التصنيفات

زياد بن عمر بن خصفة التميمي البكري (خصفة) بخاء معجمة وصاد مهملة مفتوحتين.
كان زياد من أشراف الكوفة ورؤساء أهلها ومن خلص شيعة أمير المؤمنين علي عليه السلام وحضر معه حرب صفين وأرسله إلى معاوية بعد انقضاء الهدنة وكان له في صفين مواقف مشكورة وحضر معه حرب النهروان وبعثه أمير المؤمنين عليه السلام لقتال الخريت بن راشد الناجي من الخوارج فأبلى بلاء حسنا ويدل ما يأتي من أخباره على أنه كان مخلصا في ولاء أمير المؤمنين علي عليه السلام وأنه كان مجربا رفيقا حسن التدبير وفي الأعلاق النفيسة كان أعرج اه وما يضره عرج الرجل مع استقامة القلب.
أخباره في حرب صفين
قال ابن الأثير لما أرادم أمير المؤمنين عليه السلام الخروج إلى حرب صفين وحث أهل الكوفة على الخروج معه قام إليه الأشراف وقالوا يا أميرا لمؤمنين سمعا وطاعة أنا أول الناس أجاب ما طلبت وعد فيهم زياد بن خصفة. ولما تهادنوا يوم صفين في المحرم وقرب انقضاء الهدنة أرسله علي عليه السلام مع عدي بن حاتم وشبث بن ربعي ويزيد ابن قيس الأرحبي إلى معاوية فتكلم عدمي بن حاتم وأجابه معاوية بكلام قال فيه ما يقعقع لي بالشنان وقال له شبث بن ربعي وزياد بن خصفة وتنازعا كلاما واحدا أتيناك فيما يصلحنا وإياك فأقبلت تضرب الأمثال لنا (يشير على قوله ما يقعقع لي) دع ما لا ينفع منا لقول والفعل واجبنا فيما يصيبنا (يعمنا) وإياك نفعه وتكلم يزيد بن قيس فأجابه معاوية بجوابه المعروف في كل مقام ليدفع إلينا قتلة عثمان فلما رجعوا من عنده بعث إلى زياد بن خصفة وحده فدخل عليه فقال له يا أخا ربيعة إن عليا قطع أرحامنا وقتل أمامنا وآوى قتلة صاحبنا وإني أسألك النصرة عليه بأسرتك وعشيرتك ولك علي عهد الله وميثاقه إذا ظهرت أن أوليك أي المصرين أحببت قال زياد: فلما قضى معاوية كلامه حمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت له إني لعلى بينة من ربي وبما أنعم علي فل، أكون ظهيرا للمجرمين ثم قمت فقال معاوية لعمرو بن العاص وكان إلى جانبه جالسا ليس يتكلم رجل منهم بكلمة ما لهم غصبهم الله ما قلوبهم إلا قلب رجل واحد ذكره نصر بن مزاجم في كتاب صفين وفيه أيضا أنه لما وشي إلى علي عليه السلام أن خالد بن المعمر السدوسي قد كاتب معاوية قال زياد بن خصفة يا أمير المؤمنين استوثق من ابن المعمر بالإيمان لا يغدر فاستوثق منه. وقال ابن الأثير إن عليا عليه السلام يوم صفين كان يأمر الرجل ذا الشرف فيخرج ومعه جماعة من أصحابه ويخرج وقال ابن الأثير إن عليا عليه السلام يوم صفين كان يأمر الرجل ذا الشرف فيخرج ومعه جماعة من أصحابه ويخرج إليه آخر من أصحاب معاوية فيقتتلان وكرهوا أن يخرجوا بجمع أهل العراق لجمع أهل الشام مخافة الاستئصال ثم ذكر فيمن كان يخرجه على زياد بن خصفة وروى نصر في كتاب صفين بسنده أن زياد بن خصفة أتي عبد القيس يوم صفي وقد عبيت قبائل حمير مع ذي الكلاع وفيهم عبيد الله بن عمر بن الخطاب لبكر بن وائل فقاتلوا قتالا شديدا فخافوا الهلاك فقال زياد بن خصفة لعبد القيس لا بكر بعد اليوم إن ذا الكلام وعبيد الله أبادا ربيعة فانهضوا لهم وإلا هلكوا فركبت عبد القيس وجاءت كأنها غمامة سوداء فشدت أزر الميسرة فعظم القتال فقتل ذو الكلاع الحميري قتله رجل من بكر بن وائل اسمه خندف وتضعضعت أركان حمير الخبر.
وفي شرح النهج لابن أبي الحديد أن إبراهيم بن ديزيل الهمداني روى في كتاب صفين أن ربيعة الكوفة شدت يوم صفين وعليها زياد بن خصفة على عبيد الله بن عمر بن الخطاب فقتلته فلما ضرب فسطاط زياد بن خصفة بقي طنب من الأطناب لم يجدوا له وتدا فشدوه برجل عبيد الله بن عمر كان ناحية فجروه حتى ربطوا الطنب برجله وأقبلت امرأتاه أسماء بنت عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي وبحرية بنت هانئ بن قبيصة الشيباني وكان عبيد الله قد أخرجهما معه لينظرا إلى قتاله حتى وقفنا عليه وصاحت زياد بن خصفة فقيل له هذه بحرية ابنة هانئ بن الشيباني ابنة عمك فقال لها ما حاجتك يا ابنة أخي تدفع زوجي إلي فقال نعم خذيه فجيء ببغل فحملته اه.
خبره في يوم النهروان
قال ابن الأثير جاء هانئ بن خطاب (حاطب) وزياد بن خصفة يوم النهروان يحتجان في قتل عبد الله وهب الراسبي فقال علي عليه السلام كيف صنعتما قالا لما عرفناه فابتدرناه وطعناه برمحينا فقال كلاهما قاتل وفي الذهب قاتل يوم النهروان من الخوارج عبد الله بن والذي قتله هانئ بن حاطب الأزدي وزياد بن خصفة.
أخباره في حرب الخريت بن راشد.
في شرح النهج ص 24 - 267 عن إبراهيم بن الثقفي في كتاب الغارات أن الخريت بن راشد الناجي من الخوارج وفارق أمير المؤمنين عليا عليه السلام جماعة من أصحابه فلما بلغه ذلك قال أبعدهم الله كما بعد ثمود في كلام له فقام إليه زياد بن خصفة فقال يا أمير المؤمنين أنه لو لم يكن من مضرة هؤلاء إلا فراقهم إيانا يعظم فقدهم علينا فإنهم قلما يزيدون في عددنا لو أقاموا وقلما ينقصون من عددنا بخروجهم منا ولكنا نخاف يفسدوا علينا جماعة كثيرة ممن يقدمون عليهم من طاعتك فائذن لي في اتباعهم حتى أردهم عليك إنشاء الله فقال له عليه السلام فاخرج في آثارهم راشدا فلما ذهب ليخرج قال له وهل تدري أين توجهوا قال: لا والله ولكن أخرج فأسأل وأتبع الأثر فقال اخرج رحمك الله حتى تكون دير أبي موسى ثم لا تبرحه حتى يأتيك أمري فإنهم إن كانوا خرجوا ظاهرين فإن عمالي ستكتب إلي بذلك وإن كان مستخفين فذلك أخفى لهم فخرج زياد بن خصفة حتى أقبل داره فجمع أصحابه وخطبهم وقال يا معشر بكر بن وائل إن أمير المؤمنين ندبني لأمر من أمره مهم له وأنتم شيعته وأنصاره وأوثق حي من أحياء العرب في نفسه فانتدبوا معي الساعة وعجلوا فوالله ما كان إلا ساعة حتى اجتمع إليه 30 رجلا فخرج وأتى دير أبي موسى ينتظر أمر أمير المؤمنين عليه السلام فجاءه كتاب من قرظة بن كعب الأنصاري أحد عماله يخبره فيه بقتلهم زاذان فروخ - كما مر في ترجمته - فكتب علي عليه السلام إلى زياد بن خصفة مع عبد الله بن وال التميمي: إني كنت أمرتك أن تنزل دير أبي موسى حتى يأتيك أمري لأني لم أكن علمت أين توجه القوم وقد بلغني أنهم أخذوا نحو قرية من قرى السواد فاتبع آثارهم فارددهم إلي فإن أبوا فناجزهم قال عبد الله بن وال فمضيت بالكتاب إلى زياد وأنا على فرس رائع كريم وعلي السلام فقال لي يا ابن أخي والله ما لي عنك من غنى وأنا أحب أن تكون معي في وجهي هذا فقلت إني قد استأذنت أمير المؤمنين في ذلك فأذن لي فسر بذلك ثم خرجنا فأتينا الموضع الذي كانوا فيه فقيل أخذوا نحو المدائن فلحقناهم وقد أقاموا بها يوما وليلة واستراحوا وعلفوا خيولهم وأتيناهم وقد تقطعنا وتعبنا فلما رأونا وثبوا على خيولهم فاستووا عليها فنادى الخريت يا عميان القلوب والأبصار أمع الله وكتابه أنتم أم مع القوم الظالمين فقال له زياد بن خصفة: بل مع الله وكتابه وسنة رسوله ومع من الله ورسوله وكتابه آثره عنده من الدنيا ثوابا ولو أنها له منذ يوم خلقت إلى يوم تفنى لأثر الله عليها أيها العمي الأبصار الصم الأسماع فقال الخريت أخبرونا ما تريدون فقال له زياد وكان مجربا رفيقا قد ترى ما بنا من النصب واللغوب والذي جئنا له لا يصلح فيه الكلام علانية على رؤوس أصحابك ولكن تنزلون وننزل ثم نخلوا جميعا فنتذاكر أمرنا وننظر فيه فإن رأيت فيما جئنا له حظا لنفسك قبلت وإن رأيت فما أسمع منك أمرا أرجو فيه العافية لنا ولك ولم أرده عليك فقال الخريت أنزل فنزل فأقبل إلينا زياد فقال أنزلوا على هذا الماء فنزلنا فأكلنا وشربنا وقال لنا زياد علقوا على خيولكم فعلقنا عليها مخاليها ووقف زياد في خمسة فوارس أحدهم عبد الله بن وال بيننا وبين القوم وأقبل إلينا زياد فلما رأى تفرقنا قال سبحان الله أنتم أصحاب حرب والله لو أن هؤلاء جاؤوكم الساعة على هذه الحالة ما أرادوا من غرتكم أفضل من أعمالكم التي أنتم عليها عجلوا قوموا إلى خيولكم فلما فرغنا من أعمالنا أتينا زيادا فقال يا هؤلاء إن القوم لفي عدتكم وإني أرى أمركم وأمرهم سيصير إلى القتال فلا تكونوا أعجز الفريقين ليأخذ كل رجل منكم بعنان فرسه فإذا دنوت منهم وكلمت صاحبهم فإن تابعني وإلا فإذا دعوتكم فاستووا على متون خيلكم ثم أقبلوا معا غير متفرقين ثم استقدم أمامنا فدعا صاحبهم الخريت فقال اعتزل ننظر في أمرنا فأقبل في خمسة نفر وزياد في خمسة فقال له زياد ما الذي نقمت على أمير المؤمنين وعلينا حتى فارقتنا فقال له لم أرض صاحبكم إماما ولم أرض بسيرتكم سيرة فرأيت أن أعتزل وأكون مع من يدعو إلى الشورى فإذا اجتمع الناس على رجل هو لجميع الأمة رضا كنت مع الناس فقال زياد: ويحك وهل يجتمع الناس على رجل يداني عليا علما بالله وبكتابه وسنة رسوله مع قرابته وسابقته في الإسلام فقال الخريت: هو ما أقول لك قال ففيم قتلتم الرجل المسلم يعني زاذان فروخ فقال الخريت ما أنا قتلته قتله طائفة من أصحابي قال فادفعهم إلينا قال ما على ذلك من سبيل قال أو هكذا أنت فاعل قال هو ما تسمع فدعونا أصحابنا ودعا الخريت أصحابه فاقتتلنا تطاعنا بالرماح حتى لم يبق في أيدينا رمح ثم تضاربنا بالسيوف حتى انحنت وعقرت عامة خيلنا وخيلهم وكثرت الجراح فينا وفيهم وجرح زياد وحل الليل بيننا وأصبحنا فوجدناهم قد ذهبوا وأتينا البصرة وكتب زياد بن خصفة إلى علي عليه السلام أما بعد فإنا لقينا عدو الله الناجي وأصحابه بالمدائن فدعوناهم إلى الهدى والحق فتولوا عن الحق وأخذتهم العزة بالإثم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فاقتتلنا قتالا شديدا ما بين قائم الظهر إلى أن دلكت الشمس واستشهد منا رجلان صالحان وأصيب منهم خمسة نفر وما أتى الليل إلا وخرجوا من تحته إلى الأهواز ونحن بالبصرة نداوي جراحنا وننتظر أمرك رحمك الله والسلام فلما أتاه الكتاب قرأه على الناس فقام إليه معقل بن قيس الرياحي فقال إنه كان ينبغي أن يكون مكان كل رجل من الذين بعثتهم عشرة فإن العدة تصبر للعدة فأرسله أمير المؤمنين لقتالهم وندب معه ألفين من أهل البصرة ومر زياد بن خصفة فليقبل إلينا فنعم المرء زياد ونعم القبيل قبيلة وكتب عليه السلام إلى زياد بن خصفة أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت به لناجي وأصحابه الذين طبع الله على قلوبهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فهم حيارى عمون يحسبون أنهم ما يحسنون صنعا ووصفت ما بلغ بك وبهم الأمر فأما أنت وأصحابك فله سعيكم وعليه جزاؤكم وأيسر ثواب الله للمؤمنين خير له من الدنيا التي يقبل الجاهلون بأنفسهم عليها فما عندكم ينفد وما عند الله باق وليجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون وما عدوكم الذي لقيتم فحسبهم خروجهم من الهدى وارتكاسهم في الضلالة وردهم الحق وجماحهم في التيه فذرهم وما يفترض ودعهم في طغيانهم يعمهون فاسمع بهم وأبصر فكأنك بهم عن قليل بن أسير وقتيل فاقبل إلينا أنت وأصحابك مأجورين فقد أطعتم وسمعتم وأحسنتم والسلام.
وقال إبراهيم بن هلال الثقفي في كتاب الغارات لما كسر يزيد بن حجبة التيمي الخراج وهرب إلى معاوية قال زياد بن خصفة التميمي لعلي عليه السلام ابعثني يا أمير المؤمنين في أثره أرده إليك فبلغ قوله يزيد بن حجبة فقال في ذلك:

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 77