حجر بن عدي حجر بن عدى بن جبلة الكندي، ويسمى حجر الخير: صحابى شجاع، من المقدمين. وفد على رسول الله (ص) وشهد القادسية. ثم كان من أصحاب علي وشهد معه وقعتى الجمل وصفين. وسكن الكوفة إلى أن قدم زياد بن أبى سفيان واليا عليها فدعا به زياد، فجاءه، فحذره زياد من الخروج على بني أمية، فما لبث أن عرفت عنه الدعوة إلى مناوأتهم والاشتغال في السر بالقيام عليهم، فجئ به إلى دمشق فأمر معاوية بقتله فقتل في مرج عذراء (من قرى دمشق) مع أصحاب له. وخبره طويل

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 169

حجر بن الأدبر هو حجر بن عدي الكندي قتيل مرج عذري الآتي.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 4- ص: 568

حجر الخير هو حجر بن عدي الكندي قتيل مرج عذري الآتي، سمي حجر الخير في مقابلة ابن عمه حجر بن يزيد المسمى حجر الشر الذي كان مع معاوية يوم صفين.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 4- ص: 568

حجر بن عدي الملقب بالأدبر بن معاوية

ابن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كنده الكندي الكوفي أبو عبد الرحمن المعروف بحجر الخير وبحجر بن الأدبر

هكذا نسبه في أسد الغابة وغيره وفي طبقات ابن سعد وذيل المذيل: حجر بن عدي بن جبلة، ولم يذكر معاوية. وفي الطبقات أيضا ابن كندي بدل ابن كندة.

قتل في ولاء علي ع بمرج عذرى أو عذراء في شعبان سنة 51 كما في الاستيعاب واحدى روايتي المستدرك وتاريخ دمشق: أو 53 كما في مروج الذهب ورواية المستدرك وتاريخ دمشق الثانية، وقيل سنة 50 حكاه في مروج الذهب. ودفن بقرية عذرى التي ينسب المرج إليها من قرى دمشق على أميال منها إلى جهة الشرق، وقبره بها معروف، وتأتي صفته في آخر الترجمة. وفي الاستيعاب الموضع الذي قتل فيه حجر وأصحابه يعرف بمرج عذراء.

(وحجر) بضم الحاء وسكون الجيم، وعن ابن ماكولا: ويجوز ضمها، والأدبر لقب أبيه عدي ولقب به أما لأنه طعن على أليته موليا كما في أسد الغابة. وفي الطبقات: وذيل المذيل أبوه عدي الأدبر طعن موليا فسمى الأدبر. أو لأنه ضرب بالسيف على أليته كما في الاستيعاب. وفي تاريخ دمشق لابن عساكر: سمي أبوه الأدبر لأنه طعن رجلا وهو هارب مولي فسمي بالأدبر. هكذا في النسخة المطبوعة، وهي كثيرة الغلط، ولعل الصواب، لأنه طعنه رجل وهو هارب والله أعلم. وحينئذ فما في الاستيعاب والنبذة المختارة للمرزباني من أنه حجر بن عدي بن الأدبر أما سهو أو يراد أنه يقال له ابن عدي وابن الأدبر. وكذا قول الاستيعاب أنه هو حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن الأدبر يراد به أنه يقال له ابن الأدبر. وفي تاج العروس: قال أبو عمرو الأدبر بن عدي وقد وهم. (والأكرمين) كأنه مضاف إليه أو صفة لما قبله. (وعذرى) بالقصر كما يجري على ألسن الناس، ورسمت كذلك في مواضع من طبقات ابن سعد وغيره. وفي بعض الكتب: عذرا بالألف بدون مد. وفي مواضع آخر من طبقات ابن سعد رسمت عذراء بالمد، وكذلك في المد في معجم البلدان وغيره، ووقعت بالمد أيضا في شعر عبد الله بن خليفة الطائي الذي رثى به حجرا ويأتي. في معجم البلدان: عذراء بالفتح والسكون والمد قرية بغوطة دمشق من إقليم خولان معروفة، واليها ينسب مرج عذراء، وإذا انحدرت من ثنية العقاب وأشرفت على الغوطة فتأملت على يسارك أول قرية تلي الجبل، وبها منارة، وبها قتل حجر بن عدي الكندي، وبها قبره، وقيل أنه هو الذي فتحها، وبالقرب منها راهط الذي كانت فيه الوقعة بين الزبيرية والمروانية. ويأتي عن الطبري أنها على اثني عشر ميلا من دمشق. وعن روضة الصفا أنها على أربعة فراسخ منها، والأربعة الفراسخ تبلغ اثني عشر ميلا، فإن كل فرسخ ثلاثة أميال. وما في مجالس المؤمنين من أنها على فرسخين من دمشق اشتباه.

صفته

أسند الأغاني عن الجاحظ: كان الجمال بالكوفة ينتهي إلى أربعة نفر: المغيرة بن شعبة، وجرير بن عبد الله، والأشعث بن قيس، وحجر بن عدي وكلهم كان أعور. أقوال العلماء فيه

قال الشيخ في رجاله في أصحاب علي عليه السلام حجر بن عدي الكندي كان من الأبدال. وفي القاموس: رجل بدل الكسر ويحرك شريف كريم والجمع أبدال. وذكر الشيخ في رجاله في أصحاب الحسن عليه السلام حجر بن عدي. وأما الذي ذكره في أصحاب الصادق عليه السلام بقوله: حجر بن عدي الكوفي الكندي فهو أما غيره أو ذكره سهو منه كما يأتي بعد هذه الترجمة. وقال الكشي في رجاله، قال الفضل بن شاذان: ومن التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم: جندب بن زهير قاتل الساحر وعبد الله بن بديل وحجر بن عدي الخ. وجعله من التابعين سهو كما ستعرف. وقال الكشي في رجاله أيضا:(حجر بن عدي الكندي). يعقوب: حدثنا ابن عيينة حدثنا طاوس عن أبيه أنبأنا حجر بن عدي قال: قال لي علي عليه السلام: كيف تصنع أنت إذا ضربت وأمرت بلعني؟ قلت: كيف اصنع؟ قال: العني ولا تتبرأ مني فإني على دين الله. قال ولقد ضربه محمد بن يوسف وأمره إن يلعن عليا عليه السلام وإقامه على باب مسجد صنعاء، فقال: إن الأمير أمرني إن ألعن عليا فالعنوه: لعنه الله. فرأيت مجوازا من الناس إلا رجلا وأحدا فهمها وسلم (مجوازا) أي جازت عليهم (وسلم) راجع إلى حجر أي قالها وروى وسلم. وفي الدرجات الرفيعة: عندي في هذا الخبر نظر فان محمد بن يوسف إنما ولي اليمن في زمن عبد الملك بن مروان وهو أخو الحجاج بن يوسف استعمله أخوه الحجاج على صنعاء اليمن وحجر بن عدي قتله معاوية بن أبي سفيان، فكيف يصح إن يكون محمد بن يوسف ضرب حجرا ليلعن أمير المؤمنين عليه السلام وليس في عمال معاوية على اليمن من اسمه محمد بن يوسف كما تنطق به التواريخ فان معاوية لما استقبال خلافة استعمل على اليمن عثمان الثقفي فأقام به مدة، ثم عزله بأخيه عتبة بن أبي سفيان، فأقام سنتين ثم لحق بأخيه معاوية، واستخلف على اليمن فيروزا الديلمي فأقام ثمان سنين، ثم عاد إليها عتبة بن أبي سفيان فلما توفي عتبة استعمل معاوية مكانه النعمان بن بشير الأنصاري فأقام باليمن سنة ثم عزله ببشر بن سعيد الأعرج - فيما قاله الجندي - وقيل استعمل سعيد بن دادويه الفارسي فأقام تسعة أشهر ثم مات، فاستعمل معاوية على اليمن الضحاك بن فيروز الديلمي، فلم يزل على اليمن حتى هلك معاوية في رجب سنة 60 للهجرة. هؤلاء جميع عمال معاوية على اليمن وليس فيهم مسمى بمحمد بن يوسف والله أعلم. ويوشك إن تكون هذه الواقعة مع المغيرة بن شعبة، فقد قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: أمر المغيرة بن - شعبة وهو يومئذ أمير الكوفة من قبل معاوية - حجر بن عدي إن يقوم في الناس فيلعن عليا، فأبى ذلك فتوعده، فقام فقال: أيها الناس! إن أميركم أمرني إن ألعن عليا، فالعنوه، فقال أهل الكوفة: لعنه الله، وعاد الضمير إلى المغيرة بالنية والقصد. (وسيأتي لحجر المدري قصة مع أحد عمال بني أمية يوشك إن يكون حصل اشتباه بها (وذكر الكشي في رجاله في ترجمة عمرو بن الحمق، والطبرسي في الاحتجاج فيما كتبه الحسين عليه السلام إلى معاوية جوابا: وأما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني فإنما رقاه إليك الملاقون المشاؤون بالنميم وما أريد لك حربا ولا عليك خلافا وأيم الله إني لخائف الله في ترك ذلك، وما أظن الله راضيا بترك ذلك، ولا عاذرا بدون الأعذار إليه فيك وفي أوليائك القاسطين الملحدين حزب الظلمة وأولياء الشياطين ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة وأصحابه الصالحين المصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون المنكر والبدع ولا يخافون في الله لومة لائم، ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعدما كنت أعطيتهم الإيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولا باحنة تجدها في نفسك عليهم الحديث.

وفي مرآة الجنان في حوادث سنة 51: فيها قتل حجر بن عدي الكندي وأصحابه يقال بأمر معاوية، وله صحبة ووفادة وجهاد وعبادة‍. ولا أعجب من قوله: يقال الدال على نوع من الشك، فهذه الواقعة لم يبق مؤرخ ولا أحد ينسب إلى علم وتصنيف إلا ذكرها والشك فيها كالشك في وجود حجر ومعاوية والكوفة ودمشق ومرج عذرا. وفي الاستيعاب كان حجر من فضلاء الصحابة وصغر سنه عن كبارهم وكان على كندة يوم صفين، وكان على الميسرة يوم النهروان. وقال أحمد قلت ليحيى بن سليمان: أبلغك إن حجرا كان مستجاب الدعوة. قال: نعم وكان من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفي أسد الغابة: هو المعروف بحجر الخير وهو ابن الأدبر وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو وأخوه هانئ وشهد القادسية، وكان من فضلاء الصحابة، وكان على كندة بصفين وعلى الميسرة يوم النهروان، وشهد الجمل أيضا مع علي وكان من أعيان أصحابه وكان في 250 من العطاء، وكان قتله سنة 51 وقبره مشهور بعذراء، وكان مجاب الدعوة. وفي طبقات ابن سعد الكبير: كان حجر بن عدي جاهليا إسلاميا وذكر بعض رواة العلم أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أخيه هانئ بن عدي، وشهد حجر القادسية، وهو الذي افتتح عذرى، وكان في 2500 من العطاء، وكان من أصحاب علي بن أبي طالب، وشهد معه الجمل وصفين، وكان ثقة معروفا، ولم يرو عن غير علي شيئاوفي الإصابة: حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي المعروف ابن حجر الأدبر حجر الخير ذكر ابن سعد ومصعب الزبيري فيما رواه الحاكم عنه أنه وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وشهد القادسية، وانه شهد بعد ذلك الجمل وصفين، وصحب عليا فكان من شيعته، وقتل بمرج عذراء بأمر معاوية، وكان حجر هو الذي افتتحها فقدر إن قتل بها. وقد ذكر ابن الكلبي جميع ذلك. وذكره يعقوب بن سفيان في أمراء علي يوم صفين. وروى ابن السكن وغيره من طريق إبراهيم بن الأشتر عن أبيه أنه شهد هو وحجر بن الأدبر موت أبي ذر بالربذة. وقال الحاكم في المستدرك: ذكر مناقب حجر بن عدي وهو راهب أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذكر مقتله. ثم روى بسنده عن مصعب بن عبد الله الزبيري أنه قال: حجر بن عدي الكندي يكنى أبا عبد الرحمن، كان قد وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وشهد القادسية، وشهد الجمل وصفين مع علي، قتله معاوية بن أبي سفيان بمرج عذراء، وكان له ابنان عبد الله وعبد الرحمن قتلهما مصعب بن الزبير صبرا، وقتل حجر سنة 53. واسند الحاكم أيضا عن إبراهيم بن يعقوب قال: قد أدرك حجر بن عدي الجاهلية وأكل الدم فيها، ثم صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسمع منه، وشهد مع علي بن أبي طالب الجمل وصفين، وقتل في موالاة علي. وذكره المرزباني في النبذة المختارة من كتاب تلخيص أخبار شعراء الشيعة - كما في نسخة مخطوطة عندنا، وهذه النبذة هي التي كنا نظن أنها من كتاب معجم الشعراء للمرزباني، ثم تبين لنا أنها ليست منه، وأشرنا إليها في أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الكاتب، وأحمد بن خلاد الشروي، وإسماعيل بن محمد الحميري، وهم ثمانية وعشرون رجلا، وحجر بن عدي هو التاسع منهم - قال المرزباني: حجر بن عدي بن الأدبر الكندي. وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وشهد القادسية وهو الذي فتح مرج عذرا، وشهد مع علي عليه السلام الجمل وصفين، وهو من العباد الثقات المعروفين، روى النبي صلى الله عليه وآله وسلموفي تاريخ دمشق لابن عساكر: حجر بن عدي الأدبر بن معاوية بن جبلة بن عدي يتصل نسبه بكهلان بن سبأ. وحجر هذا هو الكندي من أهل الكوفة وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان مع الجيش الذي فتح الشام. وشهد صفين مع علي بن أبي طالب وقتل بعذرا من قرى دمشق ومسجد قبره بها معروف -ولا يزال معروفا إلى اليوم كما سنشرحه-. وقال ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة حجر الكندي قتله معاوية. وقال في الطبقة الرابعة: هو جاهلي إسلامي، وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وشهد القادسية والجمل مع علي، وكان له 250 من العطاء، وقتل مصعب بن الزبير ابنيه عبيد الله وعبد الرحمن صبرا، وكانا يتشيعان. وكان حجر ثقة معروفا، ولم يرو عن علي شيئا، كذا قال (والذي في الطبقات - كما مر - أنه لم يرو عن غير علي شيئا. فكان لفظة غير سقطت من الناسخ). قال: وقال البخاري في تاريخه: أنه سمع عليا وعمارا، وهو معدود في الكوفيين. وقال ابن ماكولا: أكثر أصحاب الحديث لا يصححون لحجر رواية، وكان مع علي حجران: حجر الخير وهو الكندي، وحجر الشر وهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة (والصواب إن حجر الشر كان مع معاوية وحجر الخير مع علي كما يأتي في أخباره بصفين). قال: وقال أبو معشر: كان حجر عابدا، وما أحدث إلا توضأ وما توضأ إلا صلى، وكان يلمس فراش أمه بيده فيتهم غليظ يده فينقلب على ظهره فإذا أمن إن يكون عليه شيء نامت أمه. وفي مروج الذهب: في سنة 53 قتل معاوية حجر بن عدي الكندي، وهو أول من قتل صبرا في الإسلام، وقيل إن قتله وأصحابه كان في سنة 50وفي ذيل المذيل: حجر بن عدي وهو حجر الخير، وكان حجر بن عدي جاهليا إسلاميا، وقد ذكر بعض رواة العلم أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أخيه هانئ بن عدي، وهو الذي افتتح مرج عذراء، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء، وكان من أصحاب علي عليه السلام، شهد معه الجمل وصفين.

مجمل أحواله المستفادة مما تقدم

هو من خيار الصحابة: رئيس قائد شجاع أبي النفس عابد زاهد مستجاب الدعوة عارف بالله تعالى مسلم لأمره مطيع له مجاهر بالحق مقاوم للظلم لا يبالي بالموت في سبيل ذلك باذل في سبيل الله كل ما يملك حتى نفسه التي هي عزيزة عليه فرضى ربه أعز منها عليه، خالص الولاء لأمير المؤمنين عليه السلام، بالغ في ذلك الغاية (أما كونه من خيار الصحابة) فقد شهد له بذلك كبار العلماء. (أما رياسته وشجاعته) الموجبة لاستحقاقه تولي قيادة الجيوش، فيدل عليها تولية أمير المؤمنين عليه السلام له الإمارة على الجيوش في حروب الجمل وصفين وغير ذلك، وظهرت شجاعته في لحوقه الضحاك بن قيس الجبار العنيد الشجاع المطرق، من العراق إلى غربي تدمر بعدة لا تزيد عن عدته حتى قتل من أصحابه تسعة عشر رجلا في عشية واحدة وفر هاربا ليلا وتحمل العار والشنار وعير بذلك (وأما إباء نفسه) فقد حمله على تمني الموت قبل الرغم والذل (وأما عبادته) فكفى فيها وصف الحاكم له في المستدرك بأنه راهب الصحابة وانه ما أحدث إلا توضأ وما توضأ إلا صلى فرضا أو نفلا (وأما زهده) في هذه الدنيا الفانية فلا أدل عليه من اختياره الآخرة عليها حتى استشهد في طلب الدار الآخرة. (وأما معرفته بالله تعالى) وتسليمه لأمره ووصوله في المعرفة والتسليم إلى درجة تقارب درجات الأنبياء والمرسلين فان أصحابه يطلبون منه، كما ستعرف، إن يدعو الله بخلاصه وخلاصهم فلا يزيد على قوله ثلاثا: (اللهم خر لنا).

(وأما تسليمه لأمر الله تعالى) فلا مقام أجل وأعظم من مقامه في تسليم نفسه للقتل واختياره ذلك على البراءة من علي بن أبي طالب، وهو لو فعل ذلك دفعا عن نفسه لكان معذورا لا أثم عليه، فقد رخص الله تعالى في إظهار كلمة الكفر وشتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (الا من أكره وقلبه مطمئن)، ولكن كان عدم البراءة والصبر على القتل أفضل وأعلى درجة، وكان حجر في ذلك قدوة لأصحابه الذين صبروا معه على القتل ولم يبرأوا، ولا مقام أعلى وارفع من طلبه تقديم قتل ابنه إن كان أمر بقتله خوفا من إن يرى هول السيف على عنق أبيه فيرجع عن ولاية علي بن أبي طالب، والبلاء للنفوس كالمحك للمعادن، ويأتي أنه لما قال الخثعمي يقتل نصفنا ويسلم النصف، قال سعيد بن نمران: اللهم اجعلني ممن ينجو وأنت عني راض، وقال العنزي: اللهم اجعلني ممن تكرم بهوأنهم، وكلاهما مصيب في قوله، إلا إن مقام العنزي أعلا وأما اطاعته الله تعالى فهي في أعلى درجات الإطاعة، فقد ثبت في مقام تزل فيه الأقدام وتذهب فيه العقول واختار القتل على البراءة ولا مقام أعلا من هذا في الإطاعة، وأين هذا من الصلاة والصيام والحج وايتاء الزكاة وبر الوالدين وغيرها من جميع الطاعات التي تهون عند تسليم النفس للقتل اختيارا للآخرة على الدنيا؟ وبره بأمه في عدم اكتفائه بوضع يده على فراشها خوفا إن يكون عليه شيء حتى يمسه بظهره لأن يديه خشنتان قد لا يحسان بما على الفراش، وان كان له مقام عال في الطاعة، لكن أين هو من الأعلا منه من تسليم النفس للقتل. (وأما مجاهرته بالحق ومقاومته الظلم ومجابهته الفراعنة في ذلك) فهو أيضا مقام تزل فيه الإقدام وتزيغ الأحلام، وقد ثبت فيه ثبوتا لا مزيد عليه غير هياب ولا وجل ورد عليهم في الملأ وعلى رؤوس الأشهاد، ولم يغره زخرف الدنيا الفانية، وقد بذل له زياد ما يجب إن كف عما هو فيه فلم يفعل. ومع ذلك فقد احتاط لنفسه في بعض المواضع ولجأ إلى المداراة فلم يخلع معاوية. وأعلن بأنه على بيعته. وإخلاصه الشديد في ولاء أمير المؤمنين البالغ أقصى الغايات قد ظهر مما مر.

هو صحابي لا تابعي

مر قول صاحبي الاستيعاب وأسد الغابة أنه كان من فضلاء الصحابة، وقول يحيى بن سليمان: كان من أفاضل الصحابة، وقول ابن سعد: كان جاهليا إسلاميا، وحكايته عن بعض رواة العلم وفوده على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقول صاحب أسد الغابة أنه وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحكاية صاحب الإصابة عن ابن سعد ومصعب الزبيري فيما رواه الحاكم عن مصعب بن عبد الله الزبيري إن حجر بن عدي كان وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ورواية الحاكم عن إبراهيم بن يعقوب إن حجرا أدرك الجاهلية ثم صحب رسول الله (وسمع منه. وقول المرزباني في النبذة المختارة أنه وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وروى عنه. وقول ابن عساكر أنه وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن المرزباني قول حجر: لقد أخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيومي هذا. ويأتي عند تعداد أسماء المقتولين بعذرا قول الشهيد الأول أنه صاحب راية النبي صلى الله عليه وآله وسلم. إلى غير ذلك مما هو نص في أنه صحابي. هذا ولكن بعض العلماء ذكر أنه تابعي، فقد مر عن الفضل بن شاذان عده من التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم. وفي الإصابة عن البخاري وابن أبي حاتم عن أبيه وخليفة بن خياط ابن حبان أنهم ذكروه في التابعين. قال: وكذا ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة فأما إن يكون ظنه آخر وأما إن ذهل. وفي تاريخ دمشق: قال ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة حجر الكندي وقال في الطبقة الرابعة: هو جاهلي إسلامي، وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (أقول): ذكر ابن سعد أولا من نزل الكوفة من الصحابة ومن كان من التابعين وغيرهم من أهل الفقه والعلم، وعد جماعة من الصحابة. ثم قال الطبقة الأولى من أهل الكوفة بعد الصحابة ممن روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وغيرهم، ثم ذكر جماعة أولهم طارق بن شهاب وقال: أنه روى عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعن الخلفاء الأربعة وغيرهم ثم ذكر جماعة ممن أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وروى عن الخلفاء وغيرهم وجماعة ممن روى عن الخلفاء وبعض الصحابة. ثم قال: ومن هذه الطبقة ممن روى عن فلان وفلان من الصحابة ولم يرو واحد منهم عن عمر وعلي وابن مسعود شيئا، وعد جماعة ثم قال: ومن هذه الطبقة ممن روى عن علي بن أبي طالب عليه السلام حجر بن عدي الخ. وحينئذ فالجمع بين عده في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة وعده في الصحابة أنه لم يقتصر في هذه الطبقة على التابعين فقط بدليل أنه عد فيها طارق بن شهاب، وصرح بروايته عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والجمع بين قوله السابق أنه لم يرو عن غير علي شيئا وبين قوله الدال على أنه صحابي: إن له إدراكا وليس له رواية، مع أنه إن ثبت إن له رواية أمكن إن يريد أنه لم يرو عن غير علي من الصحابة، لأنه لم يرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدليل عد طارق بن شهاب من هذه الطبقة مع التصريح بروايته عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

أخباره يوم الجمل

قال ابن الأثير في الكامل: أنه لما أرسل علي عليه السلام إلى أهل الكوفة يستنجدهم يوم الجمل، قام حجر بن عدي فيمن قام، فقال: أيها الناس أجيبوا أمير المؤمنين وانفروا خفافا وثقالا مروا وأنا أولكم. وقال أيضا:انه لما نفر الناس إلى علي عليه السلام حين بعث يستنفرهم من الكوفة يوم الجمل كان على مذحج والأشعرين حجر بن عدي، وقال أيضا: كان رؤساء الجماعة من الكوفيين فلان وفلان وأمثال لهم ليسوا دونهم إلا أنهم لم يؤمروا منهم حجر بن عدي. وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج مما رويناه من الشعر المقول في صدر الإسلام المتضمن كون علي عليه السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول حجر بن عدي يوم الجمل من رواية أبي مخنف في كتاب الجمل:

ويأتي له رجز يشبه هذا الرجز عند ذكر أخباره بصفين من رواية نصر بن مزاحم وبينهما بعض التفاوت، ولعله قال الرجزين في يومي الجمل وصفين مع تفاوت بينهما والله أعلم.

أخباره بصفين

روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين أنه لما أراد علي المسير إلى أهل الشام دعا إليه من كان معه من المهاجرين والأنصار، فحمد الله واثنى عليه وقال: أما بعد فإنكم ميامين الرأي مراجيح الحلم مقاويل بالحق مباركو الفعل والأمر وقد أردنا المسير إلى عدونا وعدوكم فأشيروا علينا برأيكم. فجعلوا يقومون وأحدا بعد واحد ويبذلون الطاعة والنصر. ثم روى بسنده في كتاب صفين: أنه خرج حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق يظهران البراءة واللعن من أهل الشام، فأرسل إليهما علي إن كفا عما بلغني عنكما. فأتياه فقالا: يا أمير المؤمنين ألسنا محقين؟ قال: بلى! قالا فلم منعتنا من شتمهم؟ قال: كرهت لكم إن تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتتبرأون، ولكن لو وصفتم مساوي أعمالهم فقلتم: من سيرتهم كذا وكذا ومن عملهم كذا وكذا كان أصوب في القول وأبلغ في العذر، وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم: (اللهم احقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم وأهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به) كان هذا أحب إلي وخيرا لكم فقالا يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك وتكلم عمرو فقال كلاما دل على بلوغه الغاية في ولاء أمير المؤمنين ونصحه فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ليت إن في جندي مائة مثلك! فقال حجر إذن والله يا أمير المؤمنين صح جندك وقل فيهم من يغشك! ثم قام حجر فقال: يا أمير المؤمنين! نحن بنو الحرب وأهلها الذين نلقحها وننتجها قد ضارستنا ولنا أعوان ذوو صلاح وعشيرة ذات عدد ورأي مجرب وباس محمود وأزمتنا منقادة لك بالسمع والطاعة فان شرقت شرقنا وان غربت غربنا وما أمرتنا به من أمر فعلناه. فقال علي عليه السلام: أكل قومك يرى مثل رأيك؟ قال: ما رأيت منهم إلا حسنا وهذه يدي عنهم بالسمع والطاعة وبحسن الأجابة. فقال له علي خيرا. وقال: إن عليا عليه السلام أمر حجر بن عدي على كندة وحضر موت وقضاعة ومهرة (وقال نصر) إن عليا عليه السلام عقد ألوية القبائل فأعطاها قوما منهم بأعيانهم جعلهم رؤساءهم وأمراءهم: فجعل على كندة حجر بن عدي الكندي. وقال أيضا:كان علي عليه السلام قد قسم عسكره أسباعا. إلى إن قال: وحجر بن عدي الكندي على كندة وحضرموت وقضاعة، فجعل علي يأمر هذا الرجل الشريف فيخرج معه جماعة فيقاتل ويخرج إليه من أصحاب معاوية رجل معه جمع فيقتتلان وأخذوا يكرهون إن يتزاحفوا بجميع الفيلق من أهل العراق وأهل الشام مخافة الاستئصال، ثم ذكر من كان يخرجهم علي عليه السلام فعد منهم حجر بن عدي.

حجر الخير وحجر الشر

وكان لحجر بن عدي ابن عم يسمى حجر بن يزيد، وكان مع معاوية بصفين، روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين عن عمرو بن شمر عن جابر عن الشعبي: إن أول فارسين التقيا بصفين في اليوم السابع من صفر سنة 39 وكان من الأيام العظيمة في صفين ذا أهوال شديدة، حجر الخير وحجر الشر: أما حجر الخير فهو حجر بن عدي صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وحجر الشر ابن عمه حجر بن يزيد الكندي، وذلك إن حجر الشر دعا حجر بن عدي إلى المبارزة وكلاهما من كندة، فأجاب فاطعنا برمحيهما ثم حجز بينهما خزيمة بن ثابت الأسدي وكان مع معاوية فضرب حجر بن عدي ضربة كسر بها رمحه وحمل أصحاب علي فقتلوا الأسدي وأفلتهم حجر بن يزيد هاربا والتحق بصف معاوية. ثم إن حجر الشر حمل على الحكم بن أزهر فقتله، فحمل رفاعة بن الحكم الحميري على حجر الشر فقتله، فقال علي: الحمد لله الذي قتل حجرا بالحكم بن أزهر. هذا ولكن ابن عساكر في تاريخ دمشق قال - كما مر - كان مع علي حجران حجر الخير وحجر الشر، ثم ترجم حجر الشر بعد فراغه من ترجمته حجر بن عدي فقال: حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة الكندي المعروف بحجر وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعاد إلى اليمن، ثم نزل الكوفة، وشهد الحكمين بدومة الجندل، وكان شريفا وسمي حجر الشر لان حجر بن عدي كان حجر الخير، فأرادوا إن يفصلوا بينهما، وكان شريرا، وكان أحد شهود الحكمين مع علي، وولاه معاوية بعد ذلك أرمينية، وبقي حيا إلى سنة 51. وذكره في الإصابة بنحو ذلك. وحكى عن ابن سعد أنه ذكره في الطبقة الرابعة وقال: أنه وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاسلم، وكان مع علي بصفين، وكان أحد شهود الحكمين، ثم اتصل بمعاوية. وذكره يعقوب بن سفيان في أمراء علي يوم الجمل. وذكره في أسد الغابة بنحو ذلك، وهو يخالف ما مر عن نصر في كتاب صفين: فنصر جعله من أصحاب معاوية وقال أنه قتل بصفين وابن عساكر جعله من أصحاب علي وقال أنه بقي إلى سنة (51). ويوشك إن يكون حجر بن يزيد اثنين والله أعلم. وقال حجر في صفين -وأورده نصر-:

وأورد هذا الرجز صاحب الدرجات الرفيعة، كما أورده ابن أبي الحديد، لكنه قال أنه قاله يوم الجمل. ومن مواقف حجر يوم صفين ما ذكره ابن شهرآشوب في المناقب قال: خرج أدهم بن لام القضاعي يوم صفين، وقال مرتجزا مخاطبا سعيد بن قيس:

فقتله حجر بن عدي، فخرج الحكم بن أزهر قائلا:

فقتله حجر، فخرج إليه مالك بن مسهر القضاعي يقول:

فأجابه حجر:

فقتله حجر.

كلامه يوم غارة الغامدي على الأنبار

حكى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد بن هلال الثقفي أنه لما أغار سفيان بن عوف على الأنبار وقتل حسان بن حسان البكري وندب أمير المؤمنين عليه السلام إلى الجهاد تباطئوا، قام حجر بن عدي الكندي وسعيد بن قيس الهمذاني فقالا: لا يسوءك الله يا أمير المؤمنين مرنا بأمرك نتبعه فوالله ما نعظم جزعا على أموالنا إن نفدت ولا على عشائرنا إن قتلت في طاعتك - (الحديث).

خبره مع الضحاك بن قيس

قال ابن الأثير في حوادث سنة 39: فيها وجه معاوية الضحاك بن قيس في ثلاثة آلاف وأمره إن يمر بأسفل واقصة ويغير على كل من مر به ممن هو في طاعة علي من الأعراب، فسار أخذ الأموال، ومضى إلى الثعلبية وقتل وأغار على مسلحة علي، وانتهى إلى القطقطانة، فلما بلغ ذلك عليا أرسل إليه حجر بن عدي في أربعة آلاف وأعطاهم خمسين درهما، فلحق الضحاك بتدمر فقتل حجر منهم تسعة عشر رجلا وقتل من أصحابه رجلان وحجز بينهم الليل، فهرب الضحاك وأصحابه ورجع حجر ومن معه ا ه‍. وروى ابن أبي الحديد عن إبراهيم بن هلال الثقفي إن معاوية دعا الضحاك بن قيس الفهري فوجهه فيما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف ليغير على أعمال علي عليه السلام، فاقبل الضحاك فنهب الأموال، وقتل من لقي من الأعراب حتى مر بالثعلبية فأغار على الحجاج فاخذ أمتعتهم، ثم أقبل فلقي عمرو بن عميس بن مسعود الذهلي فقتله في طريق الحاج. فدعا أمير المؤمنين عليه السلام حجر بن عدي الكندي فعقد له على أربعة آلاف، فخرج حجر حتى مر بالسماوة وهي أرض كلب، فلقي بها أمرا القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم الكلبي وهم أصهار الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام فكانوا أدلاءه على الطريق وعلى المياه. فلم يزل مغذا في أثر الضحاك حتى لقيه بناحية تدمر فواقعه فاقتتلوا ساعة، فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشر رجلا وقتل من أصحاب حجر رجلان وحجز الليل بينهم، فمضى الضحاك، فلما أصبحوا لم يجدوا له ولأصحابه أثرا. قال إبراهيم بن هلال الثقفي: وذكر محمد بن مخنف أنه سمع الضحاك بن قيس بعد ذلك بزمان يخطب على منبر الكوفة وقد كان بلغه إن قوما من أهلها يشتمون عثمان ويبرمون منه، قال فسمعته يقول: يلغني إن رجالا منكم ضلالا يشتمون أئمة الهدى ويعيبون أسلافنا الصالحين، أما والذي ليس له ند ولا شريك لئن لم تنتهوا عما يبلغني عنكم لأضعن فيكم سيف زياد ثم لا تجدونني ضعيف السورة ولا كليل الشفرة! أما إني لصاحبكم الذي أغرت على بلادكم فكنت أول من غزاها في الإسلام وشرب من ماء الثعلبية ومن شاطئ الفرات، أعاقب من شئت وأعفو عمن شئت، لقد ذعرت المخدرات في خدورهن، وان كانت المرأة ليبكي ابنها فلا ترهبه ولا تسكته إلا بذكر اسمي فاتقوا الله يا أهل العراق، أنا الضحاك بن قيس أنا أبو أنيس أنا قاتل عمرو بن عميس. فقام إليه عبد الرحمن بن عبيد فقال: صدق الأمير وأحسن القول! ما أعرفنا والله بما ذكرت لقد لقيناك بغربي تدمر فوجدناك شجاعا مجربا صبورا، ثم جلس وقال: أيفخر علينا بما صنع علينا ببلادنا أول ما قدم، أما والله لأذكرنه أبغض مواطنه إليه. قال فسكت الضحاك قليلا كأنه خزي واستحيا ثم قال: نعم كان ذلك اليوم، باخرة بكلام ثقيل، ثم نزل. قال محمد بن مخنف: قلت لعبد الرحمن بن عبيد: أو قيل له لقد اجترأت حين تذكره هذا اليوم وتخبره انك كنت فيمن لقيه؟ فقال: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.

أخباره عند حرب الخوارج

قال ابن الأثير: إن عليا عليه السلام لما استنفر الناس بالكوفة إلى حرب أهل الشام بعد الحكمين، وطلب من الرؤساء إن يكتب له كل رئيس ما في عشيرته من المقاتلة، قام إليه جماعة من الرؤساء وقالوا: سمعا وطاعة، وكتبوا له ما طلب، فكان من جملة الذين قاموا حجر بن عدي. ثم قال ابن الأثير: إن عليا عليه السلام عبا أصحابه يوم النهروان، فكان على ميمنته حجر بن عدي.

كلامه بعد وقعة النهروان

في الدرجات الرفيعة: ومن كلامه لأمير المؤمنين عليه السلام حين استنفر أهل الكوفة للقتال بعد وقعة النهروان فلم يجيبوه بما يرضاه وأكثروا اللغط في حضرته فساءه ذلك منهم، فقام حجر فقال: لا يسؤك يا أمير المؤمنين! مرنا بأمرك نتبعه فوالله ما نعظم جزعا على أموالنا إن نفذت ولا على عشائرنا إن قتلت في طاعتك. خبره ليلة قتل أمير المؤمنين عليه السلام

روى الشيخ المفيد وغيره إن ابن ملجم وصاحبيه وردان التيمي وشبيب بن بجرة الأشجعي لما عزموا على قتل أمير المؤمنين عليه السلام

ألقوا إلى الأشعث بن قيس ما في نفوسهم فواطأهم عليه، وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه وكان حجر بن عدي في تلك الليلة بائنا في المسجد، فسمع الأشعث يقول لابن ملجم: النجاء النجاء بحاجتك، فقد فضحك الصبح!. فأحس حجر بما أراد الأشعث وقال له قتلته يا أعور. وخرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين ليخبره بالخبر ويحذره من القوم، فخالفه أمير المؤمنين عليه السلام في الطريق فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف، فاقبل حجر والناس يقولون: قتل أمير المؤمنين. وفي مروج الذهب. قد كان ابن ملجم مر بالأشعث وهو بالمسجد فقال له فضحك الصبح! فسمعها حجر بن عدي، فقال: قتلته يا أعور قتلك الله.

أخباره مع الحسن عليه السلام

في شرح النهج الحديدي عن أبي الفرج إن الحسن عليه السلام لما بلغه مسير معاوية بالعساكر قاصدا العراق وأنه عبر جسر منبج تحرك وبعث حجر بن عدي فأمر العمال والناس بالتهيؤ الخ. . . ومن أخباره مع الحسن عليه السلام ما ذكره المدائني وغيره أنه لما كان من صلح الحسن عليه السلام لمعاوية ما كان دخل عبيدة بن عمرو الكندي، وهو من قوم حجر بن عدي، على الحسن عليه السلام وكان على وجهه ضربة أصابته وهو مع قيس بن سعد بن عبادة، فقال الحسن عليه السلام: ما الذي أرى بوجهك؟ فقال: جرح أصابني مع قيس. فالتفت حجر إلى الحسن فقال: لوددت انك مت قبل هذا اليوم ومتنا معك ولم يكن ما كان! إنا رجعنا راغمين بما كرهنا ورجعوا مسرورين بما أحبوا!. فتغير وجه الحسن عليه السلام وغمز الحسين عليه السلام حجرا فسكت. فقال الحسن: يا حجر! ليس كل الناس يحب ما تحب، ولا رأيه رأيك، وما فعلت ما فعلت إلا إبقاء عليكم والله كل يوم في شأن. ولا شك إن هذا الكلام فيه سوء أدب من حجر مع الحسن، ولكنه دعاه إليه شدة الحب وزيادة الغيظ مما كان.

من أخباره مع معاوية

ما ذكره ابن الأثير قال: كتب معاوية إلى المغيرة ليلزم زيادا وحجر بن عدي وسليمان بن صرد وجماعة بالصلاة في الجماعة، فكانوا يحصرون معه الصلاة. وإنما ألزمهم ذلك لأنهم كانوا من شيعة علي.

مقتله والسبب فيه

ننقل ذلك من عدة كتب معتمدة مشهورة نذكر أسماءها، ونشير إلى مواقع الاختلاف والزيادة والنقصان فيها. وقد يمكن للناظر إن يستنتج الصواب أو القريب منه من مجموع ذلك.

خبره مع المغيرة بن شعبة

روى الطبري في تاريخه عن هشام بن محمد بأسانيده، وذكره ابن الأثير في تاريخه إن معاوية بن أبي سفيان لما ولى المغيرة بن شعبة الكوفة في جمادى الأولى سنة 41، قال: قد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة فانا تاركها اعتمادا على بصرك، ولست تاركا إيصاءك بخصلة لا تترك شتم علي وذمه، والترحم على عثمان، والعيب لأصحاب علي والإقصاء لهم، والإطراء لشيعة عثمان والإدناء لهم. فقال: قد جربت وجربت وعملت قبلك لغيرك فلم يذممني، وستبلوا فتحمد أو تذم، وأقام المغيرة عاملا لمعاوية على الكوفة سبع سنين وأشهرا. وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: إني قد احتجت إلى مال فأمدني بالمال فجهز المغيرة إليه عيرا تحمل مالا، فلما فصلت العير بلغ حجرا وأصحابه. فجاء حتى أخذ بالقطار فحبس العير وقال: والله لا تذهب حتى تعطي كل ذي حق حقه، فبلغ المغيرة ذلك، فقال شباب ثقيف: ائذن لنا حتى نأتيك برأسه الساعة. فقال: لا والله ما كنت لأقتل حجرا أبدا. فبلغ ذلك معاوية فعزله و استعمل زيادا. والذي ذكره المؤرخون إن معاوية لم يستعمل زيادا على الكوفة إلا بعد موت المغيرة كما يأتي. وذكر الطبري في تتمة حديثه السابق وابن الأثير وأبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني بأسانيده، وذلك منتزع من جميع كلامهم إن المغيرة بن شعبة لما ولي الكوفة، كان لا يدع ما وصاه به معاوية من شتم علي والوقوع فيه، والدعاء لعثمان والاستغفار له والتزكية لأصحابه فكان يقوم على المنبر فيذم علي بن أبي طالب وشيعته وينال منهم، ويلعن قتلة عثمان ويستغفر لعثمان ويزكيه وأصحابه، فيقوم حجر بن عدي فيقول: بل إياكم قد ذم الله ولعن، إن الله عز وجل يقول {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم} واني أشهد إن من تذمون أحق بالفضل ممن تطرون ومن تزكون أحق بالذم ممن تعيبون!. فيقول له المغيرة: يا حجر ويحك اكفف عن هذا واتق غضبة السلطان وسطوته فإنها كثيرا ما تقتل مثلك، ثم يكف عنه. فلم يزل كذلك حتى كان المغيرة يوما في آخر أيام إمارته يخطب على المنبر فنال من علي بن أبي طالب عليه السلام ولعنه ولعن شيعته كما كان يفعل، فوثب حجر فصاح بالمغيرة صيحة أسمعت كل من في المسجد وخارجه، فقال له: إنك لا تدري أيها الإنسان بمن تولع أو هرمت؟ مر لنا بأعطياتنا وأرزاقنا فإنك قد حبستها عنا ولم يكن ذلك لك، ولم يكن يطمع في ذلك من كان قبلك، وقد أصبحت مولعا بذم أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين. فقام معه أكثر من ثلاثين رجلا. هكذا في الأغاني، وفي الدرجات الرفيعة: فقام معه نحو ثلاثين ألفا. وفي تاريخي الطبري وابن الأثير: أكثر من ثلثي الناس يقولون: صدق والله حجر وبر! مر لنا بأعطياتنا فانا لا ننتفع بقولك هذا ولا يجدي علينا وأكثروا في ذلك، فنزل المغيرة ودخل القصر فاستأذن عليه قومه ودخلوه ولاموه في احتماله حجرا، فقال لهم: إني قد قتلته. قالوا: وكيف ذلك؟ قال: أنه سيأتي أمير بعدي فيحسبه مثلي فيصنع به شبيها بما ترونه فيأخذه عند أول وهلة فيقتله شر قتلة، أنه قد اقترب أجلي وضعف عملي وما أحب إن ابتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم وسفك دمائهم فيسعدوا بذلك وأشقى ويعز معاوية في الدنيا ويذل المغيرة في الآخرة سيذكرونني لو قد جربوا العمال. ثم هلك المغيرة سنة 50، وقال الطبري عن عوانة سنة 51 فجمعت الكوفة والبصرة لزياد.

خبره مع زياد بن سمية وسبب قتله

كلام المؤرخين في سبب قتله لا يخلو من بعض اختلاف مع اتفاقهم على إن السبب فيه إنكاره المنكر على زياد ونحن ونورد كل ما عثرنا عليه من كلامهم في هذا الباب ومنه لعلم الاختلاف في سبب قتله فنقول: روى الطبري في تاريخه بإسناده عن هشام عن محمد بن سيرين قال: خطب يوما زياد في الجمعة فأطال الخطبة وأخر الصلاة، فقال له عدي: الصلاة، فمضى في خطبته، ثم قال: الصلاة، فمضى في خطبته. فلما خشي حجر فوت الصلاة ضرب بيده إلى كف من الحصى وثار إلى الصلاة وثار الناس معه. فلما رأى ذلك زياد نزل فصلى بالناس، فلما فرع من صلاته كتب إلى معاوية في أمره، وكثر عليه، فكتب إليه معاوية إن شده في الحديد ثم احمله إلي. فلما جاء كتاب معاوية أراد قوم حجر إن يمنعوه، فقال لا، ولكن سمع وطاعة، فشد في الحديد ثم حمل إلى معاوية. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن هشام بن حسام عن ابن سيرين إن زيادا أطال الخطبة، فقال حجر بن عدي: الصلاة، فمضى في خطبته، فقال له: الصلاة، وضرب بيده إلى الحصى وضرب الناس بأيديهم إلى الحصى فنزل فصلى ثم كتب فيه إلى معاوية، فكتب معاوية إن سرح به إلي فسرحه إليه الحديث وفي الاستيعاب وأسد الغابة: لما ولى معاوية زيادا العراق وما وراءها وأظهر من الغلظة وسوء السيرة ما أظهر، خلعه حجر ولم يخلع معاوية، وتابعه جماعة من أصحاب علي وشيعته وحصبه يوما في تأخير الصلاة هو وأصحابه. فكتب فيه زياد إلى معاوية فأمره إن يبعث به إليه و بأصحابه فبعث بهم إليه. وفي الإصابة: روى أحمد في الزهد والحاكم في المستدرك من طريق ابن سيرين قال: أطال زياد الخطبة فقال حجر الصلاة فمضى في خطبته، فحصبه حجر والناس. فنزل زياد فكتب إلى معاوية فكتب إليه إن سرح به إلي. وفي الدرجات الرفيعة: لما ولى معاوية زياد بن أبيه الكوفة خطب زياد فقال: أما بعد فان غب البغي وخيم! وأيم الله لئن لم تستقيموا لأدواينكم بدوائكم ولست لشيء إن لم أحم ناحية الكوفة من حجر بن عدي وأدعه نكالا لمن بعده. وفي مروج الذهب: في سنة 53 قتل معاوية حجر بن عدي الكندي وهو أول من قتل صبرا في الإسلام حمله زياد من الكوفة ومعه تسعة نفر من أصحابه من أهل الكوفة وأربعة من غيرها، ولما صار إلى مرج عذراء على اثني عشر ميلا من دمشق تقدم البريد بأخبارهم إلى معاوية فبعث برجل أعور. فلما أشرف على حجر و أصحابه. قال رجل منهم إن صدق الزجر فإنه سيقتل منا النصف وينجو الباقون، أما ترون الرجل المقبل مصبا بإحدى عينيه؟ فلما وصل إليهم قال لحجر: إن أمير المؤمنين أمرني بقتلك يا رأس الضلال ومعدن الكفر والطغيان والمتولي أبي تراب وقتل أصحابك إلا إن تراجعوا عن كفركم وتلعنوا صاحبكم وتبرأوا منه. فقال حجر وجماعة ممن كان معه: إن الصبر على حد السيف لأيسر علينا مما تدعونا إليه، ثم القدوم على الله وعلى نبيه وعلى وصيه أحب إلينا من دخول النار! وأجاب نصف من كان معه إلى البراءة من علي. وقال المرزباني في النبذة المختارة المتقدم إليها الإشارة: كان السبب في قتله أنه تكلم زياد يوما على المنبر فقال إن من حق أمير المؤمنين، أعادها مرارا. فقال حجر: كذبت ليس كذلك. فسكت زياد ساعة ثم أخذ في كلامه حتى غاب عنه ما جرى فقال: إن من حق أمير المؤمنين. فاخذ حجر كفا من حصى فحصبه وقال: كذبت. فانحدر زياد عن المنبر ودخل دار الإمارة وانصرف حجر فبعث إليه زياد الخيل والرجال فقالوا: أجب الأمير. فقال: إني والله ما أنا بالذي يخاف ولا آتيه أخافه على نفسي. وقال ابن سيرين: لو مال لمال أهل الكوفة معه، غير أنه كان رجلا ورعا. وأبى زياد إن يرفع عنه الخيل والرجل حتى سلسله وأنفذه في أناس من أصحابه - وكانوا ثلاثة عشر رجلا - إلى معاوية. وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي في الطبقات الكبير كان السبب في قتله أنه لما قدم زياد بن أبي سفيان (كذا يقول ابن سعد ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الولد للفراش وللعاهر الحجر) واليا على الكوفة دعا بحجر بن عدي، فقال: تعلم إني أعرفك، وقد كنت وإياك على ما قد علمت - يعني من حب علي بن أبي طالب - وانه قد جاء غير ذلك، واني أنشدك الله إن تقطرني من دمك قطرة فاستفرغه كله! املك عليك لسانك، وليسعك منزلك وهذا سريري فهو مجلسك وحوائجك مقضية لدي. فاكفني نفسك، فإني أعرف عجلتك، فأنشدك الله يا أبا عبد الرحمن في نفسك، وإياك وهذه السفلة وهؤلاء السفهاء إن يستزلوك عن رأيك، فإنك لو هنت علي أو استخففت بحقك لم أخصك بهذا من نفسي. فقال حجر: قد فهمت ثم انصرف إلى منزله. فإذا إخوانه من الشيعة فقالوا: ما قال لك الأمير قال: قال لي كذا وكذا. قالوا: ما نصح لك. فأقام وفيه بعض الاعتراض وكانت الشيعة يختلفون إليه ويقولون انك شيخنا وأحق الناس بإنكار هذا الأمر. وكان إذا جاء إلى المسجد مشوا معه. فأرسل إليه عمرو بن حريث - وهو يومئذ خليفة زياد على الكوفة وزياد بالبصرة -: أبا عبد الرحمن ما هذه الجماعة وقد أعطيت الأمير من نفسك ما قد علمت؟ فقال للرسول: تنكرون ما أنتم فيه؟ إليك وراءك أوسع لك!. فكتب عمرو بن حريث بذلك إلى زياد وكتب إليه: إن كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل - وعمرو بن حريث هذا من بني مخزوم قيل إن له صحبة سكن الكوفة وكان يجالس زيادا وابنه عبيد الله ويأكل من دنياهم. وقال ابن سعد: ولي الكوفة لزياد وابنه عبيد الله - فأخذ زياد السير حتى قدم الكوفة فأرسل إلى عدي بن حاتم وعدة من أشراف أهل الكوفة ليعذر إليه وينهاه عن هذه الجماعة وان يكف لسانه عما يتكلم به فاتوه فلم يجبهم إلى شيء ولم يكلم أحدا منهم وجعل يقول: يا غلام اعلف البكر - وبكر في ناحية الدار - فقال له عدي بن حاتم: أمجنون أنت أكلمك وأنت تقول يا غلام اعلف البكر!. . . فقال عدي لأصحابه: ما كنت أظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى. فنهض القوم عنه وأتوا زيادا فأخبروه ببعض وخزنوا بعضا وحسنوا أمره، وسألوا زيادا الرفق به. فقال: لست أذن لأبي سفيان!. فأرسل إليه الشرط والبخارية فقاتلهم بمن معه ثم انفضوا عنه وأتي به زياد وبأصحابه. والذي ذكره من رد حجر على رسول ابن حريث ومن أنه لم يكلم أحدا من رسل ابن زياد وما جرى من الحوار بينه وبين عدي بن حاتم لم يذكره غيره. وفي الأغاني: أنه لما جمعت الكوفة والبصرة لزياد بعد هلاك المغيرة دخل الكوفة ووجه إلى حجر فجاءه - وكان له قبل ذلك صديقا - فقال له: قد بلغني ما كنت تفعله بالمغيرة فيحتمله منك، واني والله لا أحتملك على مثل ذلك أبدا. أرأيتني ما كنت تعرفني به من حب علي ووده فان الله قد سلخه من صدري فصيره بغضا وعداوة، وما كنت تعرفني به من بغض معاوية وعداوته فان الله قد سلخه من صدري وحوله حبا ومودة - وكذب! فما سلخ ذاك فصيره بغضا وعداوة وهذا فصيره حبا ومودة إلا الشيطان - واني أخوك الذي تعهد إذا أتيتني وأنا جالس للناس فاجلس معي محل مجلسي، وإذا أتيت ولم أجلس للناس فاجلس حتى أخرج إليك ولك عندي في كل يوم حاجتان: حاجة غدوة وحاجة عشية. انك إن تستقم تسلم لك دنياك ودينك، وان تأخذ يمينا وشمالا تهلك نفسك وتشط عندي دمك. إني لا أحب التنكيل قبل التقدمة ولا آخذ بغير حجة اللهم اشهد!. . . فقال حجر: لن يرى الأمير مني إلا ما يحب وقد نصح وأنا قابل نصيحته، ثم خرج من عنده فكان يتقيه ويهابه وكان زياد يدنيه ويكرمه ويفضله، والشيعة تختلف إلى حجر وتسمع منه. وقال الطبري وابن الأثير: لما جمعت الكوفة والبصرة لزياد أقبل حتى دخل القصر بالكوفة ثم صعد المنبر فذكر عثمان وأصحابه فقرظهم ولعن قتلته فقام حجر وفعل كما كان يفعل بالمغيرة، ورجع زياد إلى البصرة واستخلف على الكوفة عمرو بن حريث. وقال أبو الفرج في الأغاني والطبري وابن الأثير في تاريخيهما واللفظ مقتبس من المجموع: كان زياد يشتو بالبصرة ويصيف بالكوفة يقيم في هذه ستة أشهر وفي هذه ستة أشهر، ويستخلف على البصرة سمرة بن جندب وعلى الكوفة عمرو بن حريث فقال له عمارة بن عقبة: إن الشيعة تختلف إلى حجر وتسمع منه ولا أراه عند خروجك إلا ثائرا. فدعاه زياد فحذره ووعظه وخرج إلى البصرة، واستعمل عمرو بن حريث. فجعلت الشيعة تختلف إلى حجر ويجئ حتى يجلس في المسجد فتجتمع إليه الشيعة حتى يأخذوا ثلث المسجد أو نصفه وتطيف بهم النظارة ثم يمتلئ المسجد، ثم كثروا وكثر لغطهم وارتفعت أصواتهم بذم معاوية وشتمه ونقص زياد، وبلغ ذلك عمرو بن حريث، فصعد المنبر واجتمع إليه أشراف أهل المصر فحثهم على الطاعة والجماعة وحذرهم الخلاف فوثب إليه عنق من أصحاب حجر يكبرون ويشتمون حتى دنوا منه فحصبوه وشتموه حتى نزل ودخل القصر وأغلق عليه بابه، وكتب إلى زياد بالخبر، فلما أتاه انشده يتمثل بقول كعب بن مالك:

ما أنا بشيء إذا لم أمنع الكوفة من حجر وأدعه نكالا لمن بعده ويل أمك حجر لقد سقط بك العشاء على سرحان. وقال الطبري وابن الأثير: إن هذا الكلام قاله زياد على المنبر بالكوفة. ثم أقبل زياد حتى أتى الكوفة، فدخل القصر، ثم خرج، وعليه قباء سندس ومطرف خز أخضر وقد فرق شعره، وحجر جالس في المسجد وحوله أصحابه أكثر ما كانوا. فصعد المنبر فخطب وحذر الناس. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن مولى زياد قال أرسلني زياد إلى حجر بن عدي - ويقال ابن الأدبر - فأبى إن يأتيه ثم أعادني الثانية فأبى أنه يأتيه، فأرسل إليه إني أحذرك إن تركب أعجاز أمور هلك من ركب صدورها. وقال ابن الأثير: وأرسل زياد إلى حجر يدعوه وهو بالمسجد. وأسند الطبري في تاريخه عن حسين بن عبد الله الهمداني قال: كنت في شرط زياد فقال زياد: لينطلق بعضكم إلى حجر فليدعه، فقال لي شداد بن الهيثم الهلالي أمير الشرطة: اذهب إليه فادعه. فأتيته فقلت: أجب الأمير. فقال أصحابه لا يأتيه ولا كرامة!. فرجعت فأخبرته، فأمر صاحب الشرطة إن يبعث معي رجالا، بعث نفرا، فأتيناه فقلنا أجب الأمير فسبونا وشتمونا. وفي الأغاني في تتمة الخبر السالف بعد قوله: وحذر الناس. ثم قال لشداد بن الهيثم الهلالي أمير الشرط: اذهب فائتني بحجر. فذهب إليه فدعاه فقال أصحابه لا يأتيه ولا كرامة، فسبوا الشرط. فرجعوا إلى زياد فأخبروه. فجمع أهل الكوفة فقال يا أشراف أهل الكوفة أو يا أهل الكوفة تشجون بيد وتأسون بأخرى أبدانكم عندي وأهواؤكم مع هذا الهجهاجة الأحمق المذبوب أنتم معي وإخوانكم وأبناؤكم وعشيرتكم مع حجر؟ فقالوا: معاذ الله إن يكون لنا فيما هاهنا رأي إلا طاعتك وطاعة أمير المؤمنين وكل ما ظننت إن يكون فيه رضاك فمرنا به. قال: ليقم كل امرئ منكم إلى هذه الجماعة التي حول حجر فليدع الرجل أخاه وابنه وذا قرابته ومن يطيعه من عشيرته حتى تقيموا عنه كل من استطعتم. ففعلوا وجعلوا يقيمون عنه أصحابه حتى تفرق أكثرهم وبقي أقلهم - وهكذا يفعل الكبراء في التخذيل عن أهل الحق أرضاء للظلمة كما قال الله تعالى {وقالوا ربنا إنا أطعنا ساداتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} فكما خذل أشراف الكوفة الناس عن حجر أرضاء لزياد بن سمية حتى قبض عليه وقتل خذلوا الناس عن مسلم بن عقيل أرضاء لنغله عبيد الله بن مرجانة حتى أسر وقتل فلما رأى زياد خفة أصحابه قال لصاحب شرطته شداد بن الهيثم بن شداد: اذهب فائتني بحجر فان تبعك وإلا فمر من معك إن ينتزعوا عمد السوق م يشدوا بها عليهم حتى يأتوا به ويضربوا من حال دونه. فلما أتاه شداد قال له: أجب الأمير. فقال أصحاب حجر: لا والله ولا نعمة عين لا يجيبه فقال لأصحابه: علي بعمد السوق، فاشتدوا إليها فاقبلوا بها قد انتزعوها فقال عمير بن يزيد الكندي من بني هند وهو أبو العمرطة أنه ليس معك رجل معه سيف غيري فما يغني سيفي. قال: فما ترى؟ قال: قم من هذا المكان فالحق بأهلك يمنعك قومك. فقام وزياد ينظر على المنبر إليهم فغشوا حجرا بالعمد. قال الطبري وابن الأثير: وانحاز أصحاب حجر إلى أبواب كندة وانتزع عائذ بن حملة التميمي عمودا من بعض الشرط فقاتل به وحمى حجرا وأصحابه حتى خرجوا من تلقاء أبواب كندة، وبغلة حجر موقوفة فأتى بها أبو العمرطة إليه ثم قال: اركب لا أب لغيرك! فوالله ما أراك إلا قد قتلت نفسك وقتلتنا معك. فوضع حجر رجله في الركاب فلم يستطع إن ينهض فحمله أبو العمرطة على بغلته ووثب أبو العمرطة على فرسه، فما هو إلا إن استوى عليه حتى انتهى إليه يزيد بن طريف المسلي فضرب أبا العمرطة بالعمود على فخذه، واخترط أبو العمرطة سيفه فضرب به رأس يزيد فخر لوجهه، ومضى حجر وأبو العمرطة إلى دار حجر، واجتمع إلى حجر ناس كثير من أصحابه، وخرج قيس بن فهدان الكندي على حمار له يسير في مجالس كندة يقول:

فلم يأته من كندة كثير أحد. فقال زياد وهو على المنبر: لتقم همذان وتميم وهوازن وأبناء بغيض ومذحج وأسد وغطفان فليأتوا جبانة كندة وليمضوا من ثم إلى حجر فليأتوني به. فلما رأى حجر قلة من معه قال لأصحابه انصرفوا فوالله ما لكم طاقة بمن اجتمع عليكم من قومكم وما أحب إن أعرضكم للهلاك فذهبوا لينصرفوا فلحقتهم أوائل خيل مذحج وهمدان فعطف عليهم عمير بن يزيد وقيس بن يزيد وعبيدة بن عمرو وجماعة فتقاتلوا معهم فقاتلوا عنه ساعة فجرحوا واسر قيس بن يزيد وأفلت سائر القوم، فقال لهم حجر: تفرقوا لا تقتلوا فإني آخذ في بعض الطرق، ثم اخذ نحو طريق بني حوت من كندة حتى أتى دار رجل منهم يقال له سليمان أو سليم بن يزيد فدخل داره، وجاء القوم في طلبه حتى انتهوا إلى

تلك الدار، فاخذ سليمان بن يزيد سيفه ثم ذهب ليخرج إليهم فبكت بناته، فقال له حجر ما تريد: أريد والله إن ينصرفوا عنك فان فعلوا وإلا ضاربتهم بسيفي هذا ما ثبت قائمة في يدي دونك!. فقال له حجر: لا أبا لغيرك بئس إذن والله ما دخلت به على بناتك قال: إني والله ما أمونهن ولا أرزقهن وما رزقهن إلا على الحي الذي لا يموت ولا اشتري العار بشيء ولا تؤخذ من داري أسيرا ولا قتيلا وأنا حي أملك قائم سيفي فان قتلت دونك فاصنع ما بدا لك! فقال حجر: أما في دارك هذه حائط اقتحمه أو خوخة اخرج منها عسى الله إن يسلمني منهم ويسلمك فان القوم إن لم يقدروا علي في دارك لم يضرك أمرهم. قال: بلى هذه خوخة تخرجك إلى دور بني العنبر من كندة فخرج حتى مر ببني ذهب فخرج معه فتية يقصون له الطريق ويسلكون به الأزقة حتى أفضى إلى النخع فقال عند ذلك: انصرفوا يرحمكم الله، فانصرفوا عنه واقبل إلى دار عبد الله بن الحارث أخي الأشتر فدخلها فإنه لكذلك قد ألقى له عبد الله الفرش وبسط له البسط وتلقاه ببسط الوجه وحسن البشر إذ أتي فقيل له: إن الشرط تسال عنك في النخع وذلك إن أمة سوداء يقال لها أدماء لقيتهم فقالت لهم من تطلبون؟ قالوا نطلب حجرا فقالت: هو ذا قد رأيته في النخع. فانصرفوا نحو النخع. فخرج متنكرا، وركب معه عبد الله ليلا حتى أتى دار ربيعة بن ناجد الأزدي فنزل بها فمكث يوما وليلة فلما أعجزهم دعا زياد محمد بن الأشعث فقال: أما والله لتأتيني بحجر أو لا أدع لك نخلة إلا قطعتها ولا دارا إلا هدمتها ثم لا تسلم مني بذلك حتى أقطعك إربا إربا فقال له: أمهلني اطلبه. قال: قد أمهلتك ثلاثا فان جئت به وإلا فاعدد نفسك من الهلكى، واخرج محمد نحو السجن ممتقع اللون يتل تلا عنيفا فقال حجر بن يزيد الكندي من بني مرة لزياد: ضمنيه مخلى سربه أحرى إن يقدر عليه منه إذا كان محبوسا. قال: أتضمنه لي؟ قال نعم. قال: أما والله لئن حاص عنك لأوردنك شعوب وان كنت الآن علي كريما. قال: أنه لا يفعل فخلى سبيله. ثم إن حجرا بعث إلى محمد بن الأشعث أنه قد بلغني ما استقبلك به هذا الجبار العنيد فلا يهولنك شيء من آمره فإني خارج إليك فاجمع نفرا من قومك وأدخل عليه واسأله إن يؤمنني حتى يبعثني إلى معاوية فيرى في رأيه وحجر وابن الأشعث كلاهما كندي فما أحب حجر إن يصيب ابن عمه بسببه سوء. ولكن شتان ما بينهما: فحجر من أصدق الناس ولاء لأمير المؤمنين علي عليه السلام، ومحمد بن الأشعث من أعدى أعدائه ورث العداوة من أبيه لا عن كلالة وهو الذي شرك في دم مسلم وهانئ فخرج محمد إلى حجر بن يزيد وجرير بن عبد الله وعبد الله أخي الأشتر فدخلوا على زياد فطلبوا إليه فيما سأله حجر فأجاب، فبعثوا فأعلموه بذلك فاقبل حتى دخل على زياد. وفي كتاب روضة الصفا، وهو بالفارسية ما تعريبه: إن زيادا لما جاء إلى الكوفة بعد ما كتب إليه عمرو بن حريث بما تقدم أمر بسريره فوضع في المسجد وجلس عليه فكان أول داخل عليه من أشراف الكوفة محمد بن الأشعث بن قيس الكندي فسلم عليه فقال زياد: لا سلم الله عليك ائتني الساعة بابن عمك حجر بن عدي. فقال محمد: أيها الأمير أنا لا خلطة لي بحجر ولا مجالسة لي معه تعلم إن ما بيني وبينه من العداوة إلى أي حد!. فقال جرير بن عبد الله: أنا آتي به بشرط إن تبعثه إلى معاوية فيرى فيه رأيه، فأجابه زياد إلى ذلك وجاء به جرير فأمر به زياد إلى الحبس إلى إن يتم القبض على أصحابه.

ما جرى لحجر بعد مجيئه إلى زياد

في روضة الصفا كما سمعت أنه أمر به إلى الحبس إلى إن يتم القبض على أصحابه، وفي الأغاني وتاريخي الطبري وابن الأثير: فقال له مرحبا بك يا أبا عبد الرحمن حرب في أيام الحرب وحرب وقد سالم الناس على نفسها تجني براقش فقال حجر: ما خلعت يدا عن طاعة ولا فارقت جماعة واني لعلى بيعتي. فقال: هيهات يا حجر! أتشج بيد وتأسو بأخرى، وتريد إذ أمكننا الله منك إن نرضى؟ هيهات والله فقال ألم تؤمني حتى آتي معاوية فيرى في رأيه؟ قال: بلى انطلقوا به إلى السجن، فلما مضي به قال زياد: أما والله لولا أمانه ما برح حتى يلفظ عصبه أو حتى يلفظ مهجة نفسه وقال ابن الأثير: فلما ولى قال زياد: والله لأحرصن على قطع خيط رقبته. فحبس عشر ليال. وفي الطبقات: أنه لما أتي به إلى زياد وبأصحابه قال له: ويلك ما لك؟ فقال إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي إسحاق: رأيت حجر بن عدي وهو يقول: إلا إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها سماع الله والناس. وروى الطبري بسنده عن أبي إسحاق إن حجرا لما قفي به من عند زياد نادى بأعلى صوته: اللهم إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها سماع الله والناس. قال أبو الفرج في الأغاني والطبري: وزياد ما له عمل غير الطلب لرؤوس أصحاب حجر، فجد في طلبهم وهم يهربون منه ويأخذ من قدر عليه منهم حتى جمع منهم اثني عشر رجلا في السجن.

الشهادة على حجر من وجوه الكوفة

في الطبقات الكبير لابن سعد أنه لما أتي زياد بحجر وأصحابه جمع زياد سبعين رجلا من وجوه أهل الكوفة فقال: اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه ففعلوا، ثم وفدهم على معاوية وبعث بحجر وأصحابه إليه. ويدل كلامه الآتي على أنه أرسل الشهود معهم. وفي الأغاني وتاريخي الطبري وابن الأثير: بعث زياد إلى رؤوس الأرباع يومئذ فأحضرهم وقال: اشهدوا على حجر بما رأيتموه وهم الأربعة الأولون الآتية أسماؤهم فشهدوا إن حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة وعيب زياد ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وزعم إن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل أبي طالب ووثب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه وان هؤلاء الذين معه رؤوس أصحابه وعلى مثل رأيه. فنظر زياد في الشهادة فقال: ما أظن هذه شهادة قاطعة وأحب إن يكون الشهود أكثر من أربعة قال الطبري وأبو الفرج: فكتب أبو بردة بن أبي موسى: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى لله رب العالمين شهد إن حجر بن عدي خلع الطاعة وفارق الجماعة ولعن الخليفة ودعا إلى الحرب والفتنة وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية وكفر بالله كفرة صلعاء. فأعجبت زيادا هذه الشهادة فقال على مثل هذه الشهادة فاشهدوا والله لأجهدن في قطع عنق الخائن الأحمق فشهد رؤوس الأرباع الثلاثة الآخرون على مثل ذلك ثم دعا الناس فقال: اشهدوا على مثل ما شهد عليه رؤوس الأرباع فقام عناق بن شرحبيل التيمي تيم الله بن ثعلبة أول الناس فقال: اكتبوا اسمي، فقال زياد: ابدأوا بقريش ثم اكتبوا اسم من نعرفه ويعرفه أمير المؤمنين بالصحة والاستقامة. وكان من جملة الشهود شداد بن المنذر أخو الحضين بن المنذر وكان يدعى ابن بزيعة، فقال زياد: أما لهذا أب ينسب إليه ألغوا هذا من الشهود، فقيل له: أنه أخو الحضين بن المنذر، فقال: انسبوه إلى أبيه فنسب، فبلغ ذلك شدادا فقال: وا لهفاه على ابن الزانية! أو ليست أمه أعرف من أبيه! فوالله ما ينسب إلا إلى أمه سمية. ودعا المختار بن أبي عبيد وعروة بن المغيرة بن شعبة إلى الشهادة فراغا. وفي مجالس المؤمنين عن تاريخ أبي حنيفة الدينوري إن زياد ابن أبيه بعث أبا بردة بن أبي موسى الأشعري وشريح بن هانئ وشريح بن الحارث وأبا عبيدة القعيني إلى معاوية ليشهدوا عنده بما صدر من حجر وأصحابه فشهدوا فقتلهم معاوية.

أسماء الشهود

على ما ذكره الطبري وغيره أولهم رؤوس الأرباع الأربعة

(1) عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة

(2) خالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان

(3) قيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة

(4) أبو بردة بن أبي موسى الأشعري على ربع مذحج وأسد

(5) و (6) و (7) إسحاق وموسى وإسماعيل بنو طلحة بن عبيد الله

(8) المنذر بن الزبير

(9) عمارة بن عقبة بن أبي معيط

(10) عبد الرحمن بن هبار أو هناد

(11) عمر بن سعد بن أبي وقاص

(12) عامر بن جارية بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس

(14) عبيد الله بن شعبة الحضرمي

(15) عناق بن شرحبيل التيمي

(16) وائل بن حجر الحضرمي

(17) كثير بن شهاب بن حصين الحارثي

(18) قطن بن عبد الله بن حصين

(19) السري بن وقاص الحارثي، قال الطبري: كتبت شهادته وهو غائب في عمله (20) السائب بن الأقرع الثقفي

(21) عبد الله بن أبي عقيل الثقفي

(22) مصقلة بن هبيرة الشيباني

(23) القعقاع بن شور الذهلي

(24) ضرار بن هبيرة

(25) شداد بن المنذر بن الحارث

(26) حجار بن أبجر العجلي

(27) عمرو بن الحجاج الزبيدي

(28) لبيد بن عطارد التميمي

(29) محمد بن عمير بن عطارد التميمي

(30) سويد بن عبد الرحمن التميمي

(31) أسماء بن خارجة الفزازي كان يعتذر من آمره

(32) شمر بن ذي الجوشن العامري

(33) زحر بن قيس الجعفي

(34) شبث بن ربعي

(35) سماك بن مخرمة الأسدي صاحب مسجد سماك

(36) و (37) شداد ومروان ابنا الهيثم الهلاليان

(38) حصن بن ثعلبة من عائذة قريش

(39) الهيثم بن الأسود النخعي، وكان يعتذر إليهم

(40) عبد الرحمن بن قيس الأسدي

(41) و (42) الحارث وشداد ابنا الأرفع الهمدانيان

(43) كريب بن سلمة بن يزيد الجعفي

(44) عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي

(45) قدامة بن العجلان الأزدي

(46) عزرة بن عزرة الأحمسي

(47) عمر بن قيس ذو اللحية

(48) هانئ بن حية الوداعي، وشهد معهم آخرون حتى بلغوا سبعين رجلا، فقال زياد ألقوهم إلا من عرف بحسب وصلاح في دينه فألقوا حتى صيروا إلى هذه العدة وكتب في الشهود شريح بن الحارث القاضي وشريح بن هانئ فأما شريح بن الحارث فقال: سألني عنه فقلت: أما أنه كان صواما قواما، أما شريح بن هانئ فقال: ما شهدت وبلغني إن شهادتي كتبت فأكذبته ولمته. ومن النظر في حال هؤلاء الشهود وما شاع من قبيح سيرتهم وخبث سريرتهم لا تعجب من شهادتهم. كتاب زياد إلى معاوية في حجر وأصحابه

وكتب زياد إلى معاوية مع وائل وكثير - على ما في الأغاني وتاريخ الطبري: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين من زياد ابن أبي سفيان أما بعد فان الله قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء فاداله من عدوه وكفاه مؤونة من بغى عليه إن طواغيت الترابية السابة السبائية رأسهم حجر بن عدي خلعوا (خالفوا) أمير المؤمنين وفارقوا (فأظهرنا) الله عليهم وأمكننا منهم وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوي النهى (السن) والدين منهم فشهدوا عليهم بما رأوا وعلموا وقد بعثت بهم إلى أمير المؤمنين وكتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم في أسفل كتابي هذا. ودفع زياد الكتاب إلى وائل بن حجر وكثير بن شهاب وبعثهما عليهم وأمرهما إن يخرجوهم، وبلغ زيادا إن قوما يريدون إن يعرضوا لهم إذا أخرجوا فبعث إلى الكناسة فابتاع إبلا صعابا فشد عليها المحامل ثم حملهم عليها في الرحبة أول النهار حتى إذا كان العشاء قال من شاء ليعرض فلم يتحرك من الناس أحد فأخرجهم وائل وكثير عشية. وفي روضة الصفا إن زيادا أرسل معهم مائة رجل ممن يعتمد عليه. قال الطبري وسار معهم أصحاب الشرط حتى أخرجوهم من الكوفة ومروا بهم على عبيد الله بن الحر الجعفي فقال: إلا عشرة رهط استنقذ بهم هؤلاء؟ إلا خمسة؟ فجعل يتلهف، فلم يجبه أحد فمضوا فلحقهم شريح بن هانئ بكتاب فقال: بلغوا هذا عني أمير المؤمنين فلم يرض كثير إن يأخذه حتى يعلم ما فيه فتحمله وائل بن حجر. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن زياد بن علاقة قال: رأيت حجر بن الأدبر حين أخرج به زياد إلى معاوية ورجلاه من جانب وهو على بعير. قال الطبري: ثم مضوا بهم حتى انتهوا بهم إلى مرج عذراء وبينها وبين دمشق اثنا عشر ميلا، وفي روضة الصفا: أربعة فراسخ، وقال أيضا:فمضوا بهم حتى نزلوا مرج عذراء فحبسوا بها. وفي أسد الغابة: فانزل وأصحابه عذراء وهي قرية عند دمشق. وفي الأغاني في تتمة الخبر السابق: ومضوا بهم حتى انتهوا إلى مرج عذراء فحبسوا به فبعث معاوية إلى وائل وكثير فأدخلهما وفض كتابهما. وقال الطبري: فبعث معاوية إلى وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأدخلهما وفض كتابهما فقرأه على أهل الشام. ويظهر من كلامهما إن أول وصولهم كان إلى مرج عذراء فحبسوه به ولا يظهر منهم أنهم أدخلوا دمشق ولا أنهم أدخلوا على معاوية، أما ابن سعد في الطبقات فيدل كلامه على أنهم أدخلوا دمشق ولم يدخلوهم على معاوية حيث قال بعد قوله: وبعث بحجر وأصحابه إلى معاوية فقال معاوية لا أحب إن أراهم ولكن أعرضوا علي كتاب زياد فقرئ عليه الكتاب وجاء الشهود فشهدوا فقال: معاوية أخرجوهم إلى عذرى فاقتلوهم هناك فحملوا إليها. وأما المرزباني في النبذة المختارة المقدم إليها الإشارة والحاكم في المستدرك وابن عبد البر في الاستيعاب والطبري في تاريخه وابن حجر في الإصابة فأنهم صرحوا بدخولهم على معاوية. والاعتبار يقضي بأنه لا بد إن يكون أتي بهم أولا إلى دمشق، والمظنون أنهم أدخلوا على معاوية كما هي العادة في مثل هذا المقام، ويحتمل أنهم لم يدخلوا عليه وانه قال: لا أحب إن أراهم كما مر عن ابن سعد، أما أنه اتي بهم أولا إلى مرج عذرا ولم يدخلوا عليه فكالمقطوع بعدمه. وفي الأغاني إن معاوية لما قرأ كتاب زياد قال: ما ترون في هؤلاء؟ فقال يزيد بن أسد البجلي: أرى إن تفرقهم في قرى الشام فتكفيكهم طواغيتها. وقال الطبري: لما قرأ معاوية الكتاب وشهادة الشهود عليهم قال: ماذا ترون في هؤلاء النفر الذين شهد عليهم قومهم بما تسمعون؟ فقال له يزيد بن أسد البجلي: أرى إن تفرقهم في قرى الشام فيكفيكهم طواغيتها. ودفع وائل كتاب شريح إلى معاوية فقرأه فإذا فيه بعد البسملة: لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من شريح بن هانئ أما بعد فقد بلغني إن زيادا كتب إليك بشهادتي على حجر بن عدي وان شهادتي على حجر أنه ممن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويديم الحج والعمرة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حرام المال والدم فان شئت فاقتله وان شئت فدعه، فقرأ كتابه على وائل وقال: ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم (وشريح هذا: هو شريح بن هانئ وهو غير شريح القاضي) وقال أبو الفرج والطبري: كتب معاوية إلى زياد فهمت ما اقتصصت من أمر حجر وأصحابه والشهادة عليهم فأحيانا أرى إن قتلهم أفضل وأحيانا أرى إن العفو عنهم أفضل من قتلهم. فكتب زياد إليه مع يزيد بن حجة التيمي: قد عجبت لاشتباه الأمر عليك فيهم مع شهادة أهل مصرهم عليهم وهم أعلم بهم فان كانت لك حاجة في هذا المصر فلا تردن حجرا وأصحابه إليه. فمر يزيد بحجر وأصحابه بعذراء فأخبرهم بما كتب به زياد وقال: مروني بما أحببتم مما ترون أنه لكم نافع أعمل به لكم وأنطق به. فقال له حجر: أبلغ معاوية أنا على بيعته لا نقيلها ولا نستقيلها وانه إنما شهد علينا الأعداء والأظناء، فقدم يزيد بن حجية على معاوية بالكتاب واخبره بقول حجر، فقال معاوية: زياد أصدق عندنا من حجر. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عمرو بن بشير الحضرمي قال: لما بعث زياد بحجر بن عدي إلى معاوية أمر معاوية بحبسه بمكان يقال له مرج عذراء. ثم استشار الناس فيه فجعلوا يقولون: القتل القتل. فقام عبد الله بن يزيد بن أسد البجلي فقال: يا أمير المؤمنين أنت راعينا ونحن رعيتك وأنت ركننا ونحن عمادك إن عاقبت قلنا أصبت وان عفوت قلنا أحسنت والعفو أقرب للتقوى وكل راع مسؤول عن رعيته فتفرق الناس عن قوله. وفي طبقات ابن سعد: فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي يا أمير المؤمنين جدادها جدادها لا تعن بعد العام أبرا. وقال الطبري: فقال عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي ويقال عثمان بن عمير الثقفي جذاذها جذاذها، فقال له معاوية لا تعن أبرا. فخرج أهل الشام ولا يدرون ما قال معاوية وعبد الرحمن، فاتوا النعمان بن بشير، فقالوا له مقالة ابن أم الحكم فقال النعمان: قتل القوم. وبين الروايتين ما ترى من التفاوت فابن سعد جعل الكلام كله لعبد الرحمن والطبري جعله خطابا وجوابا وحذف منه بعد العام. والذي في الطبقات: جدادها جدادها بالدال المهملة، والذي في تاريخ الطبري بالذال المعجمة، وكلاهما له مناسبة. فالجداد بفتح الجيم وكسرها وبالدال المهملة: قطع ثمرة النخل والإبر تلقيح النخل كأنه يقول: اقطع ثمرة هذه النخلة ولا تتعب نفسك في تأبيرها بعد العام أشار عليه بقتلهم. والجذاذ بالذال المعجمة من الجذ وهو القطع المستأصل كما في القاموس، ومنهم من قيده بالوحي حكاه في تاج العروس. وفي القاموس: والاسم الجذاذ مثلثة. أشار عليه ابن أم الحكم بجذهم واستئصالهم فأجابه معاوية بأنه سيقطع هذه النخل وانه سوف لا يتعب بتأبيرها وتلقيحها، ولذلك قال النعمان: قتل القوم. قال ابن الأثير والطبري: فوصل إليهم، وهم بمرج عذراء، الرجلان اللذان ألحقهما زياد بحجر وأصحابه وهما عتبة بن الأخنس السعدي وسعيد أو سعد بن نمران الهمداني الناعطي كما يأتي فلما وصلا سار عامر بن الأسود العجلي من عذراء إلى معاوية ليعلمه بهما فقام إليه حجر بن عدي يرسف في القيود، فقال: يا عامر اسمع مني أبلغ معاوية إن دماءنا عليه حرام واخبره أنا قد أومنا وصالحناه وصالحنا، وأنا لم نقتل أحدا من أهل القبلة فتحل له دماؤنا، فليتق الله ولينظر في أمرنا، وزاد الطبري هنا شيئا لم يذكره ابن الأثير وهو مغلوط في نسخة الطبري المطبوعة، والمفهوم منه إن حجرا أعاد إليه الكلام مرارا، فقال له قد فهمت وانك قد أكثرت فقال له حجر: انك والله تحبى وتعطى، وان حجرا يقدم ويقتل فلا ألومك إن تستثقل كلامي، أذهب عنك، فكأنه استحيا، فقال والله ما ذلك بي ولأبلغن ولأجهدن - وكان يزعم أنه فعل ولكن معاوية أبى هذا ما فهمناه من ذلك الكلام وبقي فيه ما لم ‹ صفحة 580 › نستطع فهمه لشدة تحريفه، فمن وجد له نسخة صحيحة فليلحقه بهذا المكان فدخل عامر على معاوية فأخبره بأمر الرجلين.

ما قاله حجر حين حمل إلى عذراء

في الطبقات: قال معاوية أخرجوهم إلى عذرا فاقتلوهم هناك، فحملوا إليها فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا عذراء. قال الحمد لله أما والله إني لأول مسلم نبح كلابها في سبيل الله ثم أتي بي اليوم إليها مصفودا. وفي أسد الغابة: لما أشرف حجر على مرج عذراء قال: إني لأول المسلمين كبر في نواحيها. وقال المرزباني: لما قدم حجر عذرا. قال: ما هذه القرية؟ فقيل عذرا. فقال: الحمد لله! أما والله إني لأول مسلم ذكر الله فيها وسبحه، وأول مسلم نبح عليه كلابها في سبيل الله ثم أنا اليوم احمل إليها مصفدا في الحديد. قال أبو الفرج والطبري وابن الأثير: وبعث معاوية هدبة بن فياض القضاعي قال الطبري من بني سلامان بن سعد والحصين بن عبد الله الكلابي وأبا شريف البدي إلى حجر وأصحابه ليقتلوا من أمروا بقتله منهم، فأتوهم عند المساء فقال الخثعمي حين رأى الأعور مقبلا: يقتل نصفنا وينجو نصفنا. وفي طبقات ابن سعد: وكان معاوية قد بعث رجلا من بني سلامان بن سعد يقال له هدبة بن فياض فقتلهم وكان أعور فنظر إليه رجل منهم من خثعم فقال: إن صدقت الطير قتل نصفنا ونجا نصفنا فلما قتل سبعة أردف معاوية برسول بعافيتهم جميعا فقتل سبعة ونجا ستة أو قتل ستة ونجا سبعة وكانوا ثلاثة عشر رجلا. وقال ابن الأثير: فتركوا ستة وقتلوا ثمانية. قال أبو الفرج والطبري وابن الأثير: فقال سعيد سعد بن نمران اللهم اجعلني ممن ينجو وأنت عني راض، فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي اللهم اجعلني ممن تكرم بهوأنهم وأنت عني راض، فطالما عرضت نفسي للقتل فأبى الله إلا ما أراد. وجاء رسل معاوية الذين أرسلهم لقتلهم فأنهم لمعهم إذ جاء رسول معاوية بتخلية ستة منهم وقتل ثمانية، فقال لهم رسول معاوية: أنا قد أمرنا إن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له فان فعلتم هذا تركناكم وان أبيتم قتلناكم وأمير المؤمنين يزعم إن دماءكم قد حلت بشهادة أهل مصركم عليكم غير أنه قد عفا عن ذلك فابرأوا من هذا الرجل يخل سبيلكم. قالوا: لسنا فاعلين فأمر بقبورهم فحفرت واتي بأكفأنهم فقاموا الليل كله يصلون، فلما أصبحوا قال أصحاب معاوية يا هؤلاء قد رأيناكم البارحة أطلتم الصلاة وأحسنتم الدعاء فاخبرونا ما قولكم في عثمان؟ قالوا: هو أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق فقالوا: أمير المؤمنين قد كان اعرف بكم، ثم قاموا إليهم وقالوا تبرأون من هذا الرجل؟ قالوا بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه، فاخذ كل رجل منهم رجلا يقتله، فوقع قبيصة في يد أبي شريف (صريف) البدي فقال له قبيصة: إن الشر بين قومي وقومك آمن أي آمن فليقتلني غيرك، فقال برتك رحم فاخذ أبو صريف شريك بن شداد الحضرمي فقتله وقتل هدبة القضاعي قبيصة بن ضبيعة.

كيفية قتل حجر رضوان الله عليه وولده

في طبقات ابن سعد: ودفع كل رجل منهم إلى رجل من أهل الشام ليقتله ودفع حجر إلى رجل من حمير فقدمه ليقتله فقال يا هؤلاء دعوني أصل ركعتين فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين فطول فيهما، فقيل له: طولت أجزعت؟ فانصرف فقال: ما توضأت قط إلا صليت وما صليت صلاة قط أخف من هذه، ولئن جزعت: لقد رأيت سيفا مشهورا وكنفا منشورا وقبرا محفورا. وكانت عشائرهم جاءوا بالأكفان وحفروا لهم القبور، ويقال بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث إليهم الأكفان. وروى الحاكم بسنده عن هشام بن حسان عن ابن سيرين في تتمة الحديث السابق قال: فلما انطلقوا به طلب منهم إن يأذنوا له فيصلي ركعتين فأذنوا له فصلى ركعتين. وقال أبو الفرج وغيره: ثم قال لهم حجر دعوني أتوضأ، قالوا له توضأ، فلما إن توضأ قال لهم دعوني أصلي ركعتين فإني والله ما توضأت قط إلا صليت فقالوا له صل فصلى ثم انصرف فقال والله ما صليت صلاة قط أقصر (أخف) منها ولولا إن تروا إن ما بي جزع من الموت لأحببت إن أستكثر منها. وفي الاستيعاب: لما قدم للقتل قال دعوني أصلي ركعتين فصلاهما خفيفتين، ثم قال: لولا إن تظنوا بي غير الذي بي لأطلتهما والله لئن كانت صلاتي لم تنفعني فيما مضى ما هما بنافعتي. وفي النبذة المختارة: ثم قال حجر للذي أمر بقتلهم: دعني أصلي ركعتين فصلى ركعتين خفيفتين، لولا إن يقولوا جزع من الموت لأحببت إن يكونا أنفس مما كانتا. وأيم الله إن لم تكن صلاتي فيما مضى تنفعني ما هاتان بنافعتي شيئا. وفي أسد الغابة: ولما أرادوا قتله صلى ركعتين، ثم قال: لولا إن تظنوا بي غير الذي بي لأطلتهما. وفي تاريخي الطبري وابن الأثير: فقال حجر للذين يلون أمره: دعوني حتى أصلي ركعتين فقالوا صله فصلى ركعتين خفف فيهما ثم قال: لولا إن تظنوا بي غير الذي أنا عليه لأحببت إن تكونا أطول مما كانتا، ولئن لم يكن فيما مضى من الصلاة خير فما في هاتين خير. وفي مروج الذهب، فلما قدم حجر ليقتل قال دعوني أصلي ركعتين فجعل يطول في صلاته، فقيل له: أجزعا من الموت؟ فقال: لا! ولكنني ما تطهرت للصلاة قط إلا صليت وما صليت قط أخف من هذه! وكيف لا أجزع واني لأرى قبرا محفورا وسيفا مشهورا وكفنا منشورا؟. . . ثم قدم فنحر وألحق به من وافقه على قوله. ثم إن المسعودي صرح بأنه طول الركعتين، وابن عبد البر والمرزباني والطبري صرحوا بأنه خففهما، وأبو الفرج ليس في كلامه تصريح بأحد الأمرين، والمظنون: أنه طولهما بالنسبة إلى متعارف الناس، وقصرهما بالنسبة إلى عادته وانه لما قيل له في تطويلهما أجزعا من الموت؟ قال ما صليت أقصر منهما، فظن بعض الرواة أنه خففهما عن المتعارف فرووا أنه صلاهما خفيفتين، والصواب أنه خففهما عن عادته لا عن المتعارف، فما ذكره المسعودي هو الأصح. وفي الاستيعاب بسنده عن محمد بن سيرين أنه كان إذا سئل عن الركعتين عند القتل قال: صلاهما خبيب وحجر وهما فاضلان. وقال الطبري عن مخلد عن هشام: كان محمد إذا سئل عن الشهيد يغسل حدثهم حديث حجر. وفي الأغاني وتاريخي الطبري وابن الأثير: ثم قال اللهم أنا نستعديك على أمتنا فان أهل الكوفة قد شهدوا علينا وان أهل الشام يقتلوننا! أما والله لئن قتلتموني بها فإني أول فارس من المسلمين سلك في واديها وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها. وفي الطبقات: فان أهل العراق شهدوا علينا وان أهل الشام قتلونا. قال المرزباني: ثم اخذ ثوبه فتحزم به، ثم قال لمن حوله من أصحابه: لا تحلوا قيودي فإني اجتمع أنا ومعاوية على هذه المحجة. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن حسان بن هشام عن ابن سيرين في تتمة الحديث السابق: ثم قال لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما وادفنوني في ثيابي فإني مخاصم، فقتل، قال هشام: كان محمد بن سيرين إذا سئل عن الشهيد ذكر حديث حجر. وروى الحاكم في المستدرك أيضا بسنده عن محمد بن سيرين قال حجر بن عدي: لا تغسلوا عني دما ولا تطلقوا عني قيدا وادفنوني في ثيابي فانا نلتقي غدا بالجادة وفي الاستيعاب: ثم قال لمن حضر من أهله: لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما فإني ملاق معاوية على الجادة. وروى ابن سعد في الطبقات بسنده عن محمد قال: لما أتي بحجر فأمر بقتله قال: ادفنوني في ثيابي فإني أبعث مخاصما. وفي الإصابة في تتمة رواية أحمد في الزهد والحاكم في المستدرك من طريق ابن سيرين فقال: لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما فإني ملاق معاوية بالجادة واني مخاصم، وفي أسد الغابة قال: لا تنزعوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما فإني ملاق معاوية على الجادة، وفي تاريخ دمشق: فقال حجر لأصحابه: إن قتلني معاوية لا تفكوا قيودي وادفنوني بها ولا تغسلوا عني دما فإني ألقى معاوية بذلك غدا، وقال الطبري ثم قال لمن حضره من أهله: لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما فإني ألاقي معاوية غدا على الجادة. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي مخنف إن هدبة بن فياض الأعور أمر بقتل حجر بن عدي فمشى إليه بالسيف فارتعدت فرائصه، فقال: يا حجر! أليس زعمت أنك لا تجزع من الموت، فانا ندعك وابرأ من صاحبك. فقال وما لي لا أجزع وأنا أرى قبرا محفورا وكفنا منشورا وسيفا مشهورا. واني والله إن أقول ما يسخط الرب فقتله وذلك في شعبان سنة 51. وقال أبو الفرج والطبري وابن الأثير: فمشى إليه هدبة بن الفياض الأعور بالسيف فارتعدت فصائله (فأرعدت خصائله) فقالوا زعمت أنك لا تجزع من الموت فانا ندعك فابرأ من صاحبك، فقال: ما لي لا اجزع وأنا أرى قبرا محفورا وكفنا منشورا وسيفا مشهورا واني والله إن جزعت لا أقول ما يسخط الرب، فقتله. وقال المرزباني: ثم مشى إليه هدبة الأعور بالسيف فشخص إليه حجر، فقال: ألم تقل انك لا تجزع من الموت؟ فقال: أرى كفنا منشورا وقبرا محفورا وسيفا منشورا فما لي لا اجزع أما والله لئن جزعت لا أقول ما يسخط الرب، فقال له فابرأ من علي وقد أعد لك معاوية جميع ما تريد إن فعلت. فقال ألم أقل لك إني لا أقول ما يسخط الرب، ثم قال: إن كنت أمرت بقتل ولدي فقدمه، فقدمه فضربت عنقه، فقيل له تعجلت الثكل فقال: خفت إن يرى ولدي هول السيف على عنقي فيرجع عن ولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام ولم يذكر قتل ولده غير المرزباني. قال ابن سعد: فقيل لحجر مد عنقك. فقال: إن ذلك لدم ما كنت لأعين عليه فقدم فضربت عنقه. وقال المرزباني: قيل لما قدم ليقتل قيل له: مد عنقك. فقال ما كنت لأعين الظالمين. قال أبو الفرج والطبري: وأقبلوا يقتلونهم وأحدا وأحدا حتى قتلوا ستة نفر. وقال ابن الأثير: فقتلوه (أي حجر) وقتلوا ستة. فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي وكريم بن عفيف الخثعمي: ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته فبعثوا إلى معاوية فأخبروه فقال ائتوني بهما. قال الطبري: ولما حمل العنزي والخثعمي إلى معاوية قال العنزي لحجر: يا حجر لا يبعدنك الله فنعم أخو الإسلام كنت، وقال الخثعمي: لا تبعد ولا تفقد فقد كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ثم ذهب بهما واتبعهما حجر بصره وقال: كفى بالموت قطاعا لحبل القرائن وقال المرزباني: فلما حمل عبد الرحمن بن حسان العنزي وكريم بن عفيف الخثعمي وكانا من أصحاب حجر، قال العنزي: يا حجر لا تبعد ولا يبعد (ثوابك) مثواك فنعم أخو الإسلام كنت، وقال الخثعمي يا حجر لا تبعد ولا تفقد فلقد كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ثم ذهب بهما إلى القتل فاتبعهما حجر بصره وقال:

وفي هذا المقام أمور تستدعي النظر (أولا) إن قول صاحب الأغاني والطبري: فاقبلوا يقتلونهم حتى قتلوا ستة، فقال عبد الرحمن الخ. يدل على إن الستة غير حجر لقوله بعد ذلك: فالتفتنا إلى حجر، فيكون المقتولون سبعة حجر والستة الذين معهم ومنهم ولده همام، وإذا أضيف إليهم عبد الرحمن بن حسان الذي دفنه زياد حيا كانوا ثمانية، (ثانيا) قول ابن الأثير: فقتلوه وقتلوا ستة فقال عبد الرحمن الخ. . . يدل على إن قتل حجر قبل قول عبد الرحمن والحال أنه بعده كما يدل عليه خطابهما لحجر (ثالثا) قول المرزباني: ثم ذهب فإنه إنما ذهب بهما إلى معاوية كما قال أبو الفرج والطبري، وكما يدل عليه قوله: فاتبعهما حجر بصره، فإنه يدل على أنه ذهب بهما إلى بعيد وقتلهم إنما كان في مكان واحد (رابعا) المرزباني يقول إن المتمثل بالبيت هو حجر و أبو الفرج والطبري يقولان: إن المتمثل به هو العنزي. قال أبو الفرج والطبري وابن الأثير فلما دخلا على معاوية

قال الخثعمي: الله الله يا معاوية فإنك من هذه الدار الزائلة إلى الدار الآخرة الدائمة ومسئول عما أردت بقتلنا وفيم سفكت دماءنا فقال له معاوية ما تقول في علي؟ قال أقول فيه قولك قال أتتبرأ من دين علي الذي كان يدين الله به؟ فسكت وهذا تصريح من معاوية بأنه هو يتبرأ من دين علي الذي كان يدين الله به، والذي يظهر لي أنه إنما طلب منه هذه البراءة بهذا اللفظ الفظيع لاعتقاده أنه لا يتبرأ فيقول لا، فيجد سبيلا إلى قتله، وقد علم هو ذلك فسكت. أما قول الطبري بعد قوله فسكت وكره معاوية إن يجيبه خلاف الظاهر فإنه لو كان يريد العفو عنه ويكره إن يجيبه بلا الموجبة لقتله عنده لما شدد عليه بهذه العبارة السيئة التي هي كفر صريح - قال: وقام شمر بن عبد الله الخثعمي فاستوهبه، فقال: هو لك غير إني حابسه شهرا فحبسه ثم أطلقه على إن لا يدخل الكوفة ما دام له سلطان، فنزل الموصل، فكان ينتظر موت معاوية ليعود إلى الكوفة فمات قبل معاوية بشهر. وأقبل على عبد الرحمن بن حسان العنزي فقال له يا أخا ربيعة ما تقول في علي؟ قال: دعني ولا تسألني فهو خير لك! قال والله لا أدعك حتى تخبرني عنه، قال أشهد أنه كان من الذاكرين الله كثيرا والأمرين بالمعروف (بالحق والقائمين بالقسط) والناهين عن المنكر والعافين عن الناس. قال فما تقول في عثمان؟ قال هو أول من فتح أبواب الظلم وأرتج أبواب الحق. قال قتلت نفسك. قال بل إياك قتلت ولا ربيعة بالوادي - يعني أنه ليس ثمة أحد من قومه فيتكلم فيه - فبعث به معاوية إلى زياد وكتب إليه: إن هذا شر من بعثت به فعاقبه بالعقوبة التي هو أهلها واقتله شر قتلة، فبعث به زياد إلى قس الناطف فدفنه به حيا - وقس الناطف موضع قريب من الكوفة على شاطئ الفرات الشرقي - قال المرزباني: لما اجتمع إلى حجر أصحابه لتوديعه قال:

هكذا أورد المرزباني هذين البيتين ونسبهما لحجر بن عدي وقد وجدتهما من جملة قصيدة لعبد الله بن خليفة الطائي بعد ما هرب إلى جبلي طئ يرثي بها حجرا ويخاطب عدي بن حاتم ليسعى في رجوعه وستأتي الأبيات المختصة منها برثاء حجر وأصحابه عند ذكر مراثيه. وفي الدرجات الرفيعة: وفي رواية إن معاوية كتب إلى الموكل بهم أعرض على حجر وأصحابه، وكانوا ثمانية، ليتبرأوا من علي فقالوا بل نتولاه ونتبرأ ممن برئ منه، فحفرت لهم قبورهم ونشرت أكفأنهم، فقال حجر: يكفوننا كانا مسلمون ويقتلوننا كانا كافرون. وعرض عليهم البراءة عدة دفعات فلم يفعلوا فقتلوا.

عدد أصحاب حجر المأخوذين معه وأسماؤهم

في الأغاني: جمع زياد من أصحاب حجر بن عدي اثني عشر رجلا في السجن وأتبعهم برجلين فكانوا أربعة عشر رجلا. وقال ابن سعد في الطبقات: كانوا ثلاثة عشر رجلا فقتل سبعة ونجا ستة أو قتل ستة ونجا سبعة. وقال المرزباني كما مر: أنفذه في أناس من أصحابه وكانوا ثلاثة عشر رجلا. وفي الاستيعاب: بعث زياد إلى معاوية بحجر في اثني عشر رجلا كلهم في الحديد فقتل معاوية منهم ستة واستحيا ستة، وكان حجر ممن قتل. وفي أسد الغابة: فقتل حجر وستة معه وأطلق ستة. وقال الطبري وابن الأثير: كانوا أربعة عشر رجلا. وهذه أسماؤهم على ما في الأغاني وتاريخ الطبري

(1) حجر بن عدي الكندي

(2) الأرقم بن عبد الله الكندي

(3) شريك بن شداد الحضرمي

(4) صيفي بن فسيل الشيباني

(5) قبيصة بن حرملة العبسي

(6) كريم بن عفيف الخثعمي

(7) عاصم بن عوف البجلي

(8) ورقاء بن سمي البجلي

(9) كدام بن حيان العنزي

(10) عبد الرحمن بن حسان العنزي

(11) محرز بن شهاب التميمي المنقري

(12) عبد الله بن حؤية السعدي التميمي. قال أبو الفرج والطبري وابن الأثير: وأتبعهم زياد برجلين مع عامر بن الأسود العجلي وهما

(13) عتبة بن الأخنس من سعد بن بكر

(14) وسعيد (سعد) بن نمران الهمداني الناعطي. فهؤلاء 14 رجلا، ومن ذلك يظهر إن الصواب كونهم 14 رجلا لا 13 رجلا إلا إن يراد 13 غير حجر، وإذا أضفنا إليهم همام بن حجر كانوا 15.

أسماء من قتل منهم

في الأغاني: قال أبو مخنف عن رجاله فكان من قتل منهم سبعة نفر وكذلك في تاريخي الطبري وابن الأثير

(1) حجر بن عدي

(2) شريك بن شداد الحضرمي

(3) صيفي بن فسيل الشيباني

(4) قبيصة بن ضبيعة العبسي

(5) محرز بن شهاب التميمي السعدي ثم المنقري

(6) كدام بن حيان العنزي

(7) عبد الرحمن بن حسان العنزي الذي بعثه معاوية إلى زياد فدفنه حيا.

قال ابن الأثير: فهؤلاء السبعة قتلوا ودفنوا وصلي عليهم، وإذا أضفنا إليهم ابن حجر كانوا ثمانية. وقال الشهيد فيما يأتي عنه كان اسم ابن حجر الذي قتل معه همام. في الدرجات الرفيعة: قال شيخنا الشيخ محمد بن مكي المعروف بالشهيد الأول قدس الله روحه: الشهداء الذين بعذراء دمشق الذين قتلهم معاوية بعد إن بايعوه وأعطاهم العهود والمواثيق، حجر بن عدي الكندي حامل راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولده همام، وقبيصة بن ضبيعة العبسي، وصيفي بن فسيل، وشريك بن شداد الحضرمي ومحرز بن شهاب السعدي، وكرام بن حيان العبدي كلهم في ضريح واحد في جامع عذراء. قال الشيخ محمد بن مكي، أنشدني خادمهم هذه الأبيات:

قال محمد بن مكي فزدت:

(أقول) الذي في النسخة المنقول عنها من الدرجات كرام بالراء ولا شك أنها كانت كذلك في نسخة الشهيد بدليل ما في الأبيات وكأن الشهيد أخذ اسمه من الأبيات، والذي وجدناه في سائر الكتب كدام بالدال، ولعله هو الصواب وان كان كل من كرام وكدام موجودا في الأعلام العربية. والذي في الدرجات الرفيعة: العبدي وفي غيره العنزي، وقول هذا الشاعر وهم صحاب إن أراد به أنهم صحابيون فليس بصواب إذ ليس فيهم من الصحابة غير حجر.

صفة مشهدهم بعذراء

وفي سنة 1351 ونحن بدمشق قصدنا عذراء لزيارة قبر حجر وأصحابه فوجدناهم مدفونين في ضريح وعليهم قبة ببنيان محكم تظهر عليه آثار القدم في جانب مسجد واسع فيه منارة عظيمة قديمة وقبتهم التي فيها ضريحهم الشريف مهملة مهجورة قد نسجت عليها العناكب وتراكمت فيها الأتربة وليس في أرضها إلا تراب وزيارتها متروكة عند أهل هذه البلاد، ولو كانت منسوبة لأحد المتصوفين أو من تدعى لهم الولاية وخوارق العادات والجذبة أو كانوا من المجانين لكانت معظمة مخدومة مزورة، ويظهر من كلام الشهيد المتقدم أنها كانت في عصره مزورة. ورأينا مكان صخرة كانت على باب القبة وقلعت وبقي محلها ظاهرا، ولا شك أنه كانت عليها كتابة كما أخبرنا بذلك بعض أهل القرية، وأرونا صخرة غيرها صغيرة مطروحة في أرض القبة مكتوبة بخط قديم لا تاريخ فيها، وهذه صورة ما كتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم سكان هذا الضريح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجر بن عدي حامل راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيفي بن فسيل الشيباني وقبيصة بن ضبيعة العبسي وكدام بن حيان ومحرز بن شهاب السعدي وشريك بن شداد الحضرمي. والصواب كما عرفت أنه ليس فيهم من الصحابة غير حجر

المشهد المنسوب إليهم بمحلة مسجد القصب

ويوجد في مدينة دمشق محلة تسمى (مز القصب) والظاهر إن (مز) محرف مسجد وان اسم المحلة (محلة مسجد القصب) لما ستعرف من إن هذا المسجد يسمى مسجد القصب، وفيها جامع يسمى جامع السادات، ومسجد الأقصاب في مدخله ضريح عليه صندوق معلق على أحد جوانبه لوحة حفر عليها ما صورته: هذا مرقد سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجر بن عدي الكندي وصيفي بن أبي شكر الشيباني وكدام بن حيان ‹ صفحة 583 › العبدي وشريك بن شداد الحضرمي وقبيصة العبسي ومحرز بن شهاب التميمي وثمامة بن عبد الله الزبيدي رضي الله عنهم. سنة 1262. ولا يعلم أحد ما هو أصل هذا المسجد المسمى بمسجد السادات نسبة إليهم ولا أصل هذا الضريح، ولم يذكر مؤرخ من المؤرخين أنهم دفنوا بدمشق بل كلهم قالوا أنهم دفنوا بمرج عذراء، وكيف الجمع بين وجود ضريح لهم بعذراء وآخر بدمشق. ويدور على ألسنة العوام حديث لا يصح التعويل عليه، وهو إن هذا مدفن أقصابهم والله أعلم. وقد ذكر هذا المسجد ابن عساكر في تاريخ دمشق، لكنه لم يشر إلى هذا الضريح الذي في مدخله بشيء فقال عند تعداد المساجد التي في خارج دمشق في أرباضها مما ليس في قرية مسكونة: مسجد عند رأس زقاق سطرا يعرف بمسجد القصب على بابه قناة وهو قديم. والمظنون أنه هو هذا المسجد - على إن كاتب هذه اللوحة قد أخطأ في جعلهم من الصحابة إذ ليس غير حجر كما تقدم وثمامة الذي عده معهم ليس من أصحاب حجر ولا يعلم من هو، وصيفي بن فسيل سماه صيفي بن أبي شكر. ويغلب على الظن إن كاتبها قد كتبها ليدعو الزائرين إلى زيارة ضريح لم يعلم من فيه، فنسبه إلى قوم معروفين ليرغب في زيارتهم وأضاف إليهم ثمامة. وقد يكون هذا الضريح لجماعة أخيار سواهم والله أعلم.

أسماء من سلم منهم

قال أبو مخنف: ونجا منهم سبعة

(1) كريم بن عفيف الخثعمي شفع فيه عبد الله بن ثمر الخثعمي كما مر

(2) عبد الله بن حوية التميمي طلب فيه حبيب بن مسلمة فخلى سبيله

(3) عاصم بن عوف البجلي

(4) ورقاء بن سمي البجلي قام يزيد بن أسد البجلي فشفع فيهما وكان جرير بن عبد الله البجلي قد كتب فيهما إلى معاوية يزكيهما ويشهد لهما بالبراءة مما شهد عليهما فقال معاوية ليزيد هما لك

(5) أرقم بن عبد الله الكندي طلب فيه وائل بن حجر فتركه

(6) عتبة بن أخنس السعدي من هوازن طلب فيه أبو

الأعور السلمي فوهبه له

(7) سعيد (سعد) بن نمران الهمداني طلب فيه حمزة بن مالك الهمداني فوهبه له قال الطبري ذهب بعقبة بن الأخنس وسعد بن نمران بعد حجر بأيام فخلى سبيلهما. ومن ذلك يظهر إن الصواب أنه قتل سبعة ونجا سبعة. قال الطبري وابن الأثير: وقام مالك بن هبيرة السكوني فقال لمعاوية دع لي ابن عمي حجرا فقال: إن ابن عمك رأس القوم، وأخاف إن خليت سبيله إن يفسد علي مصره فيضطرني غدا إلى إن أشخصك وأصحابك إليه بالعراق، فقال: والله ما أنصفتني يا معاوية قاتلت معك ابن عمك بصفين حتى ظفرت ولم تخف الدوائر، ثم سألتك ابن عمي فسطوت وتخوفت فيما زعمت عاقبة الدوائر ثم انصرف فجلس في بيته مغضبا واجتمع إليه قومه من كندة والسكون وناس من اليمن كثير فقال والله لنحن أغنى عن معاوية من معاوية عنا وأنا لنجد في قومنا منه بدلا ولا يجد منا في الناس خلفا سيروا إلى هذا الرجل فلنخله من أيديهم، فاقبلوا يسيرون ولم يشكوا أنهم بعذراء لم يقتلوا، فاستقبلهم قتلتهم فلما رأوه في جمع ظنوا أنه إنما جاء ليخلص حجرا منهم، فقال لهم ما وراءكم؟ قالوا ثاب القوب وجئنا لنخبر معاوية. فسكت ومضى نحو عذراء، فاستقبله بعض من جاء منها وأخبره بأنهم قتلوا فقال علي بالقوم وتبعتهم الخيل وسبقوهم حتى دخلوا على معاوية وأخبروه خبر مالك ومن معه فقال لهم اسكنوا فإنما هي حرارة يجدها في نفسه وكأنها قد طفئت. ورجع مالك إلى منزله ولم يأت معاوية. فأرسل إليه معاوية فأبى إن يأتيه، فلما كان الليل بعث إليه بمائة ألف درهم وقال قل له: أنه لم يمنعه إن يشفعك في ابن عمك إلا شفقة عليك، وان حجرا لو بقي خشيت إن يكلفك وقومك الشخوص إليه، فقبلها ورضي.

ما قاله أصحاب حجر بعد شهادته

قال ابن عساكر في تاريخ دمشق: لما قتل حجر اجتمع شيعته فقال بعضهم: اسأل الله إن يجعل قتله (يعني معاوية) على أيدينا. فقال بعضهم: مه إن القتل كفارة، ولكننا نسأله تعالى إن يميته على فراشه.

ما جرى بين الحسين عليه السلام وبين معاوية بشأن قتل حجر

في احتجاج الطبرسي عن صالح بن كيسان قال: لما قتل معاوية حجر بن عدي وأصحابه حج ذلك العام فلقي الحسين بن علي عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله! هل بلغك ما صنعنا بحجر وأصحابه وأشياعه وشيعة أبيك؟ فقال: وما صنعت بهم؟ قال: قتلناهم وكفناهم وصلينا عليهم، فضحك الحسين عليه السلام وقال: خصمك القوم يا معاوية، ولكنا لو قتلنا شيعتك ما كفناهم ولا صلينا عليهم ولا قبرناهم - الحديث. ومر في أقوال العلماء فيه المكاتبة بين الحسين عليه السلام ومعاوية فيما يتعلق بقتل حجر.

ندم معاوية على قتل حجر حيث لا ينفعه

روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال: ما وفد جرير قط إلا وفدت معه وما دخل على معاوية إلا دخلت معه وما دخلنا معه عليه إلا ذكر قتل حجر بن عدي. قال المرزباني: قيل إن معاوية عند موته: أي يوم لي من حجر وأصحاب حجر يردد ذلك ويقول:

ثم يقول: يومي من حجر بن عدي يوم طويل ويردد قوله ثم مات. قال ابن عساكر: قال معاوية ما قتلت أحدا إلا وأنا اعرف فيم قتلته ما خلا حجرا فإني لا أعرف بأي ذنب قتلته. وفي تاريخ الطبري وابن الأثير: قال ابن سيرين بلغنا إن معاوية لما حضرته الوفاة جعل يغرغر بالصوت ويقول: يومي منك يا حجر يوم طويل. وفي تاريخ الطبري: قال أبو مخنف زعموا إن معاوية قال عند موته: يوم لي من ابن الأدبر طويل، ثلاث مرات يعني حجرا. وفي الدرجات الرفيعة: ذكر كثير من أهل الأخبار إن معاوية لما حضرته الوفاة جعل يغرغر بالموت ويقول: إن يومي منك يا حجر بن عدي لطويل. وفي كتاب الفرج بعد الشدة للقاضي التنوخي أبي علي محسن بن القاسم من نسخة مخطوطة قال: ذكر أبو الحسين المدايني في كتابه كتاب الفرج بعد الشدة والضيقة عن عبد الله بن عمير قال: كتب معاوية إلى زياد أنه قد ثلج في صدري شيء من أمر حجر بن عدي فابعث إلي رجلا من أهل المصر له فضل ودين وعلم، فدعا عبد الرحمن بن أبي ليلى، فقال له: إن أمير المؤمنين كتب إلي يأمرني إن أوجه إليه برجل من أهل المصر له دين وفضل وعلم ليسأله عن حجر بن عدي فكنت عندي ذلك الرجل فإياك إن تقبح له رأيه في حجر فأقتلك، وأمر له بألفي درهم وكساه حلتين وحمله على راحلتين. قال عبد الرحمن: فسرت وما في الأرض خطوة أشد علي من خطوة تدنيني إلى معاوية فقدمت بابه فاستأذنت فدخلت فسألني عن سفري وما خلفت من أهل المصر وعن خبر العامة والخاصة، ثم قال لي انطلق فضع ثياب سفرك والبس الثياب التي لحضرك وعد، فانصرفت إلى منزل أنزلته ثم رجعت إليه فذكر حجرا فقال: أما والله لقد تلجلج في صدري منه شيء ووددت إن لم أكن قتلته، قلت: وأنا والله يا معاوية وددت أنك لم تقتله، فبكى ثم قلت: والله لوددت انك حبسته، فقال لي: وددت إني كنت فرقتهم في كور الشام فيكفينيهم الطواعين. قلت وددت ذلك. فقال لي كم أعطاك زياد؟ قلت: ألفين وكساني حلتين وحملني على راحلتين. قال: فلك مثل ما أعطاك اخرج إلى بلدك فخرجت وما في الأرض شيء أشد علي من أمر يدنيني من زياد مخافة منه فقلت آتي اليمن ثم فكرت فقلت لا أخفى بها فأجمعت على آتي بعض عجائز الحي فأتوارى عندها إلى إن يأتي الله بالفرج قال: وقدمت الكوفة فأمر بجهينة حين طلع الفجر ومؤذنهم يؤذن فقلت: لو صليت، فنزلت فصرت في المسجد حتى أقام المؤذن ولما قضينا الصلاة إذا رجل في مؤخر الصف يقول: هل علمتم ما حدث البارحة؟ قالوا: وما حدث؟ قال: مات الأمير زياد فما سررت بشيء كسروري بذلك.

أول ذل دخل الكوفة

أسند الطبري من طريق أبي مخنف عن أبي إسحاق: أدركت الناس وهم يقولون إن أول ذل دخل الكوفة موت الحسن بن علي وقتل حجر بن عدي ودعوة زياد، وأرسله ابن الأثير في تاريخه مثله.

متى ذل الناس

روى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين بسنده عن عمرو بن بشير الهمداني قلت لأبي إسحاق السبيعي متى ذل الناس؟؟ قال: حين مات الحسن عليه السلام وادعي زياد وقتل حجر بن عدي.

ما فعلته وقالته أم المؤمنين بشأن حجر

في طبقات ابن سعد الكبير أنه بلغ عائشة الخبر - يعني بأخذ حجر وأصحابه فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي إلى معاوية تسأله إن يخلي سبيلهم. فقدم عبد الرحمن على معاوية برسالة عائشة وقد قتلوا فقال يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان فقال غيبة مثلك عني من قومي. قال: والله لا تعد لك العرب حلما قعد هذا أبدا ولا رأيا: قتلت قوما بعث بهم إليك أسارى من المسلمين قال: فما أصنع كتب إلي فيهم زياد يشدد أمرهم ويذكر أنهم سيفتقون علي فتقا لا يرقع، ثم قدم معاوية المدينة فدخل على عائشة فكان أول ما بدأته به قتل حجر في كلام طويل جرى بينهما ثم قال: فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا. وفي رواية إن عائشة قالت له أين كان حلمك عن حجر بن عدي؟ فقال: يا أم المؤمنين لم يكن يحضرني رشيد. وفي الاستيعاب روينا عن أبي سعيد المقبري قال: لما حج معاوية جاء المدينة زائرا فاستأذن على عائشة فاذنت له، فلما قعد قالت له: يا معاوية! أأمنت إن أخبئ لك من يقتلك بأخي محمد؟ فقال: بيت الأمان دخلت. قالت يا معاوية! أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه؟ قال إنما قتلهم من شهد عليهم. ورواه الطبري مثله عن أبي سعيد المقبري من طريق أبي مخنف. قال وعن مسروق بن الأجدع: سمعت عائشة أم المؤمنين تقول: أما والله لو علم معاوية إن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ على إن يأخذ حجرا وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام ولكن ابن آكلة الأكباد علم أنه قد ذهب الناس، أما والله إن كانوا لجمجمة العرب عزا ومنعة وفقها! لله در لبيد:

وأسند الطبري في تاريخه من طريق أبي مخنف وذكره ابن الأثير قال: كانت عائشة تقول: لولا أنا لم نغير شيئا إلا آلت بنا الأمور إلى أشد مما كنا فيه لغيرنا قتل حجر؟ أما والله إن كان ما علمت لمسلما حجاجا معتمرا - وحجر كان في حرب الجمل، فهل كانت أم المؤمنين لو ظرفت به فاعلة به دون فعل معاوية؟ وهل كان ذنبه إليها دون ذنبه إلى معاوية؟ الله أعلم - ثم إن عبد الرحمن رسول أم المؤمنين غاية ما كان عنده في عتاب معاوية إن قال له أين عزب عنك حلم أبي سفيان وان العرب لا تعدله حلما بعد هذا ولا رأيا ولو كان نافذ البصيرة صادق اليقين لقال له: بماذا استحللت دماء حجر وأصحابه أبأنهم لم يبرأوا من علي بن أبي طالب ودينه الذي يدين الله به وهل هذا يحل لك دماءهم. ولكن ذلك يدل على فساد الزمان وأهله وإذا فسد الرأس فسد الجسد، ولا أعجب من قوله لأم المؤمنين: (فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا) أفتراه يظن إن له حجة أو عذرا عنه ربه، وكان على أم المؤمنين إن لا تأذن له في الدخول ليكون أروع في انكار المنكر، وهي قادرة على ذلك، وهو لا يستطيع إن ينالها بسوء، وكلامها معه المتقدم عن الاستيعاب هو إلى المطايبة أقرب منه إلى التوبيخ والمعاتبة.

بكاء ابن عمر على حجر

روى الحاكم في المستدرك بسنده عن نافع قال: لما كان ليالي بعث حجر إلى معاوية جعل الناس يتخبرون ويقولون ما فعل حجر، فأتى خبره ابن عمر وهو محتب في السوق، فأطلق حبوته ووثب وانطلق فجعلت أسمع نحيبه وهو مول. وفي الإصابة: روى ابن أبي الدنيا والحاكم وعمرو بن شبة من طريق ابن عون عن نافع قال: لما انطلق بحجر بن عدي كان ابن عمر يتخبر عنه، فأخبر بقتله وهو بالسوق فأطلق حبوته وولى وهو يبكي. وفي الاستيعاب وأسد الغابة بالإسناد عن نافع: كان ابن عمر في السوق فنعي إليه حجر، فأطلق حبوته وقام وقد غلبه النحيب.

قول الحسن البصري في قتل حجر

أسند الطبري عن أبي مخنف عن الصعقب بن الزهير عن الحسن ورواه ابن أبي الحديد عن الزبير بن بكار في الموفقيات، وحكاه في الدرجات الرفيعة عن الزبير بن بكار عن رجاله عن الحسن البصري وقال ابن أبي الحديد: رواه الناس ممن عني بنقل الآثار والسير عن الحسن البصري. أقول: وذكره ابن الأثير في تاريخه عن الحسن البصري أنه قال: أربع خصال كن في معاوية لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء (بالسيف) حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة، واستخلافه بعده ابنه يزيد سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر، وقتله حجر بن عدي وأصحابه فيا ويلا له من حجر وأصحاب حجر، مرتين. ورواه المرزباني نحوه مع بعض التفاوت، قال المرزباني: قال الحسن البصري أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة كانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء وفيها بقايا الصحابة وذوو الفضل، وادعاؤه زيادا وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر، واستخلافه يزيد من بعده سكيرا خميرا يزوج بين الدب والذئب والكلب والضبع ينظر ما يخرج بينهما، وقتله حجر بن عدي وأصحابه فيا ويله ثم يا ويله. وأسند في الاستيعاب إن الحسن البصري قال وقد ذكر معاوية: وقتله حجرا وأصحابه ويل لمن قتل حجرا وأصحاب حجر. وفي أسد الغابة: كان الحسن البصري يعظم قتل حجر وأصحابه. وقال الطبري وابن الأثير: حجر وأصحابه سبعة قتلوا وكفنوا وصلي عليهم، قال: فزعموا إن الحسن لما بلغه قتل حجر وأصحابه قال صلوا عليهم وكفنوهم ودفنوهم واستقبلوا بهم القبلة؟ قالوا نعم. قال: حجوهم ورب الكعبة.

دعاء الربيع عامل معاوية على نفسه

بالموت لما بلغه قتل حجر

في الاستيعاب: لما بلغ الربيع بن زياد الحارثي من بني الحارث بن كعب وكان فاضلا جليلا وكان الحسن بن أبي الحسن كاتبه فلما بلغه قتل معاوية حجر بن عدي دعا الله عز وجل فقال: اللهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجل فلم يبرح من مجلسه حتى مات. ونحوه في أسد الغابة، وفي الدرجات الرفيعة: روى الشيخ في الأمالي قال: أخبرنا محمد بن محمد أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي حدثنا الحسين بن عطاء الصواف حدثنا محمد بن سعيد البصري قال: كنت غازيا زمن معاوية بخراسان وكان علينا رجل من التابعين فصلى بنا يوما الظهر ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس أنه قد حدث في الإسلام حدث عظيم لم يكن منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مثله بلغني إن معاوية قتل حجرا وأصحابه فإن يك عند المسلمين غير فسبيل ذلك وان لم يكن عندهم غير فاسأل الله إن يقبضني إليه وان يعجل ذلك، قال الحسن بن أبي الحسن: فلا والله ما صلى بنا صلاة غيرها حتى سمعنا عليه الصياح. والظاهر أنه هو الربيع بن زياد الحارثي المتقدم. وكان حجر بن عدي فيما رواه أبو مخنف من جملة الذين كتبوا إلى عثمان من رجال أهل الكوفة ونساكهم وذوي بأسهم ينقمون عليه أمور وينصحونه وينهونه عنها وكانوا اثني عشر رجلا فيهم عمرو بن الحمق الخزاعي، وسليمان بن صرد الخزاعي، ويزيد بن قيس الهمداني الأرحبي، ومالك بن حبيب اليربوعي، وزياد بن النضر الحارثي، وزياد بن خصفة التميمي، وعبد الله بن الطفيل العامري، ومعقل بن قيس اليربوعي، وذلك في إمارة سعيد بن العاص على الكوفة، وأرسلوا الكتاب مع أبي ربيعة العنزي، وسنذكر الكتاب في ترجمة كعب بن عبدة ذي الحبكة النهدي.

ما روي من طريق حجر

في الإصابة: روى ابن قانع في ترجمته أي ترجمة حجر بن عدي الكندي من طريق شعيب بن حرب عن شعبة عن أبي بكر بن حفص عن حجر بن عدي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن قوما يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها. وفي الطبقات بسنده عن غلام لحجر بن عدي الكندي قال: قلت لحجر إني رأيت ابنك دخل الخلاء ولم يتوضأ، قال: ناولني الصحيفة من الكوفة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما سمعت علي بن أبي طالب يذكر إن الطهور نصف الإيمان. وروى ابن عساكر في تاريخه عن حجر أنه قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: الوضوء نصف الإيمان. ورواه العسكري بلفظ الطهور نصف الإيمان، وقال أبو عبيد شطر الإيمان. وروى ابن عساكر في تاريخه أيضا باسناده إلى حجر بن عدي أنه قال سمعت شراحيل بن مرة يقول سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي أبشر يا علي حياتك وموتك معي. وأسند الحاكم في المستدرك عن مخشي بن حجر بن عدي عن أبيه إن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم خطبهم فقال: أي يوم هذا؟ فقالوا يوم حرام. قال: فأي بلد هذا؟ قالوا بلد حرام. قال: فأي شهر هذا؟ قالوا شهر حرام. قال: فان دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا كحرمة شهركم هذا كحرمة بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.

ما رثي به حجر

قال المرزباني: قالت أمراة من كندة ترثيه وفي طبقات ابن سعد وتاريخ الطبري: قالت هند بنت زيد بن مخربة (مخرمة) الأنصارية وكانت شيعية حين سير بحجر إلى معاوية ونحوه في تاريخ دمشق:

قال ابن عساكر: وتروى هذه الأبيات لأخت حجر بن عدي رواه عبد الله بن الإمام أحمد، ولما رواه أبو بكر بن عياش قال: قاتلها الله ما أشعرها. وفي مروج الذهب: لما صار حجر على أميال من الكوفة يراد به دمشق، أنشأت ابنته تقول: - ولا عقب له من غيرها:

وقال ابن عساكر: وقال قيس بن فهدان يرثيه - وهي في النسخة مغلوطة وأصلحناها بقدر الإمكان:

قال الطبري: وقالت الكندية ترثي حجرا، ويقال: بل قائلها الأنصارية المقدم ذكرها:

وقال عبد الله بن خليفة الطائي يرثي حجرا وأصحابه من قصيدة ذكرها الطبري وابن الأثير وأورد ابن عساكر منها أبياتا، وعبد الله هذا كان من أصحاب حجر وهرب إلى جبلي طئ:

قال الطبري: وقال عبيدة الكندي ثم البدي وهو يعير محمد بن الأشعث بخذلانه حجرا:

(أقول) المراد بوافد آل بيت محمد: مسلم بن عقيل بن أبي طالب.

التمييز

في مشتركات الطريحي والكاظمي: باب حجر المشترك بين ابن عدي وابن زائدة الثقة، ويمكن استعلام أنه الأول بروايته عن علي عليه السلام لأنه من أصحابه. وزاد أبو علي: وعن الحسن والحسين، ويمكن استعلام أنه ابن زائدة برواية ابن مسكان عنه، وروايته هو عن أبي جعفر عليه السلام، وزاد الكاظمي: ورواية جعفر بن بشير عنه وروايته عن أبي عبد الله عليه السلام، ومر عن الشيخ رواية محمد بن الحسين عنه، وعن جامع الرواة رواية أبان بن عثمان عنه.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 4- ص: 568

حجر بن عدي (ب س) حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث ابن معاوية بن نور بن مرتع بن معاوية بن كندة الكندي. وهو المعروف بحجر الخير، وهو ابن الأدبر، وإنما قيل لأبيه: عدي الأدبر، لأنه طعن على أليته موليا، فسمي الأدبر.
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخوه هانئ، وشهد القادسية، وكان من فضلاء الصحابة، وكان على كندة بصفين، وعلى الميسرة يوم النهروان، وشهد الجمل أيضا مع علي، وكان من أعيان أصحابه، ولما ولي زياد العراق، وأظهر من الغلظة وسوء السيرة ما أظهر، خلعه حجر ولم يخلع معاوية، وتابعه جماعة من شيعة علي رضي الله عنه، وحصبه يوما في تأخير الصلاة هو وأصحابه، فكتب فيه زياد إلى معاوية، فأمره أن يبعث به وبأصحابه إليه، فبعث بهم مع وائل بن حجر الحضرمي، ومعه جماعة، فلما أشرف على مرج عذراء، قال: إني لأول المسلمين كبر في نواحيها، فأنزل هو وأصحابه عذراء، وهي قرية عند دمشق، فأمر معاوية بقتلهم، فشفع أصحابه في بعضهم فشفعهم، ثم قتل حجر وستة معه، وأطلق ستة، ولما أرادوا قتله صلى ركعتين، ثم قال: لولا أن تظنوا بي غير الذي بي لأطلتهما، وقال: لا تنزعوا عني حديدا ولا تغسلوا عنى دما، فإني لاق معاوية على الجادة.
ولما بلغ فعل زياد بحجر إلى عائشة رضي الله عنها، بعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى معاوية تقول: الله الله في حجر وأصحابه، فوجده عبد الرحمن قد قتل، فقال لمعاوية: أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه، ألا حبستهم في السجون، وعرضتهم للطاعون؟ قال: حين غاب عني مثلك من قومي، قال: والله لا تعد لك العرب حلما بعدها ولا رأيا، قتلت قوما بعث بهم أسارى من المسلمين! قال: فما أصنع؟ كتب إلى زياد فيهم يشدد أمرهم، ويذكر أنهم سيفتقون فتقا لا يرقع.
ولما قدم معاوية المدينة دخل على عائشة رضي الله عنها، فكان أول ما قالت له في قتل حجر، في كلام طويل، فقال معاوية: دعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا.
قال نافع: كان ابن عمر في السوق، فنعي إليه حجر، فأطلق حبوته، وقام وقد غلبه النحيب.
وسئل محمد بن سيرين عن الركعتين عند القتل، فقال: صلاهما خبيب وحجر، وهما فاضلان.
وكان الحسن البصري يعظم قتل حجر وأصحابه.
ولما بلغ الربيع بن زياد الحارثي، وكان عاملا لمعاوية على خراسان، قتل حجر، دعا الله عز وجل وقال: اللهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجل، فلم يبرح من مجلسه حتى مات.
وكان حجر في ألفين وخمسمائة من العطاء، وكان قتله سنة إحدى وخمسين، وقبره مشهور بعذراء وكان مجاب الدعوة.
أخرجه أبو عمر وأبو موسى.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 256

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 1- ص: 697

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 1- ص: 461

حجر بضم أوله وسكون الجيم- ابن عدي بن معاوية بن جبلة بن عدي ابن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي، المعروف بحجر بن الأدبر، حجر الخير.
وذكر ابن سعد ومصعب الزبيري فيما رواه الحاكم عنه أنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخوه هانئ بن عدي، وأن حجر بن عدي شهد القادسية، وأنه شهد بعد ذلك الجمل وصفين وصحب عليا، فكان من شيعته، وقتل بمرج عذراء». بأمر معاوية وكان حجر هو الذي افتتحها، فقدر أن قتل بها.
وقد ذكر ابن الكلبي جميع ذلك، وذكره يعقوب بن سفيان في أمراء علي يوم صفين.
وروى ابن السكن وغيره، من طريق إبراهيم بن الأشتر، عن أبيه- أنه شهد هو حجر بن الأدبر موت أبي ذر بالربذة.
أما البخاري وابن أبي حاتم عن أبيه وخليفة بن خياط وابن حبان فذكروه في التابعين.
وكذا ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة، فإما أن يكون ظنه آخر، وإما أن يكون ذهل.
وروى ابن قانع في ترجمته من طريق شعيب بن حرب عن شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن حجر بن عدي- رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن قوما يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها». وروى أحمد في الزهد والحاكم في المستدرك من طريق ابن سيرين قال: أطال زياد الخطبة- فقال حجر: الصلاة فمضى في خطبته فحصبه حجر والناس، فنزل زياد، فكتب إلى معاوية، فكتب إليه أن سرح به إلي. فلما قدم قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال: أو أمير المؤمنين أنا؟ قال: نعم. فأمر بقتله. فقال: لا تطلقوا عني حديدا. ولا تغسلوا عني دما: فإني لاق معاوية بالجادة، وإني مخاصم وروى الروياني والطبراني والحاكم من طريق أبي إسحاق قال: رأيت حجر بن عدي، وهو يقول: ألا إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها.
وروى ابن أبي الدنيا والحاكم وعمر بن شبة من طريق ابن عون. عن نافع. قال: لما انطلق بحجر بن عدي كان ابن عمر يتخبر عنه فأخبر بقتله وهو بالسوق فأطلق حبوته وولى وهو يبكي.
وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه، عن أبي الأسود، قال: دخل معاوية على عائشة فعاتبته في قتل حجر وأصحابه، وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يقتل بعدي أناس يغضب الله لهم وأهل السماء».
في سنده انقطاع.
وروى إبراهيم بن الجنيد في «كتاب الأولياء» بسند منقطع: أن حجر بن عدي أصابته جنابة، فقال للموكل به: أعطني شرابي أتطهر به. ولا تعطني غدا شيئا. فقال: أخاف أن تموت عطشا فيقتلني معاوية قال: فدعا الله فانسكبت له سحابة بالماء. فأخذ منها الذي احتاج إليه. فقال له أصحابه: ادع الله أن يخلصنا. فقال: اللهم خر لنا. قال: فقتل هو وطائفة منهم.
قال خليفة وأبو عبيد وغير واحد. قتل سنة إحدى وخمسين وقال يعقوب بن إبراهيم بن سعد: كان قتله سنة ثلاث وخمسين.
وقال ابن الكلبي: وكان لحجر بن عدي ولدان. عبد الله، وعبد الرحمن، قتلا مع المختار لما غلب عليه مصعب، وهرب ابن عمهما معاذ بن هانئ بن عدي إلى الشام، وابن عمهم هانئ بن الجعد بن عدي كان من أشراف الكوفة.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 2- ص: 32

حجر بن عدي بن الأدبر تقدم في القسم الأول.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 2- ص: 143

حجر الخير حجر بن عدي الأدبر وإنما سمي الأدبر لأنه طعن موليا. هو أبو عبد الرحمن الكندي الكوفي، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وسمع عليا وعمارا وشراحيل ابن مرة، ويقال شرحبيل، وغزا الشام في الجيش الذين افتتحوا عذراء التي قتل بها وهي من قرى دمشق وقبره بها معروف. وشهد مع علي الجمل وصفين أميرا، وكان برا بوالديه عابدا وكان في ألفين وخمسمئة من العطاء وشهد فتح القادسية وقتله معاوية وقتل أصحابه بمرج عذراء وقتل ابناه عبد الله وعبد الرحمن قتلهما مصعب بن الزبير صبرا وكانا يتشيعان وكان حجر ثقة معروفا. قال أبو معشر: كان حجر بن عدي رجلا من كندة وكان عابدا قال: ولم يحدث قط إلا توضأ ولم يهرق ماء إلا توضأ وما توضأ إلا صلى وقال ابن سعد: حجر في الطبقة الرابعة من تابعي الكوفة وهذا حجر يعرف بحجر الخير فصلا بينه وبين حجر الشر وهو حجر بن يزيد. وقد تقدم ذكره. وكان سبب قتله أنه كان من أصحاب علي فكانت تصدر منه حركات لا تعجب ولاة الكوفة. فقال له زياد بن أبيه: إني أحذرك أن تركب أعجاز أمور قد هلك من ركب صدورها. فلم ينته فنفذ زياد إلى معاوية: إن كان لك بالعراق حاجة فاكفني حجرا وأصحابه. فأمر بهم معاوية فقتلوا نصفهم بعذراء سنة إحدى وخمسين وكانوا أربعة عشر وقيل ثلاثة عشر وكان حجر ممن قتل. وقيل قتل ستة أو سبعة. وجاء رسول معاوية بالعفو عنهم وقدم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام برسالة عائشة تسأله أن يخلي سبيلهم فقدم وقد قتلوا فقال: يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان. فقال: غيبة مثلك عني من قومي. وحج معاوية فاستأذن على عائشة فحجبته. ثم أذنت له فقالت له: ما حملك على قتل أهل عذراء حجر وأصحابه؟ قال يا أم المؤمنين إني رأيت قتلهم صلاحا للأمة وإن بقاءهم فساد للأمة. فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيقتل بعذراء أناس يغضب الله لهم وأهل السماء، أما خشيت أن أخبئ لك رجلا فيقتلك؟ فقال: لا، إني في بيت أمان. وكان يقول عند موته: إن يومي من ابن الأدبر لطويل وانتحب ابن عمر لما بلغه قتله وندم معاوية على قتله وعرف منه الندم والخوف عند الموت وقال: ما قتلت أحدا إلا وأنا أعرف فيم قتلته وما أردت به، ما خلا حجرا. وكان يقال: أول ذل دخل على أهل الكوفة قتل حجر بن عدي، وقالت هند ابنة زيد بن مخرمة الأنصارية حين سار حجر إلى معاوية:

وأنشد حجر عند قتله:
وقال لأصحابه بالكوفة عند وداعهم:
فأجابته امرأة أنصارية:
وقد روي الشعران لغيرهما.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0

حجر بن عدي ابن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية الكندي، وهو جحر الخير، وأبوه عدي الأدبر. وكان قد طعن موليا، فسمي الأدبر، الكوفي، أبو عبد الرحمن الشهيد. له صحبة ووفادة.
قال غير واحد: وفد مع أخيه هانئ بن الأدبر، ولا رواية له عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وسمع من: علي، وعمار.
روى عنه: مولاه؛ أبو ليلى، وأبو البختري الطائي، وغيرهما.
وكان شريفا، أميرا مطاعا، أمارا بالمعروف، مقدما على الإنكار، من شيعة علي -رضي الله عنهما، شهد صفين أميرا، وكان ذا صلاح وتعبد.
قيل: كذب زياد بن أبيه متولي العراق وهو يخطب، وحصبه مرة أخرى، فكتب فيه إلى
معاوية. فعسكر حجر في ثلاثة آلاف بالسلاح، وخرج عن الكوفة، ثم بدا له وقعد، فخاف زياد من ثورته ثانيا، فبعث به في جماعة إلى معاوية.
قال ابن سعد: كان حجر جاهليا إسلاميا، شهد القادسية، وهو الذي افتتح مرج عذراء، وكان عطاؤه في ألفين وخمس مائة. ولما قدم زياد واليا دعا به، فقال: تعلم أني أعرفك، وقد كنت أنا وأنت على ما علمت من حب علي، وإنه قد جاء غير ذلك، فأنشدك الله أن يقطر لي من دمك قطرة، فأستفرغه كله، أملك عليك لسانك، وليسعك منزلك، وهذا سريري فهو مجلسك، وحوائجك مقضية لدي، فاكفني نفسك، فإني أعرف عجلتك، فأنشدك الله يا أبا عبد الرحمن في نفسك، وإياك وهذه السفلة أن يستزلوك عن رأيك، فإنك لو هنت علي، أو استخففت بحقك، لم أخصك بهذا. فقال: قد فهمت، وانصرف.
فأتته الشيعة، فقالوا: ما قال لك؟ فأخبرهم. قالوا: ما نصح، فأقام وفيه بعض الاعتراض، والشيعة تختلف إليه، ويقولون: إنك شيخنا وأحق من أنكر، وإذا أتى المسجد مشوا معه. فأرسل إليه خليفة زياد على الكوفة عمرو بن حريث -وزياد بالبصرة: ما هذه الجماعة؟ فقال للرسول: تنكرون ما أنتم فيه؟ إليك وراءك أوسع لك، فكتب عمرو إلى زياد: إن كانت له حاجة بالكوفة فعجل. فبادر، ونفذ إلى حجر عدي بن حاتم، وجرير بن عبد الله، وخالد بن عرفطة، ليعذروا إليه، وأن يكف لسانه، فلم يجبهم، وجعل يقول: يا غلام! اعلف البكر. فقال عدي: أمجنون أنت؟ أكلمك بما أكلمك، وأنت تقول هذا؟! وقال لأصحابه: ما كنت أظن بلغ به الضعف إلى كل ما أرى. ونهضوا فأخبروا زيادا، فأخبروه ببعض، وخزنوا بعضا، وحسنوا أمره، وسألوا زيادا الرفق به، فقال: لست إذا لأبي سفيان، فأرسل إليه الشرط والبخارية، فقاتلهم بمن معه، ثم انفضوا عنه، وأتي به إلى زياد وبأصحابه، فقال: ويلك! ما لك؟ قال: إني على بيعتي لمعاوية، فجمع زياد سبعين، فقال: اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه، ثم أوفدهم على معاوية، وبعث بحجر وأصحابه إليه، فبلغ عائشة الخبر، فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى معاوية تسأله أن يخلي سبيلهم. فقال معاوية: لا أحب أن أراهم، هاتوا كتاب زياد، فقرئ عليه، وجاء الشهود. فقال معاوية: اقتلوهم عند عذراء. فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا: عذراء. قال: أما -والله- إني لأول مسلم نبح كلابها في سبيل الله، ثم أحضروا مصفودين، ودفع
كل رجل منهم إلى رجل فقتله. فقال حجر: يا قوم، دعوني أصلي ركعتين. فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين، فطول. فقيل له: طولت، أجزعت؟ فقال: ما صليت صلاة أخف منها، ولئن جزعت لقد رأيت سيفا مشهورا، وكفنا منشورا، وقبرا محفورا، وكانت عشائرهم قد جاءوهم بالأكفان، وحفروا لهم القبور. ويقال: بل معاوية الذي فعل ذلك، وقال حجر: اللهم إنا نستعديك على أمتنا، فإن أهل العراق شهدوا علينا، وإن أهل الشام قلتونا. فقيل له: مد عنقك. فقال: إن ذلك لدم ما كنت لأعين عليه.
وقيل: بعث معاوية هدبة بن فياض فقتلهم، وكان أعور، فنظر إليه رجل منهم من خثعم، فقال: إن صدقت الطير قتل نصفنا، ونجا نصفنا. فلما قتل سبعة، بعث معاوية برسول بإطلاقهم، فإذا قد قتل سبعة، ونجا ستة، وكانوا ثلاثة عشر.
وقدم ابن هشام برسالة عائشة، وقد قتلوا، فقال: يا أمير المؤمنين! أين عزب عنك حلم أبي سفيان؟ قال: غيبة مثلك عني -يعني: أنه ندم.
وقالت هند الأنصارية -وكانت شيعية؛ إذ بعث بحجر إلى معاوية:

قال ابن عون، عن محمد، قال: لما أتي بحجر، قال: ادفنوني في ثيابي، فإني أبعث مخاصما.
وروى ابن عون، عن نافع، قال: كان ابن عمر في السوق، فنعي إليه حجر، فأطلق حبوته، وقام وقد غلب عليه النحيب.
هشام بن حسان، عن محمد، قال: لما أتي معاوية بحجر، قال: السلام عليك يا أمير
المؤمنين! قال: أوأمير المؤمنين أنا؟ اضربوا عنقه، فصلى ركعتين، وقال لأهله: لا تطلقوا عني حديدا، ولا تغسلوا عني دما، فإني ملاق معاوية على الجادة.
وقيل: إن رسول معاوية عرض عليهم البراءة من رجل والتوبة، فأبى ذلك عشرة، وتبرأ عشرة، فلما انتهى القتل إلى حجر جعل يرعد.
وقيل: لما حج معاوية استأذن على عائشة، فقالت: أقتلت حجرا؟ قال: وجدت في قتله صلاح الناس، وخفت من فسادهم.
وكان قتلهم في سنة إحدى وخمسين، ومشهدهم ظاهر بعذراء يزار.
وخلف حجر ولدين: عبيد الله، وعبد الرحمن، قتلهما مصعب بن الزبير الأمير، وكانا يتشيعان.
أما:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 4- ص: 456

حجر بن عدي بن الأدبر الكندي يكنى أبا عبد الرحمن، كوفي، وهو حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن الأدبر، وإنما سمي الأدبر، لأنه ضرب بالسيف على أليته موليا فسمى بها الأدبر.
كان حجر من فضلاء الصحابة، وصغر سنه عن كبارهم، وكان على كندة يوم صفين وكان على الميسرة يوم النهروان، ولما ولى معاوية زياد العراق وما وراءها، وأظهر من الغلظة وسوء السيرة ما أظهر خلعه حجر ولم يخلع معاوية، وتابعه جماعة من أصحاب علي وشيعته، وحصبه يوما في تأخير الصلاة هو وأصحابه.
فكتب فيه زياد إلى معاوية فأمره أن يبعث به إليه، فبعث إليه مع وائل بن حجر الحضرمي في اثني عشر رجلا، كلهم في الحديد، فقتل معاوية منهم سنة، واستحيا ستة، وكان حجر ممن قتل، فبلغ ما صنع بهم زياد إلى عائشة أم المؤمنين، فبعثت إلى معاوية عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: الله الله في حجر وأصحابه! فوجده عبد الرحمن قد قتل هو وخمسة من أصحابه، فقال لمعاوية: أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه؟ ألا حبستهم في السجون وعرضتهم للطاعون؟ قال: حين غاب عنى مثلك من قومي.
قال: والله لا تعدلك العرب حلما بعدها أبدا، ولا رأيا. قتلت قوما بعث بهم إليك أسارى من المسلمين. قال: فما أصنع؟ كتب إلى فيهم زياد يشدد أمرهم، ويذكر أنهم سيفتقون على فتقا لا يرقع.
ثم قدم معاوية المدينة، فدخل على عائشة، فكان أول ما بدأته به قتل حجر في كلام طويل جرى بينهما، ثم قال: فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا.
والموضع الذي قتل فيه حجر بن عدي ومن قتل معه من أصحابه يعرف بمرج عذراء.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الله بن يونس، قال: حدثنا بقي، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن عون، عن نافع، قال: كان ابن عمر في السوق فنعي إليه حجر، فأطلق حبوته وقام وقد غلب عليه النحيب.
حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا عبد الله بن عمر، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج، قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدثنا سعيد بن عامر، قال: حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين: أن معاوية لما أتي بحجر بن الأدبر قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. قال: أو أمير المؤمنين أنا؟ اضربوا عنقه. قال: فلما قدم للقتل قال: دعوني أصلى ركعتين. فصلاهما خفيفتين، ثم قال: لولا أن تظنوا بي غير الذي بي لأطلتهما، والله لئن كانت صلاتي لم تنفعني فيما مضى ما هما بنافعتي، ثم قال لمن حضر من أهله: لا تطلقوا عني حديدا، ولا تغسلوا عني دما، فإني ملاق معاوية على الجادة.
حدثنا خلف، حدثنا عبد الله، حدثنا أحمد، حدثنا يحيى بن سليمان، حدثنا ابن المبارك، قال حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين. أنه كان إذا سئل عن الركعتين عند القتل قال: صلاهما خبيب وحجر، وهما فاضلان.
قال أحمد: وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب الواسطي وأثنى عليه خيرا، قال: حدثنا عثمان بن الهيثم، قال: حدثنا مبارك بن فضالة، قال: سمعت الحسن يقول- وقد ذكر معاوية وقتله حجرا وأصحابه: ويل لمن قتل حجرا وأصحاب حجر، قال أحمد: قلت ليحيى ابن سليمان: أبلغك أن حجرا كان مستجاب الدعوة؟ قال: نعم، وكان من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن أبي سعيد المقبري قال: لما حج معاوية جاء إلى المدينة زائرا، فاستأذن على عائشة رضي الله عنها، فأذنت له، فلما قعد قالت له: يا معاوية، أمنت أن أخبأ لك من يقتلك بأخي محمد بن أبي بكر؟ فقال: بيت الأمان دخلت. قالت: يا معاوية، أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه؟ قال: إنما قتلهم من شهد عليهم.
وعن مسروق بن الأجدع، قال: سمعت عائشة أم المؤمنين تقول: أما والله لو علم معاوية أن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ على أن يأخذ حجرا وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام، ولكن ابن آكلة الأكباد علم أنه قد ذهب الناس، أما والله إن كانوا لجمجمة العرب عزا ومنعة وفقها، ولله در لبيد حيث:

ولما بلغ الربيع بن زياد الحارثي من بني الحارث بن كعب، وكان فاضلا جليلا، وكان عاملا لمعاوية على خراسان، وكان الحسن بن أبي الحسن كاتبه، فلما بلغه قتل معاوية حجر بن عدي دعا الله عز وجل، فقال: اللهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجل. فلم يبرح من مجلسه حتى مات.
وكان قتل معاوية لحجر بن عدي بن الأدبر سنة إحدى وخمسين.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 329

حجر بن عدي بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث ابن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندي. وهو حجر الخير. وأبوه عدي الأدبر طعن موليا فسمى الأدبر. وكان حجر بن عدي جاهليا إسلاميا. قال وذكر بعض رواة العلم أنه وفد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أخيه هانئ بن عدي. وشهد حجر القادسية وهو الذي افتتح مرج عذرى. وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء. وكان من أصحاب علي بن أبي طالب وشهد معه الجمل وصفين. فلما قدم زياد بن أبي سفيان واليا على الكوفة دعا بحجر بن عدي فقال: تعلم أني أعرفك. وقد كنت أنا وإياك على ما قد علمت. يعني من حب علي بن أبي طالب. وإنه قد جاء غير ذلك.
وأين أنشدك الله أن تقطر لي من دمك قطرة فأستفرغه كله. املك عليك لسانك وليسعك منزلك. وهذا سريري فهو مجلسك. وحوائجك مقضية لدي فاكفني نفسك فإني أعرف عجلتك. فأنشدك الله يا أبا عبد الرحمن في نفسك. وإياك وهذه السفلة وهؤلاء السفهاء أن يستزلوك عن رأيك فإنك لو هنت علي أو استخففت بحقك لم أخصك بهذا من نفسي. فقال حجر: قد فهمت. ثم انصرف إلى منزله. فأتاه إخوانه من الشيعة فقالوا: ما قال لك الأمير؟ قال: قال لي كذا وكذا. قالوا: ما نصح لك.
فأقام وفيه بعض الاعتراض. وكانت الشيعة يختلفون إليه ويقولون: إنك شيخنا وأحق الناس بإنكار هذا الأمر. وكان إذا جاء إلى المسجد مشوا معه. فأرسل إليه عمرو بن حريث. وهو يومئذ خليفة زياد على الكوفة وزياد بالبصرة: أبا عبد الرحمن ما هذه الجماعة وقد أعطيت الأمير من نفسك ما قد علمت؟ فقال للرسول: تنكرون ما أنتم فيه. إليك وراءك أوسع لك. فكتب عمرو بن حريث بذلك إلى زياد. وكتب إليه: إن كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل. فأغذ زياد السير حتى قدم الكوفة فأرسل إلى عدي ابن حاتم وجرير بن عبد الله البجلي وخالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة وإلى عدة من أشراف اهل الكوفة فأرسلهم إلى حجر بن عدي ليعذر إليه وينهاه عن هذه الجماعة وأن يكف لسانه عما يتكلم به. فأتوه فلم يجبهم إلى شيء ولم يكلم أحدا منهم وجعل يقول: يا غلام اعلف البكر. قال وبكر في ناحية الدار. فقال له عدي بن حاتم: أمجنون أنت؟ أكلمك بما أكلمك به وأنت تقول يا غلام اعلف البكر؟ فقال عدي لأصحابه: ما كنت أظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى. فنهض القوم عنه وأتوا زيادا فأخبروه ببعض وخزنوا بعضا. وحسنوا أمره. وسألوا زياد الرفق به فقال: لست إذا لأبي سفيان. فأرسل إليه الشرط والبخارية فقاتلهم بمن معه. ثم انفضوا عنه وأتي به زياد وبأصحابه فقال له: ويلك ما لك؟ فقال: إني على بيعتي
لمعاوية لا أقيلها ولا أستقيلها. فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال: اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه. ففعلوا ثم وفدهم على معاوية. وبعث بحجر وأصحابه إليه. وبلغ عائشة الخبر فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي إلى معاوية تسأله أن يخلي سبيلهم. فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي: يا أمير المؤمنين جدادها جدادها لا تعن بعد العام أبرا. فقال معاوية: لا أحب أن أراهم ولكن اعرضوا علي كتاب زياد.
فقرئ عليه الكتاب. وجاء الشهود فشهدوا. فقال معاوية بن أبي سفيان: أخرجوهم إلى عذرى فاقتلوهم هنالك. قال فحملوا إليها. فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا:
عذراء. قال: الحمد لله. أما والله إني لأول مسلم نبح كلابها في سبيل الله. ثم أتي بي اليوم إليها مصفودا. ودفع كل رجل منهم إلى رجل من أهل الشأم ليقتله. ودفع حجر إلى رجل من حمير فقدمه ليقتله فقال: يا هؤلاء دعوني أصلي ركعتين. فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين فطول فيهما فقيل له: طولت. أجزعت؟ فانصرف فقال: ما توضأت قط إلا صليت. وما صليت صلاة قط أخف من هذه. ولئن جزعت لقد رأيت سيفا مشهورا وكفنا منشورا وقبرا محفورا. وكانت عشائرهم جاؤوا بالأكفان وحفروا لهم القبور. ويقال بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث إليهم بالأكفان. وقال حجر: اللهم إنا نستعديك على أمتنا فإن أهل العراق شهدوا علينا وإن أهل الشأم قتلونا. قال فقيل لحجر: مد عنقك. فقال: إن ذاك لدم ما كنت لأعين عليه. فقدم فضربت عنقه. وكان معاوية قد بعث رجلا من بني سلامان بن سعد يقال له هدبة بن فياض فقتلهم. وكان أعور. فنظر إليه رجل منهم من خثعم فقال: إن صدقت الطير قتل نصفنا ونجا نصفنا. قال فلما قتل سبعة أردف معاوية برسول بعافيتهم جميعا.
فقتل سبعة ونجا ستة. أو قتل ستة ونجا سبعة. قال وكانوا ثلاثة عشر رجلا. وقدم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية برسالة عائشة. وقد قتلوا. فقال: يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان؟ فقال: غيبه مثلك عني من قومي. وقد كانت هند بنت زيد بن مخربة الأنصارية. وكانت شيعية. قالت حين سير بحجر إلى معاوية:

قال: أخبرنا حماد بن مسعدة عن ابن عون عن محمد قال: لما أتي بحجر فأمر بقتله قال: ادفنوني في ثيابي فإني أبعث مخاصما.
قال: أخبرنا يحيى بن عباد قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال: حدثنا عمير ابن قميم قال: حدثني غلام لحجر بن عدي الكندي قال: قلت لحجر إني رأيت ابنك دخل الخلاء ولم يتوضأ. قال: ناولني الصحيفة من الكوة. فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. [هذا ما سمعت علي بن أبي طالب يذكر أن الطهور نصف الإيمان.] وكان ثقة معروفا ولم يرو عن غير علي شيئا.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 6- ص: 241

حجر بن عدي الكندي واسم عدي هو الأدبر وهو الذي يقال له حجر بن الادبر من عباد التابعين ممن شهد صفين مع علي بن أبي طالب قتل سنة ثلاث وخمسين

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 144

حجر بن عدي الكندي.
يروي عن: علي، وعمار، وقد قيل: إن له صحبة، شهد صفين مع علي،
عداده في أهل الكوفة، وهو الذي يقال له حجر الأدبر، قتل سنة ثلاث وخمسين في زمن عائشة، وقد قيل سنة إحدى وخمسين بمرج عذراء.
وقال البخاري: روى عنه: أبو ليلى الكندي، وعبد الرحمن بن عابس.

  • مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 3- ص: 1

حجر بن عدي الكندي
يروي عن علي وعمارٍ وقد قيل إن له صحبةً شهد صفين مع علي عداده في أهل الكوفة وهو الذي يقال له حجر بن الأدبر والأدبر هو عدي بعثه زيادٌ إلى بعض الناس مقيداً على بعيرٍ ورجلاه من جانبٍ وقتل سنة ثلاثٍ وخمسين في عهد عائشة وقد قيل سنة إحدى وخمسين بمرج عذراء ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا أبو بكر بن شيبة قال ثنا أزهر عن ابن عون عن ابن سيرين قال لما انطلق بحجرٍ إلى معاوية بن أبي سفيان قال السلام عليك يا أمير المؤمنين قال وأمير المؤمنين أنا قال نعم قال لأقتلنك قال ثم أمر به ليقتل فقال دعوني لأصلي ركعتين فصلى ركعتين وجوز فيهما ثم قال لا ترون أني خففتهما جزعاً ولكني كرهت أن أطول عليكم ثم قتل رحمه الله

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 4- ص: 1

حجر بن عدي الكندي
ويقال له ابن الأدبر وذلك أنه طعن مولياً فسمي أدبر لذلك قتل في عهد عائشة روى عن علي روى عنه أبو ليلى سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 3- ص: 1