الشيخ أبو الحسن علاء الدين علي ابن الحسين الشفهيني الحلي
أكثر ما وجدناه الشفهيني ولعله الأصح ويوجد العاملي وهو غلط.
(وفاته)
في الطليعة أنه توفي في حدود السبعمائة بالحلة وله قبر معروف بها يزار ويتبرك به وفي مجلة المرشد البغدادية أنه توفي سنة 700 ولا نخال ذلك صحيحا إذ لم يسنده إلى مستند ولا رأينا من ذكره من المترجمين له المعتنين بهذا الشأن مع أنه معاصر للشهيد الذي استشهد سنة 786 وقد شرح الشهيد بعض قصائده كما ستعرف فإذا فرضنا أنه شرحها سنة وفاة ناظمها ويبعد أن يكون عمره يومئذ دون العشرين فيكون عمر الشهيد قد تجاوز المائة ولم يعده أحد من المعمرين. مضافا إلى ما ستعرف من قول صاحب الرياض أنه معاصر لابن فهد المتوفي سنة 841 وغاية ما علم إن المترجم من أهل القرن الثامن معاصر للشهيد:
(نسبته)
(الشهيفيني) بشين معجمة وهاء ويائين مثناتين من تحت بينهما فاء ونون وياء النسبة كما في كشكول البحراني والروضات وأمل الآمل وبعض المخطوطات وفي بعضها لا توجد الياء الثانية بعد الفاء، لا تعلم هذه النسبة إلى أي شيء ولعل الشهيفنية قرية بنواحي الحلة نسب إليها ويوجد في بعض القيود وعن رياض العلماء في موضوع الشفيهيني بالشين المعجمة والفاء والياء المثناة من تحت والنون وفي بعضها الشفهيني بالشين والفاء والهاء والياء والنون، قال والظاهر أنه نسبة إلى بعض قرى جبل عامل وفي مجالس المؤمنين الشهيفية (بغير نون) بدل الشهيفيني والظاهر أنه من سهو القلم وعن رياض العلماء في موضع آخر علي بن الشهيفية الحلي وقال لعلها أمه وهو اشتباه كما ستعرف فقد ذكر في الرياض ترجمتين (إحداهما) لعلي ابن الشهيفية الحلي (والثانية) لعلي بن الحسين الشفهيني واستظهر أنه عاملي وفي روضات الجنات في ترجمة الشهيد الأول إن له شرحا على قصيدة الشيخ أبي الحسن علي بن الحسين المشتهر بالشهيفيني العاملي في مدح سيدنا أمير المؤمنين (عليه السلام) مجنسا وهي من جملة ديوانه الكبير كما ذكره بعض الخبيرين والعجب إن صاحب أمل الآمل مع حرصه على جميع فضلاء جبل عامل كيف غفل عن ذكر هذا الرجل وكيف غفل عن هذا الشرح فلم يذكره في مؤلفات الشهيد. قال المؤلف: الرجل حلي لا عاملي كما صرح به في مجالس المؤمنين والرياض في الترجمة الأولى وصاحب أمل الآمل وصرح به المترجم نفسه بقوله في قصيدة تأتي:
إذا غبتم عن أرض حلة بابل | فلا سحبت للسحب فيه ذيول |
فارقت ارض الجامعين فلا الصبا | عذب ولا طرف السحائب باكي |
نم العذار بعارضيه وسلسلا | وتضمنت تلك المراشف سلسلا |
قمر أباح دمي الحرام محللا | إذ مر يخطر في قباه محللا |
رشا تردى بالجمال فلم يدع | لاخي الصبابة في هواه تجملا |
كتب الجمال على صحيفة خده | بيراع معناه البهي ومثلا |
فبدا بنوني حاجبيه معرفا | من فوق صادي مقلتيه واقفلا |
ثم استمد فمد أسفل صدغه | ألفا ألفت به العذاب الأطولا |
وأعجب له إذ هم ينقط نقطة | من فوق حاجبه فجاءت أسفلا |
فتحققت في ماء حمرة خده | خالا فعم هواه قلب المبتلى |
قابلته شاكي السلاح قد امتطى | في غرة الأضحى أغر محجلا |
مترديا خضر الملابس إذ لها | باللؤلؤ الرطب المنضد مجتلى |
فنظرت بدرا فوق غصن مائس | خضر تعاهده العهاد فكللا |
بدر مع الجوزاء لاح لناظر | مبتلج فأزاح ليلا أليلا |
حتى إذا قصد الرمية راشقا | بسهامه ناديته متمثلا |
لك ما ينوب عن السلاح بمثله | يا من أصاب من المحب المقتلا |
يكفيك طرفك صارما والقد خطارا | وحاجبك المعرق عيطلا |
عاتبته فشكوت مجمل صده | لفظا أتى لقطا فكان مفصلا |
فتضرجت وجناته مستعذبا | عتبي ويعذب للمعاتب ما حلا |
فافتر عن در وأسفر عن ضحى | من لي بلثم المجتني والمجتلى |
من لي بغصن نقي تبدأ فوقه | قمر تغشى جنح ليل فانجلى |
حلو الشمائل لا يزيد على الرضا | إلا علي قساوة وتدللا |
نجلت به صيد الملوك فأصبحت | شرفا له هام المجرة منزلا |
فالحكم منسوبا إلى آبائه | عدل ولكن حكمه لن يعدلا |
أدنو فيصدف معرضا متبدلا | عني فاخضع طائعا متذللا |
أبكي فيبسم ضاحكا فيقول لي | لا غروان شاهدت وجهي مقبلا |
أنا روضة والروض يبسم نوره | بشرا ذا دمع السحاب تهللا |
قسما بفاء فتور جيم جفونه | لا خالفن على هواه العذلا |
ولأرخصن على الهوى نفسا غلت | فعلت ويرخص في المحبة ما غلا |
ولأحسنن وإن أسا والين طوعا | إن قسا وأزيد حبا إن قلا |
لا نلت مما ارتجيه مأربي | إن كان قلبي عن محبته سلا |
لا شيء أحسن من عفاف زانه | ورع ومن لبس العفاف تجملا |
طبعت سرائرنا على التقوى ومن | طبعت على التقوى سريرته علاء |
أهواه لا لخيانة حاشا لمن | أنهى الكتاب تلاوة إن يجهلا |
لي فيه مزدجر بما أخلصته | في المصطفى وأخيه من عقد الولاء |
العالم العلم الرضي المرتضى | نور الهدى سيف العلي أخو العلى |
من عنده علم الكتاب وحكمه | وله تأدت متقنا ومحصلا |
وإذا علت شرفا ومجدا هاشم | كان الوصي بها المعم المخولا |
ومكسر الأصنام لم يسجد لها | متعفرا فوق الثرى متذللا |
لكن له سجدت مخافة بأسه | لما على كتف النبي علاء علاء |
تلك الفضيلة لم يفز شرفا بها | إلا الخليل أبوه في عصر خلا |
إذ كسر الأصنام حين خلا بها | سرا وولى خائفا مستعجلا |
فتميز الفعلين بينهما وقس | تجد الوصي بها الشجاع الأفضلا |
وانظر تر أزكى البرية مولدا | في الفعل متبعا أباه الأولا |
وهو القؤول وقوله الصدق الذي | لا ريب فيه لمن وعى وتاملا |
والله لو إن الوسادة لي بكم | ثنيت بما حظر الإله وحللا |
لحكمت في قوم الكليم بمقتضى | توراتهم حكما بليغا فيصلا |
وحكمت في قوم المسيح بمقتضى | إنجيلهم وأقمت منه الأميلا |
وحكمت بين المسلمين بمقتضى | فرقانهم وأبنت منه المجملا |
وأبنت محكمها ومبهمها وما | منها تشابه مجملا ومفصلا |
حتى تقر الكتب ناطقة لقد | صدق الأمين علي فيما عللا |
وانظر إلى نهج البلاغة هل ترى | لأولى الفصاحة منه أبلغ مقولا |
حكم تأخرت الأواخر دونها | خرسا وأفحمت البليغ المقولا |
خسئت ذوو الآراء عنه فلا ترى | من فوقه إلا الكتاب المنزلا |
وله القضايا والحكومات التي | وضحت لديه فحل منها المشكلا |
في يوم بعث الطائر المشوي إذ | وافى النبي فكان أطيب مأكلا |
إذ قال أحمد آتني بأحب من | تهوى ومن أهواه يا رب العلى |
أفهل سوى بعل البتول أتاه عن | إذن من الرحمن يغشى المنزلا |
وكسد أبواب الصحابة غيره | لمميز عرف الهدى متوصلا |
يا ليت في الأحياء شخصك حاضرا | وحسين مطروح بعرصة كربلاء |
عريان يكسوه الصعيد ملابسا | أفديه مسلوب اللباس مسربلا |
متوسدا حر الصخور معفرا | بدمائه ترب الجبين مرملا |
ظمآن مجروح الجوارح لم يجد | ماء سوى دمه المبدد منهلا |
ولصدره تطأ الخيول وطالما | بسريره جبريل كان موكلا |
عقرت أما علمت لأي معظم | وطأت وصدر غادرته مفصلا |
ولثغره يعلو القضيب وطالما | شرفا له كان النبي مقبلا |
وبنوه في أسر الطغاة صوارخ | ولهاء معولة تجاوب معولا |
ونساؤه من حوله يندبنه | بأبي النساء النادبات الثكلا |
يندبن أكرم سيد من سادة | هجروا القصور وجاوروا وحش الفلا |
بأبي بدورا في المدينة طلعا | أمست بأرض الغاضرية أفلا |
آساد حرب لا يمس عفاتها | ضر الطوى ونزيلها لن يخذلا |
من تلق منهم تلق غيثا مسبلا | كرما وإن قابلت ليثا مشبلا |
نزحت بهم عن عقر دارهم العدى | بأبي الفريق الظاعن المترحلا |
ساروا حثيثا والمنايا حولهم | تسري فلا يجدون عنها معزلا |
ضاقت بهم أوطانهم فنبؤوا | شاطي الفرات عن المواطن موئلا |
ظفرت بهم أيدي البغاث ولم أخل | وأبيك يقتنص البغات الأجدلا |
منعوهم ماء الفرات ودونهم | بسيوفهم دمهم يراق محللا |
هجرت رؤوسهم الجسوم وواصلت | زرق الأسنة والوشيج الذبلا |
يبكي أسيرهم لفقد قتيلهم | أسفا وكل في الحقيقة مبتلى |
هذا يميل على اليمين معفرا | بدم الوريد وذا يساق مغللا |
لهفي لزين العابدين يقاد في | ثقل الحديد مقيدا ومكبلا |
أفدي الأسير وليت خدي موطئا | كانت له بين المحامل محملا |
يا صاحب الأعراف يعرض كل | مخلوق عليه محققا أو مبطلا |
يا خير من لبى وطاف ومن سعى | ودعا وصلى راكعا وتنفلا |
ظفرت يدي منكم بقسم وافر | سبحان من وهب العطاء وإجزلا |
شغلت بنو الدنيا بمدح سواكم | وأنا الذي بسواكم لن أشغلا |
ومنحتكم مدحي فرحن خزائني | بنفائس الحسنات منعمة ملا |
مولاي دونك من علي مدحة | عربية الألفاظ صادقة الولاء |
ليس النضار نظيرها لكنها | در تكامل نظمه فتفصلا |
فاستجلها مني عروسا غادة | بكرا لغيرك حسنها لن يجتلى |
وصادقها منك القبول فكن لها | يا ابن الأكارم سامعا متقبلا |
صلى عليك الله ما سح الحيا | وتبسمت لبكائه ثغر الكلأ |
وعليكم مني التحية ما دعا | داعي الفلاح إلى الصلاة وهللا |
يا روح قدس من الله البديء بدا | وروح انس على عرش العلي بدا |
آلية بك لولا أنت ما كشفت | مسرة الأمن عن قلب النبي صدا |
ولا غدت عرصات الكفر موشحة | يبكي عليهن من بعد الأنيس صدا |
يا من به كمل الدين الحنيف | وللإسلام من بعد وهن ميله عضدا |
وصاحب النص في خم وقد رفع | النبي منه على رغم العدى عضدا |
أنت الذي اختارك الهادي البشير أخا | وما سواك ارتضى من بينهم أحدا |
وحق نصرك للإسلام تلكؤه | حياطة بعد خطب فادح وردى |
ما فصل المجد جلبابا لذي شرف | إلا وكان مغناك البهيج ردا |
يا كاشف الكرب عن وجه النبي لدى | بدر وقد كثرت أعداؤه عددا |
استشعروا الذل خوفا من لقاك وقد | تكاثروا عددا واستصبحوا عددا |
ويوم عمرو بن العامري وقد | سارت إليك سرايا جيشه مددا |
أضحكت ثغر الهدى بشرا به وبكت | عين الضلال له بعد الدما مددا |
وفي هوازن لما نارها استعرت | من غير عزمك يوما حرها بردا |
أجرى حسامك صوبا من دمائهم | هدرا وأمطرتهم من أسهم بردا |
أقدمت وانهزم الباقون حين رأوا | على النبي محيطا جحفلا لبدا |
لولا حسامك ما ولوا ولا اطرحوا | من الغنائم مالا وافرا لبدا |
وآخر إذ أتى في جحفل لجب | لم يغن عنه وقد طوقته عمدا |
وحصن خيبر لما إن هززت وقد | أعطاك رب العلى من عنده جلدا |
وفي قدامة لما الإثم مال به | من ذا سواك له في إثمه جلدا |
أقل وصفي في علياك سيفك والبنان | يجري دما هذا وذاك ندا |
حكت صلاتك آيات خصصت بها | على صلاتك برا وافرا وجدا |
لما على السائل المضطر جدت له | بخاتم راكعا يا خير ما وجدا |
إني لأعذر فيك الحاسدين على | فضل سواك به في الناس ما انفردا |
فكم حللت بعلم عقد مشكلة | وكم حزرت بحد السيف أنف ردئ |
إن قايسوا مجدك العالي فحسبهم | معاشر لم ينالوا رتبة السعدا |
فكيف ينقص در المسك منزلة | غلف القلوب إذا قاسوا به السعدا |
يا جوهرا جل عن مثل وعن شبه | صفاته وسواه مشبه زبدا |
علمت أنك روح الدهر واحدة | لذلك اخترت من مدحي لكم زبدا |
يهزني طربا فيك المديح فلا | أخاف من قاد جيش البغي أو حشدا |
كطائر هزه في دوحه طربا | قرب الأليف إذا لاح الصباح شدا |
مولاي دونكما بكرا منفحة | ما بها جاورت غير مغنى حلة بلدا |
رقت فراقت لذي علم فينكر معناها | البليد ولا عتب على البلدا |
خنساء تهزأ بالحور الحسان حوت | محاسنا تركت أهل النفاق سدى |
دقت صفات معانيها فملحمها | در الجناس له سلك النضار سدا |
أنا الولي الذي انقاد الجناس له | في مدحكم واقتفى معناه فاطردا |
كم رامه حاسد من غير معرفة | فمذ أتاه له عن بابه طردا |
يا أقرب الله عند الناس منزلة | بعد النبي وأعلى وافد وفدا |
تفديك نفس علي حيث أنت لخير | المرسلين ولي ناصر وفدا |
عسى موعد إن صح منك قبول | يؤديه إن عز الوصول قبول |
تطاول عمر العتب يا عتب بيننا | وليس إلى ما نرتجيه سبيل |
أفي كل يوم للعتاب رسائل | مجددة ما بيننا ورسول |
رسائل عتب لا يرد جوابها | ونفث صدود في السطور يطول |
عسى مسمعي يصغي إلى قول مسمع | فيعطف قاس أو يرق ملول |
وقد كنت أبكي والديار أنيسة | وما ظنعت للظاعنين حمول |
فكيف وقد شط المزار وروعت | فريق التداني فرقة ورحيل |
إذا غبتم عن ربيع حلة بابل | فلا سحبت للسحب فيه ذيول |
ولا ابتسمت للثغر فيه مباسم | ولا نهجت للطل فيه طلول |
ولا هب معتل النسيم ولا سرت | بليل على تلك الربوع بليل |
وما النفع فيها وهي غير أواهل | ومعهدها ممن عهدت محيل |
رعى الله أياما بظل جنابها | ونحن بشرقي الأثيل نزول |
ليالي لا عود الربيع يجفه | ذبول ولا عود الربوع هزيل |
بها كنت أصبو والصبا لي مسعد | وصعب الهوى سهل لدي ذلول |
وإذ نحن لا طرف الوعود عن اللقا | بطيء ولا طرف السعود كليل |
فلا تحسبي إني تناسيت عهدكم | ولكن صبري يا أميم جميل |
نبيت وما غير العفاف شعارنا | وللأمن من واش علي شمول |
كروحين في جسم أقاما على الوفا | عفاف وأبناء العفاف قليل |
إلى إن تداعى بالفراق فريقكم | ونم بكم حاد وأم دليل |
تقاضى الهوى مني فما ظلاله | مقيل ولا مما جناه مقيل |
أروم بمعتل الصبا برء علتي | وأعجب ما يشفي العليل عليل |
تمر بنا في الليل وهنا بريها | يبل عليل أو يبل غليل |
أغرك إني ساتر عنك لوعة | لها ألم بين الضلوع دخيل |
ثقي بخليل لا يغادر خله | بغدر ولا يثنيه عنك عذول |
حميد خلال لا يراع خليله | إذا ريع في جنب خليل الخليل |
خليق بأفعال الجميل خلاقه | وكل خليق بالجميل جميل |
يزين مقال الصدق منه فعاله | وما كل قوال لديك فعول |
غضيض إذا البيض الحسان تأودت | لهن قدود في الغلائل ميل |
ففي الطرف دون القاصرات تقاصر | وفي الكف من طول المكارم طول |
أما وعفاف لا يدنسه الخنا | وسر عتاب لم يذله مذيل |
لانت قلبي حيث كنت مسرة | وأنت له دون البرية سول |
يقصر آمالي صدودك والقلى | وينشرها منك الرجا فتطول |
أ أنسى حسينا للسهام رمية | وخيل العدى بغيا عليه تجول |
أ أنساه إذ ضاقت به الأرض مذهبا | يشير إلى أنصاره ويقول |
إلا فاذهبوا فالليل قد مد سجفه | وقد وضحت للسالكين سبيل |
فثار إليه قائلا كل أمثل | نحته إلى أزكى الفروع أصول |
يقولون والسمر اللدان شوارع | وللبيض من فوق الحديد صليل |
أ نسلم مولانا وحيدا إلى العدى | وتسلم فتيان لنا وكهول |
وثاروا إلى الحرب العوان كأنهم | أسود لها وسط العرين شبول |
اسود بيوم الروع لا ترهب اللقا | لها الخط في يوم الكريهة غيل |
حماة إذا ما خيف للثغر جانب | كماة على قب الفحول فحول |
ليوث لها في الدار عين وقائع | غيوث لها للسائلين سيول |
أدلتها في الليل نور وجوهها | وفي النقع أضواء السيوف دليل |
يؤم بها قصد المغالب أغلب | فروس لأشلاء الكماة أكول |
صؤل إذا كر الكمي مناجز | بليغ إذا فاه البليغ قؤل |
له من علي في الحروب شجاعة | ومن أحمد عند الخطابة قيل |
إذا شمخت في المجد ذروة هاشم | فعماه منها جعفر وعقيل |
كفاه علوا في البرية أنه | لأحمد والطهر البتول سليل |
فما كل جد في الرجال محمد | ولا كل أم في النساء بتول |
أيا ابن النبي المصطفى والذي له | فخار إذا عد الفخار أثيل |
أرى الموت عذبا في لهاك وانه | لغيرك مكروه المذاق وبيل |
فما مر ذو باس إلى مر بأسه | على مهل إلا وأنت عجول |
كان الأعادي حين صلت مبادرا | كثيب ذراه الريح فهو مهيل |
بنفسي وأهلي عافر الخد حوله | لدى الطف من آل الرسول قبيل |
كان حسينا بينهم بدر هالة | كواكبها حول السماء حلول |
قتيل بكت حزنا عليه سماؤها | وصاب لها دمع عليه هطول |
وأرجفت الأرض البسيط لفقده | وزلزل أجبال لها وسهول |
قضى ظاميا والماء طام وماله | إليه وقد عز النصير وصول |
وحز وريد السبط دون وروده | وغالته من أيدي الحوادث غول |
وآب جواد السبط يهتف ناعيا | وقد ملأ البيداء منه صهيل |
فلما سمعن الطاهرات نعيه | لراكبه والسرج منه يميل |
برزن من الفسطاط حسرى نوادبا | لهن على الندب الكريم عويل |
أخي يا هلالا غاب عند كماله | وحاق به بعد الطلوع أفول |
بنفسي أخت السبط تعلن ندبها | على ندبها محزونة وتقول |
أخي كنت شمسا يملأ الأفق نورها | ويرتد عنها الطرف وهو كليل |
وغصنا يروق الناظرين نضارة | ألم به من بعد ذاك ذبول |
وربعا يمير الوافدين ربيعه | تعاهده غب العهاد محول |
وعضبا رماه الدهر في دار غربة | وفي غربه للمرهفات فلول |
وضرغام غيل دون عرينه | وفي كفه ماضي الغرار صقيل |
أصبت فلا صوب المآثر صائب | ولا في ظلال المكرمات مقيل |
ولا الجود موجود ولا ذو حمية | سواك فيحمى في حماه نزيل |
ترى نسوة قد غاب عنها حميها | وأعوزها بعد الكفاة كفيل |
سوافر بين السفر في مهمة الفلا | لها كل يوم رحلة ونزول |
تزيد خفوقا يا ابن أمي قلوبنا | إذا خفقت للظالمين طبول |
أ يقتل ظمانا حسين وجده | إلى الناس من رب العباد رسول |
وآل رسول الله في دار غربة | وآل زياد في القصور نزول |
مصاب أصيب الدين منه بفادح | تكاد له شم الجبال تزول |
عليك ابن خير المرسلين تأسفي | وحزني وإن طال الزمان يطول |
جللت فجل الرزء فيك على الورى | كذا كل رزء في الجليل جليل |
وان سئم الباكون فيك بكاءهم | ملالا فإني للبكاء مطيل |
وما هي إلا فيك نفس نفيسة | يحللها حر الأسى فتسيل |
وان فاتني إدراك نصرك في يدي | فلي مقول اسطو به وأصول |
ولي فيك أبكار لوفق جناسها | أصول بها في الشامتين نصول |
لها رقة المحزون فيك وخطبها | جسيم على أهل النفاق مهول |
لها في قلوب الحاسدين عواسل | ووقع نصول ما لهن نصول |
بها من علي في علاك مناقب | يقوم عليها في الكتاب دليل |
ينم من الأعراف طيب عرفها | فتعلقها للعارفين عقول |
إذا نطقت أي الكتاب بفضلكم | فماذا عسى فيما أقول أقول |
لساني على التقصير في شرح وصفكم | قصير وشرح الاعتذار طويل |
عليك سلام الله ما اتضح الضحى | وما عاقبت شمس الأصيل أصيل |
يا عين ما سفحت غروب دماك | إلا لما علق الحشا بدماك |
لك ناظر في كل غصن ناضر | مناك تسويفا بلوع مناك |
كم نظرة أسلفت نحو سوالف | سامت أساي بها علاج اساك |
يا بانة السعدي ما سلت ظبا | ك علي الأمن جفون ظباك |
شعبت فؤادي في شعابك ظبية | تصمي القلوب بناظر فتاك |
تبدو هلال دجى وتلحظ جؤذرا | وتميس دلا في منيع حماك |
شمس تبوأت القلوب منازلا | مأسوسة عوضا عن الأفلاك |
أسدية الإباء إلا إن منتسب | الخؤلة من بني الأتراك |
أشقيقة الحسبين هل من زورة | فيها يبل من الضنا مضناك |
ما ذا يضرك يا غزالة بابل | لو إن حسنك مثله حسناك |
أنكرت قتل متيم خداك قد | شهدا بما صنعت به عيناك |
وخضبت من دمه بنانك عنوة | وكفاك ما صنعت به كفاك |
حجبوك عن نظري فيا لله ما | أدناك من قلبي وما أقصاك |
ضن الكرى بالطيف منك فلم يكن | أسراك بل هجر الكرى أسراك |
ليت الخيال يجود منك بنظرة | إن كان عز على المحب لقاك |
فارقت أرض الجامعين فلا الصبا | عذب ولا طرف السحائب باكي |
كلا ولا بيد الحيا برد الكلأ | فيها يحاك ولا الحمام يحاكي |
ودعت راحلة فكم من فاقد | باك وكم من مسعف متباكي |
أبكى فراقكم الفريق فأعين المشكو | تبكي رحمة للشاكي |
كنا وكنت عن الفراق بمعزل | حتى رمانا عامدا ورماك |
وكذا الألى من قبلنا بزمانهم | وثقوا فصيرهم حكاية حاكي |
يا نفس لو أدركت حظا وافرا | لنهاك عن فعل القبيح نهاك |
وعرفت من أنشاك من عدم إلى | هذا الوجود وصانعا سواك |
وشكرت منته عليك وحسن ما | أولاك من نعمائه مولاك |
أولاك حب محمد ووصيه | خير الأنام فنعم ما أولاك |
فهما لعمري علماك الدين في الأولى | وفي الأخرى هما علماك |
وهما أمانك يوم بعثك في غد | وهما إذا انقطع الرجاء رجاك |
وإذا الصحائف في القيامة نشرت | سترا عيوبك عند كشف غطاك |
وإذا وقفت على الصراط تبادرا | وتقدماك فلم تزل قدماك |
وإذا انتهيت إلى الجنان تلقيا | ك وبشراك بها فيا بشراك |
هذا رسول الله حسبك في غد | يوم الحساب إذا الخليل جفاك |
ووصيه الهادي أبو حسن إذا | أقبلت ظامية إليه سقاك |
فهو المشفع في المعاد وخير من | علقت به بعد النبي يداك |
لولاه ما عرف الهدى ونجوت من | متضايق الإشراك والاشراك |
هو فلك نوح بين معتصم به | ناج ومطرح مع الهلاك |
كم فيلق في مأزق قد غادرت | مزقا حدود حسامه البتاك |
يا ساهر الليل الطويل يمده | عونا على طول السهاد الفرقد |
أسلمت نفسك للهوى متعوضا | وكذا الهوى فيه الهوان السرمد |
فغدوت في شرك الظباء مقيدا | كيف الظباء تصيد من يتصيد |
رحلوا فما أبقوا بجسمك بعدهم | رمقا ولا جلدا به تتجلد |
ألفت عيادتك الصبابة والأسى | وجفاك من طول السقام العود |
يا نائما عن ليل صب جفنه | أرق إذا غفت العيون الهجد |
نام الخلي من الغرام وطرف من | ألف الصبابة والهيام مسهد |
من لي بقرب غزالة في وجهها | صبح تجلى عنه ليل اسود |
شمس على غصن تكاد مهابة | لجمالها تعنو البدور وتسجد |
أعنو لها ذلا فتصرف وجهها | دلا وامنحها الدنو فتبعد |
يا للرجال لأمة مفتونة | سادت على السادات فيها الاعبد |
أضحى بها الأقصى البعيد مقربا | والأقرب الأدنى يذاد ويبعد |
فقضى بها خشناء يغلظ كلمها | ذل الولي بها وعز المفسد |
ونفي أبو ذر وقرب فاسق | كان النبي له يصد ويطرد |
ولو اقتدوا بإمامهم ووليهم | سعدوا به فهو الوصي الأسعد |
صنو النبي ونفسه وأمينه | ووليه والناصر المتمجد |
من لم يقم وجها إلى صنم ولا | لللات والعزى قديما يعبد |
سل عنه بدرا حين غادر شيبة | شلوا عليه النائحات تعدد |
وثوى الوليد بسيفه متعفرا | وعليه ثوب من دماه مجسد |
وبيوم أحد والرماح شوارع | والبيض تصدر في النحور وتورد |
من كان قاتل طلحة لما أتى | كالليث يرعد للقتال ويزبد |
وأباد أصحاب اللواء فأصبحوا | مثلا بهم يروى الحديث ويسند |
وبيوم خيبر إذ يقول محمد | والقول منه موفق ومسدد |
إني سأعطي رايتي رجلا له | كف على خلس النفوس معود |
رجلا يحب الله ثم رسوله | ويحبه الله العلي وأحمد |
حتى إذا جنح الظلام مضى على | عجل وأصبح عن صبيحته غد |
ناداه أين أخي ووارث حكمتي | ومبير أعدائي فقالوا أرمد |
فجلا قذاه بتفلة وكساه سابغة | بها زرد الحديد منضد |
فيد تناوله اللواء وكفه | الأخرى تزرد درعه وتبند |
يمضي بها قدما غضنفر غابة | بالنصر من قبل الإله مؤيد |
وفرى بحد السيف هامة مرحب | وهو الشجاع الفارس المتمرد |
ودنا من الحصن الحصين وبابه | مستغلق حذر المنازل موصد |
فانصاع مقتلعا له ودحا به | في حيث لا يقوى القوي الأيد |
حمل الرتاج وتاج باب قموصها | والمسلمون وأهل خيبر تشهد |
وأسأل حنينا حين فروا كلهم | جزعا كأنهم النعام الشرد |
إلا أبا حسن وسبعة أنفس | ثبتوا به واليوم يوم اسود |
وثوى قتيلا أيمن وتبادرت | عصب الضلال لنحو أحمد تقصد |
وأب لجرول جاء يقصد قصدهم | شاكي السلاح لفرصة يترصد |
فسقاه كأس الموت حيدرة فلم | تثبت جموعهم له وتبددوا |
ومبيته فوق الفراش مجاهدا | وسواه خوفا نفسه تتصعد |
أم هل سواه فتى تصدق راكعا | لما أتاه السائل المسترفد |
رجل يتيه به الفخار مفاخر | ويسود إذ يعزى إليه السؤدد |
إن يحسدوه على علاه فإنما | أعلى البرية رتبة من يحسد |
وتتبعت أبناؤهم أبناءه | كل لكل بالأذى يتقصد |
بأبي القتيل المستضام ومن له | نار بقلبي حرها لا يبرد |
أضحى الذين أعدهم لعدوه | البا جنودهم عليه تجند |
وتقدموا متسابقين لحربهم | جيش يقاد له واخر يحشد |
ماض على عزم يفل بحده الماضي | حدود البيض حين يجرد |
في أسرة من هاشم علوية | طهرت أرومتهم وطاب المولد |
جادوا بأنفسهم إمام إمامهم | والجود بالنفس النفيسة أجود |
حتى إذا انتهبت نفوسهم الظبا | من دون سيدهم وقل المسعد |
طافوا به فردا وطوع يمينه | عضب له ماضي الغرار مهند |
هجر الجفون بغير هامات العدى | يوم الكريهة حده لا يغمد |
حتى هوى فوق الصعيد يظله | نبل الأعادي والقنا المتقصد |
لا خير في سفهاء قوم عبدهم | ملك يطاع وحرهم مستعبد |
ألقت عليه السافيات ملابسا | فكسته وهو من اللباس مجرد |
والسيد السجاد محمول على | الأقتاب في الأغلال وهو مقيد |
يا عين جودي عن دموعك بالدم | المهراق إن كانت دموعك تنفد |
آل الرسول لهم بكل تنوفة | مستشهد وبكل أرض مشهد |
ابني المشاعر والحطيم ومن هم | حجج بهم تشقى الأنام وتسعد |
أقسمت لا ينفك حزني دائما | لكم ونار حشاشتي لا تخمد |
كم مدحة لي فيكم في طيها | حكم تغور بها الركاب وتنجد |
وبنات أفكار تفوق صفات إبكار | يقوم لها القريض ويقعد |
صلى الإله عليكم ما باكرت | ورق على ورق الغصون تغرد |
حلت عليك عقود المزن يا حلل | وصافحتك اكف الطل يا طلل |
وافتر في ثغرك المأنوس مبتسما | ثغر الأقاح وحياك الحيا الهطل |
ولا انثنت فيك بانات اللوى طربا | إلا وللورق في أوراقها زجل |
أقسمت يا وطني لم يهنني وطري | مذبان عني منك البان والأثل |
لي في ربوعك بين السرب سانحة | مقيدي في هواها الشكل والشكل |
في خصرها دقة في ردفها ثقل | في قدها هيف في طرفها كحل |
يرنح الدل عطفيها إذا خطرت | كما ترنح من شرب الطلى ثمل |
ما خلت من قبل فتك من لواحظها | إن تقتل الأسد في غاباتها المقل |
عهدي بها حيث ريعان الشبيبة لم | يرعه شيبي وعيشي ناعم خضل |
وليل فودي ما لاح الصباح به | والدار جامعة والشمل مشتمل |
وربع لهوي مغمور بلذته | يروق فيه لي الغزلان والغزل |
حتى إذا خالط الليل الصباح وأضحى | الرأس وهو بشهب الشيب مشتعل |
مالت إلى الهجر من بعد الوصال | وعهد الغانيات كفيء الظل منتقل |
كمعشر عدلوا عن عهد حيدرة | وقابلوه بعدوان وما قبلوا |
أخو النبي وخير الأوصياء ومن | بزهده في البرايا يضرب المثل |
وأقدم القوم إسلاما وسابقة | والناس باللات والعزى لهم شغل |
والضارب الهام في الهيجاء حيث | قناة الدين واهية في نصبها ميل |
والعالم الحبر بحر العلم إن جهلوا | والليث ليث الشري والفارس البطل |
لهفي لسبط رسول الله منفردا | بين الطغاة وقد ضاقت به السبل |
من بعد ما وعدوه النصر واختلفت | إليه بالكتب تسعى منهم الرسل |
يلقى العداة بقلب لا يخامره | وهن ولا راعه جبن ولا فشل |
وقاتلت دونه من هاشم فئة | شم العرانين ما مالوا ولا نكلوا |
تسربلوا في متون السابقات دلا | ص السابغات وللخطية اعتقلوا |
وطلقوا دونه الدنيا الدنية | وارتاحوا إلى جنة الفردوس فارتحلوا |
تراءت الحور في أعلى القصور لهم | جهرا فهان عليهم فيه ما بذلوا |
سالت على البيض منهم أنفس طهرت | نفيسة فعلوا قدرا بما فعلوا |
لهفي لزينب تسعى نحوه ولها | قلب تزايد فيه الوجد والوجل |
فمذ رأته سليبا للشمال على | معنى شمائله من نسجها شمل |
هوت مقبلة منه المحاسن والحسين | عنها بكرب الموت مشتغل |
تقول يا شمر لا تعجل عليه ففي | قتل ابن فاطمة لا يحمد العجل |
أ ليس ذا ابن علي والبتول ومن | بجده ختمت في الأمة الرسل |
أ يقتل السبط ظمأنا ومن دمه | تروى الصوارم والعسالة الذبل |
يا آل أحمد يا سفن النجاة ومن | عليهم بعد رب العرش اتكل |
وحقكم ما بدا شهر المحرم لي | الأولي ناظر بالسهد مكتحل |
ولا استهل لنا إلا استهل من | الأجفان لي مدمع في الخد منهمل |
حزنا لكم ومواساة وليس لمملوك | بدمع على ساداته بخل |
فان يكن فاتني نصر فلي مدح | فيكم غدت أبدا ما عشت تنصل |
فدونكم من علي عبد عبدكم | فريدة طال منها المدح والغزل |
أعددتها جنة من حر نار لظى | أرجو بها جنة أنهارها عسل |
نعم هذه ليلى وهاتيك دارها | بسقط اللوى يغشاك لألاء نورها |
سلام على الدار التي طالما غدت | جلاء لعيني ذرة من ذرورها |
وما عطفت عطفي ميلا إلى الصبا | بها شغفا إلا بدور بدورها |
كفى بنذير الشيب نهيا لذي الصبا | وتبصره فيها هدى لبصيرها |
وما انس لا أنس الحسين مجاهدا | بنفس خلت من خلها وعشيرها |
رأى خير أنصار لديه وأسرة | لذي العرش سر مودع في صدورها |
وفرسان صدق من لؤي بن غالب | تسير المنايا رهبة لمسيرها |
وثابوا إلى كسب الثواب كأنهم | أسود الشري في كدها وزئيرها |
وهان عليها الصعب حين تطلعت | إلى قاصرات الطرف بين قصورها |
بنفسي مجروح الجوارح آيسا | من النصر خلوا ظهره من ظهيرها |
بنفسي محزوز الوريد معفرا | على ظمأ من فوق حر هجيرها |
قضى ظاميا والماء يلمع طاميا | وغودر مقتولا دوين غديرها |
أ يمنع من ماء الفرات وتغتدي | وحوش الفلا ريانة من نميرها |
ويؤتى بزين العابدين مكبلا | أسيرا إلا نفسي الفدا لأسيرها |
يقاد ذليلا في القيود مسيرا | لأكفر خلق الله وابن كفورها |
ودار بني صخر بن حرب أنيسة | بشدو أغانيها وسكب خمورها |
ودار علي والبتول وأحمد | وشبرها مولى الورى وشبيرها |
معالمها تبكي على علمائها | وزائرها يبكي لفقد مزورها |
بدور بأرض الطف طاف بها الردى | فاهبطها من أوجها في قبورها |
قضت عطشا والماء طام فلم تجد | لها منهلا إلا دماء نحورها |
ذهب الصبا وتصرم العمر | ودنا الرحيل وقوض السفر |
ووهت قواعد قوتي وذوي | غصن الشبيبة وانحنى الظهر |
ذهبت نضارة منظري وبدا | في جنح ليل عذاري الفجر |
وإذا الفتى ذهبت شبيبته | فيما يضر فربحه خسر |
وعليه ما اكتسبت يداه إذا | سكن الضريح وضمه القبر |
وإذا انقضى عمر الفتى فرطا | في كسب معصية فلا عمر |
ما العمر إلا ما به كثرت | حسناته وتضاعف الأجر |
ولقد وقفت على منازل من | أهوى وفيض مدامعي غمر |
وسألتها لو إنها نطقت | أم كيف ينطق منزل قفر |
يا دار هل لك بالألى رحلوا | خبر وهل لمعالم خبر |
أين البدور بدور سعدك يا | مغنى وأين الأنجم الزهر |
أين الكفاة ومن أكفهم | في النائبات لمعسر يسر |
أين الغيوث الهاطلات إذا | بخل السحاب وأحجم القطر |
أبكي اشتياقا كلما ذكروا | وأخو الغرام يهيجه الذكر |
يا واقفا في الدار مفتكرا | مهلا فقد أودى بك الفكر |
هلا صبرت على مصابهم | وعلى المصيبة يحمد الصبر |
وجعلت حزنك للحسين ففي | رزء ابن فاطمة لك الاجر |
غدرت به أهل النفاق وهل | من مثلهم يستبعد الغدر |
طافوا بأروع في عرينته | يحمى النزيل ويامن الثغر |
حتى إذا قرب المدى وبه | طاف العدى وتقاصر العمر |
أردوه منعفرا تناهبه | بيض الظبا والذبل السمر |
ظام يبل أوام غلته | ريا بفيض نجيعه النحر |
بأبي القتيل ومن لمصرعه | ضعف الهدى وتضاعف الكفر |
بأبي الذي أكفانه نسجت | من عثير وحنوطه عفر |
ومغسل بدم الوريد فلا | ماء أعد له ولا سدر |
بدر هوى من سعده فبكت | شمس النهار عليه والبدر |
هوت النسور عليه عاكفه | وبكاه عند طلوعه النسر |
سلبت يد الطلقاء مغفره | فبكا لسلب المغفر الغفر |
بأبي كريمات الحسين وما | من دونهن لناظر ستر |
لا ظل سجف يكتنفن به | عن كل أفاك ولا خدر |
ويلقن للمهر الجواد وقد | أم الخيام عقرت يا مهر |
ما بال سرجك يا جواد من | الندب الجواد أخي العلى صفر |
واها لها نار تأجج في | صدري فلا يطفئ لها حر |
يا ابن الهداة الأكرمين ومن | لهم مني والخيف والحجر |
ما طائر فقد الفراخ فلا | يؤويه بعد فراخه وكر |
بأشد من حزني عليك ولا | الخنساء جدد حزنها صخر |
فلأبكينك ما حييت أسيء | حتى يواري أعظمي القبر |
يا غائبين متى بقربكم | من بعد وهن يجبر الكسر |
الفيء منقسم لغيركم | وأكفكم من فيئكم صفر |
وإذا ذكرتم في محافلهم | فوجودهم مغبرة صفر |
يتميزون لذكركم حنقا | وعيونهم مزورة خزر |
نبكي فيضحكهم مصابكم | وسرورهم بمصابكم نكر |
تالله ما سروا النبي ولا | لوصيه بسرورهم سروا |
لكنه لا بد من فرج | والأمر يحدث بعده الأمر |
أسماؤكم في الذكر معلمة | يجلو محاسنها لنا الذكر |
شهدت بها الأعراف معرفة | والنحل والأنفال والحجر |
وبراءة شهدت بفضلكم | والنور والفرقان والحشر |
سمعا بني الزهراء قافية | ألفاظها من رقة سحر |
عبقت مناقبكم بها فزكا | في كل ناحية لها عطر |
صلى الإله عليكم أبدا | ما جن ليل أو بدا فجر |
وعليكم مني التحية ما | سح الحيا وتبسم الزهر |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 191