الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ابن أبي طالب أبو محمد أمير المدينة
وفاته
توفي بالحجاز سنة 168 وعمره 80 سنة كما في عمدة الطالب وقيل 85 كما في تقريب ابن حجر وغيره وفي تاريخ بغداد بسنده عن محمد بن سعد قال حسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب ويكنى أبا محمد مات بالحاجر وهو يريد مكة من العراق في السنة التي حج فيها المهدي سنة 168 وبسنده عن أبي حسان الزيادي قال سنة 168 فيها مات الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ويكنى أبا محمد بالحاجر على خمسة أميال من المدينة وهو ابن 85 وصلى عليه علي بن المهدي قال وذكر محمد بن خلف ابن وكيع (القاضي) أن الحسن بن زيد مات ببغداد ودفن في مقابر الخيزران وذلك خطأ إنما مات بالحاجر وهو يريد الحج وكان في صحبة المهدي ودفن هناك قال خليفة مات سنة 168 وكذا قال ابن سعد وابن حبان وأبو حسان الزيادي زياد بالحاجر على خمسة أميال من المدينة وهو ابن 85 سنة وصلى عليه على بن المهدي اه.
أقوال العلماء قيه
ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق عليه السلام فقال: الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني وفي عمدة الطالب: الحسن بن زيد ابن الحسن بن علي بن أبي طالب ويكنى أبا محمد أمه أم ولد يقال لها زجاجة وتلقب رقرقا والعقب من أبيه فيه كان أمير المدينة من قبل المنصور الدوانيقي وعمل له على غير المدينة أيضا وكان مظاهرا لبني العباس على بني عمه الحسن المثنى وهو أول من لبس السواد من العلويين وبلغ من السن ثمانين سنة وتوفي على ما قال ابن الخدع بالحجاز سنة 168 وأدرك زمن الرشيد ولا عقب لزيد إلا منة وأعقب أبو محمد الحسن ابن زيد بن الحسن من سبعة رجال اه. ثم ذكر الاختلاف في السيدة نفيسة التي بمصر أنها ابنته أو أخته وصحح أنها أخته ولكن الذهبي في ميزانه وابن حجر في تهذيب التهذيب قالا إنها ابنته وعن تقريب ابن حجر الحسن بن زيد ابن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو محمد المدني صدوق وكان فاضلا ولي إمرة المدينة للمنصور مات سنة 168 وهو ابن 85 سنة اه. وفي المشجر الكشاف لأصول السادة الأشراف المطبوع بمصر: الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب أحد من روى عنه مالك في الموطأ قال الحاكم: كان أميرا بالمدينة من قبل المنصور الدوانيقي ويكنى أبا محمد (إلى أن قال) وأدرك زمن المنصور والمهدي والهادي والرشيد وفيه يقول الشاعر:
إلى حسن بن زيد بات نضوي | يجوب السهل وهنا والأكاما |
إلى رجل أبوه أبو المعالي | وأول مؤمن صلى وصاما |
أأشتم أن أحبك يا ابن زيد | وأن أهدي التحية والسلاما |
وقد سلفت علي له أياد | تعيش الروح منا والعظاما |
وكان هو المقدم من قريش | ورأس العز منها والسناما |
وخيرهم لجار أو لصهر | بتسكين الكلالة والذماما |
وكان أشدهم عقلا وحلما | وأبرحهم إذا ازدحم الزحاما |
وقد كان في البيتين الأولين غلط اهتدينا لصوابه ونظن أن في الأخيرين أغلاطا لم نهتد لصوابها فرسمناها كما وجدناها. وفي تاريخ بغداد: الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب أبو محمد الهاشمي المديني كان أحد الأجواد وولاه أبو جعفر المنصور المدينة خمس سنين ثم غضب عليه فعزله واستصفى كل شيء له وحبسه ببغداد فلم يزل محبوسا حتى مات المنصور وولي المهدي فأخرجه من محبسه ورد عليه كل شيء ذهب له ولم يزل معه. ثم روى بسنده أنه كان أول ما عرف به شرف الحسن بن زيد أن أباه توفي وهو غلام حدث وترك دينا على أهله أربعة آلاف دينار فحلف الحسن بن زيد ألا يظل رأسه سقف بيت إلا سقف مسجد أو سقف بيت رجل يكلمه في حاجة حتى يقضي دين أبيه. فلم يظل رأسه سقف بيت حتى قضى دين أبيه وفي شذرات الذهب في سنة 168 مات السيد الأمير أبو محمد الحسن بن زيد ابن السيد الحسن بن علي بن أبي طالب شيخ بني هاشم في زمانه وأمير المدينة للمنصور ووالد السيدة نفيسة وخافه المنصور فحبسه ثم أخرجه المهدي وقربه ولم يزل معه حتى مات معه بطريق مكة عن 85 سنة روى عن أبيه وخرج له النسائي قال في المغني ضعفه ابن معين وقواه غيرها وفي ذيل المذايل للطبري حسن بن زيد ابن حسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وكان الحسن بن زيد يكنى أبا محمد وولد الحسن بن زيد محمدا والقاسم وأم كلثوم بنت حسن تزوجها أبو العباس السفاح وعليا وزيدا وإبراهيم وعيسى وإسماعيل وإسحاق الأعور عبد الله وكان حسن بن زيد محايدا فولاه أبو جعفر المدينة فوليها خمس سنين ثم تعقبه فغضب عليا فعزله واستصفى كل شيء له فباعه وحبسه فكتب محمد المهدي وهو ولي عهد أبيه إلى عبد الصمد بن علي سرا إياك إياك ولم يزل محبوسا حتى مات أبو جعفر فأخرجه المهدي وأقدمه عليه ورد عليه كل شيء ذهب له ولم يزل معه حتى خرج المهدي يريد الحج في سنة 168 ومعه حسن بن زيد وكان الماء في الطريق قليلا فخشي المهدي على من معه العطش فرجع من الطريق ولم يحج تلك السنة ومضى الحسن بن زيد يريد مكة فاشتكى أياما ثم مات بالحاجر فدفن هناك سنة 168 اه. وفي صبح الأعشي أن المنصور ولى جعفر بن سليمان على المدينة ثم عزله في سنة 150 وولى مكانه الحسن بن زيد بن الحسن ثم عزله في سنة 155 اه. ويقال أن سبب عزل المنصور له وحبسه ومصادرته وشاية المعروف بابن أبي ذئب به فلما أطلق الحسن وجاء إلى المدينة أرسل إلى ابن أبي ذئب بهدايا ولم يجازه بمثل عمله هكذا في كتاب لبعض أهل العصر لا أعتمد على ضبطه فليراجع وفي غاية الاختصار: ومنهم أعني آل زيد السيد الجليل الحسن والي المدينة كان الحسن هذا جليلا نبيلا سريا فاضلا ولاه المنصور المدينة قال فيه الشاعر:
إذا أمسى ابن زيد لي صديقا | فحسبي من مودته نصيبي |
مات في آخر أيام المهدي وله 85 سنة وفي ميزان الذهبي: الحسن بن علي بن أبي طالب العلوي أبو محمد المدني أمير المدينة ذكره ابن حبان في الثقات وقال يحيى ضعيف الحديث وقال ابن عدي أحاديثه معضلة وأحاديثه عن أبيه أنكر مما روى عن عكرمة وقد ولي المدينة للمنصور خمس سنين ثم عزله وصادره ثم سجنه فلما ولي المهدي أطلقه وأكرمه وأدناه مات سنة 168 وله 85 سنة وكان شيخ بني هاشم في زمانه أخرج النسائي له حديثا أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم وهذا هو والد الست نفيسة اه وفي تهذيب التهذيب الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ذكره ابن حبان في الثقات وقال الزبير بن بكار كان فاضلا شريفا ولإبراهيم بن علي بن هرمة فيه مدائح روى له النسائي حديثا واحدا: احتجم صلى الله عليه وسلم وهو صائم وهو والد السيدة نفيسة وقال ابن معين ضعيف وقال العجلي مدني ثقة وقال ابن سعد كان عابدا ثقة ولما صحبه المنصور كتب المهدي إلى عبد الصمد والي المدينة بعد الحسن أن أرفق بالحسن ووسع عليه ففعل فلم يزل مع المهدي حتى خرج المهدي للحج سنة 168 وهو معه فكان الماء في الطريق قليلا فخشي المهدي على من معه العطش فرجع ومضى الحسن يريد مكة فاشتكى أياما ومات وقال نحو ذلك ابن حبان اه.
أخباره
في الأغاني بسنده أنه لما استخلف المنصور ألح في طلب محمد بن عبد الله بن الحسن والمسألة عنه وعمن يؤويه فدعا بني هاشم رجلا رجلا فسألهم عنه فكلهم يقول يا أمير المؤمنين إنك قد عرفته يطلب هذا الشأن قبل اليوم فهو يخافك على نفسه ولا يريد خلافا ولا يحب معصية إلا الحسن بن زيد فإنه أخبره فقال والله ما آمن وثوبه عليك وأنه لا ينام عنك فسر رأيك فيه قال الراوي فأيقظ من لا ينام اه. ومن أخباره ما في عمدة الطالب أنه لما جيء برأس إبراهيم بن عبد الله بن الحسن المثنى إلى المنصور ووضع في طشت بين يديه والحسن بن زيد بن الحسن بن علي واقف على رأسه عليه السواد فخنقته العبرة والتفت إليه المنصور وقال أتعرف من هذا فقال نعم.
فتى كان يحميه من الضيم سيفه | وينجيه من دار الهوان اجتنابها |
فقال المنصور صدقت ولكن أراد رأسي فكان رأسه أهون علي ولوددت أنه فاء إلى طاعتي اه. فكأن الحسن ابن زيد أخذته عاطفة الرحم القريبة في تلك الحال وإلا فقد مر أنه أغرى المنصور بمحمد بن عبد الله أخي إبراهيم. ومن أخباره ما في كتاب وفاء الوفا بأخبا دار المصطفي عن فائد مولى عبادل أنه لما كان زمن حسن بن زيد وهو أمير على المدينة إلى بنو محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب على آل عقيل في قناتهم التي في دورهم الخارجة في المقبرة وقالوا أن قبر فاطمة (عليها السلام) عند هذه القناة فاختصموا إلى حسن فدعاني حسن فسألني فأخبرته عن عبيد الله ابن أبي رافع ومن بقي من أهلي وعن حسن بن علي وقوله أدفنوني إلى جنب أمي ثم أخبرته عن منقد الحفار وعن قبر الحسن أنه رآه مطابقا بالحجارة فقال حسن بن زيد أنا على ما نقول وأفرقاه آل عقيل اه.
أخباره مع إبراهيم بن علي بن هرمة
مر شيء منها في ترجمة ابن هرمة ج 4 وفي الأغاني بسنده عن ابن ربيع راوية ابن هرمة قال: أصابت ابن هرمة أزمة فقال لي في يوم حار اذهب فتكار حمارين إلى ستة أميال ولم يسم موضعا فركب واحدا وركبت واحدا سرنا حتى صرنا إلى قصور الحسن بن زيد ببطحاء ابن أزهر فدخلنا مسجده فلما مالت الشمس خرج علينا مشتملا على قميصه فقال لمولى له إذن فأذن ولم يكلمنا كلمة ثم قال له: أقم فأقام فصلى بنا ثم أقبل على ابن هرمة فقال: مرحبا بك يا أبا إسحاق حاجتك قال: نعم بأبي أنت وأمي أبيات قلتها وقد كان عبد الله وحسن وإبراهيم بنو حسن بن حسن وعدوه شيئا فأخلفوه فقال: هاتها فقال:
أما بنو هاشم حولي فقد قرعوا | نبل الضباب التي جمعت في قرن |
فما بيثرب منهم من أعاتبه | إلا عوائد أرجوهن من حسن |
الله أعطاك فضلا من عطيته | على هن وهن فيما مضى وهن |
قال: حاجتك؟ قال: لابن أبي مضرس علي خمسون ومائة دينار فقال لمولى له: يا هيثم اركب هذه البغلة فائتني بابن أبي مضرس وذكر حقه فما صلينا العصر حتى جاء به وذكر حقه فما صلينا العصر حتى جاء به فقال له: مرحبا بك يا ابن أبي مضرس أمعك ذكر حقك على ابن هرهة قال: نعم قال: فامحه فمحاه ثم قال: يا هيثم بع ابن أبي مضرس من تمر الخانقين بمائة وخمسين دينارا وزده على كل دينار ربع دينار وكل ابن هرمة بخمسين ومائة دينار تمرا وكل ابن ربيع بثلاثين دينارا تمرا فانصرفنا من عنده فلقيه بن عبد الله بن حسن بالسيالة وقد بلغه الشعر فغضب لأبيه وعمومته فقال: أي ماض بظر أمه أنت القائل (على هن وهن فيما مضى وهن) قال: لا والله ولكني الذي أقول لك:
لا والذي أنت منة نعمة سلفت | نرجو عواقبها في آخر الزمن |
لقد أتيت بأمر ما عمدت له | ولا تعمده قولي ولا سنني |
فكيف أمشي مع الأقوام معتدلا | وقد رميت بريء العود بالابن |
ما غيرت وجهه أم مهجنة | إذا القتام تغشى أوجه الهجن |
قال: وأم الحسن بن زيد أم ولد اه. ومن هنا يعلم أن ابن هرمة كان ينافق مع الطرفين فإذا مدح الحسن بن زيد عرض بأبناء عمه عبد الله وحسن وإبراهيم أبناء الحسن المثنى لأن بينهم وبينه شيء وإذا مدح محمد بن عبد الله ابن حسن عرض بالحسن بن زيد بأن أمه أمة قال: فلما قال ابن هرمة هذا الشعر في حسن بن زيد (يعني الذي فيه على هن وهن فيما مضى وهن) قال عبد الله بن حسن: والله ما أراد الفاسق غيري وغير أخوي حسن وإبراهيم وكان عبد الله يجري على ابن هرمة رزقا فقطعه عنه وغضب عليه فأتاه يعتذر فنحي وطرد فسأل رجالا أن يكلموه فردهم فيئس من رضاه واجتنبه وخافه فمكث ما شاء الله ثم مر عشية وعبد الله على زريبة في ممر المنبر ولم تكن تبسط لأحد غيره في ذلك المكان فلما رأى عبد الله تضاءل وتقنفذ وتصاغر وأسرع المشي فكأن عبد الله رق له فأمر به فرد عليه فقال: يا فاسق يا شارب الخمر على هن وهن تفضل الحسن علي وعلى أخوي فقال: بأبي أنت وأمي ورب هذا القبر ما عنيت إلا فرعون وهامان وقارون افتغضب لهم فضحك وقال: والله ما أحبك إلا كاذبا وأمر أن ترد عليه جاريته اه.
والحسن بن زيد المترجم كان يعادي ابن عمه عبد الله وإخوته وأولاده كما مر في جوابه عنهم للمنصور فلذلك قبل من ابن هرمة أن يقول فيهم ما قال. وروى هذه القصة الخطيب في تاريخ بغداد بتفاوت عما في الأغاني فروى بسنده من راوية ابن هرمة قال بعث إلي ابن هرمة في وقت الهاجرة صر إلي فصرت إليه فقال: اكتر حمارين إلى أربعة أميال من المدينة أين شئنا فقلت: هذا وقت الهاجرة وأرض المدينة سبخة فأمهل حتى نبرد قال: لا لأن لابن جبر الحناط علي مائة دينار قد منعتني القائلة وضيقت على عيالي فاكتريت حمارين فركبنا فمضيت معه حتى انتهينا إلى الحمراء قصر الحسن بن زيد فصادفناه يصلي العمر فأقبل على ابن هرمة فقال: ما جاء بك في هذا الوقت والحر شديد فقال لابن جبر الحناط: علي مائة دينار قد منعتني القائلة وضيقت على عيالي وقد قلت شعرا فاسمعه مني قال: قل فأنشأ يقول:
أما بنو هاشم حولي فقد رفضوا | نيلي الصباب التي جمعت في قرن |
فما بيثرب منهم من أعاتبه | إلا عوائد أرجوهن من حسن |
الله أعطاك فضلا من عطيته | على هن وهن فيما مضى وهن |
فقال: يا غلام افتح باب تمرنا فبع منة بمائة دينار احضر ابن جبر الحناط وليكن معه ذكر دينه وماله على ابن هرمة فحضر فأخذ منه ذكر دينه فدفعه إلى ابن هرمة وسلم إلى ابن جبر مائة دينار وقال: يا غلام بع بمائة دينار أخرى وادفعها إلى ابن هرمة يستعين بها على حاله فقال له ابن هرمة: يا سيدي مر لي بحمل ثلاثين حمارا تمرا لعيالي قال: يا غلام افعل ذلك فانصرفا من عنده فقال لي: ويحك لرأيت نفسا أكرم من هذه النفس أو راحة أندى من هذه الراحة فإنا لنسير على السيالة إذا غامز قد غمز ابن هرمة فالتفت إليه فإذا هو عبد الله بن حسن بن حسن فقال: يا دعي الأدعياء أتفضل علي وعلى أبي الحسن بن زيد فقال: والله ما فعلت هذا اه.
وفي الأغاني بسنده عن محمد بن جعفر الصادق عليه السلام قال: دخلت مع أبي على المنصور بالمدينة وهو جالس في دار مروان فلما اجتمع الناس قام ابن هرمة فقال: يا أمير المؤمنين جعلني الله فداءك شاعرك وصنيعتك إن رأيت أن تأذن لي في الإنشاد قال: هات فأنشده قوله فيه (سرى ثوبه عنك الصبا المتخايل) حتى انتهى إلى قوله:
له لحظات عن حفافي سريره | إذا كرها فيها عقاب ونائل |
فأم الذي آمنت آمنة الردى | وأم الذي خوفت بالثكل ثاكل |
فقال له المنصور: أما لقد رأيتك في هذه الدار قائما بين يدي عبد الواحد بن سليمان تنشده قولك فيه:
وجدنا غالبا كانت جناحا | وكان أبوك قادمة الجناح |
فقطع ابن هرمة حتى ما قدر على الاعتذار فقال له المنصور: أنت رجل شاعر طالب خير وكل ذلك يقول الشاعر وقد أمر لك أمير المؤمنين بثلاثمائة دينار فقام إليه الحسن بن زيد فقال: يا أمير المؤمنين إن ابن هرمة رجل منفاق متلاف فإن رأى أمير المؤمنين أن أمر له بها ويجري عليه ما يكفيه ويكفي عياله فعل فقال: افعلوا ذلك به وإنما فعل به الحسن بن زيد هذا لأنه كان مغضبا عليه لقوله: يمدح عبد الله بن حسن:
ما غيرت وجهه أم مهجنة | إذا القتام تغشى أوجه الهجن |
اه. أي أن ابن هرمة كان غاضبا على الحسن بن زيد ولذلك مدح خصمه عبد الله بن حسن وعرض بالحسن ابن زيد لأن أم الحسن أمة فاسم كان في كان مغضبا عليه راجع إلى ابن هرمة ولقوله: تعليل لغضب ابن هرمة كان غاضبا على الحسن قوله هذا. ووجدت في مسودة الكتاب ولا أعلم الآن أين نقلته ما صورته:
لما ولي الحسن بن زيد المدينة دخل عليه إبراهيم ابن علي بن هرمة فقال له الحسن: يا إبراهيم لستت كمن باع لك دينه رجاء مدحك أو خوف ذمك فقد رزقني الله تعالى بولادة نبيه صلى الله عليه وسلم الممادح وجنبني المقابح وإن من حقه علي أن لا أغضي على تقصير في حق وجب وأنا أقسم لأن أتيت بك سكران لأضربنك حدا للخمر وحدا للسكر ولأزيدن لموضع حرمتك بي فليكن تركك لها الله عز وجل تعن عليه ولا تدعها للناس فتوكل إليهم فنهض ابن هرمة وهو يقول:
نهاني ابن الرسول عن المدام | وأدبني بآداب الكرام |
وقال لي اصطبر عنها ودعها | لخوف الله لا خوف الأنام |
وكيف تبعدي عنها وحبي | لها حب تمكن في العظام |
أرى طيب الحلال علي خبثا | وطيب النفس في خبث الحرام |
وكان إبراهيم منهوما في الخمر وجلده خثيم بين عراك صاحب شرطة المدينة لرباح بن عبد الله الحارثي في ولاية أبي العباس السفاح اه.
أخباره مع ابن المولى
وهو محمد بن عبد الله بن مسلم ابن المولى مولى الأنصار وكان شاعرا مجيدا من مخضرمي الدولتين في الأغاني أخبرني عمي حدثنا الحزنبل عن عمرو ابن أبي عمرو قال: بلغني أن الحسن بن زيد دعا بابن المولى فأغلظ له وقال: تشبب بحرم المسلمين وتنشد ذلك في مسجد رسول الله وفي الأسواق والمحافل ظاهرا فحلف له بالطلاق أنه ما تعرض لمحرم قط ولا شبب بامرأة مسلم ولا معاهدة قط قال: فمن ليلى هذه التي تذكر في شعرك فقال له: امرأتي طالق أن كانت إلا قوسي هذه سميتها ليلى لأذكرها في شعري فإن الشعر لا يحسن إلا بالتشبيب فضحك الحسن ثم قال: إذا كانت القصة هذه فقل ما شئت وفي الأغاني: قال الحزنبل حدثني عمرو ابن أبي عمرو عن أبيه قال: حدثني مولى للحسن بن زيد قال: قدم ابن المولى على المهدي وقد مدحه بقصيدته التي يقول فيها:
وما قارع الأعداء مثل محمد | إذا الحرب أبدت عن حجول الكواعب |
فتى ماجد الأعراق من آل هاشم | تبجج منها في الذرى والذوائب |
أشم من الرهط الذين كأنهم | لدى حندس الظلماء زهر الكواكب |
إذا ذكرت يوما مناقب هاشم | فإنكم منها بخير المناصب |
ومن عيب في أخلاقه ونصابه | فما في بني العباس عيب لعائب |
وإن أمير المؤمنين ورهطه | لأهل المعالي من لؤي بن غالب |
أولئك أوتاد البلاد ووارثوا النبي | بأمر الحق غير التكاذب |
ثم ذكر فيها آل أبي طالب فقال:
وما نقموا إلا المودة منهم | وإن غادروا فيهم جزيل المواهب |
وأنهم نالوا لهم بدمائهم | شفاء نفوس من قتيل وهارب |
وقاموا لهم دون العدى وكفوهم | بسمر القنا والمرهفات القواضب |
وإن أمير المؤمنين لعائد | بأنعامه فيهم على كل تائب |
إذا ما دنوا أدناهم وإذا هفوا | تجاوز عنهم ناظرا في العواقب |
شفيق على الأقصين أن يركبوا الردى | فكيف به في واشجات الأقارب |
فوصله المهدي بصلة سنية وقدم المدينة فأنفق وبنى داره ولبس ثيابا فاخرة ولم يزل كذلك مدى حياته ثم دخل على الحسن بن زيد وكانت له عليه وظيفة في كل سنة فأنشده قوله يمدحه:
هاج شوقي تفرق الجيران | واعتراني طوارق الأحزان |
وتذكرت ما مضى من زماني | حين صار الزمان شر زمان |
يقول فيها يمدح الحسن بن زيد:
ولو أن امرأ ينال خلودا | بمحل ومنصب ومكان |
أو ببيت ذراه يلصق بالنجـ | ـم قرانا في غير برج قران |
أو بمجد الحياة أو بسماح | أو بحلم في علا ثهلان |
أو بفضل لناله حسن الخيـ | ـر بفضل الرسول ذي البرهان |
فضله واضح برهط أبي القا | سم رهط اليقين والإيمان |
هم ذوو النور الهدى ومدى الأمـ | ـر وأهل البرهان والعرفان |
معدن الحق والنبوة والعدل | إذا ما تنازع الخصمان |
وابن زيد إذا الرجال تجاروا | يوم حفل وغاية ورهان |
سابق مغلق مجيز رهان | ورث السبق من أبيه الهجان |
فلما أنشده إياها دعا به خاليا ثم قال له: يا عاض كذا من أمه إذا جئت إلى الحجاز تقول لي: هذا وأما إذا جئت إلى العراق تقول:
وإن أمير المؤمنين ورهطه | لرهط المعالي من لؤي بن غالب |
أولئك أوتاد البلاد ووارثو النبي | بأمر الحق غير التكاذب |
فقال له: اتنصفني يا ابن الرسول أم لا فقال: نعم فقال: ألم أقل وأن أمير المؤمنين ورهطه ألستم رهطه فقال: دع هذا ألم تقدر أن ينفق شعرك ومديحك إلا بتهجين أهلي الطعن عليهم والإغراء بهم حيث تقول:
ما نقموا إلا المودة منهم | وإن غادروا فيهم جزيل المواهب |
إنهم نالوا لهم بدمائهم | شفاء نفوس من قتيل وهارب |
فوجم ابن المولى وأطرق ثم قال: يا ابن الرسول إن الشاعر يقول: ويتقرب بجهده ثم قام فخرج من عنده منكسرا فأمر الحسن وكيله أن يحمل إليه وظيفته ويزيده فيها ففعل فقال ابن المولى: والله لا أقبلها وهو علي ساخط فأما أن قرنها بالرضا فقبلتها وأما أن أقام وهو علي ساخط البتة فلا، فعاد الرسول إلى الحسن في خبره فقال: قل له قد رضيت فأقبلها ودخل على الحسن فأنشده قوله فيه:
سألت فأعطأني وأعطى ولم أسل | وجاد كما جادت غواد رواعد |
فأقسم لا أنفك أنشد مدحه | إذا جمعتني في الحجيج المشاهد |
إذا قلت يوما في ثنائي قصيدة | تثنت بأخرى حيث تجري القصائد |
خبره مع المنذر بن عبد الله ومصعب الزبيري
روى الخطيب في تاريخ بغداد أنه لزم المنذر بن عبد الله الحرامي دين فخرج إلى الحسن بن زيد فقعد على طريقه إلى ضيعته وقال: أيها الأمير اسمع مني شيئا قلته قال الحسن: الحق يا أبا عثمان نسمع منك على مهل فأنا عجلان فكسر ذلك المنذر بن عبد الله حتى هم أن يرجع ثم ذكر كلا وعيالا فتحامل حتى أتاه فرفعه معه على فراشه وبسطه بالحديث: وحضر الغداء فجعل يناوله بيده ثم قال: أسمعنا ما قلت يا أبا عثمان فأنشده:
يا ابن بنت النبي وابن علي | أنت أنت المجير من ذا الزمان |
من زمان ألح ليس بناج | منه من لا يجيره الخافقان |
من ديون تنوبنا فادحات | بيد الشيخ من بني ثوبان |
فجزاه خيرا ودعا بقرطاس فكتب صكا كأذن الفأرة وختم عليه وناوله إياه إلى ابن ثوبان فخرج به لا يظن به خيرا حتى دفعه إليه فقرأه ابن ثوبان وقال: سألني الأمير أن أنظرك بمالي إلى ميسرتك وقد فعلت وأمر لك بمائة دينار وهذه هي: قال وذكر إسماعيل بن الحسن بن زيد أن هذه القصة لمصعب بن ثابت الزبيري لا للمنذر بن عبد الله. قال المؤلف: ويمكن كونهما قصتين وحصل بينهما توارد خاطر في بعض الشعر أو أخذ أحدهما من الآخر فروى بسنده عن إسماعيل بن الحسن بن زيد قال: كان أبي يغلس بصلاة الفجر فأتاه مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وابنه عبد الله بن مصعب يوما حين انصرف من صلاة الغداة. هو يريد الركوب إلى ماله بالغابة فقال: اسمع مني شعرا قال: ليست هذه ساعة ذلك أهذه ساعة شعر قال: أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سمعته فأنشده لنفسه:
يا ابن بنت النبي وابن علي | أنت أنت المجير من ذا الزمان |
من زمان ألح ليس بناج | منه من لم يجرم الخافقان |
من ديون حفزننا معضلات | من يد الشيخ من بني ثوبان |
في صكاك مكتبات علينا | بمئين إذا عددن ثمان |
بأبي أنت إن أخذن وأمي | ضاق عيش النسوان والصبيان |
فأرسل إلي ابن ثوبان فسأله فقال على الشيخ سبعمائة وعلى ابنه مائة فقضى عنهما وأعطاهما مائتي دينار سوى ذلك.
خبره مع محمد بن عبد العزيز
في تاريخ بغداد بسنده عن أبي سلمة قال: كنت ببغداد عند باب الذهب فقيل الحسن بن زيد يخرج من السجن ينازع محمد بن عبد العزيز وكان الجمحي على قضاء مدينة أبي جعفر فأمر أن ينظر بينهما أمره المنصور بذلك فجاء الحسن بن زيد وجاء معمد بن عبد العزيز فجلس إلى جانبه في مجلس الحكم فأقبل الحسن بن زيد على ابن المولى فقال: أجلس بيني وبين هذا الرجس وكره أن يلتزق به فأقبل أخ لمحمد بن عبد العزيز يقال له: سندلة على الحسن ابن زيد فقال: أيها يا ابن أم رقرق. وذلك أن أمه تلقب رقرقا كما مر في أول الترجمة. يا ابن عم من يزعم أن في السماء إلها وفي الأرض إلها ولاك أمير المؤمنين فكفرت نعمته وأردت الخروج عليه يا معشر الملأ هل ترون وجه خليفة فأقبل عليه الحسن بن زيد فقال: مثلي ومثلك كما قال الشاعر:
وليس بنصف أن أسب مجاشعا | بآبائي الشم الكرام الخضارم |
ولكن نصفا لو سببت وسبني | بنو عبد شمس من مناف وهاشم |
فتركهم الجمحي ساعة يتنازعون ثم أقبل عليهم فقال: دعونا منكم هات يا ابن عبد العزيز ما تقول قال: أصلح الله القاضي جلدني مائة وشقق قضاياي وعلقها في عنقي وأقامني على البلى فقال: ما تقول يا حسن قال: أمرني أمير المؤمنين بذلك قال: حجتك فأخرج كتابا من كمه وقال:
هذا حجتي قال: هاته قال: ما كنت لأدفع حجتي إلى غيري ولكن إن أردت أن تنسخه فانسخه ثم أعاده إلى كمه اه.
خبره مع إسحاق بن إبراهيم ابن طلحة
روى أبو الفرج في الأغاني بسنده أن الحسن بن زيد دعا إسحاق بن إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله بن معمر التيمي أيام كان بالمدينة إلى ولاية القضاء فأبى عليه فحبسه وجاء بنو طلحة فانسجنوا معه وبلغ ذلك الحسن بن زيد فأرسل إليه فأتاه فقال أنك تلاججت علي وقد حلفت أن لا أرسلك حتى تعمل لي فابرر يميني ففعل في رسل الحسن معه جندا حتى جلس في المسجد للقضاء والجند على رأسه فجاءه داود بن مسلم فوقف عليه فقال:
طلبوا الفقه والمروءة والحلـ | ـم وفيك اجتمعن يا إسحاق |
فقال: ادفعوه فدفعوه فتنحى عنه فجلس ساعة ثم قام من مجلسه فأعفاه الحسن بن زيد من القضاء وأرسل إلى داود بن سلم بخمسين دينارا.
خبره مع محمد بن حمزة الأسلمي
كان أبو عاصم محمد بن حمزة الأسلمي قد هجا الحسن بن زيد بقوله:
له حق وليس عليه حق | ومهما قال فالحسن الجميل |
وقد كان الرسول يرى حقوقا | عليه لغيره وهو الرسول |
فلما ولي الحسن المدينة أتاه الأسلمي متنكرا في زي الأعراب فقال:
ستأتي مدحتي الحسن بن زيد | وتشهد لي بصفين القبور |
قبور لم تزل مذ غاب عنها | أبو حسن تعاديها الدهور |
قبور لو بأحمد أو علي | يلوذ مجيرها حمي المجير |
هما أبواك من وضعا نضعه | وأنت برفع من رفعا جدير |
فقال: من أنت؟ قال: أنا الأسلمي قال: إذا حياك الله وبسط له رداء وأجلسه عليه وأمر له بعشرة آلاف درهم.
خبره مع داود بن سلم
روى أبو الفرج في الأغاني بسنده أنه كان الحسن ابن زيد قد عود داود بن سلم مولى بني تيم إذا جاءته غلة من الخانقين أن يصله فلما مدح داود بن سلم جعفر بن سليمان ابن علي وكان بينه وبين الحسن بن زيد تباعد شديد أغضبه ذلك وقدم الحسن من حج أو عمرة فدخل عليه داود بن سلم مسلما فقال له الحسن: أنت القائل في جعفر:
وكنا جدبنا قبل تأمير جعفر | وكان المنى في جعفر أن يؤمرا |
حوى المنبرين الأزهرين كليهما | إذا ما خطا عن منبر أم منبرا |
كأن بني حواء صفوا أمامه | فخير من أنسابهم متخيرا |
فقال داود: نعم جعلني الله فدائكم فكنتم خيرة اختياره وأنا القائل:
لعمري لئن عاقبت أوجدت منعما | بعفو عن الجاني وإن كان معذرا |
لأنت بما قدمت أولى بمدحه | وأكرم فخرا أن فخرت وعنصرا |
هو الغرة الزهراء من فرع هاشم | ويدعو عليا ذا المعالي وجعفرا |
وزيد الندى والسبط سبط محمد | وعمك بالطف الزكي المطهرا |
وما نال منها جعفر غير مجلس | إذا ما نفاه العزل عنه تأخرا |
بحقكموا نالوا ذراها وأصبحوا | يرون به عزا عليكم ومفخرا |
فعاد له الحسن بن زيد إلى ما كان عليه ولم يزل يصله ويحسن إليه إلى أن مات قال أبو يحيى الزهري راوي الحديث: يعني بقوله وان كان معذرا أن جعفرا أعطاه بأبياته الثلاثة ألف دينار فذكر له عذرا في مدحه إياه بجزالة إعطائه.
خبره مع أبي السائب
في الأغاني بسنده عن أبي الزناد قال: كنت ليلة عند الحسن بن زيد ببطحاء ابن أزهر على ستة أميال من المدينة حيال ذي الحليفة نصف الليل جلوسا في القمر وأبو السائب المخزومي معنا وكان ذا فضل وكان مشغوفا بالسماع والغزل بين أيدينا طبق عليه فريك فنحن نصيب منة. والحسن يومئذ عامل المنصور على المدينة فأنشد الحسن قول داوود ابن مسلم وجعل يمد به صوته ويطربه.
فعرسنا ببطن عريتنات | ليجمعنا وفاطمة المسير |
أتنسى إذ تعرض وهو باد | مقلدها كما برق الصبير |
ومن يطع الهوى يعرف هواه | وقد ينبيك بالأمر الخبير |
على أني زفرت غداة هرشي | فكاد يريحهم مني الزفير |
فأخذ أبو السائب الطبق فوحش به إلى السماء فوقع الفريك على رأس الحسن بن زيد فقال له: مالك ويحك أجننت فقال له أبو السائب: أسألك بالله وبقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما أعدت إنشاد هذا الصوت ومددته كما فعلت فما ملك الحسن نفسه ضحكا وردد الحسن الأبيات لاستحلافه إياه. وقد ظهر سوء فعل المترجم بوصايته ببني عمه وبحبس المنصور له ظهر صدق (من أعان ظالما بلي به)
الذين روي عنهم
في تاريخ بغداد حدث عن أبيه وعن عكرمة مولى ابن عباس وعبد الله ابن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وفي تهذيب التهذيب روى عن أبيه وابن عمه عبد الله ابن الحسن وعكرمة ومعاوية بن عبد الله بن جعفر وغيرهم.
الذين رووا عنه
في تاريخ بغداد روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار ومالك بن أنس وابن أبي ذئب وعبد الرحمن ابن أبي الزناد وغيرهم وزاد في تهذيب التهذيب وأبو أويس وابنه إسماعيل ابن الحسن ووكيع وغيرهم وزاد الذهبي في ميزانه وزيد ابن الحباب.