الحسن بن وهب الحسن بن وهب بن سعيد بن عمرو بن حصين الحارثى، أبو على: كاتب، من الشعراء. كان معاصرا لأبى تمام، وله معه أخبار. وكان وجيها، استكتبه الخلفاء، ومدحه أبو تمام. وهو أخو سليمان (وزير المعتز والمهتدى) ولما مات رثاه البحترى
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 226
الكاتب المشهور الحسن بن وهب بن سعيد بن عمرو بن حصين بن قيس بن قنان بن متى الحارثي، أبو علي الكاتب.
كان يذكر أنه من ولد الحارث بن كعب. وهو معرق في الكتابة فآباؤه وأجداده كلهم كتبة في الدولتين: الأموية، والعباسية.
وكان الحسن يكتب بين يدي محمد بن عبد الملك بن الزيات، ثم إنه ولي ديوان الرسائل، وولي بعض الأعمال بدمشق، وبها مات وهو يتولى البريد آخر أيام المتوكل، ومولده سنة ست وثمانين ومائة.
قال المرزباني: بنو وهب؛ أصلهم نصارى من حضر سابور، تعلقوا بنسب في اليمن في بني الحارث بن كعب، وكان عبيد الله وابنه القاسم يدفعان ذلك. وكتب الحسن إلى أخيه سليمان وقد نكبه الواثق:
اصبر أبا أيوب صبرا يرتضى | فإذا جزعت من الخطوب فمن لها |
الله يفرج بعد ضيق كربها | ولعلها أن تنجلي ولعلها |
إذا كان يومي يوم غير مدامة | ولا يوم فتيان فما هو من عمري |
وإن كان معمورا بعود وقهوة | فذلك مسروق من الدهر |
بأبي كرهت النار حتى أبعدت | فعلمت ما معناك في إبعادها |
هي ضرة لك بالتماع ضيائها | وبحسن صورتها لدى إيقادها |
وأرى صنيعك في القلوب صنيعها | بأراكها وسيالها وعرادها |
شركتك في كل الجهات بحسنها | وضيائها وصلاحها وفسادها |
جراك عفوي على الذنوب فما | تخاف عند الذنوب إعراضي |
أشد يوما أكونه غضبا | عليك فالقلب ضاحك راض |
أنت أمير علي مقتدر | حكمك في قبض مهجتي ماض |
والخصم لا يرتجى الفلاح له | يوما إذا كان خصمه القاضي |
إن يمس بيتك يا حبيبة بذلة | لبما يحجب مرة ويصان |
لما أباح الليث غابة عرسه | طن البعوض وزمزم الذبان |
ابك فمن أيسر ما في البكا | لأنه للوجد تسهيل |
وهو إذا أنت تأملته | حزن على الخدين محلول |
قل لداعي الصلاة أخر قليلا | قد قضينا حق الصلاة طويلا |
ليس في ساعة تؤخرها إثـ | ـم تجازى به وتحيي قتيلا |
وتراعي حق المودة فينا | وتعافى من أن تكون ثقيلا |
أذكرتني أمر داود وكنت فتى | مصرف القلب في الأهواء والفكر |
أعندك الشمس تزهي في مطالعها | وأنت مشتغل الأفكار بالقمر |
إن أنت لم تترك السير الحثيث إلى | جآذر الروم أعنقنا إلى الخزر |
ورب أمنع منه جانبا وحمى | أمسى وتكته مني على خطر |
جردت فيه جيوش العزم فانكشفت | عنه غياهبها عن سكة هدر |
أنت المقيم فما تغدو رواحله | وأيره أبدا منه على سفر |
ليت شعري يا أملح الناس عندي | هل تداويت بالحجامة بعدي |
دفع الله عنك لي كل سوء | باكر رائح وإن خنت عهدي |
قد كتمت الهوى بأبلغ جهدي | فبدا منه غير ما كنت أبدي |
وخلعت العذار إذ علم النا | س بأني إياك أصفي بودي |
فليقولوا بما أحبوا إذا كنـ | ـت وصولا ولم ترعني بصد |
ليت شعري عن ليت شعري هذا | أبهزل تقوله أم بجد |
فلئن كنت في المقال مجدا | يا ابن وهب لقد تظرفت بعدي |
وتشبهت بي وكنت أرى أنـ | ـي أنا العاشق المتيم وحدي |
لا أحب الذي يلوم وإن كا | ن حريصا على صلاحي وزهدي |
بل أحب الأخ المشارك في الحـ | ـب وإن لم يكن به مثل وجدي |
كنديمي أبي علي وحاشا | لنديمي من مثل شقوة جدي |
إن مولاي عبد غيري ولولا | شؤم جدي لكان مولاي عبدي |
كثر الشر وقل الـ | ـخير حتى ساء ظني |
ونبا الدهر كأن الد | هر قد أوحش مني |
فهو يرميني بإعرا | ض وصد وتجني |
ليس لي منه وإن طا | ل سوى روح التمني |
عجبا من سعة الرز | ق الذي قد ضاق عني |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 12- ص: 0
الحسن بن وهب بن سعيد بن عمرو بن حصين بن قيس بن قنان بن متى أبو علي الكاتب السديد العالم: ولي الولايات الجليلة، وتقلد الأعمال النبيلة، وكان يكتب أولا لمحمد بن عبد الملك الزيات الوزير وولي ديوان الرسائل. وسليمان بن وهب الوزير هو أخوه. مات الحسن بن وهب في آخر أيام المتوكل بالشام وهو يتقلد البريد بنواحيها ومولده سنة ست وثمانين ومائة.
قال محمد بن إسحاق النديم: كتب قنان بن متى جد الحسن ليزيد بن أبي سفيان أخي معاوية لما ولي الشام من قبل عمر بن الخطاب، ثم كتب لأخيه معاوية بعده، ثم وصله معاوية بابنه يزيد وفي أيامه مات، فاستكتب يزيد ابنه قيس بن قنان ثم كتب قيس بعد يزيد لمروان بن الحكم، ثم لابنه عبد الملك، ثم لهشام بن عبد الملك، وفي أيامه مات، فاستكتب هشام ابنه الحصين بن قيس ثم استكتبه من بعده إلى أيام مروان، وخرج معه إلى مصر، فلما قتل مروان صار ابن هبيرة إلى المنصور وأخذ للحصين أمانا، فخدم المنصور والمهدي، وتوفي مع المهدي في طريق الري، فاستكتب المهدي ابنه عمرا، ثم كتب لخالد بن برمك، ثم توفي وخلف سعيدا، فما زال في خدمة آل برمك، وتحرك ابنه وهب فكتب بين يدي جعفر بن يحيى، ثم صار في جملة ذي الرياستين الفضل بن سهل، فكان ذو الرياستين يقول: عجبت لمن معه وهب كيف لا تهمه نفسه، فلما قتل الفضل استكتبه أخوه الحسن بن سهل بعده، وقلده كرمان وفارس فأصلحها، ثم وجه به إلى المأمون في رسالة من فم الصلح، فغرق في طريقه بين بغداد وفم الصلح، وكتب ابنه
سليمان بن وهب للمأمون وهو ابن أربع عشرة سنة، ثم كتب لإيتاخ التركي، ثم لأشناس التركي، وكانا عظيمي القدر، ثم ولي وزارة المعتمد على الله.
وللحسن ولسليمان ابني وهب شعر مليح ورسائل بليغة مدونة؛ قال المرزباني:
بنو وهب أصلهم نصارى من خسرو سابور من أعمال واسط، تعلقوا بنسب في اليمن في بني الحارث بن كعب، وكان عبيد الله وابنه القاسم يدفعان ذلك. والحسن بن وهب هو القائل في بنات جارية محمد بن حماد كاتب راشد، وغنت عليها:
سأكرم نفسي عنك حسب إهانتي | لها فيك إن قرت وكف نزاعها |
هي النفس ما كلفتها قط خطة | من الأمر إلا قل عنها امتناعها |
صدقت لعمري أنت أكبر همها | فما جهدها إذ قل منك انتفاعها |
أما الفراق فحين جد ترحلت | مهج النفوس له عن الأجساد |
من لم يبت والبين يصدع قلبه | لم يدر كيف تفتت الأكباد |
مقيم بالمجازة من قنونا | وأهلك بالأجيفر والثماد |
ألا فاصبر فكل فتى سيأتي | عليه الموت يطرق أو يغادي |
خليلي من عبد المدان تروحا | ونصا صدور العيس حسرى وطلحا |
فإن سليمان بن وهب بمنزل | أصاب صميم القلب مني فأقرحا |
أسائل عنه الحارسين بحسبه | إذا ما أتوني كيف أمسى وأصبحا |
اصبر أبا أيوب صبرا يرتضى | فإذا جزعت من الخطوب فمن لها |
الله يفرج بعد ضيق كربها | ولعلها أن تنجلي ولعلها |
إذا كان يومي غير يوم مدامة | ولا يوم فتيان فما هو من عمري |
وإن كان معمورا بعود وقهوة | فذلك مسروق لعمري من الدهر |
أقول وقد حاولت تقبيل كفها | وبي رعدة أهتز منها وأسكن |
فديتك إني أشجع الناس كلهم | لدى الحرب إلا أنني عنك أجبن |
ويوم سها عنه الزمان فأصبحت | نواظره قد حار عنها بصيرها |
خلوت بمن أهوى به فتكاملت | سعودا ودار النحس عنها مديرها |
أما تعذريني يا منى في صبابتي | بمن وجهها كالشمس يلمع نورها |
ابك فما أنفع ما في البكا | لأنه للوجد تسهيل |
وهو إذا أنت تأملته | حزن على الخدين محلول |
بحسن هذا الضباب | وحرمة الأصحاب |
وطيب يوم التلاقي | بطاعة الأحباب |
إلا أطعت رسولي | وكنت أنت جوابي |
لا بد يا نفس من سجودي | للقرد في دولة القرود |
هبت لك الريح يا ابن وهب | فخذ لها أهب ة الركود |
بنفسي وأهلي فاتن الطرف فاتره | محكمة أجفانه ومحاجره |
يباشر خدي خده فكأنني | بناظر أحشائي وقلبي أباشره |
قل لداعي الصلاة أخر قليلا | قد قضينا حق الصلاة طويلا |
ليس في ساعة تؤخرها إث | م يجازى بها وتحيي قتيلا |
وتراعي حق المودة فينا | وتعافى من أن تكون ثقيلا |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 3- ص: 1019