الحجاج الثقفي الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي، أبو محمد: قائد، داهية، سفاك خطيب. ولد ونشأ في الطائف (بالحجاز) وانتقل إلى الشام فلحق بروح بن زنباع نائب عبد الملك ابن مروان، فكان في عديد شرطته، ثم ما زال يظهر حتى قلده عبد الملك أمر عسكره، وأمره بقتال عبد الله بن الزبير، فزحف إلى الحجاز بجيش كبير وقتل عبد الله وفرق جموعة، فولاه عبد الملك مكة والمدينة والطائف؛ ثم أضاف إليها العراق والثورة قائمة فيه، فانصرف إلى بغداد في ثمانية أو تسعة رجال على النجائب، فقمع الثورة وثبتت له الإمارة عشرين سنة. وبنى مدينة واسط (بين الكوفة والبصرة). وكان سفاكا سفاحا باتفاق معظم المؤرخين. قال عبد بن شوذب: ما رؤى مثل الحجاج لمن أطاعه ولا مثله لمن عصاه. وقال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أحدا أفصح من الحسن (البصري) والحجاج. وقال ياقوت 0في معجم البلدان): ذكر الحجاج عند عبد الوهاب الثقفي بسوء، فغضب وقال: إنما تذكرون المساوئ! أو ما تعلمون أنه أول من ضرب درهما عليه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وأول من بنى مدينة بعد الصحابة في الإسلام، وأول من اتخذ المحامل، وأن امرأة من المسلمين سبيت في الهند فنادت يا حجاجاه، فاتصل به ذلك فجعل يقول: لبيك لبيك! وأنفق سبعة آلاف ألف درهم حتى أنقذ المرأة؟. واتخذ (المناظر) بينه وبين قزوين فكان إذا دخن أهل قزوين دخنت المناظر إن كان نهارا وإن كان ليلا أشعلوا نيرانا فتجرد الخيل إليهم، فكانت المناظر متصلة بين قزوين وواسط، وأصبحت قزوين ثغرا حينئذ. وأخبار الحجاج كثيرة. مات بواسطة، وأخرى على قبره الماء، فاندرس. وكتب في سيرته (سيف بني مروان، الحجاج - ط) لعبد الرزاق حميدة، و (الحجاج بن يوسف - ط) لابراهيم الكيلاني، ومثله لعمر فروخ، ولخلدون الكناني. وللمستشرق الفرنسي جان بيريه Jean Perrier كتاب بالفرنسية سماه (حياة الحجاج بن يوسف الثقفي)

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 168

ابن يوسف الثقفي الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي، أمير العراق. ولد سنة أربعين أو إحدى وأربعين وتوفي سنة خمس وتسعين. روى عن ابن عباس وسمرة بن جندب وأسماء بنت الصديق وابن عمر. قال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون؟ وقال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أحدا أفصح من الحجاج والحسن، والحسن أفصحهما. وقال عون: كنت إذا سمعت الحجاج يقرأ عرفت أنه طالما درس القرآن. وقيل إنه كان يقرؤه كل ليلة. وقال عتبة بن عمرو: ما رأيت عقول الناس إلا قريبا بعضها من بعض إلا الحجاج وإياس بن معاوية فإن عقولهما كانت ترجح على عقول الناس. أحصي ما قتل صبرا فبلغ ذلك مئة وعشرين ألفا وعرضت بعد موته السجون فوجد فيها ثلاثة وثلاثون ألفا لم يجب على أحدهم قطع ولا صلب. وقال الهيثم بن عدي: مات الحجاج وفي سجنه ثمانون ألفا. منهم ثلاثون ألف امرأة. وقال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم وجئنا بالحجاج لغلبناهم ما كان يصلح لدنيا ولا آخرة. ولما توفي ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان وله خمس وخمسون سنة توفي بواسط وعفي قبره وأجري عليه الماء. وكان يقول وهو في السياق: اللهم اغفر لي، فإن الناس يزعمون أنك لا تغفر لي وكان ينشد قول عبيد بن سفيان العكلي:

وكتب إلى الوليد بن عبد الملك كتابا يخبره فيه بمرضه وكتب في آخره:
وكان مرضه بالآكلة وقعت في باطنه فدعا بالطبيب لينظر إليها فأخذ لحما وعلقه في خيط وسرحه في حلقه وتركه ساعة ثم أخرجه وقد لصق به دود كثير. وسلط الله عليه الزمهرير فكانت الكوانين تجعل حوله مملوءة نارا وتدنى منه حتى تحرق جلده وهو لا يحس بها. وشكا ما يجده إلى الحسن البصري فقال له: قد نهيتك أن تتعرض إلى الصالحين فلججت، فقال له: يا حسن لا أسألك أن تسأل الله أن يفرج عني ولكني أسألك أن تسأله أن يعجل قبض روحي ولا يطيل عذابي. فبكى الحسن بكاء عظيما وأقام الحجاج على هذه الحالة خمسة عشر يوما. ولما بلغت الحسن وفاته قال: اللهم قد أمته فأمت عنا سنته قال ذلك بعدما سجد شكرا لله تعالى. ولما حضرته الوفاة أحضر منجما وقال له:هل ترى في علمك ملكا يموت؟ فقال: نعم ولست هو. فقال كيف ذلك؟ قال المنجم: إن الذي يموت اسمه كليب فقال الحجاج أنا هو والله، بذلك سمتني أمي، وأوصى عند ذلك. وقال المسعودي في مروج الذهب: إن الفارعة أم الحجاج بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي كانت تحت الحارث بن كلدة الثقفي حكيم العرب فدخل مرة عليها سحرا فوجدها تتخلل، فبعث إليها بطلاقها. فقالت: لم بعثت إلي بطلاقي؟ هل لشيء رابك مني؟ قال نعم، دخلت عليك في السحر وأنت تتخللين، فإن كنت بادرت الغدا فأنت شرهة، وإن كنت بت والطعام بين أسنانك فأنت قذرة، فقالت: كل ذلك لم يكن، لكنني تخللت من شظايا السواك فتزوجها بعده يوسف عقيل الثقفي، فولدت له الحجاج مشوها لا دبر له، فنقب عن دبره، وأبى أن يقبل ثدي أمه أو غيرها، وأعياهم أمره، فيقال إن الشيطان تصور لهم في صورة الحارث بن كلدة، وقال لهم: اذبحوا جديا أسود وأولفوه دمه، فإذا كان في اليوم الثاني فافعلوا به كذلك، وإذا كان في اليوم الثالث فاذبحوا له تيسا أسود وأولفوه دمه، ثم اذبحوا له أسود سالخا فأولفوه دمه، وأطلوا به وجهه، فإنه يقبل الثدي في اليوم الرابع، ففعلوا به ذلك فكان لا يصبر عن سفك الدماء. وكان يقول أن أكبر لذاته سفك الدماء وارتكاب الأمور التي لا يقدم عليها غيره.
وقال ابن عبد ربه، إن الفارعة المذكورة كانت امرأة المغيرة بن شعبة وإنه هو الذي طلقها لأجل الحكاية المذكورة وذكر أيضا أن الحجاج وأباه كانا يعلمان الصبيان بالطائف، ثم أن الحجاج لحق بروح بن زنباع وزير عبد الملك، وكان في عداد شرطته إلى أن رأى عبد الملك انحلال عسكره، وأن الناس لا يرحلون برحيله ولا ينزلون بنزوله، فشكا ذلك إلى روح بن زنباع، فقال: إن في شرطتي رجلا لو قلده أمير المؤمنين عسكره لأرحل الناس برحيله وأنزلهم بنزوله، يقال له الحجاج بن يوسف، قال: فإنا قد قلدناه ذلك، فكان لا يقدر أحد أن يتخلف عن الرحيل والنزول إلا أعوان روح بن زنباع، فوقف عليهم وقد رحل الناس وهم على طعام يأكلون فقال لهم: ما منعكم أن ترحلوا لرحيل أمير المؤمنين؟ فقالوا له: إنزل يا بن اللخناء وكل معنا، فقال لهم: هيهات ذهب ذلك ثم أمر بهم فجلدوا بالسياط وطوفهم في العسكر وأمر بفسطاط روح فأحرق بالنار فدخل روح على عبد الملك باكيا وقال: يا أمير المؤمنين إن الحجاج الذي كان في شرطتي ضرب غلماني وأحرق فساطيطي، قال: علي به. فلما دخل عليه قال: ما حملك على ما فعلت؟ قال: أنا ما فعلت؟ قال: ومن فعل ذلك؟ قال: أنت إنما يدي يدك وسوطي سوطك، وما على أمير المؤمنين أن يخلف لروح ما ذهب له عوض الفسطاط فسطاطين وعوض الغلام غلامين ولا يكسرني فيما قدمني له، فأخلف لروح ما ذهب له وتقدم الحجاج في منزلته وكان ذلك أول ما عرف من كفاتيه. وكان للحجاج في الفتك والسفك والعقوبات غرائب لم يسمع بمثلها وهي مشهورة عنه مدونة ويقال إن زياد بن أبيه أراد أن يتشبه بعمر بن الخطاب رضي الله عنه في ضبط الأمور والحزم والصرامة وإقامة السياسات فأسرف وتجاوز الحد وأراد الحجاج أن يتشبه بزياد فأهلك ودمر. وخطب يوما فقال في أثناء كلامه: أيها الناس إن الصبر عن محارم الله أهون من الصبر على عذاب الله. فقام إليه رجل فقال له: ويحك يا حجاج ما أصفق وجهك وأقل حياءك. فأمر به فحبس. فلما نزل عن المنبر دعا به وقال: لقد اجترأت علي. فقال: أتجترئ على الله ولا تنكره ونجترئ عليك فتنكره. فخلى سبيله. وذكر أبو الفرج ابن الجوزي في تلقيح فهوم أهل الأثر أن الفارعة أم الحجاج هي المتمنية ولما تمنت كانت تحت المغيرة بن شعبة وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى في ترجمة نصر بن حجاج في حرف النون في بابه. وقيل: إن عروة بن الزبير كنى أخاه عند عبد الملك بن مروان فقال له الحجاج: أتكني أخاك المنافق عند أمير المؤمنين لا أم لك، فقال عروة: ألي تقول هذا يا ابن المتمنية وأنا ابن عجائز الجنة: صفية وخديجة وعائشة. وحكى أبو أحمد العسكري في كتاب التصحيف أن الناس غبروا يقرأون القرآن في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه نيفا وأربعين سنة إلى أيام عبد الملك بن مروان ثم كثر التصحيف وانتشر بالعراق ففزع الحجاج إلى كتابه وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المشتبهات علامات، فيقال: إن نصر بن عاصم قام بذلك فوضع النقط أفرادا وأزواجا وخالف بين أماكنها، فغبر الناس بذلك زمانا لا يكتبون إلا منقوطا، وكان مع استعمال النقط يقع التصحيف، فأحدثوا الإعجام فكانوا يتبعون النقط والإعجام، فإذا أغفل الاستقصاء عن الكلمة لم توف حقوقها إعترى التصحيف، فالتمسوا حيلة فلم يقدروا فيها إلا على الأخذ من أفواه الرجال بالتلقين.
والحجاج هو الذي بنى واسط وكان شروعه فيها في سنة أربع وثمانين للهجرة وفرغ منها في سنة ست وثمانين وفتح عليه جملة من البلاد منها بخارى وبلخ والصغد. وقتل من الصحابة عبد الله بن الزبير ورمى الكعبة بالمنجنيق وختم جماعة من الصحابة في أعناقهم وأيديهم منهم جابر وأنس بن مالك، وقال: لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه يعني ابن مسعود. وقال: كذبت أم أيمن. وقال: إن كان سليمان لحسود يعني ابن داود عليهما السلام. وقتل من سادات التابعين سعيد بن جبير وغيره وأراد قتل الحسن البصري مرارا فعصمه الله عنه. قال الحافظ ابن عساكر: وهو الخبر الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخرج في ثقيف وكان عمر وعلي يدعوان على أهل العراق بتعجيل الغلام الثقفي وهو الحجاج. وقال ابن الكلبي: سمعت الحجاج يقول يزعم أهل العراق أني بقية ثمود ونعم، والله، البقية بقية ثمود، ما نجا مع صالح أحد إلا المؤمنين. وكان شديد النصح لدولة بني مروان مجتهدا فيها يرى إباحة قتل من كان يخالفهم أو يطعن عليهم، وبهذا التأويل قتل من قتل، وقال في بعض خطبه: اسمعوا وأطيعوا لخليفة الله وصفيه عبد الملك، والله لو أمرت الناس أن يخرجوا من المسجد فخرجوا من باب آخر لحلت لي دماؤهم وأموالهم، والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي من الله حلالا. وقال في وصيته عند الموت هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف وفيها: ولا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك عليها يحيى وعليها يموت وعليها يبعث. وأوصى بتسعمئة درع حديد: ستمئة منها لمنافقي أهل العراق يغرون بها وثلاثمئة للترك. وقال عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص: قيل للحجاج بن يوسف حين أجلى النبط من الأمصار إلى أصولهم: ماذا دعاك إلى إجلائهم؟ فقال: حدثني ثلاثة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما ازدادت النبط في الإسلام عزا إلا ازداد الإسلام ذلا فذلك الذي دعاني إلى إجلائهم. وعن ثابت عن أنس قال: حدثت الحجاج بحديث العرنيين فلما كانت الجمعة قام يخطب فقال: أتزعمون أني شديد العقوبة هذا أنس حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قطع أيدي رجال وأرجلهم وسمل أعينهم. قال أنس: فوددت أني مت قبل أن أحدثه. وقال عمر بن عبد العزيز وذكر الحجاج: لقد ولي العراق وهو أوفر ما يكون من العمارة فأخس به إلى أربعين ألف ألف، ولقد أدي به إلي في عامي هذا ثمانون ألف ألف وإن بقيت إلى قابل رجوت أن يؤدى إلي ما أدي إلى عمر بن الخطاب مئة ألف ألف وعشرة آلاف الف.
وقال محمد بن المنكدر: كان عمر بن عبد العزيز يبغض الحجاج فنفس عليه بكلمة قالها عند الموت: اللهم اغفر لي فإنهم يزعمون أنك لا تفعل.
وقيل للحسن: كنت تقول الآخر شر، وهذا عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج. فقال الحسن: لا بد للناس من متنفسات. وأرجف الناس بموته فخطب وقال: إن طائفة من أهل العراق وأهل الشقاق والنفاق نزغ الشيطان بينهم فقالوا مات الحجاج ومات الحجاج فمه، وهل يرجو الحجاج الخير إلا بعد الموت، والله ما يسرني أن لا أموت وأن لي الدنيا وما فيها، وما رأيت الله رضي التخليد إلا لأهون خلقه عليه: إبليس حيث قال: {إنك من المنظرين}، فأنظره إلى يوم الدين، ولقد دعا الله العبد الصالح فقال: {وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}، فأعطاه الله البقاء فما عسى أن يكون أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، كأني والله بكل حي مني ومنكم ميتا وبكل رطب يابسا. ثم نقل في ثياب أكفانه إلى ثلاثة أذرع طولا في ذراع عرضا فأكلت الأرض لحمه ومصت صديده وانصرف الحبيب من ولده فقسم الحبيب من ماله. إن الذين يعقلون يعقلون ما أقول ثم نزل.
قال الزبرقان: كنت عند أبي وائل فجعلت أسب الحجاج وأذكر مساوئه فقال: لا تسبه، وما يدريك لعله قال اللهم اغفر لي فغفر له. وقال رجل لسفيان: أشهد على الحجاج وعلى أبي مسلم أنهما في النار. فقال: لا، إذا أقرا بالتوحيد. وسمع ابن سيرين رجلا يسب الحجاج فقال: مه أيها الرجل إنك لو وافيت يوم القيامة كان أصغر ذنب عملته قط أعظم عليك من أعظم ذنب عمله الحجاج، واعلم أن الله حكم عدل إن أخذ من الحجاج لمن ظلمه شيئا فسيأخذ للحجاج ممن ظلمه فلا تشغلن نفسك بسب أحد. ورؤي في المنام هو وعبد الملك يسحبان أمعاءهما في النار. وفي منام آخر قال: قتلني بكل قتلة قتلت بها إنسانا. ثم عزلت مع الموحدين.
ولم يخلف الحجاج لما مات غير ثلاثمئة درهم ومصحفا وسيفا وسرجا ورحلا. وكان يقول عند احتضاره: ما لي ولك يا سعيد بن جبير. ولما مات لم يعلم بموته أحد، حتى أشرفت جارية فقالت: ألا إن مطعم الطعام ومفلق الهام وسيد أهل الشام قد مات:
وبقي الحجاج واليا للحجاز ثلاث سنين وللعراق عشرين سنة لعبد الملك وتسعا للوليد. ومات الوليد بعد الحجاج بتسعة أشهر.
والحجاج أول من أطعم على ألف خوان كل خوان عليه عشرة رجال وعليه جنب شواء وثريدة وسمكة وبرنية فيها عسل وأخرى فيها لبن. وكان يقول لمن يحضر غداءه: رسولي إليكم الشمس إذا طلعت فاغدوا على غدائكم وإذا غربت فروحوا إلى عشائكم وكان يحمل الحجاج في محفة ويدار به على الموائد يتفقدها ويقول: إكسروا الأرغفة لئلا تعاد عليكم. ورأى يوما أوزة وليس عليها سكر فأمر بضرب الطباخ مئتي سوط. وكان الغلمان لا يمشون إلا وخرائط السكر على أوساطهم. وكان طعامه لأهل الشام خاصة دون أهل العراق. فلما ولي يوسف بن عمر لهشام كان طعامه للناس عامة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0

الحجاج أهلكه الله: في رمضان، سنة خمس وتسعين، كهلا. وكان ظلوما، جبارا، ناصبيا، خبيثا، سفاكاللدماء، وكان ذا شجاعة، وإقدام، ومكر، ودهاء، وفصاحة، وبلاغة، وتعظيم للقرآن قد سقت من سوء سيرته في ’’تاريخي الكبير’’ وحصاره لابن الزبير بالكعبة، ورميه إياها بالمنجنيق، وإذلاله لأهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له، وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله، فنسبه ولا نحبه، بل نبغضه في الله، فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان.
وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 5- ص: 199

حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل، الثقفي.
أبو محمد.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 2- ص: 1

الحجاج بن يوسف الظالم
قال الأعمش سمعته يقول على المنبر السورة التي ذكر فيها البقرة أخرجه في الحج خ

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1

حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي، أمير العراق.
قال أبو العباس محمد بن يزيد في الكتاب «الكامل»: كان اسمه كليبا، وكان معلم كتاب، وفيه يقول بعضهم: [135 أ].

وقال آخر:
قال أبو العباس: ومما كفرت العلماء به الحجاج قوله - ورأي الناس يطيفون
بقبر النبي صلى الله عليه وسلم: إنما يطوفون بأعواد ورقه.
ولما رأى في نومه كأن عينيه قلعتا، طلق طلق الهندين ابنة المهلب وابنة أسماء، فلم يلبث أن جاءه نعي أخيه من اليمن في اليوم الذي مات فيه ابنه محمد، فقال: هذا والله تأويل رؤياي إنا لله وإنا إليه راجعون، محمد ومحمد في يوم واحد وقال:
ويروى أن عمر بن عبد العزيز خرج يوما فقال: الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وقرة بن شريك بمصر، وعلي بن حيان بالحجاز، ومحمد بن يوسف باليمن، امتلأت الأرض والله جورا.
وفي «كتاب» الرشاطي: عاش أبوه يوسف [......] أن نعيه عبد الملك [.........].
وذكر أباه ابن حبان في «الثقات».
وفي كتاب [........] سأل جعفر بن برقان ميمون بن مهران عن الصلاة خلف الحكام؟ فقال: أنت لا تصلي له، إنما تصلي لله، قد كنا نصلي خلف الحجاج بن يوسف، وكان حروريا أزرقيا.
قتلت الحجاج بن يوسف وكان حروريا [....................].
ولما سئل عنه إبراهيم النخعي قال: ألم يقل الله تعالى (ألا لعنة الله على الظالمين) ولما استغاث به أهل المدار سجنه، قال لهم بعد لأي (اخسئوا فيها ولا تكلمون).
مات بواسط فيما ذكره ابن عساكر سنة خمس وتسعين، وله ثلاث وخمسون سنة.
وسئل مجاهد عنه فقال: تسألوني عن الشيخ الكافر؟!.
وقال القاسم بن مخيمرة: كان الحجاج ينقض عرى الإسلام عروة عروة.
روى عن: أنس بن مالك، وسمرة بن جندب، وعبد الملك بن مروان، وأبي بردة بن أبي موسى.
روى عنه: أنس بن مالك - رضي الله عنه -، وثابت بن أسلم البناني، وحميد الطويل، ومالك بن دينار، وابن مجالد، وقتيبة بن مسلم، وسعيد بن أبي عروبة.
وقال موسى بن أبي عبد الرحمن عن أبيه: حجاج بن يوسف ليس بثقة ولا مأمون، ولد سنة تسع وثلاثين، ويقال سنة أربعين.
وقال خليفة: سنة إحدى وأربعين.
وقالت له أسماء بنت أبي بكر: أنت المبير الذي أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عساكر: ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر وسلامة بنت الحر.
ولما سمع الحجاج ما روي عن أم أيمن وهي تبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أبكي لانقطاع [ق 135 /ب] الوحي قال: كذبت أم أيمن أنا ما أعمل إلا بوحي.
وقيل لسعيد بن جبير خرجت على الحجاج؟ قال: إي والله، وما خرجت عليه حتى كفر.
وقال عمر بن عبد العزيز: لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم.
وقال الشعبي: الحجاج مؤمن بالجبت والطاغوت كافر بالله العظيم.
وقال عاصم بن أبي النجود: ما بقيت لله تعالى حرمه إلا وقد انتهكها الحجاج.
وقال زاذان: كان مفلسا من دينه.
وقال طاوس: عجبت لمن يسميه مؤمنا.
وقال أبو وائل: اللهم أطعمه طعاما من ضريع، لا يسمن ولا يغني من جوع.
وفي «تاريخ واسط»: ثنا وهب بن بقية، ثنا خالد، عن حميد الطويل، عن موسى بن أنس قال: خطبنا الحجاج فقال: اغسلوا أرجلكم، قال فذكرت ذلك لأنس بن مالك فقال: صدق الله وكذب الحجاج.
قال البخاري في «صحيحه» - في كتاب الحج -: ثنا مسدد، عن عبد الواحد، قال: ثنا الأعمش، قال: سمعت الحجاج بن يوسف على المنبر يقول: السورة التي تذكر فيها البقرة. وساق الحديث، لم يذكره المزي، ولم ينبه عليه.

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 3- ص: 1

الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قسى، وهو ثقيف، الثقفي، الطائفى، أبو محمد:
أمير الحرمين، والحجاز، والعراق، هكذا نسبه ابن الكلبي في الجمهرة.
وذكر المسعودي: أنه ولد مشوها لا دبر له فنقب عن دبره، وأنه لما ولد، أبي أن يقبل ثدى أمه أو غيرها، فأعياهم أمره. فيقال إن الشيطان تصور لهم في صورة الحارث ابن كلدة الطائفى، حكيم العرب. فقال: ما خبركم؟ فأخبروه. فقال: اذبحوا جديا أسود وأولغوه دمه. ففعلوا به ذلك ثلاث مرات، فصار لا يصبر عن سفك الدماء. وكان يخبر عن نفسه، أن أكبر لذاته سفك الدماء.
وروى عبد الله بن مسلم بن قتيبة: أن الحجاج بن يوسف كان يعلم الصبيان في الطائف، واسمه كليب، وأبوه يوسف معلم أيضا. انتهى.
وأول ولايته تبالة .
وذكر صاحب العقد: أن الحجاج بن يوسف، لحق بروح بن زنباع وزير عبد الملك ابن مروان، وكان في عديد شرطه، إلى أن شكى عبد الملك ما رأي من انحلال عسكره، وأن الناس لا يرحلون برحيله، ولا ينزلون بنزوله. فقال له روح بن زنباع: يا أمير المؤمنين، إن في شرطى رجلا لو قلده أمير المؤمنين أمر عسكره لأرحل الناس برحيله، وأنزلهم بنزوله، يقال له الحجاج بن يوسف، قال: فإنا قد قلدناه. فكان لا يقدر أحد أن يتخلف عن الرحيل والنزول، إلا أعوان روح بن زنباع، فوقف عليهم يوما، وقد رحل
الناس وهم على طعام يأكلون. فقال لهم: ما منعكم أن ترحلوا برحيل أمير المؤمنين؟ فقالوا: يا ابن اللخناء، انزل وكل معنا. فقال لهم: هيهات، ذهب ما هنالك، ثم أمر بهم، فجلدوا بالسياط، وطوفهم في العسكر، وأمر بفساطيط روح بن زنباع فأحرقت بالنار.
فدخل روح بن زنباع على أمير المؤمنين عبد الملك باكيا، فقال: يا أمير المؤمنين، الحجاج بن يوسف الذي كان في عديد شرطى، ضرب غلمانى وأحرق فساطيطى، قال: على به. فلما دخل عليه، قال: ما حملك على ما فعلت؟ قال: أنا ما فعلته يا أمير المؤمنين، قال: ومن؟، قال: أنت والله فعلته، إنما يدي يدك، وسوطى سوطك، وما على أمير المؤمنين أن يخلف لروح بن زنباع الفساطيط أضعافا، والغلام غلامين، ولا يكسرنى فيما قدمنى له، فأخلف لروح بن زنباع ما ذهب له، وتقدم الحجاج إلى منزلته. انتهى.
ثم إن عبد الملك بن مروان بعد فراغه من قتال مصعب بن الزبير، واستيلائه على العراق، في سنة اثنتين وسبعين من الهجرة، بعث الحجاج لقتال عبد الله بن الزبير بمكة.
قال ابن جرير: وكان السبب في توجه الحجاج دون غيره فيما ذكروا، أن عبد الملك لما أراد الرجوع إلى الشام، قام إليه الحجاج بن يوسف فقال: يا أمير المؤمنين، إنى رأيت في منأمي أنى أخذت عبد الله بن الزبير فسلخته، فابعثنى إليه وولنى قتاله. فبعثه في جيش كثيف من أهل الشام، فسار حتى قدم مكة. وقد كتب إليهم عبد الملك بالأمان، إن دخلوا في طاعته، ونزل الطائف. وكان يبعث البعث إلى عرفة في الحل، ويبعث ابن الزبير بعثا، فيقتتلون هنالك، وكل ذلك تهزم خيل ابن الزبير، وترجع خيل الحجاج بالظفر، ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه في حصار ابن الزبير، ودخول الحرم عليه، ويخبره أن شوكته قد كلت، وتفرق عنه عامة أصحابه، ويسأله أن يمده برجال. ثم قال: وكتب عبد الملك إلى طارق، أن يلحق بمن معه من الخيل بالحجاج، فسار في خمسة آلاف من أصحابه، حتى لحق بالحجاج.
وكان قدوم الحجاج إلى الطائف، في شعبان سنة اثنتين وسبعين. فلما أهل ذو القعدة، وصل الحجاج من الطائف، حتى نزل بئر ميمون، وحصر ابن الزبير، وحج بالناس في هذه السنة، وابن الزبير محصور.
وكان قدوم طارق، هلال ذي القعدة. انتهى كلام ابن جرير.
وذكر ابن الأثير في كامله: أن طارقا، هو مولى عثمان بن عفان، وأن عبد الملك
كان أمر طارقا بالنزول بين أيلة، ووادى القرى، لمنع عمال ابن الزبير من الانتشار، ويسد خللا إن ظهر له. فقدم طارق المدينة في ذي الحجة في خمسة آلاف.
وكان الحجاج قد قدم مكة في ذي القعدة، وقد أحرم بحجة. فنزل بئر ميمون. وحج بالناس تلك السنة، إلا أنه لم يطف بالكعبة، ولا سعي بين الصفا والمروة، لمنع ابن الزبير له من ذلك، ولم يحج هو ولا أصحابه. ولما حصر الحجاج ابن الزبير بمكة، نصب المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة.
وكان عبد الله بن عمر، قد حج تلك السنة، فأرسل إلى الحجاج، أن اتق الله واكفف هذه الحجارة عن الناس، فإنك في شهر حرام وبلد حرام، وقد قدمت وفود الله من أقطار الأرض ليؤدوا الفريضة ويزدادوا خيرا، وأن المنجنيق قد منعهم عن الطواف، فاكفف عن الرمى حتى يقضوا ما وجب عليهم بمكة. فبطل الرمى، حتى عاد الناس من عرفات، وطافوا وسعوا، فلما فرغوا من طواف الزيارة، نادى منادى الحجاج: انصرفوا إلى بلادكم، فإنا نعود بالحجارة على ابن الزبير. فأول ما رمى بالمنجنيق إلى الكعبة، رعدت السماء وبرقت، وعلا صوت الرعد على الحجارة، فأعظم ذلك أهل الشام، وأمسكوا أيديهم، فأخذ الحجاج حجر المنجنيق بيده، فوضعها فيه، ورمى بها معهم.
فلما أصبحوا، جاءت الصواعق فقتلت من أصحابه اثني عشر رجلا، فانكسر أهل الشام، فقال الحجاج: يا أهل الشام لا تنكروا هذا، فإني ابن تهامة، وهذه صواعقها، وهذا الفتح قد حضر فأبشروا.
فلما كان الغد، جاءت صاعقة فأصابت من أصحاب ابن الزبير عدة. فقال الحجاج: ألا ترون أنهم يصابون وأنتم على الطاعة، وهم على خلافها. ولم يزل القتال بينهم دائما، فغلت الأسعار عند ابن الزبير، وأصاب الناس مجاعة شديدة، حتى ذبح فرسه وقسم لحمها بين أصحابه، وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم، والمد الذرة بعشرين درهما، وإن بيوت ابن الزبير لمملوءة قمحا وشعيرا وذرة وتمرا.
وكان أهل الشام ينتظرون فناء ما عنده، وكان يحفظ ذلك ولا ينفق منه إلا ما يمسك الرمق ويقول: أنفس أصحابى قوية ما لم يفن.
فلما كان قبل مقتله، تفرق الناس عنه وخرجوا إلى الحجاج بالأمان. خرج من عنده نحو عشرة آلاف، وكان ممن فارقه، ابناه حمزة وحبيب، أخذ لأنفسهما أمانا.
ولما تفرق أصحابه عنه، خطب الناس الحجاج وقال: ما ترون قلة تابع ابن الزبير وما
هم فيه من الجهد والضيق. ففرحوا واستبشروا وتقدموا. فملؤوا ما بين الحجون إلى الأبواب. فحمل ابن الزبير على أهل الشام حملة منكرة، فقتل منهم، ثم انكشف هو وأصحابه، فقال له بعض أصحابه: لو لحقت بموضع كذا؟ فقال: بئس الشيخ أنا إذا في الإسلام، لئن أوقعت قوما فقتلوا ثم فررت عن مثل مصارعهم! ودنا أهل الشام حتى امتلأت منهم الأبواب. وكانوا يصيحون به: يا ابن ذات النطاقين فيقول [من الطويل]:
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
وجعل أهل الشام على أبواب المسجد رجالا من أهل كل بلد، فكان لأهل حمص الباب الذي يواجه باب الكعبة، ولأهل دمشق باب بنى شيبة، ولأهل الأردن باب الصفا، ولأهل فلسطين باب بنى جمح، ولأهل قنسرين باب بنى سهم. وكان الحجاج بناحية الأبطح إلى المروة. فمرة يحمل ابن الزبير في هذه الناحية، ومرة في هذه الناحية، كأنه أسد في أجمة، ما تقدم عليه الرجال، يعدو في إثر القوم حتى يخرجهم.
فلما رأي الحجاج أن الناس لا يقدمون على ابن الزبير، غضب وترجل وأقبل يسوق الناس ويصمد بهم، صمد صاحب علم ابن الزبير وهو بين يديه. فتقدم ابن الزبير على صاحب علمه، وضاربهم فانكشفوا، وعرج وصلى ركعتين عند المقام، فحملوا على صاحب علمه فقتلوه على باب بنى شيبة، وصار العلم بيد أصحاب الحجاج، ثم حمل على أهل الشام، حتى بلغ بهم الحجون، فرمى بآجرة، رماه بها رجل من السكون، فأصابته في وجهه، فأرعش ودمى وجهه، فلما وجد الدم على وجهه قال [من الطويل]:

وقاتلهم قتالا شديدا. فتعاونوا عليه، فقتلوه في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وحمل رأسه إلى الحجاج، فسجد واستولى على مكة.
ثم ولاه عبد الملك إمرة الحجاز، وسار إلى المدينة من مكة، فأقام بها ثلاثة أشهر وتغيب أهلها منه، واستخف فيها ببقايا الصحابة رضي الله عنهم، وختم أعناقهم، وغير من الكعبة ما صنعه بها ابن الزبير.
وذلك أنه نقض الجانب الشامي من الكعبة، وأخرج منه ما كان ابن الزبير أدخله من الحجر فيها، وسد بابها الغربى الذي فتحه ابن الزبير، وردمها بما فضل من حجارتها حتى ارتفعت كما هي عليه اليوم. وقد شرحنا ذلك في شفاء الغرام ومختصراته، فأغنى عن إعادته هنا.
ثم عزله عبد الملك عن الحجاز في سنة خمس وسبعين، وأمره على العراق، ففعل فيه أيضا أمورا منكرة يطول شرحها، وهي مبسوطة في كتب التاريخ. ولم يزل الحجاج على إمرة العراق، حتى أهلكه الله تعالى، في يوم الجمعة لسبع بقين من رمضان سنة خمس وتسعين. كذا قال الطبري في تاريخ وفاته.
وذكر الذهبي: أنه توفى ليلة سبع وعشرين من رمضان، وله ثلاث وخمسون سنة أو دونها.
وروى ابن زبر في وفياته، عن ابن عيينة: أنه توفى في شوال سنة خمس وتسعين، وهو ابن أربع وخمسين سنة، وقيل: إن عمره ثلاث وخمسون سنة. وكانت وفاته بمدينة واسط التي بناها. وبها دفن وعفى أثر قبره وأجرى عليه الماء. وكان مرضه الذي مات به الأكلة وقعت في بطنه، وسلط الله تعالى معها عليه الزمهرير. ولما بلغ الحسن البصري موت الحجاج سجد لله شكرا. وقال: اللهم إنك أمته فأمت عنا سننه. وسئل إبراهيم النخعى عنه فقال: ألم يقل الله تعالي: {ألا لعنة الله على الظالمين}.
وروى الترمذي عن هشام بن حسان، أنه أحصى من قتل الحجاج صبرا، فبلغ مائة ألف وعشرين ألفا، وعرضت السجون بعده، فوجد فيها ثلاثة وثلاثون ألفا، لم يجب على أحد منهم قطع ولا صلب.
قال الذهبي: وسمعوه يقول عند الموت: رب اغفر لى، فإن الناس يزعمون أنك لا تغفر لى. قال: وكان شجاعا مهيبا جبارا عنيدا، مخازيه كثيرة، إلا أنه كان عالما فصيحا مفوها، مجودا للقرآن. انتهى.
وكانت ولايته للحجاز ثلاث سنين، وولايته للعراق عشر سنين.
وذكر ابن خلكان: إن أول ولايته تبالة، قال: ولم يكن رآها قبل ذلك، فخرج إليها، فلما قرب منها سأل عنها، فقيل له: إنها وراء تلك الأكمة، فقال: لا خير في ولاية تسترها أكمة، ورجع عنها محتقرا لها وتركها. فضربت العرب بها المثل. وقالت للشيء الحقير: أهون من تبالة على الحجاج، قال: وتبالة - بفتح التاء المثناة من فوقها وبعدها باء موحدة، ثم ألف ولام وفي آخرها هاء - وهي بليدة على طريق اليمن للخارج من مكة. وهذا المكان كثير الخصب، له ذكر في الأخبار والأمثال والأشعار. انتهى.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 3- ص: 1

حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي أبو محمد
روى عن أنس بن مالك روى عنه مالك بن دينار وثابت وجراد بن مجالد سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 3- ص: 1