ملك النحاة الحسن بن صافي بن عبد الله بن نزار: فاضل، شاعر، من كبار النحويين. لقب نفسه بملك النحاة. كنيته أبو نزار. وكان من فقهاء الشافعية. له مصنفات في الفقه والألصلين والنحو والأدب (ديوان شعر) و (مقامات) مولده ببغداد، ووفاته في دمشق

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 193

أبو نزار النحوي اسمه الحسن بن صافي.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 452

أبو نزار الحسن ابن أبي الحسن صافي بردون بن عبد الله ابن نزار بن أبي الحسن
التركي الملقب ملك النحاة
مولده ووفاته
ولد سنة 489 بالجانب الغربي من بغداد بمحلة تعرف بشارع دار الرقيق حكاه ابن عساكر في تاريخ دمشق عنه مشافهة وتوفي بدمشق يوم الثلاثاء 8 شوال ودفن يوم الأربعاء 9 منه بمقبرة باب الصغير وكذا أرخ ولادته ووفاته ابن خلكان وقال قد ناهز الثمانين. وبمقتضى تاريخ المولد والوفاة يكون عمره 89 لا أنه ناهز الثمانين وكذا أرخ وفاته صاحب شذرات الذهب لكنه قال توفي عن 80 سنة ومن غريب الاشتباهات ما وقع في كتاب الشيعة وفنون الإسلام فإنه حكى عن كشف الظنون أن فيه الحسن بن صافي بردون التركي المتوفي سنة 798 ثم قال ووهم في تاريخ الوفاة كما وهم السيوطي في تاريخ مولده ووفاته حيث قال مات بدمشق سنة 568 ومولده 489 فإنه توفي سنة 463 كما في الحلل السندسية وصححه ابن خلكان اه. وفي ذلك عدة اشتباهات (أولا) أن صاحب كشف الظنون قال عند ذكر كتابه في النحو أنه توفي سنة 568 وكذلك قال عند ذكر كل كتاب من كتبه الآتية ذكر ذلك باللفظ العربي وبالرقم الهندي ولم يقل أنه توفي سنة 798 أصلا ولعله حصل الاشتباه من قوله بعد ذلك عمدة لأحمد بن صالح الزهري المتوفي سنة 795 فتوهم أنه تاريخ للحسن بن صافي وأبدلت الخمسة بالثمانية (ثانيا) نسبة الوهم إلى السيوطي في تاريخ مولده ووفاته مع أنه هو الصواب الموافق لما ذكره ابن خلكان من أنه ولد (489) وتوفي (568) (ثالثا) و(رابعا) و (خامسا) تصويب أنه توفي (463) ونسبته إلى الحلل السندسية وزعم أن ابن خلكان صححه وكلها وهم في وهم فلم يذكر أحد أنه توفي سنة 463 لا صاحب الحلل السندسية ولا غيره وابن خلكان لم يذكره أصلا فضلا عن أن يصححه فإنه لم يزد في تاريخ المولد والوفاة شيئا على ما مر وإنما نشأ هذا التوهم من حاشية ذكرت في ذيل الصفحة التي فيها ترجمة الحسن ابن صافي من بغية الوعاة المطبوع بمصر فظن أنها راجعة إلى ترجمة الحسن بن صافي مع أنه وضع لها رقم (1) على تاريخ ولادة ووفاة الحسن بن رشيق المذكور قبل ترجمة الحسن السندسية أنه توفي سنة 463 وحكى ابن خلكان أن هذا هو الصحيح فتوهم منها أن ذلك راجع لترجمة الحسن بن صافي والحال أنه راجع إلى ترجمة الحسن بن رشيق والعصمة الله وحده.
أقوال العلماء فيه
قال ابن عساكر في تاريخ دمشق - وكان معاصرا له - الحسن بن صافي مولى حسين ابن الأرموي أي صافي مولى حسين - التاجر أبو نزار البغدادي المعروف بملك النحاة. ذكر لي أنه ولد في الجانب الغربي من بغداد ثم انتقل إلى الجانب الشرقي منها إلى جوار حرم الخلافة المعظمة وهناك قرأ العلوم وتخرج وسمع الحديث وفتح له الجامع ودرس فيه ثم سافر إلى بلاد خراسان وكرمان وغزنة ثم دخل الشام وقدم دمشق ثم خرج منها ثم عاد إليها واستوطنها إلى أن مات بها يوم الثلاثاء 9 شوال سنة 568 ودفن بمقبرة باب الصفير وكان صحيح الاعتقاد كريم النفس اه. وفي شذرات الذهب في حوادث سنة 568 فيها توفي ملك النحاة أبو نزار الحسن بن صافي البغدادي الفقيه الأصولي المصنف في الأصلين والنحو وفنون الأدب استوطن دمشق آخرا وتوفي بها عن ثمانين سنة وكان لقب نفسه ملك النحاة ويغضب على من لا يدعوه بذلك وله ديوان شعر ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة طنانة واتفق أهل عصره على فضله ومعرفته قال في العبر كان نحويا بارعا وأصوليا متكلما وفصيحا مفوها كثير العجب والتيه قدم دمشق واشتغل بها صنف في الفقه والنحو والكلام وعاش ثمانين سنة وكان رئيسا ماجدا اه. كان شافعيا وسافر إلى خراسان والهند ثم سكن واسط مدة أخذ عنه جماعة من أهلها استوطن دمشق وصنف في الفقه كتابا سماه الحاكم ومختصرين في الأصلين وتوفي دمشق في شوال ودفن بباب الصفير وفي معجم الأدباء الحسن ابن أبي الحسن صافي أبو نزار النحوي وكان أبوه صافي مولى الحسين التاجر وكان لا يذكر اسم أبيه إلا بكنيته لئلا يعرف أنه مولى وهو المعروف بملك قال وقال العماد - الكاتب صاحب الخريدة - أقام ملك النحاة بالشام في رعاية نور الدين محمود بن زنكي وكان على متناسب الأحوال والأفعال يحكم على أهل التمييز بحكم ملك فيقبل ولا يستثقل وكان يقول هل سيبويه إلا رعيتي وحاشيتي لو عاش ابن جني لم يسعه إلا حمل غاشيتي مر الشتيمة حلو الشيمة يضم يده على المائة والمائتين ويمسي وهو منها صغر اليدين مولع باستعمال الحلاوات السكرية وإهدائها إلى جيرانه وإخوانه مغرى بإحسانه إلى خلصانه وخلانه قال وقال السمعاني دخل أبو نزار بلاد غزنة وكرمان ولقي الأكابر وتلقى مورده بالإكرام ولم يدخل بلاد خراسان وانصرف إلى كرمان وخرج منها إلى الشام.
وفي تاريخ ابن خلكان أبو نزار الحسن ابن أبي الحسن صافي بن عبد الله بن نزار ابن أبي الحسن النحوي المعروف بملك النحاة ذكره العماد الكاتب في الخريدة فقال كان من الفضلاء المبرزين وحكى ما جرى بينهما من المكاتبات بدمشق في النحو حتى صار أنحى أهل طبقته وكان فهما فصيحا ذكيا إلا أنه كان عنده عجبه بنفسه لقب نفسه ملك النحاة وكان يسخط على من يخاطبه بغير ذلك وخرج عن بغداد بعد 520 وسكن واسط مدة وأخذ عنه جماعة من أهلها أدبا كثيرا واتفقوا على فضله ومعرفته قال وذكره أبو البركات بن المستوفي في تاريخ أربل فقال: ورد أربل وتوجه إلى بغداد وسمع بها الحديث إلى أن قال وله أشياء حسنة وكان مجموع الفضائل اه. وذكره صاحب خزانة الأدب في شواهد المبتدأ والخبر في الشاهد 53 وهو قول أبي النواس:

حيث أورده الرضي مثالا لإجراء غير قائم الزيدان مجرى ما قائم الزيدان لكونه بمعناه وتخريج البيت على هذا أحد أقوال ثلاثة هو أحسنها وإليه ذهب ملك النحاة الحسن ابن أبي نزار اه. والصواب أبو نزار الحسن بن صافي وفي بغية الوعاة الحسن بن صافي بن عبد الله بن نزار ابن أبي الحسن أبو نزار الملقب بملك النحاة درس النحو في الجامع ثم سافر إلى خراسان وكرمان وغزنة وعاد إلى الشام واستوطن دمشق إلى أن مات وله ذكر في جمع الجوامع وفي طبقات الشافعية للسبكي الحسن بن صافي بن عبد الله أبو نزار الملقب بملك النحاة هكذا كان يلقب نفسه قال ابن النجار كان من أئمة النحاة غزير الفضل متفننا في العلوم.
أخباره
في معجم الأدباء: قال البلطي كان ملك النحاة قدم إلى الشام فهجاه ثلاثة من الشعراء ابن منير والقيسراني والشريف الواسطي واستخف به ابن الصوفي ولم يوفه قدر مدحه فعاد إلى الموصل ومدح جمال الدين وجماعة من رؤسائها وقضاتها فلما نبت به الموصل قيل له لو رجعت إلى الشام فقال لا أرجع إلى الشام إلا أن يموت ابن الصوفي وابن منير والقيسراني والشريف الواسطي ومات ابن منير والقيسراني في مدة سنة ومات ابن الصوفي بعدهم بأشهر ثم حكى عن العماد أنه أذكره وقد وصلت إليه خلعة مصرية وجائزة سنية فأخرج القميص الديبقي إلى السوق فبلغ دون عشرة دنانير فقال قولوا هذا قميص ملك كبير أهداه إلى ملك كبير ليعرف الناس قدره فيجلوا عليه البدار على البدار وليجلوا قدره في الأقدار ثم قال أنا أحق به إذا جهلوا لواحقه وتنكبوا فيه سبل الواجب وطرقه قال: ومن طريف ما يحكى عن ملك النحاة أن نور الدين محمودا خلع عليه خلعة سنية ونزل ليمضي إلى منزله فرأى في طريقه حلقة عظيمة فمال إليها لينظر ما هي فوجد رجلا قد علم تيسا له استخراج الخبايا ويقول له من غير إشارة فلما وقف عليه ملك النحاة قال الرجل لذلك التيس في حلقتي رجل عظيم القدر شائع الذكر ملك في زي سوقة أعلم الناس وأكرم الناس وأجمل الناس فأرني إياه فشق ذلك التيس الحلقة وخرج حتى وضع يده على ملك النحاة فلم يتمالك ملك النحاة أن خلع تلك الخلعة ووهبها لصاحب التيس فبلغ ذلك نور الدين فعاتبه وقال استخففت بخلعتنا حتى وهبتها من طرقي فقال يا مولانا عذري في ذلك واضح لأن في هذه المدينة زيادة على مائة تيس ما فيهم من عرف قدري إلا هذا التيس فجازيته على ذلك فضحك منه نور الدين وسكت قال: وحكي عنه أنه كان يستخف بالعلماء فكان إذا ذكر واحد منهم يقول كلب من الكلاب فقال رجل يوما فلست إذا ملك النحاة إنما أنت ملك الكلاب فاستشاط غضبا وقال أخرجوا عني هذا الفضولي. ومن أخباره ما حكي في معجم الأدباء عن فتيان بن المعلم الدمشقي قال رأيت أبا نزار في النوم بعد موته فقلت له ما فعل الله بك فقال أنشدته قصيدة في الجنة فقبلها فتعلق بحفظي منها أبيات وهي:
قال فوالله منذ فرغت من إنشادها ما سمعت حسيس النار اه.
تشيعه
ليس لدينا ما يدل على تشيعه سوى ما ذكره صاحب كشف الظنون حيث قال في حرف العين عمدة في النحو لأبي نزار ملك الرافضة والنحاة حسن بن صافي بردون التركي المتوفي سنة 568 ثمان وستين وخمسمائة اه. ولكن أشياء أخر تجدها في مطاوي ترجمته يظهر منها خلاف ذلك إلا أن تكون من باب المداراة والله أعلم.
مشايخه
في تاريخ دمشق ذكر لي أنه سمع الحديث في الجانب الشرقي من بغداد من:
1 - الشريف أبي طالب الزيني وقرأ علم المذهب يعني الفقه على.
2 - الشيخ أبي أحمد الأشنهي وقرأ علم أصول الدين على.
3 - الشيخ أبي عبد الله المغربي القيراوني وقر أصول الفقه على.
4 - الشيخ أبي الفتح بن برهان (صاحب الوجيز والوسيط في أصول الفقه) وقرأ علم الخلاف على.
(5) الشيخ الإمام أسعد الميهني وقرأ النحو على.
(6) الشيخ أبي الحسن علي ابن أبي زيد (محمد) الأسترابادي الفصيحي (المتوفى 516 وهو شيعي) والفصيحي قرأ على الشيخ عبد القادر الجرجاني اه. وحكاه ياقوت عن ابن عساكر إلا أنه نقض من النهضة المطبوعة ذكر القيرواني الذي قرأ عليه أصول الدين وفي شذرات الذهب قال ابن شهبة تفقه على أحمد الأشنهي تلميذ المولي وقرأ أصول الفقه على ابن برهان وأصول الدين على أبي عبد الله القيرواني والخلاف على أسعد الميهني والنحو على في تاريخ دمشق ذكر لي أنه سمع الحديث في الجانب الشرقي من بغداد
تلاميذه
مر عن الشذرات أنه أخذ عنه جماعة من أهل واسط ومر عن ابن خلكان أنه أخذ عنه جماعة من أهلها أدبا كبيرا.
مصنفاته
قال ابن عساكر ذكر لي أسماء مصنفاته وهي :
(1) الحاوي في علم النحو مجلدتان.
(2) العمدة أو العمد في النحو مجلدة ضخمة.
(3) أسلوب الحق في تعليل القراآت العشر وشيء من الشواذ مجلدتان - وقد فات المعاصر ذكره في مصنفات الشيعة -.
(4) المنتخب في علم النحو وهو كتاب نفيس مجلدة.
(5) المقتصد في علم التصريف مجلدة ضخمة.
(6) التذكرة السفرية انتهت إلى أربعمائة كراسة وفي بغية الوعاة السنجرية بدل السفرية وفي كشف الظنون تذكرة ملك النحاة.
(7) كراسة العروض أو كتاب مختصره محرر.
(8) مصنف في الفقه على مذهب الشافعي سماه الحاكم مجلدتان في كشف الظنون الحاكم في أصول الفقه.
(9) مختصر في أصول الفقه.
(10) مختصر في أصول الدين.
(11) ديوان شعره وهذه كلها ذكرها ياقوت في معجم الأدباء نقلا عن ابن عساكر عدا المنتخب وقال وهو كتاب نفيس بعد ذكر العمد.
(12) المقامات حذا فيها حذو الحريري وهذه زادها ياقوت ولم يذكرها ابن عساكر.
(13) المسائل العشر المتعبات إلى الحشر وهي عشر مسائل استشكلها في العربية كما في بغية الوعاة.
أشعاره
له أشعار في الدرجة الوسطى نختار منها ما يلي. قال من جملة أبيات قال ابن عساكر أنه أنشده إياها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
وقال من جملة أبيات في مدحه صلى الله عليه وسلم:
وقال يمدحه صلى الله عليه وسلم من جملة أبيات:
وقال من قصيدة:
وقال: يفتخر للعرب على العجم من قصيدة:
هذا منتخب ما رواه ابن عساكر من شعره وأورده له ياقوت في معجم الأدباء قوله:
وفي معجم الأدباء قرأت فيما عمن سمعته لأبي نزار النحوي:
قال وأنشد له:
وقال ومن شعره أيضا:
وأورد له ابن خلكان هذين البيتين:
المهاجاة بينه وبين ابن منير
في معجم الأدباء قال أحمد بن منير يهجو ملك النحاة وكان قد كتب أبو نزار إلى بعض القضاة العاصوى:
فبلغت أبياته ملك النحاة فأجابه بأبيات منها:
وفي آخرها:
المهاجاة بينه وبين فتيان الأسدي
حكى ياقوت في معجم الأدباء بسنده عن فتيان الأسدي النحوي قال: عضت يد ملك النحاة سنور فربطها بمنديل عظيم فقال فيه فتيان:
قال: فبلغته الأبيات فغضب منها إلا أنه لم يدر من قائلها ثم بلغه إنني قلتها فبلغني ذلك فانقطعت عنه حياء مدة فكتبت إليه شعرا اعتذر إليه فكتب في الجواب:

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 5- ص: 115

ملك النحاة أسمه الحسن بن صافي.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 134

ملك النحاة الحسن بن صافي بن عبد الله أبو نزار بن أبي الحسن، المعروف بملك النحاة.
قرأ مذهب الشافعي على أحمد الأشنهي، والأصول على أبي عبد الله القيرواني، وأصول الفقه على أبي الفتح بن برهان، والخلاف على أسعد الميهني، والنحو على أبي الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي، حتى برع فيه.
ودرس النحو في الجامع ببغداد ثم سافر إلى خراسان وكرمان وغزنة، وعاد إلى الشام، واستوطن دمشق إلى أن مات سنة ثمان وستين وخمسمائة، ودفن بباب الصغير، وقد ناهز الثمانين.
وكان صحيح الاعتقاد كريم النفس، وصنف العمر في النحو، والمنتخب في النحو، وهو كتاب جيد، والمقتصد في التصريف، وأسلوب الحق في تعليل القراءات العشر، وشيء من الشواذ مجلدتان؛ التذكرة السفرية أربعمائة كراس -العروض- مختصر محرر، الحاكم في مذهب الشافعي، مجلدتان، مختصر في أصول الدين، المقامات، حذا فيها حذو الحريري، ديوان شعره.
قال ابن يعيش النحوي: كان لأبي نزار غلام سيئ العشرة، قليل المبالاة بمولاه؛ أرسله يوما في حاجة، وأبطأ عليه، وجاء بغير عذر جميل، وكان بحضرته جماعة من أصحابه وتلاميذه، فغضب أبو نزار، وخرج عن حد الوقار، وقال له: ويلك، أخبرني ما سبب قلة مبالاتك بي؟ أنكتك قط!؟ فبادر الغلام وقال عجلا: لا والله يا مولاي معاذ الله أن تفعل ذلك. قال: ويلك، فنكتني قط! فحرك الغلام رأسه بتعجب من كلامه وسكت. فقال ملك النحاة: أدركني ويلك بالجواب فما هذا موضع السكوت، لا رعاك الله يا ابن الفاعلة، عجل، قل ما عندك قال: لا والله، قال: فما السبب في أنك لا تقبل قولي، ولا تسرع في حاجتي؟ فقال له: إن كان سبب الانبساط لا يكون إلا هذين، فأعدك ألا أعود لما تكره.
وكان ملك النحاة مطبوعا متناسب الأحوال والأفعال، يحكم على أهل التمييز بحكم ملكه، فيقبل ولا يستثقل، وكان يقول: هل سيبويه إلا من رعيتي! ولو عاش ابن جني لم يسعه إلا حمل غاشيتي. مر الشتيمة حلو الشيمة. يضم يده على المائة والمائتين، ويمشي وهو منها صفر اليدين، مولع باستعمال الحلاوات السكرية، وإهدائها إلى جيرانه.
وخلع عليه نور الدين محمود يوما خلعة سنية، فمضى بها إلى منزله، فرأى في طريقه حلقة مجموعة على تيس يخرج الخبايا، فلما وقف عليه للفرجة، قال معلم التيس: قد وقف في حلقتي رجل عظيم القدر، شائع الذكر، ملك في زي سوقة، أعلم الناس وأكرمهم وأجملهم، فأرني إياه. فشق ذلك التيس الناس، وخرج حتى وضع يده على ملك النحاة؛ فلم يتمالك أن ألقى عليه تلك الخلعة، فبلغ ذلك نور الدين، فعاتبه، وقال: استخفافا فعلت هذا بخلعتنا فقال: عذري في ذلك واضح، لأن في هذه المدينة زيادة على مائة ألف تيس فما فيهم من عرفني إلا هذا التيس، فجازيته على ذلك. فضحك نور الدين منه.
وكان إذا ذكر أحد من النحاة؛ يقول: كلب من الكلاب، فقال له رجل يوما: فحينئذ أنت ملك الكلاب، لست ملك النحاة. فاستشاط غضبا، وقال: أخرجوا عني هذا الفضولي.
وعضت يده يوما سنورة فربطها بمنديل، فقال فتيان بن علي بن فتيان النحوي الأسدي:

فبلغته، فاستحيى فتيان، وانقطع عنه، فكتب إليه ملك النحاة جوابا عن أبيات يعتذر فيها:
وقال فتيان: رأيته بعد موته في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: أنشدته قصيدة ما في الجنة مثلها، فتعلق بحفظي منها:
قال: فو الله منذ فرغت من إنشادها، ما سمعت حسيس النار.
ومن شعره:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 12- ص: 0

الحسن بن صافي بن عبد الله أبو نزار الملقب بملك النجاة هكذاكان يلقب نفسه
تفقه على أحمد الأشنهي وقرأ أصول الدين على أبي عبد الله القيرواني وأصول الفقه على أبي الفتح بن برهان والخلاف على أسعد الميهني والنحو على أبي الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي وبرع فيه
وسافر إلى خراسان وكرمان وغزنة ثم استوطن دمشق إلى حين وفاته
ولد ببغداد سنة تسع وثمانين وأربعمائة
ومن مصنفاته في النحو الحاوي والعمد والمنتخب وله مصنف في الفقه سماه الحاكم ومختصر في أصول الفقه ومختصر في أصول الدين وشعر كثير مجموع في ديوان
قال ابن النجار كان من أئمة النحاة غزير الفضل متفننا في العلوم وسمع الحديث من الشريف أبي طالب الزينبي
توفي يوم الثلاثاء الثامن من شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة ودفن بمقبرة الباب الصغير

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 7- ص: 63

الحسن بن صافي بن عبد الله بن نزار بن أبي الحسن
البغدادي النحوي. عرف بملك النحاة، إمام بارع، ذو نظم ونثر، وله مصنفات في النحو والصرف والقراءات والفقه والأصول وديوان شعر، وله كتاب ’’الحاوي’’ مجلدان’’ و’’التذكرة الشعرية’’ أربعمائة كراسة، و’’المقامات’’ وكتاب في العروض، وكتاب ’’العمدة’’ في النحو و’’المنتخب’’ في النحو، و’’المقتصد’’ في الصرف، و’’أسلوب الحق’’ في تعليل القراءات العشر، و’’الحاكم’’ في الفقه مجلدان، على مذهب الإمام المطلبي وغير ذلك.
مات عن ثمانين سنة، سنة 568 ودفن بباب الصغير بدمشق كان يقول ’’هل سيبويه إلا من رعيتي؟ ولو عاش ابن جني لم يسعه إلا حمل غاشيتي’’.
خلع عليه نور الدين الشهيد فرأى في طريقه تيسا يخرج الخبايا، فوقف عليه فقال المعلم: فقد وقف بحلقتنا رجل عظيم، ملك في زي سوقه، أعلم الناس وأكرمهم، فأرني إياه فشق ذلك التيس الناس حتى وضع يده عليه، فرمى إليه بتلك الخلعة السنية فبلغ نور فعاتبه وقال: استخفافاً فعلت بخلعتنا؟ فقال: عذري واضح، لأن في هذه المدينة أكثر من مئة ألف تيس، وما فيه من عرفني إلا هذا
التيس، فجازيته على ذلك، فضحك نور الدين منه.
وقال فتيان: رأيته في المنام بعد موته فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال:
أنشدته قصيدة، ما في الجنة مثلها، وأنشدني إياها، فعلق بحفظي منها:

قال: فوالله منذ فرغت من إنشائها ما سمعت حسين النار.

  • جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 15

  • دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 114

الحسن بن صافي، أبو نزار، بن أبي الحسن النّحويّ، كان أبوه صافي مولى الحسين الأرمويّ التاجر، وأبو نزار يعرف بملك النّحاة.
ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق وقال: مولده ببغداد في سنة تسع وثمانين وأربع مائة. وقرأ علم الأدب، وسمع الحديث، وتفقّه على مذهب أحمد، فقرأ المذهب والخلاف والأصول، ودرس النّحو. ثم سافر إلى خراسان وغزنة، ثم سافر إلى الشام، في سنة ثمان وستين وخمس مائة. وكان خيّرا عاقلا، صحيح الاعتقاد.
وله تصانيف، منها: كتاب الحاوي في النّحو، مجلّدان، وكتاب العمدة في النّحو: مجلّد، وكتاب المقتصد في التصريف: مجلّد، وكتاب في القراءات وتعليلها وشيء من الشّواذّ: مجلّدان، وكتاب التّذكرة السفرية بلغت أربع مائة كرّاسة، وكتاب في العروض، وكتاب في الفقه على مذهب الشافعيّ سمّاه الحاكم: في مجلّدين، ومختصر في أصول الدّين، وديوان شعره، ومقامات حذا فيها حذو الحريري.
ومن عجيب ما يحكى عنه أنّ نور الدّين محمودا ملك الشام خلع عليه مرّة خلعة نفيسة، فمضى متوجّها إلى داره، فرأى في طريقه حلقة مجتمعة، ورجلا له تيس قد علّمه أنه إذا وصف إنسانا في حلقته بما فيه من الصّفات مشى إليه وجعل يده عليه، فقال الرجل للتّيس: في حلقتي رجل أعلم الناس، وأكرم الناس، فأرني إياه، فمضى التيس وجعل يده على ملك النحاة، فخلع الخلعة وأعطاها لصاحب التّيس، فبلغ ذلك الملك نور الدّين، فسأله عن ذلك وعاتبه، فقال: يا مولانا، عذري واضح، فإنّ في هذه المدينة مائة ألف إنسان ما فيهم من عرف ما عندي غير ذلك التّيس، فضحك نور الدّين منه.
ومما يحكى عنه أنه كان إذا ذكر عنده أحد من النّحاة يقول: كلب! فقال له واحد: أنت إذا ملك الكلاب لا ملك النّحاة.
وقد ذكره العماد الكاتب الأصبهانيّ وقال: كان فاضلا، مطبوع الكلام، كريم النفس، لا يمسك شيئا من المال، كان يعمل دائما الحلاوات السكّرية ويهديها إلى جيرانه وإخوانه.
وهجاه ثلاثة من شعراء دمشق، وهم: القيسراني، وابن منير، والشريف الواسطيّ، فسافر إلى الموصل، وقال: لا أعود إلى دمشق حتّى يموت هؤلاء، فاتّفق أن ماتوا في تلك السنة، فعاد إلى دمشق، وتوفّي بها رحمه الله.

  • دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 358

الحسن بن صافى بن عبد اللَّه بن نزار الملقب بملك النحاة.
تفقه على أحمد الأشنهى، وقرأ أصول الدين على أبي عبد اللَّه القسروانى، وأصول الفقه على أبي الفتح بن برهان، والخلاف على أسعد الميهنى، والنحو على أبي الحسن النصيحى، وبرع وسافر إلى خراسان وغيرها، ثم استوطن دمشق إلى حين مات سنة ثمان وستين وخمسمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير، وكان مولده ببغداد سنة تسع وثمانين وأربعمائة، ومن مؤلفاته في النحو: ’’الحاوي’’، و’’العمدة’’، و’’المنتخب’’، وله في الفقه مصنف سماه ’’الحاكم’’، ومختصر في أصول الفقه، ومختصر في أصول الدين، وشعر كثير في ديوان، قال ابن النجار: كان من أئمة النحاة غزير الفضل متقناً في العلوم وسمع الحديث من الشريف أبي طالب.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1