التصنيفات

نجم الدين سليمان بن عبد القوي بن سعيد ابن الصفي المعروف بابن أبي الحنبلي الطوفي
ولد سنة (652) وتوفي في رجب ببلد الخليل سنة (716) والطوفي بضم الطاء المهملة وسكون الواو وبعدها فاء نسبة إلى طوف قرية ببغداد في الدرر الكامنة: أصله من طوف ثم قدم الشام فسكنها مدة ثم أقام بمصر مدة واشتغل في العلوم وشارك في الفنون وتعانى التصانيف في الفنون وكان قوي الحافظة شديد الذكاء قرأ على الزين علي ابن محمد الصرصري بها وبحث المحرر على التقي الزريراتي وقرأ العربية على محمد بن الحسين الموصلي وقرأ العلوم وناظر وبحث ببغداد وقرأت بخط القطب الحلبي كان فاضلا له معرفة وكان مقتصدا في لباسه وأحواله متقللا من الدنيا وكان يتهم بالرفض وله قصيدة يغض فيها من بعض الصحابة وكان سمع من إسماعيل بن الطبال وغيره ببغداد ومن التقي سليمان وغيره بدمشق وأجاز له الرشيد ابن أبي القاسم وغيره وقال الكمال جعفر كان كثير المطالعة أظنه طالع أكثر كتب خزائن قوص وكانت قوته في الحفظ أكثر منها في الفهم وقال الذهبي كان دينا قانعا ويقال إنه تاب عن الرفض ونسب إليه أنه قال عن نفسه:

ويقال إن بقوص خزانة كتب من تصانيفه وقال الصفدي كان وقع له بمصر واقعة مع سعد الدين الحارثي وذلك أنه كان يحضر دروسه فيكرمه ويبجله وقرره في أكثر مدارس الحنابلة فتبسط عليه إلى أن كلمه في الدرس بكلام غليظ فقام عليه ولده شمس الدين عبد الرحمن وفوض أمره لبدر الدين بن الحبال فشهدوا عليه بالرفض وأخرجوا بخطه شعرا فيه ذلك فعزر وضرب فتوجه إلى قوص ونزل عند بعض النصارى وصنف تصنيفا أنكروا عليه منه ألفاظا ثم استقام أمره وأقبل على قراءة الحديث والتصنيف وشرح الأربعين للنووي واختصر روضة الموفق في الأصول على طريقة ابن الحاجب حتى أنه استعمل أكثر ألفاظ المختصر وشرح مختصره شرحا حسنا وشرح مختصر التبريزي في الفقه على مذهب الشافعي وكتب على المقامات شرحا واختصر الترمذي وكان في الشعر الذي نسبوه إليه قوله:
وله من قصيدة في ذم الشام أولها:
#جد للمشوق ولو بطيف منام ومنها:
وله قصيدة في المولد النبوي أولها:
وقرأت بخط الكمال جعفر كان القاضي الحارثي يكرمه ويبجله ونزله في دروس ثم وقع بينهما كلام في الدرس فقام عليه ابن القاضي ورفعوا أمره إلى بعض النواب فشهدوا عليه بالرفض ثم قدم قوص فصنف تصنيفا أنكرت عليه ألفاظا فغيرها ثم لم نر منه بعد ولا سمعنا عنه شيئا يشين ولم يزل ملازما للاشتغال وقراءة الحديث والمطالعة والتصنيف وحضور الدروس معنا إلى حين سفره إلى الحجاز وقال ابن مكتوم في ترجمته من تاريخ النحاة قدم علينا في زي الفقراء ثم تقدم عند الحنابلة فرفع عليه إلى الحارثي أنه وقع في حق عائشة فعزره وسجنه وصرف عن جهاته ثم أطلق فسافر إلى قوص فأقام بها مدة ثم حج سنة 714 وجاور سنة 15 ثم حج ونزل إلى الشام فمات ببلد الخليل وقال ابن رجب ذكر بعض شيوخنا عمن حدثه أنه كان يظهر التوبة ويتبرأ من الرفض وهو محبوس قال ابن رجب وهذا من نفاقه فإنه لما جاور في آخر عمره بالمدينة صحب السكاكيني شيخ الرافضة ونظم ما يتضمن ذلك ذكر عنه المطري حافظ المدينة ومؤرخها وكان صحب الطوفي بالمدينة وكان الطوفي بعد سجنه نفي إلى الشام فلم يدخلها لأنه هجا أهلها فعرج إلى دمياط فأقام بها مدة ثم توجه منها إلى الصعيد وله سماع على الرشيدين أبي القاسم وأبي بكر بن أحمد ابن أبي البدر أو المنذر وإسماعيل بن أحمد بن الطبال وقال ابن رجب في طبقات الحنابلة لم يكن له يد في الحديث وفي كلامه فيه تخبيط كثير وكان شيعيا منحرفا عن السنة وصنف كتابا سماه العذاب الواصب على أرواح النواصب قال من دسائسه الخفية أنه قال في شرح الأربعين أن أسباب الخلاف الواقع بين العلماء تعارض الروايات والنصوص وبعض الناس يزعم أن السبب في ذلك عمر بن الخطاب لأن الصحابة استأذنوه في تدوين السنة فمنعهم مع علمه بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم اكتبوا لأبي شاه وقوله قيدوا العلم بالكتاب فلو ترك الصحابة يدون كل واحد منهم ما سمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لانضبطت السنة فلم يبق بين آخر الأمة وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا الصحابي الذي دونت روايته لأن تلك الدواوين كانت تتواتر عنهم كما تواتر البخاري ومسلم قال ابن رجب ولقد كذب هذا الرجل وفجر وأكثر ما كان يفيد تدوين السنة صحتها وتواترها وقد صحت وتواتر الكثير منها عند من له معرفة بالحديث وطرقه دون من أعمى الله بصيرته مشتغلا فيها بشبه أهل البدع ثم إن الاختلاف لم يقع لعدم التواتر لتفاوت الفهوم في معانيها وهذا موجود سواء تواترت ودونت أم لا وفي كلامه رمز إلى أن حقها اختلط بباطلها وهو جهل مفرط ’’اه’’ وقد غلب التعصب على ابن رجب ولم يأت في جواب هذا الرجل بشيء سوى البهت والفحش وسوء القول الرجل يقول لو دونت السنة لم نحتج إلى البحث عن أحوال الرواة الذين بيننا وبين الصحابي الراوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ كانت دواوين الصحابة تتواتر عنهم كما تواترت كتب العلماء عنهم فكما أننا لا نحتاج إلى توثيق الوسائط بيننا وبين البخاري وبيننا وبين مسلم لتواتر كتابيهما عنهما كذلك لا نحتاج إلى توثيق الوسائط بيننا وبين مؤلفات الصحابة لو كانت فتقل الكلفة ويعرف الصحيح من غيره والحق إن هذا جواب مسكت لأن الطوفي لا يقدر أن يقول له بهت وأشر ثم يكابر ويقول إن هذا لا يفيد إلا صحتها وتواترها كأن ذلك ليس بالأمر المهم ثم يقول وقد صحت وتواتر كثير منها ولو سلمنا جدلا ذلك فماذا يصنع بالقليل الذي لم يتواتر أفما كان في تواتره فائدة وقوله قد صحت يعني كلها فإذا كان كذلك فلماذا لا يزال العلماء يردون بعضها بضعف السند وقوله تواتر الكثير منها جهل منه أو تجاهل فإن المتواتر في جميع الطبقات نادر الوجود أو مفقود وقد تحير أهل علم الدراية في الاتيان بمثال له وما نظن ذلك يخفى على ابن رجب وهو معروف بالعلم والدراية في الرواية والعلماء إذا قالوا عن حديث إنه متواتر لا يريدون التواتر بالمعنى المصطلح الذي هو التواتر في جميع الطبقات بأن يخبر به في كل طبقة عدد يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب بل يريدون المقطوع الصدور لقرائن تحفه أو لكثرة من أوردوه في كتبهم أو غير ذلك وهذا ليس بحاصل في الكثير منها لاسيما أنها تتفاوت فيه الأنظار ويتطرق إليه الإنكار فيكون الحق مع الطوفي إلا أن نقتصر في جوابه على كذب وفجر وأعمى الله بصيرته واشتغل بشبه أهل البدع فيكون هو هو القول الفصل قوله الاختلاف لم يقع لعدم التواتر بل لتفاوت الفهوم وبعضه لعدم التواتر وإذا كان لا يقع اختلاف لعدم التواتر فلماذا دونت كتب الرجال وأي فائدة لها ولماذا أتعب العلماء أنفسهم في تدوينها والبحث عن رجال الأحاديث وإذا كان يسلم بان فيها غير متواتر كما يدل عليه قوله وتواتر الكثير منها فكيف يمكن أن لا يقع اختلاف لعدم التواتر.
تنبيه
ذكر في الدرر الكامنة: عبد القوي بن عبد الكريم العراقي الحنبلي الطوفي الرافضي يلقب نجم الدين وقال هكذا ترجمه الصفدي وأظنه سقط منه اسمه فإنه سليمان ابن عبد القوي المقدم ذكره وقال أبي الصفدي في ترجمته له مصنف في أصول الفقه ونظم كثير وعزر على الرفض بالقاهرة لكونه قال من أبيات:
وهو القائل عن نفسه:
مات ببلد الخليل سنة (716) ويقال إنه تاب في الآخر ’’اه’’ أقول الظاهر ما ذكره بدليل نسبة البيتين إلى سليمان واتحاد تاريخ الوفاة كما مر في ترجمته.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 301