التصنيفات

خالد بن المعمر بن سليمان بن الحارث السدوسي من ربيعة البصرة
(المعمر) بتشديد الميم.
كان من أصحاب علي أمير المؤمنين عليه السلام وحضر معه وقعة صفين وكان من الرؤساء في ربيعة وأعطاه أمير المؤمنين عليه السلام يوم صفين راية ربيعة كلها كوفيتها وبصريتها كما يأتي عن نصر في كتاب صفين وروى نصر أيضا أن عليا عليه السلام لما عقد الألوية وأمر الأمراء جعل خالد بن المعمر السدوسي على ذهل البصرة وقال نصر أيضا في كتاب صفين جعل علي عليه السلام يأمر هذا الرجل الشريف فيخرج معه جماعة فيقاتل ويخرج إليه من أصحاب معاوية رجل معه جمع فيقتتلان ويكرهون أن يتزاحفوا بجميع الفيلق مخافة الاستئصال فكان علي عليه السلام يخرج فيمن يخرج خالد بن المعمر السدوسي ولكن سيأتي إنه كان له باطن سوء مع معاوية وأنه انهزم في بعض أيام صفين ليكسر الميسرة على علي عليه السلام وأن معاوية وعده بإمرة خراسان ووفى له حين بايعه الناس فمات قبل أن يصل إليها.
روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين أن أمير المؤمنين عليه السلام لما أراد المسير إلى صفين كتيب إلى ابن عباس وهو عامله بالبصرة أن يستنهض الناس للمسير معه فجمعهم ابن عباس وخطبهم وذكرهم فضل أمير المؤمنين عليه السلام وحثهم على الخروج معه فقام فيمن قام خالد بن المعمر السدوسي فقال: سمعنا وأطعنا فمتى استنفرتنا نفرنا ومتى دعوتنا أجبنا فكان خالد على بكر بن وائل لكن في الكتاب المذكور في موضع آخر أن أناسا أتوا عليا فقالوا: إنا لا نر خالد بن المعمر السدوسي إلا قد كاتب معاوية وقد خشينا أن يبايعه فبعث إليه وإلى رجال من أشرافهم وقال: يا معشر ربيعة أنتم أنصاري ومجيبو دعوتي ومن أوثق حي في العرب في نفسي وقد بلغني أن معاوية كاتب صاحبكم خالد بن المعمر ثم قال: يا خالد إن كان ما بلغني عنكم حقا فإني أشهد الله ومن حضرني من المسلمين إنك آمن حتى تلحق بالعراق أو بالحجاز أو أي أرض لا سلطان لمعاوية فيها وإن كنت مكذوبا عليك فابر صدورنا بأيمان نطمئن إليها فحلف له بالله ما فعل وقال رجال من ربيعة كثير والله لو نعلم أنه فعل لقتلناه وقال له زياد بن خصفة استوثق منه بالأيمان فاستوثق من اه. هذا مع كونه من ربيعة المعروفة بولائها له عليه السلام ولكن ابن أبي الحديد يقول في شرح نهج البلاغة: لا ريب عند علماء السيرة أن خالد بن المعمر كان له باطن سوء مع معوية وأنه انهزم يوم صفين ليكسر الميسرة على علي ذكر الكلبي والواقدي وغيرهما قال نصر: إن ميمنة أهل الشام حملوا على ميسرة أهل العراق وهم ربيعة فثبت لهم وصبروا صبرا حسنا إلا قليلا من الضعفاء فلما رأى خالد بن المعمر أناسا قد انهزموا من قومه انصرف فلما رأى أصحاب الرايات قد ثبتوا وقومه صبروا رجع وصاح بمن انهزم وأمرهم بالرجوع فقال من أراد أن يتهمه: أراد الانصراف فلما رآنا قد ثبتنا رجع إلينا وقال لهم: لما رأيت رجالا منا قد انهزموا رأيت أن أستقبلهم ثم أرده إليكم بمن أطاعني منهم فجاء بأمر مشتبه اه. قال ابن أبي الحديد ويدل على باطنه هذا إنه لما استظهرت ربيعة على صفوف أهل الشام اليوم الثاني من هذا اليوم أرسل معاوية إلى خالد بن المعمر إن كف عني ولك إمارة خراسان ما بقيت فكف عنه ورجع بربيعة وقد شارفوا أخذه من مضربه اه. ولكن المتأمل في مجاري أحواله في محاورته مع معاوية الآتية يتبين له أنه كان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام العارفين بحقه وإن صح أنه صدر منه شيء يدل على أنه كان له باطن سوء مع معاوية يكن ذلك ذنبا اقترفه ميلا مع الدنيا كما يقع من عصاة الشيعة ومحاورته الآتية مع معاوية تدل على أن معاوية كان يعلم منه حب علي عليه السلام وسيأتي عند نقل كلام ابن عساكر ما يدل على تشيعه وقال نصر كانت راية ربيعة كلها كوفيتها وبصريتها مع خالد بن المعمر السدوسي من ربيعة البصرة أعطاه إياها علي بن أبي طالب. وروى نصر أن خالد بن معمر قام يحرض ربيعة على الحرب فقال في بعض كلام: إنكم إن تنكلوا عن عدوكم وتحولوا عن مصافكم لا يرضى الرب فعلكم ولا تعدموا معيرا يقول: فضحت ربيعة الذمار وإن تمضوا مقبلين وتصبروا محتسبين فإن الإقدام منكم عادة والصبر منكم سجية فاصبروا ونيتكم صادقة تؤجروا فإن ثواب من نوى ما عند الله شرف الدنيا وكرامة الآخرة ولا يضيع الله أجر من أحسن عملا فقام إليه رجل من ربيعة فقال: ضاع والله أمر ربيعة حين جعلت أمرها إليك تأمرنا أن لا نحول ولا نزول حتى نقتل أنفسنا أترى إلى الناس قد انصرف جلهم فقام إليه رجال من قومه فتناولوه بأفواههم ولكزوه بأيديهم فقال لهم خالد: اخرجوا هذا من بينكم هذا لذي لا ينقص العدد ولا يملأ البلد وكان معاوية نذر في سبي نساء ربيعة وقتل المقاتلة فقال في ذلك خالد بن المعمر ومر البيت الأول في أبيات لخالد بن ربيعة:

وقال أيضا:
وروى نصر أنه لما كان اليوم العاشر من أيام الحرب بصفين قام خالد بن المعمر فنادى من يبايع على الموت ويشري نفسه لله فبايعه آلاف على أن لا ينظر رجل منهم خلفه حتى يرد سرادق معاوية فاقتتلوا قتالا شديدا وقد كسروا جفون سيوفهم فلما نظر إليهم معاوية قد أقبلوا قال: إذا قلت قد ولت ربيعة أقبلت كتائب منهم كالجبال تجالد ثم قال معاوية لعمرو: وما ترى قال: أرى أن لا تحنث أخوالي اليوم فخلى معاوية عنهم وعن سرادقه وخرج فارا عنه إلى بعض مضارب العسكر فدخل وبعث معاوية إلى خالد بن المعمر إنك قد ظفرت ولك إمرة خراسان أن لم تتم فطمع خالد بذلك ولم يتم فأمره معاوية حين بايعه الناس على خراسان فمات قبل أن يصل إليها وإذا صح أنه كان باطنا مع معاوية يكون قد خسر الدنيا والآخرة. وفي الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي سأل معاوية خالد بن معمر فقال: على ما أحببت عليا قال: على ثلاث خصال على حلمه إذا غضب وعلى صدقه إذا قال وعلى عدله إذا حكم. وروى نصر في كتاب صفين أنه لما رفعت المصاحف تكلم أصحاب علي عليه السلام فبعضهم رأى الحرب وبعضهم رأى الكفوكان من جملة من تكلم شقيق بن ثور البكري فأشار بالموادعة وكردوس بن هانئ البكري فأشار بمتابعة رأي علي عليه السلام وهو القتال وحريث بن جابر البكري فأشار بالحرب وحضين بن المنذر الرقاشي فدعا إلى متابعة علي عليه السلام في رأيه ومنهم خالد بن المعمر فإنه قام فقال: يا أمير المؤمنين إنا والله ما اخترنا هذا المقام أن يكون احد هو أولى به منا غير أنا جعلناه ذخرا وقلنا أحب الأمور إلينا ما كفينا مؤنته فأما إذ سبقنا في المقام فإنا لا نرى إلا فيما دعاك إليه القوم إن رأيت ذلك فإن لم تره فإن رأيك أفضل اه. وهذا الكلام يشير من طرف خفي إلى ما تنطوي عليه نفسه قال نصر: فبلغ معاوية كلام الربعيين فبعث إلى مثقلة بن هبيرة ما لقيت من أحد ما لقيت من ربيعة قال: ما هم منك بأبعد من غيرهم وأنا باعث إليهم فيما صنعوا فبعث إليهم بأبيات يصوب فيها رأي من أشار بترك القتال ويخطئ من أشار بالقتال فأجابه جماعة على شعره منهم خالد بن المعمر فقال:
وفي تاريخ دمشق لابن عساكر خالد بن المعمر بن سلمان بن الحارث يتصل نسبه ببكر بن وائل شهد صفين مع علي كرم الله وجهه ثم غدر بالحسن ولحق بمعاوية قال الشاعر:
قال أبو عبيدة: قدم على معاوية فسأله مداجاة على علي فلم يقبل وكان معماوية قد وصله وولاه أرمينية فوصل إلى نصيبين فاحتيل له بشربة فمات بها اه. فانظره مع قول نصر أنه ولاه خراسان فمات قبل أن يصل إليها وقوله: قدم على معاوية لعل قدومه قبل وقعة صفين ففي ذلك الوقت لم يكن مانع من قدوم أحد من أصحاب علي عليه السلام على معاوية وعدم قبوله المداجاة على علي يدل على تشيعه ولا ينافيه أنه كان له باطن سوء مع معاوية ولا غرة بالحسن لأن غاية ذلك فسقه وميله إلى الدنيا والظاهر أن الذي احتال له بشربة هو معاوية فوعده ولم يشأ أن ينفذ ذلك وهو أيضا من إمارات تشيعه. قال: ولما كان يوم صفين وثب بنو الحارث مع خالد على سفيان بن ثور فانتزعوا الراية منه واستطال لها ابن الكوا اليشكري ورجا أن تدفع إليه فقال قائل: ويلكم يا بني ذهل لا تخرجوها منكم وجيء بحضين بن المنذر فدفعت إليه وحكى يزيد بن أبي الصلت أن معاوية كان ضرب يوم صفين لحمير بسهمهم على ثلاث قبائل ربيعة ومذحج وهمدان فلما وقع سهم حمير على ربيعة قال ذو الكلاع (الحميري) قبحك الله من سهم كرهت الضراب اليوم (خوفا من ربيعة) ثم أقبل ذو الكلاع في حمير ومعهم عبيد الله بن عمر بن الخطاب في أربعة آلاف من رجال الشام قد بايعوا على الموت فلما دنوا من ربيعة وهي حذاء ميمنة أهل الشام وعلى ميمنتهم ذو الكلاع حملوا عليها وهم ميسرة أهل العراق وفيهم يومئذ ابن عباس وهو على الميسرة فحمل ذو الكلاع وعبيد الله بن عمر بخيلهم ورجالهم حملة شديدو فضعضعت رايات ربيعة وثبتوا إلا قليلا منهم ثم إن أهل الشام انصرفوا فمكثوا قليلا ثم كروا فشدوا على الناس شدة شديدة وعبيد الله يحرضهم فثبت لهم ربيعة فقاتلوا قتالا شديدا وصاح بهم خالد بن المعمر بأناس من قومه انهزموا يومئذ فتراجعوا وكان معهم من عنزة أربعة آلاف من صفين. قال أبو عبيدة: ولما قتل علي بن أبي طالب أراد معاوية الناس على بيعة يزيد فتثاقلت ربيعة ولحقت بعبد القيس بالبحرين واجتمعت بكر بن وائل إلى خالد بن المعمر فلما تثاقلت ربيعة تثاقلت العرب أيضا فضاق معاوية بذلك ذرعا فبعث إلى خالد فقدم عليه فرحب به وقال: كيف ما نحن فيه: فقال: أرى ملكا طريفا وبغضا تليدا فقال معاوية: قل ما بدا لك فقد عفونا عنك ولكن ما بال ربيعة أول الناس في حربنا وآخرهم في سلمنا قال له خالد: إنما أتيتك مستأمنا ولم أتتك مخاصما وليست للقوم تجري في حجتهم. وإن ربيعة أن تدخل في طاعتك تنفعك وأن تدخل كرها تكن قلوبها عليك وأبدانها لك فأعط الأمانة عامتهم شاهدهم وغائبهم وأن ينزلوا حيث شاؤوا فقال: افعل فانصرف خالد إلى قومه بذلك ثم إن معاوية بدا له فبعث إلى خالد فدعاه فلما دخل عليه قال: كيف حبك لعلي فقال: أعفني يا أمير المؤمنين مما أكره فأبى أن يعفيه فقال: أحبه والله على حلمه إذا غضب ووفائه إذا عقد وصدقه إذا أكد وعدله إذا حكم ثم انصرف ولحق بقومه وكتب إلى معاوية:
إذا نهشت قال السليم لأهله=رويدا فإني لا أرى لك راقيا
وكتب الأعور الشني إلى معاوية:
فدعاهما معاوية فوصلهما فقال الشني:
فقال معاوية:
والتقى رجلان من بكر بن وائل أحدهما من شيبان والآخر من بني ذهل فكلاهما ادعى أنه أفضل من الآخر فتحاكما إلى رجل من همدان فقال: من أيكما علي بن الهيثم المقتول يوم الجمل وهو سيد ربيعة وكان يأخذ الإسلام ألفين وخمسمائة ومن أيكما حسان بن مخدوج المقتول يوم الجمل وهو سيد ربيعة وكندة ونزع عنها الأشعث بن قيس ومن أيكما كان خالد بن المعمر الذي بايعته ربيعة بصفين على الموت حتى اعتقل(1) لأهل الوبر ولأهل المدر ونجا الله به أهل اليمامة ومن أيكما كان حضين بن المنذر صاحب الراية السوداء الذي قيل فيه:
قال الذهلي: كانوا كلهم منا فقال له: أنتم أنتم اه. ومن الغريب أن بعض المعاصرين عد فيما كتبه في بعض المجلات خالد بن المعمر من الصحابة الشيعة مع أنه لا ذكر له في شيء من الكتب المصنفة في الصحابة.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 296

خالد بن المعمر بن سليمان بن الحارث بن شجاع بن الحارث بن سدوس السدوسي.
له إدراك. قال أبو أحمد العسكري: كان رئيس بكر بن وائل في عهد عمر.
وذكر الجاحظ في كتاب «البيان» أن أبا موسى في عهد عمر جعل رياسة بكر لخالد هذا بعد أن استشهد مجزأة بن ثور، فجعلها عثمان بعد ذلك لشقيق بن مجزأة، ثم صيرها علي لحصين بن المنذر، وكان خالد مع علي يوم الجمل وصفين من أمرائه، قاله يعقوب بن سفيان، وفيه يقول الشاعر يخاطب معاوية:

وروى يعقوب بن شيبة من طريق شبيل بن عزرة، أن بني الحارث وثبوا مع خالد بن المعمر يوم صفين على شقيق بن ثور، فانتزعوا الراية منه.
وروى يعقوب بن سفيان من طريق مضارب العجلي، قال: تفاخر رجلان من بكر بن وائل، فتحاكما إلى رجل من همدان، فقال: أيكما خالد بن المعمر الذي بايعته ربيعة يوم صفين على الموت؟ فذكر القصة. وذكر ابن ماكولا أن معاوية أمره على أرمينية فوصل إلى نصيبين فمات بها.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 2- ص: 299

الذهلي السدوسي خالد بن المعمر بن سلمان الذهلي السدوسي، رأس بكر بن وائل. شهد الجمل وصفين مع علي أميرا، وهو الذي غدر بالحسن وبايع معاوية فقال الشاعر:

وقدم على معاوية فولاه أرمينية، فوصل إلى نصيبين فمات بها. وهو القائل لمعاوية:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0