ابن العلاف الحسن بن علي بن أحمد النهرواني، أبو بكر، ابن العلاف: شاعر عاش في بغداد، ونادم بعض الخلفاء، وكف بصره. وهو صاحب القصيدة في رثاء الهر:
(يا هر فارقتنا ولم تعد)
وقيل إنه أراد رثاء عبد الله بن المعتز وخشي من الخليفة المقتدر، فجعلها في الهر.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 201
ابن العلاف الحسن بن علي بن أحمد بن بشار بن زياد، أبو بكر، المعروف بابن العلاف الضرير النهرواني الشاعر المشهور.
كان من الشعراء المجيدين. وحدث عن أبي عمر الدوري المقرئ، وحميد بن مسعدة البصري، ونصر بن علي الجهضمي، ومحمد بن إسماعيل الحساني، وروى عنه عبد الله بن الحسن بن النحاس. وأبو الحسن الخراجي القاضي، وأبو حفص بن شاهين، وغيرهم.
وكان ينادم الإمام المعتضد حكى، قال: بت ليلة في دار المعتضد مع جماعة من ندمائه، فأتانا خادم ليلا فقال: أمير المؤمنين يقول: أرقت الليلة بعد انصرافكم، فقلت:
ولما انتبهنا للخيال الذي سرى | إذا الدار قفر والمزار بعيد |
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي | لعل خيالا طارقا سيعود |
يا هر فارقتنا ولم تعد | وكنت عندي بمنزل الولد |
فكيف ننفك عن هواك وقد | كنت لنا عدة من العدد |
وتخرج الفأر من مكامنها | ما بين مفتوحها إلى السدد |
يلقاك في البيت منهم مدد | وأنت تلقاهم بلا مدد |
لا عدد كان منك منفلتا | منهم ولا واحد من العدد |
لا ترهب الصيف عند هاجرة | ولا تهاب الشتاء في الجمد |
وكان يجري ولا سداد لهم | أمرك ما بيننا على السدد |
حتى اعتقدت الأذى لجيرتنا | ولم تكن للأذى بمعتقد |
وحمت حول الردى بظلمهم | ومن يحم حول حوضه يرد |
وكان قلبي عليك مرتعدا | وأنت تنساب غير مرتعد |
تدخل برج الحمام متئدا | وتبلع الفرخ غير متئد |
وتطرح الريش في الطريق لهم | وتبلع اللحم غير مزدرد |
أطمعك الغي لحمها فرأى | قتلك أصحابها من الرشد |
حتى إذا داوموك واجتهدوا | وساعد النصر كيد مجتهد |
كادوك دهرا فما وقعت وكم | أفلت من كيدهم ولم تكد |
فحين أخفرت وانهمكت وكا | شفت وأسرفت غير مقتصد |
صادوك غيظا عليك وانتقموا | منك وزادوا ومن يصد يصد |
ثم شفوا بالحديد أنفسهم | منك ولم يرعووا على أحد |
فلم تزل للحمام مرتصدا | حتى سقيت الحمام بالرصد |
لم يرحموا صوتك الضعيف كما | لم ترث منها لصوتها الغرد |
أذاقك الموت ربهن كما | أذقت أفراخه يدا بيد |
كأن حبلا حوى بجودته | جيدك للخنق كان من مسد |
كأن عيني تراك مضطربا | فيه وفي فيك رغوة الزبد |
وقد طلبت الخلاص منه فلم | تقدر على حيله ولم تجد |
فجدت بالنفس والبخيل بها | أنت ومن لم يجد بها يجد |
فما سمعنا بمثل موتك إذ | مت ولا مثل عيشك النكد |
عشت حريصا يقوده طمع | ومت ذا قاتل بلا قود |
يا من لذيذ الفراخ أوقعه | ويحك هلا قنعت بالغدد |
ألم تخف وثبة الزمان وقد | وثبت في البرج وثبة الأسد |
عاقبة الظلم لا تنام وإن | تأخرت مدة من المدد |
أردت أن تأكل الفراخ ولا | يأكلك الدهر أكل مضطهد |
هذا بعيد من القياس وما | أعز في الدنو والبعد |
لا بارك الله في الطعام إذا | كان هلاك النفوس في المعد |
كم دخلت لقمة حشا شره | فأخرجت روحه من الجسد |
ما كان أغناك عن تسلقك الـ | ـبرج ولو كان جنة الخلد |
قد كنت في نعمة وفي دعة | من العزيز المهيمن الصمد |
تأكل من فأر بيتنا رغدا | وأين بالشاكرين للرغد |
وكنت بددت شملهم زمنا | فاجتمعوا بعد ذلك البدد |
فلم يبقوا لنا على سبد | في جوف أبياتنا ولا لبد |
وفرغوا قعرها وما تركوا | ما علقته يد على وتد |
وفتتوا الخبز في السلال فكم | تفتت للعيال من كبد |
ومزقوا من ثيابنا جددا | فكلنا في المصائب الجدد |
إن إمام الهدى ليرفعني | سؤدده عن دراهم الصدقه |
يا سيد الناس وابن سيدهم | أعدمني الله هذه الشفقه |
قالت كأنك في الموتى فقلت لها | قد مات من ذهبت والله عيناه |
عيناي كفاي لا طرف ألذ به | وكيف يفرح من عيناه كفاه |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 12- ص: 0