الحسن المثنى الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو محمد، الهاشمي: كبير الطالبيين في عهده. كان وصى أبيه وولى صدقة جده. إقامته ووفاته في المدينة. وكان عبد الملك بن مروان يهابه. واتهم بمكانته أهل العراق وأنهم يمنونه بالخلافة، فبلغ ذلك الوليد بن عبد الملك، فأمر عامله بالمدينة بجلده، فلم يجلده العامل، وكتب للوليد يبرئه. وقيل للحسن: ألم يقل رسول الله: (من كنت مولاه فعلى مولاه) فقال: بلى، ولكن والله لن يعن رسول الله بذلك الإمارة والسلطان ولو أراد ذلك لأفصح لهم به

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 187

الحسن المثنى أبو محمد ابن الحسن السبط ابن علي ابن أبي طالب عليه السلام
توفي سنة 97.
حكاه ابن حجر عن خط الذهبي وفي عمدة الطالب كان عبد الرحمن بن الأشعث قد دعا إليه وبايعه فلما قتل عبد الرحمن توارى الحسن حتى دس إليه الوليد بن عبد الملك من سقاه سما فمات وعمره إذ ذاك خمس وثلاثون سنة وكان يشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم اه. وفي هامش عمدة الطالب المطبوع: أظن الصحيح سليمان بن عبد الملك مكان الوليد ابن عبد الملك لأنه توفي في زمنه سنة 97 وقوله وعمره إذ ذاك خمس وثلاثون فيه تقديم وتأخير بل ينبغي أن يكون ثلاث وخمسون فإنه مات بعد موت والده بثمان وأربعين سنة اه. وفي إرشاد المفيد قبض الحسن بن الحسن وله خمس وثلاثون سنة اه. (أقول): إذا صح أن وفاته كانت سنة 97 كان ما ذكره صاحب هذه الحاشية متوجها فإذا الوليد مات سنة 96 فموته متقدم على موت الحسن بسنة فكيف يتم أنه سمه أما سليمان فإنه مات سنة 99 بعد موت الحسن بسنتين وكون عمره خمسا وثلاثين سنة لا يتم إذ كان مات سنة 97 فإذا الحسن عليه السلام توفي سنة 58 على الأكثر أو سنة 44 على الأقل ومن سنة 44 إلى سنة 97 ثلاث وخمسون سنة ولم يعلم أنه ولد سنة وفاة أبيه بل لعله ولد قبل ذلك بمدة وعلى هذا فيكون عمره يوم كربلاء 17 سنة والله أعلم.
كنيته
في عمدة الطالب: يكنى أبا محمد.
أمه
في عمدة الطالب وغيره: أمه خولة بنت منظور بن زبان ابن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن سمي بن مازن بن فزارة بن زبان وكانت تحت محمد بن طلحة بن عبيد الله فقتل عنها يوم الجمل ولها منه أولاد فتزوجها الحسن ابن علي بن أبي طالب فسمع بذلك أبوها منظور بن زبان فدخل المدينة وركز رايته على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق في المدينة قيسي إلا دخل تحتها ثم قال: أمثلي يفتات عليه في ابنته فقالوا: لا فلما رأى الحسن ذلك سلم إليه ابنته فحملها في هودج وخرج بها من المدينة فلما صار بالبقيع قالت له: يا أبت أين تذهب إنه الحسن بن أمير المؤمنين علي وابن بنت رسول الله فقال: إن كان له فيك حاجة فيلحقنا فلما صاروا في نخل المدينة إذا بالحسن والحسين وعبد الله بن جعفر قد لحقوا بهم فأعطاه إياها فردها إلى المدينة ولما كان غضب أبيها أنها لم تخطب منه كان في لحوق الحسنين عليهما السلام وعبد الله بن جعفر به قضاء لحقه وإزالة لما في نفسه وكان كالخطبة منه. وفي تاريخ ابن عساكر قال خليفة بن خياط أم الحسن بن الحسن خولة بنت منظور بن زبان من بني فزارة وكان الحسن زوج أختها لأمها وأبيها تماضر بنت منظور عبد الله بن الزبير ولما علم أبوها بزواجها قال: مثلي يفتات عليه بزواج بنته فقدم المدينة وركز راية سوداء في المسجد فلم يبق قيسي في المدينة إلا دخل تحتها فقيل لمنظور: أين تذهب تزوج إحدى بنتيك الحسن ابن علي والثانية عبد الله بن الزبير وملكه الحسن أمرها فأمضى منظور ذلك التزويج وفي ذلك يقول جفير العبسي:

اه. وبنت منظور هذه زوجة عبد الله بن الزبير هي التي نزلت عليها النوار زوجة الفرزدق حين نافرته إلى عبد الله ابن الزبير ونزل هو على أولاد عبد الله ففرق عبد الله بينهما فقال في ذلك الفرزدق:
أقوال العلماء فيه
قال المفيد في الإرشاد: وأما الحسن بن الحسن فكان جليلا رئيسا فاضلا ورعا وكان يلي صدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في وقته اه. وفي تهذيب التهذيب: الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب والد الحسن المثلث كان أخا إبراهيم بن محمد بن طلحة لأمه وكان وصي أبيه وولي صدقات علي في عصره ذكره البخاري في الجنائز وروى له النسائي حديثا واحدا في كلمات الفرج قرأت بخط الذهبي مات سنة 97 والذي في صحيح البخاري في الجنائز لما مات الحسن بن الحسن بن علي ضربت امرأته القبة على قبره (الحديث) وقد وصله المحاملي في أماليه من طريق جرير عن مغيرة وقال الجعابي وحضر مع عمه كربلاء فحماه أسماء بن خارجة الفزاري لأنه ابن عم أمه وذكره ابن حبان في الثقات اه.
وقال ابن عساكر الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب أبو محمد الهاشمي المدني قدم دمشق وافدا على عبد لملك بن مروان وقال الزبير بن بكار وكان وصى أبيه وولى صدقة جده علي بن أبي طالب في عصره اه. والذي عندنا أن وصي الإمام أبي محمد الحسن هو أخوه الإمام أبو عبد الله الحسين عليهما السلام ويأتي أن علي بن الحسين عليهما السلام نازعه في صدقة جده أمير المؤمنين عليه السلام ثم تركها له وكان ذلك تفضلا من زين العابدين عليه السلام. وقال ابن عساكر: روى الطبراني أن الحسن بن الحسن أوصى في مرض موته إلى إبراهيم بن محمد بن طلحة وهو أخوه لأمه اه. وفي تكملة الرجال للشيخ عبد النبي الكاظمي عن العوالم عن الاحتجاج عن ابن أبي جعفر عن الصادق عليه السلام ما يقتضي ذما عظيما للحسن بن الحسن ولما كانت الرواية مرسلة لم يكن ليثبت بها ذم.
(تزوجه بنت عمه)
في عمدة الطالب: كان قد خطب إلى عمه الحسين عليه السلام إحدى بناته فأبرز إليه فاطمة وسكينة وقال: يا ابن أخي اختر أيهما شئت فاستحيا الحسن وسكت فقال الحسين: قد زوجتك فاطمة فإنها أشبه الناس بأمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال البخاري: بل اختار الحسن فاطمة بنت عمه الحسين عليه السلام. وفي الأغاني: تزوج الحسن بن الحسن فاطمة بنت الحسين في حياة عمه وهو عليه السلام زوجه إياها ثم روى بسنده أنه خطب الحسن بن الحسن إلى عمه الحسين صلوات الله عليه وسأله أن يزوجه إحدى ابنتيه فقال له الحسين عليه السلام: اختر يا بني أحبهما إليك فاستحيا الحسن ولم يحر جوابا فقال له الحسين عليه السلام: فإني قد اخترت منهما لك ابنتي فاطمة فهي أكثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم روى بسنده أن الحسن لما خيره عمه اختار فاطمة وكانوا يقولون: أن امرأة مسكينة مردودتها لمنقطعة القرين في الجمال وكانت فاطمة زوجته هذه معه يوم الطف قال الطبري: وهي أكبر من سكينة.
وفي الأغاني أيضا بسنده: كان الحسن هو الحسن ابن علي بن أبي طالب خطب إلى عمه الحسين فقال له الحسين عليه السلام: يا ابن أخي قد كنت أنتظر هذا منك انطلق معي فخرج به حتى أدخله منزله فخيره في ابنتيه فاطمة وسكينة فاختار فاطمة فزوجه إياها وكان يقال: أن امرأة تختار على سكينة لمنقطعة القرين في الحسن. وقال عبد الله بن موسى في خبره أن الحسين خيره فاستحيا فقال له: قد اخترت لك فاطمة إنها أكثرهما شبها بأمي فاطمة عليه السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم اه. ومن هذا الخبر يعلم تفسير قول صاحب عمدة الطالب: فأبرز إليه فاطمة وسكينة أي أدخله داره وأراه إياهما وما هو إلا ولده. وقد روى أبو الفرج في الأغاني خبرا في تزوج عبد الله بن عمر العثماني بفاطمة هذه بعد وفاة زوجها الحسن بن الحسن وإرساله إليها وصيفا وهي تصك وجهها لا نراه إلا مكذوبا. ويؤكد لنا كذبه أنه لم يرو في طبقات ابن سعد ولا أشير إليه روي فيه في تزويجها بالعثماني خبر آخر. والمفيد في الإرشاد ذكر ما يكذب ذلك فإنه قال: أنه لما مات ضربت زوجته فاطمة بنت الحسين بن علي عليهما السلام على قبره فسطاطا وكانت تقوم الليل وتصوم النهار فلما كان رأس السنة قالت لمواليها إذا أظلم الليل فقوضوا هذا الفسطاط وسيأتي تفصيل ذلك في ترجمتها.
شهوده يوم الطف
شهد مع عمه الحسين عليه السلام يوم الطف قال الطبري وتبعه ابن الأثير: استصغر الحسن بن الحسن بن علي فلم يقتل وقال ابن طاوس في الملهوف كان الحسن بن الحسن المثنى قد واسى عمه في الصبر على ضرب السيوف وطعن الرماح وكان قد نقل من المعركة وقد أثخن بالجراح وبه رمق فبرئ اه. وفي عمدة الطالب كان الحسن بن الحسن شهد الطف مع عمه الحسين عليه السلام وأثخن بالجراح فلما أرادوا أخذ الرؤوس وجدوا به رمقا فقال أسماء بن خارجة بن عيينة ابن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري دعوه لي فإن وهبه الأمير عبيد الله بن زياد لي وإلا رأى رأيه فتركوه له فحمله إلى الكوفة وحكوا ذلك لعبيد الله بن زياد فقالوا: دعوا لأبي حسان ابن أخته وعالجه أسماء حتى برئ ثم لحق بالمدينة اه. وقال المفيد في الإرشاد: كان الحسن بن الحسن حضر مع عمه الحسين يوم الطف فلما قتل الحسين وأسر الباقون من أهله جاء أسماء بن خارجة فانتزعه من بين الأسارى وقال: والله لا يوصل إلى ابن خولة أبدا فقال عمر بن سعد دعوا لأبي حسان ابن أخته ويقال: أنه أسر وكان به جراح قد أشفي منها اه. وقوله دعوا لأبي حسان ابن أخته لأن أمه فزارية كما مر وقد عرفت أنه كان في حياة عمه الحسين عليه السلام رجلا وأنه زوجه ابنته فاطمة وقد مر في تاريخ وفاته أن المظنون كون عمره يوم الطف 17 سنة ومن ذلك يعلم فساد قول الطبري وابن الأثير أنه استصغر يوم الطف فلم يقتل.
أخباره
قال ابن عساكر: بلغ الوليد بن عبد الملك أن الحسن يكاتب أهل العراق فكتب إلى عامله بالمدينة عثمان بن حيان المري انظر الحسن بن الحسن فأجلده مائة ضربة وقفه للناس يوما ولا أراني إلا قاتله. فلما وصله الكتاب، بعث إليه فجيء به والخصوم بين يديه. فقام إليه علي بن الحسين فقال له: يا أخي تكلم بكلمات الفرج، يفرج الله عنك (لا الله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم الحمد الله رب العالمين)، فلما قالها: انفرجت فرجة من الخصوم، فرآه عثمان فقال: أرى وجه رجل قد افتريت عليه كذبة خلوا سبيله، وأنا كاتب إلى أمير المؤمنين بعذره ، فإن الشاهد يرى ما لا يراه الغائب. وقيل: إن والي المدينة كان يومئذ هشام بن إسماعيل.
وروى أبو الفرج في الأغاني بسنده عن المدائني قال: عاتب عبد الملك بن مروان الحسن بن الحسن عليهما السلام على شيء بلغه من دعاء أهل العراق إياه إلى الخروج معهم على عبد الملك فجعل يعتذر إليه ويحلف له: فقال له خالد بن يزيد بن معاوية: يا أمير المؤمنين إلا تقبل عذر ابن عمك وتزيل عن قلبك ما قد أشربته إياه أما سمعت قول أبي الطمحان القيني:
وقال ابن عساكر: غضب عبد الملك بن مروان على آل علي وآل الزبير فكتب إلى عامله بالمدية هشام بن إسماعيل ابن الوليد أن أقم آل علي يشتمون عليا وآل الزبير يشمون عبد الله بن الزبير فأبى آل علي وآل الزبير وكتبوا وصاياهم فركبت أخت لهشام إليه وكانت عاقلة فقالت يا هشام أتراك الذي يهلك عشيرته على يده راجع أمير المؤمنين قال ما أنا بفاعل قالت فإن كان ولا بد فمر آل علي يشتمون آل الزبير وآل الزبير يشتمون آل علي فقال هذه أفعلها واستبشر الناس بذلك وكانت أهون عليهم وكان أول من أقيم إلى جانب المنبر الحسن بن الحسن وكان رجلا رقيق البشرة عليه يومئذ قميص كان رقيق فقال له هشام: تكلم فسب آل الزبير فقال: أن لآل الزبير رحما يا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار. فقال هشام لحرسي عنده أضربه فضربه سوطا واحدا فقام أبو هشام عبد الله بن محمد بن علي فقال أنا دونه أكفيك أيها الأمير فقال في آل الزبير وشتمهم ولم يحضر علي بن الحسين ولا عامر بن عبد الله بن الزير فهم هشام أن يرسل إليه فقيل له أنه لا يفعل أفتقتله فأمسك عنه وحضر من آل الزبير كفاءه وكان عامر يقول أن الله لم يرفع شيئا فاستطاع الناس خفضه أنظروا إلى ما يمنع بنو أمية يخفضوه عليا ويغرون بشتمه وما يزيده الله بذلك إلا رفعة.
وفي عمدة الطالب وتاريخ ابن عساكر وإرشاد المفيد وبينها بعض التفاوت بالزيادة والنقيصة واختلاف العبارة وأتمها لفظا عبارة العمدة ونحن نجمع بين ما فيها قالوا عن الزبير بن بكار أنه روى أن الحسن بن الحسن كان يتولى صدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في عصره ونازعه فيها زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام ثم سلمها إليه فلما كان زمن الحجاح سأله عمه عمر ابن علي أن يشركه فيها فأبى فاستشفع عمر بالحجاج فبينما الحسن يساير الحجاج ذات يوم في موكبه في المدينة والحجاج يومئذ أميرها قال الحجاج يا أبا محمد إن عمر ابن علي عمك وبقية أهلك فأشركه معك في صدقات أبيه فقال له الحسن والله لا أغير ما شرط علي فيها ولا أدخل فيها من لم يدخله وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد شرط أن يتولى صدقاته ولده من فاطمة دون غيرهم من أولاده (وعمر هذا الملقب بالأطرف أمه الصهباء بنت ربيعة التغلبية) فقال له الحجاج إذا أدخله معك فنكص عنه الحسن حين غفل وذهب من فوره إلى الشام فمكث بباب عبد الملك بن مروان شهرا لا يؤذن له فمر به يحيى بن الحكم وأمه أم الحكم وهي أم مروان وأبوها ثقفي فلما رآه عدل إليه فسلم عليه وسأله عن مقدمه وخبره وتحفي به ثم قال إني سأنفعك عنده وأستأذن لك عليه وأرفعك عنده وكان يحيى قد خرج من عند عبد الملك فكر راجعا فلما رآه عبد الملك قال يا يحيى لم رجعت؟ فقال لأمر لم يسعني تأخيره دون أن أخبر به أمير المؤمنين قال وما هو؟ قال هذا الحسن بن الحسن بن علي بالباب له مدة شهر لا يؤذن له وإن له ولأبيه ولجده شيعة يرون أن يموتوا عن آخرهم ولا ينال أحدا منهم ضر ولا أذى. فأمر عبد الملك بإدخاله فدخل فرحب به عبد الملك وأعظمه وأكرمه وأجلسه معه على سريره وأحسن مساءلته.
وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب فقال له عبد الملك لقد أسرع إليك الشيب يا أبا محمد ويحيى بن الحكم في المجلس فقال له يحيى وما يمنعه من ذلك يا أمير المؤمنين شيبته أماني أهل العراق يرد عليه الوفد يمنونه الخلافة، فغضب الحسن من هذا الكلام وأقبل على يحيى وقال له بئس الرفد رفدت ليس كما زعمت ولكنا قوم يسرع إلينا الشيب (ظنا منه أن يحيى قد غشه والواقع أنه قد نصحه)، وعبد الملك يسمع فالتفت إليه عبد الملك فقال له هلم ما قدمت له، فذعر له حكاية عمه عمر وأن الحجاج يريد أن يدخله معه في صدقات جده، فقال عبد الملك ليس له ذلك، وكتب إلى الحجاج كتابا أن لا يعارض الحسن ابن الحسن في صدقات جده ولا يدخل معه من لم يدخله علي وكتب في آخر الكتاب بهذه الأبيات:
وختم الكتاب وسلمه إليه وأمر له بجائزة وصرف مكرما. فلما خرج من عند عبد الملك لحقه يحيى ابن أم الحكم فعاتبه الحسن على سوء محضره فقال له الحسن بئس والله الرفد رفدت ما هذا الذي وعدتني ما زدت على أن أغريته بي، فقال له يحيى أيها عنك والله ما عدوتك نصيحة ولا ألومك رفدا ولا يزال يهابك بعدها أبدا ولولا هيبته إياك ما قضى لك حاجة. وعمر الأطرف هذا كان قد تخلف عن أخيه الحسين ولم يسر معه إلى الكوفة وكان قد دعاه إلى الخروج معه فلم يخرج ويقال أنه لما بلغه قتل أخيه الحسين خرج في معصفرات له وجلس بفناء داره وقال أنا الغلام الحازم ولو أخرج معهم لقتلت وكان أول من بايع عبد الله ابن الزبير ثم بايع بعده الحجاج ذكر ذلك كله صاحب عمدة الطالب. ومن كانت هذه سجيته فلا غرو أن يروم نقض شرط أبيه أمير المؤمنين وإدخال نفسه في وقفه ظلما وعدوانا ويستعين على ذلك بالحجاج ولا عجب إذا ساعده الحجاج على ذلك ورام إدخاله قهرا حتى منعه عبد الملك بتدبير يحيى بن الحكم. ويحيى هذا مع أنه أخو مروان وابن أم الحكم فقد كان له مواقف حسنة، منها هذا الموقف الذي نفع فيه الحسن وسعى في قضاء حاجته وهذه الحكاية تدل على خبرة ليحيى وحنكة وعقل. ومن مواقفه المحمودة أنه لما ولي أخوه مروان الخلافة وكان يلقب خيط باطل أنشد يحيي:
(ومنها) أنه سأل أهل الكوفة الذين جاؤوا بالسبايا والرؤوس ما صنعتم وخبروه فقال حجبتم عن محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لن أجامعكم على أمر أبدا (ومنها) أنه لما أدخل السبايا والرؤوس على يزيد كان عنده يحيى هذا فقال:
فضرب يزيد في صدره وقال أسكت وفي رواية أنه أسر إليه وقال سبحان الله في هذا الموقع ما يسعك السكوت.
وفي الأغاني: نسخت من كتاب ابن حبيب قال ابن الأعرابي: اصطحب العجير وشاعر من خزاعة إلى المدينة فقصد الخزاعي الحسن بن الحسن بن علي عليهم السلام وقصد العجير رجلا من بني عامر بن صعصعة كان قد قال سلطانا وأعطى الحسن بن الحسن الخزاعي وكساه ولم يعط العامري العجير شيئا فقال العجير:
فبلغت أبياته الحسن فبعث إليه بصلة إلى محلة قومه وقال له قد أتاك حظك وأن لم تتصد له. وفي الأغاني أيضا قال عبد الله بن محمد الجعفري كان ابن هرمة كما حدثني أبي يشرب هو وأصحاب له بشرف السيالة عند سمرة بالشرف يقال لها سمرة جرانة فنفد شرابهم فكتب إلى حسن ابن حسن بن علي يطلب نبيذا وكتب إليه بهذين البيتين:
فلما قرأ الحسن رقعته قال: أنا علي عهد الله إن لم أخبر به عامل السيالة، أمني يطلب الدعي الفاعل نبيذا؟ وكتب إلى عامل السيالة أن يجيء إليه فجاء لوقته فقال له إن ابن هرمة وأصحابه السفهاء يشربون عند سمرة جرانة فأخرج فخذهم فخرج إليه العامل بأهل السيالة وأنذر بهم ابن هرمة فسبقهم هربا وتعلق هو وأصحابه بالجبل ففاتوهم وقال في حسن:
ومر هذا الخبر في ترجمة إبراهيم في الجزء الخامس باختصار وفي الأغاني بسنده أنه جاء عبد الله بن عمر بن عبد الله العقيلي إلى سويقة وهو طرير بني العباس بعقب أيام بني أمية وابتداء خروج ملكهم إلى بني العباس فقصده عبد الله والحسن ابنا الحسن فاستنشده عبد الله شيئا من شعره فأنشده فقال له أريد أن تنشدني شيئا مما رثيت به قومك فأنشده أبياتا من جملتها:
فبكى محمد بن عبد الله بن حسن فقال له عمه الحسن ابن حسن بن علي عليهما السلام أتبكي على بني أمية وأنت تريد ببني العباس ما تريد فقال والله يا عم لقد كان نقمنا على بني أمية ما نقمنا فما أبو العباس إلا أقل خوفا لله منهم وإن الحجة على بني العباس لأوجب منها عليهم ولقد كانت للقوم مكارم وفواضل ليس لأبي جعفر فوثب حسن وقال أعوذ بالله من شرك وبعث إلى أبي عدي بخمسين دينارا وأمر له عبد الله بن حسن بمثلها وأمر له كل واحد من محمد وإبراهيم ابنيه بخمسين خمسين وبعثت إليه أمهما هند بخمسين دينارا وكانت منفعته بها كثيرة فقال أبو عدي في ذلك:
فقالت هند لعبد الله وابنيها منه أقسمت عليكم إلا اعطيتموه خمسين دينارا أخرى فقد أشركني معكم في المدح فأعطوه خمسين دينارا أخرى عن هند.
وأورد ابن عساكر في تاريخه أخبارا له غير ما مر تتضمن أقوالا له موجهة إلى شيعة جده الذين سماهم صاحب الكتاب بالرافضة على العادة الشنيعة لا نشك في أنها مكذوبة عليه ساق إلى وضعها الهوى والغرض مثل نسبتهم إلى الغلو وعيبهم بالتقية ونسبة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنهما ماتا على الكفر وروى هذا الخبر عن ابن حجر في تهذيب التهذيب، ومثل إنكار النص على أمير المؤمنين عليه السلام وإنكار دلالة من كنت مولاه فعلي مولاه على ذلك وأن عليا عليه السلام لو كان منصوبا للخلافة لكان أول من ترك أمر الله وأمر رسوله مع أن هارون عليه السلام يقول: أن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني وموسى عليه السلام يقول: ففررت منكم لما خفتكم ولوط عليه السلام يقول: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ومحمد صلى الله عليه وسلم يعبد ربه سرا بمكة سنين خوفا من قومه ثم يهرب منهم ليلا إلى المدينة. إلى غير ذلك مما علم مخالفته للواقع ولسيرة أهل البيت وطريقتهم فلذلك أعرضنا عن نقله وأشرنا إليه إجمالا. وروى ابن سعد في الطبقات أكثر هذا الذي رواه ابن عساكر. وروى صاحب الأغاني مزاحا له مع أشعب يجده من أراده.
ما روي من طريقه
قال ابن عساكر: روى عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ’’من عال بيت من المسلمين يومهم وليلتهم غفر الله ذنوبه’’ وبسنده عنه عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ’’حيثما كنتم فصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني’’. وبسنده عن أبيه الحسن أنه رأى رجلا وقف على البيت الذي فيه قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويصلي عليه فقال حسن للرجل لا تفعل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ’’لا تتخذوا بيتي عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني’’. وعن السيوطي في الجامع الكبير أنه فسر لا تجعلوا بيوتكم قبورا لا تجعلوها لكم كالقبور فلا تصلوا فيها أن العبد إذا مات وصار في قبره فلا يصلي. وعن محمد بن عبد الهادي المقدس يشير بقوله فإن صلاتكم تبلغني إلى أن ما يبلغني منكم من الصلاة والسلام يحصل من قربكم من قبري وبعدكم منه فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدا كما قال ولا تجعلوا قبري عيدا اه (أقول) ثبت عندنا متواترا عن أئمة أهل البيت أصحاب الصلاة والدعاة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم وعند قبور أئمة أهل البيت عليهم السلام فلا يلفت إلى مثل هذا وقال ابن عساكر روى الحسن هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث مرسلة اه.
(من روى عنهم)
قال ابن عساكر: روى عن أبيه وعن فاطمة بنت الحسين وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب. وفي تهذيب التهذيب:
روى عن أبيه وعبد الله بن جعفر وغيرهما.
(الذين رووا عنه)
قال ابن عساكر روى عنه ابنه عبد الله وابن عمه الحسن ابن محمد بن الحنفية وغيرهم وفي تهذيب التهذيب عنه أولاده إبراهيم وعبد الله والحسن وابن عمه الحسن ابن محمد بن علي وحنان بن سدير الكوفي وسعيد ابن أبي سعيد مولى المهري وعبد الله بن حفص بن عمر بن سعد والوليد ابن كثير وغيرهم.
أولاده
في طبقات ابن سعد ولد حسن بن حسن
ا. محمدا أمه رملة بنت سعيد بن زيد.
2 - وعبد الله بن حسن مات في سجن المنصور بالكوفة.
3 - وحسن بن حسن بن حسن مات في سجن المنصور.
4- وإبراهيم بن حسن مات في السجن أيضا مع أخيه.
5- وزينب بنت حسن تزوجها الوليد بن عبد الملك ابن مروان ثم فارقها.
6- وأم كلثوم بنت الحسن وأمهم فاطمة بنت الحسين ابن علي.
7- وجعفر بن حسن.
8- وداود.
9- وفاطمة أم القاسم وهي قسيمته.
10- ومليكة وأمهم أم ولد تدعى حبيبة فارسية.
11- وأم كلثوم بنت حسن لأم ولد اه. وفي عمدة الطالب أعقب الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب من خمسة رجال عبد الله المحض وإبراهيم الغمر والحسن المثلث وأمهم فاطمة بنت الحسين بن علي ومن داود وجعفر وأمهما أم ولد رومية تدعى حبيبة اه.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 5- ص: 43