السيد علي شهاب ولد في 12 ربيع الأول سنة 1282 في بتاوي بجزيرة جاوا.
نسبه
السيد علي بن أحمد بن عبد الله بن حسين بن عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن شهاب الدين بن عبد الرحمن بن شهاب الدين بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر السكران بن عبد الرحمن السقاف بن محمد مولى الدويلة بن علي بن علوي بن محمد الفقيه المقدم بن علي بن محمد بن علي بن علوي بن محمد بن علوي بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام. دراسته
في سنة 1289 سافر من بتاوي إلى حضرموت، وهناك تعلم القراءة والخط وبعض العلوم الدينية. وفي شوال عام 1295 عاد برفقة السيد أبي بكر بن شهاب الدين وابن عمه السيد علي بن عبد الرحمن بن شهاب الدين إلى بتاوي.
وممن تلمذ عليهم سالم بن سعيد عبد الحق والسيد حسين بن عبد الرحمن بن شهاب الدين والسيد عبد الرحمن بن هارون بن شهاب الدين والسيد عبد الرحمن بن محمد المشهور.
وفي شوال 1299 عاد إلى حضرموت فلازم السيد علي بن محمد الحبشي وتلقى عنه علوم اللغة العربية وتلقى العلوم الإسلامية عن السيد هادي بن الحسن السقاف والسيد أحمد بن جعفر وبعد سنة كاملة ساح في حضرموت إلى جهاتها الغربية واستقر بدوعن لدى السيد أحمد المحضار فأخذ عنه أيضا. ثم رجع إلى تريم وتلمذ على السيد عمر بن الحسن الحداد. ومنه ومن السيد أبو بكر بن شهاب ومن السيد محيي الدين بن عبد الله بلفقيه حصل الإجازة.
أحواله
في عام 1304 سافر إلى جاوا مارا بعدن والهندي وسنغافورة.
وفي عام 1306 سافر إلى سومطرا وبعد عودته منها صار وكيلا لوالده على عقاراته الطائلة وكان مدة إقامته بسومطرا يتجر كشريك لوالده.
ولقد كان أهم شاغل له هو النهوض بحضرموت فأخذ يكتب إلى عظماء الإسلام ورجال الدولة العثمانية، ثم كاتب السلطان عبد الحميد نفسه. وكان له آراء متبادلة مع السيد عبد الرحمن بن سهلي والد زوجته الذي رحل إلى اسطمبول واتصل برجالها وحمل منها رسالة من السلطان عبد العزيز إلى ملك هولندا الملك ويليم الثالث فطاف أوروبا وخاطب ملك هولندا شفاها. وساعدته الدولة العثمانية فرافق السيد فضل باشا واستولى على ظفار فكان عونا له إلى إن اضطر للخروج من ظفار فكان السيد عبد الرحمن هذا ذا اتصال وثيق بالمترجم وكانا يعملان معا وكان من مسعاهما إن عينت الدولة العثمانية قنصلا لها بالهند الشرقية أندونيسيا اليوم وبعده تعاقب الممثلون حتى أيام الحرب العظمى الأولى، وقد ازدادت صلة المترجم بالدولة العثمانية وكان ممثلوها كثيرا ما يرجعون إليه ويستلهمون آراءه بل قد يعقدون في بيته الاجتماعات يتداولون فيها الآراء كل ذلك سعيا في مصالح المسلمين النائين ورغبة في خدمة حضرموت وخلال ذلك جرت حوادث استنجد فيها بالدولة العثمانية فأرسلت مندوبا إلى جاوا هو أحمد أمين بك وعاد حاملا تقريراته ولكنها لم تثمر شيئا.
وقد كون المترجم بعثة من أبناء العرب بجاوا من بينهم ولده عبد المطلب فسافرت إلى اسطمبول وسعى بعد ذلك في إرسال بعثات أخرى فنشر المنشورات وبث الدعاية فوصلت إليه ردود القبول من نحو ستة أشخاص ثم أخذوا يزدادون حتى صاروا نحو خمسين شخصا ولكن المندوب العثماني إذ ذاك وهو أمين بك المذكور وكان قد قدم من ليفربول كان لا يرى هذا الرأي فكلفه إن لا يتمم هذا المسعى وكان كما أراد ولذلك لم تتوجه إلا بعثة واحدة فقط.
وكان يكتب الأخبار ويحرر المقالات بامضاءات رمزية في ثمرات الفنون التي تصدر من بيروت للشيخ عبد القادر القباني، وفي اللواء المصرية لمصطفى كامل، والمعلومات التي تصدر من اسطمبول والمؤيد لعلي يوسف وغيرها، فأغرى الأعداء السلطات الهولندية به ففتش بيته واستجوب أكثر من مرة وفي إحدى المرات لم ينج من السجن.
وما زال الأعداء يثيرون عليه كل شيء ويتعقبونه ويختلقون عليه الأقوال حتى لحقت به إضرار مالية وأدبية، فنفر منه الكثيرون خوفا وصار الأجراء وضعاف الإرادة يسعون ضده السعي الحثيث.
وفي عام 1311 سافر إلى مصر قاصدا اسطمبول للتفاهم مع رجال الدولة العثمانية في مسالة حضرموت ومسلمي جاوا فصادف إن كانت الدولة إذ ذاك مرتبكة في داخليتها وقد بدأت الشيخوخة تدب في جسمها واتصل بالأستاذ حسن حسني الطويراني فكانت بينهما صلات وأحاديث. ورجع حاملا الوفاء لرفيقه بما تعهد به ثم حج بيت الله وساح في بلاد عسير واليمن وكتب ما شاهده من أعمال العثمانيين بالعرب وأدرك أسباب النزاع فكتب بهذا كتابات خصوصية إلى كثير من الرجال والى رجال تركيا، ثم سافر منها إلى حضرموت.
وفي عام 1314 سافر وعائلته من حضرموت إلى جاوا مارا بالهند في باخرة لسلطان المكلا والشحر. وفي عام 1319 سافر إلى سومطرا في أمور تجارية واجتماعية ورأى هناك الحالة السائدة فكتب عنها في الصحف المصرية، وفتح مراكز تجارية في عدة أماكن على الطرز الأوروبي فهو أول عربي بجاوا عمل هذا، وأقام معملا للزر في مدينة فاندي كلانغ في مقاطعة (بانتن).
وكان من المشاركين في تأسيس أول مدرسة بالهند الشرقية أندونيسيا وهي مدرسة جمعية خير، وفي تأسيس الجمعية نفسها. وأول من قام بهذه الجمعية هو السيد محمد الفاخر المشهور والسيد محمد بن عبد الله بن شهاب والسيد عيدروس بن شهاب والسيد علي بن أحمد بن شهاب والأخير هذا هو أول رئيس لأول جمعية إسلامية بجاوا بل بالهند الشرقية (اندونيسيا) وكانت للمترجم عناية بتدوين التاريخ فقد جمع معلومات واسعة عن حروب الهولنديين في احتلالهم لاندونيسية مما لا يجده المطالع في مصدر آخر وقد أخذ هذه المعلومات عن قواعد مسلمي سومطرا وملوكها وعن الضباط الهولنديين الذين باشروا الحرب بأنفسهم وأخر ما عرف عن هذه المجموعة إنها كانت عند محمد بن هاشم. وقد بلغ من اهتمام المترجم
بموطنه الأول حضرموت إن حاول إن ينهض به زراعيا فأرسل إلى حضرموت جميع الأبذرة الموجودة في جاوا لتزرع هناك وكرر هذا مرارا.
ولما خاب أمله في الدولة العثمانية وجه همه إلى أمير المكلا والشحر وهو الأمير عوض القعيطي إذ ذاك فكتب إليه يحثه على الإصلاح وأرسل إليه تعليمات عن إيجاد روابط لجميع قبائل حضرموت. ثم أرسل وفدا برئاسة مرعي بن جعفر وأرشده بالمعلومات وبذل جميع مصاريف هذا الوفد من جيبه الخاص ذهابا وإيابا وإقامة، وعاد الوفد قائلا إن رغبة الأمير في الإصلاح حسنة ولكن من حوله لا يريدون إلا البقاء على حالتهم. فكتب إلى أمراء ورؤساء القبائل كامير سيون منصور بن غالب. وأمير آل تميم علي بن يماني. فاعرضوا ثم رأى إن يجتهد في إيجاد إدارة للبريد والبرق بحضرموت هربا من خيانات الوسطاء والتجار وتلاعبهم بعدن والساحل، فكتب سنة 1330 عريضة لأمير المكلا يستحثه في هذا فكان ذلك مما زاد في همة الأمير إلى الإصلاح واختمر في فكرة ولي عهده ولكن لم يبرز إلى الوجود وكانت له محاولات جريئة في إنشاء شركات وطنية كبرى كشركة صيد السمك وتعليبه فسافر من أجل ذلك إلى سنغافورا وفولوفينغ ومدارس وبومباي وعدن والمكلا والشحر.
كما حاول إن ينشئ مدرسة في المكلا وفاوض الأمير وتم أمرها ولكن بعد تركه المكلا كانت المدرسة لم ترق لحاشية الأمير عملت الحاشية على إغلاقها.
وكان هو في المكلا قد عرف بخلاف رؤساء يافع مع الإمام يحيى حميد الدين وقدومهم للاستنجاد بأمير المكلا والإنكليز فعمل على ردعهم عن ذلك وأصلح شؤونهم مع إمام اليمن.
وقبل إن تتضح له نوايا الحكومة العثمانية كان يسعى ليستعين بها سواء على الهولنديين في اندونيسيا أو على الإنكليز في الجنوب العربي لا سيما في سبيل رفع شأن حضرموت فعمل لأن ينشئ العثمانيون مصرفا وبريدا لهم في حضرموت فلم ينجح بذلك.
وأخيرا يئس من العثمانيين بعد إن تكشفت له نواياهم الطورانية لذلك كان من أول المسارعين تعضيد ثورة الشريف حسين العربية فاتصل به كتابيا ودعمه في صحافة العرب بجاوا لا سيما في جريدة الإقبال.
ولما رأى الإنكليز ذلك حسبوا إنهم يستطيعون أن يستهووه فعرضوا عليه رتبا ورواتب فاعرض عنهم وقال أنه لا يخدمهم ولكنه يخدم أمته فإذا تعارضت مصالحهم مع مصالح أمته عاداهم. وبالفعل فقد حدث بعد ذلك إن اصطدام الإمام يحيى بالانكليز فاتصل به وأيده مما حمل إمام اليمن بعد ذلك على إن يفوض إليه أمر مخاطبة الحكومة اليابانية في أمور وروابط فقام بالعمل خير قيام.
ومن أعماله سعيه في إقامة دار لأيتام العرب فهو أول عربي فكر في هذا وبذل من جيبه حتى تحصل على إذن من الحكومة وطبع قانونها وهو يريد من وراء ذلك إن تكون هذه الدار وسيلة لنشر الإسلام الصحيح في النابتة ولكن الناس عرقلوا مساعيه. فكل دار إسلامية للأيتام بجاوا اليوم إنما تأسست بعد تلك الفكرة. وكان المترجم من المجاهرين والمجاهدين الأولين بالعقائد الصحيحة من نبذ الخرافات واستقاء الدين من منابعه أهل البيت عليهم السلام، وكان الدعاة إلى ذلك قليلين كالسيد أبو بكر بن شهاب والسيد محمد بن عقيل والسيد محمد المحضار والسيد محمد الشاطري وغيرهم.
وقد ألف المترجم كتبا متعددة جلها لم يطبع وأغلبها في المواضيع الاجتماعية. وله مذكرة كتبها عن حياته وعما طالعه من الكتب ما زالت محفوظة. ويمكن اعتباره أول خطيب اجتماعي في محيطه اتصل بالجماهير عن طريق الخطابة المقنعة.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 153