الحاج ملا باقر بن عبد الكريم الدهدشتي البهبهاني الكتبي النجفي
صالح ورع تقي محدث متتبع، كان يتجر ببيع الكتب بالنجف الأشرف في الصحن الشريف العلوي وهو والد الحاج علي محمد الكتبي الذي عاصرناه في النجف جمع المترجم كتابا مما عنده من الكتب المتنوعة أسماه الدمعة الساكبة فرع منه في ذي القعدة سنة 1279 في النجف الأشرف وهو في أحوال النبي صلى الله عليه وسلم والزهراء والأئمة الأحد عشر عدا صاحب الزمان عليه السلام كبير طبعه ولده الحاج علي محمد الكتبي بعد وفاته ثم طبع مرة أخرى، وله كتاب الغيبة الصغرى أفرده في أحوال صاحب الزمان لم يطبع وقد قرظ الدمعة علماء ذلك العصر وأدباؤه بعدة تقاريظ منثورة ومنظومة فمنها تقريظ وتاريخ الشيخ إبراهيم بن الشيخ صادق العاملي قال فيه وبعد فيقول العبد الفقير إلى الله الغني إبراهيم ابن المرحوم الشيخ صادق العاملي أني لما فرقت حواسي الخمس في ست جهات هذا التأليف وأطلقت أعنة أفكاري الخمس في حلبات هذا الكتاب الشريف وجدته أهلا لأن أوجه إليه لسان المديح واعلق عليه جمان الثناء المليح فأنشأت هذه الأبيات متقربا بنظمها إلى فاطر الأرض والسماوات ومنه سبحانه وتعالى استمد التوفيق للأعمال الصالحات في جميع الحالات
هذا كتاب أشرقت للهدى | في الأفق منه أنجم ثاقبه |
تغبطه الكتب جميعا كما | قد غبطت كتابها كاتبه |
ألفه باقر علم رقى | من كل طود للعلى غاربه |
أطري به فضل الهدأة الألى | ذكر علاهم طاعة واجبه |
وبث ما ساق الأعادي لهم | من محن نائبة نائبه |
وربما أوما للقدح في | أئمة الغي من الناصبه |
مؤلف أسطر أوراقه | أمست لإبراد الأسى ساحبه |
وفي نواحي الأرض قد أصبحت | نائحة ناعية ناحبه |
وفي خطوب الآل أضحت على | منابر الدنيا هي الخاطبه |
ولم يقم مأتم حزن لهم | إلا وقد كانت هي النادبه |
تبكي وتبكي الناس طرا دما | منهمعا كالمزن الصائبة |
وأدمعا صعدها لاعج | من كبد مقروحة ذائبه |
من أجل هذا يوم تاريخه | قد وسمت بالدمعة الساكبة |
لله أي مؤلف | قد حاز من غرر المناقب |
وأبان من سبل الهدى | ما للعداة من المثالب |
فكأنه فرقان أحمـ | ـد جامع جم المطالب |
ما ذرة عنه ولا | مثقال ذرة عنه عاذب |
فكأنه الشمس المنيـ | ـرة في المشارق والمغارب |
أو أنه بدر به | يهدي الذي في الليل سارب |
أو روضة غناء منـ | ـها يجتنى زهر الرغائب |
هي جنة الأخبار ما | فيها سوى حور كواعب |
ومناقب لو شامها | رب العناد لجاء تائب |
رغمت بها آناف كل | معاند لهم محارب |
وغد بنهج ضلاله | عن منهج الإرشادهم ناكب |
هي دمعة سكبت لما | نال الميأمين الأطائب |
من آل فاطمة الأولى | حاسوا الكتائب بالكتائب |
في الذكر ذكرهم أتى | سل هل أتى عنهم تجاوب |
هذي مصائبهم لقد | ألفتها بعد المناقب |
تاريخها جاء دمعة | سكبت لإملاء المصايب |
لله أي كواكب الإشراق | برزت بغرة هذه الأوراق |
وشموس معرفة تجلى نورها | فجلا السرار بومضه البراق |
وكنوز رشد لا يضل أليفها | يزداد ما فيهن بالإنفاق |
وعرائس برزت بآية حلة | زفت لطالبها بغير صداق |
جمعت لآل الله أي مناقب | أضحت لعين القلب كالأحداق |
ماء الحياة يفيض من صفحاتها | يروي غليل الواله المشتاق |
مدت لإطناب المعارف والهدى | في هامة الجوزاء أي رواق |
ومثالب ترمي العدو صواعقا | عن ثاقب أغنت وعن أحقاق |
حجج تذيق الخصم مر ذعافها | أصبحن في الأعناق كالأطواق |
فلكم رقى فيها مؤلفها من الـ | ـعليا مقاما لم ينله راقي |
ولكم بمضمار الهداية قد حوى | قصب السباق بسابح سباق |
ومكارما شهدت صريحا أنه | فرع النجابة طيب الأعراق |
فحباه رب العرش من آلائه | وسقاه بالكاس الإمام الساقي |
وأصاب في أقصى الرشاد مؤرخ | هي دمعة سكبت من الآماق |
لله درك جامعا لمناقب | كشفت لليل الجهل ثوب ظلام |
لم تولها جمعا لحصر عدادها | أنى وقد بعدت عن الأوهام |
لكن دعاك لذاك صدق ولائها | من عالم الأصلاب والأرحام |
لم ترض قلبك واللسان شهوده | حتى أقمت شهادة الأقلام |
صنت شعري عن هوى خد مورد | وعشيق يتثنى مائس القد |
لا ولا غازل فكري غزل | بغزال ساحر الالحاظ أغيد |
كل وصل جاء هجر بعده | أسفا في مثله شعر يخلد |
إنما اتبعت فكري واصفا | رتبة من دونها نسر وفرقد |
حل فيها باقر العلم ومن | بكمال الخلق والخلق تفرد |
طالما طالب من أهل الكسا | جمع أخبارهم حتى تأيد |
كل ما عنهم وفيهم ولهم | من حسان ومراسيل ومسند |
في الرزايا والمزايا والعطا | وصفات لهم جازت عن الحد |
وجلايا مكرمات في الورى | وكرامات لهم بالفضل تشهد |
وكروب وحروب وخطوب | وسحايا لست تحصيها بعد |
جمع الكل بتأليف غدا | نظمه بالحسن والنثر تفرد |
ولعمري أنه في جمعه | ومعاليه بهذا العصر أوحد |
ولقد قلد جيد العلما | بدرار خلتها نورا تجسد |
أيد الدين بما جاء به | سيد الإسلام لا زال مؤيد |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 535