الحسين الخليع الحسين بن الضحاك بن ياسر الباهلي، من مواليهم أو هو منهم، أبو علي: شاعر، من ندماء الخليفة، قيل: أصله من خراسان. ولد ونشأ في البصرة، وتوفى ببغداد. اتصل بالأمين العباسي ونادمه ومدحه. ولما ظفر المأمون، خافه الخليع، فأنصرف إلى البصرة، حتى صارت الخلافة للمعتصم. فعاد ومدحه ومدح الواثق. أخباره كثيرة، وكان يلقب بالأشقر، وابو نواس متهم بأهذ معانيه في الخمر. وشعره رقيق عذب
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 239
أبو علي الحسين ابن الضحاك بن ياسر الباهلي
صليبة أو مولاهم البصري المعروف بالخليع أو الخالع
وفي الأغاني عن الطيب بن محمد الباهلي أنه الحسين بن الضحاك بن فلان بن فلان بن ياسر.
مولده ووفاته
في تاريخ دمشق وغيره يقال أنه ولد سنة 162 ومات سنة 250 اه. فيكون عمره 88 سنة وقيل بل عمر أكثر من مائة سنة وكانت ولادته بالبصرة وفي الأغاني عن يزيد بن محمد المهلبي سالت حسين بن الضحاك عن سنه فقال لست أحفظ السنة التي ولدت فيها بعينها ولكني أذكر وأنا بالبصرة موت شعبة بن الحجاج سنة 160 اه. وهذا يقتضي أنه ولد قبل سنة 162 فمن يذكر موت شعبة يكون عمره نحو خمس سنين على الأقل. وفي تاريخ دمشق عن أبي الفرج الأصبهاني عمر الخليع عمرا طويلا حتى قارب المائة سنة ومات في خلافة المستعين أو المنتصر اه. ويدل شعره الآتي الذي بعثه إلى المتوكل أنه بلغ 89 سنة والله أعلم كم عاش بعدها وقد بقي إلى زمن المنتصر الذي بويع 4 شوال سنة 247 وبقي في الخلافة خمسة أشهر وأياما وتوفي سنة 248 وإذا كان أدرك خلافة المعتضد وهجا كاتبه سنة 286 يكون قد بلغ 119 سنة والله أعلم كم عاش بعد ذلك وقد ظهر مما مر اضطراب هذه التواريخ.
أهو عربي أم مولى
في الأغاني هو باهلي صليبة فيما ذكر محمد بن داود بن الجراح والصحيح أنه مولى لباهلة ثم حكى عن علي بن يحيى بن المنجم أنه مولى لباهلة وأصله من خرأسان فكان ربما اعترف بهذا الولاء وربما جحده وهو ومحمد بن حازم الباهلي ابنا خال وحكى عن إبراهيم بن المعلى الباهلي أنه من موالي سليمان بن ربيعة الباهلي وعن الطيب بن محمد الباهلي أنه قديم الولاء وفي معجم الأدباء هو مولى لولد سليمان بن ربيعة الباهلي الصحابي.
تلقيبه بالأشقر وبالخليع
الأغاني عن علي بن يحيى أنه كان يلقب بالأشقر اه. ولقب بالخليع أو الخالع لكثرة مجونه وخلاعته وإذا كان من يتسمى باسم الخلافة وإمارة المؤمنين في تلك الأزمان منغمسا في الملاذ والشهوات والخلاعة والمجون ويصرف الأموال العظيمة على الشعراء والندماء والمجان فأحر بغيره ان يكون خليعا ماجنا وقد قيل الناس على دين ملوكهم ولا سيما من نادم مثل الأمين وقد ذكر له أبو الفرج في الأغاني ترجمة طويلة فيها خلاعة ومجون لم نستجز أن ننقل منه شيئا.
الذين يقال لهم الخليع
في معجم الشعراء للمرزباني ان من يقال له الخليع من الشعراء ثلاثة
1- الخليع السعدي ويقال له الخليع العطاردي وهو الخليع بن زفر أحد بني عطارد بن عوف بن كعب بن زيد بن مناة بن تميم
2- المترجم
3- الخليع الشامي متأخر اسمه الغمر بن أبي الغمر قرشي فيما يقال شاعر خبيث كان بينه وبين عامر الكلبي لحاء وهجاء وهو صاحب القصيدة المشهورة التي أولها:
شتمت مواليها عبيد نزار | شيم العبيد شتيمة الأحرار اه. |
وقال صاحب اليتيمة الخليع الشامي كنيته أبو عبد الله وقد ذهب عني اسمه وكان شاعرا مفلقا قد أدرك زمان البحتري وبقي إلى أيام سيف الدولة وانخرط في سلك شعرائه فحدثني أبو بكر الخوارزمي قال رأيت الخيلع بحلب شيخا قد أخذت منه السن العالية وثقلت عليه الحركة فمما أنشدنيه لنفسه وذكر له عدة مقطعات أوردها صاحب اليتيمة.
الأقوال فيه
أورد له صاحب الأغاني ترجمة استغرقت 41 صفحة نأخذ منها ما خلا عن المجون قال: هو بصري المولد والمنشأ من شعراء الدولة العباسية وأحد ندماء الخلفاء من بني هاشم ويقال أنه أول من جالس منهم محمد الأمين شاعر أديب ظريف مطبوع حسن التصرف في الشعر حلو المذهب لشعره قبول ورونق صاف وكان أبو نواس يأخذ معانيه في الخمر فيغير عليها وإذا شاع له نادر في هذا المعنى نسبه الناس إلى أبي نواس وله معان في صفتها وسبق إليها فاستعارها أبو نواس وهاجى مسلم بن الوليد فانتصف منه وله غزل كثير جيد وهو من المطبوعين الذين تخلو أشعارهم ومذاهبهم جملة من التكلف وعمر عمرا طويلا حتى قارب المائة سنة ومات في خلافة المستعين أو المنتصر اه. ولكن ما يأتي في أشعاره يدل على أنه أدرك عصر المعتضد المتوفى سنة 289 وبويع له بالخلافة سنة 279 ويظهر من كلام ابن عساكر الآتي أنه أدرك زمن الرشيد وفي معجم الأدباء عداده في الطبقة الأولى من شعراء الدولة العباسية المجيدين كان شاعرا مطبوعا حسن التصرف في الشعر وهو أحد الشعراء المطبوعين الذين أغناهم عفو قرائحم عن التكلف اه. وذكره ابن خلكان وأورد فيه ما أورده هؤلاء وقال ذكره ابن المنجم في كتابه البارع. وفي معجم الشعراء للمرزباني عند ذكر من يقال له الخليع: ومنهم الخليع البصري الشاعر المتأخر يكنى أبا علي واسمه الحسين بن الضحاك كان ظريفا صاحبا لأبي نواس أنشد له أبو عبد الله محمد بن داود ابن الجراح عن أبي زيد بن شبة:
إذا شيءت أن تلقى خليلا معبسا | وجداه في الماضين كعب وحاتم |
فحاوله عما في يديه فإنما | تكشف أخلاق الرجال الدراهم |
وحكى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن المرزباني وكأنه في غير معجم الشعراء أنه شاعر ماجن مطبوع حسن الافتنان في فنون الشعر وأنواعه وبلغ فيه مبلغا عاليا واتصل له من مجالسة الخلفاء ما لم يتصل لأحد إلا لإسحاق بن إبراهيم الموصلي فإنه قاربه في ذلك أو ساواه صحب الأمين في سنة 188 ولم يزل مع الخلفاء بعده إلى أيام المستعين اه. فيكون قد صحب الأمين وعمره نحو 26 سنة فصحبه نحو عشر سنين خمسا قبل خلافته وخمسا بعدها لأن الأمين ولد سنة 170 وبويع سنة 193 وقتل سنة 198 وعاش سنه 28 وقد ذكروا أنه عاصر الرشيد. شاعريته
هو شاعر مطبوع رقيق الشعر منسجمه يكاد يسيل شعره رقة وظرفا وشعره من الذي يسمى بالسهل الممتنع فإذا سمعه السامع يظن أنه يحسن مثله فإذا حاوله امتنع عليه وهو يشبه في شعره وخلاعته أبا نواس مشابهة تامة بحيث لا يكاد يتميز عنه مع كونهما خليطين متعاصرين والناظر في شعره يعرف ذلك بأقل نظرة وهذا النوع من الشعر المسمى بالسهل الممتنع يكشف عن رقة في طبع الشاعر وقوة على النظم وملكة في إلقائه على البديهة مع السلامة من التكلف والحشو وسهولة فهم السامع له وهذا النوع من أجود أنواع الشعر واجلها رتبة في نظر البلغاء وهناك نوع آخر من الشعر لا يقل عن هذا مزية ومرتبة وهو الشعر الرصين الفخم إذا سمعه السامع عرف قوته وصعوبة مرامه ومشقة الاتيان بمثله الا بعد فكر وروية وقد يتيسر إلقاؤه على البداهة لمن كانت له ملكة قوية في النظم وكلا النوعين يستعمل في جميع مناحي الشعر إلا أن النوع الثاني يكثر استعماله في الحماسة ووصف الحروب وشبه ذلك. وبالجملة فقد تطابق أهل عصر المترجم على سمو مرتبته في الشعر كما تطابقوا على ذلك في حق أبي نواس وكفى لتقدمه في صناعة الشعر في ذلك العصر المملوء بفحول الشعراء أن يصعق مثل أبي نواس المجمع على تقدمه عند سماعه شعره وان يشهد له المأمون بأنه أشعر شعراء البصرة وأظرف ظرفائها وأن بيتا قاله فيه لم يقل أحد من شعراء زمانه بيتا أبلغ منه وان يجيزه عليه بثلاثين ألف درهم وهو غائب مع هجوه للمأمون وتمنيه هلاكه وان يستدعيه المعتصم من البصرة مع علمه بهجائه أخاه ويملأ فاه جوهرا ويعطيه عن كل بيت من قصيدته ألف درهم وهي أكثر جائزة لشعر مدح به في دولتهم وأن يقول المتوكل فيه أنه أشعر أهل زمانه وأملحهم مذهبا وأظرفهم نمطا وأن يقول الرياشي وتقدمه في فنون الأدب مشهور أنه ارق الناس طبعا وأكثرهم ملحا وأكملهم ظرفا وأن يقول فيه ابن الرومي أنه أغزل الناس وأظرفهم وأن يقول ثعلب ما بقي من يقول مثل شعره.
تشيعه
يمكن ان يستدل على تشيعه بما نسبه إليه جماعة أنه قاله في رثاء الحسين عليه السلام وقد ذكرناه نحن في الدر النضيد ولا ندري الآن من أين نقلناه وهو:
ومما شجا قلبي وأوكف عبرتي | محارم من آل النبي |
استحلت ومهتوكة بالطف عنها سجوفها | كعاب كقرن الشمس لما تبدت |
إذا حفزتها وزعة روعة من منازع | لها المرط عاذت بالخضوع ورنت |
وربات خدر من ذؤابة هاشم | هتفن بدعوى خير حي وميت |
أرد يدا مني إذا ما ذكرته | على كبد حرى وقلب مفتت |
فلا بات ليل الشامتين بغبطة | ولا بلغت آمالها ما تمنت |
وقوله من قصيدة كما في الطليعة:
هتكوا بحرمتك التي هتكت | حرم الرسول ودونها السجف |
سلبت معاجرهن واختلست | ذات النقاب ونوزع الشنف |
قد كنت كهفا يستظل به | ومضى فلا ظل ولا كهف |
قال المؤلف الأبيات التالية ذكر ابن الأثير أنه قالها في رثاء الأمين وأوردها كما أوردناها إلا أنه ذكر بدل بالطف بالخلد وبدل ربات خدر وسرب ظباء وأورد منها أبو الفرج في الأغاني ثلاثة أبيات كما يأتي ولم يذكرها الطبري في رثاء الأمين وأما القصيدة الفائية فذكرها الطبري وابن الأثير في رثاء الأمين وتأتي عند ذكر أشعاره لكن الأبيات الثلاثة التي أوردها صاحب الطليعة لم يذكرا منها إلا الأولين دون البيت الثالث. ويمكن أن يقال إن في الأبيات التائية ما يرشد إلى أنها في الحسين عليه السلام لا في الأمين كقوله: محارم من آل النبي استحلت فان مثله لا يقال في حرب المأمون مع أخيه وكذا قوله: ومهتوكة عنها سجوفها وإذا حفزتها الخ فان هذا جرى بألطف ولم يجر في بغداد وكذا قوله هتفن بدعوى خير حي وميت والمراد به الرسول صلى الله عليه وسلم أو أمير المؤمنين علي عليه السلام أو هما فان الهاتفات بذلك هن نساء آل أبي طالب يوم الطف لا نساء بني العباس يوم قتل الأمين ولا يحسن ولم يعتد أن يقال خير حي وميت في غير من ذكر ويرشد إلى ذلك أن الطبري الذي هو المتبوع لابن الأثير لم يذكرها في مراثي الأمين وفي الطليعة: المسلك ينفي أنها في الأمين مع نص جملة اه. ويمكن أن يكون له أبيات في رثاء الحسين عليه السلام ومثلها وزنا وقافية في رثاء الأمين وادخل الرواة من أحديهما في الأخرى اشتباها لاتحاد الوزن والقافية فقد وقع مثله في أبيات الفرزدق في السجاد عليه السلام وغيرها والله أعلم.
خبره مع الرشيد في تاريخ دمشق
قال علي بن الحسين الأصبهاني الكاتب في ذكر الديارات: دير مران بنواحي الشام على قلعة قلة ظ مشرفة على مزارع ورياض حسنة نزله الرشيد ونزله المأمون بعده وكان الخليع مع الرشيد لما نزله فقال:
يا دير مران لا عريت من سكن | قد هجت لي حزنا يا دير مرانا |
هل عند قسك من علم فيخبرني | ان كيف يسعد وجه الصبر من بانا |
سقيا ورعيا لكرخايا وساكها | بين الجنينة والروحاء من كانا |
قال وحكى أبو الحسن الشابستي إن الخليع قال هذه الأبيات في دير مديان وهو الذي على نهر كرخايا قرب بغداد وكرخايا نهر يشق من الحول الكبير ويمر على العباسية ويشق الكرخ ويصب في دجلة وكان قديما عامرا وكان الماء فيه جاريا ثم انطم وانقطع الماء عنه بالبثوق التي حدثت في الفرات والله أعلم وقال عمرو بن بأنه: خرجنا مع المعتصم إلى الشام في غزاة فنزلنا في طريقنا بدير مران فذكر هذه الحكاية وهذه أشبه إلى الصواب من الأولى اه. وفي معجم البلدان دير مديان على نهر كرخايا قرب بغداد وكرخايا نهر وذكر ما مر إلى قوله في الفرات ثم قال وهو نهر نزه وفيه يقول الحسين الخليع:
إني طربت لرهبان مجاورة | بالقدس بعد هدوء الليل رهبانا |
فاستنفرت شجنا مني ذكرت به | كرخ العراق وأحزانا وأشجانا |
فقلت والدمع من عيني منحدر | والشوق يقدح في الأحشاء نيرانا |
يا دير مديان لا عريت من سكن | ما هجت من سقم يا دير مديانا |
هل عند قسك من علم فيخبرني | ان كيف يسعد وجه الصبر من بانا |
سقيا ورعيا لكرخايا وساكنه | بين الجنينة والروحاء من كانا |
قال وروى غير الشابستي هذا الشعر في دير مران وأنشده كذا والصواب ما كتب لتقارب هذه الأمكنة المذكورة بعضها من بعض والله أعلم اه. ولم يذكر شيئا من ذلك في دير مران ويأتي قول المترجم أنه لم يصل إلى الرشيد وقد ظهر مما مر أن لقاءه الرشيد غير محقق.
أخباره مع صالح بن الرشيد
في الأغاني اخبرني جعفر بن قدامة حدثني أبو العيناء عن الحسين بن الضحاك قال كنت يوما عند صالح بن الرشيد فجرى بيننا كلام فرددت عليه ردا أنكره فهاجرني فكتبت إليه:
يا ابن الإمام تركتني هملا | أبكي الحياة وأندب الأملا |
ما بال عينك حين تلحظني | ما إن تقل جفونها ثقلا |
لو كان لي ذنب لبحث به | كي لا يقال هجرتني مللا |
ان كنت اعرف زلة سلفت | فرأيت ميتة والدي عجلا |
فرضي عنه أخباره مع الأمين في الأغاني عن الحسين ابن الضحاك قال اتصلت بمحمد بن زبيدة في أيام أبيه وخدمته ثم اتصلت خدمتي له في أيام خلافته وروى صاحب الأغاني أيضا أن حسين بن الضحاك دخل على محمد الأمين بعقب وقعة أوقعها أهل بغداد بأصحاب طاهر فهزموهم فهناه، بالظفر ثم استأذنه في الإنشاد فإذن له فأنشده:
أمين الله ثق بالله | يعط العز والنصرة |
كل الأمر إلى الله | كلاك الله ذو القدرة |
لنا النصر بإذن الله | والكرة والفره |
وللمراق أعدائك | يوم السوء والدبره |
وكأس تورد الموت | كريه طمعها مره |
سقونا وسقيناهم | فكانت بهم الحسرة |
كذاك رأيت الحرب | أحيانا علينا ولنا مره |
فأمر له بعشرة آلاف درهم ولم يزل يتبسم وهو ينشده.
مراثيه في الأمين
في الأغاني لحسين بن الضحاك في محمد الأمين مراث كثيرة جياد وكان
كثير التحقيق به والموالاة له لكثرة إفضاله عليه وميله إليه وتقديمه إياه وبلغ من جزعه عليه أنه خولط فكان ينكر قتله ومن مراثيه إياه قوله:
سألونا ان كيف نحن فقلنا | من هوى نجمه فكيف يكون |
نحن قوم أصابنا حدث الدهر | فظلنا لريبه نستكين |
نتمنى من الأمين إيابا | لهف نفسي وأين مني الأمين |
ومن جيد مراثيه إياه قوله:
أعزي يا محمد عنك نفسي | معاذ الله والأيدي الجسام |
فهلا مات قوم لم يموتوا | ودوفع عنك لي يوم الحمام |
كان الموت صادف منك غنما | أو استشفى بقربك من سقام |
أخباره مع المأمون
روى أبو الفرج في الأغاني أنه لما قدم المأمون من خرأسان إلى بغداد أمر بان يسمى له قوم من أهل الأدب ليجالسوه ويسامروه فذكر له جماعة فيهم الحسين بن الضحاك وكان من جلساء محمد المخلوع فقرأ أسماءهم حتى بلغ إلى اسم حسين فقال أليس هو الذي يقول في محمد:
هلا بقيت لسد فاقتنا | أبدا وكان لغيرك التلف |
فلقد خلفت خلائفا سلفوا | ولسوف يعوز بعدك الخلف |
لا حاجة لي فيه والله لا يراني أبدا إلا في الطريق ولم يعاقب الحسين على ما كان من هجائه له وتعريضه به وانحدر الحسين إلى البصرة فأقام بها طول أيام المأمون. وروى أيضا صالح بن الرشيد قال دخلت يوما على المأمون ومعي بيتان للحسين بن الضحاك فقلت يا أمير المؤمنين أحب أن تسمع مني بيتين قال أنشدهما فأنشدته:
حمدنا الله شكرا إذ حبانا | بنصرك يا أمير المؤمنينا |
فأنت خليفة الرحمن حقا | جمعت سماحة وجمعت دينا |
فقال لمن هذان البيتان يا صالح فقلت لعبدك يا أمير المؤمنين حسين ابن الضحاك قال قد أحسن قلت وله يا أمير المؤمنين أجود من هذا قال وما هو فأنشدته قوله:
أيبخل فرد الحسن فرد صفاته | علي وقد أفردته بهوى |
فرد:
رأى الله عبد الله خير عباده | فملكه والله أعلم بالعبد |
فأطرق ساعة ثم قال ما تطيب نفسي له بخير بعد ما قال في أخي محمد ما قال. وفي رواية ابن عساكر بعد ذكر البيتين فوجه إليه بخمسة آلاف درهم وخمس خلع. وفي الأغاني أيضا عن عمرو بن نباتة أنهم كانوا عند صالح بن الرشيد قال فبعث صالح إلى منزلي فجئ إليه بدفاتر الغناء ليختار منها ما يلقيه على جواريه وغلمانه فاخذ منها دفترا فمر به شعر الحسين بن الضحاك يرثي الأمين ويهجو المأمون وهو:
أطل حزنا وابك الإمام محمدا | بحزن وان خفت الحسام المهندا |
فلا تمت الأشياء بعد محمد | ولا زال شمل الملك منها مبددا |
ولا فرح المأمون بالملك بعده | ولا زال في الدنيا طريدا مشردا |
فقال لي صالح أنت تعلم أن المأمون يجئ إلي في كل ساعة فإذا قرأ هذا ما تراه يفعل ثم دعا بسكين وجعل يحكه وصعد المأمون من الدرجة ورمى صالح الدفتر فقال المأمون يا غلام الدفتر فأتي به فرأى الحك فقال إن قلت لكم ما فيه تصدقوني قلنا نعم ينبغي أن يكون أخي قال لك ابعث فجئ بدفاترك ليتخير منها ما يطرح فوقف على هذا الشعر فكره أن أراه فأمر بحكه قلنا كذا كان فقال عنه يا عمرو وقلت الشعر لحسين بن الضحاك فقال وما يكون غنه فغنيته فقال ردده فرددته ثلاث مرات فأمر لي بثلاثين ألف درهم وقال حتى تعلم أنه لم يضررك عندي. ولكن في رواية أخرى أن المأمون رضي عنه بعد ذلك روى أبو الفرج عن محمد بن عباد قال لي المأمون وقد قدمت من البصرة كيف ظريف شعرائكم وواحد مصركم قلت ما اعرفه قال ذاك الحسين بن الضحاك أشعر شعرائكم وأظرف ظرفائكم أليس هو الذي يقول:
رأى الله عبد الله خير عباده | فملكه والله أعلم بالعبد |
ما قال في أحد من شعراء زماننا بيتا أبلغ من بيته هذا فاكتب إليه فاستقدمه وكان حسين عليلا وكان يخاف بوادر المأمون لما فرط منه فقلت أنه عليل علته تمنعه من الحركة والسفر قال فخذ كتابا إلى عامل خراجكم بالبصرة حتى يعطيه ثلاثين ألف درهم فأخذت الكتاب وأنفذته إليه فقبض المال اه. لكن لم يذكر مجيئه إلى بغداد ويدل خبره الآتي مع المعتصم أنه بقي بالبصرة إلى زمن المعتصم. ولكن في خبر آخر في الأغاني أن المأمون استقدمه ورضي عنه لكنه امتنع من استخدامه وان ابن البواب قدم إليه رقعة فيها الأبيات التي منها هذا البيت وتعدد الواقعة ممكن ولعله عاد إلى البصرة وبقي فيها إلى زمن المعتصم وبذلك يمكن الجمع بين الأخبار المختلفة فروى فيه أن ابن البواب الحاجب ادخل إلى المأمون رقعة فيها أبيات وقال إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في إنشادها فظنها له فقال هات فأنشده:
أجرني فاني قد ظمئت إلى الوعد | متى تنجز الوعد المؤكد |
بالعهد أعيذك من خلف الملوك وقد بدا فقد=ترى تقطع أنفاسي عليك من الوجد#أيبخل فرد الحسن عني بنائل | قليل وقد أفردته بهوى فرد |
إلى أن بلغ فيها إلى قوله:
رأى الله عبد الله خير عباده | فملكه والله أعلم بالعبد |
إلا إنما المأمون للناس عصمة أ | مميزة بين الضلالة والرشد |
فقال المأمون أحسنت يا عبد الله فقال يا أمير المؤمنين أحسن قائلها قال ومن هو فقال عبدك حسين الضحاك فغضب فقطب ثم قال لاحيا الله من ذكرت ولا بياه ولا قربه ولا أنعم به عينا أليس هو القائل:
أعيناي جودا وابكيا لي محمدا | ولا تذخرا دمعا عليه وأسعدا |
فلا تمت الأشياء بعد محمد | ولا زال شمل الملك فيه مبددا |
ولا فرح المأمون بالملك بعده | ولا زال في الدنيا طريدا مشردا |
هذا بذاك ولا شيء عندنا فقال له ابن البواب فأين فضل إحسان أمير المؤمنين وسعة حلمه وعادته في العفو فأمر بإحضاره فسلم فرد عليه السلام ردا جافيا خفيفا ثم قال اخبرني قبل كل شيء هل عرفت يوم قتل أخي هاشمية سلبت أو هتكت قال لا قال فما معنى قولك:
وسرب ظباء من ذؤابة هاشم | هتفن بدعوى خير حي وميت |
أرد يدا مني إذا ما ذكرته | على كبد حرى وقلب مفتت |
فلا بات ليل الشامتين بغبطة | ولا بلغت آمالها ما تمنت |
فقال يا أمير المؤمنين لوعة غلبتني وروعة فاجأتني ونعمة فقدتها بعد أن غمرتني وإحسان شكرته فأنطقني وسيد فقدته فأقلقني فان عاقبت فبحقك وان عفوت فبفضلك فدمعت عينا المأمون قال قد عفوت عنك وأمرت بإدرار أرزاقك وإعطائك ما فات منها وجعلت عقوبة ذنبك امتناعي من استخدامك اه. وقوله هل عرفت يوم قتل أخي هاشمية سلبت أو هتكت يدل على أن مع الأبيات الثلاثة بيتان من الستة السابقة هما ومهتوكة البيت إذا أحفزتها البيت وقد أوردهما القاضي التنوخي في كتاب الفرج بعد الشدة قبل الأبيات الثلاثة المتقدمة عند ذكر هذه القصة ولم يوردهما أبو الفرج معها ومر عند ذكر تشيعه إن قوله هتفن بدعوى وقوله مهتوكة لا يناسب أن يكن قد قيل في غير يوم ألطف وروى في الأغاني أيضا أنه لما أعيت حسين بن الضحاك الحيلة في رضا المأمون عنه رمي بأمره إلى عمرو بن مسعدة وكتب إليه:
أنت طودي من بين هذي الهضاب | وشهابي من دون كل شهاب |
أنت يا عمرو قوتي وحياتي | ولساني وأنت ظفري ونابي أتراني |
انسى أياديك البيض | إذا اسود نائل الأصحاب |
أين عطف الكرام في ماقط الحاجة | يحمون حوزة الآداب |
أين أخلاقك الرضية حالت | في أم أين رقة الكتاب |
إنا في ذمة السحاب واظما | إن هذا لوصمة في السحاب |
قم إلى سيد البرية عني | قومة تستجر حسن خطاب |
فلعل الإله يطفئ عني | بك نارا علي ذات التهاب |
فلم يزل عمرو يلطف للمأمون حتى أوصله إليه وأدر أرزاقه.
أخباره مع المعتصم
لم يكن الخلفاء يصبرون عن مثله فالمعتصم مع علمه بما قاله في أخيه المأمون استدعاه من البصرة ونادمه ومدحه فأجازه بالجوائز السنية وروى صاحب الأغاني أنه لما ولي المعتصم الخلافة سأل عن حسين بن الضحاك فأخبر بإقامته بالبصرة لانحراف المأمون عنه فأمر بمكاتبته بالقدوم عليه فقدم فلما دخل استأذن في الإنشاد فإذن له فأنشده قوله:
هلا سالت تلذذ المشتاق | ومننت قبل فراقه بتلاق |
إن الرقيب ليستريب تنفسا | صعدا إليك وظاهر الإقلاق |
ولئن أربت لقد نظرت بمقلة | عبرى عليك سخينة الاماق |
نفسي الفداء لخائف مترقب | جعل الوداع إشارة بعناق |
إذ لا جواب لمفحم متحير | إلا الدموع تصان بالإطراق |
حتى انتهى إلى قوله:
خير الوفود مبشر بخلافة | خصت ببهجتها أبا إسحاق |
وافته في الشهر الحرام سليمة | من كل مشكلة وكل شقاق |
أعطته صفقتها الضمائر طاعة | قبل الأكف بأوكد الميثاق |
سكن الأنام إلى إمام سلامة | عف الضمير مهذب الأخلاق |
فحمى رعيته ودافع دونها | وأحبار مملقها من الإملاق |
حتى أتمها فقال له المعتصم ادن مني فدنا منه فملأ فمه جواهر من جوهر كان بين يديه ثم أمره بان يخرجه من فيه فأخرجه وأمر بان ينظم ويدفع إليه ويخرج إلى الناس وهو في يده ليعلموا موقعه من رأيه ويعرفوا فعله فكان أحسن ما مدح به يومئذ قال: ومما قدمه أهل العلم على سائر ما قالته الشعراء قول حسين بن الضحاك في المعتصم والظاهر أنه من تتمة القصيدة السابقة حيث قال:
قل للأولى صرفوا الوجوه عن الهدى | متعسفين تعسف المراق |
إني أحذركم بوادر ضيغم | درب بحطم موائل الأعناق |
متأهب لا يستفز جنانه | زجل الرعود ولامع الأبراق |
لم يبق من متعزمين توثبوا | بالشام غير جماجم أفلاق |
من بين منجدل تمج عروقه | علق الأخادع أو أسير وثاق |
وثنى الخيول إلى معاقل قيصر | تختال بين أجرة ودقاق |
يحملن كل مشمر متغشم | ليث هزبر أهرت الأشداق |
حتى إذا أم الحصون منازلا | والموت بين ترائب وتراق |
هرت بطارقها هرير قساور | بدهت باكره منظر ومذاق |
ثم استكانت للحصار ملوكها | ذلا وناط حلوقها بخناق |
هربت وأسلمت الصليب عشية | لم يبق غير حشاشة الأرماق |
فأمر المعتصم لكل بيت بألف درهم وقال له أنت تعلم يا حسين إن هذا أكثر ما مدحني به مادح في دولتنا فقبل الأرض بين يديه وشكره وحمل المال معه اه. وفي الأغاني عن الحسين بن الضحاك. غضب المعتصم علي في شيء فقال والله لأؤدبنه وحجبني أياما فكتبت إليه:
غضب الإمام أشد من أدبه | وقد استجرت وعذت من غضبه |
أصبحت معتصما بمعتصم | أثنى الإله عليه في كتبه |
لا والذي لم يبق لي سببا | أرجو النجاة به سوى سببه |
ما لي شفيع غير حرمته | ولكل من أشفى على عطبه |
فلما قرئ عليه التفت إلى الواثق ثم قال بمثل هذا الكلام يستعطف الكرام ما هو إلا أن سمعت أبيات حسين هذه حتى أزالت ما في نفسي عليه فقال له الواثق هو حقيق بان يوهب له ذنبه ويتجاوز عنه فرضي ثم حكى أن هذه الأبيات إنما كتب بها إلى المعتصم على يد الواثق لما بلغه أنه مدح العباس بن المأمون وتمنى له الخلافة فطلبه فاستتر فأوصلها الواثق وشفع له فرضي عنه وهجا العباس بن المأمون فقال:
خل الضعيف وما اكتسب | لا زال منقطع السبب |
يا عرة الثقلين لا | دينا رعيت ولا حسب |
حسد الإمام مكانه | جهلا حذاك على العطب |
وأبوك قدمه لها | لما تخير وانتخب |
ما تستطيع سوى التنفس | والتجرع للكرب |
ما زلت عند أبيك | منتقص المروءة والأدب |
وروى صاحب الأغاني أن المعتصم اقطع الناس الدور بسر من رأى وأعطاهم النفقات لبنائها ولم يقطع الحسين بن الضحاك شيئا فدخل عليه فأنشده قوله:
يا أمين الله لا خطة لي | ولقد أفردت صحبي بخطط |
أنا في دهياء من مظلمة | تحمل الشيخ على كل غلط |
صعبة المسلك يرتاع لها | كل من اصعد فيها وهبط |
بوأني منك كما بوأتهم | عرصة تبسط طرفي ما انبسط |
أبتني فيها لنفسي موطنا | ولعقبي فرطا بعد فرط |
لم يزل منك قريبا مسكني | فأعد لي عادة القرب فقط |
كل من قربته مغتبط | ولمن أبعدت خزي وسخط |
فاقطعه دارا وأعطاه ألف دينار لنفقته عليها.
أخباره مع الواثق
روى أبو الفرج في الأغاني أنه لما بويع الواثق بالخلافة دخل عليه الحسين بن الضحاك فأنشده قصيدته التي أولها:
ألم يرع الإسلام موت نصيره | بلى حق أن يرتاع من مات ناصره |
سيسليك عما فات دولة مفضل | أوائله محمودة وأواخره |
ثنى عطفه وألف الله شخصه | على البر مذ شدت عليه مآزره |
يصيب ببذل المال حتى كأنما | يرى بذله للمال نهبا يبادره |
وما قدم الرحمن إلا مقدما | موارده محمودة ومصادره |
فقال الواثق: أن كان الحسين لينطق عن حسن طوية ويمدح بخلوص نية ثم أمر بان يعطى لكل بيت قاله من هذه القصيدة ألف درهم وقال إسحاق الموصلي نقل حسين كلام أبي العتاهية في الرشيد حتى جاء بألفاظه بعينها حيث يقول:
جرى لك من هارون بالسعد طائره | إمام اعتزام لا تخاف بوادره |
إمام له رأي حميد ورحمة | موارده محمودة ومصادره |
وروى عن إبراهيم بن الحسن بن سهل: كنا مع الواثق بالقاطول وهو يتصيد فصاد صيدا حسنا من الأوز والدراج وطير الماء وغير ذلك ثم رجع فتغدى وقال من ينشدنا فقام الحسين بن الضحاك فأنشده:
سقى الله بالقاطول مسرح طرفكا | وخص بسقياه مناكب قصركا |
حتى انتهى إلى قوله:
تحين للدراج في جنباته | وللغر آجال قدرن بكفكا |
حتوفا إذا وجهتهن قواضيا | عجالا إذا أغررتهن بزجركا |
قضيت لبانات وأنت مخيم | مريح وان شطت مسافة عزمكا |
وما نال طيب العيش إلا مودع | وما طاب عيش نال مجهود كدكا |
فقال الواثق ما يعدل الراحة ولذة الدعة شيء فلما انتهى إلى قوله:
خلقت أمين الله للخلق عصمة | وأمنا فكل في ذراك وظلكا |
وثقت بمن سماك بالغيب واثقا | وثبت بالتأييد أركان ملككا |
فأعطاك معطيك الخلافة شكرها | وأسعد بالتقوى سريرة قلبكا |
وزادك من أعمارنا غير منة | عليك بها أضعاف أضعاف عمركا |
ولا زالت الأقدار في كل حالة | عداة لمن عاداك سلما لسلمكا |
إذا كنت من جدواك في كل نعمة | فلا كنت إن لم أفن عمري بشكركا |
فطرب الواثق فضرب الأرض بمخصرة كانت في يده وقال لله درك يا حسين ما أقرب قلبك من لسانك فقال يا أمير المؤمنين جودك ينطق المفحم بالشعر والجاحد بالشكر فقال لن تنصرف إلا مسرورا ثم أمر له بخمسين ألف درهم اه. وهذا الشاعر يطلب من الله تعالى ان يعطي الواثق من أعمارهم أضعاف أضعاف عمره ولو طلب يوما واحدا من عمره لما سمح له به ومع ذلك يقول له الواثق ما أقرب قلبك من لسانك ويجيزه بخمسين ألف درهم. وروى صاحب الأغاني أنه لما ولي الواثق الخلافة جلس للناس ودخل إليه المهنئون والشعراء فمدحوه وهنؤوه ثم استأذن حسين بن الضحاك بعدهم في الإنشاد وكان من الجلساء فترفع عن الإنشاد مع الشعراء فإذن له فأنشده قوله:
أكاتم وجدي فما ينكتم | بمن لو شكوت إليه رحم |
واني على حسن ظني به | لا حذر إن بحت أن يحتشم |
ولي عند لحظته روعة | تحقق ما ظنه المتهم |
وقد علم الناس أني له | محب واحسبه قد علم |
وإني لمغض على لوعة | من الشوق في كبدي تضطرم |
عشية ودعت عن مقلة | سفوح وزفرة قلب سدم |
فما كان عند النوى مسعد | سوى العين تمزج دمعا بدم |
سيذكر من بأن أوطانه | ويبكي المقيمين من لم يقم |
وقال فيها يصف السفنية:
إلى خازن الله في خلقه | سراج النهار وبدر الظلم |
رحلنا غرابيب زفافة | بدجلة في موجها الملتطم |
إذا ما قصدنا لقاطولها | ودهم قراقيرها تصطدم |
سكنا إلى خير مسكونة | تيممها راغب من أمم |
مباركة شاد بنيانها | بخير المواطن خير الأمم |
كان بها نشر كافورة | لبرد نداها وطيب النسم |
كظهر الأديب إذا ما السحاب | صاب على متنها وانسجم |
مبرأة من وحول الشتاء | إذا ما طمى وحله وارتكم |
فما أن يزال بها راجل | يمر الهوينا ولا يلتطم |
ويمشي على رسله آمنا | سليم الشراك نقي القدم |
وللنون والضب في بطنها | مراتع مسكونة والنعم |
غدوت على الوحش مغترة | رواتع في نورها المنتظم |
ورحت عليها وأسرابها | تحوم بأكنافها تبتسم |
ثم قال يمدح الواثق:
يضيق الفضاء به إن عدا | بطودي أعاريبه والعجم |
ترى النصر يقدم راياته | إذا ما خفقن أمام العلم |
وفي الله دوخ أعداءه | وجرد فيهم سيوف النقم |
وفي الله يكظم من غيظه | وفي الله يصفح عمن جرم |
رأى شيم الجود محمودة | وما شيم الجود إلا قسم |
فراح على نعم واغتدى | كان ليس يحسن الأنعم |
فأمر له الواثق بثلاثين ألف درهم ولم يزل من ندمائه.
أخباره مع المتوكل
روى أبو الفرج في الأغاني أن المتوكل أحب أن ينادمه حسين بن الضحاك فأحضره وقد كبر وضعف وفي مروج الذهب ونحوه في الأغاني ذكر محمد بن أبي عون قال حضرت مجلس المتوكل في يوم نيروز وعنده محمد بن عبد الله بن طاهر وبين يديه الحسين بن الضحاك الخليع الشاعر فأمر المتوكل خادما على رأسه حسن الصورة أن يحيي الحسين بتفاحة عنبر ففعل فالتفت المتوكل إلى الحسين فقال قل فيه أبياتا فأنشأ يقول:
وكالدرة البيضاءحيا بعنبر | وكالورد يسعى في قراطق كالورد |
له عبثات عند كل تحية | بعينيه تستدعي الخلي إلى الوجد |
تمنيت أن أسقى بكفيه شربة | تذكرني ما قد نسيت من العهد |
سقى الله دهرا لم أبت فيه ساعة | من الليل إلا من حبيب على وعد |
وفي رواية الأغاني فقال المتوكل يحمل إلى حسين لكل بيت مائة دينار فالتفت إليه محمد بن عبد الله ابن طاهر كالمتعجب وقال لم ذاك يا أمير المؤمنين فو الله لقد أجاب فأسر وذكر فأوجع وأطرب فأمتع ولولا أن يد أمير المؤمنين لا تطاولها يد لأجزلت له العطاء ولو أحاط بالطارف والتالد فخجل المتوكل وقال يعطى الحسين بكل بيت ألف دينار.
وفي الأغاني عن علي بن الجهم: دخلت يوما على المتوكل وهو جالس في صحن خلدة وفي يده غصن آس وهو يتمثل بهذا الشعر:
بالشط لي سكن أفديه من سكن | أهدى من الآس لي غصنين في غصن |
فقلت إذ نظما ألفين والتبسا | سيفا ورعيا لفال فيكما حسن |
الآس لا شك آس من تشوقنا | شاف وآس لما يبقى على الزمن |
بشرتماني بأسباب ستجمعنا | أن شاء ربي ومهما يقضه يكن |
فقال لي وكدت انشق حسدا: لمن هذا الشعر يا علي فقلت للحسين ابن الضحاك يا سيدي فقال لي هو عندي أشعر أهل زماننا وأملحهم مذهبا وأطرفهم نمطا فقلت وقد زاد غيظي: في الغزل يا مولاي قال وفي غيره وان رغم انفك ومت حسدا. وروى صاحب الأغاني أنه كان للحسين بن الضحاك ابن يسمى محمدا له أرزاق فمات فقطعت أرزاقه فقال يخاطب المتوكل ويسأله أن يجعل أرزاق ابنه المتوفى لزوجته وأولاده:
إني أتيتك شافعا | بولي عهد المسلمينا |
وشبيهك المعتز | أوجه شافع في العالمينا |
يا ابن الخلائف الأولين | ويا أبا المتأخرينا |
إن ابن عبدك مات والأيام | تخترم القرينا |
ومضى وخلف صبية | بعراصه متلددينا |
ومهيرة عبرى خلاف | أقارب مستعبرينا |
أصبحن في ريب الحوادث | يحسنون بك الظنونا |
قطع الولاة جراية | كانوا بها متمسكينا |
فامنن برد جميع ما | قطعوه غير مراقبينا |
أعطاك أفضل ما تؤمل | أفضل المتفضلينا |
فأمره المتوكل له بما سال فقال يشكره:
يا خير مستخلف من آل عباس | أسلم وليس على الأيام من باس |
أحييت من أملي نضوا تعاوره | تعاقب اليأس حتى مات باليأس |
وروى صاحب الأغاني أن المتوكل أمر أن ينادمه حسين بن الضحاك ويلازمه فلم يطق ذلك لكبر سنه فقال للمتوكل بعض الحاضرين هو يطيق الذهاب إلى القرى وأماكن أخرى ويعجز عن خدمتك فبلغه ذلك فأرسل إلى المتوكل هذه الأبيات:
أما في ثمانين وفيتها | عذير وان أنا لم اعتذر |
فكيف وقد جزتها صاعدا | مع الصاعدين بتسع آخر |
وقد رفع الله أقلامه | عن ابن ثمانين دون البشر |
سوى من أصر على فتنة | وألحد في دينه أو كفر |
وإني لمن أسراء الإله في | الأرض نصب صروف القدر |
فإن يقض لي عملا صالحا | أثاب وإن يقض شرا غفر |
فلا تلح في كبر هدني فلا | ذنب لي أن بلغت الكبر |
هو الشيب حل بعقب الشباب | فأعقبني خورا من أشر |
وقد بسط الله لي عذره | فمن ذا يلوم إذا ما عذر |
وإني لفي كنف مغدق | وعز بنصر أبي المنتصر |
يباري الرياح بفضل السماح | حتى تبلد أو تنحسر |
له أكد الوحي ميراثه | ومن ذا يخالف وحي السور |
وما للحسود وأشياعه | ومن كذب الحق إلا الحجر |
فأمر له المتوكل بعشرين ألف درهم فحملت إليه. وفي الأغاني عن حسين بن الضحاك: ضربني الرشيد بصحبتي ولده الأمين ثم ضربني الأمين لممايلة ابنه عبد الله ثم ضربني المأمون لميلي إلى الأمين ثم ضربني المعتصم لمودة كانت بيني وبين العباس بن المأمون ثم ضربني الواثق لذهابي إلى المتوكل ثم تغاضب المتوكل علي ولعابي فقلت إن كنت تريد ضربي كما ضربني آباؤك فان آخر ضرب ضربته بسببك فضحك وقال بل أحسن إليك وأصونك وأكرمك.
وقال في المتوكل والفتح بن خاقان كما في مروج الذهب:
إن الليالي لم تحسن إلى أحد | إلا أساءت إليه بعد إحسان |
أما رأيت خطوب الدهر ما فعلت | بالهاشمي وبالفتح بن خاقان |
أخباره مع المنتصر
روى أبو الفرج في الأغاني أنه لما ولي المنتصر الخلافة دخل عليه الحسين بن الضحاك فهنأه بالخلافة وأنشده:
تجددت الدنيا بملك محمد | فأهلا وسهلا بالزمان المجدد |
هي الدولة الغراء راحت وبكرت | مشمرة بالرشد في كل مشهد |
لعمري لقد شدت عرى الدين بيعة | أعز بها الرحمن كل موحد |
هنتك أمير المؤمنين خلافة | جمعت بها أهواء أمة أحمد |
فأظهر إكرامه والسرور به وقال إن في بقائك بهاء للملك وقد ضعفت عن الحركة فكاتبني بحاجاتك ولا تحمل على نفسك بكثرة الحركة ووصله بثلاثة آلاف دينار ليقضي بها دينا بلغه أنه عليه وقال الحسين فيه وقد ركب وهو آخر شعر قاله:
ألا ليت شعري أبدر بدا | نهارا أم الملك المنتصر |
إمام تضمن أثوابه | على سرجه قمرا من بشر |
حمى الله دولة سلطانه | بجند القضاء وجند القدر |
فلا زال ما بقيت مدة | يروح بها الدهر أو يبتكر |
خبره مع المعتضد:
قال ابن الأثير في حوادث سنة 286 فيها سار المعتضد من آمد إلى الرقة وكاتبه الحسين بن عمرو النصراني فكان ينظر في الأموال فقال الخليع في ذلك:
حسين بن عمرو عدو القران | يصنع في العرب ما يصنع |
يقوم لهيبته المسلمون | صفوفا إذا يطلع |
فإن قيل قد اقبل الجاثليق | تحفى له ومشى يظلع |
أخباره مع الحسن بن سهل:
روى صاحب الأغاني أن المأمون لما أطرح حسين بن الضحاك لهواه كان في أخيه محمد وجفاه لأن الحسين بالحسن بن سهل وطمع أن يصلحه له
فقال يمدحه:
أرى الآمال غير معرجات | على أحد سوى الحسن بن سهل |
يباري يومه غده سماحا | كلا اليومين بان بكل فضل |
أرى حسنا تقدم مستبدا | ببعد من رياسته وقبل |
فإن حضرتك مشكلة بشك | شفاك بحكمة وخطاب فصل |
سليل مرازب برعوا حلوما | وراع صغيرهم بسداد كهل |
ملوك إن جريت بهم أبروا | وعزوا إن توازيهم بعدل |
ليهنك إن ما أرجيت رشدا | وما أرضيت من قول وفعل |
وإنك مؤثر للحق فيما | أراك الله من قطع ووصل |
وانك للجميعحيا ربيع | يصوب على قرارة كل محل |
فاستحسنها الحسن بن سهل ودعا بالحسين فقربه وآنسه ووصله وخلع عليه ووعده إصلاح المأمون له فلم يمكنه ذلك لسوء رأي المأمون فيه ولما عاجل الحسن من العلة. وروى أيضا أن الحسن بن سهل قال لحسين بن الضحاك ما عنيت بقولك:
يا خلي الذرع من شجني | إنما أشكو لترحمني |
قال قد بينته بقولي:
منعك الميسور يؤيسني | وقليل اليأس يقتلني |
فقال له انك لتضيع بالخلاعة ما أعطيته من البراعة.
أخباره مع أبي نواس
والمقارنة بينهما
اعلم أن الخليع شديد الشبه بأبي نواس في أكثر صفاته فهما في عصر واحد إلا أن أبا نواس مات قبله وكلاهما شاعر مشهور من أشهر شعراء عصره وكلاهما شاعر مطبوع مشهور بالمجون ويصعب التفضيل بينهما في الشاعرية إلا أن أبا نواس كان أوفر حظا منه عند الناس فكانوا ينسبون مستحسن شعره إلى أبي نواس وقد يمكن الاستدلال بذلك على أن أبا نواس أشعر منه وشعرهما متشابه في أنه سهل ممتنع مشتمل على الرقة والعذوبة والظرف والإكثار من وصف الخمر والإجادة في وصفها وربما كانت خمريات أبي نواس أكثر وأشيع وكلاهما سلك في الشعر طريقة لم يسلكها غيره وامتاز بها كما أوضحناه في ترجمة أبي نواس وكلاهما نادم الأمين ومدحه وأخذ جوائزه وكلاهما مدح سائر ملوك بني العباس وأخذ جوائزهم وكلاهما نسب إلى التشيع نسبة غير جلية وبينهما مطارحات ومحاورات يأتي بعضها.
ويشهد لكون الناس ينسبون شعره إلى أبي نواس ما رواه صاحب الأغاني عن الحسين بن الضحاك قال أنشدت أبا نواس لما حججت قصيدتي الخمرية وهي:
بدلت من نفحات الورد باللاء | ومن صبوحك در الإبل والشاء |
فلما انتهيت إلى قولي منها:
حتى إذا أسندت في البيت واحتضرت | عند الصبوح ببسامين أكفاء |
فضت خواتمها في نعت واصفها | عن مثل رقراقة في جفن مرهاء |
فصعق صعقة أفزعتني وقال أحسنت والله يا أشقر فقلت ويلك يا حسن انك أفزعتني والله فقال بل والله أفزعتني ورعبتني هذا معنى من المعاني التي كان فكري لا بد أن ينتهي إليها أو أغوص أقولها فسبقتني إليه واختلسته مني وستعلم لمن يروى ألي أم لك سمعت من لا يعلم يرويها له ورأيتها في دفاتر الناس في أول أشعاره.
ومن أخباره مع أبي نواس: ما رواه صاحب الأغاني عن حسين بن الضحاك: كنت أنا وأبو نواس تربين نشأنا في مكان واحد وتأدبنا بالبصرة كنا نحضر مجالس الأدباء متصاحبين ثم خرج قبلي عن البصرة وأقام مدة واتصل بي ما آل إليه أمره وبلغني إيثار السلطان وخاصته له فخرجت عن البصرة إلى بغداد ولقيت الناس ومدحتهم وأخذت جوائزهم وعدت وهذا كله في أيام الرشيد إلا أني لم أصل إليه. وفي الأغاني عن حسين بن الضحاك: أنشدت أبا نواس قصيدتي:
وشاطري اللسان مختاق التكرير | شاب المجون بالنسك |
حتى بلغت إلى قولي:
تخالها نصب كأسه قمرا | يكرع في بعض أنجم الفلك |
فأنشدني أبو نواس بعد أيام لنفسه:
إذا عب فيها شارب القوم خلته | يقبل في داج من الليل كوكبا |
فقلت له يا أبا علي هذه مصالبة فقال لي أتظن أنه يروى لك في الخمر معنى جيد وأنا حي. وقال إبراهيم بن المدبر إن الحسين كان يزعم أن أبا نواس سرق منه هذا المعنى حين يقول: يقبل في داج من الليل كوكبا فان كان سرقه منه فهو أحق به لأنه قد برز عليه. وفي الأغاني عن حسين بن الضحاك لقيني أبو نواس فأنشدته:
أخواي حي على الصبوح صباحا | هيا ولا تعدا الصباح رواحا |
هذا الشميط كأنه متحير | في الأفق سد طريقه فألاحا |
ما تأمران بقهوة قروية | قرنت إلى درك النجاح نجاحا |
فلما كان بعد أيام لقيني في ذلك الموضع فأنشدني يقول:
ذكر الصبوح بسحرة فارتاحا | وأمله ديك الصباح صياحا |
فقلت له أفعلتها فقال دع هذا عنك فو الله لا قلت في الخمر شيئا أبدا
وأنا حي ألا نسب لي. وفي الأغاني عن حسين بن الضحاك الخليع كنت في المسجد الجامع بالبصرة فدخل علينا أبو نواس وعليه جبة خز جديدة فقلت من أين هذه فلم يخبرني فتوهمت أنه أخذها من موسى ابن عمران لأنه دخل من باب تميم فقمت فوجدت موسى قد لبس جبة خز أخرى وفي تاريخ دمشق فما زلنا ننقب حتى علمنا أنها من جهة يونس بن عمران بن جميع فانسللت من الحلقة وصرت إلى يونس فقلت:
إن لي حاجة فرأيك فيها | أننا في قضائها سيان |
فقال هاتها على اسم الله وبركته فقلت:
جبة من جبابك الخز حتى | لا يراني الشتاء حيث يراني |
قال خذها على بركة الله فأخذتها فقال أبو نواس من أين لك هذه فقلت من حيث جاءتك تلك. وفي تاريخ دمشق: صلى يحيى بن المعلى الكاتب في مجلس فيه أبو نواس ووالبة بن الحباب فقرأ قل هو الله أحد فغلط فقال أبو نواس:
أكثر يحيى غلطا | في قل هو الله أحد |
فقال والبة:
قام طويلا ساكنا | حتى إذا أعيا سجد |
فقال علي بن الخليل:
يزحر في محرابه | زحير حبلى بولد |
فقال الخليع:
كأنما لسانه | شد بحبل من مسد |
وروى صاحب الأغاني أنه حج أبو نواس وحسين بن الضحاك فجمعهما الموسم فتناشدا قصيدتين لهما وتنازعا أيهما أشعر في قصيدته فقال أبو نواس هذا ابن مناذر وهو بيني وبينك فأنشده أبو نواس قصيدته التي أولها:
دع عنك لومي فان اللوم إغراء | وداوني بالتي كانت هي الداء |
حتى فرع منها فقال ابن مناذر ما أحسب أن أحدا يجيء بمثل هذه وهم بتفضيله فقال له الحسين لا تعجل حتى تسمع فقال هات فأنشده قوله:
بدلت من نفحات الورد باللاء | ومن صبوحك در الإبل والشاء |
حتى انتهى إلى قوله:
فضت خواتمها في نعت واصفها | عن مثل رقراقة في عين مرهاء |
قال له ابن مناذر حسبك قد استغنيت عن أن تزيد فيها شيئا والله لو لم تقل في دهرك كله غير هذا البيت لفضلتك به فحكم له. وروى صاحب الأغاني أنه لما مات أبو نواس كتب حسين بن الضحاك على قبره:
كابرنيك الزمان يا حسن | فخاب سهمي وأفلح الزمن |
ليتك إذ لم تكن بقيت لنا | لم تبق روح يحوطها بدن |
أخباره مع أبي العتاهية
في الأغاني عن الحسين بن الضحاك: كنت أمشي مع أبي العتاهية فمررت بمقبرة وفيها باكية تبكي بصوت شج على ابن لها فقال أبو العتاهية:
أما تنفك باكية بعين | غزير دمعها كمد حشاها |
أجز يا حسين فقلت:
تنادي حفرة أعيت جوابا | فقد ولهت وصم بها صداها |
وفيه عن الحسين بن الضحاك كنت عازما على أن أرثي الأمين بلساني كله وأشفي لوعتي فقال لي أبو العتاهية أنا إليك مائل ولك محب وقد علمت مكانك من الأمين وأنه لحقيق بان ترثيه إلا أنك قد أطلقت لسانك بالتلهف عليه والتوجع له بما صار هجاء لغيره وثلبا له وتحريضا عليه وهذا المأمون منصب إلى العراق فابق على نفسك يا ويحك أتجسر على أن تقول:
تركوا حريم أبيهم نفلا | والمحصنات صوارخ هتف |
هيهات بعدك أن يدوم لهم | عز وان يبقى لهم شرف |
فعلمت أنه قد نصحني فجزيته وقطعت القول فنجوت برأيه وما كدت أنجو.
خبره مع أبي شهاب الشاعر
روى أبو الفرج في الأغاني أنه جاءت جماعة فيها حسين ابن الضحاك وأبو شهاب الشاعر فتلاحى حسين وأبو شهاب في دابتيهما وتراهنا على المسابقة فسبقه أبو شهاب فقال حسين:
كلوا واشربوا هنئتموا وتمتعوا | وعيشوا وذموا الكودنين جميعا |
فاقسم ما كان الذي نال منهما | مدى السبق إذ جد الجراء سريعا |
هي قصيدة معروفة فقال أبو شهاب يجيبه:
أيا شاعر الخصيان حاولت خطة | سبقت إليها وانكفأت سريعا |
تحاول سبقي بالقريض سفاهة | لقد رمت جهلا من حماي منيعا |
وهي أيضا قصيدة فكان أصحابه إذا أرادوا العبث به يقولون له أيا شاعر الخصيان.
مقطوعات من شعره غير ما مر
في فهرست ابن النديم عند تعداد الشعراء: الحسين الخليع بن الضحاك شعره مائة وخمسون ورقة وذكر قبل ذلك أن كل صفحة من الورقة عشرون سطرا وفي الأغاني عن المبرد حسين بن الضحاك أشعر المحدثين حيث يقول:
أي ديباجة حسن | هيجت لوعة حزني |
إذ رماني القمر الزاهر | عن فترة جفن |
بأبي شمس نهار | برزت في يوم دجن |
قربتني بالمنى حتى | إذا ما أخلفتني |
تركتني بين ميعا | وخلف وتجني |
ما أرى لي من جنى | الصبوة إلا حسن ظني |
إنما دامت على الغدر | لما تعرف مني |
استعيذ الله من إعراض | من اعرض عني |
وفي الأغاني سمع الرياشي ينشد هذين البيتين ويستظرفهما جدا وهما:
إذا ما الماء أمكنني | وصفو سلافة العنب |
صببت الفضة البيضاء | فوق قراضة الذهب |
فسأل من قائلهما فقال أرق الناس طبعا وأكثرهم ملحا وأكملهم ظرفا حسين بن الضحاك. وقال باقتراح صالح بن الرشيد كما في الأغاني:
ليبلغ بنا هجر الحبيب مرامه | هل الحب إلا عبرة ونحيب |
كأنك لم تسمع بفرقة ألفة | وغيبة وصل لا تراه يؤوب |
وقال في غلام جالس في القمر وحوله نرجس أورده صاحب الأغاني:
وصف البدر حسن وجهك حتى | خلت إني وما أراك أراكا |
وإذا ما تنفس النرجس الغض | توهمته نسيم شذاكا |
خدع للمنى تعللني فيك | بإشراق ذا ونفحة ذاكا |
لأقيمن ما حييت على الشكر | لهذا وذاك إذ حكياكا |
وفي الأغاني عن علي بن العباس الرومي: حسين بن الضحاك أغزل الناس وأظرفهم حين يقول:
يا مستعير سوالف الخشف | اسمع لحلفة صادق الحلف |
إن لم أصح ليلي أيا حربي | من وجنتيك وفترة الطرف |
فجحدت ربي فضل نعمته | وعبدته أبدا على حرف |
وقال يصف الروض من أبيات:
ألست ترى الصبح قد أسفرا | ومبتكر الغيث قد أمطرا |
وأسفرت الأرض عن حلة | تضاحك بالأحمر الأصفرا |
وقال كما في تاريخ دمشق:
وأحور محسود على حسن وجهه | يزيد تماما حين يبدو على البدر |
دعاني بعينيه فلما أجبته | رماني بأسباب القطيعة والهجر |
وكلفني صبرا عليه فلم أطق | كما لم يطق موسى اصطبارا على الخضر |
شكوت الهوى يوما إليه فقال لي | مسيلمة الكذاب جاء من القبر |
وقال:
صل بخدي خديك تلق عجيبا | من معان يحار فيها الضمير |
فبخديك للربيع رياض | وبخدي للدموع غدير |
وقال:
لا وحبيك لا أصا | فح بالدمع مدمعا |
من بكى شجوه استراح | وإن كان مولعا |
كبدي في هواك أسقم | من أن تقطعا |
لم تدع صورة الضنى | في للسقم موضعا |
وقال أورده صاحب الأغاني:
كنت حرا فصرت عبد اليماني | من هوى شادن هواه براني |
وهو نصفان من قضيب ودعص | زان صرد القضيب رمانتان |
وقال لما بلغ الثمانين. في الأغاني عن محمد بن مروان الابزاري دخلت على حسين بن الضحاك فقلت له كيف أنت جعلني الله فداك فبكى ثم أنشأ يقول:
أصبحت من إسراء الله محتسبا | في الأرض نحو قضاء الله والقدر |
إن الثمانين إذ وفيت عدتها | لم تبق باقية مني ولم تذر |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 41
الخليع الشاعر اسمه الحسين بن الضحاك ومر في بابه
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 335
الخليع بن الضحاك الحسين بن الضحاك بن ياسر، أبو علي الشاعر البصري المعروف بالخليع، مولى لولد سليمان بن ربيعة الباهلي الصحابي.
أصله من خراسان، وهو شاعر ماجن مطبوع حسن الافتنان في ضروب الشعر وأنواعه. وسمي بالخليع لكثرة مجونه وخلاعاته.
قال المرزباني: يعرف بحسين الأشقر، بلغ سنا عالية، قارب التسعين، أو جاوزها، يقال إنه ولد سنة اثنتين وستين ومائة. ومات سنة خمسين ومائتين.
وحكى يزيد بن محمد المهلبي عنه، قال: أذكر وأنا صبي، موت شعبة ابن الحجاج، وشعبة مات سنة ستين ومائة.
واتصل له من منادمة الخلفاء ما لم يتصل لأحد إلا لإسحاق بن إبراهيم الموصلي، فإنه قاربه في ذلك أو ساواه. جالس الرشيد قبل أن ينكب البرامكة، ثم جالس من بعده من الخلفاء إلى آخر أيام الواثق، وصحب الأمين سنة ثمان وثمانين ومائة، ولم يزل مع الخلفاء إلى أيام المستعين، وله يقول:
أسلفت أسلافك في خدمتي | من مدتي إحدى وستينا |
كنت ابن عشرين وست وقد | وفيت سبعا وثمانينا |
أجرني فإني قد ظمئت إلى الوعد | متى ينجز الوعد المؤكد بالعهد |
أعيذك من خلق ملول وقد ترى | تقطع أنفاسي عليك من الوجد |
أيبخل فرد الحسن عني بنائل | قليل وقد أفردته بهوى فرد |
رأى الله عبد الله خير عباده | فملكه والله أعلم بالعبد |
إلا إنما المأمون لله عصمة | مميزة بين الضلالة والرشد |
أعيني جودا وابكيا لمحمد | ولا تذخرا دمعا عليه وأسعدا |
فلا تمت الأشياء بعد محمد | ولا زال شمل الملك فيه مبددا |
ولا فرح المأمون بالملك بعده | ولا زال في الدنيا طريدا مشردا |
ومما شجى قلبي وكفكف عبرتي | محارم من آل النبي استحلت |
ومهتوكة بالخلد عنها سجوفها | كعاب كقرن الشمس حين تبدت |
إذا أخفرتها روعة من منازع | بها المرط عاذت بالخشوع ورنت |
وسرب ظباء من ذؤابة هاشم | هتفن بدعوى خير حي وميت |
أرد يدا مني إذا ما ذكرته | على كبد حرى وقلب مفتت |
فلا بات ليل الشامتين بغبطة | ولا بلغت آمالها ما تمنت |
وشاطري اللسان مختلق التـ | ـكريه شاب المجون بالنسك |
كأنما نصب كأسه قمر | يكرع في بعض أنجم الفلك |
إذا عب فيها شارب القوم خلته | يقبل في داج من الليل كوكبا |
هلا رحمت تلدد المشتاق | ومننت قبل فراقه بتلاق |
إن الرقيب ليستريب تنفسي | صعدا إليك وظاهر الإقلاق |
نفسي الفداء لخائف مترقب | جعل الوداع إشارة بعناق |
إذ لا مقال لمفحم متحير | إلا الدموع تصان بالإطراق |
خير الوفود مبشر بخلافة | خصت ببهجتها أبا إسحاق |
وافته في الشهر الحرام سليمة | من كل مشكلة وكل شقاق |
سكن الزمان إلى الإمام سلامة | عف الضمير مهذب الأخلاق |
فحمى رعيته ودافع دونها | وأجار مملقها من الإملاق |
أيا من طرفه سحر | ويا من ريقه خمر |
تجاسرت فكاشفتـ | ـك لما غلب الصبر |
وما أحسن في مثلـ | ـك أن ينهتك الستر |
فإن عنفني الناس | ففي وجهك لي عذر |
صل بخدي خديك تلق عجيبا | من معان يحار فيها الضمير |
فبخديك للربيع رياض | وبخدي للدموع غدير |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 12- ص: 0
الخليع الشاعر الحسين بن الضحاك.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0
الحسين بن الضحاك بن ياسر البصري المعروف بالخليع أبو علي: أصله من خراسان، وهو مولى لولد سلمان بن ربيعة الباهلي الصحابي، فهو مولى لا باهلي النسب كما زعم ابن الجراح، بصري المولد والمنشأ، وهو شاعر ماجن ولذلك لقب بالخليع، وعداده في الطبقة الأولى من شعراء الدولة العباسية المجيدين.
ولد سنة اثنتين وستين ومائة وتوفي في بغداد سنة خمسين ومائتين وقد ناهز المائة، وكان شاعرا مطبوعا حسن التصرف في الشعر، وكان أبو نواس يغير على معانيه في الخمر، وإذا قال شيئا فيها نسبه الناس إلى أبي نواس، وله غزل كثير أجاد فيه، وهو أحد الشعراء المطبوعين الذين أغناهم عفو قرائحهم عن التكلف.
وقد اتصل الحسين بن الضحاك بالخلفاء من بني العباس ونادمهم، وأول من جالس منهم محمد الأمين بن هارون الرشيد وكان اتصاله به في سنة ثمان وتسعين ومائة وهي السنة التي قتل فيها الأمين، وتنقل بعده في مجالس الخلفاء ونادمهم إلى الحين الذي مات فيه في زمن المستعين، وقيل في زمن المنتصر.
حدث الصولي عن عبد الله بن محمد الفارسي عن ثمامة بن أشرس قال: لما قدم المأمون من خراسان وصار إلى بغداد أمر بأن يسمى له قوم من أهل الأدب ليجالسوه ويسامروه، فذكر له جماعة فيهم الحسين بن الضحاك، فقرأ أسماءهم حتى بلغ إلى اسم الحسين فقال: أليس هو الذي يقول في الأمين، يعني أخاه:
هلا بقيت لسد فاقتنا | أبدا وكان لغيرك التلف |
فلقد خلفت خلائفا سلفوا | ولسوف يعوز بعدك الخلف |
هلا رحمت تلدد المشتاق | ومننت قبل فراقه بتلاق |
إن الرقيب ليستريب تنفس ال | صعدا إليك وظاهر الإقلاق |
ولئن أربت لقد نظرت بمقلة | عبرى عليك سخينة الآماق |
نفسي الفداء لخائف مترقب | جعل الوداع إشارة بعناق |
إذ لا جواب لمفحم متحير | إلا الدموع تصان بالإطراق |
خير الوفود مبشر بخلافة | خصت ببهجتها أبا إسحاق |
وافته في الشهر الحرام سليمة | من كل مشكلة وكل شقاق |
أعطته صفقتها الضمائر طاعة | قبل الأكف بأوكد الميثاق |
سكن الأنام إلى إمام سلامة | عف الضمير مهذب الأخلاق |
فحمى رعيته ودافع دونها | وأجار مملقها من الإملاق |
قل للأولى صرفوا الوجوه عن الهدى | متعسفين تعسف المراق |
إني أحذركم بوادر ضيغم | درب بخطم موائل الأعناق |
متأهب لا يستفز جنانه | زجل الرعود ولا مع الإبراق |
لم يبق من متعرمين توثبوا | بالشام غير جماجم أفلاق |
من بين منجدل تمج عروقه | علق الأخادع أو أسير وثاق |
وثنى الخيول إلى معاقل قيصر | تختال بين أحزة ورقاق |
يحملن كل مشمر متغشم | ليث هزبر أهرت الأشداق |
حتى إذا أم الحصون منازلا | والموت بين ترائب وتراق |
هرت بطارقها هرير ثعالب | بدهت بزأر قساور طراق |
ثم استكانت للحصار ملوكهم | ذلا ونيط حلوقهم بخناق |
هربت وأسلمت البلاد عشية | لم تبق غير حشاشة الأرماق |
تجددت الدنيا بملك محمد | فأهلا وسهلا بالزمان المجدد |
هي الدولة الغراء راحت وبكرت | مشمرة بالرشد في كل مشهد |
لعمري لقد شدت عرى الدين بيعة | أعز بها الرحمن كل موحد |
هنتك أمير المؤمنين خلافة | جمعت بها أهواء أمة أحمد |
ألا ليت شعري أبدر بدا | نهارا أم الملك المنتصر |
إمام تضمن أثوابه | على سرجه قمرا من بشر |
حمى الله دولة سلطانه | بجند القضاء وجند القدر |
فلا زال ما بقيت مدة | يروح بها الدهر أو يبتكر |
أحيت صبوحي فكاهة اللاهي | وطاب يومي بقرب أشباهي |
فآثر اللهو في مكامنه | من قبل يوم منغص ناه |
بابنة كرم من كف منتطق | مؤتزر بالمجون تياه |
يسقيك من طرفه ومن يده | سقي لطيف مجرب داه |
طاسا وكأسا كأن شاربها | حيران بين الذكور والساهي |
أما في ثمانين وفيتها | عذير وإن أنا لم أعتذر |
وقد رفع الله أقلامه | عن ابن ثمانين دون البشر |
وإني لمن أسراء الإله | في الأرض نصب حروف القدر |
فإن يقض لي عملا صالحا | أثاب وإن يقض شرا غفر |
أصبحت من أسراء الله محتسبا | في الأرض نحو قضاء الله والقدر |
إن الثمانين إذ وفيت عدتها | لم تبق باقية مني ولم تذر |
وصف البدر حسن وجهك حتى | خلت أني وما أراك أراكا |
وإذا ما تنفس النرجس الغ | ض توهمته نسيم شذاكا |
خدع للمنى تعللني في | ك بإشراق ذا وبهجة ذاكا |
لا وحبيك لا أصا | فح بالدمع مدمعا |
من بكى شجوه استرا | ح وإن كان موجعا |
كبدي في هواك أس | قم من أن تقطعا |
لم تدع صورة الضنى | في للسقم موضعا |
ألا إنما الدنيا وصال حبيب | وأخذك من مشمولة بنصيب |
ولم أر في الدنيا كخلوة عاشق | وبذلة معشوق ونوم رقيب |
أرى الآمال غير معرجات | على أحد سوى الحسن بن سهل |
يباري يومه غده سماحا | كلا اليومين بان بكل فضل |
أرى حسنا تقدم مستبدا | ببعد من رياسته وقبل |
فإن حضرتك مشكلة بشك | شفاك بحكمة وخطاب فصل |
سليل مرازب برعوا حلوما | وراع صغيرهم بسداد كهل |
ملوك إن جريت بهم أبروا | وعزوا أن توازيهم بعدل |
ليهنك أن ما أرجيت رشدا | وما أمضيت من قول وفعل |
وأنك مؤثر للحق فيما | أراك الله في قطع ووصل |
وأنك للجميع حيا ربيع | يصوب على قرارة كل محل |
أكتم وجدي فما ينكتم | بمن لو شكوت إليه رحم |
وإني على حسن ظني به | لأحذر إن بحت أن يحتشم |
ولي عند لحظته روعة | تحقق ما ظنه المتهم |
وقد علم الناس أني له | محب وأحسبه قد علم |
وإني لمغض على لوعة | من الشوق في كبدي تضطرم |
عشية ودعت عن مدمع | سفوح وزفرة قلب سدم |
فما كان عند النوى مسعد | سوى الدمع يغسل طرفا كلم |
سيذكر من بان أوطانه | ويبكي المقيمين من لم يقم |
إلى خازن الله في خلقه | سراج النهار وبدر الظلم |
ركبنا غرابيب زفافة | بدجلة في موجها الملتطم |
إذا ما قصدنا لقاطولها | ودهم قراقيرها تصطدم |
وصرنا إلى خير مسكونة | تيممها راغب أو ملم |
مباركة شاد بنيانها | بخير المواطن خير الأمم |
كأن بها نشر كافورة | لبرد نداها وطيب النسم |
كظهر الأديم إذا ما السحاب | صاب على متنها وانسجم |
مبرأة من وحول الشتاء | إذا ما طمى وحله وارتكم |
فما إن يزال بها راجل | يمر الهوينا ولا يلتطم |
ويمشي على رسله آمنا | سليم الشراك نقي القدم |
وللنون والضب في بطنها | مراتع مسكونة والنعم |
يضيق الفضاء به إن غدا | بطودي أعاريبه والعجم |
ترى النصر يقدم راياته | إذا ما خفقن أمام العلم |
وفي الله دوخ أعداءه | وجرد فيهم سيوف النقم |
وفي الله يكظم من غيظه | وفي الله يصفح عمن ظلم |
رأى شيم الجود محمودة | وما شيم الجود إلا قسم |
فراح على نعم واغتدى | كأن ليس يحسن إلا نعم |
أتاني منك ما ليس | على مكروهه صبر |
فأغضيت على عمد | وقد يغضي الفتى الحر |
وأدبتك بالهجر | فما أدبك الهجر |
ولا ردك عما كا | ن منك النصح والزجر |
فلما اضطرني المكرو | ه واشتد بي الأمر |
تناولتك من ضري | بما ليس له قدر |
فحركت جناح الذ | ل لما مسك الضر |
إذا لم يصلح الخير ام | رءا أصلحه الشر |
غضب الإمام أشد من أدبه | وقد استجرت وعذت من غضبه |
أصبحت معتصما بمعتصم | أثنى الإله عليه في كتبه |
لا والذي لم يبق لي سببا | أرجو النجاة به سوى سببه |
ما لي شفيع غير حرمته | ولكل من أشفى على عطبه |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 3- ص: 1062
الخليع الشاعر المفلق، أبو علي الحسين بن الضحاك الباهلي مولاهم، البصري، الخليع.
مدح الخلفاء، وسار شعره، وعمر دهرا، وكان يذكر موت شعبة، وكان ذا ظرف ومجون، وتفنن في بديع النظم، وكان نديما مع إسحاق الموصلي.
مات سنة خمسين ومائتين، وله بضع وتسعون سنة. وشهر بالخليع؛ لمجونه وهناته، وهو القائل:
ولا وحبيك لا أصا | فح بالدمع مدمعا |
من بكى شجوه استرا | ح وإن كان موجعا |
كبدي في هواك أسـ | ـقم من أن يقطعا |
لم تدع سورة الضنى | في للسقم موضعا |
صل بخدي خديك تلق عجيبا | من معان يحار فيها الضمير |
فبخديك للرياض ربيع | وبخدي للدموع غدير |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 9- ص: 536