التصنيفات

ذعلب اليماني (ذعلب) مر ضبطه في الذي قبله و(اليماني) نسبة إلى اليمن هو من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وله خبر معه حين قال: سلوني قبل أن تفقدوني تختلف العبارات في نقله مع اتفاقها على أنه سأله هل رأيت ربك؟ فأجابه بأنه لم يكن ليعبد ما لا يرى فطلب منه أن يصفه له كيف رآه أي يذكر كيفيته فأجابه بما مضمونه أنه لا يرى بالعين الباصرة بل يرى بالقلب والاعتقاد. وفي بعض تلك الأنقال ما يقتضي سوء الأدب في حق أمير المؤمنين عليه السلام ويدل على جهله بقدره، وهو قوله: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في مسألتي إياه وهذا يوجب خروجه عن شرط كتبنا إلا أن غشيته وقوله: تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لا عدت لمثلها أبدا يمكن أن يكون توبة منه. وهذا ما عثرنا عليه من الروايات في ذلك.
روى الصدوق في الأمالي بسنده عن الأصبغ بن نباتة: لما جلس علي عليه السلام في الخلافة وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمما بعمامة رسول الله لابسا بردة رسول الله منتعلا نعل رسول الله متقلدا سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد المنبر فجلس عليه متمكنا ثم شبك بين أصابعه فوضعهما أسفل بطنه ثم قال: يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني. (إلى أن قال):
فقام إليه رجل يقال له ذعلب وكان ذرب اللسان بليغا في الخطب شج عليه السلام لقلب، فقال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في مسألتي إياه، فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك فقال: ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره فقال: كيف رأيته صفه لنا فقال: ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ويلك يا ذعلب إن ربي لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون ولا بقيام قيام انتصاب ولا بجيئة وذهاب لطيف اللطافة ولا يوصف باللطف عظيم العظمة لا يوصف بالعظم كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة مؤمن لا بعبادة مدرك لا بمجسة (لا بمحسة) قائل لا بلفظ هو في الأشياء على غير ممازجة خارج عنها على غير مباينة فوق كل شيء ولا يقال شيء فوقه أمام كل شيء ولا يقال له أمام داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل خارج منها لا كشيء من شيء خارج.
فخر ذعلب مغشيا عليه ثم قال: تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب وأنا لا عدت إلى مثلها أبدا (الحديث).
وفي نهج البلاغة ج 2 ص 524 شرح النهج سأله ذعلب اليماني: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين فقال: أفأعبد ما لا أرى فقال: وكيفه تراه قال: لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان قريب من الأشياء غير ملامس بعيد منها غير مباين متكلم بلا روية مريد لا بهمة صاح لا بجارحة لطيف لا يوصف بالخفاء بصير بالحاسة رحيم لا يوصف بالرقة تعنو الوجوه لعظمته وتجب القلوب من مخافته. وقد أشار إلى هذا الكلام المفيد في الإرشاد والطبرسي في الاحتجاج وذكر أكثره الفتال في روضة الواعظين وغيرهم ولا يخفى أنه ليس في رواية الصدوق وصف ذعلب باليماني وإنما ذلك في رواية النهج.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 431