السيد مير علي أبو طبيخ ابن السيد عباس ابن السيد راضي بن الحسن يرجع نسبه إلى الامام موسى بن جعفر (ع)، وأمه بنت الشيخ راضي جد الاسرة المعروفة في النجف، ويمت إلى آل كاشف الغطاء بمثل هذه الخئولة. ولد في النجف في غضون العشرة الأولى من القرن الرابع عشر الهجري، وتوفي في شهر شوال من سنة 1361 وهو لم يتجاوز الخمسين الا قليلا. وبالنظر لمكانة أخواله العلمية بالاضافة إلى فضيلة أبيه العلمية فقد كان لذلك كل الأثر في ثقافته ونشاته وتكوينه حتى لقد تلقى سلسلة طويلة من دروسه على الشيخ جعفر والشيخ راضي وعلى الشيخ عبد الرضا الشيخ راضي، وكان يقضي معظم أوقاته في مجالسهم العامة ودواوينهم العامرة. واجتاز في سيره مرحلة كبيرة منالعلوم الدينيةإلى ان حل به مرض أقعده في البيت نحو اثنتي عشرة سنة وله مؤلفات بقيت مخطوطة.
(شعره)
له ديوان شعر طبع بعد وفاته فمن شعره هذه القصيدة التي نظمها خلال:
اروبا معدن العلم | لقد ابنك العلم |
هصرت الأرض كيناء | و ثقفت الأطباء |
ترومين بان يسعد | هذا الخلق احياء |
فلما اينع الشاطيء | اصقاعا وارجاء |
غدا يقصفه الجو | فعاث الزرع والماء |
على غير هوى منك | تجافى ربعك السلم |
فيا ظلمة ايامي | غداة اجتاحك الظلم |
فكم نجم بدا منك | و كم منك هوى نجم |
وكم يحيى بك العلم | فلم يقتلك العلم؟ |
أتت تختبط الدأماء | في الحرب الاساطيل |
كما تسحق هام الحق | في الدنيا الأباطيل |
فاضحت امة العذراء | تنعاها الأناجيل |
كان الدهر لم يان | له جرح وتعديل |
فكم دنيا رأينا منك | في الأيام معموره |
رمادا أصبحت تذرى | و كانت ذهب الكورة |
فلم يبق لها المدفع | من انقاض مقصوره |
ولم تغن الهيولات | إذا فارقت الصورة |
مرت كفك ضرع الدهر | كي يصفو لك المشرب |
فنلت السهل بالسهل | و رضت الصعب بالاصعب |
وقد أفرط فيك الزهو | حتى لم يجد مذهب |
فهبك كنت طاوسا | فما الحيلة ان أذنب؟ |
ذريني واجب القلب | أجل طرفي مبهوتا |
لئن قصرت في نعتي | فما قصرت منعوتا |
صفي لي وثبة الطيار | يستوحي البراشوتا |
فهل من شخص عزرائيل | كان الشكل منحوتا |
على المرقب ناقوس | و في المربا صفاره |
إذا دوى بها الأفق | بدت تنذر بالغاره |
فلا الدار ترى الشخص | و لا الشخص يرى داره |
وكان النفق القلب | أهل الدار إسراره |
أمانا جنة الدنيا | فقد حاطتك نيران |
لها الواقد أشياخ | و في الموقد شبان |
ذوت من لهب المدفع | حرقا وهي أغصان |
فما صنعك بالحور | إذا لم يك ولدان؟ |
مها أفزعها المهداد | فانصاعت عن الورد |
تؤم المخبإ النائي | فلا تلوي إلى قصد |
وتثني الفاحص المذعور | عن دغدغة النهد |
ومان ان خفيت دل | عليها أرج الند |
صقور في الفضاء الرحب | تزجيها الشياطين |
تريع العصم في الأمن | فكيف الخرد العين؟ |
فأين الخلق السهل | و اين الرفق واللين؟ |
ومن طلقة (سينغفريد) سيغفريد | أقوى حصن (ماجينو) |
عزاء غاب بولون | إذا ما عقك الشعب |
فمن أجلك نهر السين | لا ينهى به الشرب |
تهون الفتنة الكبرى | إذا عم بها الخطب |
سرت شعلتها حتى | تساوى الشرق والغرب |
أهوت به علته فانتدب | الحيلة يثنيها فأعياه السبب |
قالوا النطاسي فالقى فخه | مقتنصا جاء ليصطاد النشب |
حتى إذا استفرغ ما ظن به | من فضة يكنزها أو من ذهب |
تعاظم الداء عليه فالتوى | و استعضل النازل فيه فانسحب |
وللرفاق حوله ولولة | و للبنين والبنات مصطخب |
يقوم هذا فزعا مما به | و البعض جاث عنده على الركب |
فلا حميم لحماه يلتجي | و لا ابن أم نافعا ولا ابن أب |
وهو على بصيرة من امره | منتبها يرنو لسوء المنقلب |
ينظر فيم ذهبت أيامه وما | اكتسى من عمل وما اكتسب |
طغت عليه لجج الموت فما | اقام في تيارها حتى رسب |
فاستك منه سمعه وأخرست | شقشقة تزري بفصحاء العرب |
وجاءه الموت فاضحى هامدا | قد استقر بعد ما كان اضطرب |
وأغمضت اجفانه لا عن كرى | و اسبل الايدي من غير وصب |
وسيقت النفس على علاتها | إلى الجنان أو إلى النار حطب |
اني أعوذ بولاء حيدر | و صفوة الآل البهاليل النجب |
هم الرعاة لا عدمت فيئهم | و هم سفائن النجاة في العبب |
هم عرفات الحج هم شعاره | هم كعبة البيت وهم أسنى القرب |
وهم يد الله ونور وجهه | الساطع والسر الذي به احتجب |
آل العبا المطهرون انهم | خيرته والنخبة التي انتخب |
تطوي الذميل على الرسيم | و تفل ناصية الأديم |
ان أرقلت بمناسم | زفت بقادمة الظليم |
تدع البروق وراءها | و تجر ارسنة النسيم |
تبدو بجؤجؤ اربد | متلفتا بلحاظ ريم |
من قوس حاجب صنعها | أو صنع عرجون قديم |
فذر النواطح للسحاب | و خذ بناطحة النجوم |
من قبة الفلك استجذ | سنامها للمستنيم |
فالغرب شرق عندها | و الشرق غرب حين تومي |
قد شاقها وادي الطفوف | فنكبت وادي الغميم |
تهفو لمعهد فتية | هم نجدة الحي المضيم |
غر بها ليل الوجوه | قوارع الصيد القروم |
يتسابقون إلى العلا | و يدون بالشرف الصميم |
علموا الحقيقة فاغتدوا | في طاعة الملك العليم |
واستوضحوا سبل الحياة | بمرقد الليل البهيم |
من كل غطريف ارم | بمنبت الفرق الكريم |
كحبيب الماضي الشباة | و مسلم الليث الشتيم |
قالت إذا قعدت بهم | أحسابهم للحرب قومي |
لا ينتشون بغيرها | كالكأس في كف النديم |
تسري النجائب تحتهم | برقا بمختلف الغيوم |
ولدوا على أعرافها | و تمسكوا بعرى الشكيم |
نصروا الحسين بموقف | يثني الحميم عن الحميم |
حفته خيل امية | من كل طاغية اثيم |
فطوى الرعيل على الرعيل | و شلها شل الأديم |
تلك المئات يخطها | بالسيف والرمح القويم |
ألفات هذا في الرقاب | و نقط هذا في الصميم |
حتى إذا نزل القضاء | وفاء بالأمر الحكيم |
القى جران الصبر | بين مضارب الخطب الجسيم |
أفديه منهتك الحمى | أفديه مسبي الحريم |
أفديه منعفر الجبين | مجدلا دامي الكلوم |
يا بضعة الهادي الشفيع | و آية النبا العظيم |
هتكوا بك البيت الحرام | و ركن زمزم والحطيم |
ما بال بجدل لارعت | احشاه غير لظى الجحيم |
لو سام كفك نائلا | لرمت بخاتمها الوسيم |
ولقلت ذا فعل الوصي | أبي ومن شيمي وخيمي |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 260