الشيخ عبد الحسين الأعسم ابن الشيخ محمد علي ابن الحسين بن محمد الأعسم الزبيدي النجفي
ولد في حدود سنة 1177 وتوفي سنة 1247 بالطاعون العام في النجف الأشرف. كان عالما فقيها أصوليا ثقة محققا مدققا مؤلفا أدبيا شاعرا مفلقا مشهورا يفضل على أبيه في الشعر وكان معاصرا للشيخ محمد رضا وابنه الشيخ أحمد النحويين وآل الفحام. تخرج على أساتذة أبيه السيد مهدي بحر العلوم والشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وقرأ على المحقق السيد محسن الأعرجي الكاظمي صاحب المحصول وشرح منظومات والده الثلاث في المواريث والرضاع والعدد بأمره وطبعت مع الشرح وخفه في كل مزية له فاضلة وله كتاب ذرائع الأفهام إلى أحكام شرائع الإسلام برز منه كتاب الطهارة في ثلاثة أجزاء رأيت منه الجزء الثاني فرغ من تبيضه سنة 1239 في رمضان والجزء الثالث فرغ من تبيضه يوم حادي عشر الشهر الثاني عشر من سنة ثالث أول مراتب العدد وخامس ثانيها وثالث ثالثها وثاني رابعها وله مراث في سيد الشهداء أبي هبد الله الحسين عليه السلام مشهورة متداولة ومنها قصائده التي على ترتيب حروف المعجم وشهرتها تغني عن الإطالة بنقلها وأوردناها في كتابنا الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد. من شعره قوله:
دنا مكرها يوم الفراق يوادعه | تسابقه قبل الوداع مدامعه |
وقد كاد أن يرفض شجو فؤاده | عن الصدر لولا تحتويه أضالعه |
بنفسي حبيبا لم يدع لي تجلدا | لتوديعه لما غدوت أوادعه |
أعانقه والطرف يرعف خاشعا | وما الصب إلا راعف الطرف خاشعه |
وقد علقت كفاي شوقا بكفه | كما ضمت الطفل الرضيع مراضعه |
أعرف بالشكوى إليه ومهجتي | تنازع من أشواقها ما تنازعه |
ولما سمعت الركب حنت حداتهم | وهي جلدي من هول ما أنا سامعه |
وقلت لشوقي كيفما شئت فاحتكم | لك الأمر فاصنع في ما أنت صانعه |
ولاح دعا للصبر من لا يجيبه | وقاد إلى السلوان من لا يطاوعه |
يكلفني صبرا خلعت رداءه | وهيهات مني لبس ما أنا خالعه |
فمن لمشوق لم يخض جفن عينه | غرار ولم تفتق لنصح مسامعه |
إذا رام أن يخفي هواه وشت به | مدامع تبدي ما تجن أضالعه |
فوا لهفتا من بين خل موافق | يراجعني في أمره وأراجعه |
يواصل من واصلته غير طامح | لغيري ويغدو قاطعا من أقاطعه |
تعقبه هجر تلظى شجونه | بأحشاي حتى يجمع الشمل جامعه |
ستسمع لي إذا علقت بناني | معارفهن مطلقة العنان |
أتعلم أن لي مرمى بعيدا | عليك وإن شأنك غير شأني |
أكلت دما إن استبقيت نفسا | تفر من الحمام إلى الهوان |
سأمضي للتي أن طوحت بي | بلغت بها نهايات الأماني |
بعزمة فاتك السطوات زرت | غلالته على عضب يماني |
تمضمض عينه بغرار نوم | إذا امتلأت كرى عين الجبان |
يهش إلى الوغى لم يحل عيش | له بسوى الضراب أو الطعان |
تخال صليل قارعة المواضي | ألذ لديه من نغم الأغاني |
ولفحة مارج الهيجاء أشهى | إليه من ارتشاف المرغواني |
وخوض غمار معترك المنايا | أحب إليه من دعة الأمان |
لترتقب العدى مني نهارا | أعرفهم بموقفه مكاني |
ألثم شمسه بالنفع حتى | ألاقي تحتها حلق البطان |
وكيف بهم إذا رعدت عليهم | سنابكهن بالحرب العوان |
عليها كل أغلب مستشيط | يغض على لواحظ أفعوان |
نكلت عن العلى إن لم أثرها | على الأعداء ساطعة الدخان |
فأروي من رقابهم حسامي | وأركز في حناجرهم سناني |
وامزج من دمائهم مدامي | وانصب فوق هامهم جفاني |
هي العزمات والهمم العوالي | ينال بها الفتى رتب المعالي |
فتى العلياء, من يسمو إليها | بقلب بالمنية لا يبالي |
وأي بعيدة لم تدنها لي | حراب السمهريات الطوال |
وما أنا قانع بتلال مجد | إذا لم أسم شامخة الجبال |
ولي نفس تجادلني إذا ما | نهاني الحلم عن طول الجدال |
تفل حدود مرهفة المواضي | بعزمتها وتنحطم العوالي |
تزيد بكل قارعة مضاء | كما جاد الحسام على الصقال |
وثبت بها إلى كسب المعالي | كما نشط المؤبل من عقال |
واصلت الحسام ولست ممن | يهزون السيوف بلا قتال |
أأملأ مقلتي كرى وفيئي | تقسم بين أوغاد النذال |
علام وما بباعي من قصور | ولا بغرار عزمي من كلال |
قنعت بعيش ذل ليس يخشى | به بطشي ولا يرجى نوالي |
وكيف إن تكن أنفت يميني | عن الأعداء أغنتها شمالي |
حلمنا عنهم حتى استطالوا | ولاقونا بألسنة طوال |
نهضت إلى اقتناء العز أقضي | به حق المكارم والمعالي |
بطرف لا يغض على قذاه | وجنب لا ينام على بلال |
ورأي مثل حد السيف ماض | تصك به الجبال على الجبال |
وواصلت السرى بالسير أحجو | وصالهما ألذ من الوصال |
غنتني عن قيان الحي ورق | تغرد لي على سلم الوضال |
وعن هيف القدود اعتضت سمرا | تشابهها بلين واعتدال |
سئمت العيش في زمن تولت | شبيبته وآل إلى الهزال |
علت فيه أسافله وأضحت | أسارى بين أيديه الأعالي |
أرى صورا يقال لها رجال | ولم أر فيهم شيم الرجال |
تصد عن الجميل ولا تخافي | ونعتاد القبيح ولا تبالي |
سأصلت عزمة مهما استثيرت | تضعضع عندها شم الجبال |
وأكسر غمد عضب ضج منه | وأجعل غمده قمم الرجال |
واخضب بالدما أذقان صيد | أبت إلا التضمخ بالغوالي |
بفيلق نجدة وخميس نصر | يصول بها الرشاد على الضلال |
تسايره القشاعم مربعات | تحف به بحل وارتحال |
به الرايات كالعقبان تبدو | خوانق في عواسلها العوالي |
بحيث ترى السوابغ مثخنات | على الأبطال من شق النبال |
بحيث ترى الكماة لها ضجيج | تنادي فيه حي على النزال |
بحيث ترى الجماجم عاثرات | بهن السابقات مدى المجال |
بحيث ترى الصوافن طافحات | تقل إلى الوغى غلب الرجال |
بنفسي من أفديه بنفسي | فليس لها وليس له قرين |
أضن به على غيري وإني | بمن أهوى على غيري ضنين |
واحجب وجهه عن ناظريه | مخافة أن تناهبه العيون |
ودون لقائه حرس حمته | بآساد عواسلها العرين |
تشاكينا الصبابة فاهتززنا | كما تهتز بالنسم الغصون |
فويح بني الغرام قضوا عطاشى | وبين يديهم الماء المعين |
فذلك من ضناه يكاد يخفي | على عواده لولا الأنين |
تحذر أن تصيخ لعذل لاح | لنا دين وللاحين دين |
ودار لحاظ عينيك حين تعشو | إلى فلق تغض له الجفون |
يرد شعاعه الأبصار حسرى | وكيف تواجه الشمس العيون |
شكوت هواك لي فهززت غصنا | تخون المرهفات ولا يخون |
فكم رققت فيك عليه عتبا | يكاد صفا الصخور به يلين |
سقطت على جهينته فسله | يجبك فعنده الخبر اليقين |
كمال كامل ووفى وفي | وطبع طافح وحجى رزين |
متى يذكرك خامره اهتياج | يخال كأن وليس به جنون |
وما خان الأمين من ارتضاه | أمينا لكن أئتمن الخؤون |
أبيت وبين أضلاعي اشتياق | تنشب منه بي داء دفين |
عرجا بي فهذه كربلاء | أبك فيها وقل مني البكاء |
يا غريب الديار بنت عن الأو | طان تخدي عنها بك الأنضاء |
أين من كربلاء طيبة مثوا | ك ومثوى أهليك والبطحاء |
أي كرب قاسيته وبلاء | عندها إذ جرى عليك القضاء |
أي عذر بين الورى لعيون | قل منها على الحسين البكاء |
ويح قوم جنت عليه وأغرتـ | ـهم به الجاهلية الجهلاء |
يا ابن بنت النبي غرتك بالكتـ | ـب علوج ضلت بها الآراء |
أظهروا الود إذ دعوك فمذ وا | فيت وافتك منهم الشحناء |
لم يجودوا عليك بالماء حتى | بخلت أرضهم به والسماء |
بأبي طفلك الرضيع تلظى | عطشا حين غيض عنك الماء |
جئت مستسقيا به فسقته | منهم الحتف طعنة نجلاء |
لهف نفسي على بناتك تستا | ق سبايا كما تساق الإماء |
لهف نفسي على خليفتك السجـ | ـاد مسته بعدك الأسواء |
لست أنساه في دمشق بحال | شمتت بازدرائها الأعداء |
يا لها وقعة تجددها في | كل عام علي عاشوراء |
تركتها مآتما باقيات | أبد الدهر ما لهن انقضاء |
ليس ينسى مولاي عبدك رزاءا | لك تنسى لعظمه الأرزاء |
لك عندي ما عشت لاعج وجد | لم تبارحه عبرة حراء |
ما استعرت البكا عليك أبي | الشماخ فيكم وأمي الخنساء |
مستمر على رثائك لكن | ليس يشفي غليل قلبي الرثاء |
أبشعري أفي رثائك كلا | قصرت عن رثائك الشعراء |
أما في هذه الدنيا نجيب | يساعدني على نوب تنوب |
مصائب لا أندي الصبر فيها | ولا ادعى إليه ولا أجيب |
تناكر موقفي قومي كأني | غداة أصيبت بينهم غريب |
ألانت جانبي نكبات دهر | أشابتني وما حان المشيب |
عز غيري فلست ممن يعزي | رب رزء عزاء باكيه عزا |
كم تأويتني بتقريع قلبي | عن مرام ترى به عنه عجزا |
لم تجد فيه مطمعا فاطو عنه | كلما أوجعته قرعا وغمزا |
ويح قلبي الشجي مما يعاني | من ملام الخلي نسها وحزا |
كم وددت الردى لراحة نفس | لم أزل من حياتها مشمئزا |
أي عيش يهنا لمن بين جنبيه | لظى أزت الجوانح أزا |
أضرمتها في القلب أرزاء أهل الـ | ـبيت إذ ليس مثلها قط أرزا |
كم حقوق لآل أحمد بزت | بعدما ظن أنها لن تبزرا |
ونفوس تجرعت غصص الذل | وقد كان حقها أن تعزا |
وأخلتها أيدي الضغائن بالأسيـ | ـاف ضربا وبالأسنة وخزا |
وأضيعت دماؤها أر | وت حضيضا من كربلاء ونشزا |
كم عرانين أرغمت لم تكن تر | غم إلا لله جل وعزا |
ونحور عزت يعز على المخـ | ـتار بعد التئامها أن تحزا |
ورؤوس فوق القنا لولاة الأ | مر تدعى باسم الخوارج نبزا |
بأبي أفتدي قتيلا عليه | عزيت فاطم فلم تتعزا |
واستذلت بقتله ملة الإسـ | ـلام من بعدما اكتست منه عزا |
فليشق الإسلام ثوبا على من | كان كهفا للمسلمين وحرزا |
ويل قوم تخاذلوا عنه ما أشـ | ـنعها سبة عليهم وأخزى |
كيف خانوا نبيهم في بنيه | أبهذا خير النبيين يجزى |
لهف نفسي على الحسين فلا زا | ل فؤادي برزئه مستفزا |
حسبوه يرضى بذل ويأبى | أن يعيش الأعز إلا أعزا |
واستثاروا بقتل والده الكر | ار منهم عباد لات وعزى |
فاستجارت منهم به بيضة الإسـ | ـلام إذ أوجست من الكفر وكزا |
واعتلى طرفه بلامة حرب | لا ترى مثل طرزه العين طرزا |
ودنا منهم وأوقرهم وعـ | ـظا يسوم الرواسخ الشم هزا |
فأصم الشقاء منهم قلوبا | حرزتها ضغائن الشرك حرزا |
فانتضى عضبه وشد عليهم | شدة الليث في أضاميم معزى |
كم أرتهم عيناه هائل فتك | وجدوا من نفوسهم عنه عجزا |
لكن الخطب أحكمته المقاديـ | ـر ولن يقبل المقدر حجزا |
يا لقوم لفادح جز من علـ | ـيا قريش نواصيا لن تجزا |
واغتدت بعده أعزاء عدنا | ن أذلاء والأذلاء أعزا |
واستطالت إلى المغازي يدا من | طالما كان من مغازيه يغزى |
وتسلت عنهم هاشم وانصا | عت مغاني غزاتها الغلب مغزى |
أخذوا في ديارهم بعدما كا | نوا حماة الحمى حضورا وغزى |
يا ابن بنت النبي ما برحت أحـ | ـشاؤنا بإدكار رزئك ترزى |
لم تسكن غليلها عبرات | يحفز الثكل دمعها فيك حفزا |
هجرت جزعا عليك عزاها | ليس من كل ميت يتعزى |
أخلصتكم أشياعكم صفو ود | ذخرته لفاقة الحشر كنزا |
لك عبد إذا شجته الخطايا | يتسلى بأنه لك يعزى |
حاش لله أن تخيب أناس | تخذتكم مما تحاذر حرزا |
سخوا للمعالي بالنفوس النفائس | كذا كل من يشري العلى لم يماكس |
وفازوا بها في النشأتين نفائسا | كبت دونها أنفاس كل منافس |
هي الرتبة القعساء جل مقامها | لدى الله أن ترقى لها كف لامس |
بها ظفرت من ألزموا عزماتهم | حفاظ المعالي بابتذال النفائس |
حدتهم إلى نصر ابن بنت نبيهم | حمية دين لم تشب بالدسائس |
فهبوا إلى حرب تقاعس أسدها | تخالس طرفا للردى غير ناعس |
تهاوت عليهم خيلهم مشمعلة | كما استبقت للورد هيم الخوامس |
وخاضوا لظاها مستميتين لا ترى | عيونهم الفرسان غير فرائس |
بأبيض مصقول الغرارين قاطع | وأسمر مهزوز المعاطف مائس |
وسابغة من نسج داود توجت | مغافرها بالبيض فوق القلانس |
ضراغم غيل لم تهب رشق راجل | بنبل ولا ترتاع من طعن فارس |
فلله تلك الفتية ازدلفت لها | ثلاثون ألفا بالضغون الفوارس |
فأذكت عليهم نار حرب جلاهم | سناها جلاء الصبح دهم الحنادس |
وحفت بمولاها تجدل دونه | أشاوس حرب أردفت بأشاوس |
كفته عداه واغتدت مهجاتها | له جننا من نبلها المتكاوس |
إلى أن فدته بالنفوس فلم يجد | مجيبا له غير العدو المخالس |
بدا مخمدا ضوضاءهم بزئيره | عليهم فلم يسمع لهم صوت هامس |
وأوقرهم وعظا فلم يلف ملمسا | بهم فثنى عن وعظهم عطف آيس |
ومبتهج في حومة الحرب حيث لا | يشاهد من أبطالها غير عابس |
يشد على جيش الأعادي بصارم | أبى غمده إلا رقاب الفوارس |
إلى أن جرى حتم القضا وترادفت | فوادح لم تخطر على بال حادس |
مصائب لم نبرح لها عكفا على | مواقف حزن اعولت ومجالس |
فواظع زادتها الرواة فظاعة | وإن كان ما لم ينس معشار مانسي |
شجتنا فما ندري أتطوى ضلوعنا | على حرق من ذكرها أم مقابس |
وخامس أصحاب الكسا ما خطت لهم | يد الفضل إلا جبرئيل بسادس |
تمنت عداه خطمها لشهامة | له شحطت عنهم على ظهر شامس |
ورامت لها الويلات إذعانه لها | فكيف تنال الشمس أيدي اللوامس |
وهيهات أن يرضى الحسين بذلة | أبتها أصول زاكيات المغارس |
فحلق عنها وامتطى صهوة الردى | يرى الذل أخزى وصمة في المعاطس |
ويرسل من كوفان للشان رأسه | إلى فاجر في غمرة الكفر راكس |
وتسبى إليه الفاطميات آلفا | تشفيه من تقريعها في المجالس |
فلهفي على تلك الدماء فلم تزل | تلظى لها في القلب شعلة قابس |
ولولا ترجي النفس طلعة ثائر | بها أنا من نصري له غير آيس |
لما كنت أستبقي لها بعد رزئهم | حياة بها ضاقت علي منافسي |
إلى أن يعز الله دين الهدى بمن | يجدد من آثاره كل دارس |
ويخصب من ساحاته كل ممحل | ويورق من أغصانه كل يابس |
يجب به عرق الضلال وتكتسي | به سروات الرشد أبهى الملابس |
لوجهك يا ابن العسكري توجهت | هداياي يذكو عرفها في القراطس |
فجد لي باستنشادها جدة الرضا | لدعبل باستنشاده لمدارس |
هو الهوى مهما كتمته فشا | وكيف يخفى ما به الدمع وشى |
شغفت حبا وتروم سلوة | هيهات أن يسلو مشغوف الحشا |
تشكو تجني الهوى وهل ترى | من عاشق جرى هواه كيف شا |
مستوحشا بين أهاليك ومن | غيل لفقد من يحب استوحشا |
روحي الفدا لنازح ما خطرت | بخاطري ذكراه إلا انتعشا |
أرجو اقتراب وعده معللا | به فؤادا لم يزل مشوشا |
يا حبذا ساعة لقياه التي | لا يرتجى الدين سواها منعشا |
قضيت عمري بين يوم نفضت | على ضحاه لوعتي دجى العشا |
وليلة أسهرها كأنني | مساور خزر العيون الرقشا |
أجهش فيها بالبكا لغدرة | في الدين كل من وعاها أجهشا |
خرط القتاد دون سلوها وإن | صرت بها لشوكة مفترشا |
حتى نرى آخذ ثأرها سطا | من كل من أسسها مفتشا |
لهفي ولا يشفي الجوى تلهفي | لمن بشاطي النهر ماتوا عطشا |
لم أنس يوم جعجع العدا بهم | وأنزلوهم العراء الموحشا |
تخاذلت عنه رعاياهم إلى | أن بلغت منه عداهم ما تشا |
هنالك استل ابن حيدر الظبا | شهامة شب عليها مذ نشا |
عاف الحياة والأبي الضيم لم | يطق بدار خيمة تعيشا |
واختبر الناس ببذل نفسه | ولو يريد البطش فيهم بطشا |
فهب للهيجا بجاش طامن | لم يكترث بالكون جاش أم جشا |
شد على خميسهم كأنه | ليث شرى شد على قطيع شا |
تطاير النبل إليه لم يكد | يسلم عضو منه إلا خدشا |
ومذ دنا حتم القضا أصماه من | قوس الشقا ذا شعب مريشا |
فخر للأرض صريعا لم يدع | حيا تعالى الله إلا اندهشا |
ما أنس لا أنس ابن فاطم لقى | على الثرى الجيش عليه احتوشا |
حتى قضى بالسيف عطشانا ولم | يبرح ندى كفيه يروي العطشا |
حنت عليه الفاطميات فكم | جيب لها شق ووجه خمشا |
تجاوبت بالنوح لا تفتر عن | طول بكى أثر فيها العمشا |
ويلي على من ثكلت رجالها | وكابدت ذاك المصاب المدهشا |
تنظر منهم الرؤوس أبدلهن من | أجسامهم سمر الرماح الرعشا |
وجثثا فوق الثرى ودت لها | تكون أحداق المعالي فرشا |
أضحت مزارا للوحوش بعدما | كان حماها يؤنس المستوحشا |
يا آل بيت المصطفى حن لكم | مضنى بغير قربكم لن ينعشا |
هام بكم فؤاده نشوان من | صفو هوى خامره حتى انتشا |
لا أختشي ذنبا ولي فيكم رجا | أعظم ذنب معه لن يختشى |
علت لكم نار القرى فرحبوا | بمن على نار قراكم عشا |
فليس للجود محل غيركم | إن تقفوا يقف وأن تمشوا مشى |
ما بال من أصفيته إخلاصي | غاليت فيه وجد في ارخاصي |
أكذا وفا الأحباب يرجع خائبا | من وصلها الداني ويحظى القاصي |
سيرد لي ما فات مني جاه من | لم تبق شمس ولاه ليل معاصي |
من رد قرص الشمس جاه أبيه في | سغب نحيل الجود بالأقراص |
وقضيت عمري في رثاه مؤملا | برثاه من شدد الذنوب خلاصي |
أفدي قتيل أبطف خير من اعتلى | أسراج خيل أو رحال قلاص |
فزعت أمية إذ تطلع نحوهم | فزع الظباء بطلعة القناص |
نصرته قوم أرخصوا أرواحهم | للدين والأرواح غير رخص |
فسموا بذلك رفعة كادوا بها | يطأون هام النسر بالأخماص |
وخطوا بأقصى كل مكرمة غدت | لهم أقاصيهن غير أقاصي |
فلأي عذر ليت شعري تنحني | من تدعيه بمنتهى الإخلاص |
شقي ابن سعد واستبد بلعنة | شملت ذؤابتها أبا وقاص |
نشبت بكلكله مخالبهم فلم | تمكنه منهم فرصة استخلاص |
فحمى ذمار عياله بمهند | لم تحم منه سابغات دلاص |
ويظل يفحص من ظماء طفلها | والهفتاه لطفلها الفحاص |
جزت نواصيها العلى لمصيبة | لم تطف جذوتها بجز نواصي |
حتى نرى ابن العسكري يقودها | شعثا يطيع بهن كل معاصي |
فلتخش صولته الأعادي ويلهم | أين المفر ولات حين مناص |
إن يضيق في اليوم بي رحب الفضا | فغذا يجري بما أهوى القضا |
قرب الوعد الذي أرقبه | وانتهى التسويف فيه وانقضى |
تتراءى لي سيوف طالما | أغمدت قد أوشكت أن تنتضي |
ارتجيها طائر القلب متى | لمحت عيناي برقا أومضا |
ويح قلبي ما بقلبي كلما | نفض البرق رداه انتفضا |
انقضت أيام عمري حسرة | غير مستوف بها لي غرضا |
كم أقاسي بانتظاري لوعة | قلبت قلبي على جمر الغضا |
ما صغت للعذل عنها أذني | صرح العاذل لي أم عرضا |
ما يفيد العذل في مثلي وكم | عاذل أغرى وناه حرضا |
لا أراني الله أسلو من له | موثقا في عنقي لن ينقضا |
سرنا الله بلقياه فكم | قد لقينما من نواه مضضا |
طلت يا ليل النوى حتى متى | أترجى فجرك المعترضا |
يا لقومي لتمادي غيبة | غادرتنا للرزايا غرضا |
أورثتنا غللا لم يشفها | غير صمصام الإله المنتضى |
طالبا أوتار أهل البيت من | من أضاعوا فيهم ما افترضا |
سليا بالحديث غير فؤادي | بم يسلو عن الورود الصادي |
بين جنبي جذوة تتلظى | مهجتي فوق جمرها الوقاد |
أين منها الخمد هيهات إلا | بلقا من لقاه أقصى مرادي |
منية النفس إن نأى عن سود العين | لم ينأ عن سويدا الفؤاد |
لم يفز ناظري بلقياه حتى | في رقادي وأين مني رقادي |
سهدتني صبابة غادرتني | مستهام الفؤاد في كل وادي |
لم يجد مطمعا بها العدل مهما | رام نقصانها طغت بازدياد |
كيف أصغي لعاذل بعدما | أعطيت يمنى الغرام فضل قيادي |
من لقلبي بأن يفوز بمن يهواه | بعد التياعة بالبعاد |
حبذا ساعة الاقية فيها | ما ألذ السلسال في قلب صادي |
صاحبي اشرحا بندبته صدري | فقد ضاق بي فضا كل نادي |
بأبي والعزيز من أهل بيتي | أفتديه وطارفي وتلادي |
خاتم الأوصيا لخاتم رسل الله | غوث الولي حتف المعادي |
طال حمل النوى به فمتى يا | فرج الله ساعة الميلاد |
أي يوم يشدو البشير بمن لم | يحل في غيره ترنم شادي |
وتلاقي عيناي منه محيا | بين عينيه ةنور أحمد بادي |
مصلتا عضبه لإصلاح هذا الكون | بعد امتلائه بالفساد |
غصبوكم حق الخلافة واغتروا | بظل اغتصابها المتمادي |
كم رزايا في كربلاء كست | الإيمان أحزانها ثياب حداد |
يوم ذل الإسلام وانتسفت | في أوجه المسلمين كثب رماد |
وتبدت أمية تتقاضى | دينها من بني النبي الهادي |
أدركت بالحسين ثارات بدر | وشفت منه سالف الأحقاد |
عندما استفردته مستنجدا | بأسا كفاه من كثرة الأنجاد |
خذلته قديمة الغدر حتى أدركت | منه ما اشتهته الأعادي |
طمعت فيه أن يسالم لكن دون | ضيم الأباة خرط القتاد |
أتراه يعطي ابن آكلة الأكباد | كف المستسلم المنقاد |
كيف يستسلم الحسين وينقاد | لضيم وهو الأبي القياد |
الخوف الردى وليس لديه | الموت إلا تهويمة عن سهاد |
أم لحب الحياة بين من اختارت | عليه يزيد وابن زياد |
حاش لله أن يحوم على مرعى | أبته شهامة الأمجاد |
فهناك اتكى على قائم السيف | ونادى فديته من منادي |
أيها الصحب ليس للقوم قصد | غير قتلي فليغد من هو غادي |
فأجادوا الجواب واخترطوا البيض | احتجاجا إلى جلاد الأعادي |
وانثنوا للوغى غضاب أسود | عصفت في العدى بصرصر عاد |
أو ردوا البيض دونه من نجيع | الهام والسمر من دما الأكباد |
حرسوه حتى احتسوا جرع الموت | ببيض الظبا وسمر الصعاد |
فبكى حسرة عليهم وناداهم | وأني لهم بغوث المنادي |
سمحوا بالنفوس في نصرة الدين | وأدوا في الله حق الجهاد |
صرعتهم أيدي المنايا كراما | والمنايا حبائل الآساد |
فاغتدى السبط بعدهم غرضا | للنبل واستكلبت عليه العوادي |
فاستولى فوق ظهر مرتجز | الهادي وأرخى عنانه للطراد |
مستطيلا على خميس أعاديه | لديه الآلاف كالآحاد |
يرهق الجيش وهو فرد ويروي | سيفه من دماهم وهو صادي |
يتلقى السهام طلق المحيا | كتلقيه أوجه الوفاد |
مفردا يصدم الجموع فتنصاع | عباديد كانتشار الجراد |
كاد يفنيهم فلولا القضا لم | تحظ منه أمية بمراد |
فانبرت نبلة إليه فأردته | صريعا من فوق متن الجواد |
ويح سهم أصمى فؤادك يا ابن | المصطفى ليت وقعه في فؤادي |
يا لقومي لفادح فتت الأكباد | منا وفت في العضاد |
ليس تطفي غليله أدمع العين | وإن فض من خروق المزاد |
أي نحر فرى وريديه شمر | أي رأس علاه فوق الصعاد |
يتباهى بقتل من فرض الله | ولاه على جميع العباد |
أيعلى على القنا رأس سبط | المصطفى نصب أعين الأشهاد |
ويعرى على الثرى جسمه لا | بانتظار التجهيز والإلحاد |
غسلته الدما وقلبه وطء | العوادي وكفنته البوادي |
ويح خيل داست سناكبها | صدرا حوى ما حواه صدر الهادي |
عقرت هل درت ما ارتكبت من | سبة سودت وجوه الجياد |
بأبي سادة الورى أمناء الله | ضاقت بهم رحاب البلاد |
وكراما خصوا بما يكثر الحساد | أضحوا شماتت الحساد |
ووجوها تجلو كروب البرايا | أصبحت مجمع الكروب الشداد |
ونفوسا تخيرت قتلة العز | على العيش في اهتضام الأعادي |
ونحورا تطوقت بشفار البيض | خوف التطويق بالأقياد |
ورؤوسا ركبن سمر العدا كي لا | يروها خواضع الجياد |
واكفا ودت تقطعها بالسيف | عن أن تغل بالأصفاد |
وبنات لفاطم خفرات | هتكت بين أعين الأوغاد |
يتجاوبن بالبكا وله الأحشاء | بح الأصوات غرثي صوادي |
ورؤوس القتلى أمام السبايا | تتهادى على القنا المياد |
ليت عينا رنت لها بالتشفي | كحلت بالعمى وطول السهاد |
بم تلقي النبي من تخذت | أيام قتل ابنه من الأعياد |
لك عندي ما عشت يا ابن | رسول الله حزن يفي بحق ودادي |
ناظر بالدموع غير بخيل | وحشا بالسلو غير جواد |
وقواف بهن أرثيك في نوحي | وإن لم يطفئن نار فؤادي |
آل بيت النبي أنتم غيائي في | حياتي وعدتي لمعادي |
ما تزودت للقيامة إلا | صفو ودي لكم وحسن اعتقادي |
لاحت لعينك كربلاء فما الذي | ترجى له عبرات ناظرك القذي |
ظميا بغير دموعها لا ترتوي | غرثى بغير عويلها لا تغتذي |
ولرب نادبة أيا جداه قد | وقع الذي قد طال منه تعوذي |
يا بن الوصي وفاطم إن اجترح | ذنبا فحبك من ذنوبي منقذي |
ما انفك عبدك عائدا بولائكم | فكن المعاذ لعبدك المتعوذ |
حسبي ولايتكم فكم من هالك | لولا ولايته لكم لم ينقذ |
لو كان سلوان قلبي عنك مقدورا | ما كنت فيه بشرع الحب معذورا |
تشفي بها غللا تغلي مسيرة | إلى انتدابك منظوما ومنثورا |
لا تشتهي النفس مسموعا سوى نبأ | عنها ولا تستلذ العين منظورا |
فازت بنصرته لله أسد شرى | كانت مخالبها البيض المباتيرا |
ترتاح للحرب لا تدري بأنفسها | تلقى عدى أم تلاقي خردا حورا |
لله كم لهم من سطوة تركوا | بها ظهيرة ذاك اليوم ديجورا |
وقوه حتى أبيدوا فاغتدى غرضا | للنبل من بعدما كانوا له سورا |
هناك دمدم ثبت الجأش محتقرا | بشدة البأس هاتيك الجماهيرا |
واستعظموه متى يهمز مطهمه | على كتائبهم فرت مذاعيرا |
ينقض مختطفا كبش الكتيبة من | ظهر الجواد اختطاف الباز عصفورا |
يغشاهم فيخالون السما انطبقت | على الثرى أو غشت أطوادها القورا |
لولا القضا كاد لا يبقي لآل أبي | سفيان في الأرض ديارا ولا دورا |
إن لم أحم برثائي حول قدركم | فلست أتراك بالمعسور ميسورا |
رجوت منكم وإن لم يرضكم عملي | عفوا يصافح وجه الذنب مغفورا |
بكم وثقت فلن أخشى الذنوب إذا | غدت ولايتكم للذنب اكسيرا |
عليكم صلوات الله دائمة ما دام | مجدكم في اللوح مسطورا |
سفكت رجالهم دما فتيانهم | وبكت نساؤهم على فتياتها |
أصبحت في الأعداء بين مروعة | هتكوا خباها بعد قتل حماتها |
وسبيه بين الخيام حيية | وضعت أناملها على وجناتها |
وسقت أخاك السم سلما بعد ما | خذلته عند الحرب في وقفاتها |
لله جأشك ما أشد ثباته | في الحرب إذ أفردت في عرصاتها |
لله صحبك إذ وقوك بأنفس | بذلوا لنصرك في الوغى مهجاتها |
طوبى لهم بلغوا التي حقت لهم | جنات عدن أسكنوا غرفاتها |
يا رب ضاعف أجرهم وابلغ بهم | أعلى المراتب رافعا درجاتها |
واغفر بحق دم الحسين لعبده | ولسامعي فقراته ورواتها |
نكثوا عهودا ابن النبي وأحدثوا | لابن العي عهود من لا ينكث |
بعثوا إليه كتبا فأتاهم | فتناكروه كأنهم لم يبعثوا |
كم جرعوه بكربلاء مصائبا | شنعاء كل فم بهن يحدث |
قدمت ودائم حزنها متجدد | فكأنها في كل حين تحدث |
أضحت لها الزهراء ثكلى وجهها | من شجوها يادي الكآبة اشعت |
لهفي لمفترس الضياغم في الوغى | أضحى فريسة كل كلب يلهث |
قصموا به ظهر العلاء ورضضوا | صدرا لعلم الغيب عنه تحدث |
رفعوا له فوق العواسل طلعة | بضيائها للنيرين تثلث |
بأبي كريمته الخضيبة بالد ما | وعواصف الأرياح فيها تعبث |
ومقيد يشكو العنا رقت له | أعداؤه من عظم ما يتغوث |
ومخدرات ما أذيع حديثها | أضحت أحاديثا لمن يتحدث |
سبيت على عجف تعثر في السرى | يحدو بها مستعجل لا يلبث |
تعسا لمن تسبي بنات نبيها | في أي عذر عنده تتشبث |
الله أكبر يا لها من فجعة | في الدين عن أهل الفعلية تورث |
نقضوا مواثيق النبي وأحدثوا | من بعده في شرعه ما أحدثوا |
قسما بكم يا آل بيت محمد | ولتلك حلفة صادق لا يحنث |
لمحضتكم ودي بلاعج لوعة | مكثت وسافح عبرة لا تمكث |
إن البكاء على عظيم مصابكم | لشعار شيعتكم إلى أن يبعثوا |
فازوا بأن علقت لهم بولائكم | أيد غدت بسواه لا تتشبث |
سطوا فصدمت سطوتهم ببأس | خلجت به كماة الحرب خلجا |
سقيتهم به أقداح حتف | بمنصلت يمج الحتف مجا |
وكم هابتك منجدلا كماة | تقاعس عن لقائك حين تلجا |
برغمي أن يشبوا نارهم في | خيام كن للمرتاع ملجا |
وتقرع في دمشق يدا يزيد | بمحجنه ثنايا منك فلجا |
بنفسي والعزيز علي بدرا | له أمسى سنان الرمح برجا |
تحف به رؤوس بني علي | تخال بعاكر الظلماء سرجا |
بنفسي من قضوا لك ما عليهم | وأدوا فوق ما منهم يرجى |
فدوك بأنفس وجدوا فناها | أحق من البقاء بها وأحجى |
إليكم يا بني الزهرا التجائي | ومالي غيركم في الحشر ملجا |
رجوت من الحسين نجاة عبد | له لم يتخذ إلاه منجى |
بها لي ذمة منه أرجي | وفاه لي بها وهو المرجى |
فجد مولاي لي بسلامتي من | خطايا كم ضللت بهن نهجا |
ألج بها عليك فلا تخيب | رجا عبد على مولاه لجا |
سقى جدثا تحنو عليه صفائحه | غوادي الحيا مشمولة وروائحه |
مررت به مستنشقا طيبه الذي | تضوع من فياح طيبك فائحه |
أقمت عليه شاكيا بتوجعي | تباريح حزن في الحشا لا تبارحه |
بكيتهم في الطف حتى تبللت | مصارعه من أدمعي ومطارحه |
تروي ثراها من دماكم فكيف لا | ترويه من منههل دمعي سوافحه |
حقيق علينا أن ننوح بمأتم | بنات علي والبتول نوائحه |
مصاب تذيب الصخر فجعة ذكره | فكيف بأهل البيت حلت فوادحه |
فأضحوا أحاديثا لباك وشامت | تماسي الورى تذكارها وتصابحه |
مصائب خصتكم وعمت قلوبنا | بحزن على ما نالكم لا تبارحه |
تداركتم بالأنفس الدين لم يقم | لواء بكم إلا وأنتم ذبائحه |
غداة تشفي الكفر منكم بموقف | أذلت رقاب المسلمين فضائحه |
أقمتم ثلاثا بالعراء وأردفت | عليكم برمضاء الهجير لوافحه |
بنفسي أبي الضيم فردا تزاحفت | دموع أعادية عليه تكافحه |
نواسيكم فيها بتشييد مأتم | يرن إلى يوم القيامة نائحه |
عليكم صلاة الله مادام فضلكم | على الناس أجلى ضيا الشمس واضحه |
مصارعهم في كربلا لا تهاونت | بسقياك أخلاف الغمام النواضخ |
عشية ساموهم هوانا فنافرت | بهم شيم الصيد الأباة البواذخ |
رأوا قتلهم في العز خيرا من البقا | أذلاء في أحشائها الهم راسخ |
بنفسي غريب الدار لم يبق عنده | حميم يحامي عن حماه ولا أخ |
أحاطت به الأعداء منفردا ولا | ظهيرا له إلا نساء صواريخ |
فدمدم ثبت الجاش دون خيامه | وماضيه من قاني دم الهام ناضخ |
إلى أن هوى للأرض والتح مهره | بفسطاطة واستقبلته الصوارخ |
وجاشت عليهن العدا وتتابعت | رزايا بها كم سود الكتب ناسخ |
علينا لها نصب المآتم دائبا | فلا دمعها يرقي ولا الوجود بائخ |
فيا وقعة لم تبل إلا تجددت | وأحزانها بين الضلوع رواسخ |
تولى يزيد عقدها بعدما بنت | دعائمها أسلافه والمشايخ |
هي الفتنة العمياء أضرم نارها | على الذين في يوم(الفعيلة) نافخ |
كستنا ثياب الحزن حتى ينضها | إمام ليافوخ الضلالة فاضخ |
أغثنا به اللهم وانصر به الهدى | فما غيره للجور بالعدل ناسخ |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 452