التصنيفات

بكر بن حبيب المازني يأتي بعنوان بكر بن محمد بن حبيب.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 590

بكر بن محمد بن حبيب وقيل بكر بن محمد بن عدي بن حبيب بن بقية أبو عثمان المازني البصري النحوي
قال ابن الأثير توفي سنة 247 وفي تاريخ بغداد عن أبي سعيد السكري 248 قال وقال غيره 249 وفي معجم الأدباء عن ابن واضح 230 وكانت وفاته بالبصرة قال ياقوت ولما مات المازني اجتازت جنازته على أبي الفضل الرياشي فقال متمثلا

وفي لسان الميزان رثاه أبو الفرج الرقاشي.
(بقية) بالباء الموحدة والقاف والمثناة التحتية المشددة.
(والمازني) نسبة إلى مازن قبيلة فهو أحد بني مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن بكر بن وائل كذا في تاريخ بغداد ومعجم الأدباء وغيرهما وفي المعجم قال الزبيدي قال الخشني المازني مولى بني سدوس نزل في بني مازن بن شيبان فنسب إليهم وهو من أهل البصرة.

أقوال العلماء فيه
قال النجاشي بكر بن محمد بن حبيب بن بقية أبو عثمان المازني مازن بني شيبان كان سيد أهل العلم بالنحو والغريب واللغة بالبصرة و مقدمهم مشهورا بذلك أخبرنا بذلك العباس بن عمر بن العباس الكلواذاني المعروف بابن مروان رحمه الله قال حدثنا محمد بن يحيى الصوفي حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد قال ومن علماء الإمامية أبو عثمان بكر بن محمد وكان من غلمان إسماعيل بن ميثم له في الأدب كتاب التصريف كتاب ما يلحن فيه العامة. التعليق. قال أبو عبد الله بن عبدون رحمه الله وجدت بخط أبي سعيد السكري مات أبو عثمان بكر بن محمد رحمه الله سنة 248 (انتهى). وفي الخلاصة بكر بن محمد بن حبيب بن بقية أبو عثمان المازني مازن بني شيبان كان سيد أهل العلم بالنحو والغريب واللغة بالبصرة ومقدمته مشهورة بذلك كان من علماء الإمامية وهو من غلمان إسماعيل ابن ميثم في الأدب مات أبو عثمان سنة 248 (انتهى) وفي النقد قال في الخلاصة ومقدمته مشهورة بذلك وهو من غلمان إسماعيل بن ميثم في الأدب ولا يخفى ما فيه من التصحيف والإسقاط (انتهى) وأراد بالتصحيف قوله ومقدمته مشهورة بذلك صوابه ومقدمهم مشهورا بذلك وبالإسقاط قوله في الأدب فان العلامة نقل عبارة النجاشي كما هي عادته وليس فيها أنه من غلمانه في الأدب ولا كان إسماعيل معروفا بالأدب بل بعلم الكلام فيظن إن العلامة أثبت من قول النجاشي له في الأدب كتاب التصريف لفظة في الأدب وأسقط الباقي لاستعجاله في الكتابة وعدم المراجعة وقد وقع له أمثال ذلك كثيرا كما يعرف بالتتبع. وفي رجال ابن داود بكر بن محمد بن حبيب بن بقية أبو عثمان المازني الشيباني لم. كش كان إماما ثقة (انتهى) وعن حواشي الشهيد الثاني على الخلاصة قال ابن داود نقلا عن الكشي أنه يعني أبا عثمان إمام ثقة (انتهى) وفي النقد لم أجده في رجال الكشي (انتهى) وفي تهذيب التهذيب إن أبا عثمان المازني النحوي روى عن الرضا عليه السلام وذكره بعض المعاصرين في متكلمي الشيعة ولعله استفاده من تلمذه على إسماعيل بن ميثم المتكلم. أقول وهذا من أغلاط رجال ابن داود الذي قيل إن فيه أغلاطا. وفي تاريخ بغداد بسنده عن أبي جعفر الطحاوي قال سمعت بكار بن قتيبة قبيس يقول ما رأيت نحويا قط يشبه الفقهاء إلا حبان بن الهلال والمازني يعني أبا عثمان (انتهى). وفي معجم الأدباء كان المازني إماميا يرى رأي ابن ميثم ويقول بالأرجاء وكان لا يناظره أحد إلا قطعه لقدرته على الكلام وكان المبرد يقول لم يكن بعد سيبويه اعلم من أبي عثمان بالنحو وقد ناظر الأخفش في أشياء كثيرة فقطعه وهو أخذ عن الأخفش. وقال حمزة لم يقرأ على الأخفش إنما قرأ على الجرمي ثم اختلف إلى الأخفش وقد برع وكان يناظره ويقدم الأخفش وهو حي وكان أبو عبيدة يسميه بالتدرج والنقار (انتهى) وفي بغية الوعاة كان إماما في العربية متسعا في الرواية يقول بالأرجاء وكان لا يناظره أحد إلا قطعه لقدرته على الكلام وقد ناظر الأخفش في أشياء كثيرة فقطعه (انتهى) وقال ابن الأثير في الكامل أبو عثمان بكر بن محمد المازني النحوي الإمام في العربية (انتهى).
أخباره
روى في تاريخ بغداد أنه قدم بغداد في أيام المعتصم قال وروي إن قدومه كان في أيام الواثق. وفي معجم الأدباء حدث المبرد عن المازني قال كنت عند أبي عبيدة فسأله رجل فقال له كيف تقول عنيت بالأمر قال كما قلت عنيت بالأمر، قال فكيفالأمر منه فغلط وقال أعن بالأمر فأومأت إلى الرجل ليس كما قال فرآني أبو عبيدة فأمهلني قليلا وقال ما تصنع عندي قلت ما يصنع غيري قال لست كغيرك لا تجلس إلي قلت ولم قال لأني رأيتك مع إنسان خوزي سرق مني قطيفة قال فانصرفت وتحملت عليه بأخوانه فلما جئته قال لي أدب نفسك أولا ثم تعلم الأدب قال المبرد الأمر من هذا باللام لا يجوز غيره لأنك تأمر غير من بحضرتك كأنه كذا ليفعل هذا. قال المبرد سالت المازني عن قول الأعشى:
فقال نصب النهار على تقدير هذا الصدود بدا لها النهار واليوم والليلة والعرب تقول زال وازال بمعنى فتقول زال زوالها قال ياقوت قرأت بخط الأزهري منصور في كتاب نظم الجمان تصنيف الميداني سئل المازني عن أهل العلم فقال أصحاب القرآن فيهم تخليط وضعف وأهل الحديث فيهم حشو ورقاعة والشعراء فيهم هوج وأصحاب النحو فيهم ثقل وفي رواية الأخبار الظرف كله والعلم هو الفقه. حدث محمد بن رستم الطبري قال أنبأنا أبو عثمان المازني قال كنت عند سعيد بن مسعدة الأخفش أنا وأبو الفضل الرياشي فقال الأخفش إن منذ إذا رفع بها فهي فحرف معنى ليس باسم كقولك ما رأيته منذ اليوم فقال له الرياشي فلم لا يكون في الموضعين اسما فقد نرى الأسماء تخفض وتنصب كقولك هذا ضارب زيدا غدا وضارب زيد أمس أ فلا يكون بهذه المنزلة فلم يأت الأخفش بمقنع قال أبو عثمان فقلت له لا يشبه منذ ما ذكرت لأنا لم نر الأسماء هكذا تلزم موضعا إلا إذا ضارعت حروف المعاني نحو ابن وكيف فكذلك منذ هي مضارعة لحروف المعاني فلزمت موضعا واحدا قال الطبري فقال ابن أبي زرعة للمازني أفرأيت حروف المعاني تعمل عملين مختلفين متضادين قال نعم كقولك قام القوم حاشا زيد وحاشا زيدا وعلى زيد ثوب وعلا زيد الفرس فتكون مرة حرفا ومرة فعلا بلفظ واحد. وحدث المبرد قال سمعت المازني يقول معنى قولهم إذا لم تستح فاصنع ما شئت أي إذا صنعت ما لا يستحى من مثله فاصنع منه ما شئت وليس على ما يذهب العوام إليه. قال ياقوت قلت وهذا تأويل حسن جدا. قال أبو القاسم الزجاجي أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن رستم الطبري قال حضرت مجلس أبي عثمان المازني وقد قيل له لم قلت روايتك عن الأصمعي قال رميت عنده بالقدر والميل إلى مذهب أهل الاعتزال فجئته يوما وهو في مجلسه فقال لي ما تقول في قول الله عز وجل {إنا كل شيء خلقناه بقدر} قلت سيبويه يذهب إلى إن الرفع فيه أقوى من النصب في العربية لاستعمال الفعل المضمر وانه ليس هاهنا شيء هو بالفعل أولى ولكن أبت عامة القراء إلا النصب ونحن نقرأها كذلك أتباعا لأن القراءة سنة فقال لي فما الفرق بين الرفع والنصب في المعنى فعلمت مراده فخشيت إن تغرى بي العامة فقلت الرفع بالابتداء والنصب بإضمار فعل وتعاميت عليه فقال حدثني جماعة من أصحابنا إن الفرزدق قال يوما لأصحابه قوموا بنا إلى مجلس الحسن البصري فاني أريد إن أطلق النوار وأشهده على نفسي فقالوا له تفعل فلعل نفسك تتبعها وتندم فقال لا بد من ذلك فمضوا معه فلما وقف على الحسن قال له يا أبا سعيد تعلمن إن النوار طالق ثلاثا قال قد سمعت فتبعتها نفسه بعد ذلك وندم وأنشأ يقول:
ثم قال والعرب تقول لو خيرت لاخترت تحيل على القدر وينشدون:
ثم أطبق نعليه وقال نعم القناع للقدري فأقللت غشيانه بعد ذلك قال المبرد حدثني المازني قال مررت ببني عقيل فإذا رجل أسود قصير أعور أبرص اكشف قائم على تل سماد وهو يملأ جواليق معه من ذلك السماد وهو يغني بأعلى صوته:
فقلت صدقت والله ومتى تجد ويحك مثلك فقال بارك الله عليك واسمع خيرا منه ثم اندفع ينشد:
#مثلك موجود ومثلي غالي وفي نزهة الألباء يحكى عن أبي عثمان أنه قال حضرت أنا ويعقوب بن السكيت مجلس محمد بن عبد الملك الزيات وأفضنا في شجون الحديث إلى إن قلت كان الأصمعي يقول بينما أنا جالس إذ جاء عمرو فقال ابن السكيت هكذا كلام الناس قال فأخذت في مناظرته عليه فقال محمد بن عبد الملك دعني حتى أبين له ما اشتبه عليه ثم التفت إليه وقال ما معنى بينا قال حين قال أفيجوز إن يقال حين جاء عمرو إذ جاء زيد فسكت قال وروى أبو عثمان قال حدثني أبو زيد قال سمعت رؤبة يقرأ فأما الزبد فيذهب جفالا فقلت جفاء قال لا إنما الريح تجفله أي تقلعه قال وقال المازني سألني الأصمعي عن قوله:
#حتى تعودي اقطع الولي فقلت حتى تعودي قليبا أقطع الولي وكان حقه إن يقول قطعاء الولي لقوله تعودي (انتهى) والولي هو المطر بعد الوسمي سمي وليا لأنه يلي الوسمي. وقال ابن خلكان روى المبرد عن المازني قال قرأ علي رجل كتاب سيبويه في مدة طويلة فلما بلغ آخره. قال لي أما أنت فجزاك الله خيرا وأما أنا فما فهمت منه حرفا (انتهى) وفي لباب الآداب روي إن المازني قال يوما لأصحابه ما أحسن ما قيل في الاعتذار فأنشدوه ما حضر فقال أحسن ما قيل في الاعتذار قول النابغة الذبياني
وفي تهذيب التهذيب قال المبرد عن أبي عثمان المازني سئل علي بن موسى الرضا يكلف الله العباد ما لا يطيقون؟ قال هو اعدل من ذلك قال يستطيعون إن يفعلوا ما يريدون؟ قال هم أعجز من ذلك (انتهى).
أخباره مع الواثق
في معجم البلدان قال أبو عثمان المازني قال لي الواثق كيف ينسب رجل إلى سر من رأى فقلت سري يا أمير المؤمنين أنسب إلى أول الحرفين كما قالوا في النسب إلى تأبط شرا تأبطي (انتهى) وفي نزهة الألباء في طبقات الأدباء لعبد الرحمن بن الأنباري حكى أبو العباس المبرد قال قصد أبا عثمان المازني بعض أهل الذمة وبذل له مائة دينار ليقرئه كتاب سيبويه فامتنع من قبول بذله واضب على رده فقلت له جعلت فداك لم امتنعت مع فاقتك وشدة اضاقتك فقال إن في كتاب سيبويه كذا وكذا آية من كتاب الله ولست أرى إن أمكن منها ذميا غيرة على كتاب الله تعالى وحمية له وذكر غير واحد إن ذلك الذمي كان يهوديا قال فاتفق أنه أشخص إلى الواثق وكان السبب في
فرد عليها بعض الناس وهو التوزي نصبها رجلا وتوهم أنه خبر إن وليس كذلك وإنما هو معمول لمصابكم لأنه في معنى أصابتكم وظلم خبر إن فقالت الجارية لا اقبل هذا وقد قرأته على أعلم الناس بالبصرة أبي عثمان المازني. وفي معجم الأدباء أورد هذا الخبر نقلا عن الأغاني ببعض التفاوت فبعد ما ذكر خبر امتناعه عن إقراء الذمي كتاب سيبويه قال فلم يمض على ذلك مديدة حتى أرسل الواثق في طلبه وأخلف الله عليه أضعاف ما تركه الله كما حدث أبو الفرج علي بن حسين الأصفهاني في كتاب الأغاني بإسناد رفعه إلى أبي عثمان المازني قال كان سبب طلب الواثق لي إن مخارقا غناه في شعر الحارث بن خالد المخزوني
فلحنه قوم وصوبه آخرون فسال الواثق عمن بقي من رؤساء النحويين فذكرت له فأمر بحملي وإزاحة عللي فلما وصلت إليه قال لي ممن الرجل قلت من بني مازن قال من مازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة أم مازن اليمن قلت من مازن ربيعة قال لي باسمك ويريد ما اسمك وهي لغة كثيرة في قومنا فقلت على القياس اسمي بكر وذلك إن مازنا تقلب الميم باء والباء ميما، فقال له الواثق باسمك يعلمه معرفته بإبدال الميم باء في هذه اللغة فأجابه المازني اسمي بكر على القياس ولم يقل اسمي مكر كما تقول بنو مازن كراهة إن يواجه بالمكر فضحك وأعجبه ذلك وفطن لما قصدت إنني لم استجز إن أواجهه بالمكر وقال اجلس فاطبئن أي فاطمئن فجلست فسألني عن البيت فقلت صوابه إن مصابكم رجلا قال فأين خبر إن قلت ظلم في آخر البيت والبيت كله متعلق به لا معنى له حتى يتم بقوله ظلم فقال صدقت. وفي نزهة الألباء ثم أحضر التوزي وكان في دار الواثق وفي البغية قال المازني فاخذ التوزي في معارضتي فقلت هو بمنزلة قولك إن ضربك زيدا ظلم فرجلا مفعول مصابكم وظلم الخبر والدليل عليه إن الكلام معلق إلى إن تقول ظلم فيتم فقال التوزي حسبي وفهم واستحسنه الواثق قال أبو الفرج وقال أ لك ولد قلت بنية لا غير. وفي تاريخ بغداد قلت لا ولكن لي أخت بمنزلة الولد قال فما قالت لك حين ودعتها قلت أنشدتني قول الأعشى:
فقال الواثق كأني بك وقد قلت لها قول الأعشى أيضا:
فقلت صدق أمير المؤمنين قلت لها ذلك وزدتها قول جرير:
فقال ثق بالنجاح إن شاء الله تعالى. وفي نزهة الألباء قال المبرد قال
لي أبو عثمان لما قدمت من البصرة إلى سر من رأى دخلت على الخليفة فقال يا مازني من خلفت وراءك فقلت خلفت أخية أصغر مني أقيمها مقام الولد فقال ما قالت لك حين خرجت قلت طافت حولي وقالت وهي تبكي أقول لك يا أخي ما قالت بنت الأعشى لأبيها وهو تقول ابنتي الأبيات المتقدمة قال فما قلت لها قال قلت أقول لك يا أخية ما قال جرير لزوجته أم حرزة ثقي بالله البيت فقال لا جرم انك ستنجح وأمر له بثلاثين ألف درهم (انتهى) قال أبو الفرج فقال له الواثق إن هاهنا قوما يختلفون إلى أولادنا فامتحنهم فمن كان عالما ينتفع به ألزمناهم إياه ومن كان بغير هذه الصفة قطعناهم عنه قال فامتحنتهم فما وجدت فيهم طائلا وحذروا ناحيتي فقلت لا باس على أحد منكم فلما رجعت إليه قال كيف رأيتهم فقلت يفضل بعضهم بعضا في علوم ويفضل الباقون في غيرها وكل يحتاج إليه فقال الواثق أني خاطبت منهم رجلا فكان في نهاية الجهل في خطابه ونظره فقلت يا أمير المؤمنين أكثر من تقدم فهم بهذه الصفة وقد أنشدت فيهم:
فقال لي لله درك كيف لي بك فقلت يا أمير المؤمنين إن الغنم لفي قربك والأمن والفوز لديك والنظر إليك ولكني ألفت الوحدة وأنست بالانفراد ولي أهل يوحشني البعد عنهم ويضر بهم ذلك ومطالبة العبادة أشد من مطالبة الطباع فقال لي فلا تقطعنا وإن لم نطلبك فقلت السمع والطاعة فأمر لي بألف دينار وأجرى علي في كل شهر مائة دينار.
قال ابن خلكان قال المبرد فلما عاد إلى البصرة قال لي كيف رأيت يا أبا العباس رددنا لله مائة فعوضنا ألفا. قال أبو الفرج وزاد الزبيدي قال المازني وكنت بحضرته أي الواثق يوما فقلت لابن قادم وابن سعدان وقد كابرني كيف تقول نفقتك دينارا أصلح من درهم فقال دينار بالرفع قلت فكيف تقول ضربك زيدا خير لك فتنصب زيدا فطالبته بالفرق بينهما فانقطع وكان ابن السكيت حاضرا فقال الواثق سله عن مسالة فقلت له ما وزن نكتل من الفعل فقال نفعل فقال الواثق غلطت فقال لي فسره فقلت نكتل تقديره نفتعل وأصله نكتيل فانقلبت الياء ألفا لفتحة ما قبلها فصار لفظها نكتال فأسكنت اللام للجزم لأنه جواب الأمر فحذفت الألف لالتقاء الساكنين فقال الواثق هذا الجواب لا جوابك يا يعقوب فلما خرجنا قال لي يعقوب ما حملك على هذا وبيني وبينك المودة الخالصة فقلت والله ما قصدت تخطئتك ولم أظن أنه يعزب عنك ذلك وحدث الزبيدي قال: قال المازني حضرت يوما عند الواثق وعنده نحاة الكوفة فقال لي الواثق يا مازني هات مسالة فقلت ما تقولون في قوله تعالى وما كانت أمك بغيا لم يقل بغية وهي صفة لمؤنث فأجابوا بجوابات غير مرضية فقال الواثق هات ما عندك فقلت لو كانت بغي على تقدير فعيل بمعنى فاعلة لحقتها الهاء مثل كريمة وظريفة وإنما تحذف الهاء إذا كانت في معنى مفعولة نحو امرأة قتيل وكف خضيب وبغي هنا ليس بفعيل إنما هو فعول وفعول لا تلحقه الهاء في وصف التأنيث نحو امرأة شكور وبئر شطون إذا كانت بعيدة الرشاء وتقدير بغي بغوي قلبت الواو ياء ثم أدغمت في الياء فصارت ياء ثقيلة نحو سيد وميت فاستحسن الجواب قال المازني ثم انصرفت إلى البصرة فكان الوالي يجري علي المائة دينار في كل شهر حتى مات الواثق فقطعت عني. وفي نزهة الألباء أنه سئل عن ذلك بحضرة المتوكل.
خبره مع المتوكل
قال ثم ذكرت للمتوكل فأشخصني فلما دخلت إليه رأيت من العدد والسلاح والأتراك ما راعني والفتح بن خاقان بين يديه وخشيت إن سئلت عن مسالة إن لا أجيب فيها فلما مثلت بين يديه وسلمت قلت يا أمير المؤمنين أقول كما قال الإعرابي
قال أبو عثمان فلم يفهم عني ما أردت واستبردت فأخرجت والقلو رفع السير والدلو ادناؤه. وقال ابن الأنباري تفسير لا تقلواها لا تعنفا بها في السير يقال قلوت إذا سرت سيرا عنيفا ودلوت إذا سرت سيرا رفيقا ثم دعاني بعد ذلك فقال أنشدني أحسن مرثية قالتها العرب فأنشدته قول أبي ذؤيب:
#أمن المنون وريبها تتوجع وقصيدة متمم بن نويرة
#لعمري وما دهري بتأبين هالك وقول كعب الغنوي
#تقول سليمي ما لجسمك شاحبا وقصيدة محمد بن مناذر
#كل حي لاقى الحمام فمودي فكان كلما أنشدته قصيدة يقول ليست بشيء ثم قال من شاعركم اليوم بالبصرة قلت عبد الصمد بن المعذل قال فأنشدني له فأنشدته أبياتا قالها في قاضينا ابن رباح
قال فاستحسنها واستطار لها وأمر لي بجائزة قال فجعلت أتعمل له إن أحفظ أمثالها فأنشده إذا وصلت إليه فيصلني وكان المازني يفضل الواثق. (انتهى) ما أورده ياقوت من أخباره.
كثرة روايته
في نزهة الألباء كان أبو عثمان المازني مع علمه بالنحو كثير الرواية قال المازني حدثني رجل من بني ذهل بن ثعلبة قال شهدت شبيب بن شبة وهو يخطب إلى رجل من الإعراب بعض حرمه، وطول، وكان للأعرابي حاجة يخاف إن تفوته فاعترض الأعرابي على شبيب وقال له ما هذا إن الكلام ليس للمتكلم المكثر ولكن للمقل المصيب وأنا أقول الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين أما بعد فقد أدليت بقرابة وذكرت حقا وعظمت مرغبا فقولك مسموع وحبلك موصول وبذلك مقبول وقد زوجناك صاحبتك على اسم الله تعالى.
تشيعه
صرح بتشيعه ياقوت في معجم الأدباء فقال كان إماميا يرى رأي ابن ميثم كما مر أما قوله ويقول بالأرجاء فلعله من الافتراء فالإمامية تبرأ من المرجئة وفي لسان الميزان كان شيعيا إماميا على رأي ابن ميثم ويقول بالأرجاء (انتهى) ويدل على تشيعه ما رواه البيهقي في المحاسن والمساوي قال حدثنا أبو ناظرة البصري عن المازني قال بينا أنا قاعد في المسجد إذا صاحب بريد قد دخل وهو يسال عني ويقول أيكم المازني فأشار الناس إلي فقال أجب قلت ومن أجيب قال الخليفة فذعرت منه وكنت رجلا فاطميا فظننت إن اسمي رفع فيهم الحديث.
مشايخه
مر عن ابن حجر في تهذيب التهذيب أنه عده بمن روى عن الرضا عليه السلام كما مر أنه من غلمان إسماعيل بن ميثم التمار أي من تلاميذه وفي معجم الأدباء عن الخشني روى المازني عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري ومر قوله وأخذ عن الأخفش وقال حمزة لم يقرأ على الأخفش إنما قرأ على الجرمي ثم اختلف إلى الأخفش وقد برع (انتهى) وزاد في تاريخ بغداد أنه روى عن محبوب بن الحسن وفي لسان الميزان قرأ على الجرمي وناظر الأخفش (انتهى) وعن أبي العباس محمد بن يزيد المبرد إن بكر بن محمد المازني كان من غلمان إسماعيل بن ميثم إمام المتكلمين (انتهى).
تلاميذه
في معجم الأدباء عن الخشني قال إن المازني هو أستاذ المبرد وروى عنه الفضل بن محمد اليزيدي والمبرد وعبد الله بن أبي سعد الوراق (انتهى) وفي لسان الميزان روى عنه المبرد ولازمه وتحقق بصحبته وفي تاريخ بغداد زيادة على ذلك أنه ورد بغداد فاخذ عنه أهلها وروى عنه منهم الحارث بن أبي أسامة وموسى بن سهل الحرفي.
مؤلفاته
في معجم الأدباء قال محمد بن إسحاق وللمازني من الكتب
(1) كتاب في القرآن كبير
(2) علل النحو صغير
(3) تفاسير كتاب سيبويه
(4) ما يلحق فيه العامة
(5) كتاب الألف واللام
(6) التصريف
(7) العروض
(8) القوافي
(9) الديباج في جوامع كتاب سيبويه (انتهى)
(10) التعليق ذكره النجاشي فيما تقدم. قال ياقوت وتصانيف المازني كلها لطاف فإنه كان يقول من أراد إن يصنف كتابا كبيرا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستح ويخرق هذا كتاب سيبويه في كمه عدة نوب (انتهى).
أشعاره
في معجم الأدباء للمازني شعر قليل منه ما ذكره المرزباني:
وحدث المبرد قال عزى المازني بعض الهاشميين ونحن معه فقال:

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 594

المازني بكر بن محمد بن عثمان - وقيل بقية، وقيل عدي - بن حبيب المازني البصري النحوي؛ كان إمام عصره في النحو والآداب. أخذ الأدب عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري وغيرهم، وأخذ عنه المبرد، وكان المبرد يقول: ما بعد سيبويه أعلم بالنحو من المازني. وله عنه روايات كثيرة. وله من التصانيف: كتاب ما تلحن فيه العامة، وكتاب الألف واللام، وكتاب التصريف، وكتاب العروض، وكتاب القوافي، وكتاب الديباج على خلاف كتاب أبي عبيدة، قال أبو جعفر الطحاوي المصري: سمعت القاضي بكار بن قتيبة قاضي مصر يقول: ما رأيت نحويا قط يشبه الفقهاء إلا حيان بن هرمة والمازني المذكور. قلت: لم يكن القاضي بكار قد عاصر أبا الفتح ابن جني ولا أبا علي الفارسي ولا ابن عصفور. وكان المازني في غاية الورع، قصده بعض أهل الذمة ليقرأ عليه كتاب سيبويه، وبذل له مائة دينار في تدريسه إياه فامتنع، فقال له المبرد: جعلت فداءك، أترد هذه المنفعة مع فاقتك وشدة إضاقتك. فقال: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاث مائة وكذا وكذا آية من كتاب الله عز وجل، ولست أرى أن أمكن منها ذميا غيرة على كتاب الله وحمية له؛ قال المبرد: فاتفق أن غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجي:

قلت: كذا أورده العرجي، وقال آخرون وهو الصحيح، إنه للحارث ابن خالد المخزومي من أبيات أولها:
وبعد البيت المذكور:
عاد القول إلى كلام المبرد: فاختلف من بالحضرة في إعراب رجل، فمنهم من نصبه وجعله اسم أن، ومنهم من رفعه على أنه خبرها، والجارية مصرة على أن شيخها أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بإشخاصه. قال أبو عثمان: فلما مثلت بين يديه، قال: ممن الرجل؟ فقلت: من مازن، قال: أي الموازن؟ أمازن تميم، أم مازن قيس، أم مازن ربيعة؟ قلت: من مازن ربيعة؛ فكلمني بكلام قومي وقال: با اسبك؟ لأنهم يقلبون الميم باء والباء ميما، فكرهت أن أجيبه على لغة قومي لئلا أواجهه بالمكر. فقلت: بكر يا أمير المؤمنين، ففطن لما قصدته، وتعجب منه، ثم قال: ما تقول في قول الشاعر: أظلوم إن مصابكم رجلا. أترفع رجلا أم تنصبه؟ فقلت: بل الوجه النصب يا أمير المؤمنين فقال: ولم ذاك؟ قلت: إن مصابكم مصدر بمعنى إصابتكم، فأخذ اليزيدي في معارضتي، قلت: هو بمنزلة قولك إن ضربك زيدا ظلم، فالرجل مفعول مصابكم وهو منصوب به، والدليل عليه، أن الكلام معلق إلى أن تقول ظلم فيتم. فاستحسنه الواثق، وقال: هل لك من ولد؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، بنية، قال: ما قالت لك عند مسيرك؟ قلت: أنشدت قول الأعشى:
قال: فما قلت لها؟ قلت: قول جرير:
قال: علي النجاح إن شاء الله تعالى. ثم أمر لي بألف دينار، وردني مكرما. قال المبرد: فلما عاد إلى البصرة، قال لي: كيف رأيت يا أبا العباس، رددنا لله مائة فعوضنا ألفا. وروى المبرد عنه أيضا، قال: قرأ علي رجل كتاب سيبويه في مدة طويلة، فلما بلغ آخره، قال لي: أما أنت فجزاك الله خيرا، وأما أنا فما فهمت منه حرفا. وقال الزبيدي، قال المازني: كنت بحضرة الواثق يوما، فقلت لابن قادم، وابن سعدان قد كابرني: كيف تقول نفقتك دينارا أصلح من درهم؟ فقال دينار بالرفع، قلت: فكيف تقول ضربك زيدا خير لك، فتنصب زيدا؟ وطالبته بالفرق بينهما فانقطع. وكان ابن السكيت حاضرا، فقال الواثق: سله عن مسألة، فقلت له: ما وزن نكتل من الفعل؟ فقال: نفعل، فقال الواثق: غلطت. ثم قال لي: فسره، فقلت: نكتل، تقديره نفتعل وأصله نكتيل فانقلبت الياء ألفا لفتحة ما قبلها فصار لفظها نكتال فأسكنت اللام للجزم لأنه جواب الأمر فحذفت الألف لالتقاء الساكنين. فقال الواثق: هذا الجواب لا جوابك يا يعقوب. فلما خرجنا قال لي ابن السكيت: ما حملك على هذا بيني وبينك المودة الخالصة؟ فقلت: والله ما أردت تخطئتك ولم أظن أنه يغرب عنك. وقال المبرد: سألت المازني عن قول الأعشى:
فقال: نصب النهار على تقدير هذا الصدود بدا لها النهار واليوم والليلة، والعرب تقول زال وأزال بمعنى فيقول زال الله زوالها. وحدث الزبيدي أيضا قال: وقال المازني: وحضرت يوما أيضا عند الواثق، فقال يا مازني هات مسألة، وكان عنده نحاة الكوفة، فقلت: ما تقولون في قوله تعالى {وما كانت أمك بغيا} لم لم يقل بغية وهي صفة لمؤنث؟ فأجابوا بجوابات غير مرضية، فقال الواثق: هات ما عندك، فقلت: لو كانت بغي على تقدير فعيل بمعنى فاعلة لحقتها الهاء مثل كريمة وظريفة؛ وإنما تحذف الهاء إذا كانت في معنى مفعولة نحو المرأة قتيل والكف خضيب؛ وبغي ههنا ليس بفعيل إنما هو فعول، وفعول لا تلحقه الهاء في وصف التأنيث، نحو امرأة شكور وبئر شطون إذا كانت بعيدة الرشاء؛ وتقدير بغي بغوي، قلبت الواو ياء ثم أدغمت في الياء فصارت ياء ثقيلة، نحو سيد وميت. فاستحسن الجواب. وساق ياقوت في معجم الأدباء للمازني من هذا الضرب كثيرا في ترجمته، والاقتصار على هذا أولى. وقال المازني: مررت ببني عقيل، فإذا رجل أسود قصير أعور أبرص أكشف قائم على تل سماد وهو يملأ جواليق معه من ذلك السماد وهو يغني بأعلى صوته:
فقلت: صدقت والله، متى تجد ويحها مثلك، فقال: بارك الله عليك وأسمعك خيرا، ثم اندفع ينشد:
وللمازني شعر قليل ذكره المرزباني، منه:
وقال الجماز يهجو المازني:
واختلف في تاريخ وفاته، فقيل سنة تسع أو ثمان وأربعين ومائتين، وقيل سنة ثلاثين ومائتين، والله أعلم.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 10- ص: 0

المازني النحوي اسمه بكر بن محمد.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 25- ص: 0

المازني النحوي بكر بن محمد.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 25- ص: 0

بكر بن محمد بن بقية المازني أبو عثمان النحوي وقيل هو بكر بن محمد بن عدي بن حبيب، أحد بني مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
قال الزبيدي، قال الخشني: المازني مولى بني سدوس نزل في بني مازن بن شيبان فنسب إليهم.
وهو من أهل البصرة، وهو أستاذ المبرد، روى عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، وروى عنه الفضل بن محمد اليزيدي والمبرد وعبد الله بن أبي سعد الوراق.
وكان إماميا يرى رأي ابن ميثم ويقول بالإرجاء، وكان لا يناظره أحد إلا قطعه لقدرته على الكلام، وكان المبرد يقول: لم يكن بعد سيبويه أعلم من أبي عثمان
بالنحو، وقد ناظر الأخفش في أشياء كثيرة فقطعه، وهو أخذ عن الأخفش، وقال حمزة: لم يقرأ على الأخفش، إنما قرأ على الجرمي، ثم اختلف إلى الأخفش وقد برع، وكان يناظره ويقدمه الأخفش وهو حي. وكان أبو عبيدة يسميه بالتدرج والنقار.
مات أبو عثمان فيما ذكره الخطيب في سنة تسع وأربعين ومائتين أو ثمان وأربعين ومائتين وذكر ابن واضح أنه مات سنة ثلاثين ومائتين.
حدث المبرد عن المازني قال: كنت عند أبي عبيدة فسأله رجل فقال له: كيف تقول عنيت بالأمر، قال: كما قلت «عنيت بالأمر» قال: فكيف الأمر منه؟ قال:
فغلط وقال اعن بالأمر، فأومأت إلى الرجل ليس كما قال، فرآني أبو عبيدة فأمهلني قليلا فقال: ما تصنع عندي؟ قلت: ما يصنع غيري، قال: لست كغيرك، لا تجلس إلي، قلت: ولم؟ قال: لأني رأيتك مع إنسان خوزي سرق مني قطيفة، قال: فانصرفت وتحملت عليه بأخوانه، فلما جئته قال لي: أدب نفسك أولا ثم تعلم الأدب.
قال المبرد: الأمر من هذا باللام لا يجوز غيره لأنك تأمر غير من بحضرتك كأنه ليفعل هذا.
وقال الجماز يهجو المازني:
كادني المازني عند أبي العباس والفضل ما علمت كريم

وحدث المبرد قال: عزى المازني بعض الهاشميين ونحن معه فقال:
وقد روي عن المبرد أن يهوديا بذل للمازني مائة دينار ليقرئه «كتاب سيبويه» فامتنع من ذلك، فقيل له: لم امتنعت مع حاجتك وعائلتك؟ فقال: إن في «كتاب سيبويه» كذا وكذا آية من كتاب الله، فكرهت أن أقرئ كتاب الله للذمة، فلم يمض على ذلك إلا مديدة حتى أرسل الواثق في طلبه وأخلف الله عليه أضعاف ما تركه لله، كما حدث أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني في «كتاب الأغاني» بإسناد رفعه الى أبي عثمان المازني قال: كان سبب طلب الواثق لي أن مخارقا غناه في شعر الحارث بن خالد المخزومي:
فلحنه قوم وصوبه آخرون، فسأل الواثق عمن بقي من رؤساء النحويين فذكرت له، فأمر بحملي وإزاحة عللي. فلما وصلت إليه قال لي: ممن الرجل؟ قلت: من بني مازن، قال: من مازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة أم مازن اليمن؟ قلت:
من مازن ربيعة، قال لي: با اسمك- يريد ما اسمك، وهي لغة كثيرة في قومنا، فقلت على القياس: اسمي مكر- وفي رواية فقلت: اسمي بكر- فضحك وأعجبه ذلك، وفطن لما قصدت أنني لم أستجرئ أن أواجهه بالمكر وضحك، وقال:
اجلس فاطبئن أي فاطمئن، فجلست فسألني عن البيت فقلت: صوابه إن مصابكم رجلا، قال: فأين خبر إن؟ قلت: ظلم، وهو الحرف في آخر البيت، والبيت كله متعلق به لا معنى له حتى يتم بقوله ظلم، ألا ترى أنه لو قال أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية فكأنه لم يفد شيئا حتى يقول ظلم، ولو قال أظليم إن مصابكم رجل أهدى السلام تحية لما احتاج إلى ظلم ولا كان له معنى إلا أن تجعل التحية بالسلام ظلما، وذلك محال، ويجب حينئذ أظليم إن مصابكم رجل أهدى السلام تحية ظلما ولا معنى لذلك، ولا هو لو كان له وجه مراد الشاعر فقال: صدقت، ألك ولد؟ قلت:
بنية لا غير، قال: فما قالت لك حين ودعتها؟ قلت: أنشدتني قول الأعشى:
فقال الواثق: كأني بك وقد قلت لها قول الأعشى أيضا:
فقلت: صدق أمير المؤمنين، قلت لها ذلك وزدتها قول جرير:
فقال: ثق بالنجاح إن شاء الله تعالى، إن ها هنا قوما يختلفون إلى أولادنا فامتحنهم، فمن كان عالما ينتفع به ألزمناهم إياه، ومن كان بغير هذه الصفة قطعناه عنهم، قال: فامتحنتهم فما وجدت فيهم طائلا، وحذروا ناحيتي، فقلت: لا بأس على أحد منكم، فلما رجعت إليه قال: كيف رأيتهم؟ فقلت: يفضل بعضهم بعضا في علوم ويفضل الباقون في غيرها وكل يحتاج إليه، فقال الواثق: إني خاطبت منهم رجلا فكان في نهاية الجهل في خطابه ونظره، فقلت: يا أمير المؤمنين أكثر من تقدم فهم بهذه الصفة، وقد أنشدت فيهم:
قال فقال لي: لله درك كيف لي بك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ان الغنم لفي قربك والأمن والفوز لديك والنظر إليك، ولكني ألفت الوحدة وأنست بالانفراد، ولي أهل يوحشني البعد عنهم ويضر بهم ذلك، ومطالبة العادة أشد من مطالبة الطباع، فقال لي: فلا تقطعنا وان لم نطلبك، فقلت: السمع والطاعة، وأمر لي بألف دينار (وفي رواية بخمسمائة دينار) وأجرى علي في كل شهر مائة دينار.
وزاد الزبيدي قال: وكنت بحضرته يوما فقلت لابن قادم أو ابن سعدان وقد كابرني: كيف تقول نفقتك دينارا أصلح من درهم فقال: دينار بالرفع، قلت: فكيف تقول ضربك زيدا خير لك فنصب زيدا، فطالبته بالفرق بينهما فانقطع، وكان ابن السكيت حاضرا فقال الواثق سله عن مسألة، فقلت له: ما وزن نكتل من الفعل؟
فقال: نفعل، فقال الواثق، غلطت، ثم قال لي: فسره، فقلت: نكتل تقديره نفتعل، وأصله نكتيل فانقلبت الياء ألفا لفتحة ما قبلها فصار لفظها نكتال، فأسكنت اللام للجزم لأنه جواب الأمر، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فقال الواثق: هذا الجواب لا جوابك يا يعقوب. فلما خرجنا قال لي يعقوب: ما حملك على هذا وبيني وبينك المودة الخالصة؟ فقلت: والله ما قصدت تخطئتك ولم أظن أنه يعزب عنك ذلك؛ ولهذا البيت قصة أخرى في أخبار ابن السكيت.
قال المبرد: سألت المازني عن قول الأعشى:
فقال: نصب النهار على تقدير هذا الصدود بدا لها النهار واليوم والليلة، والعرب تقول زال وأزال بمعنى، فتقول زال زوالها.
وحدث الزبيدي قال، قال المازني: وحضرت يوما عند الواثق، وعنده نحاة الكوفة، فقال لي الواثق: يا مازني هات مسألة، فقلت: ما تقولون في قوله تعالى {وما كانت أمك بغيا} لم لم يقل بغية وهي صفة لمؤنث؟ فأجابوا بجوابات غير مرضية، فقال الواثق: هات ما عندك، فقلت: لو كانت بغي على تقدير فعيل بمعنى فاعلة لحقتها الهاء مثل كريمة وظريفة، وإنما تحذف الهاء إذا كانت في معنى مفعولة، نحو المرأة قتيل وكف خضيب، وبغي ها هنا ليس بفعيل إنما هو فعول، وفعول لا تلحقه الهاء في وصف التأنيث، نحو امرأة شكور وبئر شطون إذا كانت بعيدة الرشاء، وتقدير بغي بغوي قلبت الواو ياء ثم ادغمت في الياء فصارت ياء
ثقيلة نحو سيد وميت، فاستحسن الجواب.
قال المازني: ثم انصرفت إلى البصرة فكان الوالي يجري علي المائة دينار في كل شهر حتى مات الواثق فقطعت عني. ثم ذكرت للمتوكل فأشخصني، فلما دخلت إليه رأيت من العدد والسلاح والأتراك ما راعني، والفتح بن خاقان بين يديه، وخشيت أن سئلت عن مسألة ألا أجيب فيها. فلما مثلت بين يديه وسلمت قلت: يا أمير المؤمنين أقول كما قال الأعرابي:
قال أبو عثمان: فلم يفهم عني ما أردت واستبردت فأخرجت (والقلو: أرفع السير، والدلو أدناه) ثم دعاني بعد ذلك فقال: أنشدني أحسن مرثية للعرب فأنشدته قول أبي ذؤيب:
أمن المنون وريبها تتوجع
وقصيدة متمم بن نويرة:
لعمري وما دهري بتأبين هالك
وقول كعب الغنوي:
تقول سليمى ما بجسمك شاحبا
وقصيدة محمد بن مناذر:
كل حي لاقي الحمام فمودي
فكان كلما أنشدته قصيدة يقول: ليست بشيء، ثم قال: من شاعركم اليوم بالبصرة؟ قلت: عبد الصمد بن المعذل، قال: فأنشدني له، فأنشدته أبياتا قالها في قاضينا ابن رياح:
قال: فاستحسنها واستطار لها وأمر لي بجائزة؛ قال فكنت أتعمل له أن أحفظ أمثالها فأنشده إذا وصلت إليه فيصلني، وكان المازني يفضل الواثق.
وللمازني شعر قليل منه ذكره المرزباني:
ولما مات المازني اجتازت جنازته على أبي الفضل الرياشي فقال متمثلا:
قال محمد بن إسحاق: وللمازني من الكتب: كتاب في القرآن كبير. كتاب علل النحو صغير. كتاب تفاسير كتاب سيبويه. كتاب ما يلحن فيه العامة. كتاب الألف واللام. كتاب التصريف. كتاب العروض. كتاب القوافي. كتاب الديباج في جوامع كتاب سيبويه.
قرأت بخط الازهري أبي منصور في كتاب «نظم الجمان» تصنيف المنذري قال: سئل المازني عن أهل العلم فقال: أصحاب القرآن فيهم تخليط وضعف، وأهل الحديث فيهم حشو ورقاعة، والشعراء فيهم هوج، وأصحاب النحو فيهم ثقل، وفي رواية الأخبار الظرف كله، والعلم هو الفقه.
وتصانيف المازني كلها لطاف، فإنه كان يقول: من أراد أن يصنف كتابا كبيرا في النحو بعد «كتاب سيبويه» فليستح. وتخرق كتاب سيبويه في كمه عدة نوب.
حدث محمد بن رستم الطبري قال، أنبأنا ابو عثمان المازني قال: كنت عند
سعيد بن مسعدة الأخفش انا وأبو الفضل الرياشي، فقال الأخفش: إن «منذ» إذا رفع بها فهي اسم مبتدأ وما بعدها خبرها كقولك ما رأيته منذ يومان، فإذا خفض بها فهي حرف معنى ليس باسم كقولك ما رأيته منذ اليوم، فقال له الرياشي: فلم لا تكون في الموضعين اسما، فقد نرى الأسماء تخفض وتنصب كقولك هذا ضارب زيدا غدا وضارب زيد أمس، فلم لا تكون بهذه المنزلة؟ فلم يأت الأخفش بمقنع. قال أبو عثمان: فقلت له لا تشبه «منذ» ما ذكرت، لأنا لم نر الأسماء هكذا تلزم موضعا إلا إذا ضارعت حروف المعاني، نحو أين وكيف، فكذلك «منذ» هي مضارعة لحروف المعاني فلزمت موضعا واحدا؛ قال الطبري، فقال ابن أبي زرعة للمازني: أفرأيت حروف المعاني تعمل عملين مختلفين متضادين؟ قال: نعم كقولك قام القوم حاشا زيد وحاشا زيدا، وعلى زيد ثوب وعلا زيد الفرس، فتكون مرة حرفا ومرة فعلا بلفظ واحد.
وحدث المبرد قال: سمعت المازني يقول معنى قولهم «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» أي إذا صنعت ما لا يستحى من مثله فاصنع منه ما شئت وليس على ما يذهب العوام إليه، قلت: وهذا تأويل حسن جدا.
قال أبو القاسم الزجاجي، أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن رستم الطبري قال: حضرت مجلس ابي عثمان المازني وقد قيل له: لم قلت روايتك عن الأصمعي؟ قال: رميت عنده بالقدر والميل إلى مذاهب أهل الاعتزال، فجئته يوما وهو في مجلسه فقال لي: ما تقول في قول الله عز وجل {إنا كل شيء خلقناه بقدر} قلت: سيبويه يذهب إلى أن الرفع فيه أقوى من النصب في العربية لاستعمال الفعل المضمر، وأنه ليس ها هنا شيء هو بالفعل أولى، ولكن أبت عامة القراء الا النصب، ونحن نقرؤها كذلك اتباعا لأن القراءة سنة، فقال لي: فما الفرق بين الرفع والنصب في المعنى؟ فعلمت مراده فخشيت أن يغري بي العامة، فقلت: الرفع بالابتداء والنصب باضمار فعل وتعاميت عليه، فقال: حدثني جماعة من أصحابنا أن الفرزدق قال يوما لأصحابه: قوموا بنا إلى مجلس الحسن البصري، فإني أريد أن أطلق النوار وأشهده على نفسي، فقالوا له: لا تفعل فلعل نفسك تتبعها وتندم، فقال: لا بد من ذلك، فمضوا معه، فلما وقف على الحسن قال له: يا أبا سعيد تعلمن ان النوار طالق ثلاثا، قال: قد سمعت فتتبعتها نفسه بعد ذلك وندم وأنشأ يقول:
ثم قال: والعرب تقول: لو خيرت لاخترت، تحيل على القدر، وينشدون:
ثم أطبق نعليه وقال: نعم القناع للقدري، فأقللت غشيانه بعد ذلك.
قال المبرد حدثني المازني قال: مررت ببني عقيل فإذا رجل أسود قصير أعور أبرص أكشف قائم على تل سماد، وهو يملأ جواليق معه من ذلك السماد، وهو يغني بأعلى صوته:
فقلت: صدقت والله، ومتى تجد ويحها مثلك؟! فقال: بارك الله عليك، وسهل خيرا، ثم اندفع ينشد:
مثلك موجود ومثلي غالي

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 2- ص: 765

المازني إمام العربية، أبو عثمان، بكر بن محمد بن عدي البصري، صاحب ’’التصريف’’ والتصانيف.
أخذ عن: أبي عبيدة، والأصمعي.
روى عنه: الحارث بن أبي أسامة، وموسى بن سهل الجوني، ومحمد بن يزيد المبرد، ولازمه، واختص به، وقد دخل المازني على الواثق بالله، فوصله بمال جزيل.
قال المبرد: لم يكن أحد بعد سيبويه أعلم بالنحو من المازني، قال: وذكر لنا المازني: أن رجلا قرأ عليه ’’كتاب سيبويه’’ في مدة طويلة فلما بلغ آخره، قال: أما إني ما فهمت منه حرفا، وأما أنت فجزاك الله خيرا.
وقال المازني: قرأت القرآن على يعقوب، فلما ختمت، رمى إلي بخاتمه، وقال: خذه، ليس لك مثل.
وقيل: كان المازني ذا ورع ودين، بلغنا أن يهوديا حصل النحو، فجاء ليقرأ على المازني ’’كتاب سيبويه’’، فبذل له مائة دينار، فامتنع، وقال: هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة آية ونيف، فلا أمكن منها ذميا.
قال القاضي بكار بن قتيبة: ما رأيت نحويا يشبه الفقهاء إلا حبان بن هلال والمازني.
وقال المبرد: كان المازني إذا ناظر أهل الكلام، لم يستعن بالنحو، وإذا ناظر النحاة، لم يستعن بالكلام.
وعن المازني قال: قلت لابن السكيت: ما وزن ’’نكتل’’؟ قال: ’’نفعل’’. قلت: اتئد. ففكر، وقال: ’’نفتعل’’. قلت: فهذه خمسة أحرف. فسكت فقال المتوكل: ما وزنها؟ قلت: وزنها في الأصل ’’نفتعل’’؛ لأنها ’’نكتيل’’، فتحرك حرف العلة، وانفتح ما قبله، فقلب ألفا، فصار نكتال، فحذفت ألفه للجزم، فبقي ’’نكتل’’.
مات المازني: سنة سبع -أو ثمان- وأربعين ومائتين.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 10- ص: 7

بكر بن محمد بن بقية.
وقيل: ابن عدي بن حبيب، أبو عثمان المازني النحوي.
روى عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري له كتاب التصريف، وكتاب ’’الديباج’’ توفي سنة 247

  • جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 11

  • دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 93

بكر بن محمد بن بقية المازنيّ، أبو عثمان.
كان مولى بني مازن فنسب إليهم، وهو من البصرة. روى عن أبي عبيدة والأصمعيّ، روى عنه أبو محمد اليزيديّ والمبرّد. وكان إماميّا يقول بالإرجاء، ولم يناظر أحدا إلاّ قطعه، لقدرته على الكلام.
قال المبرّد: لم يكن بعد سيبويه أعلم من المازنيّ بالنحو.
وطلبه الواثق ليعلّم أولاده، فاستعفاه، فقال له: ترغب عنّا؟ فقال: إنّ النعيم لفي قربك يا أمير المؤمنين، والأمن والفوز لديك، والنظر إليك، ولكنّي ألفت الوحدة، وأنست بالانفراد، ولي أهل يوحشني البعد عنهم، ويضرّ بهم ذلك، ومطالبة العادة أشدّ من مطالبة الطّباع، فأمر له بألف دينار.
قال محمد بن إسحاق: وللمازنيّ من الكتب: كتاب في القرآن، وكتاب في النّحو، وكتاب في التفاسير، وكتاب تفسير «سيبويه»، وكتاب ما يلحن فيه العامة، وكتاب الألف واللام، وكتاب التصريف، وكتاب العروض، وكتاب القوافي، وكتاب الدّيباج، وكتاب جوامع كتاب سيبويه.
وسئل المازنيّ عن أهل العلم فقال: أهل القرآن، وفيهم تخليط وضعف، وأهل الحديث، وفيهم حشو ورقاعة، والشعراء، وفيهم هوج، وأصحاب النّحو، وفيهم ثقل، ورواة الأخبار، وفيهم ظرف، والعلم: الفقه.
ومات المازنيّ في سنة ثمان وأربعين ومائتين.

  • دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 313