الشيخ قاسم ابن الشيخ حسن محيي الدين ولده ولد في 25 رمضان سنة 1314 وتوفي سنة 1376. نشا في النجف ودرس المقدمات من العربية وما إليها على الشيخ جواد محيي الدين وتلمذ فيالفقهوالأصولعلى الشيخ أحمد كاشف الغطاء والميرزا حسين النائيني والسيد أبي الحسن الاصبهاني والشيخ محمد الحسين الاصبهاني ومارس الشعر برهة من الزمن ثم انصرف عنه إلى خصوص العترة النبوية فمدحهم ورثاهم وأمعن في هذه الحلبة حتى لم يترك من أهل البيت أحدا لم يرثه ثم بالغ في التوسع في ذلك فتناول كثيرا من أنصار الحسين فخصهم بمدائح ومراثي وقد طبع له ديوان في خصوص هذا يقع في نحو خمسمائة صفحة تناول فيه ذكر الأئمة ومن لحق بهم أسماه الشعر المقبول طبع في النجف في جزءين وله كتاب وحي الشريف اتى فيه على حكم الرضي وأمثاله وتناول بحثه فيه خصائص الشريف الرضي من المتانة والجزالة وعدم الفضول إلى غير هذه من الظواهر التي اختص بها وله كتاب بداية المهتدي وهداية المبتدي وقد عمله فيالنحوعلى طريقة مختصرة جمعت بين سهولة الوضع مختصرة جمعت بين سهولة الوضع وسلاسة التعبير وله حاشية على طهارة الرياض -فيالفقه-و حاشية على كفايةالأصول للعلامة الآخوند الخراساني وله المصابيح النحوية في شرح الالفية في حل مشكلات الشيخ بدر الدين في شرحه وحاشية فيالمنطق، ورياض النادي ترجم فيه الشيخ عبد الحسين محيي الدين والشيخ وادي رئيس آل زبيد، وسيرة الأمناء في 500 صفحة وأماني الخليل في عروض الخليل وشقائق النادي في روائع الهادي ومجموعة حواش على الجامي والمغني والمعالم والقوانين وله كتاب فيالبديع وله ديوان في الغزل والنسيب والروض. وقال جعفر الخليلي فيما كتبه بعد وفاته:
له ديوان شعر كبير لا يزال مخطوطا وأغلب شعره مبدوء بالغزل من النوع المألوف في الأجيال الماضية ومختوم بمدح آل البيت أو بمراثيهم وأحسن ما خلف هو كتاب البيان في غريب القرآن وقد صدر منه الجزء اجزاء مخطوطة. الأول في سنة 1955 وظلت اربعة.
وكتاب البيان هو عبارة عن حصر الألفاظ الغريبة من القرآن الشريف وشرحها شرحا مبسطا سهلا في ارجوزة من الشعر السلس أذكر منها على سبيل المثال قوله:
وفسروا القتاء القثاء بالخيار | أو ما يضاهيه من الاثمار |
وقيل مطلق الحبوب (الفوم) | أو قمح أو خبز وقيل الثوم |
(باؤا) بمعنى انصرفوا أو رجعوا | و هي لغير الشر ليست نسمع |
(و الصابئين ) من هم قد خرجوا | عن دينهم وفي سواه ولجوا |
وكيفما كان فولى البرد | و جلس الاخوان واستعدوا |
حول خوان مد من قماش | قد زانه صحن طبيخ الماش |
وكاسة من لبن لذيذ | أشبه ما يكون بالنبيذ |
والدبس ما بينهما ينادي | إياكم ان تكفروا بالزاد |
لست أنا مذهب كلب جان | مذهب كلب كل من سماني |
فأكل الرفاق في شهية | و لطعوا الصحون والصينية |
طبعت على حسن الطبيعة | في عجائب من صور |
فالماء من شمس الضحى | بردا تصبب كالمطر |
بلد تخال سماءه | في أرضه عند النظر |
لله من ظبياته | في الحسن أزرت بالزهر |
بوركت يا جباع ذات الشجر | حياك منهل من الحيا المنهمر |
جباع جنات وصافي مائها | يمتد من سلسال عذب الكوثر |
وعينها من الصفيح سيبها | أم عذبات الشجر الصنوبري |
والعيزقان ضاع بين غردل | و القلب ضاع بينها بالسمر |
والكرم يزدان جمالا طافحا | قد شيب قاني وشيه بالعصفر |
والتين كالزيتون ان اقسم في | ابداعه خالقه فاجدر |
والزيت في الزيتون مثل صرخد | في اكؤس من الزجاج الأخضر |
وقدس الصبير فهو جنة | حفت به مكاره من أبر |
والمشمش الفاقع في اكمامه | مثل كرى التبر بكفي جؤذر |
ولو ترى اليقطين ممتدا بها | غبطت ذا النون بذاك المنظر |
واللوز قد بث حياة في الورى | كانت ملاكا لحياة الخضر |
البندورة التي شاهدتها | مثل قوارير الرحيق الأحمر |
والمندل الرطب بجنب مرجه | قد فاح في ارض زهت بالدرر |
جلله سفرجل أسفر عن | خد تجلى باريج العنبر |
جباع يا عروس لبنان فذا | النثار بعض درك المنتثر |
رأيت في (قبيها) جداولا | بطون حيات سرت في الجزر |
خمائل الرياض ما أبدعها | بين جباع في جمال المنظر |
في سدرها المخضود بل في طلحها | المنضود بل في طيبها المنتشر |
أما الضراح الأرفع الأعلى ففي | صافي العلى أعظم به وأكبر |
يقول راجي ربه ذي المنن | المذنب (القاسم نجل الحسن) |
لما نظرت لعلا أجدادي | و كلهم سلسة الرشاد |
قد أجهدوا الأقلام تأليفا وما | أكثر من قد أعقبوا من علما |
رأيت من واجب حقهم بان | أذكرهم في كل معروف ومن |
مترجما أفرادهم بالفضل | و ذاكرا أعلامهم بالعدل |
قد ترجمها حجج فطاحل | كالحر (و الأمين ) وهو الفاضل |
ذاك خضم العلم في دمشق | و مرشد الناس لدين الحق |
آثاره آيات وحي قد بدت | لها التصانيف جميعا سجدت |
أفضلها (المجالس السنية) | و كلها صحيحة مروية |
تضيء من (معادن الجواهر) | أنوارها في أفق المفاخر |
وقد نفى (بروضة الأريض) | (لواعج الأشجان) عن مريض |
فهو (جناح ناهض) في الحق | أشرق للحبر بنور الصدق |
يريك (بالتنزيه) خير حجه | تهدي الورى لواضح المحجة |
ودرة المنثور في الفرائد | على نحور الحور والخرائد |
(و كشف الارتياب ) كالبدر بدا | فيه لمن ضل عنه الرشد هدى |
(اقناع لائم) وناهيك به | من حجة تقنع كل نابه |
والعلم كل العلم (في الأعيان ) | معجزة العصور والأزمان |
(مفتاح جنات) إلى الدعاء | أقصر فهذا منتهى ثنائي |
ما زال فينا (محسنا أمينا) | و بالمعالي والهدى قمينا |
ترجم آبائي بما فاق السلف | فكان خير (محسن) بما وصف |
أثبتهم في سفره الجليل | من كل حبر نابه جليل |
نقب عن (أعيان شيعة) الهدى | من كل خريت وحبر يقتدى |
أبدع في تضلع التحرير | أعظم به من باحث تحرير |
وعيره كصاحب البحار | و كتب التاريخ في الأعصار |
قد عرفنا المهابة العلوية | مذ سبرنا المواقف الأحديه |
بطل الحرب في مواقف | مبيد القروم بالمشرفية |
عجز الفكر عن حقيقة ذاك | الحد فيه وجوهر الماهية |
هو نبراس أحمد في جلال | ما أحيلا جلاله والهويه |
وملاك الناسوت منه وهيولاه | نور الحظائر القدسية |
ولو أني قطعت من حرم | الوصل ففصلي مساوق للمنيه |
وكان الصفيح فوقي يزجى | زجل الصور بكرة وعشيه |
وكان الشهاب يشرع رمحا | من شعاع أو صعدة فضيه |
أو كاني بأرض (لبنان) مهزوما | غزتني قوارض الغازية |
وهي تكتظ في براغيث جاشت | بحدود الوشائج اللهذمية |
ضقت ذرعا حين انتهيت | لحاروف مروعا وواجم النفسيه |
فتولت حاروف جسمي فاضنت | بعقص يصول في مقضبيه |
فخراطيمه سهام وقد سددن | نحوي فصرت منها رميه |
لا رشا لي كيما أمر (بجبشيث) | فأدلى الذنوب في الزينيه |
كيف أرمي في البئر نفسي فاغدو | واطئ الرأي صحتي سلبيه |
لم أجد من يجيرني غير قوم | أنجبتهم فطاحل (النبطيه) |
هم هداة أئمة علماء | قادة في المعارف الدينية |
أنا إن عن لي تذكر مبسوط | بسطت الثناء في العامليه |
أو تصورت يا لطيف تعجبت | لهجر القواعد النحويه |
أو تعطرت في أبي الحسن الزاكي | زكت لي اللحوم في الأكل نية |
قد حباني الزيتون وهو ادام | ظنه كالحلاوة السكرية |
فتذوقته فكدت من الصاب | أقيء الأحشاء في الصينية |
سيد جاءنا ببدي وهيك | فسمعنا رطانة أعجميه |
وكمان وطرطش لا واعيك | يعدونها من العربية |
رب رحماك من تراكيب عرب | بالغوا في فجاجة هنديه |
ذا لهم يقلبونها الزاي في النطق | كأنهم فوارس الفارسية |
رب رحماك من مصاليت قد شنوا | على اللفظ غارة حربيه |
فهجوا منه كل حرف هجاء | و نفوا لفظه عن السنخيه |
قلبوا السنخ من حروف الهجاء | فالقاف همز وطاؤهم تائيه |
لست أنسى أبا سليمان إذ جاء | يقود الأعشى إلى الحنفية |
ثم ناداه باحتدام أو اما | لا تطرطش منك (الأواعي) النقية |
فحسبت السماء ترسل صوت | الرعد فوقي بلهجة وحشيه |
هاك مني قصيدة زينيه | ملئت حكمة وحسن رويه |
تنظم الدر في مديح امام | صاغه الله رحمة للبريه |
علم العلم والبلاغات تعزى | لمثاني آياته القدسية |
من يباري أبا الأئمة فضلا | و هو فصل القضا بكل قضيه |
إن من خصه المهيمن بالمدح | في آي ذكره العلوية |
لغني عن أن تصوغ به المدح | درا خواطر النبطيه |
جئت (يا قاسم ) بغر معان | أفرغت بالقوالب العسجدية |
وتلطفت في نظامك لكن | لم تصنه عن خطه العنجهية |
مذ عرفناك منصفا فلما ذا | لم تراع ما تقتضيه السجية |
إن تقايس بيتي ببيتك قست الليل | في طلعة الصباح المضيه |
إن بيتي روض تحف به الأزهار | ذات الروائح العطريه |
فيه ريا الورود فاح ولكن | فاقد الشم لا يراها زكيه |
لك بيت تعافه النفس لو لا | أنه فيك موطن الأريحيه |
فيه عتم المجاز عتم العلالي | عتم سردابه كعتم العشية |
ظلمات تتابعت في مضيق | فيه للعنكبوت أو هي بنية |
بنت وردان والخنافس فيه | سارحات نغصن كل هنيه |
والجراذين والعقارب تجري | فيه جري السوابق الأعوجية |
ولكم بينها طنين ذباب | كرنين اللهام في دوية |
أنت جسم الكمال روح المعاني | و سجاياك كالزهور الشذيه |
عجبا كيف يرتضيها سميرا | لك طبع قد رق كالصرخديه |
إن بيتا يزينه حوض ماء | فيه يجري سبائكا فضيه |
هو بيت يخاله من رآه | جنة الخلد لا كبيتك جيه |
سال سلسال مائة كعطايا | حاتمي النوال جم العطية |
عبت (هيكي) ومثل (هيكي كمانا) | مثل (بدي) ألفاظنا العامليه |
عبت (طرطش) وأنت (هتشي) | و (دبشي) مثل (طرطش) سماجة لغويه |
كل قطر تراه يخلق لفظا | قد تعدى المناهج العربية |
كيف تنسى (منجاسة) فوق (قاب) | فوق (رازونة) بصدر البنية |
إن ألفاظكم (كعتوي) و(شنهو) | مثل (أشلون كيفكم) همجيه |
(لغة تنفر المسامع منها) | و كذاك الطبائع البشرية |
عفت زيتوننا وأكل طعام | هو أشهى الطعوم (كبة نية) |
إن من يجعل الجراد طعاما | كيف يقلي اللحوم وهي شهيه |
أ نسيت الكروش وهي وعاء | ملؤه الفرث أكلة وحشيه |
(لست أدري ولا المنجم يدري) | (شنهي) هذي المآكل البدوية |
قد دعوناك مرة لغداء | في مكان رحابة عاديه |
يجمع الماء والصفا وهواء | طاب مثل الخلائق النجفية |
ورجالا تفوقوا بعلوم | و عقول وفطنة ورويه |
إن تكن مفلسا فزرني تجدني | مثل سيل الغمام كفي نديه |
أصدق الوعد والوفاء زعيمي | بغداء على المياه النقية |
وأمد السماط فوق سواق | لمياه المآذن اليوسفية |
وأصب الطعام وسط جفان | هي في الشكل هالة قمريه |
كل لون من الطعام بصحن | و عداد الصحون ألف وميه |
قد تهيأ غداؤكم فتهيأ | نحو داري بسرعة البرقية |
أجهد النفس أن تكون بزي | مثل زي المشايخ الصوفية |
وتمايل على العصا لا تنفخج | و تعارج شوية فشويه |
وتفضل إلى السماط بشكل | مثل وصفي وهذه الكيفية |
ارفع الكم للسواعد وانزع | عمة الرأس والبس الطاقية |
دلع الصدر للهواء وكنفش | و تنحنح وارم العبا في (الزويه) |
واترك الأكل بالمعالق وانسف | بلطاف اليدين عشرا سويه |
واضرب الكف (بالمشاقيب) وأنشد | شنهو هذا وشنهو هذي القضية |
إن رزا مطبقا (بزرشك) | و دجاج لاكلة عجميه |
فاملأ (ألقاب بالجراد) وكله | و كل الكرش واترك الكبة نية |
واشرب الماء (بالمناجيس) واحذر | لا (تطرطش) زيناتك القطنية |
إن تزرني أطعمك كل لذيذ | من قواز وكبة محشيه |
ويخان وبصمة بلساء | و لذيذ صفيحة مقليه |
انحر البدن أذبح الكبش آتي | من خوابي زيتوننا بشويه |
مرمر الحلق فالمرارة منه | بعد زاد حلاوة ذاتيه |
أن ترد (قيمرا) فعندي (هوش) | مثل هوش المعدان كراديه |
أنت (ملا) وأنت شيخ كبير | من شيوخ المشخاب والهندية |
أنت سبط النوال مهما أقدم | من طعام أعده (ثمنيه) |
كل هنيئا بسرعة ثم غسل | بعد أكل الطعام كالعربيه |
اضرب الكف بالتراب وفر فك | ثم مسح يديك بالخاشيه |
ثم مسد ببلة الماء وجها | و بباقيه أن ترده فلحيه |
وتصدر في مجلس الشاي وافرح | فقليل المزاح أحلى سجية |
لا تغمج بمزحة مع صديق | رب مزح يجر كل بليه |
واشرب الشاي (بالكلاص) ودعني | بالفناجين احتسي (العدنيه) |
هي روح وروحة لفؤادي | لست اختار عندها العندميه |
قد تحديت ماجدا لم يرعه | وقع بيض السيوف والسمهريه |
قلت شعرا وقلت شعرا فميز | أي شعر أحق بالأوليه |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 435