التصنيفات

فضولي البغدادي اسمه محمد بن سليمان وقد اشتهر بلقبه فذكرناه في حرف الفاء.
أصله
قال صادقي وكان معاصرا لفضولي، ود أدرك الثلث الآخر من عمره: أنه من عشيرة بيات وهي بطن من أغز، قبيلة من الترك، وهم التركمانية. ونسبه صاحب نمونه أدبيات وهوارت إلى الكرد. وخصصهم كريمسكي بكرد آذبيجان.
أما بيات فقد استوطن العراق قديما وسكنت ناحية قرب واسط. ولها ذيول في إيران، وتوران، والهند، وتركية. وألهم جميعا من تركستان. وينتسب إلى بيات اليوم طائفة كبيرة في العراق، يقيم فرع بكركوك، وبيوتات ببغداد.
مولده
ولد فضولي بالعراق كما حكى في مقدمة ديوانه وقد اختلفت أقاويل المؤرخين في مولده. فقال بعضهم: أنه ولد بكربلاء وقال آخرون:ولد ببغداد وربما كان مسقط رأسه بلدة الحلة فقد كان والده مفتيا بها. مهما يكن من خلاف، فقد استوطن فضولي وشب ابنه فضلي فيها.
أما ميلاده فقد اختلفوا في الوقت الذي ولد فيه، اختلافهم في موضع ولادته. وربما كان مولده في العشر الأخير من القرن التاسع الهجري، فقد رح في أمدوحة قالها وهو في حلال السن بأنه مدح أمير المؤمنين عليه السلام خمسين سنة. ولا بد أنه ابتدأ بقرض الشعر وهو يافع بلغ الحلم أو تجاوزه قليلا. ثم لا ريب في حياته برهة من الزمان بعد تلك الأمدوحة.
وقد أقام برهة في بغداد فنسب إليها وعر بالبغدادي، ونظم الشعر بالعربية والفارسية والتركية وقد احتفى الروس أخيرا بذكراه في مهرجان أقاموه في باكو عام 1378لأن قبيلته (بيات) تنتمي في الأصل إلى آذربيجان أو تركستان.
ثقافته وأدبه
صرح في مقدمة ديوانه بأنه: ’’اكتسب الفنون العقيلة والنقلية، واقتبس الفوائد الحكمية والهندسية، وتتبع الأحاديث والتفاسير. . ’’ وكان رائد فكره يسيح دائما في حدائق المؤلفات فجمع أسباب اختراع أفانين القريض، وسخرت له ممالك فنون النظم، وانتهت إليه رياسة أقاليم الكلام، وقد درس الفارسية، وتعمق في آدابها، وألم بمنظومها، وتوسع في منثورها، واطلع على غررها، فجارى سعدي، وقلد حافظ. ونظم (أنس القلب) اقتداء الخاقاني، وخسرو الدهلوي، والجامي، وأخذ في أساليب منظومة الدهلوي، واحتذى مثال (جلاء الروح). وقد أثني عليه النفاد والأدباء، وأطروه، فقال معاصره عهدي البغدادي: ’’مولانا فضولي، كامل بكمال المعرفة، فاضل بفنون الفضائل، رقيق الطبع، حلو الصحبة من أهل الحكمة في علم الحياة والأبدان، ومن خدام شيوخ الطريقة. لا ند له في بلاغته في اللغات الثلاث. قادر على صنوف الشعر وطراز المعميات، ماهر في العروض. وأسلوب إنشائه السلس يضاهي أستاذ العالم (خواجه جهان)، وقصائده الفصيحة تضارع الخواجه سليمان. وفي النحو المثنوي، نرى مجنون ليلاه كالدر المكنون وله رسائل تركية وفارسية عديدة. ترجم روضة الشهداء لمولى حسين الواعظي، وسماها (حديقة السعداء) تشهد أنه مبدع في أسلوبه، وبرهان ساطع في اختراع معانيه، وحدث عن السبك ولا حرج في صوغ كلماته فهي أشبه بحلة ذهبية اكتستها المعاني. وأشعاره في العربية ذائعة بين فصائحها. وأقواله مذكورة بين الترك والمغول، وديوانه الفارسي مقبول لدى أبناء الفرس، وأشعاره التركية مقبولة لدى ظرفاء الروم. وقال سام ميرزا: مولانا فضولي من دار السلام بغداد، ولم يخرج فيها شاعر خيرا منه. وهو يقول الشعر باللسانين - أي التركية والعربية. وقال صادقي: وهو نسيج وحده في الكلام الفارسي والعربي والتركي. وقال أمين أحمد رازي: فاق لداته بالفضل والعلم، وسبق أقرانه في الفهم والذكاء. وهو في قرض الشعر باللسانين علم حاز قصب السبق، وتجاوز الحد. وقال نصر آبادي: كان ذا يد باسطة في النظم والنثر ولقبه نظمي راده (أفصح الشعراء). والحق أنه أمير البيان التركي وحامل لواء نظمه ونثره والترك يسمونه (رئيس الشعراء) ويعدونه (أستاذ الكل) وقد لقبه الأديب التركي المشهور عبد الحق حامد الشاعر الأعظم وشيخ الشعراء وأعظم شعراء الشرق.
آثاره
1 - أنيس القلب: منظومة شينية بالفارسية، عدتها 134 بيتا. طبعت باستانبول سنة 1944.
2 - بنك وباده -بالتركية: في 400 بيت طبعت في كليات ديوانه ومنها نسخ منفردة في خزانة مدرسة سبهسالار ومجلس الشورى الوطني بطهران، والمتحف البريطاني.
3 - ترجمة أربعين حديثا بالتركية: منها نسخة في خزانة السيد محمد المشكوه بطهران.
4 - حديقة السعداء بالتركية: ترجمة كتاب (روضة الشهداء المشهور بالفارسية) تأليف مولانا كمال الدين حسين الواعظ الكاشفي السبزواري نزيل هرات المتوفى في حدود سنة 910 مع زيادة استفادها من كتاب (الملهوف) للسيد رضي الدين بن طاووس، و(المقتل) لأبي مخنف. طبع ببولاق سنة 1271، واستانبول ومنه نسخيه بالمشهد، تاريخ إحداهما سنة 1005، والأخرى 1008 وقطعة في خزانة بيت الطريحي بالنجف ونسخة في خزانة عباس العزاوي المحامي ببغداد مكتوبة سنة 999 والخزانة المرادية ومكتبة الأوقاف ببغداد (رقمها 4882) بخط محمد ابن ملايار سنة 1084.
5 - حسن وعشق بالفارسية: منه نسخة في خزانة مدرسة سبهسالار بطهران، ونسخة في كمبرج، والمتحف البريطاني، ومكتبة المتحف العراقي (رقمها 1559)، وخزانة عباس العزاوي المحامي ببغداد، وفي خزائن الموصل أربع نسخ أيضا. نسخة مؤرخة بسنة 1093 في خزانة المحمدية بجامع الزيواني، وأخرى في خزانة مدرسة جامع الباشا واثنتان في خزانة مدرسة يحيى باشا، ونسخة في خزانة محمد علي البلاغي بالنجف. وطبع في بولاق سنة 1254، وتبريز سنة 1266، واستانبول سنة 1291 ومطبعة اختر سنة 1308، ومطبعة خورشيد سنة 1315، واستانبول سنة 1342.
7 - ديوان فضولي بالفارسية: ومنه نسختان في المتحف البريطاني. ويوجد في خزانة مدرسة يحيى باشا بالموصل وخزانة المرادية، وخزانة عباس العزاوي المحامي ببغداد.
8 - ديوان فضولي بالعربية: وهو مجموعة قصائده وغزله. ومنه نسخة في لنين غراد قوامها 465 بيتا. وفي كليات ديوانه التركي المطبوعة من الشعر العربي، رباعيات و5 نتق، و24 بيتا، و18 نصفا من مطالع القصائد وأثنائها على سبيل التلميع نهج سعدي، وحافظ.
9 - رسائل فضولي بالتركية: نشرها الدكتور عبد القادر قره خان موسومة ب(فضولي مكتو بلرى) في استانبول سنة 1948.
10 - رند وزاهد بالفارسية في 850 بيتا في دار الكتب الرضوية بالمشهد، وخزانة كمبرج، ونسختان في خزانة مجلس الشورى الوطني بطهران، واثنتان كذلك في المتحف البريطاني. وقد نقلها إلى التركية مصطفى سالم الأسكداري 1215.
11 - ساقي نامه بالتركية: في 300 بيت طبعت في كليات ديوانه.
12 - ساقي نامه بالفارسية في 400 بيت طبعت في ديوانه ينة 1270.
13 - شاه وكدا.
14 - شكايتنامه. طبعت في كليات ديوانه.
15 - صحت ومرض بالفارسية: ومنه نسخة في مكتبة الأوقاف ببغداد رقمها 4366 - الرسالة الثانية، والمتحف البريطاني وجامعة كمبرج، وخزانة السيد حسن الصدر ودار الكتب الرضوية بالمشهد، وثلاث نسخ في خزانة مجلس الشورى الوطني بطهران ونقلت إلى التركية.
16 - ليلى ومجنون بالتركية: منظومة في 3400 مزدوج منها نسخة في خزانة في خزانة صدر التفرشي بطهران، واثنتان في المتحف البريطاني، وطبعت مفردة في استانبول سنة 1264 وتبريز بالحجر، سنة 1274 وعلى هامش ديوانه التركي، في طاشقند سنة 1309 وفي كليان الديوان.
17 - مطلع الاعتقاد في علم الكلام، وفق مذهب الحكماء، والإمامية.
18 - معميات.
شهرته في إيران
سار شعر فضولي في إيران في حياته وحفظه أهل الأدب، ونقد الكلام وقدروه حق قدره. فقد ذكره معاصره سام ميرزا ابن الشاه إسماعيل الصفوي، المتوفى سنة 969، وروى نتفة من شعره في كتابه (تحفه سامي) الذي ألفه في حياة الشاعر سنة 957. وأمين أحمد رازي في (هفت أقليم) الذي أتمه سنة 1002 وكان في دار كتب الشاه عباس الصفوي نسخة من ديوان فضولي بخطه، طالعها خازنه صادقي كتابدار الذي أدرك أخريات عمر الشاعر، وترجمه في (مجمع الخواص) الذي أكمله سنة 1016، وذكر بعض أبياته البهاء العاملي المتوفى سنة 1031، في (الكشكول)، وهو البيت التركي الوحيد في مجموعة البهائي. وذكره ميرزا محمد طاهر نصر آبادي، المتوفى سنة 1100 في تذكرته التي ألفها برسم صفي الدين ميرزا المعروف بالشاه سلمان الصفوي، سنة 1083. وحاج لطفي بيك آذر بيكدلي، المتوفى سنة1195 في آتشكده. واستشهد بشعره بعض المعجمات، ومنهم صاحب معجم (فرهنك بشير خاني) فقد عده من طبقة أشياخ الشعر الفارسي، كالفردوسي وأسدي، وخاقاني، وسعدي، وحافظ وجامي، وقاسم أنوار، ونظام الأستر آبادي. وترجمه أخيرا محمد علي تربيت المتوفي سنة 1385 في (دانشمندان آذربايجان) ومحمد علي التبريزي مدرس، المتوفي سنة 1373 في (ريحانة الأدب) وانتخب طرائف من شعره جماعة من المعاصرين، منهم جهانباني، وبزمان.
عناية الترك به
وعني الترك به قديما وحديثا، فهو شاعر الآذرية العظيم وإمام الأدب التركي الأكبر في كل العصور. وقد تداولت الأيدي ديوانه في زمانه وما زال الأدباء الأتراك، يذكرونه ويتمثلون بشعره، ويروون قصائده، ويحذون حذوه، ويقلدون أسلوبه، ويتأثرون بألفاظه، ويقتبسون معانيه. فقد قفا آثاره ملا قوسي التريزي وانتخب المولى ع الحي ابن فيض الله الرومي، الملقب فائضي، المدعو قاف زاده، المتوفى سنة 1031 - 21 بيتا من منظومة فضولي المشهورة (ليلى ومجنون) في كتابه (زبدة الأشعار)، وأورد 82 بيتا من ديوان شعره وسدس بعض أبياته وذكره حاجي خليفه المتوفى1067، في (كشف الظنون). وكان الشيخ غالب المتوفى سنة 1213 يكبره معجبا به. وتكاد لا تخلو مجموعة أدبية من أشعار فضولي وقد زادت عناية الترك به أخيرا، فصنفوا الرسائل في سيرته وأخرجوا آثاره، وأوسعوه تبحرا وتعمقا ودراسة. وكتب الأدب حافلة بترجمته وتقريضه ونقد أدبه.
صيته في العراق
أما في العراق، مغرس فضولي، ومنبت آدابه، فقد أولاه الأدباء العراقيون قديما، ما هو جدير به من عناية إذ ترجمة عهدي البغدادي سنة 1002وكان معاصرا له في تذكرته التي ألفها حوالي سنة 0971وجارى نظمي المتوفي سنة 1074منظمومته (ليلى ومجنون) في منظومة (ناز ونياز).
وذكره نظمي زاده، المتوفي سنة 1136في كلشن خلفا المثل به في بلوغ الغاية العليا والنهاية القصوى في البلاغة عبد الباقي العمري، المتوفي سنة 1278في تقريض ديوان عوني بك أفندي بن أبو بكر باشا المورلاوي، قال:

وما زال ديوانه ذائعا في العراق ولا سيما كركوك والكاكائية خاصة وهم يحفظونه ويروونه ويتمثلون قصائده. وقد حذا حذوه جماعة من الشعراء، منهم هجري دده، ومحيي الدين قابل، وصافي أفندي. وملا تقي، والشيخ رضا طالباني ولاحظته عناية رهط من الأدباء حديثا، منهم محمود صبحي الدفتري، ويعقوب سركيس، وعباس العزاوي، وعزيز سامي.
وفاته
عزم فضولي في جلال السن على الاعتزال والزهادة، فاعتكف في كربلاء التي سماها ’’إكسير المالك’’ - وقبع في كسر بيت جوار قبر جوار قبر الحسين عليه السلام لا شغل له بغير العبادة. ويقال أنه قلد في شيخوخته تنوير المشهد الحسيني، وفوض إليه أسراج مصابيحه وقد لاقى حمامه في كربلاء بطاعون سنة 963 كما حكى معاصره عهدي البغدادي.
ودفن فضولي فيها في مقبرة الدده، عند تكية البكتاشية على جنوبي صحن الروضة صحن الروضة الحسينية تجاه باب القبلة.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 413