إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة
ولقبه مفرع المعروف بالسيد الحميري الشاعر المشهور وكنيته أبو هاشم كما ذكره الأكثر أو أبو عامر كما عن رجال الشيخ والسيد لقبه
ولد بعمان ونشا بالبصرة حكاه في لسان الميزان عن أبي الفرج بن الجوزي في المنتظم وكانت ولادته سنة 105 وتوفي ببغداد سنة 173 ودفن بالجنينة. روى تاريخ ولادته ووفاته المرزباني عن العباسة ابنة السيد كما وجدناه في النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة للمرزباني المشار إليها في أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن حمدون الكاتب ورواه غيره أيضا وفي لسان الميزان عن ابن الجوزي في المنتظم أنه توفي سنة 179 قال وأرخه غيره سنة 178 وكانت وفاته في خلافة الرشيد ففي الأغاني: ذكر محمد بن إدريس العتبي عن معاذ بن يزيد الحميري إن السيد عاش إلى خلافة الرشيد وفي أيامه مات وفيه بسنده عن بشير بن عمار الصيرفي قال حضرت وفاة السيد في الرميلة ببغداد إلى إن قال ودفناه في الجنينة ببغداد وذلك في خلافة الرشيد (انتهى).
نسبته
(الحميري) نسبة إلى حمير بحاء مهملة مكسورة وميم ساكنة ومثناة تحتية مفتوحة وراء مهملة قبيلة معروفة من اليمن. وفي انساب السمعاني: هي من أصول القبائل نزلت أقصى اليمن وفي ذلك يقول المترجم:
أني امرؤ حميري حين تنسبني | لذي رعين وأخواني ذوي يزن |
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . | جدي رعين وأخوالي ذوو يزن |
ثم الولاء الذي أرجو النجاة به | يوم القيامة للهادي أبي الحسن |
نسبه
في معالم العلماء: السيد أبو هاشم إسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع بن مفرع الحميري (انتهى) وعن المرزباني في معجم الشعراء أنه إسماعيل بن محمد بن وداع الحميري. وفي الأغاني: السيد لقبه واسمه إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة مفرع الحميري ويكنى أبا هاشم وأمه امرأة من الأزد ثم من بني الحدان وجده يزيد بن ربيعة شاعر مشهور وهو الذي هجا زيادا وبنيه ونفاهم عن آل حرب وحبسه عبيد الله بن زياد لذلك وعذبه ثم أطلقه معاوية. عن إسحاق بن محمد النخعي سمعت ابن عائشة والقحذمي يقولان هو يزيد بن مفرع ومن قال أنه يزيد بن ربيعة فقد أخطأ. ومفرع لقب ربيعة لأنه راهن إن يشرب عسا من لبن فشربه حتى فرغه فلقب مفرغا وكان شعابا بسيالة ثم صار إلى البصرة (انتهى) فحيث أنه عرف بيزيد بن المفرع ظن ابن عائشة والقحذمي إن اسم أبيه مفرع فخطأ من قال إن اسمه ربيعة فلذلك تعقبهما أبو الفرج بان مفرغا لقب ربيعة فلا خطا. وحينئذ فمفرع بلفظ اسم الفاعل من فرع بالتشديد.
تلقيبه بالسيد
سيادته لغوية لا أنه فاطمي أو علوي قال الكشي في كتاب رجاله: روي إن أبا عبد اللهعليه السلام لقي السيد بن محمد الحميري فقال سمتك أمك سيدا ووفقت في ذلك وأنت سيد الشعراء ثم انشد السيد في ذلك:
ولقد عجبت لقائل لي | مرة علامة فهم من الفقهاء |
سماك قومك سيدا صدقوا به | أنت الموفق سيد الشعراء |
ما أنت حين تخص آل محمد | بالمدح منك وشاعر بسواء |
مدح الملوك ذوو الغنى لعطائهم | والمدح منك لهم بغير عطاء |
فأبشر فإنك فائز في حبهم | ولقد وردت عليهم بجزاء |
ما تعدل الدنيا جميعا كلها | من حوض أحمد شربة من ماء |
أقوال العلماء فيه
ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادقعليه السلام فقال: إسماعيل بن محمد الحميري السيد الشاعر يكنى أبا عامر (انتهى) وفي الفهرست: السيد بن محمد أخباره تأليف الصولي أخبرنا بها أحمد بن عبدون عن أبي بكر الدوري عن الصولي (انتهى) والصولي هذا هو أبو بكر الصولي العالم المؤلف المشهور ومر في أحمد بن إبراهيم بن أحمد العمي إن له كتاب أخبار السيد الحميري وكتاب شعره. وكفى في جلالة شان السيد واعتناء العلماء به تأليف هؤلاء الكتب في أخباره وأشعاره، يرويها العلماء بأسانيدهم عنهم. وذكره ابن شهراشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المجاهرين وذلك أنه قال في آخر المعالم باب في بعض شعراء أهل البيتعليه السلام وهم على اربع طبقات: المجاهرون، والمقتصدون، والمتقون، والمتكلفون ثم قال: فصل في المجاهرين: السيد أبو هاشم إسماعيل بن محمد بن يزيد بن محمد بن وداع بن مفرع الحميري من أصحاب الصادق ولقي الكاظمعليه السلام وكان في بدءالأمر خارجيا ثم كيسانيا ثم إماميا وقيل لأبي عبيدة من أشعر الناس قال من شبه رجلا بريح عاد يريد قوله:
إذا أتى معشرا يوما أنامهم | إنامة الريح في تدميرها عادا |
وقال بشار: لولا إن هذا الرجل شغل عنا بمدح بني هاشم لأتعبنا. وسمع مروان بن أبي حفصة القصيدة المذهبة فقال لكل بيت سبحان الله ما أعجب هذا الكلام. وقال التوزي لو قرئت القصيدة التي فيها إن يوم التطهير يوم عظيم على المنبر ما كان بذلك باس وقال بعضهم جمعت من شعره ألفين ومائتي قصيدة وزعمت أنه لم يذهب علي منه شيء فبينا أنا ذات يوم أنشد شعرا فقلت لمن هذا قالوا للسيد الحميري فقلت في نفسي ما أراني في شيء بعد الذي جمعته. وذكر ابن المعتز في طبقات الشعراء أنه رئي حمال في بغداد مثقل فسئل عن حمله فقال ميميات السيد. وقيل له لم لا تقول شعرا فيه غريب فقال: أقول ما يفهمه الصغير والكبير ولا يحتاج إلى التفسير وأنشأ:
أيا رب أني لم أرد بالذي به | مدحت عليا غير وجهك فارحم |
(انتهى المعالم). ويأتي تفسير قوله وكان في بدءالأمر خارجيا.
وعن التحرير الطاووسي: إسماعيل بن محمد الحميري حاله في الجلالة ظاهر ومجده باهر فلنكتف بهذا (انتهى) وفي الوجيزة أنه ممدوح. وقال العلامة في الخلاصة: إسماعيل بن محمد الحميري ثقة جليل القدر عظيم الشأن والمنزلة رحمه الله تعالى (انتهى) وفي تكملة الرجال للشيخ عبد النبي الكاظمي نزيل جويا من جبل عامل التي هي بمنزلة الذيل لنقد الرجال: نقل المصنف وغيره عن الخلاصة أنه ثقة جليل القدر عظيم المنزلة فراجعتها وفيها فقيه جليل القدر (انتهى) وهو الأقرب لأنه من المعلوم أنه كان يشرب الخمر ومع ذلك كان مصرا عليه ولم يعلم أنه تاب وأما أنه ترحم عليه الصادقعليه السلام وانه من الأولياء وغير ذلك فهو من وفور محبته وولائه وهو غير ارتكاب الكبيرة المسقطة للاتصاف بالعدالة (انتهى) أقول في نسخة عندي من الخلاصة منقولة عن نسخة ولد ولد المصنف ومقابلة عليها كلمة ثقة وهو الموافق لأكثر النسخ المصححة بل لجميعها فإنه لم ينقل أحد عن الخلاصة لفظة فقيه غيره وقد ذكره في الخلاصة في القسم الأول وان دل بعض الأخبار على فقاهته كخبره الآتي مع الكميت وقول الكميت له أنت اعلم وأفقه منا. وما في الأغاني من إن امرأة من الخوارج قالت له المتعة أخت الزنا فقال أعيذك بالله إن تكفري بالقرآن بعد الإيمان فان الله عز وجل قال فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة. ولكن ليس لنا ما يدل على وثاقته إن لم يوجد ما يدل على عدمها والمستفاد من الأخبار الآتية فيه ومدح الصادقعليه السلام له وترحمه عليه رجاء التجاوز عن سيئاته بعظيم حسناته في ذبه عن أهل البيت الطاهر ونشر فضائلهم كقولهعليه السلام وقد قيل له أنه يشرب الخمر فقال وما ذلك على الله بعظيم إن يغفر لمحب علي عليه السلام و قوله إن زلت له قدم فقد ثبتت له أخرى فلذلك قال ابن طاوس ما مر من المدح ولم يذكر الوثاقة واكتفى صاحب الوجيزة بجعله ممدوحا ولكن سيأتي عن المرزباني أنه تاب وأرسل إلى الصادقعليه السلام بتوبته وروى الكشي كما يأتي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن يقال (انتهى) علم الأمة إلى أربعة نفر أولهم سلمان الفارسي والثاني جابر والثالث السيد والرابع يونس بن عبد الرحمن (انتهى) والمراد بالسيد هو السيد الحميري لتبادره عند الاطلاق ولمناسبة الترتيب بين الأربعة بحسب العصر. وفي مجالس المؤمنين: أنه كان من أكابر أهل زمانه واحرز قصب السبق في مضمار الفصاحة والبلاغة على أقرانه وذكروا إن دفاتر ميمياته كانت حمل بعير وفي تذكرة ابن المعتز أنه كان للسيد أربع بنات كل واحدة منهن تحفظ أربعمائة قصيدة من قصائده ولم يترك فضيلة ولا منقبة من فضائل أمير المؤمنينعليه السلام ومناقبه إلا نظم فيها شعرا على إن فضائله ومناقبهعليه السلام لا يحيط بها نطاق النظم والنثر. وذكر عبد الله بن المعتز في تذكرته إن أبوي السيد كليهما كانا أباضيين وكان يزجرهما ويردهما عن عقيدة النصب الباطلة وذكروا أنه سئل السيد كيف صرت شيعيا مع أنك شامي حميري فقال صبت علي الرحمة صبا فكنت كمؤمن آل فرعون وذلك إن الحميريين كانوا من إتباع معاوية بصفين وكان ذو الكلاع الحميري من قواد معاوية فيها ونقل ابن كثير الشامي في تاريخه عن الأصمعي أنه قال في السيد الحميري: لولا تعرضه للسلف في شعره ما قدمت عليه أحدا في طبقته، قال صاحب المجالس: صحة العقيدة وفسادها لا دخل له في جودة الشعر ورداءته والتقدم والتأخر فيه لكن الأصمعي لعداوته لأهل بيت النبوة يقول هذا في حق مداحهم وفقا للمثل المشهور وكل إناء بالذي فيه يرشح، ويعلم صحة ذلك مما حكاه الشيخ نور الدين علي بن عراف المصري في
تذكرته عن أبي العيناء أنه قال سمعت أبا قلابة الجرمي يقول في جنازة الأصمعي:
قبح الله أعظما حملوها | نحو دار البلا على خشبات |
أعظما تبغض النبي وأهل | البيت الطيبين والطاهرات |
"انتهى المجالس" وفي المناقب عن كامل المبرد كان اصمع بن مظفر جد الأصمعي قطعه علي عليه السلام في السرقة فكان الأصمعي يبغضه قيل له من أشعر الناس قال من قال:
كأن أكفهم والهام تهوي | عن الأعناق تلعب بالكرينا |
فقالوا السيد الحميري فقال هو والله أبغضهم إلي وسبه (انتهى) وفي لسان الميزان: إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة السيد الحميري الشاعر المفلق يكنى أبا هاشم كان رافضيا خبيثا. قال الدارقطني كان يذم السلف في شعره ويمدح عليا رضي الله عنه. قلت أخباره مشهورة ولا استحضر له رواية وقال عمر بن شبة سمعت محمد بن أبي بكر المقدمي يقول سمعت جعفر بن سليمان ينشد شعر السيد الحميري وكان أبو عبيدة معمر بن المثنى يرويه. وقال البلاذري في تاريخه: حدثني عبد الاعلى النرسي قال رأيت النبي(ص) في المنام فقال شر من ينتحل قبلتي الخوارج والروافض وشرهم قاتل علي والسيد الحميري (انتهى) وانتهاك اعراض الناس لا يسوع بالمنامات الكاذبة ولو ساع التعويل عليها لادعى كل شخص رؤية ما يوافقه وحاش لله إن يجعل رسول الله(ص) المتمسك بالثقلين كتاب الله والعترة ا لطاهرة شر من ينتحل قبلته وقد أمر بالتمسك بهما ونهى عن مفارقتهما بالتواتر وفي اليقظة لا في المنام والسيد الحميري قد اخبر صادق أهل البيتعليه السلام بنجاته ودعا له وهو من موالي علي ومحبيه ومن لم يدع فضيلة له إلا نظم فيها شعرا وكفاه بذلك فخرا وأجرا فكيف يقرنه النبي(ص) بقاتل علي قرين عاقر الناقة وأولى إن يكون بهذه الصفة من كذب على الرسول(ص) بهذا المنام والكذابة على رسول الله(ص) قد كثرت في حياته يقظة فكيف بعد مماته وفي المنام. وذكره المرزباني في النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة المشار إليها آنفا وهو الثامن عشر ممن ذكر فيها فقال: كان شاعرا مجيدا لم يسمع إن أحدا عمل شعرا جيدا وأكثر غيره قال: وقيل قرئ على التوزي شعر عمران بن حطان فقال من ينشدنا شعرا صافيا من مدح السيد فأنشده رجل ممن حضره:
إن يوم التطهير يوم عظيم | فاز بالفضل فيه أهل الكساء |
وقصيدته المذهبة التي أولها: (هلا وقفت على المكان المعشب) فقال التوزي لو إن شعرا يستحق إن لا ينشد إلا في المساجد لحسنه لكان هذا ولو خطب به خاطب على المنبر في يوم جمعة لأتى حسنا ولحاز أجرا قيل وقال بشار بن برد للسيد لولا إن الله شغلك بمدح أهل البيتعليه السلام لافتقرنا قال المرزباني: وقيل له إلا تستعمل في شعرك ما يستعمله الشعراء في الغريب قال ذاك عي وتكليف مني لو فعلته وقد رزقني الله طبعا واتساعا في الكلام فانا أقول ما يفهمه الصغير والكبير ولا يحتاج إلى تفسير وانشد:
أيا رب أني لم أرد بالذي به | مدحت عليا غير وجهك فارحم |
وروى نحوه في الأغاني مسندا. وفي الأغاني: كان شاعرا متقدما مطبوعا يقال إن أكثر الناس شعرا في الجاهلية والإسلام ثلاثة: بشار وأبو العتاهية والسيد فإنه لا يعلم إن أحدا قدر على تحصيل شعر أحد منهم اجمع وإنما مات ذكره وهجر الناس شعره لما يفرط فيه من التعرض لمن مال عن أهل البيت فتحومي شعره من هذا الجنس وغيره لذلك وهجره الناس تخوفا وتراقبا وله طراز من الشعر ومذهب قلما يلحق فيه أو يقاربه أحد ولا يعرف له من الشعر كثير. قال وليس يخلو من مدح بني هاشم أو ذم غيرهم ممن هو عنده ضد لهم ولو إن أخباره كلها تجري هذا المجرى ولا تخرج عنه لوجب إن لا نذكر منها شيئا ولكنا شرطنا إن نأتي بأخبار من نذكره من الشعراء فلم نجد بدا من ذكر اسلم ما وجدناه له وأخلاها من سئ اختياره على قلة ذلك (انتهى) وعن تذكرة الشعراء لابن المعتز أنه كان شاعرا وسيما جسيما مطبوعا حسن الأسلوب وثيق الشعر. وفي الأغاني عن التوزي قال: رأى الأصمعي جزءا من شعر السيد فقال لمن هذا فسترته عنه لعلمي بما عنده فيه فاقسم علي إن أخبره فأخبرته فقال أنشدني قصيدة منه فأنشدته قصيدة ثم أخرى وهو يستزيدني ثم قال قبحه الله ما أسلكه لطريق الفحول لولا مذهبه ولولا ما في شعره ما قدمت عليه أحدا من طبقته وفي رواية أخرى عن التوزي قال لي الأصمعي أحب إن تأتيني بشيء من شعر هذا الحميري فعل الله به وفعل فاتيته بشئ منه فقرأه فقال قاتله الله ما أطبعه وأسلكه لسبيل الشعراء والله لولا ما في شعره من التعرض للسلف لما تقدمه من طبقته أحد. وفيه عن أبي جعفر الأعرج ابن بنت الفضيل بن يسار قال كان السيد أسمر تام القامة أشنب ذا وفرة حسن الألفاظ جميل الخطاب إذا تحدث في مجلس قوم اعطى كل رجل في المجلس نصيبه من حديثه، وفي رواية عنه: أسمر تام الخلقة أشنب ذا وفرة حسن الألفاظ ومع ذلك أنتن الناس إبطين. وعن ليطة بن الفرزدق قال تذاكرنا الشعراء عند أبي فقال إن ها هنا لرجلين لو أخذا في معنى الناس لما كنا معهما في شئ: السيد الحميري وعمران بن حطان السدوسي ولكن الله عز وجل قد شغل كل واحد منهما بالقول في مذهبه. قال المؤلف شتان بين من حصر شعره في مدح أهل البيت وبين مادح ابن ملجم على قتله أمير المؤمنينعليه السلام. وفيه أخبرني محمد بن الحسن بن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة أنه قال أشعر المحدثين السيد الحميري وبشار. أخبرني ابن دريد قال سئل أبو عبيدة من أشعر المولدين قال السيد وبشار. أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري حدثنا عمر بن شبه قال اتيت أبا عبيدة معمر بن المثنى وعنده رجل من بني هاشم يقرأ عليه كتابا فلما فرآني أطبقه فقال له أبو عبيدة إن أبا زيد ليس ممن يحتشم منه فاقرأ فاخذ الكتاب وجعل يقرؤه فإذا هو شعر السيد فجعل أبو عبيدة يعجب منه ويستحسنه قال أبو زيد وكان أبو عبيدة يرويه قال وسمعت محمد بن أبي بكر المقدمي يقول: سمعت جعفر بن سليمان الضبعي ينشد شعر السيد. وقال الموصلي حدثني عمي قال جمعت للسيد في بني هاشم ألفين وثلاثمائة قصيدة فخلت إن قد استوعبت شعره حتى جلس إلي يوما رجل ذو اطمار رثة فسمعني انشد شيئا من شعره فأنشدني له ثلاث قصائد لم تكن عندي فقلت في نفسي لو كان هذا يعلم ما عندي كله ثم أنشدني بعده ما ليس عندي لكان عجيبا فكيف وهو لا يعلم وإنما انشد ما حضره وعرفت حينئذ إن شعره ليس مما يدرك ولا يمكن جمعه كله (انتهى) قال المؤلف للسيد ديوان شعر معروف. وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الدارقطني علي بن عمر بن أحمد صاحب السنن الحافظ المشهور أنه كان يحفظ ديوان السيد الحميري ولهذا نسب إلى التشيع (انتهى) أقول والظاهر إن هذا الديوان هو جملة من مشهور قصائده وإلا فقد سمعت إن جميع شعره لا يدرك ولا يمكن جمعه كله وإذا كان قد جمع له في بني هاشم خاصة ألفان وثلاثمائة قصيدة سوى شعره في غيرهم وليست هي جميع شعره في بني هاشم وإذا كانت ميمياته حمل حمال مثقل كما مر فلا بد إن يكون هذا الديوان بعض شعره. وفي الأغاني عن الطوسي إذا رأيت في شعر السيد دع ذا فدعه فإنه لا يأتي بعده إلا بلية من بلاياه وفيه بسنده عن الزبير بن بكار قال سمعت عمي يقول لو إن القصيدة التي أولها:
إن يوم التطهير يوم عظيم | خص بالفضل فيه أهل الكساء |
قرئت على منبر ما كان فيها باس ولو إن شعره كله كان مثله لرويناه وما عييناه وفيه بسنده عن نافع التوزي بهذه الحكاية بعينها قاله في: إن يوم التطهير يوم عظيم قال الراوي: ولم يكن التوزي متشيعا وفيه بسنده عن الحسين بن ثابت قدم علينا رجل بدوي كان أروى الناس لجرير فكان ينشد في الشيء من شعره فأنشد في معناه للسيد حتى أكثرت فقال لي ويحك من هذا؟ هو والله أشعر من صاحبنا وفيه بسنده عن إسحاق بن محمد سمعت العتبي يقول ليس في عصرنا هذا أحسن مذهبا في شعره ولا أنقى ألفاظا من السيد ثم قال لبعض من حضر أنشدني قصيدته اللامية التي أنشدتناها اليوم فأنشده قوله:
هل عند من أحببت تنويل | أم لا فان اللوم تضليل |
أم في الحشى منك جوى باطل | ليس تداويه الأباطيل |
علقت يا مغرور خداعة | بالوعد منها لك تخييل |
ريا رداح النوم خمصانة | كأنها إدماء عطبول |
يشفيك منها حين تخلو بها | ضم إلى النحر وتقبيل |
وذوق ريق طيب طعمه | كأنه بالمسك معلول |
في نسوة مثل ألمها خرد | تضيق عنهن الخلاخيل |
يقول فيها:
أقسم بالله وآلائه | والمرء عما قال مسؤول |
أن علي بن أبي طالب | على التقى والبر مجبول |
فقال العتبي: أحسن والله ما شاء هذا والله الشعر الذي يهجم على القلب بلا حجاب (انتهى) وقد ذكرنا تتمتها في جعفر بن عفان وهي:
وإنه الهادي الإمام الذي | له على الأمة تفضيل |
يقول بالحق ويقضي به | وليس تلهيه الأباطيل |
كان إذا الحرب مرتها القنا | وأحجمت عنها البهاليل |
مشى إلى القرن وفي كفه | ابيض ماضي الحد مصقول |
مشي العفرني بين أشباله | أبرزه للقنص الغيل |
وفيه عن الحسن بن علي بن المعتز الكوفي عن غانم الوراق قال خرجت إلى بادية البصرة فصرت إلى عمرو بن تميم فأثبتني بعضهم فقال هذا الشيخ والله راوية فجلسوا إلي وأنسوا بي وأنشدتهم وبدأت بشعر ذي الرمة فعرفوه وبشعر جرير والفرزدق فعرفوهما ثم أنشدتهم للسيد:
أتعرف رسما بالثويين قد دثر | عفته أهاضيب السحائب والمطر |
وجرت به الأذيال ريحان خلفه | صبا ودبور بالعشيات والبكر |
منازل قد تكون بجوها | هضيم الحشا ريا الشوى سحرها النظر |
قطوف الخطأ خمصانة بخترية | كان محياها سنا دارة القمر |
رمتني ببعد بعد قرب بها النوى | فبانت ولما اقض من عبدة الوطر |
ولما رأتني خشية البين موجعا | أكفكف مني أدمعا بيضها درر |
أشارت بأطراف إلي ودمعها | كنظم جمان خانه السلك فانتثر |
وقد كنت مما أحدث البين حاذرا | فلم يغن عني منه خوفي والحذر |
قال فجعلوا يمزقون (كذا) لانشادي ويطربون وقالوا لمن هذا فأعلمتهم فقالوا هذا والله أحد المطبوعين لا والله ما بقي في هذا الزمان مثله. وفي فوات الوفيات للكتبي: قال المازني سمعت أبا عبيدة يقول: ما هجا أمية أحد كما هجاهم يزيد بن مفرع والسيد الحميري (انتهى) ويزيد بن مفرع جده الأدنى كما مر. وفي تاريخ ابن عساكر في ترجمة أبي نواس الحسن بن هانئ قال أبو تمام أشعر الناس وأسهبهم في الشعر كلاما بعد الطبقة الأولى بشار والسيد وأبو نواس ومسلم بن الوليد بعدهم (انتهى) وفي فوات الوفيات للكتبي: السيد الحميري إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة كان شاعرا محسنا كثير القول إلا أنه كان رافضيا جلدا زائغا عن القصد له مدائح جمة في آل البيت وكان مقيما بالبصرة. وقال المرزباني في معجم الشعراء: أنه إسماعيل بن محمد بن وداع الحميري وكان أسمر تام القامة حسن الألفاظ جميل الخطاب مقدما عند المنصور والمهدي ومات أول أيام الرشيد (انتهى) فوات الوفيات أقول من خصائص شعره السهولة والعذوبة والانسجام وطول النفس وذكر الأخبار والمناقب بما يسمونه الشعر القصصي ولم يترك فضيلة لأمير المؤمنينعليه السلام إلا نظم فيها كما مر وكان معظما عند ملوك عصره من بني العباس في قوة سلطانهم وتشددهم على إتباع العلويين ومعاقبتهم بالحبس والنفي والقتل من هو أهون حالا وأشد تسترا من السيد مثل المنصور والمهدي والرشيد الذين هم من أشد بني العباس في ذلك ومع هذا كانوا يتغاضون عنه خوفا من لسانه ورعاية لمكانه.
أبواه خارجيان وهو شيعي
في الأغاني بسنده عن إسماعيل بن الساحر راوية السيد إن أبوي السيد كانا أباضيين وكان منزلهما بالبصرة في غرفة بني ضبة وكان السيد يقول طالما سب أمير المؤمنين في هذه الغرفة فإذا سئل عن التشيع من أين وقع له قال غاصت علي الرحمة غوصا وقال إسماعيل بن الساحر راويته: كنت عنده يوما في جناح له فأجال بصره فيه ثم قال يا إسماعيل طالما والله شتم أمير المؤمنين علي في هذا الجناح قلت ومن كان يفعل ذلك قال أبواي. وروي عن السيد إن أبويه لما علما بمذهبه هما بقتله فأتى عقبة بن مسلم بن المهنا فأخبره بذلك فأجاره وبوأه منزلا وهبه له فكان فيه حتى ماتا فورثهما (انتهى) وقال المرزباني في تلخيص أخبار شعراء الشيعة المقدم ذكره: كان أبواه يبغضان علياعليه السلام فسمعهما يسبانه بعد صلاة الفجر فقال:
لعن الله والدي جميعا | ثم أصلاهما عذاب الجحيم |
لعنا خير من مشى فوق ظهر | الأرض أو طاف محرما بالحطيم |
كفرا عند شتم آل رسول | الله نسل المهذب المعصوم |
والوصي الذي به تثبت الأرض | ولولاه دكدكت كالرميم و |
كذا آله أولو العلم والفهم | هداة إلى الصراط القويم |
خلفاء الإله في الخلق بالعدل | وبالقسط عند ظلم الظلوم |
صلوات الإله تترى عليهم | مقرنات بالرحب والتسليم |
ثم مضى إلى عقبة بن مسلم فخبره الخبر فنقله إليه ووهب له دارا وفرشها له وأخدمه وقام بأموره فقال شعرا ذكرناه في ترجمة عقبة قال وقيل أنه شرح حاله للأمير فقال إن أمي كانت توقظني في الليل وتقول أني أخاف إن تموت على مذهبك فتدخل النار فلا أجيبها فجعلت تنغص على المطعم والمشرب. ومن شعره فيها والبيت الأول من مناقب ابن شهراشوب:
إلى أهل بيت أذهب الرجس عنهم | وصفوا من الأدناس طرا وطيبوا |
إلى أهل بيت ما لمن كان مؤمنا | من الناس عنهم في الولاية مذهب |
وكم من خصيم لا مني في هواهم | وعاذلة هبت بليل تؤنب |
تقول ولم تقصد وتعتب ضلة | وآفة اخلاق النساء التعتب |
تركت امتداح المفضلين ذوي الندى | ومن في ابتغاء الخير يسعى ويرغب |
وفارقت جيرانا وأهل مودة | ومن أنت منهم حين تدعى وتنسب |
فأنت غريب فيهم متباعد | كأنك مما يتقونك أجرب |
تعيبهم في دينهم وهم بما | تدين به ازرى عليك وأعيب |
فقلت دعيني لن أحبر مدحة | لغيرهم ما حج الله اركب |
أتنهينني عن حب آل محمد | وحبهم مما به أتقرب |
وحبهم مثل الصلاة وانه | على الناس من بعض الصلاة لأوجب |
قال: وكنت صبيا فإذا سمعتهما يثلبان علياعليه السلام خرجت عنهما وأبقى جائعا واؤثر ذلك على الرجوع إليهما فأبيت في المساجد جائعا لحبي فراقهما وبغضي إياهما فإذا أجهدني الجوع دخلت فأكلت ثم خرجت فلما كبرت قليلا
ابتدأت أقول الشعر فخرجت عنهما وكتبت إليهما: #خف يا محمد فالق الإصباح | وأزل فساد الدين بالإصلاح |
أتسب صنو محمد ووصيه | ترجو بذاك الفوز بالإنجاح |
هيهات قد بعدا عليك وقربا | منك العذاب وقابض الأرواح |
أوصى النبي له بخير وصية | يوم الغدير بابين الإفصاح |
من كنت مولاه فهذا فاعلموا | مولاه قول إشاعة وصراح |
قاضي الديون ومرشد لكم كما | قد كنت أرشد من هدى وفلاح |
أغويت أمي وهي جد ضعيفة | فجرت بقاع الغي جري جماح |
بالشتم للعلم الإمام ومن له | ارث النبي بأوكد الإيضاح |
أني أخاف عليكما سخط الذي | أرسى الجبال بسبسب صحصاح |
أبوي فاتقيا الإله وأذعنا | للحق بياض في الأصل |
فتواعدني بالقتل فاتيت الأمير عقبة بن مسلم فكان من أمري ما كان (انتهى).
اعتقاده مذهب الكيسانية
ثم رجوعه إلى مذهب الإمامية
الكيسانية هم القائلون بامامة محمد بن الحنفية وانه المهدي المنتظر وانه حي في جبل رضوى بين أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان يجريان بماء وعسل وانه يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا منسوبون إلى كيسان وهو لقب المختار بن عبيد الذي دعا إلى محمد بن الحنفية وطلب بثار الحسينعليه السلام وكان السيد الحميري يرى في أول أمره رأي الكيسانية وفي ذلك يقول كما في الأغاني:
إلا قل للوصي فدتك نفسي | أطلت بذلك الجبل المقاما |
أضر بمعشر والوك منا | وسموك الخليفة والإماما |
وعادوا فيك أهل الأرض طرا | مقامك عنهم ستين عاما |
وما ذاق ابن خولة طعم موت | ولا وارت له ارض عظاما |
لقد أوفى بمورق شعب رضوى | تراجعه الملائكة الكلاما |
وان له به لمقام صدق | وأندية تحدثه كراما |
هدانا الله إذ جرتم لأمر | به ولديه نلتمس التماما |
تمام مودة المهدي حتى | تروا راياتنا تترى نظاما |
وفي الأغاني بسنده عن أبي داود سليمان بن سفيان المعروف بالمسترق راوية السيد الحميري أنه حضر يوما وقد ناظر السيد محمد بن علي بن النعمان المعروف بشيطان الطاق في الإمامة فغلبه محمد في دفع ابن الحنفية عن الإمامة فقال السيد:
إلا يا أيها الجدل المعني | لنا ما نحن ويحك والعناء |
أتبصر ما تقول وأنت كهل | نراك عليك من ورع رداء |
إلا إن الأئمة من قريش | ولاة الحق أربعة سواء |
علي والثلاثة من بنيه | هم أسباطه والأوصياء |
فانى في وصيته إليهم | يكون الشك منا والمراء |
بهم أوصاهم ودعا إليه | جميع الخلق لو سمع الدعاء |
فسبط سبط إيمان وحلم | وسيط غيبته كربلاء |
سقى جدثا تضمنه ملث | هتوف الرعد مرتجز رواء |
تظل مظلة منه عزال | عليه وتغتدي أخرى ملاء |
وسبط لا يذوق الموت حتى | يقود الخيل يقدمها اللواء |
من البيت المحجب في سراة | شرات لف بينهم الإخاء |
عصائب ليس دون أغر اجلى | بمكة قائم لهم انتهاء |
ثم قال وهذه الأبيات بعينها تروى لكثير ذكر ذلك ابن أبي سعد.
ثم ذكر في ترجمة كثير أنه قال في ذلك:
إلا إن الأئمة من قريش | ولاة الحق أربعة سواء |
علي والثلاثة من بنيه | هم الأسباط ليس بهم خفاء |
فسبط سبط إيمان وبر | وسبط غيبته كربلاء |
وسبط لا تراه العين حتى | يقود الخيل يتبعها اللواء |
تغيب لا يرى عنهم زمانا | برضوى عنده عسل وماء |
وقد وقع اختلاف أيضا في نسبة الشعر بين السيد وكثير كما ستعرف. وفي فوات الوفيات للكليني كان السيد إذا سئل عن مذهبه انشد من قصيدته المشهورة:
سمي نبينا لم يبق منهم | سواه فعنده حصل الرجاء |
تغيب غيبة من غير موت | ولا قتل وسار به القضاء |
وبين الوحش يرعى في رياض | من الآفاق مرتعها خلاء |
فحل فما بها بشر سواه | بعقوته له عسل وماء |
إلى وقت ومدة كل وقت | وان طالت عليه لها انقضاء |
فقل للناصب الهاوي ضلالا | تقوم وليس عندهم غناء كذا |
فداء لابن خولة كل نذل | يطيف به وأنت له فداء |
كانا بابن خولة عن قريب | ورب العرش يفعل ما يشاء |
يهز دوين عين الشمس سيفا | كلمع البرق أخلصه الجلاء |
تشبه وجهه قمرا منيرا | يضئ له إذا طلع السناء |
فلا يخفى على أحد بصير | وهل بالشمس ضاحية خفاء |
هنالك تعلم الأحزاب أنا | ليوث لا ينهنهها لقاء |
فندرك بالذحول بني أمي | وفي درك الذحول لهم فناء |
وقال المرزباني في النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة المتقدم ذكرها. كان السيد رحمه الله يرى رأي الكيسانية في محمد بن الحنفية وهو القائل من أبيات: وما ذاق ابن خولة طعم موت وذكر الأبيات الثلاثة المتقدمة وقال أنه تاب بعد ذلك وقال:
تجعفرت باسم الله والله أكبر | وأيقنت إن الله يعفو ويغفر |
ودنت بدين غير ما كنت دائنا | به ونهاني سيد الناس جعفر |
والأبيات مشهورة أقول وتمامها كما في المناقب وغيرها:
فقلت فهبني قد تهودت برهة | وإلا فديني دين من يتنصر |
فاني إلى الرحمن من ذاك تائب | واني قد أسلمت والله أكبر |
فلست بعاد ما حييت وراجعا | إلى ما عليه كنت أخفي واضمر |
ولا قائلا قولا بكيسان بعدها | وان عاب جهال معابا وأكثروا |
ولكنه مما مضى لسبيله | على أحسن الحالات يقفى ويؤثر |
قال المرزباني: وقال السيد كان أبو بجير يرى رأي الإمامية وكنت أرى رأي الكيسانية فكان يعيبني ويناظرني ولما رجعت إلى مذهب الإمامية اجتمعت به فاخذ يناظرني على ما كنت عليه فعرفته أني رجعت وأنشدته:
أيا راكبا نحو المدينة جسرة | عذافرة يطوي بها كل سبسب |
إذا ما هداك الله عاينت جعفرا | فقل لأمين الله وابن المهذب |
إليك رددتالأمر غير مخالف | وفئت إلى الرحمن من كل مذهب |
سوى ما تراه يا ابن بنت محمد | فان به عقدي وزلفى تقربي |
وما كان قولي في ابن خولة مطنبا | معاندة مني لنسل المطيب |
ولكن روينا عن وصي محمد | وما كان فيما قال بالمتكذب |
بان وليالأمر يفقد لا يرى | سنين كفعل الخائف المترقب |
فتقسم أموال الفقيد كأنما | تغيبه بين الصفيح المنصب |
ويمكث حينا ثم يشرق شخصه | مضيئا بنور العدل إشراق كوكب |
يسير بنصر الله من بيت ربه | على قدر ما يأتي بأمر مسبب |
يسير إلى أعدائه بلوائه | فيقتل فيهم قتل حران مغضب |
فلما رأوا إن ابن خولة غائب | صرفنا إليه قولنا لم نكذب |
وقلنا هو المهدي والقائم الذي | يعيش بجدوى عدله كل مجدب |
فإذ قلت لا فالقول قولك ما على | رضاك بدين الحق من متعتب |
وأشهد ربي إن قولك حجة | على الخلق طرا من مطيع ومذنب |
بان وليالأمر أول قائم | سيظهر أخرى الدهر بعد ترقب |
له غيبة لا بد إن سيغيبها | فصلى عليه الله من متغيب |
يكون كذا حينا ويظهر بعده | فيملأ عدلا كل شرق ومغرب |
بذاك أدين الله سرا وجهرة | ولست وان عوتبت فيه بمعتب |
قال: فسجد أبو بجير وقال الحمد لله الذي لم يذهب بك باطلا ثم أمر لي بمال جزيل ورقيق وكراع. قال ومما روي في رجوعه قوله:
صح قولي بالإمامة | وتعجلت السلامه |
وأزال الله عني | إذ تجعفرت الملامه |
قلت من بعد حسين | بعلي ذي العلامه |
أصبح السجاد للإسلام | والدين دعامه |
قد أراني الله امرا | أسأل الله تمامه |
كي ألاقيه به في | وقت أهوال القيامة |
(انتهى) كلام المرزباني. وفي إرشادهم المفيد إن السيد إسماعيل بن محمد الحميري رجع عن مذهب الكيسانية لما بلغه انكار أبي عبد الله ع قوله ودعاؤه إلى القول بنظام الإمامة وقال يمدحه وذكر الأبيات وهي أقل مما مر وفي بعضها زيادة أو مخالفة لما مر: أيا راكبا البيت:
إذا ما هداك الله عاينت جعفرا | فقل لولي الله وابن المهذب |
إلا يا ولي الله وابن وليه | أتوب إلى الرحمن ثم تاوبي |
إليك من الذنب الذي كنت مبطنا | أجاهد فيه دائبا كل معرب |
وما كان قولي لابن خولة دائبا | معاندة مني لنسل المطيب |
ولكن روينا البيت بان وليالأمر البيت:
فإذ قلت لا فالحق قولك والذي | تقول فحتم غير ما متعصب |
وأشهد ربي البيت:
فان وليالأمر القائم الذي | تطلع نفسي نحوه وتطربي |
له غيبة البيت:
فيمكث حينا ثم يظهر أمره | فيملأ عدلا كل شرق ومغرب |
قال وفي هذا الشعر دليل على رجوع السيد عن مذهب الكيسانية وقوله بإمامة الصادقعليه السلام (انتهى) وفي فوات الوفيات للكتبي:
كان السيد الحميري يرى رجعة محمد بن الحنفية في الدنيا وكان كثير الشاعر يرى هذا الرأي وكان السيد يعتقد إن ابن الحنفية لم يمت وانه في جبل بين أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان نضاحتان يجريان بماء وعسل ويعود بعد الغيبة فيملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا ويقال إن السيد اجتمع بجعفر بن محمد الصادقعليه السلام فعرفه خطاه وانه على ضلالة فتاب (انتهى) ومر قول ابن شهراشوب: أنه كان في بدء الأمر خارجيا ثم كيسانيا ثم إماميا ولم يذكر أحد غيره أنه كان خارجيا وإنما ذكروا أنه كان كيسانيا وان أبويه كانا خارجيين. وبعضهم قال ثم صار إماميا ولكن العادة في مثله إن يتبع أولا مذهب أبويه ولا يرجع عنه إلا بعد إن يميز التمييز الكافي خصوصا إن رجوعه كان من قبل نفسه لا بإرشادهم مرشد بل كان أبواه يقهرانه على مذهب الخوارج ويعذبانه ويتهددانه بالقتل ومع ذلك رجع من قبل نفسه كما يدل عليه قوله السابق: غاصت علي الرحمة غوصا لكنه قد صرح هو نفسه فيما تقدم أنه كان يتشيع وهو صبي وهو عند أبويه قبل إن يكبر قليلا وانه لما كبر قليلا خرج عنهما ولعل هذا يدل على إن تشيعه كان في أول سن التمييز والله أعلم.
القول بعدم رجوعه عن مذهب الكيسانية
في الأغاني بسنده عن مسعود بن بشر إن جماعة تذاكروا أمر السيد وانه رجع عن مذهبه في ابن الحنفية وقال بامامة جعفر بن محمد فقال إسماعيل بن الساحر راويته والله ما رجع عن ذلك ولا القصائد الجعفريات إلا منحولة له قيلت بعده وآخر عهدي به قبل موته بثلاث وقد سمع رجلا يروي عن النبي(ص) أنه قال لعلي عليه السلام سيولد لك بعدي ولد وقد نحلته اسمي وكنيتي فقال في ذلك وهي آخر قصيدة قالها:
أشاقتك المنازل بعد هند | وتربيها وذات الدل دعد |
وريح حجرف تستن فيها | بسافي التراب تلحم ما تسدي |
ألم يبلغك والأنباء تنمى | مقال محمد فيما يؤدي |
إلى ذي علمه الهادي علي | وخولة خادم في البيت تردي |
ألم تر إن خولة سوف تأتي | بواري الزند صافي الخيم نجد |
يفوز بكنيتي واسمي لأني | نحلتهما هو المهدي بعدي |
يغيب عنهم حتى يقولوا | تضمنه بطيبة بطن لحد |
سنين وأشهرا أو يرى برضوى | بشعب بين انمار واسد |
مقيم بين آرام وعين | وحفان تروح خلال ربد |
تراعيها السباع وليس منها | ملاقيهن مفترسا بحد |
امن به الردى فرتعن طورا | بلا خوف لدى مرعى وورد |
حلفت برب مكة والمصلى | وبيت طاهر الأركان فرد |
يطوف به الحجيج وكل عام | يحل لديه وفد بعد وفد |
لقد كان ابن خولة غير شك | صفاء ولايتي وخلوص ودي |
فما أحد أحب إلي فيما | أسر وما أبوح به وأبدي |
سوى ذي الوحي أحمد أو علي | ولا أزكى وأطيب منه عندي |
ومن ذا يا ابن خولة إذ رمتني | بأسهمها المنية حين وعدي |
يذبب عنكم ويسد مما | تثلم من حصونكم كسدي |
وما لي إن أمر به ولكن | أؤمل إن يؤخر يوم فقدي |
فأدرك دولة لك لست فيها | بجبار فتوصف بالتعدي |
على قوم بغوا فيكم علينا | لنعدى منكم يا خير معدي |
لتعل بنا عليهم حيث كانوا | بغور من تهامة أو بنجد |
إذا ما سرت من بلد حرام | إلى من بالمدينة من معد |
وماذا غرهم والخبر منهم | باشوس اعصل الأنياب ورد |
وأنت لمن بغى وعدا وأذكى | عليك الحرب واسترداك مردي |
إلى إن قال: وكان يذهب مذهب الكيسانية ويقول بامامة محمد بن الحنفية وله في ذلك شعر كثير وقد روى بعض من لم تصح روايته أنه رجع عن مذهبه قال بمذهب الإمامية وله في ذلك:
تجعفرت باسم الله والله أكبر | وأيقنت إن الله يعفو ويغفر |
وما وجدنا ذلك في رواية محصل ولا شعره أيضا من هذا الجنس ولا في هذا المذهب لأن هذا شعر ضعيف يتبين التوليد فيه وشعره في قصائده الكيسانية مباين لهذا جزالة ومتانة وله رونق ومعنى ليسا لما يذكر عنه في غيره. وروى في الأغاني عن أبي داود سليمان بن سفيان المعروف بالمسترق راوية السيد الحميري قال ما مضى والله إلا على مذهب الكيسانية وهذه القصائد التي يقولها الناس مثل:
تجعفرت باسم الله والله أكبر: تجعفر باسم الله فيمن تجعفرا وقوله:
أيا راكبا نحو المدينة جسرة | عذافرة يهوي بها كل سبسب |
إذا ما هداك الله لاقيت جعفرا | فقل يا أمين الله وابن المهذب |
لغلام للسيد يقال له قاسم الخياط قالها ونحلها السيد وجازت على كثير من الناس ممن لم يعرف خبرها بمحل قاسم منه وخدمته إياه (انتهى) أقول: الروايات متكثرة في رجوعه و ترحم الصادقعليه السلام فلا يلتفت إلى ما ذكر، ودعوى إن شعره في الكيسانية أقوى وامتن من شعره المنسوب إليه في رجوعه غير مسلمة فان شعره تغلب عليه السهولة و السلاسة مما قد يظن أنه ركة وضعف. ويأتي في أخباره مع سوار القاضي تصريح سوار بأنه كان كيسانيا فصار إماميا واعترف السيد بذلك.
مناقشة الدكتور طه حسين
ومما يناسب ذكره هنا والحديث شجون إن الدكتور طه حسين المصري ذكر في كتابه تجديد ذكرى أبي العلاء التناسخ وقال أنه معروف عند العرب منذ أواخر القرن الأول والشيعة تدين به وببعض المذاهب التي تقرب منه كالحلول والرجعة وليس بين أهل الأدب من يجهل ما كان من سخافات السيد الحميري وكثير في ذلك (انتهى) والعجيب من ابن آدم أنه يتكلم في كل شيء مما يعلم ومما لا يعلم ويقوده التقليد إلى خبط العشواء. عرفنا تعصب المتعصبين على الشيعة من مظهري النسك والدين وهو منهم برئ ممن لا يشبهون الدكتور في جميع أمورهم وحالاتهم لأمور ألفوها وعقائد تلقفوها بدون تحقيق ولا تمحيص أو مشيا مع الأهواء. أما إن يصدر مثل ذلك من مثل الدكتور طه حسين من البعيدين عن حالات أولئك كل البعد وليسوا من مسلكهم في خل ولا خمر فهو أمر يحق إن يعجب منه كما قال أمير المؤمنين ع: هيهات لقد حن قدح ليس منها وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها. متى سمع الدكتور طه حسين شيعيا أو رأى في كتاب للشيعة أو قرأ له قارئ في كتبهم إن الشيعة تدين بالتناسخ أو بالحلول بل متى رأى ذلك العالم من أهل السنة منصف متحر لحقائق الأمور اللهم لا. ومن قال نعم فقد أبطل وافترى بلى يجوز إن يكون سمع ذلك في كتاب بعض المتعصبين الذين لا يبالون إن يلصقوا بالشيعة كل نقص كذبا وزورا فالشيعة في كل عصر وزمان وفي كل قطر ومصر ومكان تبرأ إلى الله ممن يقول بالتناسخ أو الحلول وتكفره وتعتبره خارجا عن دين الإسلام. وان تعجب فعجب إن يكون أمثال الدكتور طه حسين ممن يريد تحري الحقيقة يلقي كلاما لا نصيب له في الصدق تقليدا لمن لا خلاق لهم ويرسله إرسال المسلمات أما قوله وليس بين أهل الأدب من يجهل ما كان من سخافات السيد الحميري وكثير فنقول ليس بين أهل العقل فضلا عن أهل الأدب من يجهل إن نسبة السخافة إلى السيد الحميري وكثير من أسخف السخافات فالسيد الحميري نادرة من نوادر الدهر في علمه وفضله وشعره وقوة حجته ولا يدانيه ولا يقف أمامه أحد من هؤلاء الذين ظهروا في هذه الأعصار يثلبون أعراض الناس ويتقولون عليهم بغير حجة ولا برهان وكثير يأتي في ترجمته فضله وحسن عقيدته.
ترحم الصادق عليه السلام عليه
في الأغاني قال: حدثني عبد الرحمن بن محمد الكوفي عن علي بن إسماعيل الهثمي عن فضيل الرسان قال: دخلت على جعفر بن محمد أعزيه عن عمه زيد ثم قلت له إلا أنشدك شعر السيد فقال انشد فأنشدته قصيدة يقول فيها:
فالناس يوم البعث راياتهم | خمس فمنها هالك أربع |
قائدها العجل وفرعونهم | وسامري الأمة المفظع |
ومارق من دينه مخرج | اسود بعد لكع أكوع |
وراية قائدها وجهه | كأنه الشمس إذا تطلع |
فسمعت نحيبا من وراء الستور فقال: من قائل هذا الشعر فقلت السيد فقال رحمه الله فقلت جعلت فداك أني رأيته يشرب الخمر فقال رحمه الله فما ذنب على الله إن يغفره لآل علي إن محب علي لا تزل له قدم إلا ثبتت له أخرى. وقال: حدثني الأخفش عن أبي العيناء عن علي بن الحسن بن علي بن الحسين عن أبيه عن جعفر بن محمد أنه ذكر السيد فترحم عليه وقال إن زلت له قدم فقد ثبتت الأخرى. وفيه أيضا: وجدت في بعض الكتب حدثني محمد بن يحيى اللؤلؤي حدثني محمد بن عباد بن صهيب عن أبيه قال كنت عند جعفر بن محمد فاتاه نعي السيد فدعا له وترحم عليه فقال رجل يا ابن رسول الله تدعو له وهو يشرب الخمر ويؤمن بالرجعة فقال حدثني أبي عن جدي إن محبي آل محمد لا يموتون إلا تائبين وقد تاب ورفع مصلى كان تحته فاخرج كتابا من السيد يعرفه فيه أنه قد تاب ويسأله الدعاء له.
سيرته
أدرك السيد خمسة من ملوك بني العباس: السفاح وهو أولهم والمنصور أخاه والمهدي بن المنصور والهادي بن المهدي والرشيد بن المهدي وتوفي في خلافة الرشيد.
أخباره مع السفاح
في فوات الوفيات ونحوه في الأغاني واللفظ للأول قيل أنه لما استقام الأمر للسفاح خطب يوما فأحسن الخطبة فلما نزل عن المنبر قام إليه السيد الحميري فأنشده:
دونكموها يا بني هاشم | فجددوا من آيها الطامسا |
دونكموها فألبسوا تاجها | لا تعدموا منكم له لابسا |
دونكموها لا علا كعب من | امسى عليكم ملكها نافسا |
خلافة الله وسلطانه | وعنصرا كان لكم دارسا |
قد ساسها قبلكم ساسة | ما تركوا رطبا ولا يابسا |
لو خير المنبر فرسانه | ما اختار إلا منكم فارسا |
ولست من إن تملكوها إلى | هبوط عيسى فيكم آيسا |
فسر السفاح بذلك وقال له أحسنت يا إسماعيل سلني حاجتك قال ترضى عن سليمان بن حبيب بن المهاب وتولية الأهواز فأمر بذلك وكتب عهده ودفعه إلى السيد وقدم به عليه فلما وقعت عينه عليه انشده:
أتيناك يا قرم أهل العراق | بخير كتاب من القائم |
يوليك فيه جسام الأمور | فأنت صنيع بني هاشم |
أتينا بعهدك من عنده | على من يليك من العالم |
فقال له سليمان شريف وشافع وشاعر ووافد ونسيب سل حاجتك فقال جارية فارهة جميلة ومن يخدمها وبدرة دراهم وحاملها وفرس رائع وسائسه وتخت من صنوف الثياب وحامله قال: قد أمرت لك بكل ما سالت وهو لك عندي كل سنة.
أخباره مع المنصور
في تلخيص أخبار شعراء الشيعة المقدم ذكره: أنه كان حسن الحال عند المنصور يطلق لسانه بما أراد فلما ظهر محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن أمره إن يقتصد في القول ويدع ما كان عليه من المغالاة في وصف الطالبيين قال قيل وقال له المنصور أنشدنا قصيدتك التي تقول فيها:
ملك ابن هند وابن روى قبله | ملكا أمر بحله الابرام |
فأنشدها حتى بلغ إلى قوله:
وأضاف ذاك إلى يزيد وملكه | اثم عليه في الورى وعرام |
أقصى الإله بني أمية أنهم | ظلموا العباد بما اتوه وخاموا |
نامت جدودهم واسقط نجمهم | والنجم يسقط والجدود نيام تنام ظ |
ايمت نساء بني أمية منهم | وبنوهم بمضيعة أيتام |
جزعت أمية من ولاية هاشم | وبكت ومنهم قد بكى الإسلام |
ان يجزعوا فلقد اتتهم دولة | وبها تدول عليهم الأيام |
ولهم يكون بكل شهر أشهر | وبكل عام واحد أعوام |
يا رهط أحمد إن من أعطاكم | ملك الورى وعطاؤه اقسام |
رد الوراثة والخلافة فيكم | وبنو أمية صاغرون رغام |
لمتمم لكم الذي أعطاكم | ولكم لديه زيادة وتمام |
أنورثتموه وكنتم أولى به | أن الولاء تحوزه الأرحام |
ما زلت اعرف فضلكم ويحبكم | قلبي عليه وانني لغلام |
اوذى واشتم فيكم ويصيبني | من ذي القرابة جفوة وملام |
حتى بلغت مدى المشيب وأصبحت | مني القرون كأنهن ثغام |
قال فلما فرع جعل المنصور يلقمه ويقول شكر الله لك يا إسماعيل حبك لأهل بيت نبيه ثم قال يا ربيع ادفع إلى إسماعيل فرسا وجارية وغلاما وألف درهم واجعل الألف له في كل شهر.
قال وقيل بلغ السيد إن عبد الله بن أباض رأس الأباضية يعيب على علي عليه السلام ويتهدد السيد بأنه يذكره عند المنصور بما يوجب القتل وكان ابن أباض يظهر التسنن ويكتم مذهب الأباضية فكتب إليه السيد رحمه لله:
لمن طلل كالوشم لم يتكلم | ونؤي وآثار كترقيش معجم |
إلا أيها العاني الذي ليس في الأذى | ولا اللوم عندي في علي بمحجم |
ستأتيك مني في علي مقالة | تسوؤك فاستأخر لها أو تقدم |
علي له عندي على من يعيبه | من الناس نصر باليدين وبالفم |
متى ما يرد عندي معاديه عيبه | يجد ناصرا من دونه غير مفحم |
علي أحب الناس إلا محمدا | إلي فدعني من ملامك أو لم |
علي وصي المصطفى وابن عمه | وأول من صلى ووحد فاعلم |
علي هو الهادي الإمام الذي به | أنار لنا من ديننا كل مظلم |
علي ولي الحوض والذائد الذي | يذبب عن أرجائه كل مجرم |
علي قسيم النار من قوله لها | ذري ذا وهذا فاشربي منه وأطعمي |
خذي بالشوى ممن يصيبك منهم | ولا تقربي من كان حزبي فتظلمي |
علي غدا يدعا فيكسوه ربه | ويدنيه حقا من رفيق مكرم |
فان كنت منه يوم يدنيه راغما | وتبدي الرضا عنه من الآن فارغم |
فإنك تلقاه لدى الحوض قائما | مع المصطفى الهادي النبي المعظم |
يجيزان من والاهما في حياته | إلى الروح والظل الظليل المكمم |
علي أمير المؤمنين وحقه | من الله مفروض على كل مسلم |
لأن رسول الله أوصى بحقه | وأشركه في كل فئ ومغنم |
وزوجته صديقة لم يكن لها | مقارنة غير البتولة مريم |
وكان كهارون بن عمران عنده | من المصطفى موسى النجيب المكلم |
وأوجب يوما بالغدير ولاءه | على كل بر من فصيح وأعجم |
لدى دوح خم آخذا بيمينه | ينادي مبينا باسمه لم يجمجم |
أما والذي يهوي إلى ركن بيته | بشعث النواصي كل وجناء عيهم |
يوافين بالركبان من كل بلدة | لقد ضل يوم الدوح من لم يسلم |
وأوصى إليه يوم ولى بأمره | وميراث علم من عرى الدين محكم |
فما زال يقضي دينه وعداته | ويدعو إليها مسمعا كل موسم |
يقول لأهل الدين أهلا ومرحبا | مقالة لا من ولا متجهم |
وينشدها حتى يخلص ذمة | ببذل عطايا ذي ندى متقسم |
فمه لا تلمني في علي فإنه | جرى حبه ما بين جلدي واعظمي |
ولو لم تكن أعمى به وبفضله | عذرت ولكن أنت عن فضله عمي |
أليس بسلع قنع المسرف الذي | طغى وبغى بالسيف فوق المعمم |
وبدر واحد فيهما من بلائه | بلاء بحمد الله غير مذمم |
ولله جل الله في فتح خيبر | عليه ومنه نعمة بعد أنعم |
مشى بين جبريل وميكال حوله | ملائكة شبه الهزبر المصمم |
ليشهدهم رب السماء جهاده | ويعلمهم إقدامه غير محجم |
فأعطوا بأيديهم صغارا وذلة | وقالوا له نرضى بحكمك فاحكم |
فيا رب أني لم أرد بالذي به | مدحت عليا غير وجهك فارحم |
ومن المناقب:
إذا خرجت دبابة الأرض لم تدع | عدوا له إلا خطيما بمعصم |
متى يرها من ليس من أهل وده من | الإنس والجن العفاريت يخطم |
قال المرزباني فلما وصلت إلى ابن أباض امتعض منها جدا وأجلب في أصحابه وسعى به إلى الفقهاء والقراء فاجتمعوا وصاروا إلى المنصور وهو بدجلة البصرة فرفعوا قصته فأحضرهم وأحضر السيد فسألهم عن دعواهم فقالوا: أنه يشتم السلف ويقول بالرجعة ولا يرى لك ولا لأهلك أمامة. فقال لهم: دعوني أنا واقصدوا لما في أنفسكم ثم اقبل على السيد فقال: ما تقول فيما يقولون فقال ما اشتم أحدا واني لأترحم على أصحاب رسول الله(ص) وهذا ابن أباض قل له يترحم على علي وعثمان وطلحة والزبير فقال له ترحم على هؤلاء فتلوى ساعة فحذفه المنصور بعود كان بين يديه وأمر بحبسه فمات في الحبس وأمر بمن كان معه فضربوا المقارع وأمر للسيد بخمسة آلاف درهم (انتهى) وذكرنا شيئا من أخباره مع المنصور وتقدمه عنده في أخباره مع سوار القاضي كما يأتي فراجع.
أخباره مع المهدي
في تلخيص أخبار شعراء الشيعة المار ذكره لما تولى المهدي تورع السيد عنه فلم يقبل عليه إلى إن انشد قوله يهجوه:
تظنا أنه المهدي حقا | ولا تقع الأمور كما تظنا |
ولا والله ما المهدي إلا | إماما فضله أعلى وأسنى |
فقال هذا شعره وما احتاج على ذلك برهانا وطلبه فاستخفى ثم مدحه واعتذر فرضي عنه قال: قيل وغزا المهدي الصائفة فأعطى الناس ووصل الأشراف وأعيان العرب فدفع إليه السيد رقعة فيها:
قل لابن عباس سمي محمد | لا تعطين بني عدي درهما |
واحرم بني تيم بن مرة أنهم | شر الخليقة والبرية فاعلما |
احذر بني الحكم الطريد فإنهم | ظلموا أباك وجرعوه العلقما |
إن تعطهم لا يشكروا لك نعمة | ويكن جزاؤك منهم إن تشتما |
لم يشكروا لمحمد انعامه | أفيشكرون لغيره إن انعما |
وروى أبو الفرج في الأغاني هذه الأبيات وخبرها بنحو آخر قال: حدثني أبو سليمان الناجي قال جلس المهدي يوما يعطي قريشا فجاء السيد فدفع إلى الربيع رقعة مختومة وقال إن فيها نصيحة للأمير فأوصلها إليه فأوصلها فإذا فيها:
قل لابن عباس سمي محمد | لا تعطين بني عدي درهما |
واحرم بني تيم بن مرة أنهم | شر البرية آخرا ومقدما |
ان تعطهم لا يشكروا لك نعمه | ويكافؤك بان تذم وتشتما |
وان ائتمنتهم أو استعملتهم | خانوك واتخذوا خراجك مغنما |
ولئن منعتهم لقد بدؤكم | بالمنع إذ ملكوا وكانوا أظلما |
منعوا تراث محمد أعمامه | وبنيه وابنته عديلة مريما |
وتأمروا من غير إن يستخلفوا | وكفى بما فعلوا هنالك مأثما |
لا يشكرون لأحمد انعامه | أفيشكرون لغيره إن انعما |
والله من عليهمو بمحمد | وهداهم وكسى الجنوب واطعما |
ثم انبروا لوصيه ووليه | بالمنكرات فجرعوه العلقما |
قال أبو الفرج وهي قصيدة طويلة حذفنا باقيها لشدة ما فيه قال فرمى بها إلى أبي عبيد الله ثم قال اقطع العطاء فقطعه وانصرف الناس ودخل السيد إليه فلما رآه ضحك وقال قد قبلنا نصيحتك يا إسماعيل ولم نعطهم شيئا. وفي الأغاني بسنده أنه دخل السيد على المهدي لما بايع لابنيه موسى وهارون فأنشأ يقول:
ما بال مجرى دمعك الساجم | أمن قذى بات بها لازم |
أم من هوى أنت له ساهر | صبابة من قلبك الهائم |
آليت لا أمدح ذا نائل | من معشر غير بني هاشم |
إذ لهم عندي يد المصطفى | ذي الفضل ولمن أبي القاسم |
فإنها بيضاء محمودة | جزاؤها الشكر على العالم |
جزاؤها حفظ أبي جعفر | خليفة الرحمن والقائم |
وطاعة المهدي ثم ابنه | موسى على ذي الأربعة الحازم |
وللرشيد الرابع المرتضى | مفترض من حقه اللازم |
ملكهم خمسون معدودة | برغم انف الحاسد الراغم |
حتى يردوها إلى هابط | عليه عيسى منهم ناجم |
وفي الأغاني بسنده عن أبي جعفر المنصور قال بلغني إن السيد مات بواسط فلم يدفنوه والله لئن تحقق عندي لأحرقنها. قال المؤلف الظاهر أنه بلغه ذلك من خبر كاذب ولم يكن توفي بها بل مرض فأشيع موته وإنما توفي ببغداد في خلافة الرشيد كما مر ويأتي.
أخباره مع الرشيد
روى في الأغاني إن السيد عاش إلى خلافة هارون الرشيد وفي أيامه مات وانه مدحه بقصيدتين فأمر له ببدرتين ففرقهما فبلغ ذلك الرشيد فقال احسب أبا هاشم تورع عن قبول جوائزنا (انتهى) وفي النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة للمرزباني المتقدم ذكرها قيل: لما ولي الرشيد رفع إليه في السيد أنه رافضي فأحضره فقال إن كان الرافضي هو الذي يحب بني هاشم ويقدمهم على سائر الخلق فما اعتذر منه ولا أزول عنه وان كان غير ذلك فما أقول به ثم انشد:
شجاك الحي إذ بانوا | فدمع العين هتان |
كأني يوم ردوا العيس | للرحلة نشوان |
وفوق العيس إذ ولوا | بها حور وغزلان |
إذا ما قمن فالاعجاز | في التشبيه كثبان |
وما جاوز للأعلى | فاقمار وأغصان |
منها:
علي وأبو ذر | ومقداد وسلمان |
وعباس وعمار | وعبد الله أخوان |
دعوا فاستودعوا علما | فادوه وما خانوا |
أدين الله ذا العزة | بالدين الذي دانوا |
وعندي فيه إيضاح | عن الحق وبرهان |
وما يجحد ما قد قلت | في السبطين إنسان |
وان انكر ذو النصب | فعندي فيه عرفان |
وان عدوه لي ذنبا | وحال الوصل هجران |
فلا كان لهذا الذنب | عند القوم غفران |
وكم عدت اساءات | لقوم وهي إحسان |
وسري فيه يا داعي | دين الله اعلان |
فحبي لك إيمان | وميلي عنك كفران |
فعد القوم ذا رفضا | فلا عدوا ولا كانوا |
قال فألطف له الرشيد ووصله ووصله جماعة من بني هاشم.
أخباره مع سوار القاضي
كان بين سوار بن عبد الله العنبري قاضي البصرة وبين السيد الحميري عداوة لأجل المذهب. روى أبو الفرح في الأغاني بسنده عن مهدي بن سابق إن السيد تقدم إلى سوار القاضي ليشهد عنده وكان قد دافع المشهود له بذلك وقال أعفني من الشهادة عند سوار وبذل له مالا فلم يعفه فلما تقدم إلى سوار فشهد قال ألست المعروف بالسيد قال بلى فقال استغفر الله من ذنب تجرأت به على الشهادة عندي قم لا أرضى بك فقام مغضبا من مجلسه وكتب إلى سوار رقعة يقول فيها:
إن سوار بن عبد | الله من شر القضاة |
فلما قرأها سوار وثب عن مجلسه وقصد أبا جعفر المنصور وهو يومئذ نازل بالجسر فسبقه السيد إليه فأنشده:
قل للإمام الذي ينجي بطاعته | يوم القيامة من بحبوحة النار |
لا تستعينن جزاك الله صالحة | يا خير من ذب في حكم بسوار |
لا تستعن بخبيث الرأي ذي صلف | جم العيوب عظيم الكبر جبار |
تضحي الخصوم لديه من تجبره | لا يرفعون إليه لحظ ابصار |
تيها وكبرا ولولا ما رفعت له | من ضبعه كان عين الجائع العاري |
ودخل سوار فلما رآه المنصور تبسم وقال أما بلغك خبر إياس بن
معاوية حيث قبل شهادة الفرزدق واستزاد في الشهود فما أحوجك للتعرض للسيد ولسانه ثم أمر السيد بمصالحته. وفي الأغاني: بسنده عن الحارث بن عبد المطلب قال: كنت جالسا في مجلس أبي جعفر المنصور وهو بالجسر وهو قاعد مع جماعة على دجلة بالبصرة وسوار بن عبد الله العنبري قاضي البصرة جالس عنده والسيد بن محمد بين يديه ينشد قوله:
إن الإله الذي لا شيء يشبهه | أعطاكم الملك للدنيا وللدين |
أعطاكم الله ملكا لا زوال له | حتى يقاد إليكم صاحب الصين |
وصاحب الهند مأخوذا برمته | وصاحب الترك محبوسا على هون |
والمنصور يضحك سرورا بما ينشده فحانت منه التفاتة فرأى وجه سوار يتربد غيظا ويسود حنقا ويدلك إحدى يديه بالأخرى ويتحرق فقال له المنصور ما لك أرابك شيء قال نعم هذا الرجل يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه والله يا أمير المؤمنين ما صدقك ما في نفسه وان الذين يواليهم لغيركم. فقال المنصور مهلا هذا شاعرنا وولينا وما عرفت منه إلا صدق محبة وإخلاص نية فقال له السيد يا أمير المؤمنين والله ما تحملت بغضكم لأحد وما وجدت أبوي عليه فافتتنت بهما وما زلت مشهورا بموالاتكم في أيام عدوكم فقال له صدقت قال ولكن هذا وأهلوه أعداء الله ورسوله قديما والذين نادوا رسول الله(ص) من وراء الحجرات فنزلت فيهم آية من القرآن أكثرهم لا يعقلون وجرى بينهما خطاب طويل فقال السيد قصيدته التي أولها:
قم بنا يا صاح وأربع | بالمغاني الموحشات |
وقال فيها:
يا أمين الله يا | منصور يا خير الولاة |
إن سوار بن عبد | الله من شر القضاة |
نعثلي جملي | لكم غير مواتي ج |
ده سارق عنز | فجرة من فجرات |
لرسول الله | والقاذفه بالمنكرات |
وابن من كان ينادي | من وراء الحجرات |
يا هناة اخرج إلينا | إننا أهل هنات |
مدحنا المدح ومن | نرم نصب بالزفرات |
فاكفنيه لا كفاه | الله شر الطارقات |
وزاد المفيد في روايته كما في الفصول المختارة:
سن فينا سننا | كانت مواريث الطغاة |
أطعم أموال اليتامى | قومه والصدقات |
قال في الأغاني فشكاه سوار إلى أبي جعفر فأمره إن يصير إليه معتذرا ففعل فلم يعذره فقال:
أتيت دعي بني العنبر | أروم اعتذارا فلم اعذر |
فقلت لنفسي وعاتبتها | على اللؤم في فعلها اقصري |
أيعتذر الحر مما أتى | إلى رجل من بني العنبر |
أبوك ابن سارق عنز النبي | وأمك بنت أبي جحدر |
ونحن على رغمك الرافضون | لأهل الضلالة والمنكر |
وروى المفيد كما في الفصول المختارة: أنه بعد ما أنشد السيد المنصور القصيدة التائية المار ذكرها ضحك أبو جعفر وقال نصبتك قاضيا فامدحه كما هجوته فأنشأ يقول:
إني امرؤ من حمير أسرتي | بحيث تحوي سروها حمير |
آليت لا أمدح ذا نائل | له سناء وله مفخر |
إلا من الغر بني هاشم | أن لهم عندي يدا تشكر |
إن لهم عندي يدا شكرها | حق وان أنكرها منكر |
يا أحمد الخير الذي إنما | كان علينا رحمة تنشر |
حمزة والطيار في جنة | فحيث ما شاء رعى جعفر |
منهم وهادينا الذي نحن من | بعد عمانا فيه نستبصر |
لما دجا الدين ورق الهدى | وجار أهل الأرض واستكبروا |
ذاك علي بن أبي طالب | ذاك الذي دانت له خيبر |
دانت وما دانت له عنوة | حتى تدهدى عرشها الأكبر |
ويوم سلع إذ أتى عاتيا | عمرو بن عبد مصلتا |
يخطر يخطر بالسيف مدلا كما | يخطر فحل الصرمة الدوسر |
إذ جلل السيف على رأسه | ابيض عضبا حده مبتر |
فخر كالجذع وأوداجه | يبعث منها حلب احمر |
وفي الأغاني: وبلغ السيد إن سوارا قد أعد جماعة يشهدون عليه بسرقة ليقطعه فشكاه إلى أبي جعفر فدعا بسوار وقال له: قد عزلتك عن الحكم للسيد أو عليه. فما تعرض له بسوء حتى مات قال: وحكى ابن الساحر إن السيد دعي لشهادة عند سوار القاضي فقال لصاحب الدعوى أعفني من الشهادة عند سوار فلم يعفه فلما شهد قال له سوار ألم أعرفك وتعرفني وكيف مع معرفتك بي تقدم على الشهادة عندي فقال أني تخوفت إكراهه ولقد افتديت شهادتي عندك بمال فلم يقبل مني فإذا أقمتها فلا يقبل الله لك صرفا ولا عدلا إن قبلتها وقام من عنده ولم يقدر سوار له على شيء لما تقدم به المنصور إليه في أمره واغتاظ غيظا شديدا وانصرف من مجلسه فلم يقض يومئذ بين اثنين ثم إن سوارا اعتل علته التي مات فيها فلم يقدر السيد على هجائه في حياته لنهي المنصور إياه عن ذلك ومات سوار فاخرج عشيا وحفر له فوقع الحفر في موضع كنيف وكان بين الأزد وبين تميم عداوة فمات عقب موت عباد بن حبيب بن المهلب فهجا السيد سوارا في قصيدة رثى بها عبادا ودفعها إلى نوائح الأزد لما بينهم وبين تميم من العداوة ولقربهم من دار سوار ينحن بها أولها:
يا من غدا حاملا جثمان سوار | من داره ظاعنا منها إلى النار |
لا قدس الله روحا كان هيكلها | فقد مضت بعظيم الخزي والعار |
حتى هوت قعر برهوت معذبة | وجسمه في كنيف بين أقذار |
لقد رأيت من الرحمن معجبة | فيه واحكامه تجري بمقدار |
فاذهب عليك من الرحمن بهلته | يا شرحي براه الخالق الباري |
(انتهى) الأغاني. وفي النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة للمرزباني قيل كان سوار بن عبد الله العنبري على القضاء والصلاة في البصرة فخرج يستسقي فلما قام على المنبر واستدبر الناس رافعا يديه رئي السيد ناحية من الناس يقول:
ابتلعي يا ارض أقدامهم | ثم رامهم يا رب بالجلمد |
لا تسقهم من وابل قطرة | فإنهم حرب بني احمد |
فشاع قوله في البصرة حتى بلغ جعفر بن سليمان فوجه إليه فلما جاءه قال يا أبا هاشم ما هذا الدعاء الذي بلغني عنك قال هو كما بلغ الأمير والله ما أرضى لمبغض أهل البيت إلا بحجارة من سجيل منضودة فضحك منه. قال وله في خبر الطائر:
لما أتى بالخبر الأنبل | في طائر أهدي إلى المرسل |
في خبر جاء أبان به | عن انس في الزمن الأول |
هذا وقيس الحبر يرويه عن | سفينة ذي القلب الحول |
سفينة يمكن من رشده | وانس خان ولم يعدل |
في رده سيد كل الورى | مولاهم في المحكم المنزل |
فصده ذو العرش عن رشده | وشانه بالبرص الأنكل |
قال وبلغ هذا سوارا وهو قاضي البصرة فقال ما يدع هذا أحدا من الصحابة إلا رماه بشعر يظهر عواره وامر بحبسه فاجتمع بنو هاشم والشيعة وقالوا له والله لئن لم تخرجه وإلا كسرنا الحبس وأخرجناه أيمتدحك شاعر فتثيبه ويمتدح أهل البيت شاعر فتحبسه فأطلقه على مضض فقال يهجوه:
قولا لسوار أبي شملة | يا واحدا في النوك والعار |
ما قلت في الطير خلاف الذي | رويته أنت بآثار |
وخبر المسجد إذ خصه | محللا من عرضه الدار |
ان جنبا كان وان طاهرا | في كل اعلان وأسرار |
واخرج الباقين منه معا | بالوحي من انزال جبار |
حبا عليا وحسينا معا | والحسن الطهر لاطهار |
وفاطما أهل الكساء الأولى | خصوا باكرام وايثار |
فمبغض الله يرى بغضهم | يصير للخزي وللنار |
عليه من ذي العرش في فعله | وسم يراه العائب الزاري |
وأنت يا سوار رأس لهم | في كل خزي طالب الثار |
تعيب من آخاه خير الورى | من بين أطهار وأخيار |
وقال في خم له معلنا | ما لم يلقوه بانكار |
من كنت مولاه فهذا له | مولى فكونوا غير كفار |
فعولوا بعدي عليه ولا | تبغوا سراب المهمة الجاري |
قال: وقيل إن سوارا القاضي سعى به إلى المنصور وقال والله ما يريد بقوله بني هاشم أنتم وإنما يريد بني ابن أبي طالب ثم قال مع أنه كثير التنقل في المذاهب وبالأمس كان على رأي الكيسانية وهو اليوم يرى رأي الإمامية فقال المنصور ما تقول يا أبا هاشم فقال كنت أرى رأي الكيسانية في ابن الحنفية فلما صح عندي اعظام محمد لعلي بن الحسين وانقياده له
ملت إلى علي بن الحسينعليه السلام فهل تعلم في الأرض من هو خير منه فأميل إليه واتركه فانقطع سوار (انتهى).
جملة من باقي أخباره
في تلخيص أخبار شعراء الشيعة للمرزباني: قيل أنه مر بقوم يتناظرون في التفضيل فوقف عليهم فقال بعضهم هذه طبقة دون طبقتك فقال صدقت إلا أني كما قال جميل:
فقالت لنا قولا رددنا جوابه | لكل كلام يا بثين جواب |
ثم أنشأ يقول:
أقول لأهل العمى الحائرينا | من السامريين والناصبينا |
وجيراننا الطاعنين الذين | على خير من دب نفسا ودينا |
سوى الأنبياء مع الأوصياء | من الأولين مع الآخرينا |
لعمري لئن كان للسابقين | وسيلة فضل على التابعينا |
لقد كان للسابق السابقين | عليهم من الفضل ما تدعونا |
فقد جرتم وتكذبتم | على ربنا كذب المفترينا |
كذاك ورب منى والذي | بكعبته طوف الطائفونا |
لقد فضل الله آل الرسول | كفضل الرسول على العالمينا |
قال فرجع أكثر أولئك عما كانوا عليه إلى تفضيل أمير المؤمنين ع. وفي الأغاني: حدثني أبو جعفر الأعرج وهو ابن بنت الفضل بن يسار عن إسماعيل بن الساحر راوية السيد وهو الذي يقول فيه السيد في عض قصائده:
#وإسماعيل يبرأ من فلان* ويزعم أنه للنار صاليقال تلاحى رجلان من بني عبد الله بن دارم في المفاضلة بعد رسول الله(ص) فرضيا بحكم أول من يطلع فطلع السيد فقاما إليه وهما لا يعرفانه فقال له مفضل علي بن أبي طالب أني وهذا اختلفنا في خير الناس بعد رسول الله(ص) فقلت علي بن أبي طالب فقطع السيد كلامه وقال وأي شيء قال هذا الآخر ابن الزانية فضحك من حضر ووجم الرجل ولم يحر جوابا
(انتهى) وفي رواية أنه قال لم أقل شيئا. وعن الصولي أنه قال أبو العيناء للسيد بلغني انك تقول بالرجعة قال هو ما بلغك قال فأعطني دينارا بمئة دينار إلى الرجعة قال السيد على إن توصي لي بمن يضمن انك ترجع إنسانا أخاف إن ترجع قردا أو كلبا فيذهب مالي.
قال المرزباني في الكتاب المشار إليه: قيل إن جماعة من الخوارج اجتمعوا بالنخيلة بعد أهل النهروان فسار إليهم علي عليه السلام فطحنهم جميعا لم يفلت منهم إلا خمسة نفر وفيهم يقول عمران بن حطان:
إني أدين بما دان الشراة به | يوم النخيلة عند الجوسق الخرب |
فقال السيد رحمه الله:
إني أدين بما دان الوصي به | يوم النخيلة من قتل المحلينا |
وبالذي دان يوم النهر دنت به | وشاركت كفه كفي بصفينا |
تلك الدماء معا يا رب في عنقي | ومثلها فاسقني أمين أمينا |
وفي الأغاني: روى أبو داود المسترق إن السيد والعبدي هو سفيان بن مصعب اجتمعا فأنشد السيد:
إني أدين بما دان الوصي به | يوم الخريبة من قتل المحلينا |
وبالذي دان يوم النهروان به | وشاركت كفه كفي بصفينا |
فقال له العبدي: أخطأت لو شاركت كفك كفه كنت مثله ولكن قل تابعت كفه لتكون تابعا لا شريكا وكان السيد بعد ذلك يقول أنا أشعر الناس إلا العبدي (انتهى) قال المرزباني في الكتاب المشار إليه. قيل إن السيد حج أيام هشام فلقي الكميت فسلم عليه وقال أنت القائل في أمر فدك:
الله يعلم ما ذا يأتيان به | يوم القيامة من عذر إذا حضرا |
قال نعم قلته تقية من بني أمية وفي مضمون قولي شهادة عليهما أنهما أخذا ما كان في يدها. فقال السيد: لولا إقامة الحجة لوسعني السكوت لقد ضعفت يا هذا عن الحق يقول رسول الله(ص) فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها وان الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها فخالفت رسول الله(ص) وهب لها فدكا بأمر الله له وشهد لها أمير المؤمنين والحسن والحسين وأم أيمن بان رسول الله(ص) اقطع فاطمة فدكا فلم يحكما لها بذلك والله تعالى يقول يرثني ويرث من آل يعقوب ويقول وورث سليمان داود وهم يجعلون سبب مصير الخلافة إليهم الصلاة وشهادة المرأة لأبيها إن رسول الله(ص) قال مروا فلانا بالصلاة بالناس فصدقت المرأة لأبيها ولا تصدق فاطمة وعلي والحسن والحسين وأم أيمن في مثل فدك وتطالب مثل فاطمة بالبينة على ما ادعت لأبيها وتقول أنت مثل هذا القول، وبعد فما تقول في رجل حلف بالطلاق إن الذي طلبت فاطمةعليه السلام هو حق وان عليا والحسن والحسين وأم أيمن ما شهدوا إلا بحق، ما تقول في طلاقه؟ قال ما عليه طلاق، قال فان حلف بالطلاق أنهم قالوا غير الحق؟ قال يقع الطلاق لأنهم لم يقولوا إلا الحق قال فانظر في أمرك فقال الكميت أنا تائب إلى الله مما قلت وأنت أبا هاشم اعلم وأفقه منا (انتهى) وفي الأغاني بسنده عن الحسن بن علي بن حرب بن أبي الأسود الدؤلي قال كنا جلوسا عند أبي عمرو بن العلاء فتذاكرنا السيد فجاء فجلس وخضنا في ذكر الزرع والنخل ساعة فنهض فقلنا يا أبا هاشم مم القيام فقال:
إني لأكره إن أطيل بمجلس | لا ذكر فيه لفضل آل محمد |
لا ذكر فيه لأحمد ووصيه | وبنيه ذلك مجلس قصف ردي |
إن الذي ينساهم في مجلس | حتى يفارقه لغير مسدد |
وفيه أخبرني عمي حدثني الكراني عن ابن عائشة قال: وقف السيد على بشار وهو ينشد الشعر فاقبل عليه وقال:
أيها المادح العباد ليعطى | أن لله ما بأيدي العباد |
فاسأل الله ما طلبت إليهم | وارج نفع المنزل العواد |
لا تقل في الجواد ما ليس فيه | وتسمي البخيل باسم الجواد |
قال بشار من هذا؟ فعرفه فقال لولا إن هذا الرجل قد شغل عنا بمدح بني هاشم لشغلنا ولو شاركنا في مذهبنا لتعبنا. قال: وروي في هذا الخبر إن عمران بن حطان الشاري خاطب الفرزدق بهذه المخاطبة وأجابه بهذا الجواب. وفيه ذكر التميمي وهو علي بن إسماعيل عن أبيه قال كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد إذ استأذن آذنه للسيد فأمر بإيصاله وأقعد حرمه خلف ستر ودخل فسلم وجلس فاستنشده فأنشده قوله:
امرر على جدث الحسين | فقل لأعظمه الزكية |
آ أعظما لا زلت من | وطفاء ساكبة رويه |
وإذا مررت بقبره | فاطل به وقف المطية |
وابك المطهر للمطهر | والمطهرة النقية |
كبكاء معولة أتت | يوما لواحدها المنيه |
قال فرأيت دموع جعفر بن محمد تتحدر على خديه وارتفع الصراخ والبكاء من داره حتى أمره بالإمساك فامسك. قال فحدثت أبي بذلك لما انصرفت فقال لي ويلي على الكيساني الفاعل ابن الفاعل يقول:
فإذا مررت بقبره | فاطل به وقف المطية |
فقلت يا أبت وما ذا يصنع قال أولا ينحر أولا يقتل نفسه فثكلته أمه (انتهى) قال المؤلف: هذا تحامس بارد من أبيه ومثل السيد لا يعاب عليه في رثاء أهل البيتعليه السلام ومدحهم ولا يلحقه في ذلك لاحق. وفي الأغاني بسنده كان السيد إذا استنشد شيئا من شعره لم يبدأ بشيء إلا بقوله:
أجد بال فاطمة البكور | فدمع العين منهمر غزير |
وفيه أخبرني أحمد بن عمار أخبرنا يعقوب بن نعيم حدثني إبراهيم بن عبد الله الطلحي راوية الشعراء بالكوفة حدثنا أبو مسعود عمرو بن عيسى الرباح ومحمد بن سلمة يزيد بعضهم على بعض إن السيد لما قدم الكوفة أتاه محمد بن سهل راوية الكميت فاقبل عليه السيد فقال من الذي يقول:
يعيب علي أقوام سفاها | بان أرجي أبا حسن عليا |
وارجائي أبا حسن صواب | عن العمرين برا أو شقيا |
فان قدمت قوما قال قوم | اسات وكنت كذابا رديا |
إذا أيقنت إن الله ربي | وأرسل أحمدا حقا نبيا |
وان الرسل قد بعثوا بحق | وإن الله كان لهم وليا |
فليس علي في الارجاء باس | ولا لبس ولست أخاف شيا |
فقال محمد بن سهل هذا يقوله محارب بن دثار الذهلي فقال السيد لا كان الله وليا للعاض بظر أمه من ينشدنا قصيدة أبي الأسود:
أحب محمدا حبا شديدا | وعباسا وحمزة والوصيا |
فأنشده القصيدة بعض من كان حاضرا فطفق يسب محارب بن دثار ويترحم على أبي الأسود فبلغ الخبر منصور النمري فقال ما كان على أبي هاشم لو هجاه بقصيدة يعارض بها أبياته ثم قال أبياتا أولها:
يود محارب لو قد رآها | وأبصرهم حواليها جثيا |
ويأتي باقيها في ترجمة منصور.
وفيه بسنده عن سويد بن حمدان بن الحصين قال كان السيد يختلف إلينا ويغشانا فقام من عندنا ذات يوم فتخلفه رجل وقال: لكم شرف وقدر عند السلطان فلا تجالسوا هذا فإنه مشهور بشرب الخمر وذكر السلف فبلغ ذلك السيد فكتب إليه:
وصفت لك الحوض يا ابن الحصين | على صفة الحارث الأعور |
فان تسق منه غدا شربة | تفز من نصيبك بالأوفر |
فما لي ذنب سوى انني | ذكرت الذي فر عن خيبر |
ذكرت امرءا فر عن مرحب | فرار الحمار من القسور |
فأنكر ذاك جليس لكم | زنيم أخو خلق أعور |
لحاني بحب إمام الهدى | وفاروق أمتنا الأكبر |
سأحلق لحيته أنها | شهود على الزور والمنكر |
قال فهجر والله مشايخنا ذلك الرجل ولزموا محبة السيد ومجالسته. وفيه أخبرني علي بن سليمان الأخفش حدثني محمد بن يزيد المبرد حدثني التوزي قال جلس السيد يوما إلى قوم فجعل ينشدهم وهم يلغطون فقال:
قد ضيع الله ما جمعت من أدب | بين الحمير وبين الشاء والبقر |
لا يسمعون إلى قول أجئ به | وكيف تستمع الأنعام للبشر |
أقول ما سكتوا انس فان نطقوا | قلت الضفادع بين الماء والشجر |
قال: ومما يحكى عنه أنه اجتمع في طريقه بامرأة تميمية أباضية فأعجبها وقالت أريد إن أتزوج بك قال يكون كنكاح أم خارجة قالت فمن أنت فقال:
إن تسأليني بقومي تسألي رجلا | في ذروة العز من أحياء ذي يمن |
حولي بها ذو كلاع في منازلها | وذو رعين وهمدان وذو يزن |
والأزد أزد عمان الأدرمين إذا | عدت مآثرهم في سالف الزمن |
بانت كريمتهم عني فدارهمو | داري وفي الرحب من أوطانهم وطني |
لي منزلان بلحج منزل وسط | منها ولي منزل للغز في عدن |
ثم الولاء الذي أرجو النجاة به | من كبة النار للهادي أبي حسن |
فقالت قد عرفتك ولا شيء أعجب من هذا يمان وتميمية ورافضي وأباضية فكيف يجتمعان الحديث. وروي في الأغاني: إن السيد كان أدلم منتن الإبطين وكان في ندمائه فتى أدلم غليظ الأنف والشفتين زنجي الخلقة وكانا يتمازحان فيقول له السيد أنت زنجي الأنف والشفتين ويقول الفتى للسيد أنت زنجي اللون والإبطين فقال السيد:
أعارك يوم بعناه رباح | مشافره وانفك ذا القبيحا |
وكانت حصتي إبطي منه | ولونا حالكا أمسى فضوحا |
فهل لك في مبادلتيك إبطي | بانفك تحمد البيع الربيحا |
فإنك أقبح الفتيان أنفا | وإبطي أنتن الآباط ريحا |
وروي فيه إن فتى مؤسرا تزوج امرأة اسمها ليلى واجتمع على السيد وكان من أظراف الناس وكان الفتى لا يصبر عنه وأنفق عليه مالا كثيرا وكانت ليلى تعذله على إسرافه وتقول له كأني بك قد افتقرت فلم يغن عنك شيئا فقال فيها السيد:
أقول يا ليت ليلى في يدي حنق | من العداوة من اعدى أعاديها |
يعلو بها فوق رعن ثم يحدرها | في هوة فتهدى يومها فيها |
أو ليتها في غمار البحر قد عصفت | فيه الرياح فهاجت من أواذيها |
أو ليتها قد دنت يوما إلى فرس | قد شد منها إلى هاديه هاديها |
حتى يرى لحمها من حضره زيما | وقد أتى القوم بعد الموت ناعيها |
فمن بكاها فلا جفت مدامعه | لا أسخن الله إلا عين باكيها |
وروى فيه أنه أهدى بعض ولاة الكوفة إلى السيد رداء عدنيا فكتب إليه السيد فقال:
لقد أتانا رداء من هديتكم | فلا عدمتك طول الدهر من والي |
هو الجمال جزاك الله صالحة | لو أنه كان موصولا بسربال |
واستزادته إيانا. وروى فيه بسنده عن الحرمازي قال: كنت اختلف إلى بني قيس وكانا يرويان عن الحسن فلقيني السيد يوما وأنا منصرف من عندهما فقال أرني الواحك اكتب فيها شيئا وإلا أخذتها فمحوت ما فيها فأعطيته ألواحي فكتب فيها:
لشربة من سويق عند مسغبة | وأكلة من ثريد لحمه واري |
أشد مما روى حبا إلي بنو | قيس ومما روى صلت بن دينار |
مما رواه فلان عن فلانهم | ذاك الذي كان يدعوهم إلى النار |
وروى فيه بسنده إن السيد كان بالأهواز فمرت به امرأة من آل الزبير تزف إلى إسماعيل بن عبد الله بن العباس وسمع الجلبة فسال عنها فأخبر بها قال:
أتتنا تزف على بغله | وفوق رحالتها قبه |
زبيرية من بنات الذي | أحل الحرام من الكعبه |
تزف إلى ملك ماجد | فلا اجتمعا وبها الوجبه |
فدخلت في طريقها إلى خربة للخلاء فنهشتها أفعى فماتت فكان السيد يقول لحقتها دعوتي (انتهى).
وفي النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة للمرزباني المقدم ذكرها: قيل أنه قال لغلامه عند موته إذا أنا مت فائت مجمع البصريين فأعلمهم بموتي فما أظن يجئ منهم إلا رجل أو رجلان ثم اذهب إلى مجمع الكوفيين فأعلمهم بموتي وأنشدهم:
يا أهل كوفان أني وامق لكم | مذ كنت طفلا إلى السبعين والكبر |
أهواكم وأواليكم وأمدحكم | حتما علي كمحتوم من القدر |
لحبكم لوصي المصطفى وكفى | بالمصطفى وبه من سائر البشر |
والسيدين أولى الحسنى ونجلهم | سمي من جاء بالآيات والسور |
هو الإمام الذي نرجو النجاة به | من حر نار على الأعداء مستعر |
كتبت شعري إليكم سائلا لكم | إذ كنت انقل من دار إلى حفر |
إن لا يليني سواكم أهل بصرتنا | الجاحدون أو الحاوون للبدر |
ولا السلاطين إن الظلم حالفهم | فعرفهم صائر لا شك للنكر |
وكفنوني بياضا لا يخالطه | شيء من الوشي أو من فاخر الحبر |
ولا يشيعني النصاب أنهم | شر البرية من أنثى ومن ذكر |
عسى الإله ينجيني برحمته | ومدحي الغرر الزاكين من سقر |
فإنهم سيسارعون إليك. فلما مات مضى الغلام وفعل ما أمره به فجاءه من البصريين ثلاثة نفر معهم ثلاثة أكفان وجاءه من الكوفيين خلق ومعهم سبعون كفنا ثم بلغ خبره الرشيد فأرسل إليه بأخيه علي بن المهدي ومعه أكفان حسنة وطيب كثير فأمر برد أكفان الناس وتولى الصلاة عليه علي بن المهدي وكبر خمسا ووقف على قبره حتى سطح. وفي تعليقة البهبهاني على منهج المقال: كتب من خط الكفعمي أنه لما توفي السيد ببغداد أتى من الكوفة تسعون كفنا فكفنه الرشيد ورد أكفان العامة وصلى عليه المهدي وكبر عليه خمسا (انتهى). قوله أتى من الكوفة الصواب من الكوفيين يعني الموجودين ببغداد كما بيناه في الحاشية وهو قد توفي ببغداد وبينها وبين الكوفة نحو سبع مراحل وقوله المهدي الصواب علي بن المهدي كما مر عن المرزباني لان المهدي والد الرشيد وكان قد توفي قبل ذلك وقوله تسعون كفنا مر عن المرزباني أنها سبعون فقد صحف أحدهما بالآخر. وفي الأغاني: بسنده عن بشير بن عمار الصيرفي قال: حضرت وفاة السيد في الرميلة ببغداد فوجه رسولا إلى صف الجزارين الكوفيين يعلمهم بحاله ووفاته فغلط الرسول وذهب إلى صف السموسين البصريين ظ فشتموه ولعنوه فعلم أنه قد غلط فعاد إلى الكوفيين يعلمهم بحاله ووفاته فوافوه سبعون كفنا (انتهى).
أشعاره في أهل البيت عليه السلام
قد عرفت إن بعضهم جمع له في بني هاشم ألفين وثلاثمائة قصيدة ولم يستوف شعره فيهم وان له فيهمعليه السلام ألفا ومائتي قصيدة كانت تحفظ ثلاث بنات له كل واحدة أربعمائة بيت منها وان بعضهم قال أنها على حرف الميم فقط عدا ما كان على غيره من الحروف وانه لم يترك فضيلة لأمير المؤمنينعليه السلام إلا نظم فيها شعرا وقد ذهبت الأيام بهذه القصائد وبديوانه الذي كان معروفا محفوظا، وذكر عن بعض العلماء الذي غاب عني اسمه الآن: أنه كان يحفظ ديوانه، ولم يبق من ذلك إلا ما كان في تضاعيف الكتب والمؤلفات، وقد مر فيما سبق من ترجمته جملة من أشعاره في أهل البيت وغيرهم ونذكر هنا ما عثرنا عليه في مصنفات العلماء من أشعاره في أهل البيتعليه السلام زيادة على ما سبق وجله منقول من مناقب ابن شهراشوب وكان متفرقا في الأبواب فجمعناه فإنه يذكر البيت والبيتين والأكثر من القصيدة بحسب المناسبة فجمعنا ما تفرق منه ورتبناه بحسب الإمكان فمن ذلك قوله:
بيت الرسالة والنبوة والذين | نعدهم لذنوبنا شفعاء |
الطاهرين الصادقين العالمين | العارفين السادة النجباء |
إني علقت بحبلهم متمسكا | أرجو بذاك من الإله رضاء |
أسواهم أبغي لنفسي قدوة | لا والذي فطر السماء سماء |
من كان أول من أباد بسيفه | كفار بدر واستباح دماء |
من أنزل الرحمن فيهم هل أتى | لما تحدوا للنذور وفاء |
من خمسة جبريل سادسهم وقد | مد النبي على الجميع عباء |
من ذا بخاتمه تصدق راكعا | فأثابه ذو العرش عنه ولاء |
يا راية جبريل سار أمامها | قدما واتبعها النبي دعاء |
الله فضله بها ورسوله | والله ظاهر عنده الآلاء |
من ذا تشاغل بالنبي وغسله | ورأى عن الدنيا بذاك عزاء |
من كان أعلمهم وأقضاهم ومن | جعل الرعية والرعاء سواء |
من كان باب مدينة العلم الذي | ذكر النزول وفسر الأنباء |
من كان أخطبهم وأنطقهم ومن | قد كان يشفي قوله البرحاء |
من كان أنزعهم من الإشراك أو | للعلم كان البطن منه خفاء |
من ذا الذي أمروا إذا اختلفوا بان | يرضوا به في أمرهم قضاء |
من قيل لولاه ولولا علمه | هلكوا وعانوا فتنة صماء |
من كان أرسله النبي بسورة | في الحج كانت فيصلا وقضاء |
من ذا الذي أوصى إليه محمد | يقضي العدات فأنفذ الايصاء |
من ذا الذي حمل النبي برأفة | ابنيه حتى جاوز الغمصاء |
من قال نعم الراكبان هما ولم | يكن الذي قد كان منه خفاء |
من ذا مشى في لمع برق ساطع | إذ راح من عند النبي عشاء |
وله:
ولقد عجبت لقائل لي مرة | علامة فهم من الفهماء |
أهجرت قومك طاعنا في دينهم | وسلكت غير مسالك الفقهاء |
ألا مزجت بحب آل محمد | حب الجميع فكنت أهل وفاء |
فأجبته بجواب غير مباعد | للحق ملبوس عليه غطائي |
أهل الكساء أحبتي فهم اللذو | فرض الإله لهم علي ولائي |
ولمن أحبهم ووالى دينهم | فلهم علي مودة بصفاء |
والعاندون لهم عليهم لعنتي | وأخصهم مني بقصد هجاء |
وله:
يا آل ياسين يا ثقاتي | أنتم موالي في حياتي |
وعادتي إذ دنت وفاتي | بكم لدى محشري نجاتي |
إذ يفصل الحاكم القضاء
أبرأ إليكم من الأعادي | من آل حرب ومن زياد |
وآل مروان ذي العتاد | وأول الناس في العناد |
مجاهر اظهر البراء
وله:
سماه جبار السماء | صراط حق فسما |
فقال في الذكر وما | كان حديثا يفترى |
هذا صراطي فاتبعوا | وعنهم لا تخدعوا |
فخالفوا ما سمعوا | والخلف ممن شرعا |
واجتمعوا واتفقوا | وعاهدوا ثم التقوا |
إذ مات عنهم وبقوا | أن يهدموا ما قد بنى |
له البساط إذ سرى | وفتية الكهف دعا |
فما أجابوا في الندا | سوى الوصي المرتضى |
وله:
وكان له أخا وأمين غيب | على الوحي المنزل حين يوحى |
وكان لأحمد الهادي وزيرا | كما هارون كان وزير موسى |
وصي محمد وأبو بنيه | وأول ساجد لله صلى |
بمكة والبرية أهل شرك | وأوثان لها البدنات تهدى |
وله:
والحوض حوض محمد ووصيه | يسقي محبيه ويمنعه العدى |
وله:
نادى علي فوافى فوق منبره | فاسمع الناس أني سيد الشيب |
وان في وخير القول أصدقه | لسنة من نبي الله أيوب |
والله لي جامع شملي كما جمعت | كفاه بعد شتات شمل يعقوب |
والله لي واهب من فضل رحمته | ما ليس إلا الذي وحي بموهوب |
والله مبتعث من عترتي رجلا | يفني أمية وعدا غير مكذوب |
هذا حديث عجيب عن أبي حسن | يروى وقد كان يأتي بالأعاجيب |
وله:
إلا أيها اللاحي عليا دع الخنا | فما أنت في تأنيبه بمصوب |
أتلحى أمير الله بعد أمينه | وصاحب حوض شربه خير مشرب |
وحافاته در ومسك ترابه | وقد حاز ماء من لجين ومذهب |
متى ما يرد مولاه يشرب وان يرد | عدو له يرجع بخزي ويضرب |
وله في خبر الطائر:
نبئت إن أبانا كان عن انس | يروي حديثا معجبا عجبا |
في طائر جاء مشويا به بشر | يوما وكان رسول الله محتجبا |
أدناه منه فلما إن رآه دعا | ربا قريبا لأهل الخير متجبا |
ادخل إلي أحب الخلق كلهم | طرا إليك فأعطاه الذي طلبا |
فاغتر بالباب مغترا فقال لهم | من ذا وكان وراء الباب مرتقبا |
من ذا فقال علي قال إن له | شانا له اهتم منه اليوم فاحتجبا |
فقال لا تحجبن مني أبا حسن | يوما وأبصر في أسراره الغضبا |
من رده المرة الأولى وقال له | لج واحمد الله واقبل كل ما وهبا |
اهلا وسهلا بخلصائي وذي ثقتي | ومن له الحب من رب السما وجبا |
وقال ثم رسول الله يا انس | ما ذا أصاب بك التخليط مكتسبا |
ما ذا دعاك إلى إن صار خالصتي | وخير قومي لديك اليوم محتجبا |
فقال يا خير خلق الله كلهم | أردت حين دعوت الله مطلبا |
بان يكون من الأنصار ذاك لكي | يكون ذاك لنا في قومنا حسبا |
فقد دعا ربه المحجوب في انس | بان يحل به سقم حوى كربا |
فناله السوء حتى كان يرفعه | في وجهه الدهر حتى مات منتقبا |
إنا وجدنا له فيما نخبره | بعروة العرش موصولا بها سببا |
حبلا متينا بكفيه له طرف | سد العراج إليه العقد والكربا |
من يعتصم بالقوى من حبله فله | أن لا يكون غدا في حال من عطبا |
قوم غلوا في علي لا أبا لهم | وجشموا أنفسا في حبه تعبا |
قالوا هو الله جل الله خالقنا | من إن يكون ابن أم أو يكون أبا |
فمن أدار أمور الخلق بينهم | إذ كان في المهد أو في البطن محتجبا |
وله:
أبو حسن غلام من قريش | ابرهم وأكرمهم نصابا |
دعاهم أحمد لما اتته | من الله النبوة فاستجابا |
فأدبه وعلمه وأملى | عليه الوحي يكتبه كتابا |
فأحصى كلما املى عليه | وبينه له بابا فبابا |
وقال في الحسين ع:
لست أنساه حين أيقن بالموت | دعاهم وقام فيهم خطيبا |
ثم قال ارجعوا إلى أهلكم ليس | سوائي أرى لهم مطلوبا |
فأجابوه والعيون سكوب | وحشاهم قد شب منها لهيبا كذا |
اي عذر لنا حين نلقى | جدك المصطفى ونحن حروبا كذا |
وله:
محمد خير بني غالب | وبعده ابن أبي طالب |
هذا نبي ووصي له | ويعزل العالم في جانب |
حدثه في مجلس واحد | ألف حديث معجب عاجب |
كل حديث من أحاديثه | يفتح ألفا عدة الحاسب |
فتلك وفت ألف ألف له | فيها جماع المحكم الصائب |
وله في الحارث بن عمرو الفهري الذي قال اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية:
#هو مولاك فاستطار ونادى*ربه باستكانة وانتصابرب إن كان ذا هو الحق من | عندك تجزي به عظيم الثواب |
رب أمطر من السماء بأحجار | علينا أو ائتنا بعذاب |
ثم ولى وقال دونكموه | أن ربي مصيبه بشهاب |
فاطلبوه إذا تغيب عنكم | فسعوا يطلبونه في الشعاب |
فإذا شلوه طريح عليه | لعنة الله بين تلك الروابي |
وله:
وان عليا قال في الصيد قبل أن | ينزل في التنزيل ما كان أوجبا |
قضى فيه قبل الوحي خير قضية | فانزلها الرحمن حقا مرتبا |
على قاتل الصيد الحرام كمثله | من النعم المفروض كان معقبا |
إلى البيت بيت الله معتمدا إذا | تعمده كيلا يعود فيعطبا |
وسلم جبريل وميكال ليلة | عليه وإسرافيل حياه معربا |
أحاطوا به في ردئه جاء يستقي | وكان على ألف بها قد تحزبا |
ثلاثة آلاف ملائك سلموا | عليه فأدناهم وحيا ورحبا |
وأعتق الفاثم من صلب ماله | أراد بهم وجه الإله وسيبا |
وليلة قاما يمشيان بظلمة | يجوبان جلبابا من الليل غيهبا |
إلى صنم كانت خزاعة كلها | توقره كي يكسراه ويهربا |
فقال أعلى ظهري يا علي وحطه | فقام به خير الأنام مركبا |
يغادرها قضا جذاذا وقال ثب | جزاك به ربي جزاء مؤربا |
وله:
هاشمي مهذب احمدي | من قريش القرى وأهل الكتاب |
خازن الوحي الذي أوتي الحكم | صبيا طفلا وفصل الخطاب |
كان لله ثاني اثنين سرا | وقريش تدين للأنصاب |
وله:
علي أمير المؤمنين وعزهم | إذا الناس خافوا مهلكات العواقب |
علي هو الحامي المرجا بفعله | لدى كل يوم باسل الشر عاصب |
علي هو المرهوب والذائد الذي | يذود عن الإسلام كل مناصب |
علي هو الغيث الربيع مع الحيا | إذا نزلت بالناس إحدى المصائب |
علي هو العدل الموفق والرضا | وفارج لبس المبهمات الغرائب |
علي هو المأوى لكل مطرد | شريد ومنحوب من الشر هارب |
علي هو المهدي والمقتدى به | إذا الناس حاروا في فنون المذاهب |
علي هو القاضي الخطيب بقوله | يجئ بما يعيا به كل خاطب |
علي هو الخصم القؤول بحجة | يرد بها قول العدو المشاغب |
علي هو البدر المنير ضياؤه | يضئ سناه في ظلام الغياهب |
علي أعز الناس جارا وحاميا | واقتلهم للقرن يوم الكتائب |
علي أتمم الناس حلما ونائلا | وأجودهم بالمال حقا لطالب |
علي اكف الناس عن كل محرم | وأتقاهم لله في كل جانب |
وله:
جعلت آل الرسول لي سببا | أرجو نجاتي به من العطب |
علام ألحى على مودة من | جعلتهم عدة لمنقلبي |
لو لم أكن قائلا بحبهم | أشفقت من بغضهم على نسبي |
القصيدة المذهبة
في مدح أمير المؤمنين علي عليه السلام وهي من مشهور شعره ولما لها من المكانة شرحها السيد المرتضى علم الهدى بطلب من أبيه والشرح مطبوع بمصر ووصل إلينا منه نسختان مخطوطتان وقد أوردناها في الجزء الخامس من المجالس السنية وفي الجزء الثالث من معادن الجواهر وقد سمعت قول التوزي فيها لو إن شعرا يستحق إن لا ينشد إلا في المساجد لحسنه لكان هذا ولو خطب به خاطب على المنبر في يوم جمعة لأتى حسنا ولحاز أجرا وقول مروان بن أبي حفصة لكل بيت منها لما سمعها: سبحان الله ما أعجب هذا الكلام وقد ذكر السيد المرتضى سنده إليها ولا باس بان نذكر سندنا إليها أيضا بواسطته فقد كان القدماء يحافظون على الأسانيد ويروون كلما يذكرونه بالأسانيد عن مشايخهم كما تراه في مؤلفاتهم وقد أهمل ذلك في هذا الزمان في جملة ما أهمل. ولنا عدة طرق إلى السيد المرتضى قدس الله سره نذكر منها هنا طريقا واحدا فنقول: إننا نروي هذه القصيدة وغيرها من مرويات الشريف المرتضى رضي الله عنه بالإجازة عن شيخنا وأستاذنا الفقيه الشيخ محمد طه النجفي عن شيخه الفقيه الزاهد الملا علي ابن الميرزا خليل الطبيب الطهراني النجفي عن شيخه الإمام الفقيه الشيخ محمد حسن النجفي صاحب جواهر الكلام عن شيخه الفقيه المتبحر السيد محمد الجواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة عن شيخه الإمام العلامة السيد محمد مهدي الطباطبائي النجفي الملقب بحر العلوم عن شيخه المحقق الوحيد محمد باقر البهبهاني الحائري عن أبيه محمد أكمل عن العلامة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي عن أبيه عن الشيخ بهاء الدين محمد العاملي المعروف بالبهائي عن والده الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي عن شيخه الشيخ زين الدين بن علي العاملي الجبعي المعروف بالشهيد الثاني عن شيخه نور الدين علي بن عبد العال العاملي الميسي عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود الشهير بابن المؤذن العاملي الجزيني عن الشيخ ضياء الدين علي بن شمس الدين الشهيد السعيد محمد بن مكي العاملي الجزيني عن والده المذكور عن الشيخ فخر الدين أبي طالب محمد بن الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن المطهر الحلي عن والده المعروف بالعلامة الحلي عن شيخه نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد الهذلي المعروف بالمحقق الحلي عن السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي عن الشيخ أبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي عن الشيخ أبي جعفر محمد بن القاسم العماد الطبري عن الشيخ أبي علي الحسن ابن شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي عن أبيه عن السيد الأجل المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي عن أبي عبد الله المرزباني عن محمد بن يحيى عن أبي صفي السلمي المازني عن حردان عن أبي حردان قال سمعت غير مرة السيد إسماعيل بن محمد الحميري وأنشدني القصيدة التي أولها:
هلا وقفت على المكان المعشب | بين الطويلع فالنقا من كبكب |
وله:
فإنك كنت تعبده غلاما | بعيدا من اساف ومن مناة |
ولا ثنا عبدت ولا صلبيا | ولا عزى ولم تسجد للات |
وله:
سبطان أمهما الزهراء منجبة | سادت نساء جميع العالميات |
ابنا الرسول الذي جلت فضائله | أن عدد الفضل عن وصف المقالات |
وابنا الوصي الذي كانت ولايته | حتما من الله في تنزيل آيات |
أولاك من آدم في بيت معلوة | تواضعت عنده كل البيوتات |
وله:
إن امرءا خصمه أبو حسن | لعازب الرأي داحض الحجج |
لا يقبل الله منه معذرة | ولا تلاقيه حجة الفلج |
وله:
قسيم النار ذاك لها وذا لي | ذريه أنه لي ذو وداد |
يقاسمها فنصفها فترضى | مقاسمة المعادل غير عادي |
كما انتقد الدراهم صيرفي | ينقي الزائفات من الجياد |
وله:
واسأل بني الحسحاس تخبر أنه | كاد الوصي برشق سهم مقصد |
فدعا عليه المصطفى في قومه | بدعاء محمود الدعاء مؤيد |
فتعطلت يمنى يديه عقوبة | واتى عشيرته بوجه اسود |
غرست نخيل من سلالة آدم | شرفا فطاب بفخر طيب المولد |
زيتونة طلعت فلا شرقية | تلفى ولا غريبة في المحتد |
ما زال يشرق نورها من زيتها | فوق السهول وفوق صم الجلمد |
وسراجها الوهاج أحمد والذي | يهدي إلى نهج الطريق الأزهد |
وإذا وصلت بحبل آل محمد | حبل المودة منك فأبلغ وازدد |
بمطهر لمطهرين أبوة | نالوا العلى ومكارما لم تنفد |
أهل التقى وذوي النهى وأولي العلى | والناطقين عن الحديث المسند |
الصائمين القائمين القانتين | الفائقين بني الحجى والسؤدد |
الراكعين الساجدين الحامدين | السابقين إلى صلاة المسجد |
الفاتقين الراتقين السائحين | العابدين إلههم بتودد |
الواهبين المانعين القادرين | القاهرين لحاسد متحسد |
نصب الجليل لجبرئيل منبرا | في ظل طوبى من متون زبرجد |
شهد الملائكة الكرام وربهم | وكفى بهم وبربهم من شهد |
وتناثرت طوبى عليهم لؤلؤا | وزمردا متتابعا لم يعقد |
وملاك فاطمة الذي ما مثله | في متهم شرفا ولا في منجد |
وبكرن علقمة النصارى إذ عتت | في عزها والباذخ المتقعد |
إذ قال كرر هاتم أبناءكم | ونساءكم حتى نبهل في غد |
فأتى النبي بفاطم ووليها | وحسين والحسن الكريم المصعد |
جبريل سادسهم فأكرم سادس | وأخير منتجب لأفضل مشهد |
وله:
بعث النبي فما تلبث بعده | حتى تحنف غير يوم واحد |
صلى وزكى واستسر بدينه | من كل عم مشفق أو والد |
حججا يكاتم دينه فإذا خلا | صلى ومجد ربه بمحامد |
صلى ابن تسع وارتدى في برجد | ولداته يسعون بين براجد |
وسرى النبي وخاف إن يسطى به | عند انقطاع مواثق ومعاهد |
واتى النبي فبات فوق فراشه | متدثرا بدثاره كالراقد |
وذكت عيون المشركين ونطفوا | أبيات آل محمد بمراصد |
حتى إذا ما الصبح لاح كأنه | سيف تخرق عنه غمد الغامد |
ثاروا وظنوا أنهم ظفروا به | فتعاوروه وخاب كيد الكائد |
فوقاه بادرة الحتوف بنفسه | ولقد تنول رأسه بجلامد |
في المناقب: عن كتاب أبي موسى الحامض النحوي أنه عرض عباسي
للسيد الحميري إن أشعر الناس من قال:
محمد خير من يمشي على قدم | وصاحباه وعثمان بن عفانا |
فقال السيد أنا أشعر من هذا حيث أقول:
سائل قريشا إذا ما كنت ذا عمه | من كان أثبتهم في الدين أوتادا |
من كان أولها سلما وأكثرها | علما وأطيبها أهلا وأولادا |
من كان أعدلهم حكما وأقسطهم | فتيا وأصدقهم وعدا وايعادا |
من صدق الله إذ كانت مكذبة | تدعو مع الله أوثانا وأندادا |
إن يصدقوك فلن يعدو أبا حسن | أن أنت لم تلق للأبرار حسادا |
وله:
ولدته في حرم الإله وامنه | والبيت حيث فناؤه والمسجد |
بيضاء طاهرة الثياب كريمة | طابت وطاب وليدها والمولد |
في ليلة غابت نحوس نجومها | وبدت مع القمر المنير الأسعد |
ما لف في خرق القوابل مثله | إلا ابن آمنة النبي محمد |
وله:
لأقدم أمته الأولين | هدى ولأحدثهم مولدا |
دعاه ابن آمنة المصطفى | وكان رشيد الهدى مرشدا |
إلى إن يوحد رب السماء | تعالى وجل وان يعبدا |
واخبره أنه مرسل | فقال صدقت وما فندا |
فصلى الصلاة وصام الصيام | غلاما ووافى الوغى أمردا |
فلم ير يوما كأيامه | ولا مثل مشهده مشهدا |
وله:
توفي النبي عليه السلام | فلما تغيب في الملحد |
أزالوا الوصية عن أقربيه | إلى الأبعد الأبعد الأبعد |
وكادوا مواليه من بعده | فيا عين جودي ولا تجمدي |
وأولاد بنت رسول الإله | يضامون فيها ولم تكمد |
فهم بين قتلى ومستضعف | ومنعفر في الثرى مقصد |
فذكر النبي وذكر الوصي | وذكر المطهر ذي المسجد |
عظام الحلوم حسان الوجوه | شم العرانيين والمنجد |
ومن دنس الرجس قد طهروا | فيا فضل من بهم يهتدي |
هم حجج الله في خلقه | عليهم هدى كل مسترشد |
بهم أحييت سنن المرسلين | على الرغم من انف الحسد |
فمن لم يصل عليهم يخب | إذا لقى الله بالمرصد |
وارث السيف والعمامة والراية | مطوية وذات القيود |
منه والبغلة التي كان والحرب | عليها يلقاه يوم الوفود |
وكفاه بأنه سبق الناس | بفضل الصلاة والتوحيد |
حججا قبلهم كوامل سبعا | بركوع لديه أو بسجود |
وكفاه بألف ألف حديث | قد وعاهن من وحي مجيد |
قد وعاها في مجلس بمعانيها | وأسبابها ووقت الحدود |
كان من قوله إلا لا تعودوا | بعد موتي في ردة وعنود |
تلقحوا الحرب بينكم فتصيروا | في فريقين قائد ومقود |
ولئن أنتم فتنتم وخلتم | في عمى حائل وفي ترديد |
لتروني وفي يدي السيف صلتا | وعليا في فيلق كالأسود |
تحته بغلتي ودرعي عليه | وحسامي في كفه وعمودي |
فوقه رايتي تطير بها الريح | عليكم في يوم نحس مبيد |
وله:
أليس علي كان أول مؤمن | وأول من صلى غلاما ووحدا |
فما زال في سر يروح ويغتدي | فيرقى بثور أو حراء مصعدا |
يصلي ويدعو ربه فهما به | مع المصطفى مثنى وان كان أوحدا |
سنين ثلاثا بعد خمس وأشهرا | كوامل صلى قبل إن يتمردا |
ومن ذا الذي قد بات فوق فراشه | وأدنى وساد المصطفى فتوسدا |
وخمر منه وجهه بلحافه | ليدفع عنه كيد من كان أكيدا |
فلما بدا صبح يلوح تكشفت | له قطع من حالك اللون اسودا |
ودارت به أحراسهم يطلبونه | وبالأمس ما سب النبي وأوعدا |
أتوا طاهرا والطيب الطهر قد مضى | إلى الغار يخشى فيه إن يتوردا |
فهموا به إن يقتلوه وقد سطوا | بأيديهم ضربا مقيما ومقعدا |
فصدهم عن غاره عنكب له | على بابه سدى ووشى فجودا |
فقال زعيم القوم ما فيه مطلب | ولم يظفر الرحمن منهم به يدا |
وخص رجالا من قريش بان بنى | لهم حجرا فيه وكان مسددا |
فقيل له أسدد كل باب فتحته | سوى باب ذي التقوى علي فسددا |
وله:
وأهوج لاحى في علي وعابه | بسفك دماء من رجال تهودوا |
وتلك دماء المارقين وسفكها | من الله ميثاق عليه مؤكد |
هم نكثوا إيمانهم بنفاقهم | كما أبرقوا من قبل ذاك وأرعدوا |
أتلحى امرءا ما زال مذ هو يافع | يصلي ويرضي ربه ويوحد |
وقد كانت الأوثان قبل صلاته | يطاف بها في كل يوم وتعبد |
وله:
على هادينا الذي نحن من | بعد عمانا فيه نستبصر |
لما دجا الدين ورق الهدى | وحار أهل الأرض واستكبروا |
وله:
ففاروق بين الهدى والضلال | وصديق أمتنا الأكبر |
وله:
وأول مؤمن صلى وزكى | بخاتمه على رغم الكفور |
وقد وجب الولاء له علينا | بذلك في الجهار وفي الضمير |
وأخبرنا الإله بما وقاهم | ولقاهم هناك من السرور |
وأكرمهم لما صبروا جميعا | بجنات وألوان الحرير |
فلا شمسا يرون ولا حميما | ولا غساق بين الزمهرير |
وله:
من كان أول من تصدق راكعا | يوما بخاتمه وكان مشيرا |
من ذاك قول الله إن وليكم | بعد الرسول ليعلم الجمهورا |
ولدى الصراط ترى عليا واقفا | يدعو إليه وليه المنصورا |
الله أعطى ذا عليا كله | وعطاء ربي لم يكن محظورا |
والله زوجه الزكية فاطما | في ظل طوبى مشهدا محضورا |
كان الملائك ثم في عدد الحصا | جبريل يخطبهم بها مسرورا |
يدعو له ولها وكان دعاؤه | لهما بخير دائما مذكورا |
حتى إذا فرع الخطيب تتابعت | طوبى تساقط لؤلؤا منثورا |
وتهيل ياقوتا عليهم مرة | وتهيل درا تارة وشذورا |
فترى نساء الحور ينتهبونه | حورا بذلك يحتذين الحورا |
فأتى القيامة بينهن هدية | داك النثار عشية وبكورا |
وله:
فقال له قد كان عيسى بن مريم | بزعمك يحيي كل ميت ومقبر |
فما ذا الذي أعطيت قال محمد | لمثل الذي أعطيه إن شئت فانظر |
إلى مثل ما أعطي فقالوا لكفرهم | إلا أرنا ما قلت غير معذر |
فقال رسول الله قم لوصيه | فقام وقدما كان غير مقصر |
ورداه بالمنجاب والله خصه | وقال اتبعوه بالدعاء المبرر |
فلما أتى ظهر البقيع دعا به | فرجت قبور بالورى لم تغير |
فقالوا له يا وارث العلم اعفنا | ومن علينا بالرضى منك واغفر |
وله:
وفاطم قد أوصت بان لا يصليا | عليها وان لا يدنوا من رجا القبر |
عليا ومقدادا وان يخرجوا بها | رويدا بليل في سكون وفي ستر |
وله:
ذاك قسيم النار من قبله | خذي عدوي وذري ناصري |
ذاك علي بن أبي طالب | صهر النبي المصطفى الطاهر |
حدثنا وهب وكان امرءا | يصدق بالمنطق عن جابر |
إن عليا عاين المصطفى | ذا الوحي من مقتدر قادر |
عاينه من جوعه مطرقا | صلى عليه الله من صابر |
وظل كالواله مما رأى | بصهره ذي النسب الفاخر |
يجول إذ مر بذي حائط | يسقي بدلو غير مستأجر |
قال له ما أنت لي جاعل | بكل دلو مترع ظاهر |
فقال ما عندي سوى تمرة | بكل دلو غير ما غادر |
فأترع الدلو إمام الهدى | يسقي به الماء من الخاسر |
حتى استقى عشرين دلوا على | عشر بقول العالم الخابر |
ثم أتى بالتمر يسعى به | إلى أخيه غير مستأثر |
فقال ما هذا الذي جئتنا | به هداك الله من زائر |
فاقتص ما قد كان من أمره | في عاجلالأمر وفي الآخر |
فضمه ثم دعا ربه | له بخير دائم ماطر |
وله:
شهيدي الله يا صديق | هذي الأمة الأكبر |
باني لك صافي الود | في فضلك لا استر |
ويا فاروق بين الحق | والباطل في المصدر |
ويا من اسمه في الكتب | معروف به حيدر |
وسمته به أم | له صادقة المخبر |
قسيم النار هذا لي | فكفي عنه لا يضرر |
وهذا لك يا نار | فحوزي الفاجر الأكبر |
فيا أول من صلى | ومن زكى ومن كبر |
ويا حب رسول الله | في مسجده الأكبر |
حلال في إن تجنب | لا تلحى ولا تؤزر |
وقد بايع جبريل | فنعم البايع المشتر |
بدينار من الحب | فلم يندم ولم يخسر |
وله:
من كنت مولاه فهذا له | مولى فلا تابوا بتكفار |
جاروا على أحمد في جاره | والله قد أوصاه بالجار |
هو جاره في مسجد طاهر | ولم يكن من عرصة الدار |
أربى بما كان وأربى بما | في كل اعلان وأسرار |
واخرج الباقين منه معا | بالوحي من انزال جبار |
وله:
علي إمام وصي النبي | بمحضره قد دعاه أميرا |
وكان الخصيص له في الحياة | فصاهره واجتباه عشيرا |
وله:
وليلة كاد المشركون محمدا | شرى نفسه لله إذ بت لا تشري |
فبات مبيتا لم يكن ليبيته | ضعيف عمود القلب منتفخ السحر |
وله:
فتى أخواه المصطفى خير مرسل | وخير شهيد ذو الجناحين جعفر |
وله:
من ضله أنه قد كان أول من | صلى وآمن بالرحمن إذ كفروا |
سنين سبعا وأياما محرمة | مع النبي على خوف وما شعروا |
ويوم قال له جبريل قد علموا | انذر عشيرتك الأدنين إن بصروا |
فقال يدعوهم من دون أمته | فما تخلف عنه منهم بشر |
فمنهم آكل في مجلس جذعا | وشارب مثل عس وهو محتضر |
فصدهم عن نواحي قصعة شبعا | فيها من الحب صاع فوقه الوذر |
فقال يا قوم إن الله أرسلني | إليكم فأجيبوا الله وادكروا |
فأيكم يجتبي قولي ويؤمن بي | أني نبي رسول فانبرى غدر |
فقال تبا أتدعونا لتلفتنا | عن ديننا ثم قام القوم فاشتمروا |
من الذي قال منهم وهو أحدثهم | سنا وخيرهم في الذكر إذ سطروا |
آمنت بالله قد أعطيت نافلة | لم يعطها أحد جن ولا بشر |
وإن ما قلته حق وأنهم أن | لم يجيبوا فقد خانوا وقد خسروا |
ففاز قدما بها والله أكرمه | وكان سباق غايات إذا ابتدروا |
وله:
من عنده علم الكتاب وحكمه | من شاهد يتلوه منه نذارا |
علم البلايا والمنايا عنده | فصل الخطاب نمى إليه وصارا |
وله بلاء يوم أحد صالح | والمشرفية تأخذ الأدبارا |
إذ جاء جبريل فنادى معلنا | في المسلمين وأسمع الأبرارا |
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى | إلا علي إن عددت فخارا |
من خاصف نعل النبي محمد | ارضى الإله بفعله الغفارا |
هذا وصيي فيكم وخليفتي | لا تجهلوه فترجعوا كفارا |
وله صراط الله دون عباده | من يهده يرزق تقى ووقارا |
في الكتب مسطور محلى باسمه | وبنعته فاسال به الأخبارا |
من كان ذا جار له في مسجد | من نال منه قرابة وجوارا |
والله ادخله واخرج قومه | واختاره دون البرية جارا |
من كان جبريل يقوم يمينه | فيها وميكال يقوم يسارا |
من كان ينصره ملائكة السما | يأتونه مددا له أنصارا |
من كان وحد قبل كل موحد | يدعو الإله الواحد القهارا |
من كان صلى القبلتين وقومه | مثل النواهق تحمل الأسفارا |
من كان في القرآن سمي مؤمنا | في عشر آيات جعلن خيارا |
من قال للماء افجري فتفجرت | ما كلفت كفا له محفارا |
حتى تروى جنده من مائها | لما جرى فوق الحضيض وفارا |
وبكربلاء اثار أخرى قبلها | أحيا بها الأنعام والأشجار |
واتاه راهبها فاسلم طائعا | معه واثنى الفارس المغوارا |
أم من عليه الشمس كرت بعد ما | غربت والبسها الظلام شعارا |
حتى تلافى العصر في أوقاتها | والله آثره بها ايثارا |
ثمت توارت بالحجاب حثيثة | جعل الإله لسيرها مقدارا |
من كان أذن منهم ببراءة | في المشركين فأنذر الكفارا |
منكم برئنا أجمعين فأشهرا | في الأرض سيروا كلكم فرارا |
ابتاع من جبريل حبا قد زكى | في جنة لم تحرم الأنهارا |
جبريل بايعه واحمد ضيفه | خير الأنام مركبا ونجارا |
وله:
ويوم سلع إذا أتى عاديا | عمرو بن عبد مصلتا يخطر |
يخطر بالسيف مدلا كما | يخطر فحل الصرمة الدوسر |
إذ جلل السيف على رأسه | ابيض عضبا حده مبتر |
فخر كالجذع وأوداجه | يثعب منها حلب احمر |
ينفث من فيه دما معجلا | كأنما ناظره العصفر |
وله:
وفي ذات السلاسل من سليم | غداة اتاهم الموت المبير |
وقد هزموا أبا حفص عميرا | وصاحبه مرارا فاستطيروا |
وقد قتلوا من الأنصار رهطا | فحل النذر أو وجبت نذور |
ازار الموت مشيخة ضخاما | جحاجحة تسد بها الثغور |
وعمرو قد سقي كأسا بسلع | اقب كأنه أسد مغير |
فنادى هل بذي حسب براز | وهل عند امرئ حر نكير |
وصي محمد وأمين غيب | ونعم أخو الإمامة والوزير |
هما أخوان ذا هاد إلى ذا | وذا فينا لأمته نذير |
فاحمد منذر واخوه هاد | دليل لا يضل ولا يحير |
كسابق حلبة وله مظل | إمام الخيل حيث يرى البصير |
وعلي أول الناس اهتدى | بهدى الله وصلى واذكر |
وحد الله ولم يشرك به | وقريش أهل عود وحجر |
وعلي خازن الوحي الذي | كان مستودع آيات السور |
مجبر قال لدينا عدد | وجميع من جماهير البشر |
قلت ذم الله ربي جمعكم | وبه تنطق آيات الزبر |
من زها سبعين ألف برة | وسواها في عذاب وسعر |
وله:
ألم يصل علي قبلهم حججا | ووحد الله رب الشمس والقمر |
وهؤلاء ومن في حزب دينهم | قوم صلاتهم للعود والحجر |
وله:
فطوبى لمن امسى لآل محمد | وليا إماماه شبير وشبر |
وقبلهما الهادي وصي محمد | علي أمير المؤمنين المطهر |
ومن نسله زهر فروع أطائب | أئمة حق أمرهم يتنظر |
وله:
لا فرض إلا فرض عقد الولا | في أول الدهر وفي الآخرة |
لأهل بيت المصطفى أنهم | صفوة حزب الله ذي المغفرة |
أعطاهم الفضل على غيرهم | بسؤدد البرهان والمقدرة |
فهم ولاةالأمر في خلقه | حكامه الماضون في أدهره |
وله:
واحتل من طلحة المزهو حبته | سهم بكف قديم الكفر غدار |
في كف مروان مرون. . . أرى | رهط الملوك ملوكا غير أخيار |
وله:
قال بينا النبي وابناه والبر | ة والروح ثالث في قرار |
إذ دعا شبرا شبير فقام | الطهر للطاهرات والأطهار |
لصراع فقال أحمد هي يا | حسن شد شدة المغوار |
قالت البرة البتولة لما | سمعت قوله بلا انكار |
أتجري الكبير والناس طرا | يقصدون الصغار دون الكبار |
قال إذ كنت فاعلا إن من | يكنف هذا عن الورى متواري |
ان جبريل قاتل مثل قولي | لفتى النجد والندى والوقار |
وله:
ألم يك لما دعاه الرسول | أجاب النبي ولم يدهش |
فصلى هنيئا له القبلتين | على أنه غير مستوحش |
وله:
وصي رسول الله والأول الذي | أناب إلى دار الهدى حين ايفعا |
غلاما فصلى مستسرا بدينه | مخافة إن يبغى عليه فيمنعا |
بمكة إذ كانت قريش وغيرها | تظل لأوثان سجودا وركعا |
شريك رسول الله في البدن التي | حداها هدايا عام حج فودعا |
فلم يعد إن وافى الهدي محله | دعا بالهدايا مشعراث فصرعا |
بكفيه ستا بعد ستين بكرة | هدايا له قد ساقها مائة معا |
وفاز علي الخير منه باينق | ثلاثين بل زادت على ذاك أربعا |
فنحرها ثم اجتذى من جميعها | جذى ثم القى ما اجتذى منه أجمعا |
بقدر فاغلاها فلما أتت اتى | بها قد تهرى لحمها وتميعا |
فقال له كل واحس منها ومثلما | تراني بإذن الله اصنع فاصنعا |
ولم يطعما خلقا من الناس بضعة | ولا حسوة من ذاك حتى تضلعا |
وله:
وفي يوم جاء المشركون بجمعهم | وعمرو بن عبد في الحديد مقنع |
فجدله شلوا صريعا لوجهه | رهينا بقاع حوله الضبع يخمع |
وأهلكهم ربي وردوا بغيظهم | كما أهلكت عاد الطغاة وتبع |
وفي خاصف النعل البيان وعبرة | لمعتبر إذ قال والنعل يرقع |
لأصحابه في مجمع إن منكم | وأنفسكم شوقا إليه تطلع |
إماما على تأويله غير جائر | يقاتل بعدي لا يضل ويهلع |
فقال أبو بكر أنا هو قال لا | فقال أبو حفص أنا هو فاسفع |
فقال لهم لا لا ولكنه أخي | وخاصف نعلي فاعرفوه المرقع |
وفي طائر جاءت به أم أيمن | بيان لمن بالحق يرضى ويقنع |
فقال إلهي آت عبدك بالذي | تحب وحب الله أعلى وارفع |
ليأكل من هذا معي ويناله | فجاء علي من يصد ويمنع |
فقال له إن النبي ورده | على حاجة فارجع وكل ليرجع |
فعاد ثلاثا كل ذاك يرده | فاهوى بتأييد إلى الباب يقرع |
فاسمعه القرع الوصي لبابه | فقال له ادخل بعد ما كاد يرجع |
وقال له يشكو وقد جئت مرة | وأخرى وأخرى كل ذلك ادفع |
فسر رسول الله اكل وصيه | وانف الذي لا يشتهي ذاك يجدع |
وقال له ما إن يحبك صادق | من الناس إلا مؤمن متورع |
ويقلاك إلا كافر ومنافق | يفارق في الحق الأنام ويخلع |
فلما قضى وحي النبي دعا له | ولم يك صلى العصر والشمس تنزع |
فردت عليه الشمس بعد غروبها | فصار لها في أول الليل مطلع |
وأسكنه في مسجد الطهر وحده | وزوجه والله من شاء يرفع |
مجاوره فيه الوصي وغيره | وأبوابهم في مسجد الطهر شرع |
فقال لهم سدوا عن الله صادقا | فضنوا بها عن سدها وتمنعوا |
فقام رجال يذكرون قرابة | وما ثم فيما يبتغى القوم مطمع |
فعاتبه في ذاك منهم معاتب | وكان له عما وللعم موضع |
فقال له أخرجت عمك كارها | وأسكنت هذا إن عمك يجزع |
فقال له يا عم ما أنا بالذي | فعلت بكم هذا بل الله فاقنعوا |
وقد كان في يوم الحدايق عبرة | وقول رسول الله والعين تدمع |
فقال علي مم تبكي فقال من | ضغائن قوم شرهم أتوقع |
عليك وقد يبدونها بعد ميتتي | فما ذا هديت الله في ذاك يصنع |
وفي يوم ناجاه النبي محمد | يسر إليه ما يريد ويطلع |
فقالوا أطال اليوم نجوى ابن عمه | مناجاته بغي وللبغي مصرع |
فقال لهم لست الغداة انتجيته | بل الله ناجاه فلم يتورعوا |
فأبصر دينارا طريحا فلم يزل | مشيرا به كفا ينادي ويسمع |
فمال به والليل يغشى سواده | وقد هم أهل السوق إن يتصدعوا |
إلى بيع سمح اليدين مبارك | توسم فيه الخير والخير يتبع |
فقال له بعني طعاما فباعه | فقال لك الدينار والحب اجمع |
فلا ذلك الدينار احمي تبره | ولا الحب مما كان في الأرض يزرع |
فبايعه جبريل والضيف أحمد | فثم تناهى الخير والبر اجمع |
وفي أهل نجران عشية اقبلوا | إليه وحجوا بالمسيح فأبدعوا |
وردوا عليه القول كفرا وكذبوا | وقد سمعوا ما قال فيه وأورعوا |
فقال تعالوا ندع أبناءنا معا | ليجمعنا فيه من الأصل مجمع |
فقالوا نعم فاجمع نباهلك بكرة | وللقوم فيه شرة وتسرع |
فجاءوا وجاء المصطفى وابن عمه | وفاطم والسبطان كي يتضرعوا |
إلى الله في الوقت الذي كان بينهم | فلما رأوهم أحجموا وتضعضعوا |
فقال له مه يا بريدة لا تقل | فان برغمي في علي تتبع كذا |
فمني علي يا بريدة لم يزل | وإني كذا منه على الحق نطبع |
وليكم بعدي علي فأيقنوا | وقائعه بعد الوقيعة تسرع |
بتوبته مستعجلا خاب أنه | بسب علي في لظى يتدرع |
وله:
إن جبريل أتى ليلا إلى | طاهر من بعد ما كان هجع |
بحنوط طيب من جنة | في صرار حل منه فسطع |
فدعا أحمد من كان به | واثقا عند معضات الجزع |
أوثق الناس معا في نفسه | عند مكروه إذا الخطب وقع |
قسم الصرة أثلاثا فلم | يال عن تسوية القسم الشرع |
قال جزؤ لي وجزؤ لابنتي | ولك الثالث فاقبضها جمع |
فإذا مت فحنطني بها | ثم حنطها بهذا لا تدع |
إنها أسرع أهلي ميتة | ولحاقا بي فلا تكثر جزع |
فمضى وأتبعته والها | بعد غيظ جرعته ووجع |
وله:
إن كنت من شيعة الهادي أبي حسن | حقا فاعدد لريب الدهر تجفافا |
إن البلاء مصيب كل شيعته | فاصبر ولا تك عند الهم مقصافا |
وله:
وقد رويتم له الأملاك ناصرة | تكر إن كر منها ما يحففه |
وكان ذا في أمارات الإمام وما | يزال يجمعها فيه مشرفه |
وله:
كانت ملائكة الرحمن دائبة | يهبطن نحوك بالألطاف والتحف |
والقطف والحب والدينار أهبطه | لطف من الله ذي الإحسان واللطف |
وله:
أشهد بالله وآلائه | والمرء مأجور على صدقه |
إن علي بن أبي طالب | كان أمين الله في خلقه |
ما استبق الناس إلى غاية | إلا حوى السبق على سبقه |
وله:
وصاحب الحوض يسقي من ألم به | من الخلائق لا أجنى ولا رتقا |
قسيم نار به ترضى يقول لها | ذا لي وذا لك قسم لم يكن علقا |
وله:
وكنت الخليفة دون الأنام | على أهله يوم يغزو تبوكا |
غداة انتجاك وظل المطي | بأكوارهم إذ هم قد رأوكا |
يراك نجيا له المسلمون | وكان الإله الذي ينتجيكا |
على فم أحمد يوحى إليك | وأهل الضغائن مستشرفوكا |
وله:
وأديت عنه كل عهد وذمة | وقد كان فيها واثقا بوفائكا |
فقلت له اقضي ديونك كلها | واقضي بانجاز جميع عداتكا |
ثمانين ألفا أو تزيد قضيتها | فابرأته منها بحسن قضائكا |
وله:
هم الأئمة بعد المصطفى وهم | من اهتدى بالهدى والناس ضلال |
وأنهم خير من يمشي على قدم | وهم لأحمد أهل البيت والآل |
وله:
كمن في خف الوصي حية | سبسبها الراقي فيه بالحيل كذا |
فأرسل الله إليه ملكا | في صورة الطير الغداف المنحجل |
فحلق الخف وأحداق الورى | تراه في حجر الغداف معتقل |
حتى هوى من جوفه نضناضة | تنضح سما باللعاب المنسدل |
وله:
وصي النبي المصطفى وابن عمه | وأول من صلى لذي العزة العالي |
وناصره في كل يوم كريهة | إذا كان يوم ذو هرير وزلزال |
وعمرو بن عبد قدمته شواته | بأبيض مصقول الغرارين فصال |
كان على أثوابه من نجيعه | عصير البرايا أو نضيحة جريال |
غداة مشى الأكفاء من آل هاشم | إلى عبد شمس في سرابيل أهوال |
كأنهم والسابغات عليهم | مصاعب أجمال مشت تحت أحمال |
وله:
في قصة الطائر المشوي حين دعا | محمد ربه دعوات مبتهل |
أدخل إلي أحب الخلق كلهم | طرا إليك فمنه واجعلنه ولي |
فجاء من بعده خير الورى رجل | عليه يقرع باب البيت في مهل |
فقال مختبرا من ذا له انس | فقال جاء علي جد بفتحك لي |
فقال ترجع ولا تصغر أبا حسن | فان عنك رسول الله في شغل |
فانحاز غير بعيد ثم اعطفه | دعا النبي فدق الباب في رسل |
فقال أحمد من هذا تحاوره | بالباب أدخله لا بوركت من رجل |
فقام مبتدرا للباب يفتحه | وحيدر قائم بالباب لم يزل |
حتى إذا ما رأته عين أحمده | حيا وقربه تقريب محتفل |
فقال ما بك قل لي يا أبا حسن | اجلس فداك أبي يا مؤنسي فكل |
وله:
صديقنا الأكبر فاروقنا | فاروق بين الحق والباطل |
وله في الصادق ع:
امدح أبا عبد الالاه | فتى البرية في احتماله |
سبط النبي محمد | حبل تفرع من حباله |
تغشى العيون الناظرات | إذا سمون إلى جلاله |
عذب الموارد بحره | يروي الخلائق من سجاله |
بحر أطل على البحور | بمدهن ندى نواله بلاله |
سقت العباد يمينه | وسقى البلاد ندى شماله |
يحكي السحاب يمينه | والودق يخرج من خلاله |
الأرض ميراث له | والناس طرا في عياله |
يا حجة الله الجليل | وعينه وزعيم آله |
وابن الوصي المصطفى | وشبيه أحمد في كماله |
أنت ابن بنت محمد | حذوا خلقت على مثاله |
فضياء نورك نوره | وظلال روحك من ظلاله |
فيك الخلاص عن الردى | وبك الهداية من ضلاله |
اثني ولست ببالغ | عشر الفريدة من خصاله |
وله:
أين الجهاد وأين فضل قرابة | والعلم بالشبهات والتفصيل |
أين التقدم بالصلاة وكلهم | للات يعبد جهرة ويحول |
أين الوصية والقيام بوعده | وبدينه إن غرك المحصول |
أين الجواز بمسجد لا غيره | حينا يمر به فأين تحول |
هل كان فيهم إن نظرت مناصحا | لأبي الحسين مقاسط وعديل |
وله:
أشهد بالله وآلائه | والمرء عما قاله يسال |
إن علي بن أبي طالب | خليفة الله الذي يعدل |
وانه قد كان من أحمد | كمثل هارون ولا مرسل |
لكن وصيا خازنا عنده | علم من الله به يعمل |
قد قام يوم الدوح خير الورى | بوجهه للناس يستقبل |
لكن تواصوا بعلي الهدى | أن لا يوالوه وان يخذلوا |
وله:
أشهد بالله وآلائه | والله عما قلته سائلي |
إن علي بن أبي طالب | لخير ما حاف وما ناعل |
وله:
فمن لم يكن يعرف إمام زمانه | ومات فقد لاقى المنية بالجهل |
وله:
أوليس قد فرضت علينا طاعة | لأولي الأمور فهل لها تأويل |
ما كان خبرنا بذاك محمد | خبرا له في المسندات أصول |
إن الخليفة بعده هذا الذي | فيها عليه من الخطاب يحيل |
وله:
أما أتى في خبر الأنبل | في طائر أهدي إلى المرسل |
سفينة مكن في رشده | وأنس خان ولم يحفل |
في رده سيد كل الورى | مولاهم في المحكم المنزل |
فصده ذو العرش عن رشده | ثم غري بالبرص الأنكل |
وله:
وصلى ولم يشرك سنين وأشهرا | ثمانية من بعد سبع كوامل |
وله في قصة صالح:
بعث الإله إلى ثمود صالحا | منه بنور سلامة لا يشكل |
قالوا له أخرج لنا من صخرة | عشراء نحلبها إذا ما ننزل |
فتصدعت عن ناقة فتنوا بها | وقضاء ربك ليس عنه مزحل |
في حفل درتها لقاح خلفها | سقب ويقدمها هناك وينزل |
لما رأوها حافلا حفوا بها | ودعوا بأوعية وقالوا احملوا |
حتى عتوا وتمردوا وسطوا بها | بطرا فأسرع في شواها المنصل |
خضبوا فراسنها بقان معجل | فرغا هنالك بكرها فاستأصلوا |
قبل الصباح بصيحة أخذتهم | بعد الرقاد سرى إليهم منهل |
وله:
خوارج فارقوه بنهروان | على تحكيمه الحسن الجميل |
على تحكيمه فعموا وصموا | كتاب الله في فم جبرئيل |
فمالوا جانبا وبغوا عليه | فما مالوا هناك إلى مميل |
فتاه القوم في ظلم حيارى | عماة يعمهون بلا دليل |
فضلوا كالسوائم يوم عيد | تنحر بالغداة وبالأصيل |
كان الطير حولهم نصارى | عكوفا حول صلبان الابيل |
وله:
قول علي لحارث عجب | كم ثم أعجوبة له جملا |
يا حار همدان من يمت يرني | من مؤمن أو منافق قبلا |
يعرفني طرفه وأعرفه | بعينه واسمه وما فعلا |
وأنت عند الصراط تعرفني | فلا تخف عثرة ولا زللا |
أسقيك من بارد على ظما | تخاله في الحلاوة العسلا |
أقول للنار حين توقف للعرض | على جسرها ذري الرجلا |
ذريه لا تقربيه إن له | حبلا بحبل الوصي متصلا |
هذا لنا شيعة وشيعتنا | أعطاني الله فيهم الأملا |
وله:
ما أم يوم الوغى زحفا برايته | إلا تضعضع ثم انصاع منهزما |
أو بل مفرق من لم ينجه هرب | بأبيض منه من دم الفلاة دما كذا |
أو نال مهجته طعنا بنافذة | نجلاء تفرع من تحت الحجاب فما |
أدى ثمانين ألفا عنه كاملة | لا بل تزيد ولم يغرم وقد غنما |
يدعو إليها ولا يدعو ببينة | لا بل يصدق فيها زعم من زعما |
حتى يخلصه منها بذمته | أن الوصي الذي لا يخفر الذمما |
وليلة خرجا فيها على وجل | وهم يجوبان دون الكعبة الظلما |
حتى إذا انتهيا قال النبي له | أنا نحاول إن نستنزل الصنما |
من فوقها فاعل ظهري ثم قام به | خير البرية ما استحيا وما احتشما |
حتى إذا ما استوت رجلا أبي حسن | اهوى به لقرار الأرض فانحطما |
ناداه أحمد إن ثب يا علي لقد | أحسنت بارك ربي فيك فاقتحما |
لم يتخذ وثنا ربا كما اتخذوا | ولا أجال لهم في مشهد زلما |
صلى ووحد إذ كانت صلاتهم | للات تجعل والعزى وما احتلما |
يدعى النبي فيكسوه ويكرمه | رب العباد إذا ما أحضر الأمما |
ثم الوصي فيكسى مثل حلته | خضراء يرغم منها انف من رغما |
وله:
وهو الذي يسم الوجوه بميسم | حتى يلاقى عدوه موسوما كذا |
ما زال مذ سلك السبيل محمد | ومضى لغير مذلة مظلوما |
ضامته أمته وضيمهم له | قد كان أصغر ما يكون عظيما |
وله:
رجل حوى ارث النبي محمد | قسما له من منزل الأقسام |
بوصية قضيت له مخصوصة | دون الأقارب من ذوي الأرحام |
ولقد دعا العباس عند وفاته | بقبولها فاضج بالإعدام |
فحبا الوصي بها فقام بحقها | لما حباه بها على الأعمام |
وله:
على آل الرسول وأقربيه | سلام كلما سجع الحمام |
أليسوا في السماء هم نجوم | وهم أعلام عز لا يرام |
فيا من قد تحير في ضلال | أمير المؤمنين هو الإمام |
رسول الله يوم غدير خم | أناف به وقد حضر الأنام |
وثاني أمره الحسن المرجى | له بيت المشاعر والمقام |
وثالثه الحسين فليس يخفى | سنا بدر إذا اختلط الظلام |
ورابعهم علي ذو المساعي | به للدين والدنيا قوام |
وخامسهم محمد ارتضاه | له في المأثرات إذا مقام |
وجعفر سادس النجباء بدر | ببهجته زها البدر التمام |
إلى قوله:
أولئك في الجنان بهم مساغي | وجيرتي الخوامس والسلام |
وله:
قضيت ديونه عنه فكانت | ديون محمد ليست بغرم |
وله:
وقال محمد بغدير خم | عن الرحمن ينطق باعتزام |
يصيح وقد أشار إليه فيكم | إشارة غير مصغ للكلام |
ألا من كنت مولاه فهذا | أخي مولاه فاستمعوا كلامي |
فقام الشيخ يقدمهم إليه | وقد حصدت يداه من الزحام |
ينادي أنت مولاي ومولى | الأنام فلم عصي مولى الأنام |
وقد ورث النبي رداه يوما | وبردته ولائكة اللجام |
وله:
في حرام من الشهور أحلت | حرمة الله والحرام حرام |
وله:
ونعمتي الكبرى على الخلق من غدا | لها شاكرا دامت وأعطي تمامها |
وسل فتية الكهف الذين أتاهم | فأيقظ في رد السلام منامها |
وله:
فقام يسعى حتى استقى فملا | كفيه يسعى به أبو حسن |
أدناه منه فقال حين مضى | صلاته إذن لي تخبرني |
وله:
لئن كان بالسبق للسابقين | مزية فضل على السابقينا |
لقد فضل الله آل الرسول | كفضل الرسول على العالمينا |
وله:
بأبي أنت وأمي | يا أمير المؤمنين |
بأبي أنت وأمي | وبرهطي أجمعينا |
وبأهلي وبمالي | وبناتي والبنينا |
وفدتك النفس مني | يا إمام المتقينا |
وأمين الله والوارث | علم الأولينا |
ووصي المصطفى | أحمد خير المرسلينا |
وولي الحوض والذائد | عنه المحدثينا |
أنت أولى الناس بالناس | وخير الناس دينا |
كنت في الدنيا أخاه | يوم يدعو الأقربينا |
ليجيبوه إلى الله | فكانوا أربعينا |
بين عم وابن عم | حوله كانوا عرينا |
فورثت العلم منه | والكتاب المستبينا |
طبت كهلا وغلاما | ورضيعا وجنينا |
ولدى الميثاق طينا | يوم كان الخلق طينا |
كنت مأمونا وجيها | عند ذي العرش مكينا |
في حجاب النور حيا | طيبا للطاهرينا |
وله:
وانك آية للناس بعدي | تخبر أنهم لا يوقنونا |
وأنت صراطه الهادي إليه | وغيرك ما ينجي الماسكينا |
أعائش ما دعاك إلى قتال | الوصي وما عليه تنقمينا |
ألم يعهد إليك الله إن لا | تري أبدا من المتبرجينا |
وان ترخي الحجاب وان تقري | ولا تتبرجي للناظرينا |
وقال لك النبي أيا حميرا | سيبدى منك فعل الحاسدينا |
وقال ستنجين كلاب قوم | من الأعراب والمتعربينا |
وقال ستركبين على خدب | يسمى عسكرا فتقاتلينا |
فخنت محمدا في أقربيه | ولم ترعي له القول الرصينا |
وأنزل فيه رب الناس آيا | أقرت من مواليه العيونا |
باني والنبي لكم ولي | ومؤتون الزكاة وراكعونا |
ومن يتول رب الناس يوما | فإنهم لعمري فائزونا |
وقال الله في القرآن قولا | يرد عليكم ما تدعونا |
أطيعوا الله رب الناس ربا | واحمد والأولى المتامرينا |
فذلكم أبو حسن علي | وسبطاه الولاة الفاضلونا |
فقلت أخذت عهدكم على ذا | فكونوا للوصي مساعدينا |
لقد أصبحت مولانا جميعا | ولسنا عن ولائك راغبينا |
ويسمع حس جبريل إذا ما | أتى بالوحي خير الواطنينا |
وبات على فراش أخيه فردا | يقيه من العتاة الظالمينا |
وقد كنت رجال من قريش | بأسياف يلحن إذا انتضينا |
فلما إن أضاء الصبح جاءت | عداتهم جميعا محلفينا |
فلما أبصروه تجنبوه | وما زالوا له متجنبينا |
وأنفق ماله ليلا وصبحا | وأسرارا وجهر الجاهرينا |
وصدق ماله لما أتاه | الفقير بخاتم المتختمينا |
وآثره ضيفه لما أتاه | فظل وأهله يتلمظونا |
فسماه الإله بما أتاه | من الإيثار باسم المفلحينا |
ومن ذا كان للفقراء كنزا | إذا نزل الشتاء بهم كنينا |
أليس المؤثر المقداد لما | أتاه مقويا في المقويينا |
بدينار وما يحوي سواه | وما كل الأفاضل مؤثرينا |
وكان طعامه خبزا وزيتا | ويؤثر باللحوم الطارقينا |
وانك قد ذكرت لدى مليك | يذل لعزه المتجبرونا |
فخر لوجهه صعقا وأبدى | لرب الناس رهبة راهبينا |
وقال لقد ذكرت لدى إلهي | فأبدي ذلة المتواضعينا |
وأعتق من يديه ألف نفس | فاضحوا بعد رق معتقينا |
براءة حين رد بها زريقا | وكان بان يبلغها ضنينا |
وقال له رسول الله انى | يؤدي الوحي إلا الأقربونا |
وانك آمن من كل خوف | إذا كان الخلائق خائفينا |
وانك حزبك الأدنون حزبي | وحزبي حزب رب العالمينا |
وحزب الله لا خوف عليهم | ولا نصب ولا هم يحزنونا |
وانك في جنان الخلد جاري | منازلنا بها متواجهونا |
وانك في جوار الله كأس | وجيران المهيمن آمنونا |
وانك خير أهل الأرض طرا | وأفضلهم معا حسبا ودينا |
وأول من يصافحني بكف | إذا برز الخلائق ناشرينا |
وقد قال النبي لكم وأنتم | حضور للمقالة شاهدونا |
عباد الله أنا أهل بيت | برانا الله كلا طاهرينا |
وسالت نفس أحمد في يديه | فالزمها المحيا والجبينا |
تعالوا ندع أنفسنا فندعو | جميعا والأهالي والبنونا |
وأنفسكم فنبتهل ابتهالا | إليه ليلعن المتكذبينا |
فقد قال النبي وكان طبا | بما يأتي وأزكى القائلينا |
إذا جحدوا الولاء فباهلوهم | إلى الرحمن تأتوا غالبينا |
وله:
وقوله الميزان بالقسط وما | غير علي في غد ميزانه |
ويل لمن خف لديه وزنه | وفوز من أسعده رجحانه |
وله:
فقال إلا من كنت مولاه منكم | فمولاه من بعدي علي فاذعنوا |
فقال شقي منه لقرينه | وكم من شقي يستزل ويفتن |
يمد بضبعيه عليا وانه | لما بالذي لم يؤته لمزين |
وله:
أنت الوصي وصي المصطفى نزلت | من ذي العلى فيك من فرقان أبونا كذا |
وأنت من أحمد الهادي بمنزلة | قد كان أثبتها موسى لهارونا |
آتاك من عنده علما حباك به | فكنت فيه أمينا فيه مأمونا |
هل مثل فعلك عند النعل تخصفها | لو لم يكن جاحدو التفضيل لاهينا |
اني أدين بما دان الوصي به | يوم الخريبة من قتل المحلينا |
وما به دان يوم النهر دنت به | وبايعت كفه كفي بصفينا |
في سفك ما سفكت فيها إذا حضروا | وأبرز الله للقسط الموازينا |
تلك الدماء معا يا رب في عنقي | ثم اسقني مثلها أمين أمينا |
وطبتم في قديم الدهر إذ سطرت | فيه البرية مرحوما وملعونا |
ولن تزالوا بعين الله ينسخكم | في مستكنات أصلاب البرينا |
يختار من كل قرن خيرهم لكم | لا النذل يلزمكم منهم ولا الدونا |
حتى تناهت بكم في أمة جعلت | من اجل فضلكم خير المصلينا |
فأنتم نعمة لله سابغة | منه علينا وكان الخير مخزونا |
لا يقبل الله من عبد له عملا | ولا عدوكم العمي المضلينا |
وله:
الفجر فجر الصبح والشعر عشر | الفجر والشفع النجيبان |
محمد وابن أبي طالب | والوتر رب العزة الثاني |
مقاتل فسر هذا كذا | تفسير ذي صدق وإيمان |
أعني ابن عباس وكان امرأ | صاحب تفسير وتبيان |
وله:
قد قال أحمد إن شتم وصيه | أو شتمه أبدا هما سيان |
وكذاك قد شتم الإله لشتمه | والذل يغشاهم بكل مكان |
وله:
رضيت بالرحمن ربا | وبالإسلام دينا أتوخاه |
وبالنبي المصطفى هاديا | وكل ما قال قبلناه |
ثم الإمام ابن أبي طالب | الطاهر الطهر وابناه |
والعالم الصامت والناطق | الباقر علما كان أخفاه |
وجعفر المخبر عن جده | بأول العلم وأخراه |
ثم ابنه موسى ومن بعده | وارثه علم ووصياه |
ولينا بعد نبي الهدى | علي القائم وابناه |
وله:
جاءت مع الاشقين في هودج | تزجي إلى البصرة أجنادها |
كأنها في فعلها هرة | تريد إن تأكل أولادها |
وله:
قام النبي يوم خم خاطبا | بجانب الدوحات أو حيالها |
فقال من كنت له مولى فذا | مولاه رب اشهد مرارا قالها |
ان رجالا بايعته إنما | بايعت الله فما بدا لها |
قالوا سمعنا وأطعنا أجمعا | وأسرعوا بالألسن اشتقالها |
وجاءه مشيخة يقدمهم | شيخ يهني حبذا منالها |
قال له بخ بخ من مثلكا | أصبحت مولى المؤمنين يا لها |
وله:
وبيعة ظاهر بايعتموه | على الإسلام ثم نقضتموها |
وقد قال الإله لهن قرنا | فما قرت ولا أقررتموها |
يسوق لها البعير أبو خبيب | لحين أبيه إذ سيرتموها |
وله:
وحدثنا عن حارث الأعور الذي | نصدقه في القول منه وما يروي |
بان رسول الله نفسي فداؤه | وأهلي ومالي بات طاوي الحشا يطوي |
لجوع أصاب المصطفى فاغتدى إلى | كريمته والناس لاهون في سهو |
فصادفها وابني علي وبعلها | وقد أطرقوا من شدة الجوع كالنضو |
فقال لها يا فاطم قومي تناولي | ولم يك فيما قال ينطق بالهزو |
هدية ربي أنه مترحم | فقامت إلى ما قال تسرع في الخطو |
فجاءت عليها الله صلى بجفنة | مكومة باللحم جزوا على جزو |
فسموا وظلموا يطعمون جميعهم | فبخ بخ لهم نفسي الفداء وما احوي |
فقال لها ذاك الطعام هدية | من الله جبريل اتاني به يهوي |
ولم يك منه طاعما غير مرسل | وغير وصي خصه الله بالصفو |
وله:
شهدت وما شهدت بغير حق | بان الله ليس بذي شبيه |
نحب محمدا ونحب فيه | بني أبنائه وبني أبيه |
فأبشر بالشفاعة غير شك | من الموصى إليه ومن بنيه |
فان الله يقبل كل قول | يدان به الوصي ويرتضيه |
وله:
من كان في الدين نورا يستضاء به | وكان من جهلها بالعلم شافيها |
كان النبي بوحي الله منذرها | وكان ذا بعده لا شك هاديها |
وله في رثاء الحسين ع:
امرر على جدث الحسين | وقل لأعظمه الزكية |
يا أعظما لا زلت من | وطفاء ساكبة رويه |
ما لذ عيش بعد رضك | بالجياد الاعوجيه |
قبر تضمن طيبا | آباؤه خير البرية |
آباؤه أهل الرياسة | والخلافة والوصية |
والخير والشيم المهذبة | المطيبة الرضيه |
فإذا مررت بقبره | فاطل به وقف المطية |
وابك المطهر للمطهر | والمطهرة الزكية |
كبكاء معولة غدت | يوما بواحدها المنيه |
والعن صدى عمر بن | سعد والملمع بالنقيه |
شمر بن جوشن الذي | طاحت به نفس شقية |
جعلوا ابن بنت نبيهم | غرضا كما ترمى الدريه |
لم يدعهم لقتاله | إلا الجعالة والعطيه |
لما دعوه لكي | تحكم فيه أولاد البغية |
أولاد أخبث من مشى | مرحا وأخبثهم سجيه |
فعصاهم وأبت له | نفس معززة أبيه |
فغدوا له بالسابغات | عليه والمشرفيه |
والبيض واليلب اليماني | والطوال السمهريه |
وهم ألوف وهو في | سبعين نفس هاشميه |
فلقوه في خلف لأحمد | مقبلين من الثنية |
مستيقنين بأنهم | سيقوا لأسباب المنيه |
يا عين فابكي ما حييت | على ذوي الذمم الوفيه |
لا عذر في ترك البكاء | دما وأنت به حرية |
وله:
علي أمير المؤمنين أخو الهدى | وأفضل ذي نعل ومن كان حافيا |
أسر إليه أحمد العلم جملة | وكان له دون البرية واعيا |
ودونه في مجلس منه واحد | بألف حديث كلها كان هاديا |
وكل حديث من أولئك فاتح | له ألف باب فاحتواها كما هيا |
فبينا رسول الله يملي أصابه | نعاس فأغفى ساعة متجافيا |
فأملى عليه جبرئيل مكانه | من الوحي آيات بها كان آتيا |
فلما انجلى عنه النعاس كأنه | هلال سرت عنه الغيوم سواريا |
تلا بعض ما خطت من الخبر كفه | وكان لما أوعى من العلم تاليا |
وله:
اؤمل في حبه شربة | من الحوض تجمع أمنا وريا |
إذا ما وردنا غدا حوضه | فأدنى السعيد وذاد الشقيا |
متى يدن مولاه منه يقل | رد الحوض واشرب هنيئا مريا |
وان يدن منه عدو له | يذده علي مكانا قصيا |
ويوم الثنية يوم الوداع | وأزمع نحو تبوك المضيا |
تنحى يودعه خاليا | وقد أوقف المسلمون المطيا |
فظن أولو الشك أهل النفاق | ظنونا وقالوا مقالا فريا |
وقالوا يناجيه دون الأنام | بل الله أدناه منه نجيا |
على فم أحمد يوحي إليه | كلاما بليغا ووحيا خفيا |
فكان به دون أصحابه | بما حث فيه عليه حفيا |
وله:
أدخل إلي أحب الخلق كلهم | حبا إليك وكان ذاك عليا |
لما بدت لأخيه سحنة وجهه | ودنا فسلم راضيا مرضيا |
حيا ورحب مرحبا بأحبهم | حبا إلى ملك العلى واليا |
وله:
وصي محمد وأمين غيب | ونعم أخو الإمامة والسجيه |
وله:
هذا الإمام الذي إليه | أسند خير الورى الوصية |
حكمت حكم النبي عدلا | ولم تجر قط في قضية |
أنت شبيه النبي حقا | في الحكم والخلق والسجيه |
له:
وقام محمد بغدير خم | فنادى معلنا صوتا بديا |
إلا من كنت مولاه فهذا | له مولى وكان به حفيا |
إلهي عاد من عادى عليا | وكن لوليه مولى وليا |
فقال مخالف منهم عتل | لأولادهم به قولا خفيا |
لعمر أبيك لو يستطيع هذا | لصير بعده هذا نبيا |
فنحن بسوء رأيهما نعادي | بني فعل ولا نهوى عديا |
وصي محمد وأبا بنيه | ووارثه وفارسه الوفيا |
وقد أوتي الهدى والحكم طفلا | كيحيى يوم أوتيه صبيا |
لم يؤت الهدى والناس حيري | فوحد ربه الأحد العليا |
وصلى ثانيا في حال خوف | سنين تحرمت سبعا أسيا |
له شهد الكتاب فلا تخروا | على آياته صما عميا |
بتطهير أميط الرجس عنه | وسمي مؤمنا فيه زكيا |
وله:
أولم يقل للمشركين وكذبوا | بالوحي واتخذوا الهدى سخريا |
قوموا بأنفسنا وأنفسكم معا | ونسائنا وبنيكم وبنيا |
ندعو فنجعل الله التي | تغشى الظلوم العاند المشنيا |
نصب الكساء فكان فيه خمسة | خير البرية كلها أنسيا |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 405