السيد جمال الدين ابن السيد نور الدين علي بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي وأبوه أخو صاحب المدارك.
توفي سنة 1098 في حيدرآباد الدكن من بلاد الهند. في أمل الآمل: السيد جمال الدين ابن السيد نور الدين علي بن علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي عالم فاضل محقق مدقق ماهر أديب شاعر كان شريكنا في الدرس عند جماعة من مشايخنا سافر إلى مكة وجاور بها ثم إلى مشهد الرضا عليه السلام ثم إلى حيدرآباد وهو الآن ساكن بها مرجع فضلائها وأكابرها. وذكره في روضات الجنات في أخر ترجمة السيد جمال الدين الحسيني الجرحاني وقال إنه ابن السيد نور الدين أخي صاحب المدارك لأبيه وصاحب المعالم لامه من شركاء درس شيخنا الحر العاملي كان يدور في البلاد غالبا وله أشعار كثيرة وذكره ابن أخيه السيد عباس بن علي بن نور الدين الحسيني الموسوي العاملي المكي في رحلته التي سماها (نزهة الجليس ومنية الأديب الانيس المطبوعة بمصر) فقال على عادة ذلك العصر في التسجيع: إمام الأفاضل ودرة تاج السادة الأماثل عين ذوي البلاغة واللسن صاحب الذكر الجميل والثناء الحسن السيد جمال الدين بن نور الدين بن أبي الحسن فاضل له في سائر العلوم الباع الأطول وهمام عليه في كل المهمات المعول إن تكلم في سائر العلوم شنف المسامع وأحيى القلوب أو لفظ إلى ساحله جواهر الألفاظ شهد له بأنه بحر البلاغة الجوهري وأقر له ابن يعقوب و أما في النظم والنثر فإليه يشار بالأكف بين بلغاء العصر تغرب عن وطنه مكة المشرفة إلى الهند حيث لا ليلى ولا سعاد ولا هند ثم أقام بالدكن واختارها مقرا وسكن وما زال بها مقيما بعز وسؤدد وجاه ومكان مكين في جانب سلطإنها أبي الحسن قطب شاه يقصده العفاة من كل مكان فيعمهم بالفضل والإحسان وما برح في دولة ورياسة واكرام وكرم يخجل قطر الغمام إلى إن دعاه إلى قربه رب العباد فنقله إلى الجنة من حيدرآباد وذكره المحبي في خلاصة الأثر فقال: السيد جمال الدين بن نور الدين بن أبي الحسن الحسيني الدمشقي الأديب الشاعر الذي كان الطف أبناء وقته دماثة خلق وخلق وحسن معاشرة لطيف الصحبة شهي النكتة والنادرة قرأ بدمشق وحصل وحضر مجلس العلامة السيد محمد بن حمزة نقيب الاشراف فأخذ عنه من المعارف ما تنافست عليه به الآراء ثم هاجر إلى مكة وأبوه ثمة في الأحياء فجاور بها مدة ثم دخل اليمن أيام الإمام أحمد بن الحسن فعرف حقه من الفضل وراجت عنده بضاعته ثم فارق اليمن ودخل الهند فوصل إلى حيدرآباد وصاحبها يومئذ الملك أبو الحسن فاتخذه نديم مجلسه وأقبل عليه بكليته وهذا الملك كما بلغني في هذا العصر الأخير من أفراد الدنيا وفور كرم وميلا للأدب وأهله فأقام عنده في بلهنية عيش وصفاء عشرة حتى طرقت أبا الحسن النكبات من طرف سلطان الهند الأعظم السلطان محيي الدين محمد الشهير بارونك زيب وقبض عليه وحبسه وأحسب أنه إلى الآن لم يزل محبوسا هناك فانقلب الدهر على السيد جمال الدين فبقي مدة في حيدرآباد وقد ذهب أنسه إلى أن مات كما أخبرني بذلك أخوه روح الأدب السيد علي بمكة المشرفة حرسها الله تعالى وفي بغية الراغبين انه قرأ على أبيه وجماعة وروى عن أبيه وعن جده لأمه الشيخ نجيب الدين واختار السياحة فأقام مدة بدمشق ثم ارتحل إلى مكة المعظمة وأبوه ثمة بها علم أعلامها ثم دخل اليمن ثم ارتحل إلى مشهد الرضا عليه السلام ثم ارتحل إلى الهند فدخل حيدرآباد فأرجع إليه الملك أبو الحسن كافة الشيعة في مملكته وكان هذا السلطان كريما ميالا إلى العلم وأهله مخلصا لأهل البيت عليهم السلام وذريتهم فأقام عنده أعز مقام حتى قبض عليه مفتتح عام 1083. وفي أمل الآمل: له شعر كثير من معميات وغيرها وله حواش وفوائد كثيرة ومن شعره قوله:
قد نالني فرط التعب | وحالتي من العجب |
فمن اليم الوجد في | جوانحي نار تشب |
ودمع عيني قد جرى | على الخدود وانسكب |
وبان عن عيني الحمى | واستحكمت أيدي النوب |
يا ليت شعري هل ترى | يعود ما كان ذهب |
يفدي فؤادي شادنا | مهفهفا عذب الشنب |
بقامة كأسمر | بها النفوس قد سلب |
ووجنة كأنها | جمر الغضا إذا التهب |
سوى حر تملك رق قلبي | هواي به منوط والضمير |
وباب القول فيه ذو اتساع | تضيق بعد أيسره السطور |
فتى أضحى لكل الناس ركنا | لدفع ملمة الخطب المهول |
شديد البأس ذوي رأي سديد | جبان الكلب مهزول الفصيل |
سلام كمثل الشمس في رونق الضحى | تؤم علاكم في مغيب ومطلع |
فأوله نور لديكم مشعشع | وآخره نار بقلبي وأضلعي |
أبث من الأشواق ما لو تجسمت | لضاق بأدنى بعضها كل فدفد |
وأهدي سلاما قد تناثر عقده | فأصبح يرزي بالجمان المنضد |
إليك الورى القت مقاليد أمرها | فابل الليالي والأنام وجدد |
ودم سالما في طيب عيش ونعمة | مطاعا معا في طيب اليوم والغد |
وان تسألوا عنا فأنا بنعمة | وعافية فيها نروح ونغتدي |
ونرجو من الله المهيمن أنكم | تكونون في خير وعز مؤبد |
وفي صفر تاريخه عام ستة | وسبعين بعد الألف بالخير عقباه |
يا نديمي بمهجتي أفديك | قم وهات الكؤوس من هاتيك |
اسقنيها ممزوجة من فيك | بالذي أودع المحاسن فيك |
وأجل كاساتها علي وقل | (يا نديمي بمهجتي أفديك) |
وأنتهز فرصة الزمان بها | واغتنم صفوها فما يدريك |
فهي راحي وراحتي وإلى | حإنها رحلتي بلا تشكيك |
إن أكن مغرما بها فلقد | فتنت كل عابد نسيك |
رب شمس في الليل طالعة | بسنا نور كاسها تهديك |
لست أنسى لياليا سلفت | نلت فيها المنى بغير شريك |
وسميري مهفهف غنج | أحور الطرف للحسان مليك |
غصن بان إذا بدا وإذا | ما شدا عن حمامها يغنيك |
يتثنى كأنه ألف | عجبا وهو رائد التحريك |
إن يمناي واليسار معا | احكما عند ضمه التشبيك |
يا مليكا قد عز جانبه | صل ذليلا قد حل في ناديك |
إن بدر الدجى ولا عجب | كاد لولا مغيبة يحكيك |
كيفما شئت كن فلا حرج | أنا راض بكل ما يرضيك |
لست أصغي إلى الملام ولو | شن غارات حربه شانيك |
خليلي عودا لي فيا حبذا المطل | إذا كان يرجى في عواقبه الوصل |
خليلي عودا وأسعداني فأنتما | أحق من الاهلين بل أنتما الأهل |
فقد طال سيري واضمحلت جوارحي | وقد سئمت فرط السرى العيس والإبل |
فعادا وقالا صح ما بك من جوى | وفي بعض ما لاقيته شاهد عدل |
ولكن طول السير ليس بضائر | وغايته كنز الندى أحمد الشبل |
أبانت به الأيام كل عجيبة | يسير بها الركب اليماني و القفل |
فنيران باس في بحار مكارم | ومن فعله وصل وفي قوله فصل |
أقول وقد طفت البلاد وأهلها | بلوتهم قولا يصدقه الفعل |
إذا ما جرى ذكر البلاد وحسنها | فتلك فروع والغراس هي الأصل |
وان عد ذو فضل ومجد مؤثل | فأحمد من بين الأنام له الفضل |
فلا غرو إن قصرت طول مدائحي | ففي البعد قصر الفرض جاء به النقل |
إليك صفي الدين مني خريدة | فريدة حسن لا يصاب لها مثل |
فحقق رجاها وأحل عاطل جيدها | بما أنت يا نجل الكرام له أهل |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 4- ص: 217