أبو المرجى جابر بن ناصر الدولة الحسين بن عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي
قال ابن خالويه أوقع أبو المرحى جابر بعسكر معز الدولة وفيه وجوه الديلم بسنجار فهزمهم وقتل ابن مالك الديلم ضربه أخوه أبو القاسم هبة الله بن ناصر الدولة فقتله ’’أه’’ وفي ذلك يقول أبو فراس في رائيته الطويلة الت يذكر فيها مفاهر قومه:
ومنا أبو عدنان سيد قومه=ومنا قريعا العز جبر وجابر
فهذا لذي التاج المعصب قاتل=وهذا الذي البيت الممنع آسر
قال ابن خالويه أما ذو التاج فابن ملك الديلم ’’أه’’ ويأتي في ترجمة جبر ابن أبي الهيجاء عم المترجم أن المراد بذي البيت الممنع هو عبد الله بن مزروع الضبابي وأن الذي آسره ههو جبر، فيكون المراد بقاتل ذي التاج المعصب هو جابر، وهذا ينافي قوله إن الذي قتل ابن ملك الديلم هو هبة الله أبو القاسم أخو جابر. وقال ابن الأثير في حوادث سنة 345: فيها خرج روزبهان بن ونداد خرشيد الديلمي على معز الدولة وسار معز الدولة عن بغداد لمحاربته وخرج الخليفة المطبع منحدرا إلى معز الدولة لأن ناصر الدولة لما بلغه الخبر سير العساكر من الموصل مع ولده أبي المرجى جابر لقصد بغداد والاستيلاء عليها فلما بلغ الخليفة ذلك انحدر من بغداد ثم إن معز الدولة انتصر على روزبهان وأسره وسيره سبكتكين إلى أبي المرجى بن ناصر الدولة وكان بعكبرا فلم يلحقه لأنه لما بلغه الخبر عاد إلى الموصل، وقال في حوادث سنة 347 إن معز الدولة كان قد صالح ناصر الدولة على ألفي ألف درهم كل سنة فلما كان هذه السنة آخر ناصر الدولة حمل المال فتجهز معز الدولة إلى الموصل ففارقها ناصر الدولة إلى نصيبين وضاقت الأقوات على معز الدولة وبلغه أن بنصيبين من الغلاب السلطانية شيئا كثيرا فسار نحوها فلما توسط الطريق بلغه أن أولاد ناصر الدولة أبا المرجى وهبة الله بسنجار في عسكر فسير إليهم عسكرا فلم يشعر أولاد ناصر الدولة إلا والعسكر معهم فعجلوا عن أخذ أثقالهم فركبوا دوابهم وانهزموا ونهب عسكر معز الدولة ما تركوه ونزلوا في خيامهم فعاد أولاد ناصر الدولة إليهم وهم غارون فوضعوا السيف فيهم فقتلوا وأسروا وأقاموا بسنجار ثم اصطلح ناصر الدولة ومعز الدولة على يد سيف الدولة، وقال السري الرفا يذكر وقعة أبي المرجى مع عسكر معز الدولة، بسنجار من قصيدة:
لحظ عينيك للردى أنصار | وسيوف شفارها الأشفار |
فتكت بالمحب من غير ثأر | فلها في فؤاده آثار |
وقعة باللوى استباحت نفوسا | قمرتها عزاءها الأقمار |
ومها تكتم البراقع منها | صورا هن للعيون صورا |
أغرب البان بينهن فمن أثـ | ـماره الياسمين والجلنار |
قصرت ليلة الخورنق حسنا | والليالي الطوال فيه قصار |
بكر ترتعي جنى اللهو غضا | واللذاذات بينها أبكار |
وجنات تحير الورد فيها | وثغور جرت عليها العقار |
كلما كرت الجباه بصبح | عطفت ليلها عليه الطرار |
فضحاه من الذوائب ليل | ودجا من الخدود نهار |
غنيت عن سحائب المزن أرض | هن من راحة الأمير تمار |
ظلها سجسج وزهر رباها | عطر والحيا بها مدرار |
حيث لا وردنا ثماد ولا الوعـ | ـد غرور ولا الهجوع غرار |
يتصدى لظاهر البشر طلق الـ | ـوجه فيه سكينة ووقار |
سائل الديلمي كيف أرى سنـ | ـجار لما تنمرت سنجار |
إذ تلاقى بأرضها الحطب الجز | ل ونار يحثها إعصار |
معشرا أصبحوا وجودا وأمسوا | عدما والخطوب فيها اعتبار |
لم يسر حينهم إليهم ولكن | زجروا نحوه الجياد وساروا |
في برار تكشف النقع عنها | وهي من رونق الحديد بحار |
وأشرأبت لك الديار فلو تستـ | ـطيع سيرا سرت إليك الديار |
نعم للسيوف لا ينفذ الشكـ | ـر عليها أو تنفذ الأعمار |
قد أطاعتك في العدو المنايا | وجرت بالمنى جحفل جرار |
أملي في الملوك عسر ولكن | أملي في أبي المرجى اليسار |
لله موقفنا بمنعرج اللوى | ومحارنا في لوعة ومحارها |
نضت البراقع عن محاسن روضة | ريضت بمحتفل الحيا أنوارها |
فمن الثغور المشرقات لجينها | ومن الخدود المذهبات نضارها |
أغصان بان أغربت في حملها | فغرائب الورد الجني ثمارها |
طالت ليالي الحب بعد فراقها | وأحبهن إلى المحب قصارها |
لا تجبر الأيام كسر عصابة | كسرت وذل بجابر جبارها |
رحلت فكان إلى السيوف رحيلها | وثوت فكان على الحتوف قرارها |
برزت لها أسد الرها إذ حوصرت | والأسد تأنف أن يطول حصارها |
مستعصمين من الأمير بهضبة | عدوية لا ترتقي أوعارها |
من ذا ينازعكم كريمات العلى | وهي البروج وأنتم أقمارها |
الحرب تعلم أنكم آسادها | والأرض تعلم أنكم أمطارها |
هي وقعة لك عزها وسناؤها | وعلى عدوك نارها وشنارها |
عمرت ديارك من قبور ملوكهم | وخلت من الأنس المقيم ديارها |
وردت بآساد الشرى مبيضة | أفعالها محمرة أظفارها |
فلتشكرنك دولة جددتها | فتجددت أعلامها ومنارها |
حليتها وحميت بيضة ملكها | فغرار سيفك سورها وسوارها |
وغريبة تجري عليك رياحها | أرجا، إذا لفحت عدوك نارها |
ممن له غرر الكلام تفتحت | أبوابها وترفعت أستارها |
تجري وتطلبه عصائب قصرت | عن شأوه فقصارها أقصارها |
يحوي له الأمد البعيد نجاره | ويعوقها عما حواه نجارها |
فتعيش بعد مماته أشعاره | وتموت قبل مماتها أشعارها |
شيم الأمير وفت لنا بعداتها | فجرت سحائب جودة لعفاتها |
لا تعدم العلياء منه شمائلا | حسنات هذا الدهر من حسناتها |
نفديه إن كنا الفداء لنفسه | من حادث الأيام أو نكباتها |
شكت العلى لما شكته جفونه | فشكاته مقرونه بشكاتها |
قد قلت للأعداء مهلا إنها | نوب تجلى الصبح من ظلماتها |
قالوا اشتكى رمدا حمى أجفانه | سنة الرقاد وغض من لحظاتها |
فأجبتهم لم ترمد العين التي | تحمر بأسا يوم حرب عداتها |
لكن رأته محاربا أمواله | بنواله فجرت على عاداتها |
أمير الندى: إن الثناء خلود | وإن القوافي السائرات جنود |
إذا انقض من حول الملوك عديدها | فحولك منها عدة وعديد |
فهن إذا ناضلن عنك صوارم | وهن إذا لاحت عليك عقود |
ولي من ندى كفيك تضاءلت | معالمه حتى تكاد تبيد |
غدا خلقا والحمد فيه مجدد | ومنتقصا والشكر فيه يزيد |
فلا يك رسمي من نوالك دارسا | فرسمك غض من ثناي حديد |
لو لم تقلدني الليالي منة | إلا مودته إذن لكفاها |
جربت منه خلائقا وطرايقا | لا يطلب الأخ من أخيه سواها |
فإذا تخيرت الجماعة كلها | أمسى وأصبح شيخها وفتاها |
يانعمة في الدهر كانت غلطة | لو كان أولادها إذن والاها |
أثنى الضلوع على جوى وشفاؤها | أنى أفاوضك الحديث شفاها |
عل الزمان يعود وقتا عله | وعسى الليالي أن تديل عساها |
بنفسي على جابر حسرة | تزول الجبال وليست تزول |
له ما بقيت طويل البكاء | وحسن الثناء، وهذا قليل |
الفكر فيك الآمال | والحرص بعدك غاية الجهال |
لو كان يخلد بالفضائل فاضل | وصلت لك الآجال بالآجال |
لو كنت تفدي لا فتدتك سراتنا | بنفائس الأرواح والأموال |
أغرز على سادات قومك أن ترى | فوق الفراش مقلب الأوصال |
والسمر تخطر لم تدق صدورها | والخيل واقفة على الأطوال |
والسابغات مصونة لم تبتذل | والبيض سالمة مع الأبطال |
وإذا المنية أقبلت لم يثنيها | حرص الحريص وحيلة المحتال |
ما للخطوب وما لأحداث النوى | أعجلن جابر غاية الإعجال |
لما تسربل بالفضائل وارتدى | بردى العلى واعتم بالإقبال |
وتشاهدت صيد الملوك بفضله | ورأى المكارم من مكان عالي |
فلئن هلكت فما الوفاء بهالك | ولئن بليت فما الوداد ببالي |
أأبا المرجى غير حزني دارس | أبدا عليك وغير قلبي سالي |
لا زلت مغدو الثرى مطروقه | بسحابة مجرورة الأذيال |
وحجبن عنك السيئات ولم يزل | لك صاحب من صالح الأعمال |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 4- ص: 28