أبو عبد الله الحسين بن أبي العلاء سعيد بن حمدان ابن حمدون التغلبي العدوي أخو أبي فراس الحمداني
توفي يوم الاثنين 16 جمادي الآخرة سنة 338 بالموصل ودفن بالمسجد الذي بناه بالدير الأعلى قاله ابن خلكان.
هو من أمراء آل حمدان ومن مشاهيرهم وعظماء شجعانهم قال ابن خلكان في ذيل ترجمة سيف الدولة كان الحسين بن سعيد شجاعا موصوفا وفيه يقول ابن المنجم:
وإذا رأوه مقبلا قالوا إلا | ان المنايا تحت راية ذاكا |
ما زلت تهذي بأبي عبد الله | حتى أتاك فأزاح العلة |
وعمي الذي افنى الشراة بوقعة | شهيدان فيها الزابيان وخازر |
أصيب وراء السن صالح وابنه | ومنهن نوء بالبوازيج ماطر |
كفاه أخي والخيل فوضى كأنها | وقد عضت الحرب النعام النوافر |
غداة وأحزاب الشراة بمنزل | يعاشر فيه المرء من لا يعاشر |
وكان أخي ان يرم أمرا بنفسه | فلا الخوف موجود ولا العجز ظاهر |
وكان أخي ان يسع ساع بمجده | فلا الموت محذور ولا السم ضائر |
فان جد أو كف الأمور بعزمه | تقل هو موتور الحشا وهو واتر |
أزال العدى عن أردبيل بوقعة | صريعان فيها عادل ومساور |
وجاز أقاصي آذربيجان بالقنا | وأدي إليه المرزبان مسافر |
وناهض منه الرقتين مشيع | بعيد المدى عبل الذراعين قاهر |
فلما استقرت بالجزيرة خيله | تضعضع باد بالشام وحاضر |
مملكنا للبيض بيض سيوفنا | سبايا ومنها وهن للمولك مهائر |
حسب الحسين بان الله عن قدر | على يديه أعز الدين والعربا |
أقام دولة ملك كان جانبها | قد كاد يعطب يوم العدل أو عطبا |
قد كاد يفلت في يوم الوغى هربا | من حد سيفك لو لم تحسن الطلبا |
فإن سما سيفها يوما وناصرها | فأنت تاج لها إن أحسنوا اللقبا |
له يوم عدل موقف من مواقف | رددن إلينا العز والعز نافر |
غداة يصيب الجيش من كل جانب | بصير بضرب الخيل بالخيل ماهر |
بكل حسام بين حديه شعلة | بكف غلام حشو درعيه خادر |
على كل طيار الظلوع كأنه | إذا انقض من علياء فتخاء كاسر |
إذا ذكرت يوما غطاريف وائل | فنحن أعاليها ونحن الجماهر. وقال ابن الأثير في حوادث سنة 326 فيها تغلب لشكري بن مردي على آذربيجان وأخذها من ديسم بن إبراهيم الكردي إلا أردبيل وهي دار المملكة بآذربيجان ثم إن ديسم حارب لشكري وهزمه ثم إن لشكري سار إلى أرمينية فكمنوا له كمينا فقتلوه فولى أصحابه عليهم ابنه لشكرستان فعزموا بلاد طرم الأرمني فبلغه ذلك فمنعهم وقتل منهم كثيرا وسلم لشكرستان فصار فيمن معه إلى ناصر الدولة بالموصل فأقام بعضهم عنده بالموصل فسيرهم مع ابن عمه أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان إلى ما بيده من آذربيجان لما اقبل نحوه ديسم ليستولي عليه وكان أبو عبد الله من قبل ابن عمه ناصر الدولة على معاون أذربيجان فقصده ديسم وقاتله فلم يكن لابن حمدان به طاقة ففارق أذربيجان واستولى عليها ديسم وذكر ابن الأثير في حوادث سنة 330 أن المتقي خلع على أبي محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان ولقبه ناصر الدولة وجعله أمير الأمراء وخلع على أخيه علي وعلى أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان ثم قال إن المتقي في ذي القعدة من هذه السنة خلع على ناصر الدولة وأخيه وطوقا وسورا بطوقين طوقين وأربعة أسورة ذهبا وعلى أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان وطوق بطوق واحد وسوارين ذهبا اه. وقال ابن الأثير في حوادث سنة 331 في هذه السنة ظفر أبو عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان بعدل حاجب بجكم وسلمه وسيره إلى بغداد قال وسبب ذلك أن عدلا صار بعد قتل بجكم مع ابن رائق فلما قتل ناصر الدولة ابن رائق صار عدل في جملة ناصر الدولة فسيره ناصر الدولة مع علي بن خلف بن طياب إلى ديار مضر والشام الذي كان بيد ابن رائق وكان بالرحبة من جهة ابن رائق رجل يقال له مسافر بن الحسن فلما قتل ابن رائق استولى مسافر على الناحية فأرسل إليه ابن طياب عدلا في جيش ففارقها مسافر من غير قتال وملك عدل البلد وكاتب من ببغداد من البجكمية فقصدوه مستخفين فقوي بهم ثم إن مسافرا جمع جمعا وقصد قرقيسيا فاخرج منها أصحاب عدل وملكها فسار إليها عدل واستتر عنها مسافر وقصدت العساكر عدلا من بغداد فوصلها في العشرين من شعبان فشهر هو وابنه فيها اه. وقال في حوادث سنة 332 إن ابن شيرزاد وصل إلى بغداد في ثلاثمائة غلام جريدة فازداد خوف المتقي وكان المتقي قد أنفذ إلى الموصل يطلب من ناصر الدولة إنفاذ جيش إليه ليصحبوه إلى الموصل فأنفذهم مع ابن عمه المترجم فلما وصلوا إلى بغداد استتر ابن شيرزاد وخرج المتقي إليهم في حرمه وأهله ووزيره وأعيان بغداد وسافر معهم إلى الموصل وقال في حوادث هذه السنة أيضا إن المرزبان لما كان يحاصر الروسية في حصن شهرستان أتاه الخبر بأن أبا عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان قد سار إلى آذربيجان وأنه واصل إلى سلماس وكان ابن عمه ناصر الدولة قد سيره ليستولي على آذربيجان فلما بلغ الخبر إلى المرزبان ترك على الروسية من يحاصرهم وسار إلى ابن حمدان فاقتتلوا ثم نزل الثلج فتفرق أصحاب ابن حمدان لأن أكثرهم أعراب ثم أتاه كتاب ناصر الدولة يخبره بموت تورون وأنه يريد الانحدار إلى بغداد ويأمره بالعود إليه فرجع وقال في حوادث هذه السنة أيضا فيها في ربيع الأول استعمل ناصر الدولة محمد بن علي بن مقاتل على طريق الفرات وديار مضر وجند قنسرين والعواصم وحمص ثم استعمل بعده في رجب من السنة ابن عمه أبا عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان على ذلك فلما وصل إلى الرقة منعه أهلها فقاتلهم فظفر بهم واحرق من البلد قطعة وأخذ رؤساء أهلها وسار إلى حلب وفي مروج الذهب سار المتقي إلى نصيبين ورجع عنها إلى الرقة لأيام بقين من شهر رمضان سنة 332 وكاتب الأخشيد محمد بن طغج فسار إلى الرقة وحمل إليه مالا كثيرا ثم لم يعبر الأخشيد إلى الرقة ولا إلى شيء من الجزيرة وديار مضر وأبو الحسن علي ابن عبد الله بن حمدان مقيم بحران طول مقام المتقي بالرقة وقد كان أبو عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان سار عن حلب وبلاد حمص عند مسير الأخشيد إلى بلاد قنسرين والعواصم فانفض جمعه وتفرق جنده عنه وانضافوا إلى أبي الحسن علي بن عبد الله اه. وقال المسعودي أيضا أن الحرب لما طالت بين أبي محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان وكان في الجانب الشرقي ومعه الأتراك وابن عمه الحسين بن سعيد بن حمدان وبين أحمد بن بويه الديلمي في الجانب الغربي والمستكفي معهم اتهم الديلمي المستكفي بمسالمة بني حمدان إلى آخر ما ذكره. وقال ابن الأثير في حوادث سنة 333 كان المتقي قد كتب إلى الأخشيد محمد بن طغج متولي مصر يشكو حاله ويستقدمه إليه فاتاه من مصر فلما وصل إلى حلب سار عنها أبو عبد الله الحسين بن سعيد ابن حمدان اه. ويعلم مما مر أن المترجم كان شجاعا حازما قوي السياسة ولذلك كان ابن عمه ناصر الدولة يعده لمهام الأمور ويوليه جلائل الأعمال. |
سهادي فيك أعذب من رقادي | وغبي فيك أحسن من رشادي |
وإن حل الفراق عقود دمعي | وبينت النوى ما في فادي |
فما زالت غوادي الدمع تبدي | خفي الوجد للظعن الغوادي |
وكم للبين من شوق طريف | أضفناه إلى شوق تلاد |
ويوم لو ملكت قياد صبري | به ألفيتني صعب القياد |
نصرت على الهوى بالدمع فيه | كما نصر الأمير على الأعادي |
سديد الرأي والرمح استقامت | طرائقه على طرق السداد |
تفرع من عدي بين ماضي | غرار العزم أو واري زناد |
فلاح سناه في زمن بهيم | وذاب نداه في سنة جماد |
رميت ذوي العناد وقد تمادوا | سفاها في العداوة والعناد |
بجيش للمنايا فيه جيش | شديد البأس في النوب |
الشداد إذا ماج الحديد ضحى عليه | حسبت البر بحرا ذا اطراد |
فألبست الخلافة ثوب عز | غداة لبست قسطلة الجياد |
وأنت مظفر في يوم سعد | محا إشراقه ظلم البلاد |
رأيت الليث في غاب العوالي | به والشمس في ظل الأيادي |
بقيت لنشر عارفة رفات | تعم ودفع نائبة ناد |
فكم حلت بساحتك الأماني | فلم يقنع نوالك باقتصاد |
خلال كلها روض أريض | قريب العهد من صوب العهاد |
يفوز بها كريم عن كريم | ويحويها جواد عن جواد |
زففت إليه من مدحي عروسا | معرسة الهوى في كل ناد سواد |
في بياض لاح حتى | حسبناه بياضا في سواد |
وإن بدأت مواهبه وعادت | فمدحي عائد فيه وباد باد |
آثار جودك في الخطوب تؤثر | وجميل بشرك بالنجاح يبشر |
كان ابتداؤك شيمة عدوية | تنبي عن الكرم التليد وتخبر |
وصنيعة سمع الملوك بفضلها | والجود يسمع والصنائع تشهر |
فعلام كف المنع منك أناملي | وسماء كفك بالمواهب تمطر |
لي من نوالك كل شهر عادة | مضت الليالي دونها والأشهر |
فابسط بها باعا يطول إلى الندى | فيضيق باع الخطب فيه ويقصر |
إن كان لي أمل سواك أعده | فكفرت أنعمك التي لا تكفر |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 29