الأمير أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن يحيى بن الحسين بن محمود بن الربيع المعروف بابن سنان الخفاجي الحلبي
توفي سنة 466 في إعزاز وحمل إلى حلب ودفن فيها وله ديوان شعر مطبوع كان واليا على قلعة إعزاز ولاه عليها محمود بن صالح فاستبد بها وكانت ولايته بواسطة أبي نصر محمد بن محمد بن النحاس، فأمر أن يكتب إليه كتابا يؤنسه به ويستجلبه إلى حلب ففعل وكتب في آخر الكتاب إن شاء الله وشدد النون. فلما قرأ الخفاجي ذلك التفت إلى تشديد النون ففهم ما أراد. وكتب الجواب وفي أوله: أنا الخادم وشدد النون فعرف أبو نصر ذلك، وكان قصد أبي نصر أن الملأ يأتمرون بك. وقصد الخفاجي إنا لن ندخلها. ثم خير محمود أبا نصر بين قتله وبين أن يقتل هو الخفاجي فذهب إليه أبو نصر وسمه. وشعره يدل على أنه سافر إلى القسطنطينية فلأي شيء كان سفره يا ترى ويدل شعره أيضا على أنه سافر إلى مصر وكأن ذلك لمدح ناصر الدولة بن حمدان الثاني الذي ذهب إلى مصر وأقام بها. وله كتاب سر الفصاحة ذكره صاحب كشف الظنون وذكره السيد علي خان الشيرازي في أنوار الربيع. ويقول صاحب النجوم الزاهرة إنه أخذ الأدب عن أبي العلاء المعري
شعره
هو شاعر مجيد متفنن في ضروب الشعر عذب الألفاظ طويل النفس يعد شعره من السهل الممتنع ويعد هو في طليعة الشعراء وقد سابق فحولهم وحذا حذوهم فلم يقصر عنهم وجاراهم في ميدان الفصاحة والبلاغة فما سبقوه وإن لم يجيء سابقا فقد جاء مجليا وفيما يأتي من مختارات شعره أوضح شاهد على ذلك وقد مدح الأمراء من بني مرداس وبني منقذ وبني ملهم وبني حمدان المتأخرين فمدح ناصر الدولة الثاني منهم الذي كان في مصر ومدح الوزير ابن جهير وغيره. ويقول في كثير من شعره إنه لا يمدح للاستجداء وطلب الجائزة فهل يا ترى هو كذلك أو إن هذا مذهب شعري تبع فيه الشعراء في أنهم يقولون ما لايفعلون فهو يقول:
يظن العدا إني مدحتك للغنى | وما الشعر عندي من كريم المكاسب |
ويقول:
فمن كان يبغي في المديح مواهبا | فإن مديحي فيك بعض المواهب |
ولكنه يقول قبل هذا في نفس هذه القصيدة:
طويت إليك الباخلين كأنما | سريت إلى شمس الضحى في الغياهب |
وما شأن ذكر الباخلين من شاعر لا يطلب بمدحه نوالا حتى يقول إنه طواهم إلى الممدوح. ويقول:
أعرضت عن ذل الطلاب وربما | وجد المريح وأخفق المكدود |
وسكنت في ظل النزاهة فليصن | مال البخيل رتاجه الموصود |
تشيعه
يدل على تشيعه قوله من قصيدة كتب بها من القسطنطينية إلى بعض إخوانه على سبيل المداعبة كما في ديوانه:
أبلغ أبا الحسن السلام وقل له | هذا الجفاء عداوة للشيعة |
و لأجلسنك للقضية بيننا | في يوم عاشوراء بالشرقية |
حتى أثير عليك منها فتنة | تنسيك يوم خزانة الصوفية |
وقوله في ديوانه:
وقالوا قد تغيرت الليالي | وضيعت المنازل والحقوق |
وأقسم ما استجد الدهر خلفا | ولا عدوانه إلا عتيق |
أليس يرد عن فدك علي | ويملك أكثر الدنيا عتيق |
وقوله في ناصر الدولة ابن حمدان الصغير:
كنتم بصفين أنصار الوصي وقد | دعا سواكم فما لبوا وما نصروا |
فهي الخلافة ما زالت منابرها | إلى سيوفكم في الروع تفتقر |
وذلك لأنها من ربيعة وقد بالغت ربيعة | في نصره عليه السلام بصفين |
وقوله من قصيدة يمدح بها أبا سلامة محمود بن نصر بن صالح بن مرداس:
لعمري لقد قاد ابن خان غليله | إلى منهل يلقى الردى في شروعه |
جزا الله خيرا عصبة أنزلت به | على حكم مصقول الغرار صنيعه |
أجابت ضريح المرتضى في غريه | وسرت ضريح المصطفى في بقيعه |
ويظهر من هذا الشعر أن ابن خان جرى له خطب مع بعض العلويين فلذلك كان من أنزله على حكم السيف قد سر المرتضى في غريه والمصطفى في بقيعه أي سر أولاد المصطفى المدفونين في بقيع أو قال في بقيعه لمجاورة البقيع قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم لا إن فيه قبره. وحسبك في تشيعه قوله في علي عليه السلام:
مالي أراك على علاك تناكرت | أحقادها وتسالمت أضدادها |
أعلى المنابر تعلنون بسبه | وبسيفه نصبت لكم أعوادها |
تلك الغضائب بينكم بدرية | قتل الحسين وماشتفت أحقادها |
وقوله فيه أيضا:
هيمت أفكار ذي الأفكار حين رأوا | آيات شأنك في الأيام والعصر |
لك العبارة في النطق البليغ كما | لك الإشارة في الآيات والسور |
تصالح الناس إلا فيك واختلفوا | إلا عليك وهذا موضع الخطر |
أنت الدليل من حارت بصيرته | عليه في مشكلات القول والعبر |
أنت الغني عن الدنيا وزخرفها | إذ أنت سام على ما في قوى البشر |
وولدك الغر كالأبراج في فلك الـ | ـمعنى وأنت مثال الشمس والقمر |
أجل قدرك عن وصف ومتصف | أأنت في العين مثل العين في الصور |
مختارات من شعره الرثاء
قال يرثي أبا الحسن علي بن محمد بن عيسى الكاتب وقد قتل وصلب من قصيدة:
عجلت عليه يد الحمام وعوده | ريان من خمر الشباب ومائه |
عجبا لحد السيف كيف أصابه | ومضاؤه في الروع دون مضائه |
أن يرفعوه فقد غنوا بعلائه | أو يشهروه فقد كفوا بفنائه |
أو يبدعوا الأعداء فيه سنة | للدهر جارية على نظرائه |
ذكر الغمام على ثراك علاقة | تجري بها العبرات من إنوائه |
فلقد جفوتك رهبة ولربما | هجر الصديق وأنت في أحشائه |
وقال يرثي جماعة من أهله وأصدقائه من قصيدة:
وإذا قتر البخيل فللأيام | في طي عمره تبذير |
سل بغمدان أين قاطنة سيـ | ـف وقل للنعمان كيف السدير |
عدل الدهر فيهم قسمة الجو | ر فلا عامر ولا معمور |
إن في جانب المقطم مهجو | را من أجلة تزار القبور |
ومقيما على المعرة تطو | يه الليالي وذكره منشور |
وضريحين بالعواصم مبذو | لين والصبر عنهما محظور |
وغريبا بالدير بأن له العيـ | ـش وغاض الندى ومات السرور |
صارم فلت النوائب حديـ | ـه وغصن تحت الثرى مهصور |
أيها الظاعنون لا زال للغير | ث رواح عليكم وبكور |
قد رأينا دياركم وعليها | أثر من عفاتكم مهجور |
وسألنا أطلالها فأجابت | ومن الصمت واعظ ونذير |
عرصات كأنهن ليال | فارقتها عند الكمال البدور |
تفهم الغافلين كيف يحمل الدهر | عن عهده وكيف يجور |
يا ديار الأحباب غيرك الدهـ | ـر فكانت بعد الأمور أمور |
أين أيامنا بظلك الشمـ | ـل جميع والعيش غض نضير |
وسقاكم من السحاب صناع الـ | ـكف يسدي في روضكم وينير |
كل غناء ينقضي الغيث عنها | ولها أعين النور حور |
أشرقت فيه للشقيق خدود | وأضاءت من الأقاحي ثغور |
عم معروفة ففي كل واد | من أياديه روضة وغدير |
ما أرى الشعر كافيا في مرائيـ | ـكم ولكن قد ينفث المصدور |
وإذا ما أطلعت فيه ولم يشـ | ـف غليلا فكله تقصير |
وقال يرثي والته وتوفيت عقيب قدومها من الحج سنة 446ه من قصيدة:
ومسندون تعاقروا كأس الردى | ودعا بشربهم الحمام فأسرعوا |
خرس إذا ناديت إلا أنهم | وعظوا بما يزع اللبيب فأسمعوا |
نبذوا الآباء فما أضاء بنفعهم | عضب يشام ولا سنان يلمع |
البيض تلمع والدروع مفاضة | والخيل تمرح والقنا يتزعزع |
عجبا لمن يبقي دخائر ماله | ويظل يحفظهن وهو مضيع |
ولغافل ويرى بكل ثنية | ملقى له بطن الصفائح مضجع |
لو كان يمنعك القراع ملأته | جردا يغص بها الفضاء البلقع |
لكنها الأقدار ليس أمامها | ما يستجن به ولا ما يدفع |
يا قبر فيك الصالحات دفينة | أفما تضيق بهن أو تتصدع |
حياك فجري النسيم كأنه | أبدا ثنائها يتضوع |
إن لم يكن عقر عليك فإنها | كبد مقرحة وقلب موجع |
وقال يرثي أبا العلاء صاعد بن سليمان الكاتب وقد توفي بأنطاكية سنة 456ه من قصيدة:
فأي حسام حالت الأرض دونه | وكان متى يضرب به الخطب يقطع |
ومقتسم النعمى أناخت عفاته | على المحل في روض من الجود ممرع |
واثني عليه الحاسدون ضرورة | بأحسن ما يعلو الصديق ويدعي |
وأي جفون ما أفاضت دموعها | عليك وقلب فيك لم يتصدع |
المراسلات بينه وبين الأمير علي بن منقذ
وكتب إليه الأمير أبو الحسن علي بن منقذ بقصيدة هذا مختارها.
سواي تشوق الكلة السيراء | ويجلو هواه البين والعدواء |
أيا راكبا مالت به نشوة الكرى | كما اهتز من مر الرياح لواء |
تحمل إلى الحي المقيم ألوكة | عن السفر ما فيها عليك عناء |
بأي لسان ينطق المدح فيكم | بليغ وماذا ينظم الشعراء |
وفي كل يوم سنة من حديثكم | تنم على ما أسلف القدماء |
تولعكم أمال قوم صوادق | فما تنثني إلا وهن رواء |
فما بالكم لا أوحش الله منكم | مواطن فيها للذمام وفاء |
رفعتم منار الغدر بعد هبوطه | وأخفق منكم مطلب ورجاء |
أخصك عبد الله من بينهم فما | أقول وما عندي عليه غطاء |
و إني لاستحي عتابك والذي | بدا منك يأبى أن يكون حياء |
و أوليتني نكدا على غير سابق | أظن له أن القبيح جزاء |
ألم تعلمن إن لست بابن لئيمة | ولا ذل عيني أعبد وأماء |
تناديت عنكم رغبة في دنوكم | إلا داء عاد وهو دواء |
بعاد بلا هجر وقرب بلا أذى | تهنأ في الحالين كيف تشاء |
فأجابه ابن سنان الخفاجي بقوله من قصيدة:
على أي حكم فيك أعجب للغدر | وما أنت إلا واحد من بني الدهر |
ولكن شجاني إن ودك ضاع من | يدي وقد أنفقت في كسبه عمري |
شباب تقضى في هواك وشرد | مطوحة الأنباء جائلة الذكر |
فمالك ترميني بعتب جهلته | فلم أر فيه وجه ذنبي ولا عذري |
طويت على غل ضميرك بعدما | توهمت إن السر عندك كالهجر |
تغل علي العتب بين دلائل الصـ | ـفاء وتجلو الحقد في رونق البشر |
فما كنت إلا السيف يسعر حده | ضرام الوغى والماء في متنه يجري |
فأي خليل بالتجني حملته | على الخطة الشنعاء والمركب الوعر |
فلو لم أر البقيا أطلعت حفيظتي | عليك ولكن ليس قلبك في صدري |
وكنت جديرا إن أبيت وبيننا | مهامه تسري الشهب فيها على ذعر |
وإني وإن كانت سماؤك أمطرت | سحائب عرف ناء في حمله ظهري |
لا علم إني في انتسابي إليكم | على الكرم الوضاح والمنصب الحر |
غصبت على جدواك نفسا أبية | فصار غنائي عنك أقبح من فقري |
وعلمتني بذل النوال توكلا | عليك كما جاد السحاب من البحر |
ولست بعيدا من رضاك وبيننا | مواثيق يلغى في وسائلها وزرى |
وما كنت إلا راضيا بقناعة | أعيش بها بين الخصاصة واليسر |
ولكن حظي من سحابك شيمة | تكثر حسادي وترفع من قدري |
وكتب إليه الأمير أبو الحسن علي بن منقذ أيضا:
عدتني عواد عنك يا ابن محمد | تأوبني من لذعها نازح النكس |
ولم ألق في يومي سرورا يجبرني | من الهم إلا بث ما كان في أمسي |
فإن عاق دهر عنك مثر من الذي | تباع له الأوطان بالثمن البخس |
فلم أقتن الأبدال منك وإنما | فزعت إلى الملح الأجاج من اللمس |
فأجابه بقوله:
أبا حسن لو قلت في ذكر وحشتي | لبعدك شعرا كان يعرب عن أنسي |
أبى ذاك إني قد رحلت بخاطر | كليل وقلب بالجوى عازب الحس |
فلم يجتمع لي أحرف في صحيفة | كأن الدجى نفسي وشمس الضحى |
فهل أنت ممن يدعي ما ادعيته | وقد صرت بعد البين أفصح من قس |
وجاء كلام منك دل صقاله | وصدق معانيه على جذل النفس |
الشيب
أناخ علي الهم من كل جانب | بياض عذاري في سواد المطالب |
و كنت أظن الأربعين تصده | فما قبلت فيه شهادة حاسب |
طلبت الصبا من بعدها فكأنما | علقت بإعجاز النجوم الغوارب |
وما ساءني فقد الشباب وإنما | بكيت على شطر من العمر ذاهب |
وما ساءني شيب الذوائب بعده | وعندي هموم قبل خلق الذوائب |
ولكنه وافى وما أطلق الصبا | عناني ولا قضي الشباب مآربي |
فما كنت من أصحابه غير أنه | وفى لي لما خانني كل صاحب |
وله من قصيدة:
إن راعني وضح المشيب فإنه | برق تألق بالخطوب فأومضا |
و لقد أضاء وأظلمت أيامه | حتى عرفت بها السواد الأبيضا |
وله من قصيدة:
أسفت لرائعة المشيب كأنني | أدركت أوطار الصبا من قبلها |
لا تظلميه فما وجهت همومه | إلا بأيام الشبيبة كلها |
الأمثال والحكم في شعره
فلقد جفوتك رهبة ولربما | هجر الصديق وأنت في أحشائه |
فقد شفى الغلة من يوسف | بعد طويل الحزن يعقوب |
وكم حبس القمري حسن غنائه | وقيدت البازي حجن المخالب |
وقد يبصر الرأي الفتى وهو عاجز | ورب حسام سله غير ضارب |
وما كنت لما أعرض البحر زاخرا | أقلب طرفي في جهام السحائب |
و إذا بعثت إلى السباخ برائد | يبغي الرياض فقد ظلمت الرائدا |
أرأيت أضيع من كريم راغب | يدعو لخلته لئيما زاهدا |
عكس الأنام فإن سمعت بناقص | فاعلم بأن لديه حظا زائدا |
هيهات ما ترد المطالب نائما | عنها ولا تصل الكواكب قاعدا |
أتركت سرحك بالجزيرة مهملا | وعجبت كيف عدا عليه السيد |
و إذا وجدت العيش يعقب صفوه | كدرا فإن شقيه لسعيد |
العمر حلم والليالي قلب | والبخل فقر والثناء خلود |
أبوك أبوهم ولولا الضياء | ما فضل القمر الفرقدا |
إن الأصول وإن زكت أغراسها | لولا غصون فروعها لم تثمر |
يندى على عنت الزمان وكلما | صقل الحسام أفاض ماء الجوهر |
وأراد إخفاء الندى فأذاعه | لا يظهر المعروف ما لم يستر |
أضم لسعد شارد المجد والعلى | وسعد يراني بالتشاوس والشرز |
ومن المنى ما دونه أمد | لا يستقل بمثله العمر |
ولا ينال كسوف الشمس طلعتها | وإنما هو فيما يزعم البصر |
وكم طالب أمرا وقيه حمامه | وسارية تسعى إلى ما يضيرها |
خطرات الزمان بؤس ونعمى | وفنون الأقدار نفعا وضرا |
هيهات ما شرف الأصول بنافع | حتى تكون ذوائب كمغارس |
ومن العجائب أن تكون قضية | يرضى الخصوم بها ويأبى القاضي |
هجرتك خوفا من بعاد يثيره | دنوي وبعض الشراهون من بعض |
و ما الطعنة النجلاء الغراء في كل معرك | سوى الخطبة الغراء في كل مجمع |
ما أظهر الرأي لذي فكرة | فيه وما أكثر جهاله |
وقد خبرت عن نشب قليل | فهل خبرت عن خلق ذميم |
ليس من يعبد ربا واحدا | مثل من يشرك فيه الوثنا |
وكأن المال آلى حلفة | لأهينن بخيلا لم يهني |
وليس يبين الود في اليسر إنما | وفاء الفتى في لزبة الحدثان |
وإن سنان الرمح ينجد كعبه | على بعده لازجه المتداني |
المديح
قال يمدح الأمير أبا سلامة محمود بن نصر بن صالح بن مرداس سنة 461 ويذكر مسيره إلى حصن أسفونا:
أما ظباك فقد وفت بضمانها | فمتى تجود به على أجفانها |
لك كل يوم غضبة مضرية | تدني بها الآجال قبل أوانها |
ما ينكر الإسلام إن ثغوره | عزت وسمر قناك من أركأنها |
وقال يمدح الأمير محمود بن نصر بن صالح بن مرداس أيضا من قصيدة سنة 462:
يدل على جوده بشره | وما لمع الغيث إلا هتن |
منيع الجوار رفيع المنار | مريع الديار وسيع العطن |
تلوح له خافيات الغيوب | فسر القضاء لديه علن |
إذا أخصبت بنداه البلاد | فما شاءت السحب فلتفعلن |
بقيت فكم لك عندي يدا | ومنا بعثت به بعد من |
توالي إلي بلا شافع | وأغنى الفرات يدا عن شطن |
وأهديت من زفرات الحنين | إليك وما كل من حن حن |
شوارد في كل صدر لها | مناخ وفي كل سمع سنن |
أتتك تجدد عهد الثناء | وتظهر عن هائم ما أجن |
وما كل من حسنت عنده | أياديك جاء بشكر حسن |
وقال يمدح شرف أمراء العرب أبا سلامة محمود بن نصر بن صالح بن
مرداس سنة 459 من قصيدة:
بين بصرى وضمير عرب | يا من الخائف فيم ما جنى |
كلما شنت عليهم غارة | أغمدوا البيض وسلوا الأعين |
طلعت للحسن فيهم مزنة | أنبتت في كل حقف غصنا |
ما لقلبي ليس يشفى داؤه | كلما زال ضني عاد ضني |
لو سلمنا من تباريح الجوى | لذكرنا جملة من امرنا |
وشكرنا لابن نصر منة | أطلقت بالمدح فيه الألسنا |
كلما عرض بالحمد له | أكثر السوم وأغلى الثمنا خلقت |
للجود منه راحة | علمتنا إن نذم المزنا |
وقال يمدح الأمير سعد الدولة أبا الحسن علي بن مقلد بن منقذ من قصيدة:
وبرق أضاء فلو لا السها | د دل الخيال على مضجعي |
سرى وهو في الأعين الساهرات | أحلى من النوم في الهجع |
فطار حني بحديث العذيب | ولكن جزعنا ولم يجزع |
بلى لبني منقذ منهل | من الجود لولاه لم أشرع |
هم جنبوني بعد الآباء | إلى خصب واديهم الممرع |
وأبلج منهم بغوا شاوه | وقد فات شاردة الأربع |
غذاه أبوه بحب النوال | فلم يسل عنه ولم ينزع |
أبا حسن لي في مدحكم | شوارد لولاك لم تجمع |
إذا ما دعوت جموح الكلام | جاء بممتنع طيع |
وقال يمدح الأمير مخلص الدولة أبا الفتوح مقلد بن نصر بن منقذ من قصيدة:
متوقد العزمات فياض الندى | جذلان يبذل في الزمان الكالح |
يا جامع الآمال وهي بدائد | شتى ورائض كل صعب جامح |
وقال يمدح الأمير سعد الدولة أبا الحسن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ من قصيدة:
يا سائق الأظعان أي لبانة | بالنصف تنشدها المهاري القود |
عزت على سوم الغرام فما درى | ولع النسيم بها ولا التغريد |
وعلى الثنية من تبالة موعد | عقمت به الآمال وهي ولود |
سل بانة الوادي فليس يفوتها | خبر يطول به الجوى ويزيد |
وانشد معي ضوء الصباح وقل له | كم تستطيل بك الليالي السود |
أصبابه بالجزع بعد سويقة | شغل لعمرك يا أميم جديد |
ومطوح ركب الخطأر بعزمة | هبت وسارية النجوم هجود |
ذعر الدجى فتناثرت من جيده | نحو الصباح قلائد وعقود |
قوم تلوح لهم على عليائهم | قبل اللقاء دلائل وشهود |
هبوا إلى المجد الرفيع فاحزروا | قصباته وبنو الزمان رقود |
وبنت لهم أحسابهم وسيوفهم | بيتا عمود الصبح فيه عمود |
جادوا وأندية الغمام بخلية | وجروا وشاردة الرياح ركود |
من دينهم إن السماح عليهم | فرض وإن الرافد المرفود |
حي تناسب في العلا فأصوله | أغصانه والوالد المولود |
إن قصروا عن غاية ابن مقلد | فمن الأراكة غصنها الأملود |
لولاه ما عرف النوال ولم تكن | تدري السحاب الغر كيف تجود |
وقال يمدح الأمير سعد الدولة أبا الحسن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ من قصيدة:
قوم أضاؤوا والخطوب بهيمة | كالبيض تلمع في خلال العثير |
ألفت رماحهم الطيور كأنهم | رنقوا بها خلل العجاج الأكدر |
لا يرتدون سوى معرس ساعة | يتفيؤن بها ظلال الضمر |
من كل وراد الوغى بحسامه | والحتف معترض طريق المصدر |
حرم الآباء على الأسنة ظهره | فالموت مفزعه إذا لم يظفر |
سبق الكرام أواخر ابن مقلد | عنهم فكان السبق للمتأخر |
إن الأصول وإن زكت أغراسها | لولا غصون فروعها لم تثمر |
إن جاوروه فحاتم في طيء | أو نازلوه فعامر في جعفر |
يندى على عنت الزمان وكلما | صقل الحسام أفاض ماء الجوهر |
بيني وبينك حرمة ما غالها | ولع الخطوب وذمة لم تخفر |
ومودة مزجت بأيام الصبا | ورأت تغيره فلم تتغير |
يفديك كل جديدة نعماؤه | وعر السبيل إلى العلاء مؤخر |
تتعجب الأيام كيف أطاعه | قدر وفاز منيحه في الميسر |
وقال يمدح علي بن مقلد بن نصر بن منقذ أيضا من قصيدة:
قد رجوناك فشمر جاهدا | إنما يدركها من شمرا |
وأبي المجد لقد فاز به | سالك فيه السبيل الأوعرا |
من كرام رتقت بيضهم | فرج المجد وكانت ثغرا |
ونأى الغيث فجادوا ديما | ودجا الخطب فلاحوا غررا |
ونوال من اكف أوجبت | طاعة المجد فصارت أبحرا |
واستطالت بعلي لهم | دوحة لم تك تشكو القصرا |
فشآهم وهو من نجرهم | يجمع الأفق السهى والقمرا |
وقال يمدح الأمير معز الدولة أبا علوان ثمال بن صالح بن مرداس سنة 444 من قصيدة:
وأمطرنا سحاب الدمع حتى | حسبنا أنه مهج تسيل |
وعجنا ذاهلين فما علمنا | أنحن السائلون أم الطلول |
وفي الاظعان لينة التثني | عصي الردف مانعة بذول |
سألناها تحيينا فضنت | وذلك لو تجود به جزيل |
سقت أرض السوية والغوادي | تهاداها الأباطح والسهول |
كان يد المعز حنت عليها | مخافة إن تضر بها السيول |
شفى مرضى العواصم عامري | تشف على خلائقه الشمول |
جلا صدأ القذا عنها وصحت | فليس سوى النسيم بها عليل |
كريم يستر المعروف حتى | كان كثير ما يعطي قليل |
تزور جياده أرض الأعادي | وأطراف الرماح لها دليل |
وملك شاده طعن الهوادي | تزول الراسيات ولا يزول |
تحاذر بأسه سمر العوالي | ففيها من مهابته ذبول |
من القوم الذين لهم أكف | تناذرها فتنجاب المحول |
كهولهم إذا غضبوا شباب | ومردهم إذا حلموا كهول |
حذار فان في حلب ليوثا | أنابيب الرماح لهن غيل |
ومن بطن الشام إلى رجيل | مرابع نبتها الأسل الطويل |
يشيد دونها لبني كلاب | بيوت ما يضام لها نزيل |
تسل شعابها بندى ثمال | فليس لها إلى كلأ رحيل |
تغمد جرمها إن طاح حلم | وضلت عن هدايتها عقول |
وصنها فهي في يمناك عضب | يزينك حمله وبه نصول |
وقال يمدح الأمير نصير الملك أبا علي الحسين بن علي بن ملهم سنة 455 من قصيدة:
يا خليلي قد سئمت أماني | وأنفقت في القناعة عمرا |
فاطلقا من أزمة العيس ما شاءـ | ـت فانا في ربقة الهم اسرى |
ولعمري لقد كفاها نصير الـ | ـملك فلتوسع البرية عذرا |
وردت مشرع المكارم ملآ | ن وحيث وجه للزمان أغرا |
طلعة كالصباح يلمع فيها | بارق للسماح سموه بشرا |
شرفا يا بني فزارة قد أحيا | نداه عليك حصنا وبدرا |
علم الناس كيف يسعى إلى المجد | ولكن باتوا نياما واسرى |
وبنان إذا تجهمت الأنواء | أجرى به سحائب عشرا |
وقال يمدح الأمير أبا علي الحسين بن ملهم أيضا ويذكر عقده الحلف بين القيسيين من فزارة وسليم وبين الكلبيين وأنفذها إليه سنة 405 من قصيدة:
وهاتفه في البان تملي غرامها | علينا وتتلو من صبابتها صحفا |
عجبت لها تشكو الفراق جهالة | وقد جاوبت من كل ناحية ألفا |
ويشجو قلوب العاشقين حنينها | وما فهموا مما تغنت به حرفا |
ولو صدقت فيما تقول من الأسى | لما بسطت طوقا ولا خصبت كفا |
أجارتنا أذكرت من كان ناسيا | وأضرمت نارا للصبابة ما تطغى |
وفي جانب الماء الذي تردينه | مواعيد ما ينكرن ليا ولا خلفا |
ومهزوزة للبان فيها شمائل | جعلنا لها في كل قافية وصفا |
لبثنا عليها بالثنية ليلة | من السود لم يطو الصباح لها سجفا |
لعمري لئن طالت علينا فإننا | بحكم الثريا قد قطفنا لها كفا |
رمينا بها في الغرب وهي ذميمة | ولم نبق للجوزاء عقدا ولا شنفا |
ثم ذكر عدة تشبيهات ذكرناها في الأوصاف والتشبيه ثم قال:
كان نصير الملك سل حسامه | على الليل فانصاعت كواكبه كسفا |
وأبلج أحيا دارس العدل بعد ما | ثوى وشفى المعروف من بعد ما أشفى |
جرى سابقا في حلبة الجود وحده | وقال العدى كان السحاب له ردفا |
وقد أسندت كلب إليك أمورها | فما فقدت نصرا ولا عدمت عرفا |
وكم لك فيهم من يد ملهمية | إذا انتجعت أرخت سحائبها الوطفا |
مواهب في قيس وقحطان لم تدع | لها منسما يطوي البلاد ولا خفا |
أقامت على الأوطان تشرب ماءها | نميرا وترعى روضها خضلا وحفا |
وقد بدرت في بحتر منك غضبة | منحتهم فيها القساوة والعنفا |
إذا نظروا خصب السواد ودونه | سيوفك حاروا لا إماما ولا خلفا |
ولي فيك من غر القوافي قصائد | تقبل أفواه الرواة لها رشفا |
وما أدعي در الكلام لأنه | صفاتك إلا إنني أحسن الوصفا |
وقال أيضا يمدح الأمير نصير الملك أبا علي الحسين بن علي بن ملهم وأنشدت بحضرته في ثغر حلب سنة 450 من قصيدة:
وعلى الغضا إن كنت من جيرانه | نار تقاسم حرها العشاق |
ومشتت العزمات ينفق عمره | حيران لا ظفر ولا اخفاق |
أمل يلوح اليأس في أثنائه | وغنى يشف وراءه الإملاق |
لولا نصير الدين طال ثواؤه | فيها وليس لأسره إطلاق |
القائد البزل الصعاب كأنها | مما يجوب بها الفلاة حقاق |
ومؤلف الأهواء بعد شتاتها | طوعا فما بين القلوب شقاق |
يسطو وقد برقت أسرت وجهه | بشرا فيمزج أمنه الإشفاق |
كالسيف يسعر حده نار الوغى | والماء في صفحاته براق |
ما هذه طرب العقار وإنما | أعطته نشوة كأسها الأخلاق |
ينمى إلى حسب تقدم ملهم | فيه وعز على النجوم لحاق |
بيت له الشرف القديم وغيره | كالشيب جدة مثله أخلاق |
البرك دثر والقباب فسيحة | والجود غمر والجفان عماق |
وحمى العواصم بعد ما كان العدى | فيها وحاول سرحها المراق |
ما ضرها جدب وأنت ربيعها الـ | ـحالي وكفك غيثها الغيداق |
ظن ابن باديس بعادك جنة | فأبت نواحل كالسقي دقاق |
ألهاه عن نظر العواقب سامر | غرد وكاس بالعقار دهاق |
وأقام ينتجع الظنون سفاهة | ومن الظنون خديعة ونفاق |
حتى إذا طالعت ثغرة كيده | وهفا عليه لواؤك الخفاق |
ولى يذم بها قوائم سابح | جمحت به الخيلاء وهي آباق |
ورمى بصيرة في مخالب ضيغم | طيان تفتح باسمه الإغلاق |
دامي الأسنة ما تقر جياده | حتى تضيء بعدله الآفاق |
بالقيروان لها غمامة عثير | وطفاء وابلها الدم المهراق |
وعلى خليج الروم برق صفائح | تفري ذيول النقع وهي صفاق |
عادت سهامهم الحداد كليلة | حتى كان نصالها أفواق |
حتى إذا سفر الضحى وتمادت | الأبصار أيكما له الإشراق |
غادرتها دمنا على أطلالها | يبكي الخليط وتذكر الأشواق |
وشرعت دين قراك في عرصاتها | فالنار تضرم والدماء تراق |
شرفا بني كعب فما عذب الجنى | إلا بما سبقت به الأعراق |
شادت سيوف أبي علي فيكم | مجدا له فوق السماء طباق |
وسعى المهذب سعيه فتوافقا | إن كان بين الفرقدين وفاق |
يا جامع الحسنات إن غرائبي | تهدى وليس سوى الوداد صداق |
لو أنصفت زفت إلى خطابها | والبدر تاج والنجوم نطاق |
لم يعترضها بالحجاب نقيصة | ما كل ما ستر البدور محاق |
وقال يمدح سني الدولة أبي الكتائب محمد بن علي بن محمد:
لولا سني الدولة بن محمد | ما كان للمعروف ذكر يعرف |
إما دمشق فإنها بك روضة | ما تحتوي وسحابة ما تخلف |
بلد أقمت به وذكرك سائر | في كل ناحية يخب ويوجف |
وقال يمدح الأمير أبا سلامة محمود بن نصر بن صالح مرداس من قصيدة يقول فيها:
فلا تأمنوا إن تسمعوها مرنة | بقرع العوالي والمهندة البتر |
يقول أبو حزن طلبنا لك العلى | فلم أخذت كفاك في طلب الفقر |
فقلت رأيت المال يبلى حطامه | وتبقى أحاديث الرجال مع الدهر |
وفي الحي محمود بن نصر بن صالح | أخو الغارة الشعواء والكرم الدثر |
أقلها من الحي اللئام ونادها | مراحك هذا آخر العهد بالضر |
وجوه كايماض الصوارم أشرقت | من الحسب الوضاح والنائل الغمر |
ونالوا بعز الدولة المجد شائدا | لما أثلوه من علاء ومن فخر |
له خلق في المحل غيث وفي الصبا | نسيم وفي جنح الدجى غرة البدر |
ومكرم يلقى العفاة بوجهه | بشرا كما لمع السحاب وأمطرا |
كالصارم الهندي إلا أنه | أمضى شبا منه وأكرم جوهرا |
ملأت وقائعه الطروس فلم تدع | في الأرض إلا سائلا أو مخبرا |
قد قلت للأعداء غير مجامل | لهم واعذر فيهم من انذرا |
أما الثغور فان دون مرامها | ليثا أشم الساعدين غضنفرا |
ألقى ذراعيه وأطرق ملبدا | من بعد ما هجر العرين وأصحرا |
جربتموه محاربا ومسالما | وعرفتموه مصمما ومعذرا |
وبلوتموه فما وجدتم عنده | إلا الصوارم والوشيج الأسمرا |
وبدت لكم في النقع بيض سيوفه | فرأيتم فيها الحمام مصورا |
فيكون سهمي في العناء مقدما | عنهم وحظي في العطاء مؤخرا |
وتهن بالعيد الذي شرفته | لما برزت مصليا ومكبرا |
وقال يمدحه أيضا ويذكر الوقعة الحادثة بدمشق في سنة 460 من قصيدة:
آثار جودك غير خافية | لا البحر ينكرها ولا المطر |
أين الذين ببعدهم آمنوا | ولرب أمن كله حذر |
سل جلقا عنهم وما صنعت | بهم وعند جهينة الخبر |
ألقى على الشهباء كلكه | وله بكل ثنية ظفر |
خلصت به الدنيا وما عرفت | إلا وفيها النفع والضرر |
وجلت قذى الأيام سطوته | ولكل صفو قبلها كدر |
فكأنما آلت مواهبه | إن لا يفوت مؤملا وطر |
عجبا لمغرور وقد ظهرت | لسيوفك الآيات والنذر |
ومن المنى ما دونه أمد | لا يستقل بمثله العمر |
غرت عقيلا هفوة عرضت | يصحو الزمان لها ويعتذر |
خاف الكمال على علاك بها | ومن الكمال يحاذر القمر |
يا ابن الأولى فخرت بمجدهم | مضر وما إدراك ما مضر |
يكفيك نصر منهم نسبا | معنى على المداح مختصر |
وقال يمدح الأمير أبا سلامة محمود بن نصر بن صالح بن مرداس سنة 457 من قصيدة:
أأحبابنا بين الأحص وجوشن | دعاء معنى بالفراق صريعة |
يحب سنا البرق الذي لاح منكم | وما هو إلا جمرة في ضلوعه |
ومنتصر بالدمع في رسم منزل | تذكر أيام الصبا في ربوعه |
فلو أعشبت أطلالها من بكائه | لما رضيت أجفانه عن دموعه |
لحي الله من يرضى الدنية واصلا | لهاجره أو حافظا لمضيعه |
يقيم على أوطانه في ملمة | من الدهر يلقى عزها بخضوعه |
وأين ذميل الأرحبية في الدجى | وأخذ السرى من ليلها وهزيعه |
ونصرة محمود بن نصر فلم تكن | بعازبة عن تربه ورضيعه |
نزلت على رحب الفناء مريعه | ولذت بعادي البناء رفيعة |
فمذ سمح الدهر البخيل بقربه | صفحنا له عما مضى من صنيعه |
وذو الحرب ما ألقى تمائم مهده | عن الجيد حتى اجتاب زغف دروعه |
أبا سابق لله فيك سريرة | قضت بقريب النصر منه سريعه |
إذا أظلمت سود الخطوب جلوتها | برأي يعير الصبح ضوء صديعه |
ولي فيك آمال طوال ترددت | بقلب جميل الظن فيك وسيعه |
ومن كان يبغي شافعا في لبانه | فوجهك أمسى شافعا عن شفيعه |
وقال يمدح الأمير أبا سلامة محمود بن نصر بن صالح بن مرداس أيضا ويذكر فتحه حلبا سنة 457 من قصيدة:
أبى الله إلا إن يكون لك السعد | فليس لما تبغيه منع ولا رد |
قضت حلب ميعادها بعد مطله | وأطيب وصل ما مضى قلبه صد |
تهز لواء النصر حولك عصبة | إذا طلبوا نالوا وإن عقدوا شدوا |
وخطية سمر وبيض صوارم | وصافية زعف وصافنة جرد |
رموا حلبا من بعد ما غر أهلها | عهود ولكن ما لها بالندى عهد |
لئام السجايا لا وفاء ولا قرى | فلا غدرهم يخفى ولا نارهم تبدو |
وقد ثبتوا حتى طلعت عليهم | كما قابلت شمس الضحى الأعين الرمد |
وان عوتبوا بالمرهفات فطالما | أصاخ لها الغاوي وبان بها الرشد |
وقوم رموا عرضي ولو شئت كان لي | من الذم حاد في جمائلهم يشدو |
وما العار إلا إن تحل بيوتهم | أحاديث ما فيها نزاع ولا جحد |
وعندي إذا عز الكلام غرائب | هي الغل عند السامعين أو العقد |
وقال يمدح الأمير أبا الحسن علي بن نصر بن منقذ من قصيدة:
من معشر بذلوا النفوس سماحة | وحموا بيوت المجد إن تتقوضا |
لولا مخالطة الصوارم والقنا | منع السماح أكفهم إن تقبضا |
قوم إذا استنجدتهم لملمة | ملأت عليك جيادهم رحب الفضا |
بيني وبينك ذمة مرعية | حاشا مرائر عهدها إن تنقضا |
فاصخ إلي وللحديث شجونه | حتى أبثك ما أمضى وارمضا |
ما أخرتني عن جانبك همة | وجدت من الأهواء عنك معوضا |
فكر أقود به الجموع كأنما | طبع الرضي له وعلم المرتضى |
وقال يمدح الأمير عز الدولة أبا الدوام ثابت بن معز الدولة سنة 448 من قصيدة:
أظن نسيم الريح من حيث أرسلا | أعاد على برق اللوى ما تحملا |
روى مجملا وألبان يتلو حديثه | ففسر ما قال النسيم وفصلا |
عذيري من الأيام تلقى بثابت | من البشر روضا أو من الجود جدولا |
دعته إلى بذل الندى أريحية | تعود منها يقول ويفعلا |
نوال يعم الأرض حتى كأنه | تضمن أرزاق الورى وتكفلا |
واجرد نهد لم يجد غير ظله | وسيلا ولم يملك من الأرض منزلا |
يفوت مجال الطرف حتى تخاله | من البرق لولا أنه كان أعجلا |
وقال يمدح محمد بن صالح بن مرداس سنة 443 من قصيدة:
كان ابن نصر همى كفه | عليها فاخجل صوب الحيا |
فتى جاد بالمال قبل السؤال | وعاجل بالبشر قبل المنى |
وقادت مواهبه الطالبين | فانضى المطي وسد الفلا |
من القوم إن خطروا للنزال | رأيت الردى في بحور الندى |
أ ليس أبوك أبا فاضل | فهل فوقه للعلا منتهى |
فتى وجد العز حيث الحمام | ومن دوحة المجد يجنى الردى |
وجاوره الغيث جهلا به | فلما رأى جوده ما همى |
مدحتك اطلب منك الوداد | إذا حاول القوم منك الغنى |
ولي في فخاركم شعبة | وفي الأفق بدر الدجى والسهى |
واني على شغفي بالقريض | لأذخره عن جميع الورى |
ولكن حبك نادى به | ولم يزل المرء طوع الهوى |
وقد جل قدرك عن نظمه | ولكنها سنة تقتفى |
وقال يمدح الأمير نصر الملك أبي علي الحسين بن علي بن ملهم وكتب بها إليه من القسطنطينية بعد مسيره من حلب سنة 453 من قصيدة:
لاح وعقد الليل مسلوب | برق بنار الشوق مشبوب |
طوى الفلا يسال عن حاجز | وهو إلى رامة مجلوب |
ولائم يظهر إشفاقه | عندي وبعض النصح تثريب |
يا صاحبي رحلي أعيدا أما | ني ففي الغيب أعاجيب |
وخبراني أين شمس الضحى | فان لون الصبح غربيب |
وا أسفي من غربة طوحت | فيها إلى الروم الأعاريب |
قادني الدهر إليها ومن | يجاذب الأقدار مغلوب |
فهل تشيمان على راهط | نارا لها في الجو ألهوب |
دون سناها كل مجهولة | تعرفها الجرد السراحيب |
لعلها نار بني ملهم | تعقر في ارجائها النيب |
قوم ذكرناهم ومن دونهم | للريح اسآد وتأويب |
فرنحتنا لهم نشوة | يطرب منها الراح والكوب |
ذوائب من عامر ضمها | بيت على الجوزاء مضروب |
لهم إذا أمهم سائل | فن من الجود وأسلوب |
طلاقة تشرق قبل الندى | والبشر مثل الحسن محبوب |
تعجب من أسعار أيديهم | نار الوغى وهي شآبيب |
ومنها:
أبلج تبدي الغيب أفكاره | وكل رأي الناس تجريب |
يا ابن علي كيف صار الندى | عليك فرضا وهو مندوب |
ما ضر أهل الشام إن يخلف الـ | ـغيث وإحسان ك مسكوب |
أبعدني منك زمان له | في طلبي وخد وتقريب |
وألف دار برقها لامع الـ | ـآل وراعي سرحها الذيب |
وقال يمدح الأمير ناصر الدولة أبا علي ابن الأمير ناصر الدولة الحسين بن عبد الله بن حمدان والظاهر أنه الذي ذهب إلى مصر من قصيدة:
أناخ علي الهم من كل جانب | بياض عذاري في سواد المطالب |
بكى الناس أطلال الديار وليتني | وجدت ديارا للدموع السواكب |
أ أحبابنا هل تسمعون على النوى | تحية عان أو شكاية عاتب |
وما أنا بالمشتاق إن قلت بيننا | طوال العوالي أو طوال السباسب |
فما لقلوب العاشقين مزية | إذا نظرت أفكارها في العواقب |
ولا الشوق إلا في قلوب تعودت | لقاء الأعادي في لقاء الحبائب |
جزى الله عني العيس خيرا فطالما | فرقت بها بيني وبين النوائب |
وان صدقت في ناصر الدولة المنى | فما هي إلا من أيادي الركائب |
فتى حارت الأقدار من عزماته | على إنها معروفة بالعجائب |
وأدرك أعقاب الأمور بفكره | كان لها عينا على كل غائب |
له نسب كالشمس أشرق نوره | على طول أيام السنين الذواهب |
إذا دجت الأحساب لاحت نجومه | ثواقب من قبل النجوم الثواقب |
جيادك يوم النيل ذكرن أهله | بما صنعت أماتها في قباقب |
سقت تلك أكناف المشارق وابل | الدماء وجادت هذه في المغارب |
تركن ديارا لا تبين لعارف | وخضن بحارا لا تحل لشارب |
وقد سمعوا أخبارهم في سواهم | فما قنعوا إلا ببعض التجارب |
طلعت عليهم والسيوف كأنها | ضرائب مما كسرت في الضرائب |
بقية آثار اللقان وآلس | وفضلة أيام الحمى والذنائب |
قواضب إلا إنها في أنامل | تكاد تقد الهام قبل القواضب |
حميت بها سرب الإمارة بعد ما | ترامت به أيدي العبيد اللواعب |
واعدت عن تدبيرها كل مائق | حديث الغنى فيها جديد المناسب |
وقد يبصر الرأي الفتى وهو عاجز | ورب حسام سله غير ضارب |
يظن العدا إني مدحتك للغنى | وما الشعر عندي من كريم المكاسب |
وما شئت إلا إن تتم صفاته | وللدر معنى في نحور الكواعب |
والله ما صدق الثناء بضائع | عليك ولا حسن الرجاء بخائب |
أعني على نيل الكواكب في العلا | فأنت الذي صيرتها من مطالبي |
وما كنت لما أعرض البحر زاخرا | اقلب طرفي في جهام السحائب |
طويت إليك الباخلين كأنما | سريت إلى شمس الضحى في الغياهب |
فمن كان يبغي في المديح مواهبا | فإن مديحي فيك بعض المواهب |
وقال يمدحه أيضا ويشكره على جميل فعله مع أهله سنة 459 من قصيدة:
السيف منتقم والجد معتذر | وما عليك إذا لم يسعد القدر |
وإن دجت ليلة في الدهر واحدة | فطالما أشرقت أيامه الأخر |
ولا ينال كسوف الشمس طلعتها | وإنما هو فيما يزعم البصر |
من السيوف التي لولا مضاربها | ما كان للدين لا عين ولا اثر |
هندية وبنو حمدان رفقتها | لقد تخيرت الأحساب والزبر |
أخفوا بكيدهم غدرا فما عبئت | سمر الرماح بما همت به الإبر |
حدث ببأس بني حمدان في أمم | تأتي فقد ظهرت في هذه النذر |
واذكر لهم سيرا في المجد معجزة | لولا الشريعة قلنا إنها سور |
السابقون إلى الدنيا بملكهم | ما أورد الناس إلا بعد ما صدورا |
تسمو البلاد إذا عدت وقائعهم | فيها وتبتسم الدنيا إذا ذكروا |
ماتوا وأحيا ابن ذي الجدين ذكرهم | فما يظنون إلا إنهم نشروا |
كأنما رأيه في كل مشكلة | عين على كل ما يخفي ويستتر |
وناصر الدولة المشهور موقفه | في نصرها وضرام الحرب يستعر |
أنتم صوارمها والبيض نابية | وشهبها وظلام الخطب معتكر |
وحاملوا الراية البيضاء ما برحت | على رماحكم تعلو وتنتشر |
كنتم بصفين أنصار الوصي وقد | دعا سواكم فما لبوا وما نصروا |
فهي الخلافة ما زالت منابرها | إلى سيوفكم في الروع تفتقر |
يا واهبا وغوادي المزن باخلة | وصاعدا وعوالي الشهب تنحدر |
أما القوافي فقد جاءتك سابقة | كما تضوع غب الديمة الزهر |
فاستجلها درة الغواص أخرجها | من بعد ما غمرته دونها الفكر |
ما تشتكي غربة المثوى ورفقتها | أفعالك الشهب أو اخلاقك الغرر |
واسمع أبثك أخباري فإن لها | شرحا وإن كنت أرويه واختصر |
فهل لرأيك إن ينتاش مطرحا | له من الفضل ذنب ليس يغتفر |
فعندك الجود لا من ولا كدر | وعنده الحمد لا عي ولا حصر |
وقال يمدحه من قصيدة سنة 459 ويذكر إطلاقه حميد بن محمود وحازم بن علي بن الجراح الطائيين من الاعتقال:
إذا بلغت من ناصر الدولة المنى | فما عذرها إلا توفي نذورها |
تناخ عتاق العيس حول قبابه | وقد أمنت شد الرحال ظهورها |
من القوم سنوا للأنام شريعة | من المجد كانت أغفلتها دهورها |
فان تمنح الألقاب قوم سواهم | فأولها من عندهم وأخيرها |
كأنكم والأرض أبناء ليلة | فما عرفت إلا ومنكم أميرها |
إذا أظلمت فيها الليالي جلونها | عليها وجوها يخجل الشمس نورها |
وما عدمت منكم يدا ربعية | إذا أمحلت عاذت بها تستجيرها |
سبقتم إلى الأيام قبل صروفها | فما ثبتت إلا عليكم أمورها |
وأعديتم الدنيا بفضل نوالكم | فمن عندكم أمطارها وبحورها |
ولما شكت فقد الكرام إليكم | وكان عليكم بعثها ونشورها |
أعدتم على طي حميدا وحازما | فأمرع واديها وفاض غديرها |
صنائع إن قادت إليكم صعابها | فان طليق العارفات أسيرها |
لا تحفلن إذا بقيت بناطق | غيري فليس مع الفرات تيمم |
لا يدعي الفصحاء فيك غريبة | والبيض تنثر والأسنة تنظم |
إن أحسنوا عنك الثناء فإنها | نطقت بمدحك قبل إن يتكلموا |
تجري جيادك في البلاد وما لها | شاو يرام ولا مدى يتوهم |
ومعرضين نحورهم لذوابل | ما زال يجري من أسنتها الدم |
ما يصنع الحسب الكريم بعاجز | يبنى له الشرف الرفيع ويهدم |
لا يذكروا حلبا وبيضك دونها | مشهورة فهي الظبا وهم وهم |
كم وقفة لك دونها مشهودة | والنقع ليل والأسنة أنجم |
في حيث يرتاب الحسام بحده | ويخون صدر السمهري اللهذم |
شرفا بني العباس إن حسامكم | ماض يطبق في العدى ويصمم |
حملت لواءكم السحاب أنامل | أندى عليه من السحاب وأكرم |
فكأنها حكمت على عذباته | إن لا يفارقها النسور الحوم |
لولا ابن نصر ما أظل عليكم | ركن الحطيم ولا سقاكم زمزم |
ومتوج لمعت أسرة وجهه | حتى أضاء بها الزمان المظلم |
غضبان يطلب حقكم بعزائم | كالدهر يعطي ما يشاء ويحرم |
ومن العجائب إن بيض سيوفكم | تبكي دما وكأنها تتبسم |
فالآن سلمت القلوب إليكم | وتيقنت إن الخلافة فيكم |
ما كان حملكم القضيب بنافع | حتى يضاف إليه هذا المخذم |
في شعره إشارة إلى علم النجوم بقوله:
ولا ينال كسوف الشمس طلعتها | وإنما هو فيما يزعم البصر |
وفيه إشارة إلى علم الحكمة بقوله:
يا عقل ما لك في اللطائف منهج | فإذا عثرت فلا لعا للتاعس |
عمري لقد ذهب الذين تفكروا | فيها وما ظفروا بغير وساوس |
ما قول بطلميوس عنها حجة | عندي ولا المروي عن رسطالس |
جار الأنام فلا دلالة ناظر | تشفي العقول ولا إمارة قابس |
لا تحفلن بما حوته صحائف | لهم وإن كتبت بخط دارس |
وفيه إشارة إلى علم الفقه:
وتقسم إني أهواكم | وليس اليمين على المدعي |
وفي شعره إشارة إلى علم الفلسفة والنجوم بقوله من قصيدة ذكر
بعضها في استغفر واستغفري:
وفي الفلاسفة الماضين معتبر | فطالما قصدوا فيها وما عسغوا |
وقد أتوك بمين من حديثهم | يكاد يضحك منه الحبر والصحف |
ظن بعيد وأقوال ملفقة | تخفى على الغمر أحيانا وتنكشف |
الأمر أكبر من فكر يحيط به | والغمر اقصر إن يلقى له طرف |
أعظم بذلك إن حاولت واضحه | ومت به فعلى هذا مضى السلف |
جاءت أحاديث عن قوم أظنهم | عاشوا طويلا وقالوا بعد ما خرفوا |
سخيفة ويزيد المخبرون بها | فقد تجمع سوء الكيل والحشف |
يدين قوم بان الشهب خالدة | وعند قوم لها وقت ومنصرف |
وما رضيت بعقلي في جدالهم | ولا توهمت إلا غير ما وصفوا |
يا أم دفر جزاك الله صالحة | وإن أضاف إليك القوم ما اقترفوا |
وما نزلت قبيحا تعرفين به | لو كان يأنف منك الهائم الدنف |
وفي شعره إشارة إلى التقليد بقوله:
رميت خصمك بالتقليد متبعا | فيه وأنت بما أنكرته قمن |
وفي شعره إشارة إلى علم الحديث بقوله:
وكيف تصدق في الأخبار مرسلة | وما أراك مع الإسناد تؤتمن |
كتابه سر الفصاحة
قال أحمد البدوي:
لقد أعد ابن سنان للامر عدته عندما أراد إن يؤلف هذا الكتاب، فقرأ ما استطاع إن يقرأ من الكتب التي ألفت قبله في النقد الأدبي، ككتاب البديع لابن عسكر، ونقد الشعر لقدامة بن جعفر، والموازنة بين الطائفتين للآمدي، وغير ذلك مما أشير إليه في كتابه.
وأغلب الظن أنه لم يقرأ ما كتبه عبد القاهر الجرجاني لأننا لم نلمح أثرا في سر الفصاحة يوحي بهذا التأثر.
وكان هدف ابن سنان من تأليف كتابه إن يوضح حقيقة الفصاحة، ويكشف عن سرها، لأنه يؤمن بان لكل جمال في الكلام سببا يمكن الاهتداء إليه، فأراد إن يضع كتابا يستطيع به دراسة إن يعلل ويستدل، ويعرف الوجوه والأسباب. وكانت نظرته صائبة عندما قرر إن البلاغة إنما تدرك بمخالطة الشعر وتأمله، مع طول الوقت، وتراخي الزمن. وعند ما أراد إن يؤلف كتابه كان عظيم الطموح في إن يؤلف في أسرار الفصاحة كتابا مفردا بغير نظير من الكتب في معناه، وإن يجمع من مسائلها ما أهمله من قبله الدارسون لها.
وقد حقق المؤلف كثيرا من أهدافه، حتى قال ابن الأثير في فاتحة كتابه، وبعد، فان علم البيان قد ألف الناس فيه كتبا، وجلبوا ذهبا وحطبا، وما من تأليف إلا وقد تصفحت شينه وسينه وعلمت غثه وسمينه، فلم أجد ما ينتفع به ذلك إلا كتاب الموازنة لأبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي، وكتاب سر الفصاحة لأبي محمد عبد الله بن سنان الخفاجي، وهو يبدو في كتابه مجتهدا، يريد إن يصل إلى القواعد بنفسه، وإن يطمئن إلى ما يصل إليه منها.
لا يقلد في ذلك سابقا، مهما كانت مكانته إلا عن عقيدة وإيمان. يقول: وقد ذكرت فيه ما يقنع طالب العلم، على إنني لم أرجع فيه إلى كتاب مؤلف ولا قول يروى، ولا وجدت مجموعا في كل مكان، وإنما عرفته بالدربة، وتأمل أشعار الناس، وما نبه أهل العلم في اثباتها. .
ولا يقلل من قيمة هذا المجهود ما يقد يكون هناك من اعتراضات على ما وصل إليه من النتائج، بل أنه يؤمن بأنه عرضة للزلل، والوقوع في الخطأ.
وهو يجمع في كتابه بين منهج الأدباء والمناطقة، فنراه يحشد كثيرا من الأمثلة، ويجنح إلى الدليل والبرهان، وكان لثقافته الأدبية، ودراسته الكلامية أثر بارز في هذا الاتجاه.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 71