعني | بها كبدا ليست بذات قروح |
أباها علي الناس لا يشترونها | ومن يشتري ذا علة بصحيح |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 3- ص: 1157
الحسين بن مطير مولى بني أسد شاعر محسن بديع القول أدرك الدولتين الأموية، والعباسية، وبقي حتى مدح المهدي، وهو القائل فيه:
أضحت يمينك من جود مصورة | لا بل يمينك منها صورة الجود |
من حسن، وجهك تضحي الأرض مشرقة | ومن بنانك يجري الماء في العود |
ألما بمعن ثم قولا لقبره | سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا |
فيا قبر معن كيف، واريت جوده | وقد كان منه البر، والبحر مترعا |
ولكن حويت الجود، والجود ميت | ولو كان حيا ضقت حتى تصدعا |
وما كانإلا الجود صورة، وجهه | فعاش ربيعا ثم، ولى فودعا |
فلما مضى معن مضى الجود، والندى | وأصبح عرنين المكارم أجدعا |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 6- ص: 525