الحسن بن علي بن عبد الله بن محمد ابن عبد الباقي ابن محمد بن عبد الله بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عامر أبي جرادة بن ربيعة الحلبي الملقب ثقة الملك المعروف بابن أبي جرادة وبابن العديم وباقي النسب مر في إبراهيم بن محمد ابن عمر.
ولادته ووفاته
ولد بحلب سنة 492 وقيل غير ذلك ومات بمصر سنة 551 وله من العمر 59 سنة وقيل سنة 555 والله أعلم.
كناه القرشي صاحب طبقات الحنفية أبا عبد الله وكناه ياقوت في معجم الأدباء أبا علي.
(وآل أبي جرادة) المعروفون ببني العديم شيعة حلبيون ورثوا التشيع عن جدهم أبي جرادة عامر بن ربيعة صابر أمير المؤمنين علي عليه السلام ويعرفون ببني العديم وقد تكلمنا عليهم إجمالا في ترجمة إبراهيم بن عمر ج 5 من هنا الكتاب.
في معجم الأدباء: أبو علي الحسن بن عبد الله ابن محمد ابن أبي جرادة كان فاضلا كاتبا شاعرا أديبا يكتب النسخ طريقة أبي عبد الله بن مقلة والرقاع طريقة علي ابن هلال وخطه حلو جيد جدا خال من التكلف والتعسف سمع أباه بحلب وكتب عنه السمعاني عند قدومه حلب وسار في حياة أبيه إلى الديار المصرية واتصل بالعادل أمير الجيوش وزير المصريين وأنس به ثم نفق بعده على الصالح بن رزيك وخدمه في ديوان الجيش ولم يزل بمصر إلى أن مات بها في سنة 551 وفي شذرات الذهب في وفيات سنة 555 فيها توفي ثقة الملك الحلبي الحسن بن علي بن عبد الله ابن أبي جرادة سافر إلى مصر وتقام عند الصالح ابن رزيك وناب فيها اه. وعن طبقات الحنفية للقرشي الحسن بن علي ابن عبد الله بن محمد الخ ابن أبي جرادة الحلبي أبو عبد الله بيت قضاة وفقهاء وله بحلب سنة 492 وقيل غير ذلك وسمع وأفاد ومات في أيام الظاهر سنة 551 وله من العمر تسع وخمسون سنة اه.
أشعاره
في معجم الأدباء: ومن شعره في صدر كتاب كتبه إلى أخيه عبد القاهر في سنة 546:
سرى من أقاصي الشام يسألني عني | خيال إذا ما راد يسلبني مني |
تركت له قلبي وجسمي كليهما | ولم يرض إلا أن يعرس في جفني |
وإني ليدنيني اشتياقي إليكم | ووجدي بكم لو أن وجد الفتى يدني |
وابعث آمالي فترجح حسرا | وقوفا على ضن من الوصل أو ظن |
فليت الصبا تسري بمكنون سرنا | فتخبرني عنكم وتخبركم عني |
وليت الليالي الخاليات عوائد | علينا فنعتاض السرور من الحزن |
ما ضرهم يوم جد البين لو وقفوا | وزودوا كلفا أودى به الكلف |
تخلفوا عن وداعي ثمت ارتحلوا | وأخلفوني وعودا ما لها خلف |
وأوصلوني بهجر بعد ما وصلوا | حبلي وما أنصفوني لكن انتصفوا |
قليتهم عدلوا في الحكم إذ ملكوا | وليتهم أسعفوا بالطيف من شغفوا |
ما للمحب وللعذال ويحهم | خانوا وماتوا ولما عنفوا عنفوا |
أستودع الله أحبابا ألفتهم | لكن على تلفي يوم الندى ائتلفوا |
عمري لثن نزحت بالبين دارهم | عني ما نزحوا دمعي وما نزفوا |
يا حبذا نظرة منهم على عجل | تكاد تنكرني طورا وتعترف |
سقت عهودهم غراء واكفة | تهمي ولو أنها من أدمعي تكف |
أحبابنا ذهلت ألبابنا ومحا | عتابنا لكم الإشفاق والأسف |
بعدتم فكأن الشمس واجبة | من بعدكم وكأن البدو منخسف |
يا ليت شعري هل يحظى برؤيتكم | طرفي وهل يجمعن ما بيننا طرف |
ومضمر في حشاه من محاسنكم | لفظا هو الدر لا ما يضمر الصدف |
كنا كغصنين حال الدهر بينهما | أو لفظتين لمعنى ليس يختلف |
فأقصدتنا صروف الدهر نابلة | حتى كأن فؤادينا لها هدف |
فهل تعود ليالي الوصل ثانية | ويصبح الشمل منا وهو مؤتلف |
ونلتقي بعد يأس من أحبتنا | كمثل ما يتلاقى اللام والألف |
وما كتبت على مقدار ما ضمنت | مني الضلوع ولا ما يقتضي اللهف |
فإن أتيت بمكنوني فمن عجب | وان عجزت فإن العذر منصرف |
يفنى الزمان وآمالي مصرمة | ومن أحب على مطل وإملاق |
واضعيه العمر لا الماضي انتفعت به | ولا حصلت على شيء من الباقي |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 5- ص: 203
الحسن بن علي بن عبد الله بن محمد الحسن بن علي بن عبد الله بن محمد (من بني العديم)
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 19- ص: 0
الحسن بن علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله بن موسى بن عيسى " بن عبد الله " بن محمد بن عامر بن أبي جرادة العقيلي الحلبي من البيت المشهور. ولد بحلب، سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وقيل غير ذلك وسمع وأفاد.
ومات في أيام الفائز، سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وله من العمر تسع وخمسون سنة، رحمه الله تعالى.
وذكر العماد الكاتب، في ’’ الخريدة ’’، وأورد شيئا كثيرا من أشعاره، فقال: القاضي ثقة الملك، أبو علي الحسن بن علي بن عبد الله ابن أبي جرادة.
من أهل حلب، سافر إلى مصر، وتقدم عند وزرائها وسلاطينها، خاصة عند الصالح أبي الغارات ابن رزيك، وهو من بيت كبير بحلب، وذو فضل غزير وأدب.
وتوفي بمصر، في جمادى الأولى، سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ومن سائر شعره ما يغنى به، أنشدني له بعض أصدقائي بدمشق:
يا صاحبي أطيلا في مؤانستي | وذكراني بخلان وعشاق |
وحدثاني حديث الخيف إن به | روحا لقلبي وتسهيلا لأخلاقي |
داء تقادم عندي من يعالجه | ونفثة بلغت مني من الراقي |
يفنى الزمان وآمالي مصرمة | ممن أحب على مطل وإملاف |
يا ضيعة العمر لا الماضي انتفعت به | ولا حصلت على علم من الباقي |
من عصاة أضمروا الغدر فهم | أهل نصب ونفاق وعناد |
قتلوا الظافر ظلما وانتحوا | لبني الحافظ بالبيض الحداد |
واعتدى عباس فيهم وابنه | فوق عدوان يزيد وزياد |
مثل سفر قتلوا هاديهم | ثم ضلوا ما لهم من بعد هاد |
جاءهم في مثل ريح صرصر | فتولوا مثل رجل من جراد |
بعد ما غرهم إملاؤه | ولهيب الجمر من تحت الرماد |
وتظنوا أن سترتاع بهم | هل تراع الأسد يوما بالنقاد |
لعمري لقد أفلح المومنونا | بحق وقد خسر المبطلونا |
وقد نصر الله نصرا عزيزا | وقد فتح الله فتحا مبينا |
بمن شار علياه واختاره | ولقبه فارس المسلمينا |
وقد كاد أن يستبين الرشا | د فأعجله الحتف أن يستبينا |
ولا بد للغاصب المستبين | على الكره من أن يوفي الديونا |
ومن يخذل الله ثم الإمام | فليس له اليوم من ناصرينا |
ولما استجاشت عليه العدا | وشب له القوم حربا زبونا |
سقاهم بكاس مرير المذا | ق لا يعذب الدهر للشاربينا |
وأشبع ضباع الفلاة | فظلوا لأنعمه شاكرينا |
لهفي لفقد شبيبة | كانت لدي أجل زاد |
أنفقتها متغشمرا | لا في الصلاح ولا الفساد |
ما خلت أني مبتلى | بهوى الأصادق والأعادي |
حتى بكيت على البيا | ض كما بكيت على السواد |
أحبابنا شفنا لهجركم | وبعدنا من وصالكم خبل |
فإن قطعنا لا تحفلون بنا | وإن وصلناكم فلا نصل |
فأرشدونا كيف السبيل فقد | ضاقت بنا في هواكم الحيل |
شأن المحبين أن يدوموا على ال | عهد وشأن الأحبة الملل |
لقاؤك أحلى من رقادي على جفني | وقربك أحلى من مصاحبة الأمن |
أيا من أطعت الشوق حتى أتيته | وأيقنت أني قد لجأت إلى ركن |
لئن لم أفز منك الغداة بنظرة | تسهل من وعر اشتياقي فواغبني |
وجد قديم وهوى باق | ونظرة ليس لها راق |
ودمع عين أبدا حائر | ليس بمنهل ولا راق |
أحبابنا هل وقفة باللوى | تسعف مشتاقا بمشتاق |
وهل نداوى من كلو النوى | بلف أعناق بأعناق |
ما زلت من بينكم مشفقا | لو أنه ينفع إشفلقي |
أعوم في لجة دمعي إذا | ما أضرمت تيران أشواقي |
وجدي بكم فقد وميعادكم | منكسر في جملة الباقي |
يا ساقيا خمرة أجفانه | لهفي على الخمرة والساقي |
أما تخاف الله في مقلة | لا عاصم منها ولا واق |
إن بين السجوف والأوراق | فتنة للقلوب والأحداق |
ومريض العهود تخبر عينا | ه بما في فؤاده من نفاق |
أنا منه في ذلة وخضوع | وهو مني في عزة وشقاق |
سدد السهم في جفون إذا ما | فوقت لم يكن لها من فواق |
وليال من الصبابة أستع | رض فيها نفائس الأعلاق |
حيث لا نجمها قريب من الغر | ب وليست بدورها في الإشراق |
يا خليلي هل إلى معهد الحي | سبيل للهائم المشتاق |
إن وجدي به وإن طال عهدي | لجديد القوى شديد الوثاق |
مثل وجد القاضي الموفق بالمج | د وقدما ما تصاحبا بوفاق |
ذاك مولى كأنما سلم الل | ه إليه مفاتح الأرزاق |
فؤاد بيذكار الحبيب عميد | وشوق على طول الزمان يزيد |
وعين لبعد العهد بين جفونها | قريب ولكن اللقاء! بعيد |
وما كنت أدري أن قلبي صابر | وأني على يوم الفراق جليد |
أريد من الأيام ما لست واجدا | وتوجدني ما لا أكاد أريد |
سريرة حب ما يفك أسيرها | ولوعة قلب ليس ينجو سعيرها |
ونفس لأبت أن تحمل الصبر عنكم | وكيف وأنتم حزنها وسرورها |
وهل حامل مني إليكم تحية | إذا تليت يوما يضوع عبيرها |
رعى الله أيام الصبا كلما هفت | صبا فشفى مرضى القلوب مرورها |
فهل لي إلى تلك الليالي رجعة | أجدد من وجدي بها وأزورها |
لئن نزحت داري فإن مودتي | على كدر الأيام صاف غديرها |
عزني أن أراك في حالة الصح | و كما عزني أوان المدام |
وكما لا سبيل أن نتناجى | من بعيد بألسن الأقلام |
فعليك السلام لم يبق شيء | أترجاه غير طيف المنام |
يا غائبين وما غابت مودتهم | هل تعلمون لمن شف الغرام شفا |
إن تعتبوني فعندي من تذكركم | طيف يطالع طرفي كلما طرفا |
أو تجحدوني ما لاقيت بعدكم | فلي شواهد سقم ما بهن خفا |
واها لقلب وهي من بعد بينكم | وكنت أعهد فيه قوة وجفا |
فالريح تذكى الجوى فيه إذا نفحت | والوجد يقوى عليه كلما ضعفا |
فارقتكم غرة مني بفرقتكم | فلم أجد عوضا منكم ولا خلفا |
وقد فضضت لعمري من كتابكم | ما يشبه الود منكم رقة وصفا |
فبت أستاف منه عنبرا أرجا | طورا وأنظر منه روضة أنفا |
أود لو أنني من بعض أسطره | شوقا وأحسد منه اللام والألفا |
آليت إن عاد صرف الدهر يجمعنا | لأعفون له عن كل ما سلفا |
لهفي على نفحة من ريح أرضكم | أبل منها فؤادا موقرا شعفا |
ووقفة دون ذاك السفح من حلب | أمر فيها بدمع قط ما وقفا |
أنفقت دمعي قصدا يوم بينكم | لكنني اليوم قد أنفقته سرفا |
مالي وللدهر ما ينفك يقذف بي | كأنني سهم رام يبتغي هدفا |
ما على الطيف لو تعمد قصدي | فشفى علتي وجدد عهدي |
وأتاني ممن أحب رسولا | وانثنى مخبرا حقيقة وجدي |
إن أحبابنا وإن سلكوا اليو | م وحشاهم سبيل التعدي |
ونسونا فلا سلام يوافي | بوفاء منهم ولا حسن ود |
لهم الأقربون في القرب مني | وهم الحاضرون في البعد عندي |
ما عهدناهم جفاة على الخل | ولكن تغير القوم بعدي |
ليتهم أسعفوا المحب وأرضو | ه بوعد إذ لم يجودوا بنقد |
حبذا ما قضى به البين من ضم | ولثم لو لم يشبه ببعد |
لك شوقي في كل قرب وبعد | وارتياحي بكل غور ونجد |
ولئن شط بي المزار فحسبي | أنني مغرم بحبك وحدي |
أحبابنا فارقتكم | بعد ائتلاف واعتلاق |
وصفاء ود غير مم | ذوق ولا مر المذاق |
ووثائق بين القلو | ب تظل محكمة الوثاق |
نفقت بسوق المكرما | ت فليس فيها من نفاق |
لكنني وإن اغترب | ت وغرني قرب التلاقي |
لا بد أن أتلو حقي | قة ما لقيت وما ألاقي |
أما الغرام فما يزا | ل به التراقي في التراقي |
وكذلكم وجدي بكم | باق وصبري غير باق |
وطليق قلبي موثق | وحبيس دمعي في انطلاق |
يا ويح قلبي ما يزال | ل صريع كاسات الفراق |
بل ليت أيامي الخوا | لي باقيات لا البواقي |
غرام بدا واشتهر | ووجد ثوى واستقر |
وجسم شجته النوى | فللسق فيه أثر |
وليل كيوم الحسا | ب ليس له من سحر |
ولى مقلة ما يزا | ل يعدو عليها السهر |
كأن بأجفانها | إذا ما تلاقت قصر |
بنفسي من لا أرا | ه إلا بعين الفكر |
ومن لست أضسلو هوا | ه واصلني أم هجر |
ألين له إن جفا | وأعذره إن غدر |
وأركب في حبه | على الحالتين الخطر |
عنف الصب ولو شاء رفق | رشأ يرشق عن قوس الحدق |
فيه عجب ودلال وصبا | وتجن وملال ونزق |
لي منه ما شجاني وله | من فؤادي كل ما جل ودق |
يا خليلي أعيناني على | طول ليل وسقام وأرق |
أتظنان صلاحي ممكنا | إنما يصلح من فيه رمق |
ما على طيفكم لو طرقا | فشفى مني الجوى والحرقا |
قاتل الله فؤادا كلما | خفق البرق عليه خفقا |
وجفونا بليت مذ بليت | منكم بعد نعيم بشقا |
وبنفسي شادن يوم النقا | كهلال في قضيب في نقا |
أسرتني نظرة من لحظه | فاعجبول مني أسيرا مطلقا |
وبودي عاذر من غادر | نكث العهد وخان الموثقا |
لم أزل أصحب في وجدي به | جسدا مضنى وطرفا أرقا |
يا خليلي على الظن ومن | لي لو ألقى خليلا مشفقا |
حللاه ما سبى من مهجتي | واستذماه على ما قد بقى |
وأنشدا قلبي وصبري فلقد | ذهبا يوم فراقي فرقا |
من صح عقدة عقده | وصفت سريرة وده |
لم يعترض في قربه | ريب ولا فنى بعده |
أنا في كف غلام | بأسه أفتك مني |
أنا عند الظن منه | وهو عند الظن مني |
هل للمعنى بعد بعد حبيبه | إلا اتصال حنينه بنحيبه |
جهد المحب مدامع مسجومة | ليست تقوم له بكشف كروبه |
أحبابنا بان الشباب وبنتم | عن مدنف نائي المحل غريبه |
أمأ المدامع بعدكم فعزيزة | والقلب موقوف على تعذيبه |
لي ألفة بالليل بعد فراقكم | والنجم عند شروقه وغروبه |
بودي لو رقوا لفيض دموعي | ومن لي منوا برد هجوعي |
بليت بمغتال النواظر مولع | بهجري ولا يرثي لطول ولوعي |
فحتى م أدنو من هوى كل نازح | وأرعى بظهر الغيب كل مضيع |
وهل نافع أني أطعت عواذلي | إذا ما وجدت القلب غير مطيع |
ومالي أخشى جور خصمي في الهوى | وخصمي الذي أخشاه بين ضلوعي |
فيا ويح نفسي من قسي حواجب | لها أسهم لا تتقى بدروع |
ومن عزمه أدركت غرامي وأبعدت | مرامي وألقتني بغير ربوعي |
عهود لها يوم اللوىلا أضيعها | وأسرار حب لست ممن يذيعها |
أصاخت إلى الواشين سمعا ولم يزل | يقول بآراء الوشاة سميعها |
وما كان هذا الحب إلا غواية | فوا أسفا لو أنني لا أطيعها |
تقضت ليال بالعقيق وما انقضت | لبانة صب بالفراق ولوعها |
ولما أفاض الحي فاضت حشاشة | أجد بها يوم الوداع نزوعها |
وقفنا وللألحاظ في معرك النوى | سهام غرام في القلوب وقوعها |
وبيض أعاضتني نواها بمثلها | ألا رب بيض لا يسر طلوعها |
خلعت لها برد الصبا عن مناكبي | وعفت الهوى لما علاني خليعها |
شوقي على طول الزما | ن يزيد في مقداره |
وجوى فؤادي لا يقر | وكيف لي بقراره |
والقلب حلف تقلب | وتحرق في ناره |
والطرف كالطرف الغري | ق يعوم في تياره |
وتلهفي وتأسفي | باق على استمراره |
من ذا يرق لنازح | عن أهله ودياره |
لعب الزمان بشمله | وقضى ببعد مزاره |
فالسقم من زواره | والهم من سماره |
والصبر من أعدائه | والدمع من أنصاره |
وهمومه مقصورة | أبدا على تذكاره |
لعل تحدر الدمع السفوح | يسكن لوعة القلب القريح |
وعل البرق يروي لي حديثا | فيرفعه بإسناد صحيح |
ويا ريح الصبا لو خبرتني | متى كان الخيام بذ طلوح |
فلي من دمع أجفاني غبوق | تدار كؤوسه بعد الصبوح |
وأشواق تقاذف بي كأني | علوت بها على طرف جموح |
ودهر لا يزال يحط رحلي | بمضيعة ويرويني بلوح |
كريم بالكريم على الرزايا | شحيح حين يسأل بالشحيح |
وأيام تفرق كل جمع | وأحداث تجيز على الجريح |
فيالله من عود بعود | ومن نضو على نضو طليح |
وأعجب ما منيت به عتاب | يورق مقلتي ويذيب روحي |
أتى من بعد بعد واكتئاب | وما أنكى الجروح على الجروح |
وقد أسرى بوجدي كل وفد | وهبت بارتياحي كل ريح |
سلام الله ما شرقت ذكاء | وشاق حنين هاتفه صدوح |
على تلك الشمائل والسجايا | وحسن العهد والخلق السجيح |
على أنس الغريب إذا جفاه ال | قريب ومحتد المجد الصريح |
على ذي الهمة العلياء والمن | ة البيضاء والوجه الصبيح |
صفوح عن مؤاخذة الموالي | وليس عن الأعادي بالصفوح |
همام ليس يبرح في مقام | كريم أو لدى سعي] نجيح |
حديد الطرف في فعل جميل | وقور السمع عن قول قبيح |
مددت يدي إليه فشد أزري | وذاد نوائب الدهراللحوح |
وفزت بوده بعد ارتياد | ولكن صدني عنه نزوحي |
وما أدركت عايته بنظمي | ولو أدركت غاية ذي القروح |
ولكن وقفت على علاه | غنائي من ثناء أو مديح |
إلى م ألوم الدهر فيك وأعتب | وحتى م أرضى في هواك وأغضب |
أما من خليل في الهوى غير خائن | أما صاحب يوما على النصح يصحب |
بأية عضو التقى سورة الهوى | ولي جسد مضنى وقلب معذب |
عذيري من ذكرى إذا ما تعرضت | تعرض لاح دونها ومونب |
أ {ى الدهر عونا للهموم على الهوى | وضدا له في كل ما يتطلب |
فأبعد شيء منه ما هو آمل | وأقرب شيء منه ما يتجنب |
وقد يحسب الإنسان ما ليس مدركا | وقد يدرك الإنسان ما ليس يحسب |
ظن النوى منك ما ظن الهوى لعبا | وغره غرر بالبين فاغتربا |
فظل في ربقه التبريح موتشبا | من مات من حرقة التوديع منتحبا |
متيم في بني كعب له نسب | لكنه اليوم عذري إذا انتسبا |
أجاب داعي النوى جهلا بموقعها | فكان منها إلى ما ساءه سببا |
يا عاتبي رويدا من معاتبتي | فلست أول مخط في الهوى أربا |
ردا حديث الهوى غضا على وصب | يكاد يقضي إذا هبت عليه صبا |
وجددا عهده بالسمع عن حلب | فإن أدمعه لا تأتلي حلبا |
لله قلبي ما أغرى الغرام به | وحسن صبري لولا أنه غلبا |
يا قاتل الله عزما كنت أذخره | رزيته في سبيل الحب محتسبا |
إذا تفكرت في أمري وغايته | عجبت حتى كأني لا أرى عجبا |
أستودع الله أحبابا أشاهدهم | بعين قلبي وليست دارهم كثبا |
أصبحت لا أرتجي خلا أفاوضه | من بعد فرقتهم جدا ولا لعبا |
فإن سررت فإني مضمر حزنا | أو ابتسمت وجدت القلب مكتئبا |
قالوا تركت الشعر قلت لهم | فيه اثنتان يعافها حسبي |
أما المديح فجله كذب | والهجو شيء ليس يحسن بي |
من لي بأحور قربي في محبته | كالبعد لكن رجائي منه كاليأس |
مستعذب جوره فالقلب في يده | معذب ويدي منه على راسي |
ودعته من بعيد ليس من ملل | لكن خشيت عليه حر أنفاسي |
ما ضرهم يوم جد البين لو وقفوا | وزودوا كلفا أودى به الكلف |
تخلفوا عن دواعي ثمت ارتحلوا | وأخلفوني وعودا ما لها خلف |
أستودع الله أحبابا ألفتهم | لكن على تلفي يوم النوى ائتلفوا |
تقسموني فقسم لا يفارقهم | أين استقلوا وقسم شفه الدنف |
عمري لئن نزحت بالبين دارهم | عني فما نزحوا دمعي ولا نزفوا |
يا حبذا نظرة منهم على وجل | تكاد تنكرني طورا وتعترف |
دار الرفاعي - الرياض-ط 0( 1983) , ج: 1- ص: 231