الأمير أمين بن الأمير مصطفى الحرفوشي الخزاعي البعلبكي
توفي في بيروت سنة 1257.
(وآل الحرفوش) مر الكلام عليهم في ج5 ويأتي شيء عنهم في جواد بن سلمان ج14. والأمير أمين هذا كان مهابا مطاعا فاتكا شجاعا ولي إمارة بعلبك بعد وفاة أخيه الأمير جهجاه نحوا من 22 سنة فوليها حوالي سنة 1225 1810 م إلى سنة 1247 ه 1831 م وفي تاريخ بعلبك أنه في سنة 1819 م 1235 ه كتب نائب دمشق إلى الأمير أمين في طرد مشايخ الكندية من بلاده فهرب هؤلاء وذكر الأمير حيدر الشهابي هذه الواقعة في تاريخه بوجه أتم فقال: في هذه السنة أي سنة 1235 خرج سليمان باشا العظم والي دمشق إلى الحج ولما كان في المزيريب أرسل عبد الله باشا الخزندار والي صيدا يطلب منه طرد المشايخ النازحين من جبل لبنان فأمر بطردهم من تلك الديار فاتوا إلى قرية معذر في شرقي البقاع وأقاموا مدة يسيرة فأرسل عبد الله باشا يلتمس منه إن يطردهم من جميع أيالته فأمر الأمير فندي صاحب راشيا إن يسير بعسكر إلى طردهم من هناك وكتب إلى الأمير أمين الحرفوشي إن يلاقيه من الجهة الأخرى ولما بلغهم قدوم العساكر إليهم من وادي التيم وبلاد بعلبك فروا هاربين ونزلوا في قارة والنبك ونواحي المشرق. وفي تاريخ بعلبك في سنة 1820 م 1236ه سولت للأمير نصوح بن الأمير جهجاه نفسه الخروج على عمه أمين فاستنجد الأمير بشير على طرد عمه من بعلبك فأنجده بعسكر يرأسه الأمير ملحم بن حيدر الشهابي فلما علم أمين بذلك فر مع أخيه سلطان إلى الهرمل وعند وصول العسكر المذكور إلى بعلبك وافاه الأمير نصوح وخرج معه لطرد عميه من الهرمل ففر الأميران عندما علما بذلك ورجع الأمير ملحم إلى بلاده وأعاد الأمير أمين الكرة على بعلبك ففر الأمير نصوح إلى زحلة. ولكن الأمير حيدر ذكر في تاريخه هذه الحادثة بوجه يغاير ذلك فقال في حوادث سنة 1236 أنه كان قد تظاهر الأمير سلطان الحرفوشي وأخوه الأمير أمين والشيخ حمود حمادة بالعصيان تعصبا منهم للمشائخ الحمادية فانعطف عسكر الأمير بشير وعليهم الأمير ملحم الشهابي إلى الهرمل لأجل طردهم من هناك وكان على ولاية بعلبك الأمير نصوح الحرفوشي وكان بينه وبين الأمير سلطان تنازع على الولاية فلما وصل الأمير ملحم بأصحابه إلى بعلبك التقاه الأمير نصوح وسار معه إلى الهرمل وقبل وصولهم هرب الأمير سلطان والأمير أمين إلى بلاد عكار (انتهى) ثم قال صاحب تاريخ بعلبك بعد كلامه السابق: وفي هذه السنة بينما كان الأمير أمين في قرية بدنايل دهمه الأمير نصوح بأهل زحلة فانهزم الأمير أمين وانقلب إلى بعلبك وإذ رأى نصوح إن معاندة عمه لا تجديه نفعا وإن أهل البلاد لا تميل إليه لأن عمه أحق منه بالحكم أتاه تائبا فطيب الأمير أمين خاطره ولكنه طوى قلبه على الضغينة وبينما كان الأمير نصوح نائما في قرية مجدلون أوغر الأمير أمين إلى درزي عنده فخنقه ثم قال وبقي الأمير أمين حاكما في بعلبك وتوابعها إلى إن أتى إبراهيم باشا بن محمد علي باشا المصري إلى سورية وكان الأمير أمين لم يزل خاضعا للدولة العثمانية منكرا لنفوذ المصريين فأوغر ذلك قلب إبراهيم باشا عليه فحضر بعساكره سنة 1347 ه 1831 م إلى بعلبك فأخذها بدون أدنى مقاومة وفر الأمير أمين بعياله من مكان إلى آخر فوضع إبراهيم باشا في بعلبك عسكرا وبني لهم ثكنة كبيرة وجعل البلدة كنقطة حربية نظرا لموقعها الحربي المهم وأقام حاكما عليها الأمير جواد الحرفوشي وفي سنة 1248 ه 1832 م ذهب الأمير أمين إلى بيت الدين مستجيرا بالأمير بشير الشهابي فطيب خاطره ووعده برضا إبراهيم باشا عنه ولكن أصحاب الأمير أمين لم يوافقوه على ذلك وخوفوه عاقبة استئمانه فرجع إلى ما كان عليه وكانت عساكر إبراهيم باشا تطارده دائما وما زال منهزما من مكان إلى آخر إلى إن لحقته يوما فرسان الهنادي في عين الوعول شمالي بعلبك وهم نحو أربعمائة فارس ولم يكن معه سوى ولده الأمير قبلان واثني عشر فارسا فوقف الأمير أمين مع الحريم وكر قبلان بفرسانه على الهنادي واخترق بسيفه جموعهم وأعوانه تحمي ظهره فشغل الهنادي مدة حتى استوعر الأمير أمين في الجبل فارتد ابنه إليه ولم يتمكن الهنادي من اللحاق به فارتدوا على أعقابهم وسار الأمير أمين من هناك إلى شعرة الدنادشة وأودع حريمه آل دندش ثم طلب هو وولده إلى استانبول فأنزلا في أرفع منزلة وبقيا هناك إلى إن خرج إبراهيم باشا من سورية وفي سنة 1257 ه 1841 م عاد الأمير أمين مع ولده قبلان من استانبول إلى بيروت ومعه أمر من السلطان بتولي بعلبك فتوفي الأمير أمين بوصوله إلى بيروت وجرى لابنه الأمير قبلان ما يأتي في ترجمته. وذكر الأمير حيدر في تاريخه هذه الواقعة فقال في حوادث سنة 1248 أنه بعد انتصار إبراهيم على العساكر العثمانية قدم الأمير أمين الحرفوشي خاضعا للأمير بشير فطيب الأمير قلبه ووعده بأنه يلتمس له الأمان من إبراهيم باشا وكتب إلى إبراهيم بشأنه فأجابه طالبا حضور الأمير أمين إليه وله الأمان فلما بلغ ذلك الأمير أمين فر هاربا إلى القفار فأرسل إبراهيم شرذمة للقبض عليه فلم يدركوه ثم قدم الأمير أمين إلى بتدين ودخل السجن فبلغ ذلك الأمير بشير فطلب حضوره إليه فحضر وطيب قلبه ثم سافر الأمير بشير إلى دمشق إلى عند شريف باشا فلحقه الأمير أمين فأمره شريف باشا إن يقيم عند عائلته في المدينة آمنا.
ومما قاله السيد محمد الحسيني البعلي كما في بعض المجاميع المخطوطة الموجودة بخطه عند أحفاده بمدينة بعلبك في مدح الأمير أمين صاحب الترجمة:
الله ولى بعلبك وقطرها | من آل حرفوش الأمير أمينا |
فرعى رعاياها وجانب ظلمها | برضى الإله فزاده تمكينا |
وكفاه ما يخشى وكان له على | كيد الأعادي ناصرا ومعينا |
هو ما جد ألف المعالي وارتدى | بردائها من حين كان جنينا |
وروى المكارم عن ذويه وارتوى | منها وكان بنيل ذاك قمينا |
جل الذي أولاه حسن شمائل | وحباه مجدا شامخا ومبينا |
جود كمنهل الحيا ومكارم | ضربت شمالا في الورى ويمينا |
يلقي عصاه الجار منه بمنزل | رحب ويأوي من حماه عرينا |
ويظل من صرف الزمان وريبه | ومن النوائب في حماه أمينا |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 497