الرئيس ابن سينا الحسين بن عبد الله بن سينا، أبو علي، شرف الملك: الفيلسوف الرئيس، صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات الإلهيات. أصله من بلخ، ومولده في إحدى قرى بخارى. نشأ وتعلم في بخارى، وطاف البلاد، وناظر العلماء، واتسعت شهرته، وتقلد الوزارة في همذان، وثار عليه عسكرها ونهبوا بيته، فتوارى. ثم صار إلى أصفهان، وصنفه بها أكثر كتبه. وعاد في أواخر أيامه إلى همذان، فمرض في الطريق، ومات بها. قال ابن قيم الجوزية: (وكان ابن سينا - كما اخبر عن نفسه - هو وابوه، من أهل دعوة الحاكم، من القرامطة الباطنيين). وقال ابن تيمية (تكلم ابن سينا في أشياء من الإلهيات، والنبويات، والمعاد، والشرائع، لم يتكلم بها سلفه، ولا وصلت إليها عقولهم، ولا بلغتها علومهم؛ فأنه استفادها من المسلمين، وإن كان إنما يأخذ عن الملاحدة المنتسين إلى الأسلام كالأسماعيلية؛ وكان أهل بيته من أهل دعوتهم من اتباع الحاكم العبيدي الذي كان هو وأهل بيته معروفين عند المسلمين بالألحاد) صنف نحو مئة كتاب، بين مطول ومختصر، ونظم الشعر الفلسفي الجيد، ودرس اللغة مدة طويلة حتى بارى كبار المنشئين. أشهر كتبه (القانون - ط) كبير في الطب، يسميه علماء الفرنج (Canonmedicina) بقي معولا عليه في علم الطب وعلمه، وستة قرون، وترجمه الفرنج إلى، وكانوا يتعلمونه في مدارسهم، وطبعوه بالعربية في رومة وهم يسمون ابن سينا Avicenne وله عندهم مكانة رفيعة. ومن تصانيفه (المعاد - خ) رسالة في الحكمة، و (الشفاء - ط) في الحكمة، أربعة أجزاء، والسياسة و (أسرار الحكمة المشرقية - ط) ثلاث مجلدات، وأرجوزة في (المنطق - ط) ورسالة (حي بن يقظان - ط) وهي غير رسالة ابن الطفيل المسماة بهذا الأسم، و (أسباب حدوث الحروف - ط) رسالة، و (الأشارات - ط) و (الطير في الفلسفة، و (أسرار الصلاة - ط) في ماهية الصلاة وأحكامها الظاهرة وأسرارها الباطنية الخ، و (لسان العرب) عشر مجلدات في اللغة، و (الانصاف - خ) في الحكمة، والنبات والحيوان - خ) رسالة، ورسالة في (الهيئة - خ) و (اسباب الرعد والبرق - خ) رسالة، و (الدستور الطبي - خ) قطعة منه، و (اقسام العلوم - خ) رسالة و (الخطب - خ) رسالة، و (العشق - ط) رسالة في فلسفته. وأشهر شعره عينيته التي مطلعها: (هبطت إليك من المحل الأرفع) وقد شرحها كثيرون. ولجميل صليبا (ابن سينا - ط) ولجورج شحاتة قنواتي كتاب (مؤلفات ابن سينا - ط) المخطوط منها والمطبوع، ولعباس محمود العقاد (الشيخ الرئيس ابن سينا - ط) ولبولس مسعد (ابن سينا الفيلسوف - ط) ولحمود عزابة (ابن سينا الدين والفلسفة - ط)
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 241
الحسين بن عبد الله أبو علي ابن سينا الحسين بن عبد الله أبو علي، ابن سينا.
تفقه في المذهب على الإمام أبي بكر ابن الإمام أبي عبد الله الزاهد.
وأتقن الفنون، وصنف ما يقارب مائة مصنف. منها كتاب ’’الشفاء’’ وكتاب ’’النجاة’’ وكتاب ’’الإشارات’’ وكتاب ’’الغيض’’ وكتاب ’’القانون’’ و’’ميزان النظر’’ ورسالة حي بن يقظان ورسالة’’سلامان’’ ورسالة ’’الطير’’
ونظم في الفنون: الطب وغيره.
ولد سنة سبعين وثلاثمائة.
ويقال: تاب في مرض موته، وتصدق بما معه، ورد المظالم على من عرفه وأعتق مماليكه، وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة.
ومات بهمدان يوم الجمعة، في شهر رمضان، سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
دار القلم - دمشق-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 162
ابن سينا الحسين بن عبد الله.
دار القلم - دمشق-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 346
ابن سينا اسمه الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 266
الرئيس بن سينا الحسين بن عبد الله بن سينا البخاري، أبو علي، الشيخ الرئيس فيلسوف الإسلام.
قال أبو عبيد عبد الواحد الجوزجاني: ذكر الرئيس، قال: كان أبي رجلا من أهل بلخ، وانتقل إلى بخارى أيام نوح بن منصور، واشتغل بالتصوف، وأحضر لي معلم القرآن، ومعلم الأدب، وكملت العشر من العمر، وقد أتيت على القرآن، وعلى كثير من الأدب، فكان يقضى مني العجب. وكان أبي ممن أجاب داعي المصريين، ويعد من الإسماعيلية، وقد سمع منهم ذكر النفس والعقل، على الوجه الذي يقولونه، وكذلك أخي، وربما تذاكرا به وأنا أسمعهما، وأدرك ما يقولانه ولا تقبله نفسي، وابتدءوا يدعونني إليه. ثم جاء إلى بخارى أبو عبد الله الناتلي، وكان يدعي الفلسفة، فأنزله أبي دارنا رجاء تعليمي منه. وكنت قبل قدومه أشتغل بالفقه، والتردد فيه إلى إسماعيل الزاهد، وأبحث وأناظر فيه.
ثم ابتدأت بكتاب: إيساغوجي على الناتلي. ولما ذكر لي حد الجنس أنه هو المقول على كثيرين مختلفين بالحقائق في جواب ما هو، واخذته في تحقيق الحد بما لم يسمع مثله، وتعجب مني كل العجب، وحذر والدي من شغلي بغير العلم. وكان أي مسألة قالها لي، أتصورها خيرا منه حتى قرأت ظواهر المنطق عليه، وأما دقائقه فلم يكن عنده منها خبر. ثم أخذت أقرأ الكتب على نفسي، وأطالع الشروح حتى أحكمت المنطق، وكذلك كتاب أقليدس، فقرأت من أوله خمسة أشكال أو ستة عليه، ثم توليت من نفسي حل بقية الأشكال بأسره. ثم انتقلت إلى المجسطي، ولما فرغت من مقدماته، وانتهيت إلى الأشكال الهندسية، قال لي الناتلي: تول قراءتها وحلها بنفسك، ثم اعرضها علي لأبين لك صوابه من خطئه. وما كان الرجل يقوم بالكتاب. وأخذت أحل ذلك الكتاب، فكم من شكل ما عرفه إلا وقت ما عرضته عليه وفهمته إياه.
ثم فارقنا الناتلي، واشتغلت أنا بتحصيل العلم من الفصوص والشروح من الطبيعي والإلهي، فصارت أبواب العلم تنفتح علي.
ثم رغبت في علم الطب، وصرت أقرأ الكتب المصنفة فيه، وعلم الطب فليس من العلوم الصعبة، فلا جرم أني برزت فيه في أقل مدة، حتى بدأ فضلاء الطب يقرءون علي علم الطب، وتعهدت المرضى، فانفتح علي من أبواب المعالجات المقتبسة من التجربة ما لا يوصف، وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه وأناظر فيه، وأنا في هذا الوقت من أبناء ست عشرة سنة. ثم توفرت على العلم والقرآن سنة ونصفا، وأعدت قراءة المنطق وجميع أجزاء الفلسفة. وفي هذه المدة ما نمت ليلة واحدة بطولها، ولا اشتغلت في النهار بغيره، وجمعت بين يدي ظهورا، فكل حجة أنظر فيها، أثبت مقدمات قياسية، ورتبتها في تلك الظهور، ثم نظرت عساها تنتج، وراعيت شروط مقدماته، حتى تحقق لي حقيقة الحق في تلك المسألة. وكلما كنت أتحير في مسألة، ولم أكن أظفر بالحد الأوسط في قياس، ترددت إلى الجامع، وصليت، وابتهلت إلى مبدع الكل، حتى فتح لي المنغلق منه وتيسر المتعسر.
وكنت أشتغل بالنهار والليل، فمهما غلبني النوم، أو شعرت بضعف، عدلت إلى شرب قدح من الشراب، ريثما تعود إلي قوتي، ثم أرجع إلى القراءة، ومهما أخذني أدنى نوم، أحلم بتلك المسائل بأعيانها، حتى إن كثيرا من المسائل اتضح لي وجوهها في المنام، وكذلك حتى استحكم معي جميع العلوم، ووقفت عليها بحسب الإمكان الإنساني. ودل ما علمته ذلك الوقت فهو كما هو عليه؛ لم أزدد فيه إلى اليوم، حتى أحكمت علم المنطق والطبيعي والرياضي، ثم عدلت إلى الإلهي، وقرأت كتاب: ما بعد الطبيعة، فما كنت أفهم ما فيه، والتبس علي غرض واضعه، حتى أعدت قراءته أربعين مرة، وصار لي محفوظا، وأنا مع ذلك لا أفهمه، ولا أعلم ما المقصود به، وأيست من نفسي، وقلت: هذا لا سبيل إلى فهمه. وإذا أنا في يوم من الأيام، قد حضرت الوراقين وبيد دلال مجلد ينادي عليه، فعرضه علي، فرددته رد متبرم به، معتقد أن لا فائدة في هذا العلم، فقال لي: اشتر مني هذا فإنه رخيص فاشتريته بثلاثة دراهم، فإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب: ما بعد الطبيعة، فرجعت إلى بيتي وقرأته، فانفتح علي به في ذلك الوقت أغراض ذلك الكتاب، بسبب أنه قد كان لي على ظهر قلب، وفرحت بذلك، وتصدقت ثاني يوم بشيء كثير على الفقراء شكرا لله تعالى.
وكان سلطان بخارى في ذلك الوقت نوح بن منصور الساماني، فاتفق أن مرض مرضا تكع الأطباء فيه، وكان اسمي اشتهر بينهم بالتوفر على العلم والقراءة، فأجروا ذكري بين يديه، فأمر بإحضاري وشاركتهم في مداواته، وتوسمت بخدمته، فسألته يوما دخولي دار كتبهم، ومطالعتها وقراءة ما فيها من كتب الطب، فأذن لي، فدخلت دارا ذات بيوت، في كل بيت صناديق كتب منضدة، بعضها على البعض؛ في بيت: العربية والشعر، وفي آخر: الفقه، وكل بيت كتب علم مفرد.
فطالعت فهرست كتب الأوائل، وطلبت ما احتجت إليه، ورأيت هناك من الكتب ما لم يقع إلي اسمه، فقرأت تلك الكتب وظفرت بفوائدها. فلما بلغت ثمانية عشر من عمري فرغت من هذه العلوم، وكنت إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنه اليوم معي أنضج، وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي بعده شيء.
وكان في جواري رجل يقال له أبو الحسن العروضي، فسألني أن أصنف له كتابا جامعا في هذا العلم، فصنفته له وهو: كتاب المجموع، وسميته به، وأتيت فيه على سائر العلوم سوى الرياضي، ولي إذ ذاك إحدى وعشرون سنة.
وكان في جواري أيضا رجل يقال له أبو بكر الخوارزمي البرقي، فقيه النفس، متوجه في التفسير، فصنفت له كتاب: الحاصل والمحصول، في قريب من عشرين مجلدا، وصنفت له في الأخلاق كتاب: البر والإثم، وهذا الكتابان فلا يوجدان إلا عنده.
ثم مات والدي، وتصرفت في الأعمال، وتقلدت شيئا من أعمال السلطان، ودعتني الضرورة إلى الإخلال ببخارى، لما اضطربت أحوال الدولة السامانية، والانتقال إلى كركانج، وقدمت إلى الأمير بها؛ وهو علي بن المأمون، وكنت على زي الفقهاء بطيلسان وتحت الحنك. وتنقلت في البلاد إلى جرجان، وكان قصدي الأمير قابوس، فاتفق في أثناء هذا، أخذ قابوس وحبسه في بعض القلاع وموته، فمضيت إلى دهستان ومرضت، وعدت إلى جرجان، فاتصل بي أبو عبيد الجوزجاني، وأنشدت في حالي قصيدة فيها البيت القائل:
لما عظمت فليس مصر واسعي | لما غلا ثمني عدمت المشتري |
دخولي باليقين كما تراه | وكل الشك في أمر الخروج |
من أين أنت وهذا الشأن تذكره | أراك تقرع بابا عنك مسدودا |
أعوم في بحرك كيما أرى | له على طول المدى قعرا |
فلا أرى فيه سوى لجة | تسلمني منها إلى أخرى |
رأيت ابن سينا يعادي الرجال | وبالحبس مات أخس الممات |
فلم يشف ما نابه بالشفا | ولم ينج من موته بالنجاة |
أقام رجالا في معارفه ملكي | وأقعد قوما في غوايتهم هلكى |
نعوذ بك اللهم من شر فتنة | تطوق من حلت به عيشة ضنكا |
رجعنا إليك الآن فاقبل رجوعنا | وقلب قلوبا طال إعراضها عنكا |
فإن أنت لم تبرئ شكايا عقولنا | وتصرف عماياها إذا فلمن يشكى |
فقد آثرت نفسي رضاك وقطعت | عليك جفوني من جواهرها سلكا |
هبطت إليك من المحل الأرفع | ورقاء ذات تعزز وتمنع |
وصلت على كرة إليك وربما | كرهت فراقك فهي ذات تفجع |
محجوبة عن كل مقلة عارف | وهي التي سفرت ولم تتبرقع |
أنفت وما ألفت فلما واصلت | ألفت مجاورة الخراب البلقع |
وأظنها نسيت عهودا بالحمى | ومنازلا بفراقها لم تقنع |
حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها | من ميم مركزها بذات الأجرع |
علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت | بين المعلم والطلول الخضع |
تبكي وقد نسيت عهودا بالحمى | بمدامع تهمي ولما تقلع |
حتى إذا قرب المسير إلى الحمى | ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع |
وغدت تغرد فوق ذروة شاهق | والعلم يرفع كل من لم يرفع |
إن كان أهبطها الإله لحكمة | طويت عن الفطن اللبيب الأروع |
فهبوطها لا شك ضربة لازب | لتكون سامعة بما لم تسمع |
وتعود عالمة بكل خفية | في العالمين فخرقها لم يرقع |
فلأي شيء أهبطت من شاهق | سام إلى قعر الحضيض الأوضع |
إذ عاقها الشرك الكثيف فصدها | قفص عن الأوج الفسيح الأرفع |
فكأنها برق تألق بالحمى | ثم انطوى فكأنه لم يلمع |
لقد طفت في تلك المعاهد كلها | وسيرت طرفي بين تلك المعالم |
فلم أر إلا واضعا كف حائر | على ذقن أو قارعا سن نادم |
خير النفوس العارفات ذواتها | وحقيق كميات ماهياتها |
وبم الذي حلت ومم تكونت | أعضاء بنيتها على هيآتها |
نفس النبات ونفس حس ركبا | هلا كذاك سماته كسماتها |
يا للرجال لعظم رزء لم تزل | منه النفوس تخب في ظلماتها |
هذب النفس بالعلوم لترقى | وذر الكل فهي للكل بيت |
إنما النفس كالزجاجة والعلـ | ـم سراج وحكمة الله زيت |
شربنا على الصوت القديم قديمة | لكل قديم أول هي أول |
ولو لم تكن في حيز قلت إنها | هي العلة الأولى التي لا تعلل |
نزل اللاهوت في ناسوتها | كنزول الشمس في أبراج يوح |
قال فيها بعض من هام بها | مثل ما قال النصارى في المسيح |
هي والكأس وما مازجها | كأب متحد وابن وروح |
هات اسقني كأس الطلا كدم الطلى | يا صاحب الكأس الملا بين الملا |
خمرا تظل لها النصارى سجدا | ولها بنو عمران أخلصت الولا |
لو أنها قالت وقد مالت بهم | سكرا ألست بربكم قالوا بلى |
صبها في الكأس صرفا | غلبت ضوء السراج |
ظنها في الكأس نارا | فطفاها بالمزاج |
عطارد قد والله طال ترددي | مساء وصبحا كي أراك فأغنما |
وها أنت فامددني بما أدرك المنى | وأحوي العلوم الغامضات تكرما |
ووقني المحذور والشر كله | بأمر مليك خالق الأرض والسما |
احذر بني من القران العاشر | وانفر بنفسك قبل نفر النافر |
لا تشغلنك لذة تلهو بها | فالموت أولى بالظلوم الفاجر |
واسكن بلادا بالحجاز وقم بها | واصبر على جور الزمان الجائر |
لا تركنن إلى البلاد فإنها | سيعمها حد الحسام الباتر |
من فتية فطس الأنوف كأنهم | سيل طما أو كالجراد الناشر |
خزر العيون تراهم في ذلة | كم قد أبادوا من مليك قاهر |
ما قصدهم إلا الدماء كأنهم | ثأر لهم من كل ناه آمر |
وخراب ما شاد الورى حتى يرى | قفرا عمارتهم برغم العامر |
ويفر سفاك الدما منهم كما | فر الحمام من العقاب الكاسر |
فهو الخوارزمي يكسر جيشها | في نصف شهر من ربيع الآخر |
ويموت من كمد على ما ناله | من ملكه في لج بحر زاخر |
ويكون آخر عمره في آمد | يسري إليه وما له من سائر |
ويعود عظم جيوشه مرتدة | عنه إلى الخصم الألد الفاجر |
وديار بكر سوف يقتل بعضهم | بالسيف بين أصاغر وأكابر |
والويل ما تلقى النصارى منهم | بالذل بين أصاغر وأكابر |
والويل إن حلوا ديار ربيعة | ما بين دجلتها وبين الجازر |
ويخربون ديار بابل كلها | من شهر زور إلى بلاد السامري |
وخلاط ترجع بعد بهجة منظر | قفرا تداس على اختلاف الحافر |
هذا وتغلق إربل من دونهم | تسعا وتفتح في النهار العاشر |
ولربما ظهرت عساكر موصل | تبغي الأمان من الخؤون الكافر |
وترى إلى الثرثار نهبا واقعا | ودما تسيل وهتك ستر الساتر |
ولربما ظهرت عليهم فتية | من آل صعصعة كرام عشائر |
تلقاهم حلب بجيش لو سرى | في البحر أظلم كالعجاج الثائر |
وإذا مضى حد القران رأيتهم | يردون جلق وهي ذات عساكر |
يفنيهم الملك المظفر مثلما | فنيت ثمود في الزمان الغابر |
ويبيدهم نجل الإمام محمد | بحسامه الماضي الغرار الباتر |
ولربما أبقى الزمان عصابة | منهم فيهلكهم حسام الناصر |
في أرض كنعان تظل جسومهم | مرعى الذئاب وكل نسر طائر |
وكذا الخليفة جعفر سيظل في | أرض وليس لسبلها من خاطر |
وكذا العراق قصورها وربوعها | تلك النواحي بالمشيد العامر |
والروم تكسرهم وتكسر بعدهم | عاما وليس لكسرها من جابر |
تمحى خلافته وينسى ذكره | بين الورى من صنع رب قادر |
فترى الحصون الشامخات مهدة | لم يبق فيها ملجأ لمسافر |
وترى قراها والبلاد تبدلت | بعد الأنيس بكل وحش نافر |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 12- ص: 0
ابن سينا الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 16- ص: 0
الحسين بن عبد الله بن سينا أبو علي الفيلسوف: مات في سادس شعبان
سنة ثمان وعشرين وأربعمائة عن ثمان وخمسين سنة. حدث بخبره صاحبه أبو عبيد الجوزجاني عنه قال: كان أبي رجلا من أهل بلخ فانتقل إلى بخارى، وتولى عملا في أيام نوح بن منصور الساماني بقرية يقال لها خرميثن، وتزوج أبي من قرية تلاصقها يقال لها أفشنة، وبها ولدت. ثم انتقلنا إلى بخارى، وأحضرت معلم القرآن والأدب، فأكملت العشر وقد حفظت القرآن. وقدم علينا أبو عبد الله الناتلي، وكان يدعي معرفة علم الفلسفة، وقبل قدومه كنت أشتغل بالفقه، فقرأت عليه كتاب «إيساغوجي». فكان إذا مرت مسألة تصورتها خيرا منه حتى قرأت عليه ظواهر المنطق، ثم أخذت أقرأ الكتب على نفسي وأطالع الشروح حتى أحكمت علم المنطق وإقليدس، ثم انتقلت إلى المجسطي فقال لي الناتلي: تول حله بنفسك، ثم اعرضه علي لأبين لك صوابه من خطئه، فحللت الكتاب وعرضته عليه فكم من مشكل ما عرفه إلا وقت عرضي عليه، ثم رغبت في علم الطب، وصرت أقرأ الكتب المصنفة فيه، وعلم الطب ليس من العلوم الصعبة، فلا جرم أنني برزت فيه في أقل مدة حتى بدأ فضلاء الطب يقرأون علي، وتعهدت المرضى فانفتح لي من المعالجات المقتبسة من التجربة ما لا يوصف. هذا وأنا أختلف إلى الفقه وأناظر فيه وأحكمه. وكنت حينئذ من أبناء ست عشرة سنة، وما نمت في هذه المدة ليلة بطولها. وكان إذا أشكل علي شيء بت وأنا مهموم فأراه في المنام فيتضح لي في الأحلام حتى أحكمت علم المنطق والطبيعي والرياضي. ثم عدت إلى العلم الإلهي، وقرأت منه كتاب «ما بعد الطبيعة» فما كنت أفهمه، وألتبس علي غرض واضعه حتى أعدت قراءته أربعين مرة، فصار لي محفوظا وأنا لا أفهمه، ويئست منه وقلت: هذا كتاب لا سبيل إلى فهمه ألبتة.
فحضرت يوما في الوراقين والمنادي ينادي على كتاب في الحكمة، وعرضه علي فأعرضت عنه، فقال لي: اشتره فصاحبه محتاج فاشتريته بثلاثة دراهم، وإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب «ما بعد الطبيعة» فطالعته ففهمت الكتاب وتصدقت على الفقراء بشيء كثير، شكرا لله تعالى على ذلك. وكان إذا استغلق علي شيء من العلوم، قصدت الجامع، وصليت وتضرعت إلى مبدع الكل حتى يسهله
علي. وكان سلطان بخارى نوح بن منصور قد مرض في تلك الأيام مرضا عجز عنه أطباؤه، وكان اسمي قد اشتهر بينهم فحضرني وشكرني في مداواته وصلح. فسألته يوما الإذن لي في دخول دار كتبهم ومطالعتها فأذن لي فدخلت دارا عظيمة فيها كتب كثيرة تفوت العد والحصر، وطالعت كتب الحكمة التي بها ووقع لي بها ما لم أكن رأيت قبلها ولا بعدها، وظفرت بفوائدها. فلما بلغت ثماني عشرة سنة أتقنت هذه العلوم كلها. وكان في جيراننا رجل يقال له أبو الحسن العروضي يسألني أن أصنف له كتابا جامعا في هذه العلوم، فصنفت له المجموع، وسميته به، وأتيت فيه على جميع العلوم، ولي حينئذ إحدى وعشرون سنة، وصنفت كتاب «الحاصل والمحصول» في قريب من عشرين مجلدة. وصنفت في الأخلاق كتابا سميته كتاب «البر والإثم» وهذان الكتابان قل أن يوجدا. ثم مات والدي وتصرفت في أعمال السلطان، ودعتني الضرورة إلى الانتقال عن بخارى إلى كركانج، وأبو الحسن السهلي المحب لهذه العلوم بها وزير، ثم انتقلت إلى نسا وقصدت الأمير قابوس بن وشمكير صاحب جرجان فاتفق أني وصلتها وقد مات، فرجعت إلى دهستان، ثم عدت إلى جرجان، وأنشأت في حالي قصيدة شعر منها:
لما عظمت فليس مصر واسعي | لما غلا ثمني عدمت المشتري |
تنفس عن عذارك صبح شيب | وعسعس ليله فلم التصابي |
شبابك كان شيطانا رجيما | فيرجم من مشيبك بالشهاب |
دخولي كاليقين كما تراه | وكل الشك في أمر الخروج |
محرك الكل أنت القصد والغرض | وغاية ما لها حد ولا عوض |
إن دار في خلدي مقدار خردلة | سوى جلالك فاعلم أنه مرض |
هبطت إليك من المحل الأرفع | ورقاء ذات تعزز وتمنع |
محجوبة عن كل مقلة عارف | وهي التي سفرت فلم تتبرقع |
وصلت على كره إليك وربما | كرهت فراقك وهي ذات تفجع |
أنفت وما سكنت فلما واصلت | ألفت مجاورة الخراب البلقع |
وأظنها نسيت عهودا بالحمى | ومنازلا بفراقها لم تقنع |
حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها | من ميم مركزها بذات الأجرع |
علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت | بين المعالم والطلول الخشع |
تبكي إذا ذكرت عهودا بالحمى | بمدامع تهمي ولم تتقطع |
وتظل ساجعة على الدمن التي | درست بتكرار الرياح الأربع |
إذ عاقها الشرك الكثيف وصدها | قفص عن الأوج الفسيح المربع |
حتى إذا قرب المسير من الحمى | ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع |
وغدت مفارقة لكل مخلف | عنها حليف الترب غير مشيع |
سجعت وقد كشف الغطاء فأدركت | ما ليس يدرك بالعيون الهجع |
وغدت تغرد فوق ذروة شاهق | سام على قعر الحضيض الأوضع |
إن كان أرسلها الإله لحكمة | طويت عن الفذ اللبيب الأروع |
فهبوطها إن كان ضربة لازب | لتكون سامعة بما لم تسمع |
فتعود عالمة بكل حقيقة | في العالمين وخرقها لم يرقع |
فهي التي قطع الزمان طريقها | حتى لقد غربت بغير المطلع |
فكأنها برق تعرض بالحمى | ثم انطوى فكأنه لم يلمع |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 3- ص: 1063
ابن سينا العلامة الشهير الفيلسوف، أبو علي، الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، البلخي ثم البخاري، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق.
كان أبوه كاتبا من دعاة الإسماعيلية، فقال: كان أبي تولى التصرف بقرية كبيرة، ثم نزل بخارى، فقرأت القرآن وكثيرا من الأدب ولي عشر، وكان أبي ممن آخى داعي المصريين، ويعد من الإسماعيلية.
ثم ذكر مبادىء اشتغاله، وقوة فهمه، وأنه أحكم المنطق وكتاب إقليدس إلى أن قال: ورغبت في الطب، وبرزت فيه، وقرؤوا علي، وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه، وأناظر ولي ست عشرة سنة.
ثم قرأت جميع أجزاء الفلسفة، وكنت كلما أتحير في مسألة، أو لم أظفر بالحد الأوسط في قياس، ترددت إلى الجامع، وصليت، وابتهلت إلى مبدع الكل حتى فتح لي المنغلق منه، وكنت أسهر، فمهما غلبني النوم، شربت قدحا. إلى أن قال: حتى استحكم معي جميع العلوم، وقرأت كتاب ’’ما بعد الطبيعة’’، فأشكل علي حتى أعدت قراءته أربعين مرة، فحفظته ولا أفهمه، فأيست. ثم وقع لي مجلد لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب ’’ما بعد الحكمة الطبيعية’’، ففتح علي أغراض الكتب، ففرحت، وتصدقت بشيء كثير.
واتفق لسلطان بخارى نوح مرض صعب، فأحضرت مع الأطباء، وشاركتهم في مداواته، فسألت إذنا في نظر خزانة كتبه، فدخلت فإذا كتب لا تحصى في كل فن، فظفرت بفوائد. إلى أن قال: فلم بلغت ثمانية عشر عاما، فرغت من هذه العلوم كلها، وكنت إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنه معي اليوم أنضج، وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي شيء، وصنفت ’’المجموع’’، فأتيت فيه على علوم، وسألني جارنا أبو بكر البرقي وكان مائلا إلى الفقه والتفسير والزهد، فصنفت له الحاصل والمحصول في عشرين مجلدة، ثم تقلدت شيئا من أعمال السلطان، وكنت بزي الفقهاء إذ ذاك؛ بطيلسان محنك، ثم انتقلت إلى نسا، ثم أباورد وطوس وجاجرم، ثم إلى جرجان.
قلت: وصنف الرئيس بأرض الجبل كتبا كثيرة، منها ’’الإنصاف’’؛ عشرون مجلدا، ’’البر والإثم’’؛ مجلدان، ’’الشفاء’’، ثمانية عشر مجلدا، ’’القانون’’؛ مجلدات. ’’الإرصاد’’، مجلد، ’’النجاة’’، ثلاث مجلدات، ’’الإشارات’’، مجلد، ’’القولنج’’، مجلد، ’’اللغة’’، عشر مجلدات، ’’أدوية القلب’’، مجلد، الموجز مجلد، ’’المعاد’’ مجلد، وأشياء كثيرة ورسائل.
ثم نزل الري وخدم مجد الدولة وأمه، ثم خرج إلى قزوين وهمذان، فوز بها، ثم قام عليه الأمراء، ونهبوا داره، وأرادوا قتله، فاختفى، فعاود متوليها شمس الدولة القولنج، فطلب الرئيس، واعتذر إليه، فعالجه، فبرأ، واستوزره ثانيا، وكانوا يشتغلون عليه، فإذا فرغوا، حضر المغنون، وهيىء مجلس الشراب. ثم مات الأمير، فاختفى أبو علي عند شخص، فكان يؤلف كل يوم خمسين ورقة، ثم أخذ، وسجن أربعة أشهر، ثم تسحب إلى أصبهان متنكرا في زي الصوفية هو وأخوه وخادمه وغلامان. وقاسوا شدائد، فبالغ صاحب أصبهان علاء الدولة في إكرامه، إلى أن قال خادمه: وكان الشيخ قوي القوى كلها، يسرف في الجماع، فأثر في مزاجه، وأخذه القولنج حتى حقن نفسه في يوم ثمان مرات، فتقرح معاه، وظهر به سحج، ثم حصل له الصرع الذي يتبع علة القولنج، فأمر يوما بدانقين من بزر الكرفس في الحقنة، فوضع طبيبه عمدا أو خطأ زنة خمسة دراهم، فازداد السحج، وتناول مثروذيطوس لأجل الصرع، فكثره غلامه، وزاده أفيون، وكانوا قد خانوه في مال كثير، فتمنوا هلاكه، ثم تصلح، لكنه مع حاله يكثر الجماع، فينتكس، وقصد علاء الدولة همذان، فسار معه الشيخ، فعاودته العلة في الطريق، وسقطت قوته، فأهمل العلاج، وقال: ما كان يدبر بدني عجز، فلا تنفعني المعالجة. مات بهمذان بعد أيام وله ثلاث وخمسون سنة.
قال ابن خلكان: ثم اغتسل وتاب، وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم، وأعتق مماليكه، وجل يختم القرآن في كل ثلاث، ثم مات يوم الجمعة في رمضان سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.
قال: ومولده في صفر سنة سبعين وثلاث مائة.
قلت: إن صح مولده، فما عاش إلا ثمانيا وأربعين سنة وأشهرا، ودفن عند سور همذان، وقيل: نقل تابوته إلى أصبهان.
ومن وصية ابن سينا لأبي سعيد، فضل الله الميهني: ليكن الله تعالى أول فكر له وآخره، وباطن كل اعتبار وظاهره، ولتكن عينه مكحولة بالنظر إليهن وقدمه موقوفة على المثول بين يديه، مسافرا بعقله في الملكوت الأعلى وما فيه من آيات ربه الكبرى، وإذا انحط إلى قرارهن فلينزه الله في آثاره، فإنه باطن ظاهر تجلى لكل شيء بكل شيء، وتذكر نفسه، وودعها، وكان معها كأن ليس معها، فأفضل الحركات الصلاة، وأمثل السكنات الصيام، وأنفع البر والصدقة، وأزكى السر الاحتمال، وأبطل السعي الرياء، ولن تخلص النفس عن الدون ما التفتت إلى قيل وقال وجدال، وخير العمل ما صدر عن خالص نية، وخير النية ما انفرج عن علم، ومعرفة الله أول الأوائل، إليه يصعد الكلم الطيب. إلى أن قال: والمشروب فيهجر تلهيا لا تشفيا، ولا يقصر في الأوضاع الشرعية، ويعظم السنن الإلهية.
قد سقت في تاريخ الإسلام أشياء اختصرتها، وهو رأس الفلاسفة الإسلامية، لم يأت بعد الفارابي مثله، فالحمد لله على الإسلام والسنة.
وله كتاب ’’الشفاء’’، وغيره، وأشياء لا تحتمل، وقد كفره الغزالي في كتاب ’’المنقذ من الضلال’’، وكفر الفارابي.
وقال الرئيس: قد صح عندي بالتواتر ما كان بجوزجان في زماننا من أمر حديد لعله زنة مائة وخمسين منا نزل من الهواء، فنشب في الأرض، ثم نبا نبوة الكرة، ثم عاد، فنشب في الأرض، وسمع: له صوت عظيم هائل، فلما تفقدوا أمرهن ظفرا به، وحمل إلى والي جوزجان، فحاولوا كسر قطعة منه، فما عملت فيه الآلات إلا بجهد، فراموا عمل سيف منه، فتعذر. نقله في ’’الشفاء’’.
ذو القرنين، المحاملي:
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 13- ص: 199
الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا الرئيس أبو علي الحكيم المشهور، أحد فلاسفة المسلمين، ونادرة العصر في الذكاء والفطنة والعلم، بحيث صار ممن تضرب به الأمثال، وتعقد الخناصر عليه فحول الرجال.
ذكره الحافظ الذهبي، في ’’ تاريخ الإسلام ’’، وشرح أحواله مفصلة، وأسند أكثر ذلك إلى حكايته عن نفسه، والمرء أدرى بأحواله، وأعرف بأفعاله وأقواله.
قال: قال، كان أبي رجلا من أهل بلخ، فسكن بخارى في دولة نوح بن منصور، وتولى العمل والتصرف بقرية كبيرة، وتزوج بأمي فأولدها أنا وأخي، ثم انتقلنا إلى بخارى، وأحضرت معلم القرآن ومعلم الأدب، وأكملت عشرا من العمر، وقد أتيت على القرآن، وعلى كثير من الأدب، حتى كان يقضي مني العجب.
وكان أبي ممن أجاب داعي المصريين، ويعد من الإسماعيلية، وقد سمع منهم ذكر النفس والعقل، وكذلك أخي، فربما تذاكروا وأنا أسمعهم وأدرك ما يقولونه، ولا تقبله نفسي، وأخذوا يدعونني إليه، ويجرون على ألسنتهم ذكر الفلسفة والهندسة والحساب، وأخذ يوجهني إلى من يعلمني الحساب.
ثم قدم بخارى أبو عبد الله الناتلي الفيلسوف، فأنزله أبي دارنا، وقبل قدومه كنت أشتغل بالفقه والتردد فيه إلى الشيخ إسماعيل الزاهد، وكنت من أجود السالكين، وقد ألفت المناظرة والبحث، ثم ابتدأت على الناتلي بكتاب ’’ إيساغوجي ’’، ولما ذكر لي أحد أن حد الجنس هو المقول على كثيرين مختلفين بالنوع، وأخذته في تحقيق هذا الحد بما لم يسمع بمثله، تعجب مني كل التعجب، وحذر والدي من شغلي بغير العلم، وكان أي مسألة قالها لي أتصورها خيرا منه، حتى قرأت ظواهر المنطق عليه، وأما دقائقه فلم يكن عنده منها خبر.
ثم أخذت أقرأ الكتب لى نفسي، وأطالع الشروح، حتى أحكمت علم المنطق، وكذلك كتاب أقليدس، فقرأت من أوله إلى خمسة أشكال أو ستة عليه، ثم توليت بنفسي حل باقيه، وانتقلت إلى المجسطي، ولما فرغت من مقدماته، واتهيت إلى الأشكال الهندسية، قال لي الناتلي: حلها وحدك، ثم اعرضها علي، لأبين لك. فكم من شكل ما عرفه الرجل إلا وقت عرضته عليه، وفهمته إياه.
ثم سافر، وأخذت في الطبيعي والإلهي، فصارت الأبواب تنفتح علي، ورغبت في الطب، وبرزت فيه في مديدة، حتى بدأ الأطباء يقرأون علي، وتعهدت المرضى، فانفتح على أبواب المعالجات النفسية من التجربة مالا يوصف، وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه، وأناظر فيه، وعمري ست عشرة سنة.
ثم أعدت قراءة المنطق، وجميع أجزاء الفلسفة، ولازمت العلم سنة ونصفا، في هذه المدة ما نمت ليلة واحدة في بطولها، ولا اشتغلت في النهار بغيره، وجمعت بين يدي ظهورا، فكل حجة أنظر فيها أثبت مقدمات قياسية، ورتبتها في تلك الظهور، ثم نظرت فيها عساها تنتج، وراعيت شروط مقدماته حتى تحقق لي حقيقة الحق في تلك المسألة، وكلما كنت أتحيز في مسألة، أو لم أظفر بالحد الأوسط في قياس، ترددت إلى الجامع، وصليت، وابتهلت إلى مبدع الكل، حتى فتح لي المنغلق منه، وتيسر المتعسر، وكنت أرجع بالليل إلى داري، واشتغل بالكتابة والقراءة، فمهما غلبني النوم، أو شعرت بضعف، عدلت إلى شرب قدح من الشراب، ريثما تعود إلي قوتي، ثم أرجع إلى القراءة، ومهما غلبني أدنى نوم أحلم بتلك المسائل بأعيانها.
ثم إن كثيرا من المسائل اتضح لي وجوهها في المنام، حتى استحكم معي جميع العلوم، ووقفت عليها بحسب الإمكان الإنساني، وكل ما علمته في ذلك فهو كما علمته، لم أزد فيه إلى اليوم، حتى أحكمت علم المنطق والطبيعي والرياضي، ثم عدلت إلى الإلهي، وقرأت كتاب ’’ ما بعد الطبيعة ’’ فما كنت أفهم ما فيه، والتبس علي غرض واضعه، حتى أعدت قراءته أربعين مرة، وصار لي محفوظا، وأنا مع ذلك لا أفهمه ولا المقصود به، وأيست من نفسي، وقلت ’’: هذا كتاب لا سبيل إلى تفهمه، وإذا أنا في يوم من الأيام حضرت وقت العصر في الوراقين، وبيد دلال مجلد ينادى عليه، فعرضه علي فردته رد متبرم، فقال: أنه رخيص بثلاثة دراهم. فاشتريته، فإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب ’’ ما بعد الحكمة الطبيعة ’’، ورجعت إلى بيتي، وأسرعت قراءته، فانفتح علي في الوقت أغراض ذلك الكتاب، ففرحت وتصدقت بشيء يسير، شكرا لله تعالى.
واتفق لسلطان بخارى، نوح بن منصور، مرض صعب فأجى الأطباء ذكرى بين يديه، فأحضرت وشاركتهم في مداواته، وسألته الإذن في دخول خزانة كتبهم ومطالعتها وقراءة ما فيها من الكتب، وكتبها، فأذن لي، ودخلت فإذا كتب لا تحصى في كل فن، ورأيت كتبا لم تقع أسماؤها إلى كثير من الناس، فقرأت تلك الكتب، وظفرت بفوائدها، وعرفت مرتبة كل رجل في علمه، فلما بلغت ثمانية عشر عاما من العمر، فرغت من هذه العلوم كلها، وكنت إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنه معي اليوم انضج، وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي بعده شيء.
وسألني جارنا أبو الحسين العروضي، أن أصنف له كتابا جامعا في هذا العلم، فصنفت له ’’ المجموع ’’، وسميته به، وأتيت به على سائر العلوم سوى الرياضي، ولي إذ ذاك إحدى وعشرون سنة.
وسألني جارنا الفقيه أبو بكر البرقي الخوارزمي وكان مائلا إلى الفقه والتفسير والزهد، شرح الكتب له، فصنفت له كتاب ’’ الحاصل والمحصول ’’ في عشرين مجلدة، أو نحوها، وصنفت كتاب ’’ البر والإثم ’’، وهذان الكتابان لا يوجدان إلا عنده، ولم يعرفهما أحدا.
ثم مات والدي، وتصرفت في الأحوال، وتقلدت شيئا من أعمال السلطان، ودعتني الضرورة إلى الإحلال ببخارى، والانتقال إلى كركانج، وكان أبو الحسن السهلي المحب لهذه العلوم بها وزيرا، وقدمت الأمير بها علي بن المأمون، وكنت على زي الفقهاء، إذا ذاك مطيلسا تحت الحنك، وأثبتوا لي مشاهرة دارة تكفيني.
ثم انتقلت إلى نسا، ومنها إلى باورد، وإلى طوس، ثم إلى جاجرم رأس خراسان، ومنها إلى جرجان، وكان قصدي الأمير قابوس، فاتفق في أثناء هذا أخذ قابوس وحبسه، فمضيت إلى دهستان، فمرضت بها، ورجعت إلى جرجان، فاتصل بي أبو عبيد الجوزجاني.
ثم قال أبو عبيد الجوزجاني: فهذا ما حكاه لي الشيخ عن لفظه.
وصنف ابن سينا بأرض الجبل كتبا كثيرة، وهذه فهرست كتبه: كتاب ’’ المجموع ’’ مجلدة، ’’ الحاصل والمحصول ’’ عشرون مجلدة، ’’ البر والإثم ’’ مجلدان ’’ الشفا ’’ ثمانية عشر مجلدا، ’’ القانون ’’ أربعة عشر مجلدا، ’’ الأرصاد الكلية ’’ مجلد، كتاب ’’ النجاة ’’ ثلاث مجلدات، ’’ الهداية ’’ مجلد، ’’ الإشارات ’’ مجلد، ’’ المختصر ’’ مجلد، ’’ الإشارات ’’ مجلد، ’’ المختصر ’’ مجلد، ’’ العلائي ’’ مجلد، ’’ القولنج ’’ مجلد، ’’ لسان العرب ’’ عشر مجلدات، ’’ الأدوية القلبي ’’ مجلد، ’’ الموجز ’’ مجلد، ’’ بعض الحكمة المشرقية ’’ مجلد، ’’ بيان ذوات الجهة ’’ مجلد، كتاب ’’ المعاد ’’ مجلد، كتاب ’’ المبدأ والمعاد ’’ مجلد.
ومن رسائله: القضاء والقدر ’’، ’’ الآلة الرصدية ’’، ’’ غرض قاطيغور ياس ’’، ’’ المنطق ’’ بالشعر، رجز، ’’ قصيدة في العظة والحكمة ’’، ’’ تعقب المواضع الجدلية ’’، ’’ مختصر أقليدس ’’، ’’ مختصر في النبض ’’ بالعجمية، ’’ الحدد ’’، ’’ الأجرام السماوية ’’، ’’ الإشارة إلى علم المنطق ’’، ’’ أقسام الحكمة ’’، ’’ في النهاية وأن لا نهاية ’’، ’’ عهد ’’ كتبه لنفسه، ’’ حي بن يقظان ’’، ’’ في أن أبعاد الجسم غير ذاتية له ’’، ’’ خطب ’’، ’’ الكلام في الهندبا ’’، ’’ في أن الشيء الواحد لا يكون جوهريا عرضيا ’’، ’’ في أن علم زيد غير علم عمرو ’’، ’’ رسائل إخوانية وسلطاني ’’، ’’ مسائل جرت بينه وبين الفضلاء ’’.
ثم انتقل إلى الري، وخدم السيدة وابنها مجد الدولة، وداواه من السوداء، فأقام إلى أن قصد شمس الدولة بعد قتل هلال بن بدر، وهزيمة جيش بغداد.
ثم خرج إلى قزوين، وإلى همذان، ثم عالج شمس الدولة من القولنج، وصار من ندمائه، وخرج في خدمته.
ثم رد إلى همذان، ثم سألوه تقلد الوزارة، فتقلدها، ثم اتفق تشويش العسكر عليه، واتفاقهم عليه خوفا منه، فكبسوا داره ونهبوها، وسألوا الأمير قتله، فامتنع وأرضاهم بنفيه، فتوارى في دار الشيخ أبي سعد أربعين يوما، فعاود شمس الدولة القولنج، فطلب الشيخ فحضر، فاعتذر إليه الأمير بكل وجه، فعالجه، وأعاد إليه الوزارة ثانيا.
قال أبو عبيد الجوزجاني: ثم سألته شرح كتب أرسطو طاليس، فقال: لا فراغ لي، ولكن إن رضيت مني بتصنيف كتاب أورد فيه ما صح عندي من هذه العلوم بلا مناظرة ولا رد فعلت. فرضيت منه، فبدأ بالطبيعيات من كتاب ’’ الشفا ’’ وكان يجتمع كل ليلة في داره طلبة العلم، وكنت أقرأ من ’’ الشفا ’’ نوبة، وكان غيري يقرأ من ’’ القانون ’’ نوبة، فإذا فرغنا حضر المغنون، وهيئ مجلس الشراب بآلاته، فكنا نشتغل به، فقضينا على ذلك زمنا، وكان يشتغل بالنهار في خدمة الأمير.
ثم مات الأمير وبايعوا ولده، وطلبوا الشيخ لوزارته، فأبى، وكاتب علاء الدولة سرا، يطلب المصير إليه، واختفى في دار أبي غالب العطار، فكان يكتب كل يوم خمسين ورقة تصنيفا في كتاب ’’ الشفا ’’ حتى أتى منه على جميع كتاب الطبيعي والإلهي ما خلا كتابي الحيوان والنبات، ثم اتهمه تاج الملك بمكاتبة علاء الدولة، وأنكر عليه ذلك، وحث على طلبه، فظفروا به وسجنوه بقلعة فردجان، وفي ذلك يقول قصيدة، منها:
دخولي باليقين كما تراه | وكل الشك في أمر الخروج |
رأيت ابن سينا يعادي الرجال | وفي السجن مات أخس الممات |
فلم يشف ماناته ’’ بالشفا ’’ | ولم ينج من موته ’’ بالنجاة ’’ |
ففي كل شيء له آية | تدل على أنه واحد |
هبطت إليك من المحل الأرفع | ورقاء ذات تعزز وتمنع |
محجوبة عن كل مقلة عارف | وهي التي سفرت ولم تتبرقع |
وصلت على كره إليك وربما | كرهت فراقك وهي ذات تفجع |
ألفت وما ألفت فلما واصلت | ألفت مجاورة الخراب البلقع |
وأظنها نسيت عهودا بالحمى | ومنازلا بفراقها لم تقنع |
حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها | من ميم مركزها بذات الأجرع |
علقت بها هاء الثقيل فأصبحت | بين المعالم والطلول الخضع |
وتظل ساجعة على الدمن التي | درست بتكرار الرياح الأربع |
حتى إذا قرب المسير من الحمى | ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع |
وغدت مفارقة لكل مخلف | عنها حليف الترب غير مشيع |
وغدت تغرد فوق ذروة شاهق | سام إلى قعر الحضيض الأوضع |
إن كان أرسلها الإله لحكمة | طويت عن الفطن اللبيب الأورع |
فهبوطها إن كان ضربة لازب | في العالمين فخرقها لم يرقع |
وهي التي قطع الزمان طريقها | حتى لقد غربت بغير المطلع |
فكأنها برق تألق للحمى | ثم انطوى فكأنه لم يلمع |
قم فاسقنيها قهوة كدم الطلا | يا صاح بالقدح الملا بين الملا |
خمرا تظل لها النصارى سجدا | ولها بنو عمران أخلصت الولا |
لو أنها يوما وقد لعبت بهم | قالت ألست بربكم قالوا بلى |
أقام رجالا في معارجه ملكا | وأقعد قوما في غوايتهم هلكى |
نعوذ بك اللهم من شر فتنة | تطرق من حلت به عيشة ضنكا |
رجعنا إليك الآن فاقبل رجوعنا | وقلب قلوبا طال إعراضها عنكا |
فإن أنت لم تبرئ سقام نفوسنا | وتشف عماياها إذا فلمن يشكى |
فقد آثرت نفسي لقاك وقطعت | عليك جفوني من مدامعها سلكا |
لقد طفت في تلك المعالم كلها | وسرحت طرفي بين تلك العوالم |
فلم أر إلا واضعا كف حائر | على ذقن أو قارعا سن نادم |
اجعل غذاءك كل يوم مرة | واحذر طعاما قبل هضم طعام |
واحفظ منيك ما استطعت فإنه | ماء الحياة يصب في الأرحام |
دار الرفاعي - الرياض-ط 0( 1983) , ج: 1- ص: 248
الحسين بن عبد الله بن سيناء، أبو علي الرئيس. ما أعلمه روى شيئا من العلم، ولو روى لما حلت الرواية عنه، لانه فلسفي النحلة ضال.
[قلت: قد روى في قانونه في طب النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث].
دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 1- ص: 539
الحسين بن عبد الله بن سينا، الرئيس، أبو علي
شيخ الفلاسفة. له كتاب ’’الحاوي’’ في اللغة، في عشرة أسفار كبار مات سنة سبع وعشرين وأربعمئة بأصفهان.
في سنة ثلاث وسبعين وخمسمئة أخرجه السلطان محمد بن المظفر من قبره وأحرقه.
جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 18
دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 120
الحسين بن عبد الله، أبو عليّ، ابن سينا الحكيم الفيلسوف.
كان مع كونه حكيما، قيّما بعلم اللّغة والعربية، وقد صنّف فيها كتابا، وكان عنده أدب وكتابة، وله رسائل مدوّنة.
وكانت وفاته في سادس شعبان من سنة ثمان وعشرين وأربع مائة عن ثمان وخمسين سنة.
نقل عنه أنه قال: كان أبي من أهل بلخ، وانتقل إلى بخارى، وتولّى عملا في أيام نوح بن منصور الساماني، وتزوّج هناك، فولدت ببخارى، ونشأت بها، وحفظت القرآن، وقرأت الأدب. وقدم علينا أبو عبد الله الناتليّ، وكان يعرف الفلسفة والفقه، فقرأت عليه كتاب إيساغوجي فتصوّرته خيرا منه، فشرعت أقرأ الكتب على نفسي، وأطالع الشّروح حتى أحكمت علم المنطق والفلسفة واقليدس، ثم قرأت المجسطيّ. ثم رغبت في علم الطبّ، فأدركته في أقلّ مدة؛ لأنه ليس من العلوم الصّعبة، وتعهّدت المرضى، فانفتح عليّ من المعالجات المقتبسة من التجربة ما لا يوصف. ومع هذا اختلفت إلى الفقهاء، واشتغلت بالفقه، وأناظر فيه حتى أحكمته، وما كنت أنام ليلة بطولها قطّ، وكنت إذا أشكل عليّ شيء أبيت مهموما فأراه في المنام وقد اتّضح لي.
ولمّا أحكمت المنطق والعلم الطبيعيّ والرّياضيّ عدت إلى العلم الإلهي، وقرأت منه ما بعد الطبيعة، فما كنت أفهمه، والتبس عليّ غرض واضعه، حتّى أعدت قراءته أربعين مرة، فصار لي محفوظا وأنا لا أفهمه، فأيست منه وقلت: هذا لا سبيل إلى فهمه. فحضرت يوما في الورّاقين، فعرض عليّ كتاب في الحكمة، وطلب ثمنه ثلاثة دراهم، فابتعته، وهو لأبي نصر الفارابيّ في أغراض كتاب ما بعد الطبيعة.
فطالعته، ففهمت الكتاب فتصدّقت على الفقراء بشيء كثير شكرا لله تعالى. وكان إذا أشكل عليّ شيء من العلوم قصدت الجامع وصلّيت وتضرّعت إلى مبدع الكلّ، فإذا انكشف لي تصدّقت. فمرض سلطان بخارى نوح بن منصور مرضا عجز عنه أطباؤه، فأحضرني فعالجته فصلح، فسألته أن يأذن لي في دخول دار كتبه ومطالعتها، وكانت دارا عظيمة تفوت كتبها العدّ والحصر، فطالعت كتب الحكمة، فظفرت منها بفوائد عظيمة ولي من العمر ثمان عشرة سنة، فسألني جار لنا يعرف بأبي الحسن العروضي أن أصنّف له كتابا جامعا، فصنّفت له مجموعا وسمّيته به، وأتيت فيه على جميع العلوم الرّياضية، ولي حينئذ إحدى وعشرون سنة. وسألني رجل آخر يعرف بأبي بكر البرقيّ الخوارزمي، كان فقيها، تصنيف كتاب، فصنّفت له كتاب الحاصل والمحصول: في نحو عشرين مجلّدا، وصنّفت له في الأخلاق كتابا سمّيته: كتاب البرّ والإثم.
ثم مات والدي وتصرّفت في أعمال السلطان. ثم خرجت من بخارى وقصدت طوس. ثم انتقلت إلى جرجان، وقصدت قابوس بن وشمكير فأخذ وحبس. فرجعت إلى دهستان فتصدّيت للتصنيف، فصنّفت كتاب المبدإ والمعاد، وكتاب الأرصاد، وأول القانون، ومختصر المجسطي، وكثيرا من الرسائل.
قال: ثم انتقلت إلى الرّيّ ثم إلى قزوين ثم إلى همذان، فأصاب شمس الدولة طاهر بن بويه قولنج فعالجته فبرأ، فأصبت مالا كثيرا، وأقمت هناك أربعة أشهر حتى [...] علاء الدّولة أبو جعفر ابن كاكويه وأخذها.
وأخبار ابن سينا غريبة عجيبة، قد ذكرتها مستوفاة في كتاب مفرد، وليس هذا الكتاب بصدد أخبار المصنّفين، بل المقصود التعريض بذكر نبذة من أخبارهم، وذكر تصانيفهم.
وقد تقدّم من تصانيف ابن سينا: كتاب المجموع: مجلّد، وكتاب الحاصل والمحصول عشرون مجلّدا، وكتاب البرّ والإثم مجلدان، وله أيضا كتاب الشّفاء ثمانية عشر مجلّدا، وكتاب القانون أربع عشرة مجلّدة، وكتاب الأرصاد الكلّية مجلّدة، وكتاب الإنصاف عشرون مجلّدا، وكتاب النّجاة ثلاث مجلّدات، وكتاب الهداية مجلّد، وكتاب الإشارات مجلّد، وكتاب المختصر الأوسط مجلّد، وكتاب العلائي مجلّد، وكتاب القولنج مجلّد، وكتاب لسان العرب: في اللّغة، عشر مجلّدات، وكتاب الأدوية القلبية مجلّد، وكتاب الموجز مجلّد، وكتاب بعض الحكمة الشّرقية مجلّد، وكتاب بيان ذوات الجهة مجلّد، وكتاب المعاد مجلّد، وكتاب المبدإ والمعاد مجلّد، وكتاب رسالة القضاء والقدر، ورسالة في الآلة الرّصدية، ورسالة في المنطق، وقصائد شعر في العظة والحكمة، ورسالة في تعقّب المواضع الجدلية، ورسالة في مختصر النّبض: بالفارسيّة، وكتاب القانون الصّغير: مجلّد لطيف، ورسالة الصّلاة، ورسالة النّفس، ورسالة الطّير، ورسالة في الحدود، ورسالة في الأجرام السّماوية، ورسالة في الإشارة إلى علم المنطق، وكتاب أقسام الحكمة، وكتاب في النّهاية ولا نهاية، وكتاب عهد كتبه لنفسه، وكتاب حيّ بن يقظان، وكتاب في أنّ أبعاد الجسم غير ذاتية له، وكتاب في الهندباء، وكتاب في أنه لا يجوز أن يكون شيء واحد جوهرا وعرضا، وكتاب في أنّ علم زيد غير علم عمرو، وكتاب عيون الحكمة، وله رسائل: إخوانية وسلطانية، ومسائل جرت بينه وبين بعض الفضلاء.
ومن شعره: [وافر]
تنفّس في عذارك صبح شيب | وعسعس ليله فلم التّصابي |
شبابك كان شيطانا مريدا | فيرجم من مشيبك بالشّهاب |
دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 353