الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل

حالب الحجارة ابن الحسن أمير المدينة الجواد ابن زيد ابن الحسن بن علي بن أبي طالب الملقب بالداعي إلى الحق وبالداعي الكبير وبالدعي الأول.

في تاريخ رويان لمولانا أولياء الله الآملي أنه ولد بالمدينة المنورة ونشأ بها وتوفي يوم الاثنين رجب سنة 270 في مدينة آمل وكان قد بنى لنفسه قبة فدفن فيها وكانت باقية إلى زمان المؤلف أولياء الله في أوائل المائة التاسعة.

وفي رياض العلماء توفي يوم السبت 23 رجب سنة 270 في تاريخ الطبري توفي سنة 270 إما في رجب وإما في شعبان وفي مسودة الكتاب ولا أعلم الآن من أين نقلته إن قبره بجرجان بقرية تدعى شناخرة. فانظر مع قول أولياء الله أن قبره بمدينة آمل والظاهر أن المدفون بجرجان هو أخوه محمد بن زيد كما يأتي في ترجمته فوقع الاشتباه بينهما. ولم يعقب الحسن بن زيد.

ونسبته بالكيفية المذكورة هي المستفادة من عمدة الطالب وتاريخ الطبري وفهرست ابن النديم وغيرها وفي بعض نسخ مروج الذهب وتاريخ ابن الأثير وتاريخ الخلفاء للسيوطي المطبوعة ما يخالف ذلك وهو تحريف من النساخ أو من بعض المؤلفين.

وقبل الإفاضة في ترجمته يناسب أن نشير إلى الدولة العلوية التي ظهرت في الإسلام التي هذه الدولة من جملتها.

الدول والإمارات العلوية التي ظهرت في الإسلام

الدول والإمارات العلوية التي ظهرت في الإسلام كان علي عليه السلام والعلويون بعده يرون أنفسهم ويراهم أكثر الناس أحق بالخلافة والإمارة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم من كل من تسمى بها للقرابة واستجماع خلال الخير فيهم مع انفرادهم بقرب النسب. ما كان من النص عليهم بها يوم الغدير فلذلك كانوا يطالبون بها ويسعون للحصول عليها كلما سنحت الفرصة لذلك فأول من طالب منهم بذلك الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فلم يجد ناصرا.

أول دولة علوية خلافة علي عليه السلام

ثم بويع بالخلافة بعد الثلاثة فكانت هذه أول دولة علوية ظهرت في الإسلام وفيها يقول الشريف الرضي:

ثم تغلب بنو أمية على ملك الإسلام وأساؤوا إلى العلويين ونالوهم بالأذى فنازع معاوية أمير المؤمنين عليا عليه السلام الأمر وكان من جراء ذلك حرب صفين وتسمى بإمرة المؤمنين بعد حيلة الحكمين ثم نازع الحسن بن علي وخذله أهل العراق فاضطر إلى الصلح على شروط لم يف معاوية بشيء منها ثم قتل الحسن بالسم ثم قتل الحسين ابن علي لإبائه بيعة يزيد الخمير السكير اللاعب بالقرود والطنابير ثم استخف هشام بن عبد الملك بزيد بن علي بن الحسين واستضامه فقال ما كره قوم حد السيوف إلا ذلوا فخرج بالكوفة فقتل وصلب أربع سنين ثم أحرق وخرج ابنه يحيى بالجوزجان فقتل ثم جاءت دولة بني العباس فكان العلويون يرون أنفسهم أحق منهم بالخلافة ويراهم الناس كذلك لكونهم أقرب منهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وامتيازهم عنهم بسوى ذلك فأول من خرج منهم على العباسيين محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى لأن المنصور كان قد بايعه بالخلافة وبايعه أكثر الهاشميين في دولة بني أمية خلا الإمام جعفر بن محمد الصادق فخرج محمد على المنصور وقتل بالمدينة وخرج بعده أخوه إبراهيم بالعراق وقتل ثم خرج الحسين صاحب فخ فقتل بالحجاز ولم يتعرض بقية الأئمة الاثني عشر للخلافة بعد قتل الحسين وصلح الحسن عليهما السلام ومع ذلك لم يسلموا من أذى بني العباس لما كانوا يرون من ميل الناس إليهم فاستدعى المنصور الإمام جعفر الصادق عليه السلام من الحجاز إلى العراق مرارا وأراد قتله فنجاه الله منة وحبس الرشيد الإمام موسى الكاظم عليه السلام ثم قتله بالسم وقتل ولده المأمون الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام بعد ما بايعه بولاية العهد.

دولة الأدارسة الحسنيين بالمغرب والأندلس

وهم نحو 18 شخصا ومدة ملكهم نحو 70 سنة وجدهم إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى هرب في أيام الرشيد إلى شمال أفريقية كما في ترجمته فأسس هناك دولة في عهد دولة بني العباس أيام قوتها في محضر الرشيد فلما بلغ الرشيد خبره قلق لذلك كثيرا وأرسل إليه من سموه فمات وكانت امرأته حاملا فولدت ذكرا سموه إدريس باسم أبيه وتناسلت ذريته وقامت لهم دولة في شمال أفريقية ثم في أواخر ملك الأمويين بالأندلس والعجب أن الرشيد وقبله المنصور لم ينقل عنهما أنهما اهتما لعبد الرحمن الأموي الذي هرب إلى الأندلس في أول دولة بني العباس وأسس بها دولة استمرت نحو 284 سنة من سنة 138 إلى 422 ولا أرسلوا من تحيل لسمه فيظهر أن خوفهم من العلويين لميل الناس إليهم كان أشد من خوفهم من الأمويين في تاريخ الخلفاء للسيوطي: ثم وهت الدولة الأموية بالمغرب سنة 406 وقامت الدولة العلوية الحسنية فولي الناصر علي ابن حمود سنة 407 ثم قتل سنة 408 وقام أخوه المأمون القاسم وخلع سنة 411 وقام ابن أخيه يحيى بن الناصر علي ابن حمود ولقب المستعلي وقتل بعد سنة وأربعة أشهر اه.

وتسمى القاسم وابن أخيه يحيى بالخلافة ثم ملك إدريس ابن علي بن حمود ثم يحيى بن إدريس ثم محمد بن القاسم ابن حمود ولم يتسم بالخلافة ثم بايعوا الحسن بن يحيى بالخلافة ثم مات فبايعوا إدريس بن يحيى بالخلافة ثم بويع ابن عمه محمد بن إدريس بن علي ثم بويع الحسن بن إدريس ومحمد ابن القاسم بالخلافة ثم مات محمد فولي ابنه القاسم ولم يتسم بالخلافة ثم مات محمد بن إدريس فملك بعده إدريس ابن محمد وانقضى ملك العلويين من الأندلس سنة 447 وصار فيها أشباه ملوك الطوائف ثم استولى عليها يوسف ابن تاشفين صاحب مراكش وتعاقبت عليها الدول حتى ملكها الأسبانيون في عهد الدولة العثمانية وأجبروا أهلها على التنصر أو الخروج منها أو القتل فلم يبق بها مسلم وحولت مساجدها كنائس وبقيت كذلك إلى يوم.

دولة آل طباطبا الحسنية بالكوفة واليمن

في سنة 199 ظهر بالكوفة أبو عبد الله محمد ابن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب يدعو إلى الرضا من آل محمد وكان القيم بأمره في الحرب أبو السرايا السري بن منصور وبعد أشهر مات محمد فجأة فقيل أن أبا السرايا سمه لأنه علم أنه لا حكم له معه وبايع محمد بن محمد بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب وضرب أبو السرايا الدراهم في الكوفة وفتح البصرة والمدائن وأرسل عمالا إلى الحجاز واليمن وانتشر الطالبيون في البلاد وفي سنة 200 قتل أبو السرايا وفي سنة 201 مات محمد صاحبه. كذا ذكره ابن الأثير. وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء: فصل في دولة بني طباطبا العلوية الحسنية قام منهم بالخلافة أبو عبد الله محمد ابن إبراهيم طباطبا سنة 199 وقام باليمن في هذا العصر الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن طباطبا ودعي له بإمرة المؤمنين ومات سنة 208 وقام ابنه المرتضى محمد ومات سنة 320 وقام أخوه الناصر ومات سنة 23 وقام ابنه المنتجب الحسين ومات سنة 29 وقام أخوه المختار القاسم وقتل سنة 44 وقام أخوه الهادي محمد ثم انقرضت دولتهم اه. وفي كون الهادي مات سنة 208 وابنه المرتضى سنة 320 ما يلفت النظر فإنه يقتضي أن يكون ملك 112 سنة وهو غريب ولو كان لنبه عليه فيوشك أن يكون الصواب 308 بدل 208 أو 220 بدل 320 والله أعلم. ثم استمرت هذه الدولة التي قامت على المذهب الزيدي إلى هذا العصر.

الدولة العلوية الفاطمية في شمال أفريقية

وظهرت الدولة العلوية الفاطمية في شمال أفريقية ومصر في عهد آخر الدولة العباسية بالضعف ولم يجد العباسيون سلاحا يحاربونها به أقوى من القدح في نسبها لما كان الناس عليه من الميل إلى العلويين والنفرة من العباسيين بما كان يظهر منهم من الموبقات والظلم والغشم ولم يكن العباسيون يطمعون في الاستيلاء على ملك العلويين بقدحهم في نسبهم لكنهم كانوا يريدون الاحتفاظ بما في أيديهم خوفا عليه من العلويين واستمرت هذه الدولة سائدة نحوا من 271 سنة من سنة 296 إلى 567.

الدولة العلوية بطبرستان

وظهرت دولة علوية مستقلة بطبرستان وبلاد الديلم ملك فيها الداعي إلى الحق الملقب بالداعي الكبير الحسن بن زيد الحسن في صاحب الترجمة ظهر سنة 250 ثم أخوه الملقب بالداعي الصغير محمد بن زيد وقتل سنة 288 ثم الملقب بالناصر الكبير والملقب بالناصر الصغير وغيرهم وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي أن الدولة الطبرستانية تداولها ستة رجال ثلاثة من بني الحسن ثم ثلاثة من بني الحسين أولهم الداعي إلى الحق الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسين ابن زيد الجواد ابن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالري والديلم ثم قام أخوه القاسم بالحق محمد وقتل سنة 288 فقام حفيده المهدي الحسن بن زيد ابن القاسم بالحق ثم لم يذكر الثلاثة الحسينيين ووقع منه خطأ في نسب الحسن ابن زيد وصوابه ما مر وساعد على ظهور هذه الدولة ضعف الخلفاء العباسيين واختلافهم وتشتت أمرهم وما ظهر من جور العمال وعسفهم فخرج هؤلاء السادات إلى طبرستان وحاربوا المستولين عليها وطردوهم وظهرت منهم شهامة وشجاعة وأقاموا عمود الحق والعدل وأحبهم أهل تلك البلاد وبايعوهم على الكتاب والسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الدولتان الحسنية والحسينية بالحجاز

وظهرت دولة حسنية بالحجاز في مكة المكرمة ودولة حسينية بالحجاز أيضا في المدينة المنورة. وذلك لما كثر خروج العلويين على الملوك ومطالبتهم بما يرونه ويراه الناس حقا لهم فأرضوهم بإمارتي مكة والمدينة ليأمنوا غائلتهم (وأول من ملك مكة من الحسنيين) جعفر بن محمد ابن الحسين أو الحسن بن محمد الثائر ابن موسى الثاني ابن عبد الله بن موسى الجون ابن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام وذلك في أواسط المائة الرابعة من الهجرة على ما في خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام واستمرت إمارة الحسنيين على مكة المكرمة إلى هذا العصر وكان آخر من ملكها منهم الشريف حسين بن علي الذي أقيم ملكا على الحجاز باسم ملك العرب ثم ولده الملك علي ولم تطل مدته ثم استولى السعوديون على ملك الحجاز إلى هذا الوقت وهو سنة 1361 ثم أن الحسنيين بمكة تظاهروا بالتسنن بعد خطوب جرت فدام ملكهم على مكة والحسينيين تظاهروا بالتشيع في جميع أدوارهم فزال ملكهم ودون تاريخ أمراء مكة في كتاب خلاصة الكلام إلى زمن إمارة الشريف عون الذي رأيناه وشاهدناه عام 1320 بمكة المكرمة وانتهى التاريخ في الكتاب المذكور إلى سنة 1301 أما الحسينيون فلم يدون تاريخهم ولكن ذكروا استطرادا في كتب التاريخ وذكرنا من وصلت ترجمته إلينا منهم في محله من هذا الكتاب (وأول من ملك المدينة من الحسينيين) فيما يظهر من صبح الأعشى الشريف طاهر الملقب بالمليح ابن محمد الملقب بمسلم ابن طاهر بن الحسن بن طاهر بن محمد ابن الحسن بن جعفر حجة الله ابن عبد الله بن الحسين الأصغر ابن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب في صبح الأعشى لحق طاهر بالمدينة الشريفة فقدمه بنو الحسين على أنفسهم واستقل بإمارتها سنين وتوفي سنة 381 واستمرت إمارتها فيهم إلى سنة 886 فكان أميرها فيصل الجمازي كما في وفاء الوفاء ولا يحضرني الآن متى زالت إمارتهم عنها.

الدولة المرعشية في آمل ومازندان

كان أهلها سادات حسينيين من نسل الحسن المرعشي ابن الحسين الأصغر ابن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام ملك منهم 14 رجلا أولهم يدعى قوام الدين وآخرهم السيد مراد ملكوا من سنة 760 إلى 989 وذلك نحو 219 سنة تخللها ملك لغيرهم نحو 49 فكانت مدة ملكهم نحو 170 سنة.

الدولة الكيائية بكيلان والديلم

وظهرت ببلاد كيلان والديلم دولة علوية هي دولة الكيائية نسبة إلى كيا بكسر الكاف وفتح المثناة التحتية وهي كلمة تعظيم بلسان الديلم معناها السيد أو ما يشبه ذلك كان يلقب بها أولئك السادات وربما أفاضوا إليها كلمة كار فقالوا كار كيا وكان ظهور هذه الدولة في أوائل المائة الثامنة.

الدولة الصفوية بإيران

وهي دولة بلغت في القوة والعظمة درجة عالية ونشرت العلوم والمعارف وأكرمت العلماء وأهل الدين وحافظت على شعائر الدين الإسلامي ملك منها عشرة ملوك أولهم إسماعيل بن حيدر وأخرهم طهماسب الثاني ابن حسين وهم من السادات العلوية ينتهي نسبهم إلى الإمام الكاظم موسى ابن جعفر عليهما السلام ومدة ملكهم نحو من 233 سنة من سنة 906 إلى 1139.

دولة الموالي

وظهرت دولة الموالي آل فلاح الموسويين المشعشعيين في خوزستان في الحويزة ونواحيها وكان ابتداؤها من سنة 850 وانتهت سنة 1029 وذلك نحو 179 سنة وعاصرت الملوك الصفوية وبسطوا عليها سيطرتهم وذكرنا رجال هذه الدولة كلا في محله من هذا الكتاب.

دول وإمارات أخرى

وقد قامت دول وإمارات أخرى في العالم الإسلامي ليس هنا مكان استقصائها.

وحيث انتهينا من الكلام إجمالا على الدول والإمارات العلوية التي ظهرت في الإسلام فلنعد إلى ترجمة من نحن بصدد ترجمته وهو الحسن بن زيد الملقب بالداعي الكبير.

أمه

في عمدة الطالب أمه آمنة بنت عبد الله بن عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

أقوال العلماء فيه

كان الحسن بن زيد الداعي مع شرف نسبه وكرم حسبه عالي السمعة شجاعا حازما ثاقب الرأي متواضعا جوادا كريما عارفا بمواقع الكلام متعطفا على العلويين محسنا إليهم كثير البر بهم ظهر بطبرستان سنة 250 وطرد عنها الطاهرية وجرت له معهم خطوب وحروب ثم حاربه يعقوب بن الليث الصفار المتغلب على خراسان وجرت له معه أيضا حروب وخطوب واستقر ملكه بطبرستان عشرين سنة إلا قليلا وأظهر فيها مذهب أهل البيت في الأصول والفروع ودعا إلى الرضا من آل محمد ووفد عليه الشعراء وجازهم أمثال أبي مقاتل الضرير نصر بن نصر الحلواني وأبي الغمر وغيرهما وفي تاريخ رويان لمولانا أولياء الله الآملي الذي كان حيا سنة 805 ما تعريبه: إنه كان رجلا متفردا في أنواع الفضائل النفسانية مولده في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ونشأ ونما هناك عديم المثيل في الشجاعة والثبات وقوة القلب وتدبير الحرب جوادا كريما بحيث أنه حضر عنده يوما أبو الغمر الشاعر في آمل وقد اقتصد الداعي في نشد أبو الغمر هذين البيتين:

فأمر له بعشرة آلاف درهم وأبو الغمر اسمه هارون ابن محمد وكان كاتب الحسن بن زيد ذكره ابن النديم في الفهرست وقال ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 270 فيها توفي الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان في رجب وكانت ولايته 19 سنة و 8 أشهر و 6 أيام وكان الحسن جوادا امتدحه رجل فأعطاه عشرة آلاف درهم (يشير إلى ما مر عن أبي الغمر)، وكان متواضعا لله تعالى حكي عنه أنه مدحه شاعر فقال: (الله فرد وابن زيد فرد) فقال: بفيك الحجر يا كذاب هلا قلت: (الله فرد وابن زيد عبد) ثم نزل عن مكانه وخر ساجدا لله تعالى وألصق خده بالتراب وحرم الشاعر اه. وفي تاريخ رويان وتاريخ طبرستان أنه بعد ما هزم الداعي سليمان بن علي بن طاهر واستولى على بلاد طبرستان سنة 252 أنشده في ذلك اليوم أبو مقاتل الضرير (نصر بن نصر الحلواني) الشاعر قصيدة مطلعها: (الله فرد وابن زيد فرد) فقال له الداعي بفيك التراب هلا قلت الله فرد وابن زيد عبد) وقام عن كرسيه ومرغ وجهه بالتراب وجعل يقول مكررا: الله فرد وابن زيد عبد وأمر بإخراج الشاعر مضروبا وبعد أيام أتى هذا الشاعر وأنشأ هذه الأبيات:

فلم يرض عنه فلما كان يوم المهرجان أو هو اليوم السادس والعشرين من اسفنديار) أنشأ هذه القصيدة:

فقال له الداعي لم لا قلت:

حتى لا تبتدئ شعرك بلا فقال الشاعر: أيها السيد أفضل الذكر لا اله إلا الله وأوله حرف النفي فقال الداعي أحسنت أحسنت أيها الشاعر اه. ومن جوده ما وجدته في مسودة الكتاب ولا أعلم الآن من أين نقلته وهو أنه أهدى إليه كاتبه أبو الغمر في بعض الأعياد سهمين كتب عليهما نصر من الله وفتح قريب وكتب معهما هذه الأبيات.

فأجازه بعشرة آلاف درهم اه. قال ابن الأثير وكان عالما بالفقه والعربية مدحه شاعر فقال:

فقال له كان الواجب أن تفتتح الأبيات بغير لا فإن الشاعر المجيد يتخير لأول القصيدة ما يعجب السامع ويتبرك به ولو ابتدأت بالمصرع الثاني لكان أحسن فقال له الشاعر ليس في الدنيا كلمة أجل من قول لا إله إلا الله وأولها لا فقال له أصبت وأجازه اه. ولكن في معاهد التنصيص روي أنه دخل عليه ابن مقاتل الضرير في يوم مهرجان وأنشده:

فتطير منة الداعي وقال أعمى يبتدئ بهذا يوم المهرجان وأمر ببطحه وضربه خمسين عصا وقال إصلاح أدبه أبلغ في ثوابه اه. ويأتي عند ذكر أخباره تمام القصيدة. وفي رياض العلماء وقيل وجه التطير الاتيان بيوم المهرجان في المطلع وهو آخر أيام النشوء والنماء وجعله مقرونا بغرة الداعي وفيه سماجة اه.

المهرجان والنوروز

ويناسب هنا بيان معنى المهرجان والنوروز فنقول المهرجان بكسر الميم عيد من أعياد الفرس ومعناه محبة الروح وكان يحتفل به في دولة بني العباس حتى من غير الفرس كما يحتفل بعيد النوروز وهو يوم انتقال الشمس إلى برج الحمل في 8 آذار على الحساب الشرقي ومعناه اليوم الجديد ويقال نيروز لكثرة الاستعمال وليس أصل ذلك من بني بويه كما يتوهم فبنو بويه كان ظهور دولتهم في أواسط المائة الرابعة وظهور الداعي كان في أواسط الثالثة وهذا لا يخلو من غرابة بأن يحتفل بأعياد الفرس في دول الإسلام أما النيروز فهو وإن كان من أعياد الفرس أيضا إلا أن الشيعة تروي فيه عن أحد أئمة أهل البيت عليهم السلام أنه عيد ضيعته العرب وحفظته العجم لذلك يحتفلون به إلى اليوم لا سيما الإيرانيون. وفي السدق وهو ليلة الوقود عند المجوس وفي النيروز والمهرجان يقول بديع الزمان الهمذاني في بعض رسائله: وما أنزل الله بالصدق برهانا ولا شرف نيروزا ولا مهرجانا وفي مروج الذهب قال وفي خلافة المستعين وذلك في سنة 250 ظهر ببلاد طبرستان الحسن بن زيد بن محمد ابن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب فغلب عليها وعلى جرجان بعد حروب كثيرة وقتال شديد وما زالت في يده إلى أن مات سنة 270 وخلفه أخوه محمد بن زيد قال وكان الحسن بن زيد ومحمد بن زيد يدعوان إلى الرضا من آل محمد اه. ثم قال وظهر في هذه السنة وهي سنة 250 بالري محمد بن جعفر بن الحسن ودعا للحسن بن زيد صاحب طبرستان اه. وفي فهرست ابن النديم عند ذكر الزيدية قال: الداعي إلى الحق الحسن ابن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي صاحب طبرسان ظهر بها في سنة 250 ومات بطبرستان مملكا عليها سنة 270 وقام مكانه الداعي إلى الحق أخوه محمد بن زيد وملك الديلم اه. وفي رياض العلماء السيد الجليل الداعي حسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل حالب الحجارة ابن حسن بن زيد بن الحسن المجتبى عليه السلام كان من أجلاء قدماء علماء وسادات الشيعة وولاة الإمامية وأمرائهم وكان يعرف بالداعي بايعه أهل طبرستان يوم الثلاثاء 25 شهر رمضان سنة 250 وتوفي يوم السبت 23 رجب سنة 270 وكان على مذهب الشيعة عارفا بالفقه والعربية فلاحظ باقي أحواله من كتب الرجال والتواريخ اه. ثم قال ولا يخفي أن المرتضى والمجتبى كانا من مشاهير مشايخ ابن شهراشوب ونظائره وأظن أن هذا الداعي من أجدادهما فلاحظ أحوالهما اه.

أخباره

مرت له أخبار مستطرفة عند ذكر أقوال العلماء فيه ومن أخباره ما ذكره ابن الأثير في الكامل قال: حكي عنه أنه غنى عنده مغن بأبيات الفضل بن العباس بن عتبة ابن أبي لهب التي أولها:

فلما وصل إلى قوله:

غير البيت فقال (لا بعباس بن عبد المطلب) فغضب الحسن وقال يا ابن اللخناء تهجو بني عمنا بين يدي وتحرف ما مدحوا به لئن فعلتها مرة ثانية لأجعلنها آخر غنائك اه.

وورد عليه أبو مقاتل الرازي كما في بعض المواضع وفي مروج الذهب أبو مقاتل نصر بن نصر الحلواني الضرير شاعر الجبال أي جبال حلوان) فمدحه وأخذ جوائزه ومرت له أخبار معه ومن أخباره معه ما في معاهد التنصيص عند ذكر قبح الابتداء أن ابن مقاتل الضرير أحد شعراء الجبال أنشد الداعي إلى الحق العلوي الشاعر بطبرستان قصيدة مطلعها (موعد أحبابك بالفرقة في) فقال له بل موعد أحبابك ولك المثل السوء اه. ومن هذا وما مر من أخباره معه يعلم أن ابن مقاتل مع كونه شاعرا مطبوعا كان غير عارف بمواقع الكلام. وفي مروج الذهب عند ذكر أخبار المتقي: حدث محمد بن عبد الله الدمشقي قال لما نزل المتقي الرقة قال لي في بعض الأيام أطلب لي رجلا أخباريا يحفظ أيام الناس أنفرج إليه في خلواتي فسألت عن رجل بهذا الوصف فأرشدت إلى رجل بالرقة كهل فأتيته به فلما خلا وجهه دعا به فوجد عنده ما أراد فكان معه أيام مقامه بالرقة فلما انحدر كان معه في الزورق فلما صار إلى نهر سعيد بين الرقة والرحبة أرق المتقي ذات ليلة فقال للرجل ما تحفظ من أشعار المبيضة وأخبارها فمر الرجل في أخبار آل أبي طالب إلى أن صار إلى أخبار الحسن بن زيد وأخيه محمد بن زيد ابن الحسن وما كان من أمرهما ببلاد طبرستان وذكر كثيرا من محاسنهما وقصد أهل العلم والأدب إياهما وما قالت الشعراء فيهما فقال له المتقي أتحفظ شعر أبي المقاتل نصر ابن نصر الحلواني في محمد بن زيد الحسني قال لا يا أمير المؤمنين لكن معي غلام لي قد حفظ بحدثة سنه وحدة مزاجه وغلبة الهمة لطلب العلم والأدب عليه ما لم أحفظ من أخبار الناس وأيامهم وأشعارهم قال أحضره فأحضره من زورق آخر فوقف بين يديه فقال له صاحبه أتحفظ قصيدة أبي المقاتل في ابن زيد (وربما أوهم قوله أتحفظ شعر أبي المقاتل في محمد بن زيد الخ أن القصيدة في مدحه لكن ابن الأثير كما سمعت قال إنها في الحسن بن زيد وكأن غيره) قال نعم قال المتقي أنشدنيها فابتدأ ينشده إياها وفيها أغلاط في النسخة لم نهتد لصوابها:

فلم يزل المتقي كلما مر به بيت استعاده ثم أمر الغلام بالجلوس فلما كان في اليوم الذي لقيه فيه ابن سيرار الكاتب سمعه ينشد هذا البيت (لا تقل بشرى وقل لي بشريان) فقال له الغلام وقد كان أنس به يا أمير المؤمنين (دامت البشرى فقل لي بشريان) وقد كان أنشده أولا القصيدة لا تقل بشرى وأنشده هذا الوجه دامت البشرى فقل لي وذكر له خبر أبي المقاتل مع الداعي فوالله ما زال المتقي يقول لا تقل بشرى ولا يختار في ذلك الوجه غير ذلك فقال له الرقي والغلام والله لتطيرنا لأمير المؤمنين من اختياره إنشاد هذا البيت على هذا الوجه فكان من أمره ما ذكرناه اه. يعني من سمل توزون التركي إياه وخلعه ومن أخباره ما ذكره صاحبا تاريخ طبرستان وتاريخ رويان قالا نقل أن الداعي كان يوما يمشي في أزقة آمل فوجد مكتوبا على حائط: القرآن غير مخلوق فهو كافر قال أنه مخلوق فهو كافر فقرأه الداعي وذهب ثم عاد ولما كان ذلك على خلاف عادته فلما رآه الناس محوا تلك الكتابة فتبسم الداعي فقال نجوا والله من السيف اه. ومن محاسن أخبار الداعي الدالة على عظيم حلمه وكمال عقله ما في تاريخ طبرستان قال ذكروا أن الداعي الكبير الحسن ابن زيد جلس يوما للعطاء فجاء رجل من بني عبد شمس فسألوه من أي فخذ أنت فقال من أولاد معاوية ففحصوا عنه فإذا به من ذرية يزيد فأراد السادات قتله فمنعهم الداعي وأعطاه عطاءه وأرسل معه من يحفظه حتى خرج من طبرستان اه. ولكن صاحب عمدة الطالب والقاضي التنوخي في كتاب الفرج بعد الشدة نسبا هذه القصة بوجه أبسط إلى الداعي الصغير محمد بن زيد الحسني كما يأتي في ترجمته إنشاء الله تعالى.

تعميره قبر أمير المؤمنين علي عليه السلام بالنجف

يدل بعض الأخبار التي ذكرها ابن طاوس في فرحة الغري أنه أول من بنى عليه حائطا بعد بناء الرشيد له وبعد عمل داود العباسي عليه صندوقا كما مرت الإشارة إليه في الجزء الثالث من هذا الكتاب ثم أمر بعمارته وعمارة الحائر بكربلاء أخوه محمد بن زيد الداعي الصغير وبنى على المشهد العلوي حصنا فيه سبعون طاقا كما يأتي في ترجمته (إنش).

خبر استيلائه على طبرستان

وهي مازندران في قول ياقوت ولا بأس بذكر مقدمة لذلك ذكرها مولانا أولياء الله الآملي في تاريخ رويان فقال: ما تعريبه حاصله أنه لما بويع الرضا عليه السلام بولاية العهد وكان له أحد وعشرون أخا مع عدة من أولاد إخوته وبني عمه الحسنيين والحسينيين توجهت أنظارهم إلى ذلك ووصلوا إلى الري ونواحي العراق وقومس فلما غدر المأمون بالرضا وقتله بالسم خابت آمالهم ولما بلغهم ذلك التجأوا إلى جبال الديلم وطبرستان وإلى الري ونهاوند فبعضهم استشهد هناك وبقي مزاره إلى الآن وبعضهم توطن هناك إلى أن آل الأمر إلى المتوكل الذي كان ظلمه للسادات متجاوزا الحد فهربوا منه واتخذوا مساكن في الجبال وفي طبرستان وحيث أن اصفهبد مازندران وملوك باوند الذين أسلموا من قديم الزمان كانوا يتشيعون ولهم عقيدة حسنة في السادات ولم يكونوا في وقت من الأوقات على غير مذهب الشيعة رأى هؤلاء السادات أن مقامهم بتلك البلاد أحسن من كل مكان ثم أن المتوكل قتل ووقع الاختلاف بين أولاده وخرج عليهم السادات من الأطراف أمثال يحيى بن عمر الحسيني الذي خرج بالكوفة وقتل والسادات الذين كانوا معه توجهوا إلى الديلم وطبرستان ولم يزل السادات في محنة تامة مع ملوك بني أمية وبني العباس في مدة لا تقل عن مائتي سنة وهم إلى ذلك التاريخ يتحملون الظلم والجور ولم يكن لأولئك الملوك همة سوى استئصال السادات العلويين وكان بينهم جماعة أمثال الحجاج الثقفي والمنصور الدوانيقي والمتوكل قد أخذوا على أنفسهم قتل كل سيد يعثرون عليه حتى ينقطع نسلهم ولكن الحق بارك في نسل آل محمد صلى الله عليه وسلم.

ومعه كل هذا الاستيلاء الذي كان من بني أمية وبني العباس فلا تجد في جميع المعمورة مائة نفس من الأمويين والعباسيين مشهوري النسب وكلا البيتين بسبب شؤم الظلم قد انقطع ولم يبق منه أثر (كأن لم يغن بالأمس) وبنو علي وبنو فاطمة مع وجود الظلم والقتل لهم وإرادة الملوك استئصالهم مدة مائتي سنة أو أكثر فهم اليوم بحمد الله على وجه الأرض من المشرق إلى المغرب لا تجد بقعة خالية من جماعة من مشاهير السادات كل منهم مقبل شفاه وسقط جباه سلاطين العالم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل حسب ونسب ينقطع إلا حسبي ونسبي) وبالجملة في هذا العهد اختلفت أحوال الملوك العباسية والسادات كثروا في طبرستان وظلم محمد بن أوس حاكم طبرستان قد تجاوز الحد فالتجأ الناس إلى السادات وملكوهم عليهم وأول سيد ملك طبرستان الداعي الكبير اه.

سبب استيلائه على طبرستان

في تاريخ الطبري وكامل ابن الأثير في حوادث سنة 250 ظهر الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام بطبرستان وكان سبب ظهوره أن محمد بن عبد الله بن طاهر بن عبد الله بن طاهر بن الحسين والي العراق لما ظفر بيحيى بن عمر (وهو يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام الذي خرج بالكوفة وقتله) أقطعه المستعين من صوافي السلطان بطبرستان قطائع منها قطيعة قرب ثغري طبرستان مما يلي الديلم وهما كلار وشالوس وكان بحذائهما أرض تحتطب منها أهل تلك الناحية وترعى فيها مواشيهم ليس لأحد عليها ملك إنما هي موات وهي ذات غياض وأشجار وكلأ فوجه محمد بن عبد الله بن طاهر نائبه جابر بن هارون النصراني أخا كاتبه بشير ابن هارون لحيازة ما أقطع وكان عامل المستعين على خراسان وطبرستان والري والمشرق كله يومئذ محمد ابن طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عبد الله بن طاهر بن الحسين وعامل طبرستان كلها يومئذ سليمان بن عبد الله بن طاهر ابن الحسين خليفة محمد بن طاهر المذكور (العامل العام) وهو أيضا عم محمد بن طاهر المذكور وأخو محمد بن عبد الله ابن طاهر والي العراق وكان الغالب على أمر سليمان رجل اسمه محمد بن أوس البلخي وقد فرق محمد هذا أولاده في مدن طبرستان وجعل كل واحد منهم واليا على مدينة وهم أحداث سفهاء فتأذت بهم الرعية وشكوا منهم ومن أبيهم ومن سليمان سوء المسيرة ثم أن محمد بن أوس دخل بلاد الديلم وهم مسالمون لأهل طبرستان فسبى منهم وقتل فساء ذلك أهل طبرستان فلما قدم جابر بن هارون لحيازة ما أقطعه محمد بن عبد الله عمد فحاز فيه ما اتصل به من أرض موات يرتفق بها الناس وفيما حاز الموات الذي بقرب كلار وشالوس وكان في تلك الناحية يومئذ أخوان مطاعان فيها لهما بأس ونجدة يضبطانها ممن رامها من الديلم مذكوران بإطعام الطعاه وبالإفضال وهما محمد وجعفر ابنا رستم فأنكرا ما فعل جابر من حيازة الموات الذي هو مرفق لأهل تلك الناحية وغير داخل فيما أقطعه محمد بن عبد الله فاستنهضا من أطاعهما لمنع جابر من حيازة ذلك الموات فخافهما جابر فهرب منهما فلحق بسليمان بن عبد الله وخاف محمد وجعفر من عامل طبرستان فراسلوا جيرانهم من الديلم يذكرونهم العهد الذي بينهم ويذكرونهم ما فعله محمد بن أوس بهم من السبي والقتل فاتفقوا على المعاونة والمساعدة على حرب سليمان وابن أوس وغيرهما ثم أوصل ابنا رستم ومن وافقهما إلى رجل من الطالبيين المقيمين يومئذ كانوا بطبرستان اسمه محمد بن إبراهيم كان بطبرستان يدعونه إلى البيعة له فامتنع عليهم وقال: لكنني أدلكم على رجل منا هو أقوم بهذا الأمر منى فدلهم على الحسن بن زيد (صاحب الترجمة) وهو بالري فوجهوا إليه عن رسالة محمد بن إبراهيم إليه من يدعوه إلى طبرستان فشخص إليها فأتاهم وقد صارت كلمة الديلم وأهل كلار وشالوس ورويان على بيعته واحدة فبايعوه كلهم وطردوا عمال ابن أوس عنهم فلحقوا بسليمان وابن أوس وهما بمدينة سارية وانضم إلى الحسن بن زيد أيضا حوزية جبال طبرستان وجماعة من أهل السفح خلا ما كان من سكان جبل فريم فإن رئيسهم قارن ابن شهريار كان ممتنعا بجبله وأصحابه فلم ينقد للحسن بن زيد حتى مات حتف أنفه مع موادعة كانت بينهما في بعض الأحوال محاببة ومصاهرة كفا من قارن بذلك من فعله عادية الحسن بن زيد اه.

فتح الداعي مدينة آمل

وهي من مدن طبرستان قال البلاذري فيما حكي عنه كورطبرستان ثمان كور وعد منها سارية وآمل وقال سارية بها ينزل العامل في أيام الطاهرية وكان العامل قبل ذلك في آمل وجعلها أي سارية. أيضا الحسن بن زيد ومحمد بن زيد العلويان دار مقامهما وبين سارية وآمل 18 فرسخا اه. قال الطبري وابن الأثير بعد ذكر ما تقدم نقله عنهما ثم زحف الحسن بن زيد وقواده نحو مدينة آمل وهي أقرب المدن إليهم لأنها أول مدن طبرستان مما يلي كلار وشالوس وأقبل ابن أوس من سارية إليها يريد دفعه عنها فالتقى جيشاهما في بعض نواحي آمل ونشبت الحرب بينهما فاقتتلوا قتالا شديدا وخالف الحسن بن زيد وجماعة ممن معه موضع المعركة إلى آمل فدخلوها فلما بلغ ذلك ابن أوس وهو مشغول بحرب من يقاتله من أصحاب الحسن بن زيد لم يكن له همة إلا النجاة بنفسه فهرب ولحق بسليمان بسارية فلما استولى الحسن على آمل كثف جيشه وغلظ أمره وأتاه كل طالب نهب وفتنة فأقام بآمل أياما حتى جبى الخراج من أهلها واستعد اه.

فتح الداعي مدينة سارية

كان سليمان بن عبد الله بن طاهر عامل طبرستان كلها مقره بمدينة سارية ويقال لها: ساري أيضا وكان محمد ابن أوس البلخي المستولي على أمر سليمان مقيما معه بمدينة ساري ولما خرج منها إلى آمل حارب الداعي وهزمه الداعي رجع إلى ساري كما مر فاجتمع هو وسليمان بها. قال الطبري وابن الأثير ثم أن الحسن بن زيد بعد ما دخل آمل وكثف جيشه وأقام بها أياما وجبى خراجها واستعد نهض بمن معه نحو سارية مريدا سليمان بن عبد الله فخرج سليمان وابن أوس بمن معهما من جيوشهما فالتقى الفريقان خارج مدينة سارية ونشبت الحرب بينهم فسار بعض قواد الحسن نحو سارية مخالفا الوجه الذي فيه القتال فدخلها فلما سمع سليمان الخبر انهزم هو ومن معه كما جرى في آمل وذهب إلى جرجان وترك أهله وعياله وثقله وكل ماله ولجنده بسارية واستولى الحسن وأصحابه على ذلك جميعه فأما الحرم والأولاد فجعلهم الحسن في مركب وسيرهم إلى سليمان بجرجان وأما المال فكان قد نهب وتفرق فاجتمع للحسن ابن زيد أمر طبرستان كلها قال ابن الأثير: وقيل أن سليمان انهزم اختيارا لأن الطاهرية كلها كانت تتشيع فلما أقبل الحسن ابن زيد إلى طبرستان تأثم سليمان من قتاله لشدته في التشيع وقال:

فلما التقوا انهزم سليمان اه.

فتح الداعي الري

قال الطبري وابن الأثير: فلما اجتمعت طبرستان للحسن وجه إلى الري جندا مع رجل من أهله يقال له الحسن بن زيد أيضا فملكها وطرد عنها عامل الطاهرية وقال الطبري أنه لما دخلها هرب منها عاملها فاستخلف بها رجلا من الطالبيين اسمه محمد بن جعفر وانصرف عنها فاجتمعت للحسن ابن زيد مع طبرستان الري إلى حد همذان. وورد الخبر بذلك على المستعين ومدبره يومئذ وصيف التركي وكاتبه أحمد ابن صالح بن شيرزاد وإليه خاتم المستعين ووزارته. فوجه إسماعيل بن فراشة في جمع إلى همذان وأمره بالمقام بها وضبطها أن يتجاوز إليها خيل الحسن بن زيد وذلك أن ما وراء عمل همذان كان إلى محمد بن طاهر بن عبد الله ابن طاهر وبه عماله وعليه الذب عنه فلما استقر بمحمد بن جعفر الطالبي المقام بالري ظهرت منه أمور كرهها أهل الري فوجه محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر قائدا من عنده يقال له: محمد بن ميكال وهو أخو الشاه بن ميكال في جمع من الجند إلى الري فالتقى هو محمد بن جعفر الطالبي خارج الري فأسر محمد بن جعفر وانهزم جيشه ودخل ابن ميكال الري فأقام بها فوجه الحسن بن زيد عسكرا عليه قائد يقال له: واجن فلما صار إلى الري خرج إليه محمد بن ميكال فاقتتلوا فانهزم ابن ميكال والتجأ إلى مدينة الري فاتبعه واجن وأصحابه حتى قتلوه وصارت الري إلى أصحاب الحسن ابن زيد فلما كان يوم عرفة من هذه السنة (250) ظهر بالري أحمد بن عيسى بن علي بن حسين الصغير ابن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب وإدريس بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب فصلى أحمد بن عيسى بأهل الري صلاة العيد ودعا للرضا من آل محمد فحاربه محمد بن علي بن طاهر فهزمه أحمد بن عيسى فصار إلى قزوين اه. وفي مروج الذهب: وظهر في هذه السنة وهي سنة 250 بالري محمد بن جعفر ابن الحسن ودعا للحسن بن زيد صاحب طبرستان وكانت له حروب بالري مع أهل خراسان من المسودة فأسر وحمل إلى نيسابور إلى محمد بن عبد الله بن طاهر فمات في محبسه بنيسابور. وظهر بعده بالري أحمد بن عيسى بن علي ابن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ودعا إلى الرضا من آل محمد وحارب محمد بن طاهر وكان بالري فانهزم عنها وسار إلى مدينة السلام ودخلها العلوي اه. فالطبري وابن الأثير قالا: أن محمدا الطاهري سار بعد الهزيمة إلى قزوين والمسعودي قال: أنه سار إلى مدينة السلام وهما: قالا أن الحسن بن زيد المرسل من قبل الداعي هو الذي استخلف محمد بن جعفر على الري والمسعودي قال: أنه ظهر بها يدعو إلى الحسن بن زيد.

استعادة ابن طاهر طبرستان

وهروب الحسن بن زيد

ذكرنا أن عامل طبرستان قبل استيلاء الداعي عليها كان سليمان بن عبد الله بن طاهر بن عبد الله بن طاهر ابن الحسين الخزاعي خليفة ابن أخيه محمد بن طاهر بن عبد الله ابن طاهر بن الحسين وأنه عند استيلاء الداعي على طبرستان هرب سليمان إلى جرجان إلى عند ابن أخيه محمد بن طاهر قال الطبري وابن الأثير في حوادث سنة 251 في هذه السنة رجع سليمان بن عبد الله بن طاهر من جرجان أرسله محمد ابن طاهر إلى طبرستان بجمع كثير وخيل وسلاح فتنحى الحسن بن زيد عن طبرستان ولحق بالديلم فدخلها سليمان فكتب سليمان إلى ابن أخيه محمد بن طاهر بدخوله طبرستان فقرئ كتابه ببغداد وكتب المستعين نسخة إلى بغا الصفير فتح طبرستان على يدي محمد بن طاهر وهزيمة الحسن ابن زيد وأن سليمان بن عبد الله دخل سارية على حال من السلامة وأنه ورد عليه ابنان لقارن ابن شهريار وهما مازيار ورستم في خمسمائة رجل وان أهل آمل أتوه منيبين مظهرين الندم يسألون الصفح فلقيهم بما أرادوا ونهى أصحابه عن القتل والنهب والأذى ونهض بعسكره على تعبية مستقريا للقرى والطرق وورد كتاب أسد بن جندان إلى سليمان ابن عبد الله يخبره بهزيمة علي بن عبد الله الطالبي المسمى بالمرعشي فيمن كان معه وهم أكثر من ألفي رجل ورجلين من رؤساء الجيل في جمع عظيم ودخل أسد مدينة آمل قال الطبري وفيها ورد كتاب محمد بن طاهر - على المستعين - بهرب الحسن بن زيد عند مصيره إلى المحمدية وإحاطة عسكره بها وأنه عند دخوله المحمدية وكل بالمسالك والطرق وبث أصحابه. قال وفيها أيضا ورد كتاب من محمد ابن طاهر على المستعين يذكر فيه انهزام الحسن بن زيد منه وأنه لقيه في زهاء ثلاثين ألفا فجرت فيما بينه وبينه حرب وأنه قتل من أعيان أصحاب الحسن 300 ونيفا وأربعين رجلا فأمر المستعين أن تقرأ نسخة كتابه في الآفاق. وقال الطبري وابن الأثير في حوادث سنة 252 وفيما وجدت مع ابن أخ لمحمد بن علي بن خلف العطار كتب من الحسن ابن زيد فكتب بخبره إلى المعتز فكتب بحمله إلى سامراء ثم أن الطبري وأبن الأثير لم يذكرا ما جرى للحسن بن زيد بعد خروجه من طبرستان وإنما قال في حوادث سنة 255 فيها سار مفلح الصيمري إلى طبرستان فحارب الحسن بن زيد العلوي فانهزم الحسن ولحق بالديلم ودخل مفلح آمل وأحرق منازل الحسن بن زيد وسار إلى الديلم في طلبه ثم عاد عن طبرستان بعد أن دخلها وهزم الحسن بن زيد وذلك أن موسى بن بغا كان في الري فكتبت إليه قبيحة أم المعتز تسأله القدوم لما رأت اضطراب الأتراك فكتب موسى إلى مفلح يأمره بالانصراف فلما أتاه الكتاب رجع قال الطبري فعظم ذلك على قوم كانوا معه من رؤساء أهل طبرستان ممن كان هاربا قبل مقدم مفلح عليهم من الحسن بن زيد لما كانوا قد رجوا من مقامة عليهم وكفايتهم أمر الحسن بن زيد والرجوع إلى منازلهم وأوطانهم وذلك أن مفلحا كان يعدهم أتباع الحسن بن زيد حيث توجه حتى يظفر به أو يخترم دونه ويقول: لو رميت قلنسوتي في أرض الديلم ما اجترأ أحد منهم أن يدنو منها فلما رأى القوم انصرافه عن الوجه الذي توجه له من غير عسكر للحسن بن زيد ولا أحد من الديلم صده سألوه عن السبب الذي صرفه عما كان يعدهم به من أتباع ابن زيد فجعلوا يكلمونه وهو كالمسبوت لا يجيبهم بشيء فلما أكثروا عليه قال: ورد علي كتاب الأمير موسى أن لا أضع كتابه من يدي حتى أقبل إليه وقدم مفلح على موسى بالري تاركا طبرستان على الحسن بن زيد اه. فكان ذلك فرجا أتى الحسن بن زيد من حيث لا يحتسب وإذا أراد الله أمرا هيأ أسبابه ثم لم يتيسر لموسى ومفلح الرجوع إلا بعد قتل المعتز وبيعة المهتدي. ثم ذكر ابن الأثير في حوادث هذه السنة وذكره الطبري في حوادث سنة 256 أن سليمان بن عبد الله بن طاهر قدم من خراسان وولي ببغداد والسواد وهو ما كان يتولاه أخوه عبيد الله بن عبد الله وقدم معه محمد بن أوس البلخي وهذان هما اللذان حاربهما الحسن ابن زيد وأخرجهما من طبرستان: فقال ابن الرومي في ذلك:

يعني هزيمة سليمان من الحسن بن زيد العلوي.

عود الري إلى الداعي

قال الطبري وابن الأثير في حوادث سنة 256 فيها غلب جيش الحسن بن زيد الطالبي على الري في شهر رمضان ثم ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 257 أنه فيها فارق عبد العزيز ابن أبي دلف الري من غير خوف وأخلاها فأرسل إليها الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان القاسم بن علي العلوي المعروف بدليس فغلب عليها فأساء السيرة في أهلها جدا وقلع أبواب المدينة وكانت من حديد وسيرها إلى الحسن بن زيد وبقي كذلك نحو ثلاث سنين اه وهذا ما يدل على أنه بعد ما استولى عليها سنة 256 كما مر أخذت منه ووليها عبد العزيز لكنه لم يذكر ذلك.

ملك الداعي جرجان

قال ابن الأثير في حوادث سنة 257 في هذه السنة قصد الحسن بن زيد العلوي صاحبه طبرستان جرجان واستولى عليها وكان محمد بن طاهر أمير خراسان لما بلغه ذلك قد جهز العساكر فأنفق عليها أموالا كثيرة وسيرها إلى جرجان لحفظها فلما قصدها الحسن لم يقوموا له وظفر بهم وملك البلد وقتل كثيرا من العساكر وغنم هو وأصحابه ما عندهم اه. وقال الطبري وابن الأثير في حوادث سنة 258 فيها كانت وقعة بين أصحاب موسى بن بغا وأصحاب الحسن ابن زيد العلوي فانهزم أصحاب الحسن اه. وقال في حوادث سنة 259 إن يعقوب بن الليث الصفار دخل نيسابور وعاملها محمد بن طاهر لأن عبد الله السجري كان ينازع يعقوب بسجستان فقوي عليه يعقوب فهرب إلى محمد بن طاهر فأرسل يعقوب يطلبه فلم يسلمه ابن طاهر فدخل يعقوب نيسابور وقبض على محمد بن طاهر وأرسل إلى الخليفة يذكر تفريط ابن طاهر في عمله ويذكر غلبة العلويين على طبرستان قال ابن الأثير وقيل: كان سبب ملك يعقوب نيسابور وقبض على محمد بن طاهر وأرسل إلى الخليفة يذكر تفريط ابن طاهر يعلمه أنه قد عزم على قصد طبرستان ليمضي ما أمره به الخليفة في الحسن بن زيد المتغلب عليها وإنه لا يعرض لشيء من عمله فلما وصل إلى نيسابور قبض عليه.

أخذ الداعي مدينة قومس

وهي التي يقول فيها أبو تمام:

في معجم البلدان قومس بالضم ثم السكون وكسر الميم معرب كومس كورة كبيرة تشتمل على مدن وقرى ومزارع وهي في ذيل جبل طبرستان وقصبتها دامغان وهي بين الري ونيسابور اه. قال الطبري وابن الأثير في حوادث سنة 259 فيها غلب الحسن بن زيد على قومس ودخلها أصحابه اه.

حرب الداعي مع يعقوب ابن الليث الصفار

قال ابن الأثير كان الحسن بن زيد يسمي يعقوب ابن الليث السندان لثباته وقال الطبري وابن الأثير في حوادث سنة 259 فيها واقع يعقوب بن الليث الحسن بن زيد الطالبي فهزمه ودخل طبرستان وسببه ما مر من هرب عبد الله السمجزي إلى نيسابور فلما ملك يعقوب نيسابور كما تقدم هرب عبد الله إلى ابن زيد بطبرستان فسار يعقوب فلما صار إلى قرب سارية لقيه الحسن بن زيد فبعث إلى الحسن أن يبعث إليه بعبد الله ويرجع عنه فإنه إنما جاء لذلك لا لحربه فأبى الحسن تسليمه إليه فأذنه يعقوب بالحرب فالتقى عسكراهما فانهزم الحسن ومضى نحو الشرز وأرض الديلم ودخل يعقوب سارية ثم تقدم منها إلى آمل فجبى أهلها خراج سنة ثم شخص من آمل نحو الشرز في طلب الحسن بن زيد حتى صار إلى بعض جبال طبرستان فأدركته فيه الأمطار وتتابعت عليه نحوا من أربعين يوما فانتصر الله للحسن بن زيد من هذا الظالم المعتدي بتلك الأمطار وان الله جنودا منها المطر. فلم يتخلص من موضعه ذلك إلا بمشقة شديدة وكان قد صعد جبلا لما رام النزول عنه لم يمكنه ذلك إلا محمولا على ظهور الرجال وهلك عامة ما معه من الظهر ثم رام الدخول خلف الحسن بن زيد إلى الشزر فانتهى إلى الطريق الذي أراد سلوكه إليه فوقف عليه وأمر أصحابه بالوقوف. ثم تقدم أمامهم يتأمل الطريق ثم رجع السيد فأمرهم بالانصراف وقال لهم: إن لم يحسن طريق غير هذا فلا طريق إليه وكان نساء أهل تلك الناحية قلن للرجال دعوه يدخل فإنه أن دخل كفيناكم أمره وعلينا أسره لكم فلما خرج من حدود طبرستان عرض رجاله ففقد منهم أربعين ألفا وذهب أكثر ما كان معه من الخيل والإبل والبغال والأثقال وكتب إلى الخليفة كتابا يذكر فيه مسيره إلى الحسن بن زيد وأنه سار من جرجان إلى طميس فافتتحها ثم سار إلى سارية وقد أخرب الحسن بن زيد القناطر ورفع المعابر وعور الطريق وعسكر الحسن بن زيد على باب سارية متحصنا بأودية عظام وقد مالأه صاحب الديلم فزحف باقتدار فيمن جمع إليه من الطبرية والخراسانية والقمية والجبلية والجزرية فهزمته وقتلت عدة لم يبلغها بعهدي عدة وأسرت سبعين من الطالبيين وذلك في رجب وسار الحسن بن زيد إلى الشرز ومعه الديلم اه. والعجب لهذا وأمثاله الذين إنما ملكوا ما ملكوا بجدي الطالبيين محمد صلى الله عليه وسلم ووصيه عليه الصلاة والسلام ومع ذلك يفخرون بتعديهم على ولدهما وأسرهم أبناءهما ويتقربون بذلك إلى بني العباس.

وقال الطبري وابن الأثير في حوادث 261 فيها رجع الحسن بن زيد من أرض الديلم إلى طبرستان وأحرق شالوس لما كان من ممالأة أهلها ليعقوب وأقطع ضياعهم للديالمة.

حرب الداعي مع الخجستاني

قال ابن الأثير في حوادث سنة 262 أن بني شركب كانوا ثلاثة إخوة إبراهيم وأبو حفص يعمر وأبو طلحة منصور ابن مسلم وأمنهم إبراهيم وكان إبراهيم قد أبلى بين يدي يعقوب بن الليث الصفار عند مواقعة الحسن بن زيد بجرجان فقدمه لما استولى يعقوب على نيسابور وخلع يعقوب على إبراهيم فحسده أحمد بن عبد الله الخجستاني وكان الخجستاني من أصحاب محمد بن طاهر فلما استولى يعقوب على نيسابور وطرد عنها محمد بن طاهر ضم أحمد إليه فاحتال الخجستاني على إبراهيم فقتله وسار يعقوب إلى سجمتان سنة 261 وتخلف عنه الخجستاني واستولى على نيسابور أول سنة 262 ثم سار الخجستاني إلى هراة لمحاربة أبي حفص يعمر الذي كان قد استولى عليها فقتل يعمر بمؤامرة من بعض قواده المسمى عبد الله بن بلال فاجتمع إلى طلحة جماعة من أصحاب أخيه فقتلوا ابن بلال - ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها - وساروا إلى نيسابور فاستولى عليها فسار إليهم الخجستاني من هراة في اثني عشر ألف عنان فنزل على ثلاث مراحل من نيسابور ووجه أخاه العباس إليها فقتله أبو طلحة وعاد أحمد إلى هراة. ثم أن أبا طلحة ضيق على أهل نيسابور فكاتبوا الخجستاني فجاء إلى نيسابور فدخلها وسار عنها أبو طلحة إلى الحسن بن زيد فأمده بجنود فعاد إلى نيسابور فلم يظفر بشيء وسار الخجستاني إلى محاربة الحسن بن زيد لمساعدته أبا طلحة فاستعان الحسن بأهل جرجان فأعانوه فحاربهم الخجستاني فهزمهم وذلك في رمضان سنة 265 وقال الطبري وابن الأثير في حوادث سنة 266 فيها أوقع الخجستاني بالحسن بن زيد بجرجان على غرة من الحسن فهرب منه الحسن فلحق بآمل وغلب الخجستاني على جرجان وأطراف طبرستان وذلك في جمادى الآخرة منها ورجب وكان الحسن لما سار من طبرستان إلى جرجان استخلف بسارية الحسن بن محمد ابن جعفر بن عبد الله بن حسين الأصغر العقيقي اه.

سبب استيلائه على طبرستان بوجه أتم

في تاريخ رويان لمولانا أولياء الله ما حاصل ترجمته:

ذكر خروج الداعي الكبير: ذكروا أنه في عهد محمد ابن أوس كان قد بلغ ظلمه لأهل رويان الغاية والناس في كل وقت يتظلمون منه إلى السادات وفي تاريخ طبرستان لما كثر ظلم محمد بن أوس في طبرستان التجأ الناس هناك إلى عدل سادات أهل البيت من مكان طبرستان الذين فروا إليها من جور بني العباس اه. وفي تاريخ رويان: وكان في مقاطعة (كجور) سيد اسمه محمد بن إبراهيم بن علي بن محمد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليه السلام وكان ذا ورع وزهد وديانة فجاء الناس من رساتيق رويان وانتشروا في القرى والرساتيق حتى وصلوا إلى كجور إلى عند السيد محمد المذكور وتظلموا إليه من جور أصحاب محمد بن أوس وقالوا له: نحن فررنا بأرواحنا إليكم من ظلم هؤلاء الجماعة وآمنا بكم ونريد سيدا من آل محمد صلى الله عليه وسلم نجعله حاكما علينا يحكم فينا بالعدل والإنصاف ويسير بسيرة محمد وعلي عليهما السلام ونريد أن نبايعك ليندفع عنا ببركاتك هذا الظلم فقال لهم: أنا لست أهلا له لذلك ولكن لي صهر أختي في داره شجاع ذو كفاية رأى كثيرا من الحروب والوقائع وهو ساكن في مدينة الري فإن كان ما تقولونه حقا فأنا أرسل إليه فيأتي إلى هنا وبإمدادكم وقوتكم يكون ما تريدون والمراد بهذا الرجل الداعي الكبير الحسن بن زيد بن إسماعيل حالب الحجارة ابن الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي أمير المؤمنين وكان رئيس هؤلاء الجماعة عبد الله بن وندا أوميد فتعاهد مع السيد محمد وفي الحال كتبوا صورة هذا العهد والميثاق وأرسلوه إلى الري إلى الحسن بن زيد فلما قرأه حرص على الخروج وهو إنما كان مقيما لأجل ذلك وكتب الجواب في الحال وأرسله مع قاصد فلما وصل القاصد إلى رويان فشا هذا الحديث وعلم به علي ابن أوس - أخو محمد بن أوس حاكم تلك البلاد - فأرسل إلى عبد الله بن سعيد ومحمد بن عبد الكريم من مشاهير تلك البلاد ليسألهما عن هذا الأمر فخاف عبد الله بن سعيد وخرج إلى رستاق أستان - ولم يذكرا ما فعله محمد بن عبد الكريم وكأنه سقط من النسخة.

مجيء الداعي إلى سعيد آباد والبيعة له

ثم جاء كتاب من الحسن بن زيد مع قاصد أني دخلت بلدة سعيد آباد فيلزم أن يأتي إلي الأشراف فاجتمع أشراف تلك الولاية فيهم عبد الله بن سعيد ومحمد بن عبد الكريم مع تمام رؤساء قلعة كلار وجاؤوا إلى سعيد آباد وفي يوم الثلاثاء 25 من شهر رمضان بايعوه في سعيد آباد على إقامة كتاب الله وسنة رسوله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

إرسال الداعي كتبه ودعاته إلى البلدان

وكتب الداعي ومن معه إلى أهل شالوس ونيروس وأرسلوا الدعاة وبات الداعي تلك الليلة عند عبد الله ابن سعيد وانتقل في اليوم الثاني إلى كورشيد - على ساحل البحر - واجتمع عليه الناس واتصل الخبر بعلي بن أوس فلم يقر له قرار في تلك الليلة حتى ذهب سريعا إلى أخيه محمد ابن أوس. وتوجه الحسن بن زيد إلى جهة كجور فاجتمع سادات تلك النواحي وأهل تلك البلاد مع محمد بن إبراهيم وجاءوا لاستقبال الحسن بن زيد وفي يوم الخميس 27 رمضان سنة 250 وصل الحسن بن زيد إلى كجور وفي يوم العيد صلى بهم صلاة العيد وصعد المنبر وخطب الناس خطبة بليغة بفصاحته العلوية وأنذر الناس بالترغيب والترهيب والوعد والوعيد.

إرسال الداعي دعاته إلى شالوس

وأرسل يحيى بن العباس وعلي بن نصر مبرور إلى شالوس إلى عند الحسين بن محمد الحنفي يدعونه إلى كتاب الله وسنة رسوله وسنة رسوله فأجابهم وجاؤوا إلى المسجد الجامع وأخذوا البيعة على أهل تلك الديار فهرب أتباع محمد بن أوس بدون خيل ولا سلاح وذهب بعضهم إلى جعفر بن شهريار بن قارن من آل باوند وبعضهم ذهب إلى بادوستان ولما فرغ الحسن بن زيد من تلك الناحية جاء إلى ناتل وأخذ البيعة على أهلها.

الحرب بين الداعي وابن أوس في بايدشت

ثم توجه الحسن إلى بايدشت التي كانت في ذلك الوقت معمورة وعلى مقدمة جيشه محمد بن رستم بن وندا أوميد بن شهريار من ملوك كلار ورستمدار وعلى مقدمة عسكر محمد بن أوس محمد بن أخشيد فالتقى العسكران في بايدشت فكر محمد بن رستم على مقدمة محمد بن أوس وقتل رئيسها محمد بن أخشيد وأرسل إلى الداعي وأقام الداعي في بايدشت وأرسل الداعي محمد بن حمزة إلى الديلم يطلب المدد فأجابوه إلى ذلك وبعد أيام وصل إليه أميدوار بن لشكرستان ووبهان بن سهل وفاليزبان وغيرهم مع 600 رجل إلى بايدشت.

مجيء كتب أمراء البلاد إليه بالطاعة

وفي ذلك اليوم جاءته كتب أمراء بلاد طبرستان مثل بادوستان ومصمغان وخورشيد وغيرها يظهرون له فيها المحبة والولاء والطاعة فقوي قلبه بذلك.

فتح آمل وحرب ابن أوس

فأرسل الداعي محمد بن حمزة والحسين بن أحمد في عشرين فارسا ومائتي راجل مقدمة له وتوجه إلى آمل فعبأ محمد بن أوس جيشه وخرج من البلد مع خواصه وغلمانه فالتقى بمقدمة الحسن بن زيد خارج المدينة ووقعت الحرب بينهم فثبت الداعي إلى أن انهزم محمد بن أوس وغنم الداعي ما في عسكره وكان ذلك في يوم الاثنين 23 شوال سنة 250 ودخل الداعي مدينة آمل وقتل جماعة من كبرائها كانوا مخالفين له وذهب إلى المصلى ودعا الناس إلى البيعة فبايعوه بالاتفاق.

تفريق الداعي عماله على الأمصار

وأرسل الداعي محمد بن عبد العزيز عاملا إلى رويان وأرسل جعفر بن رستم إلى كلار ومحمد ابن أبي العباس إلى شالوس حكاما عليها فقال أهل آمل: إنا نريد محمد ابن إبراهيم حاكما علينا - وهو الذي دل أهل طبرستان على الحسن بن زيد والحسن زوج أخته كما تقدم - فأرسل إليه وأتى به من رويان وأقامه حاكما على آمل.

المراسلة بينه وبين الأصفهبد

وأقام الداعي في آمل سبعة أيام ثم ذهب إلى ترجى وأقام فيها ثلاثة أيام ثم ذهب منها إلى جمنو فجاءه في جمنو كتاب من الأصفهبد قارن بن شهريار ملك الجبال من آل باوند يظهر فيه الموالاة والمصافاة ويقول: إن أردت المدد أرسلت إليك فكتب إليه الداعي يقول: إن كان ما تقوله حقا فاحضر إلينا فأجابه الأصفهند المصلحة أن تأتوا إلينا فعلم الداعي كذبه واحتياله.

حرب سليمان بن عبد الله بن طاهر مع الداعي

وكان سليمان بن عبد الله بن طاهر في ساري فأرسل جندا مع قائد له اسمه أسد إلى ترجى لحرب الداعي فلما بلغ ذلك الداعي خرج من ترجى وخالف أسدا في الطريق وسار ليلته كلها قاصدا مدينة ساري فوصل الخبر إلى سليمان بأن الداعي ترك ترجى وهرب فما كان وقت الصبح إلا وسمع التكبير والصلوات في ساري ورفع عليها علم الداعي فتهيأ للهرب ودخل ساري وجعلوا يقتلون كل من وجدوه من أتى سليمان وأحرقوا دار الإمارة وفي ذلك الوقت وصل الخبر بأن الحسين بن زيد أخا الحسن بن زيد وصل إلى شلمبة دماوند والتحق به أصفهبد بادوسبان وكذلك التحق به رؤساء لارجان وقصران.

معاودة الحرب بين الداعي وسليمان

وبعدما هرب سليمان كما تقدم سافر إلى أستراباد ولم يتمكن من الإقامة في مكان آخر وأراد الداعي الذهاب إلى آمل لكن لما كان الديالمة قد غنموا غنائم كثيرة وتفرقوا واشتغلوا بضبط غنائمهم قال له أصفهبد بادوسبان المصلحة أن تبقى في جمنو حتى يأتيك خبر سليمان. وبعد أيام وصل سليمان بعسكر كثير والتقى مع الداعي فهزم الداعي وهربت الديلم وقتل في ذلك اليوم كثير من أهل كلار قتلهم محمد ابن أوس وانتهت الهزيمة بالداعي في تلك الليلة مع عدة أنفس إلى آمل وفي الصباح توجه إلى آمل فوصلها ليلا وأخذ من أهل شالوس عشرة ألاف درهم. واتفق ملك الجبل قارن بن شهريار مع سليمان على المجيء إلى آمل وبعد أيام جاء إلى الداعي مدد من ديلمان وكيلان فجاء الداعي من شالوس إلى خواجك وجاء سليمان مع قارن إلى بايدشت وذهب الداعي إلى لاويجة وعسكر هناك. وأرسل جماعة من السادات (أو أرسل جيشا مع بعض السادات) فأوقعوا بعسكر قارن ليلا وكسروه ونهبوا أمواله وقتل أخوه جعفر بن شهريار مع ثلاثين شخصا من المعروفين. وجاء الداعي إلى آمل واستراح بها 12 يوما أو 15 يوما وعين أصفهبد بادوسبان قائدا للجيش فجمع سليمان جيشا من خراسان وجاء إلى مدد قارن وعزم على التوجه إلى ساري وكان الداعي قد رخص جيشه فتفرقوا وبقي وحده في آمل مع جماعة معدودين فجاء من آمل إلى شالوس فبلغه فيها خبر وفاة وهسودان الديلمي حاكم تلك المنطقة وانضم إليه أربعة آلاف فارس من أصحاب وهسودان فتوجه بهم إلى مازندران فالتقى مع سليمان في جمنو على ساحل البحر فانهزم سليمان وذهب الداعي إلى ساري وأسر أولاد وعيال وغلمان سليمان وأخذ أمواله وخزائنه وذهب سليمان إلى أستراباد وكتب إلى محمد بن حمزة العلوي وإلى الداعي يلتمس إطلاق أولاده وعياله فأجابه الداعي إلى ذلك وأطلق له أولاده ونساءه وأرسلهم إليه وفي هذا الوقت اصطلح قارن ابن شهريار مع الداعي بتوسط أصفهبد بادوسبان وأرسل قارن أولاده سرخاب ومازيار خفية إلى الداعي يطلب الصلح فتصالحا وكان ذلك كله سنة 252 وأقام الداعي في آمل.

كتاب الداعي إلى عمال مملكته

وكتب الداعي إلى جميع عماله في مملكته كتابا هذه صورته قد رأينا أن تأخذ أهل عملك بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله وما صح عن أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام في أصول الدين وفروعه وبإظهار تفضيله. بعد النبي صلى الله عليه وسلم على جميع الأمة وتنهاهم أشد النهي عن القول بالجبر والتشبيه ومكابرة الموحدين بالعدل والتوحيد وعن التحكك بالشيعة وعن الرواية في تفضيل أعداء الله وأعداء أمير المؤمنين وتأمرهم بالجهر بسم الله الرحمن الرحيم وبالقنوت في الصلوات الخمس وخمس تكبيرات على الميت وترك المسح على الخفين وبإلحاق حي على خير العمل في الآذان والإقامة وأن تجعل الإقامة مثنى مثنى ومن خالف أمرنا فليس منا. وقد أعذر من أنذر. وفي تاريخ رويان ونحذر من تعدى أمرنا فليس لمن خالف أمرنا ورأينا إلا سفك دمه وانتهاك محارمه وقد أعذر من أنذر والسلام.

حرب سليمان بن طاهر مرة ثالثة مع الداعي

ثم جمع سليمان بن طاهر مرة أخرى عسكرا من خراسان وتوجه إلى ساري فتوجه إليه السيد حسن العقيقي من بني أعمام الداعي فهزمه العقيقي ولحقه إلى كركان. فلم يطمع بعد ذلك سليمان بطبرستان وذهب إلى خراسان فهاب لناصر الداعي بعد ذلك وعدوه ملكا اه. وفي مروج الذهب في حوادث سنة 253 فيها أوقع الحسن بن زيد الحسني سليمان بن عبد الله بن طاهر فأخرجه عن طبرستان اه.

حرب الداعي مع أولاد قارن ومعه

ثم عصى على الداعي أولاد قارن سرخاب ومازيار فحاربهما فانهزما ثم عصى عليه الأصفهبد (وكأن المراد به قارن) وحارب الداعي في الجبال ووقعت بينه وبينه عدة وقائع أخربت تلك الولايات.

التحاق السادات بالداعي

والتحق بالداعي السادات من جميع الأطراف ولما كان ينظرهم بعين الشفقة والعطف اجتمع عليه سادات كثيرة وكان إذا ركب يركب في ركتابه 300 سيد ممن يحمل السيف ويضرب به.

مدح الناصر الكبير للداعي

والناصر الكبير أبو محمد الحسن بن علي في هذا الوقت كان منضما إلى الداعي وهو المعروف بناصر الحق وله في حق الداعي مدح كثير من جملته هذان البيتان:

وفي تاريخ رويان في هذا الوقت قتل الخليفة المعتز واضطرب أمر بني العباس وخرج في البصرة وسواد واسط العلوي صاحب الزنج وكثرت في خراسان الأوباش والعيارون وأدبر أمر الطاهرية وبسبب اشتغال الناس بهذه الأمور ثبت أمر الداعي وصار ملكا في طبرستان ولم يتفق لأحد هناك مثل ما اتفق له. ومن جملة العيارين في خراسان يعقوب بن الليث الصفار فقبض على محمد بن عبد الله ابن طاهر وصار هو حاكم خراسان والخليفة بسبب اضطراب الأمور كتب له عهدا على خراسان.

أخبار الداعي مع يعقوب بن الليث الصفار

ثم أن أهل طبرستان أرسلوا إلى يعقوب بن الليث فأحضروه إلى ساري فهرب منه السيد حسن العقيقي وجاء إلى آمل إلى عند الداعي وتتبع الليث آثاره فلم يستطع الداعي الإقامة بآمل فجاء إلى رويان فجاء يعقوب وراءه فذهب الداعي إلى كلار فلم تمكنه الإقامة فيها فذهب إلى شير فأرسل يعقوب إلى شير يتهددهم ليقبضوا على الداعي وكان هناك رجل يقال له: كوكبان كان رئيس تلك البلدة فأصر على أن يحمي الداعي ولم يسلمه فأغار يعقوب على شيرجان وأقام يعقوب في كجور وجبى منهم خراج سنتين حتى فقد الخبز من رويان وأقام يعقوب إبراهيم بن مسلم الخراساني أميرا على رويان وشالوس وأقام يعقوبه بآمل فصار أهل رويان وشالوس ضدا للخراساني وأحرقوا عليه داره وقتلوه فلما بلغ الخبر إلى يعقوب عاد من آمل إلى رويان ولم يدع في رويان حسنا ولا قبيحا قتل الأنفس وأخرب الدور وقطع الأشجار ثم جاء إلى كلار من طريق كندستان ثم من كلار إلى رويان فهلكوا بما وضع عليهم من المكوس ووقعت على رؤوسهم صاعقة وأصابهم ألف محنة ثم جاء إلى نائل وجبى منهم خراج سنتين وحكم في طبرستان أربعة أشهر ثم ذهب إلى خراسان من طريق قومس اه. وفي مروج الذهب ولما واقع الصفار الحسن بن زيد الحسني بطبرستان وذلك في سنة 260 وقيل سنة 259 وانكشف الحسن بن زيد وأمعن يعقوب في الطلب وكانت معه رسل السلطان قد قصدوه بكتب ورسالة من المعتمد وهم راجعون في طلب الحسن بن زيد قال له بعضهم لما رأى من طاعة رجاله وما كان منهم في تلك الحرب ما رأيت أيها الأمير كاليوم قال له الصفار: وأعجب منه ما أريك إياه ثم قربوا من الموضع الذي كان فيه عسكر الحسن بن زيد فوجدوا البدر والكرع والسلاح والعدد وجميع ما خلفه العسكر حسين الهزيمة على حاله لم يلتبس أحد من أصحابه منه بشيء ولا دنوا إليه معسكرين بالقرب منه من حيث يرونه بالموضع الذي خلفهم فيه الصفار اه. وفي تاريخي طبرستان ورويان قال: ثم أن الداعي أرسل جستان بن وهسودان مع أحمد بن عيسى وقاسم بن علي إلى العراق والري وقزوين وأبهر وزنجان ففتحوا هذه الولايات وأطاعته أهلها وصار الديلم حكام تلك البلاد ثم جمع الداعي رجال كلار ورويان وطبرستان مع الديالمة وعسكر العراق وقومس وطبرستان وغيرهم وأسرع السير نحو يعقوب فلما وصل إلى كركان وجاءه أخوه محمد بن زيد أتى إليه الخبر أن الكفار قصدوا دهستان فذهب الداعي لجهاد الكفار فقتل منهم ألفين وغنم غنائم كثيرة فقسمها بين الديلم وأقام محمد بن زيد بكركان حاكما عليها وعاد الداعي إلى طبرستان.

تأديب الداعي المفسدين من الديلم

وأقام الداعي بآمل إلى أن أساء الديلم السيرة ونهبوا وسرقوا فاشتكى منهم أهل نيشابور فنصحهم الداعي مرارا فلم يقبلوا فأمر الداعي فقطع أيدي وأرجل ألف منهم من أهل الفساد وهرب منهم ألف وذهبوا إلى رستم بن قارن أو أبيه ملك الجبال فأقام لهم العلوفة.

خلاف قارن على الداعي

وخالف قارن الداعي وذهب إلى قومس وقبض على السيد قاسم نائب الداعي وأرسله إلى هزار جريب فتوفى هناك.

مخالفة العقيقي على الداعي وقتله

ودعا السيد حسن العقيقي نائب الداعي في ساري أهلها إلى بيعته فخاف من الداعي فاتفق مع قارن ملك الجبال الأصفهبد فجاء محمد بن زيد من كركان وحارب العقيقي إلى أن قبض عليه وقيده وصفده وأرسله إلى الداعي حسن ابن زيد إلى آمل فتشفع فيه أكابر وسادات آمل فلم يشفعهم وأمر بضرب عنقه وأن يلقى في سرداب ويسد بابه.

استيلاء قارن على قومس

واستولى الأصفهبد المسمى بقارن بن شهريار على قومس وأرسل إليها نوابه وعماله واستقوت سلطنة الداعي على الصورة الآتية فكان هو في آمل وأخوه محمد بن زيد في كركان إلى أن اعتل الداعي فأراد أن يركب على فرسه فلم يستطع وكان في آمل جماعة يظهرون له الطاعة وفي الباطن هم على خلاف ذلك فتمارض الداعي وأظهر خبر وفاته فأظهر هؤلاء الجماعة الخلاف فخرج الداعي من داره وأمر بقتلهم في الجامع ورماهم في مقصورة في الجانب الشرقي من المسجد وأهل آمل إلى الآن يزورون تلك المقصورة ويسمونها مقبرة الشهداء.

وفاة الداعي

ثم أمر الداعي أن يبنى له قبة ومقبرة في محلة تسمى براست كوي فدفن فيها وهي باقية إلى الآن وقال: مولانا أولياء الله في أيام طفولتي وإن كانت تلك العمارة أشرفت على الخراب لكن رأيت صندوقا عتيقا هناك وفي وسط حائط القبة طريق ملتف يصعد منه إلى السطح وقد وقف سبعين قرية في نواحي آمل غير البساتين والضياع والحمامات اه.

مؤلفاته

في فهرست ابن النديم وللحسن من الكتب:

(ا) كتاب الجامع في الفقه.

(2) كتاب البيان.

(3) كتاب الحجة في الإمامة اه.

شعر يحتمل أنه له

وجدنا في مجموعة الأمثال التي أشرنا إليها في الجزء الأول من هذا الكتاب هذه الأبيات منسوبة إلى الحسن ابن زيد ويحتمل أنه المترجم وهي :

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 5- ص: 80

الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ عليه السلام، صاحب طبرستان.
ظهر في سنة خمسين ومائتين.
له من الكتب: كتاب الجامع في الفقه، وكتاب البيان، وكتاب الحجّة في الإمامة.

  • دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 349