السيد حسن ابن السيد أبي الحسن ابن السيد محمد ابن السيد عبد الحميد الموسوي البهبهاني الأصل الاصفهاني المسكن النجفي الهجرة والمدفن.
قتل في أواخر سنة 1348.
كان من أهل العلم والفضل والنجابة، ووالده السيد أبو الحسن فقيه الشيعة في عصره الرئيس الشهير العزيز النظير والمترجم قتله رجل ينسب إلى العلم يسمى الشيخ علي من أهل قم طلب من والده زيادة على حقه مما يأخذه من أموال الفقراء وطلبة العلم فحملته نفسه الخبيثة على الانتقام من السيد بقتل ولده فاخذ سكينا وشحذها وجاء إليه - وهو في التعقيب بعدما صلى صلاة المغرب خلف والده في الصحن الشريف العلوي والصحن مملوء بالمصلين خلف والده - وذبحه ذبح الشاة وفر من بين تلك الجموع إلى المخفر القريب من باب الصحن خوفا من إن يقتل والسكين مشهورة بيده فسلم بذلك من القتل وحكم عليه بالسجن. فكانت فاجعة عظيمة نادرة المثيل، ورثاه جماعة وعزوا عنه والده بقصائد نختار منها ما يلي: قال الشيخ محسن ابن الشيخ عبد الكريم ابن الشيخ موسى ابن الشيخ أمين آل شرارة يرثيه من قصيدة:
سرأيا الأفق مالت بالتفات | إلينا في العشية راجفات |
أخالجها بهذا الخلق ريب | فلاحت في الدجنة موهنات |
أراك تخبئين لديك أمرا | عظيما لم يكن في الحادثات |
فهل طرق المدينة بعض شر | فرحت لما بدا لك موجفات |
على عظم المصيبة قف قليلا | إلى التوديع يا ابن الطاهرات |
فقدا وافى إليك أبوك يسعى | مروعا ليس يملك من ثبات |
فكنت كما علي خر قدما | وكان كما الحسين إليه آتي |
بني صدعتني! هل ما أراه | ثيابك بالدماء مزملات |
تركت دموع هذي الناس طرا | تذوب من القلوب الداميات |
وخلفت البلاد تموج حزنا | فكان رداك أم الفاجعات |
وفود الرافدين اتت جموعا | تقاطر بالألوف وبالمئات |
وكل واضع أسفا يديه | على قلب تصعد في لهات |
وما اهتزت بك الأسلاك حتى | لك اضطربت أسى كل الجهات |
وخلف النعش صار أبوك شمسا | محاطا بالبدور المقمرات |
ففيك من الحسين الذبح صبرا | ولم تك فرصة بك للحماة |
وفيك من الوصي كثير شبه | لأنك فزت في فرض الصلاة |
جروح بعضهن نتاج بعض | وقد بلغت بها أيدي الجناة |
تسيل على الثرى منها دماء | تفور إلى القيامة زاكيات |
حياة كلها خدع ومكر | تعالج بالأكف الآثمات |
إلا اهنا قد خلصت إلى حياة | طهور ليس فيها من هناة |
وخلفت الورى كلا لكل | يمد شباكه في الموبقات |
تضيق بأنفس الأحرار دنيا | تفسح للجناة وللخطاة |
أبا حسن جميل الصبر أولى | وأنت أمام هذه الكائنات |
ألم تر حولك الأبصار ترنو | شخوص ضليلة للنيرات |
فعلمها فإنك إن ضللنا | هدانا في القضايا المشكلات |
ورثت من النبي فصول علم | بأسرار الإمامة محكمات |
وحملك الإله خطير رأي | به افتتحت رتاج المعضلات |
فقمت بأمر ما حملت صرحا | قويا غير موهون القناة |
ورحت إذ التوت فيه القضايا | تسدده بحلمك والأناة |
تضم عن الدنايا منك كفا | وتبسطها بكل المكرمات |
كذلك كان جدك في قريش | أبو حسن يمر على الفئات |
ودمت لنا أما الخلق ظلا | تمر بك الجموع مفيئات |
ولا برحت غوادي السحب تترى | على مثوى شهيدك مسبلات |
ما للوفود تسابقت بورودها | تنحو الغري بجمعها وعديدها |
ولمن علت أصواتها بتفجع | تفتن في انشائها ونشيدها |
هل رابها حدثان دهر جائر | فاتت إلى سلطانها وعميدها |
بل أنها وافت تعزي المرتضى | وحماة دينهم برزء شهيدها |
وافت أبا حسن أمام زمانها | وزعيم ملتها وسيد صيدها |
وافت أبا حسن مقيل عثارها | وعمادها السامي وبدر سعودها |
فاتت برنتها تقيم عزاءها | للمجتبى الحسن الفعال حميدها |
وافى إليه زنيم قم عامدا | فأصاب أرباب التقى بوريدها |
الله أكبر يا لها من مدية | قطعت من العلياء أتلع جيدها |
تالله ما نحر الزكي وإنما | نحر الفرائض كلها بحدودها |
ومضى زكيا بالدماء مخضبا | يشكو إلى مبدئ الورى ومعيدها |
عند الغروب كسته ثوبا أحمرا | وأتى العشا وعليه خضر برودها |
أجرى ماقينا وبات منعما | بعناق حور في جنان خلودها |
ناحت عليه المكرمات وأعولت | غر الصفات له بخمش خدودها |
فاسلم أبا حسن لشرعة أحمد | ولملة قد قمت في تشييدها |
الخالق استرعاك أمر عباده | واليك رد الأمر في تقليدها |
أنت الإمام معز شرعة أحمد | المختار محييها مقيم حدودها |
يا أيها المبعوث فينا آية | لبني الهدى أحرارها وعبيدها |
قاسيت فيها يا أمام الحق ما | قاسى خليل الله من نمرودها |
ورأيت فيها ما أراه صالحا | من عقر ناقته شقي ثمودها |
لك مكرمات سيدي قد حزتها | من كاظم فرد الأنام وحيدها |
أحييت أياما وأحكاما له | أظهرتها وتجد في تجديدها |
عزت أبا حسن شريعة أحمد | بك إذ بذلت النفس في تأييدها |
كم غامض أو مشكل يجلى به | ومعقدات حل من تعقيدها |
صبرا على عظم البلا فجدودكم | قتلتهم الدنيا بشر عبيدها |
وأذكر لكم رهطا بعرصة كربلا | أضحوا على البوغا بحر صعيدها |
وأبوكم قطعوا عليه صلاته | وقضى ببغداد بحبس رشيدها |
أبا حسن يا خيرة الله في الورى | ويا علما فينا الإله اقامه |
براك اله الناس يسرا لمعسر | إذا حبس الرحمن عنا غمامه |
إذا جاءك الملهوف أدرك غوثه | وان أمك اللاجي رآك عصامه |
أبا حسن صبرا على نازل القضا | فبالصبر نال المرء ما كان رامه |
فلم يقض منكم سيد حتف أنفه | وبالسيف أو بالسم لاقى حمامه |
أبا حسن يا غيظ كل منافق | ويا من بنى فوق الثريا خيامه |
فما غاب عن عينيك شبلك ميتا | أما أنه حي ووافى مقامه |
فقدت فتى برا تقيا مهذبا | وبدر هدى فارقت وافى تمامه |
تذكر حسينا وهو ينتظر طفله | وقد جعلوا بالسهم ذبحا فطامه |
ووافى عليا وهو يشبه جده | وقد فلقوا بالمشرفية هامه |
وظل على وجه الصعيد مجردا | توسد من وادي الطفوف رغامه |
لك في البلاد بكل قطر مأتم | لا رزء بعدك في الورى يستعظم |
لك منزل في الخلد قد بوءته | سامي الذرى وله الشهادة سلم |
الله يا كوفان كم بك سيد | غدروا به وعلى حماه تقحموا |
وافى إليك بمدية مشحوذة | بالغدر من أشقى البرية مجرم |
أدى الغروب مسلما وعليه قد | صلى ملائكة السماء وسلموا |
وقضى العشاء مع النبي وآله | في جنة الفردوس وهو منعم |
صبرا أبا حسن ومثلك من به | نسلوا إذا نزل القضاء المبرم |
لم يفقد ابنا من له كل الورى | ولد وأنت الوالد المترحم |
ناع نعاك إلى الأنام فليته | من قبل نعيك يا نعي نعانا |
قطعت يد مدت إليك وليتها | شلاء لم تمدد إليك بنانا |
أرداك - بعد فريضة أديتها | بحمى الوصي - فليته لا كانا |
هلا رحمت شبابه وتركته | لأبيه يا أشقى الورى سلوانا |
صبرا أبا حسن فمثلك نال من | رب السماء العفو والرضوانا |
وغدا بروضات الجنان منعما | لم يلف إلا الروح والريحانا |
والقتل عادتكم وتلك فريضة | وبها يبشر شيبها الشبانا |
فأسلم أبا حسن عميدا للهدى | طول الزمان ومن هداك هدانا |
لمن الوفود يزينها الاعظام | ولمن ترفرف هذه الأعلام |
قمر بأفق الدين شع ضياؤه | ثم اعتراه الخسف وهو تمام |
قد غيبته يد المنون وأوحشت | منه الديار ففي الديار ظلام |
غض الشباب قصيرة أيامه | قد غيبته جنادل ورغام |
لفوه في كفن الشهادة مدرجا | وعليه من أثر السجود وسام |
شلت يمين صوبت لك مدية | عند الفريضة والأنام قيام |
صبرا أبا حسن فديت فإنما | هذي الحياة جميعها آلام |
من غادر الحسن الزكي قتيلا | وملا البسيطة رنة وعويلا |
خفت بنعشك والرقاب تقله | أمم تحملت المصاب ثقيلا |
قاست قلوبهم الهموم رواسيا | ودموعهم فيك انحدرن سيولا |
أنت الذبيح وان والدك الذي | رب السماء قد اصطفاه خليلا |
إن تضرب الأمثال فيه فذاته | عن مثلها عدم الوجود مثيلا |
ذكرتك يا حسن الصلاة فرددت | بنعوتك التكبير والتهليلا |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 4- ص: 629