جعفر بن ورقاء بن محمد بن ورقاء ابن صلة بن المبارك بن صلة بن عمير بن جبير بن شريك بن علقمة بن حوط بن سلمة بن سنان بن عامر بن تيم بن شيبان بن ثعلبة بن عكامة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل أبو محمد.
في فوات الوفيات: ولد بسامراء سنة 292 وتوفي في شهر رمضان سنة 352. هكذا ساق نسبه النجاشي في رجاله وتبعه العلامة في الخلاصة وابن داود وقال ابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات انه جعفر بن محمد بن ورقاء وتبعه بعض المعاصرين وليس بصواب بل الصواب ما ذكره النجاشي الذي هو أعرف بالأنساب من كل أحد وكذلك هو في تاريخ ابن الأثير في عدة مواضع. وفي ديوان أبي فراس في عدة نسخ: جعفر بن ورقاء، ويدل عليه قول أبي فراس الآتي: (من ظلم عمك يا ابن عم) وقول المترجم الآتي: (وجور ما قد قال عم) لدلالته على إن أبا أحمد عبد الله بن محمد بن ورقاء عم جعفر بن ورقاء، ولو كان جعفر بن محمد بن ورقاء كما يقوله الكتبي لكان أخاه لا عمه.
قال النجاشي: أمير بني شيبان بالعراق ووجههم وكان عظيما عند السلطان وكان صحيح المذهب له كتاب في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام السلام وتفضيله على أهل البيت عليهم السلام سماه كتاب حقائق التفصيل في تأويل التنزيل أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال حدثنا أبو أحمد إسماعيل ابن يحيى بن أحمد العبسي قال: قرأت على الأمير أبي محمد وفي فوات الوفيات كان من بيت أمرة وتقدم وآداب وكان المقتدر يجريه مجرى بني حمدان وتقلد عدة ولايات وكان شاعرا كاتبا جيد البديهة والروية وكان يأخذ القلم ويكتب ما أراد من نثر ونظم كأنه عن حفظه وكان بينه وبين سيف الدولة مكاتبات بالشعر والنثر مشهورة وفي تاريخ ابن الأثير في حوادث سنة 312 في هذه السنة دخل أبو طاهر القرمطي إلى الكوفة وسبب ذلك أنه أطلق من كان عنده من أسرى الحجاج وأرسل إلى المقتدر يطلب البصرة والأهواز فلم يجبه إلى ذلك فسار من هجر يريد الحاج وكان جعفر بن ورقاء الشيباني متقلدا أعمال الكوفة وطريق مكة فلما سار الحجاج من بغداد سار جعفر بين أيديهم خوفا من أبي طاهر ومعه ألف رجل من بني شيبان وسار مع الحجاج جماعة من أصحاب السلطان في ستة آلاف رجل فلقي أبو طاهر جعفر الشيباني فقاتله جعفر فبينا هو يقاتله إذ طلع جمع من القرامطة عن يمينه فانهزم من بين أيديهم فلقي القافلة الأولى وقد انحدرت من العقبة فردهم إلى الكوفة ومعهم عسكر الخليفة وتبعهم أبو طاهر إلى باب الكوفة فقاتلهم فانهزم عسكر الخليفة الخبر. وذكر في حوادث سنة 325 إن محمد بن رائق وهو أمير الأمراء ببغداد أشار على الراضي الخليفة بالانحدار معه إلى واسط ليقرب من الأهواز ويراسل أبا عبد الله بن البريدي وكان قد عظم أمره في الأهواز واستبد بها فان أجاب إلى ما يطلب منه وإلا كان قصده ومحاربته قريبا عليه، فانحدر الراضي وابن رائق نحو الأهواز وأرسل إليه ابن رائق في معنى تأخير الأموال وإفساد الجنود وحملهم على العصيان فان حمل المال وسلم الجند أقر على عمله وإلا قوبل بما يستحق. فلما سمع الرسالة جدد ضمان الأهواز بثلاثمائة وستين ألف دينار مقسطة وأجاب إلى تسليم الجيش إلى من يؤمر بتسليمه إليه فقبل ذلك منه. فأما المال فما حمل منه دينارا واحدا، وأما الجيش فان ابن رائق لأنفذ جعفر بن ورقاء ليتسلمه منه وليسير بهم إلى فارس لقتال ابن بويه فلما وصل جعفر إلى الأهواز لقيه ابن البريدي في الجيش جميعه ولما عاد سار الجيش مع البريدي إلى داره واستصحب معه جعفرا وقدم لهم طعاما كثيرا فاكلوا وانصرفوا وأقام جعفر عدة أيام ثم إن البريدي أمر الجيش فطالبوا جعفرا بمال يفرقه فيهم ليتجهزوا به إلى فارس فلم يكن معه شيء فشتموه وتهددوه بالقتل فاستتر منهم ولجأ إلى البريدي فقال له البريدي ليس العجب ممن أرسلك وإنما العجب منك كيف جئت بغير شيء فلو إن الجيش مماليك لما ساروا إلا بمال ترضيهم به ثم أخرجه ليلا وقال انج بنفسك فسار إلى بغداد خائبا، وقال في حوادث سنة 326: في هذه السنة كان الفداء بين المسلمين والروم في ذي القعدة وكان القيم به ابن ورقاء الشيباني وكان عدة من فودي من المسلمين 6300 من بين ذكر وأنثى وكان الفداء على نهر البدندون ومن ذلك يعلم إن الأمراء والخلفاء كانوا يعدونه لكل مهم من تسلم الجيوش ومفاداة الأسرى وغير ذلك، وفي الطليعة: أبو محمد جعفر بن محمد بن ورقاء الشباني (والصواب جعفر بن ورقاء بن محمد بن ورقاء كما مر) كان فاضلا أديبا مصنفا وكان أمير بني شيبان وله مع سيف الدولة مكاتبات ومن شعره قوله في الحسين عليه السلام:
رأس ابن بنت محمد ووصيه | للناظرين على قناة يرفع |
والمسلمون بمنظر وبمسمع | لا جازع منهم ولا متخشع |
كحلت بمنظرك العيون عماية | وأصم رزؤك كل أذن تسمع |
أيقظت أجفانا وكنت لها كرى | وأنمت عينا لم تكن بك تهجع |
ما روضة إلا تمنت إنها | لك تربة ولخط قبرك موضع |
الحمد لله على ما قضى | في المال لما حفظ المهجه |
ولم يكن من ضيقة هكذا | إلا وكانت بعدها فرجه |
ولما عبثن بأوتارهن | قبيل التبلج أيقظنني |
جسس البهرم وابتعنها | بنقر المثاني فهيجني |
عمدن لإصلاح أوتارهن | فأصلحنهن وأفسدنني |
هززتك لا إني عملتك ناسيا | لحقي ولا إني أردت التقاضيا |
ولكن رأيت السيف من بعد سله | إلى الهز محتاجا وان كان ماضيا |
قالوا تعز لقد أسرفت في جزع | فالموت كأس عميم مر مشربه |
فقلت إن غرامي والفقيد معا | بانا فما أنا مشغول بمطلبه |
قالوا فعينك أحميها فقد رمدت | من فيض دمع ملث القطر مسكبه |
فقلت ما لي فيها بعده أرب | هل يحفظ المرء شيئا غير مأربه |
ما كنت أدخرها يوما لرؤيته | وللبكاء عليه إذ فجعت به |
أرسما بسابروج أبصرت عافيا | فأذكرك العهد الذي كنت ناسيا |
لعل خيال العامرية زائر | فيسعد مهجور ويسعد هاجر |
يسر صديقي إن أكثر واصفي | عدوي وان ساءته تلك المفاخر |
وهل تجحد الشمس المنيرة ضوءها | ويستر نور البدر والبدر زاهر |
أشاقتك بالخال الديار الدواثر | روائح مجت آلها وبواكر |
أنا إذا اشتد الزمان | وناب خطب وأدلهم |
ألفيت بين بيوتنا | عدد الشجاعة والكرم |
للقا العدا بيض السيوف | وللندا حمر النعم |
هذا وهذا دأبنا | يودي دم ويراق دم |
قل لابن ورقا جعفر | حتى يقول بما علم |
إني وان شط المزار | ولم تكن دار أمم |
أصبو إلى تلك الخلال | واصطفي تلك الشيم |
وألوم عادية الفراق | وبين أحشائي ألم |
ولعل دهرا ينثني | ولعل شعبا يلتئم |
هل أنت يوما منصفي | من ظلم عمك يا ابن عم |
أبلغه عني ما أقول | فأنت من لا يتهم |
إني رضيت وان كرهت | أبا محمد الحكم |
أنتم كما قد قلت بل | أعلى وأشرف يا ابن عم |
ولكم سوابق كل فخر | واللواحق من أمم |
لم يعل منكم شاهق | فوق الشوامخ والعلم |
إلا ولاحقه يلوح | على ذراه كالعلم |
ودعوت شيخك وابن | عمك جعفرا فيما أهم |
من حلو قولك حين قلت | وجود ما قد قال عم |
فقضى عليه وقد قضى | بالحق لما إن حكم |
في دهرهم وزمانهم | ولهم قديم في القدم |
ليسوا كمن لن يبلغوا | العلياء إلا بالرمم |
هذا قضائي إن نحا | للحق عمي والتزم |
أحسنت والله العظيم | نظام بيتك حين تم |
فيما ذكرت به السيوف | وما ذكرت به النعم |
وشكوت أشواقا إلي | يحس قلبك بالألم |
أفديه قلبا عاليا | فوق الفضائل والهمم |
قد فاض فيضا بالسماح | وقد تدفق بالكرم |
فسيول جدواه تدفقها | الشهامة عن ضرم |
ولقد بدا متنعما | يا طيب ذلك في النعم |
وأزل لي من بره | أزكى وأطيب ما قسم |
فلأشكرن صنيعه | حتى تغيبني الرجم |
اللوم للعاشقين لوم | لأن خطب الهوى عظيم |
وكيف ترجون لي سلوا | وعندي المقعد المقيم |
ومقلتي ملؤها دموع | وأضلعي حشوها كلوم |
يا قوم إني امرؤ كتوم | تصحبني مقلة نموم |
برملتي عالج رسوم | يطول من دونها الرسيم |
أنخت فيهن يعملات | ما عهد أرقالها ذميم |
أجدبها قطع كل واد | أخصبه نبته العميم |
تلك سجايا من الليالي | للبؤس ما يخلق النعيم |
بين ضلوعي هوى مقيم | لآل ورقاء لا يريم |
يغير الدهر كل شيء | وهو صحيح لهم سليم |
امنع من رامه سواهم | منه كما يمنع الحريم |
وهل يساويهم قريب | أم هل يساميهم حميم |
ونحن من عصبة وأهل | يضم أصليهما أروم |
لم تتفرق بنا خؤول | في العز منا ولا عموم |
سمت بنا وائل وفازت | بالعز أخوالنا تميم |
ودادهم خالص صحيح | وعهدهم ثابت مقيم |
ذاك لنا منهم حديث | وهو لآبائنا قديم |
نراعاه ما طرقت بحمل | أنثى وما أطفلت بغوم |
ندني بني عمنا إلينا | فضلا كما يفعل الكريم |
أيديهم عند كل خطب | يثنى بها الحادث الجسيم |
والسن دونهم حداد | لدا إذا قامت الخصوم |
لم تنأ عنا لهم قلوب | وان نأت منهم جسوم |
ولا عدمنا لهم ثناء | كأنه اللؤلؤ النظيم |
لقد نمتنا لهم أصول | ما مس أعراقها لوم |
نبقى ويبقون في نعيم | ما بقي الركن والحطيم |
ما شئت قل هي المهى هي المنى | جواهر بكين أطراف الدمى |
أتاني من بني ورقاء قول | الذجنا من الماء القراح |
ولو إني اقترحت على زماني | لكنتم يا بني ورقا اقتراحي |
يا ذا الذي جعل القطيعة دأبه | إن القطيعة موضع للريب |
إن كان ودك في الطوية كامنا | فاطلب صديقا عالما بالغيب |
قد يهجر الخل السليم الغيب | للشغل وهو مبرأ من ريب |
ويواصل الرجل المنافق مبديا | لك ظاهرا مستبطنا للعيب |
لا تفرحن من الصديق بشاهد | حتى يكون موافقا للغيب |
وتأمل المسود من شعر الفتى | أهو الشبيبة أم خضاب الشيب |
وإذا ظفرت بذي وداد خالص | فاغفر له ما دون غش الجيب |
ومشمولة صرف صرفت بشربها | وجوه لحاتي قاطبات الحواجب |
إذ جال فيها المزج خلت حبابها | عيون الأفاعي أو قرون الجنادب |
وعاذلة في بذل ما ملكت يدي | رددت لها المسعى بصفقة خائب |
فان زئير الأسد من كل جانب | ليشغل سمعي عن صياح الثعالب |
أفي الحق إن قايست غير محقق | فظاظة جندي إلى ظرف كاتب |
ولا سيما أنت الذي نشرت له | محاسن كالأعلام فوق المراقب |
وما زلت بين الناس صدر محافل | وعين مقامات وقلب مواكب |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 4- ص: 192