إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة

ولقبه مفرع المعروف بالسيد الحميري الشاعر المشهور وكنيته أبو هاشم كما ذكره الأكثر أو أبو عامر كما عن رجال الشيخ والسيد لقبه

ولد بعمان ونشا بالبصرة حكاه في لسان الميزان عن أبي الفرج بن الجوزي في المنتظم وكانت ولادته سنة 105 وتوفي ببغداد سنة 173 ودفن بالجنينة. روى تاريخ ولادته ووفاته المرزباني عن العباسة ابنة السيد كما وجدناه في النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة للمرزباني المشار إليها في أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن حمدون الكاتب ورواه غيره أيضا وفي لسان الميزان عن ابن الجوزي في المنتظم أنه توفي سنة 179 قال وأرخه غيره سنة 178 وكانت وفاته في خلافة الرشيد ففي الأغاني: ذكر محمد بن إدريس العتبي عن معاذ بن يزيد الحميري إن السيد عاش إلى خلافة الرشيد وفي أيامه مات وفيه بسنده عن بشير بن عمار الصيرفي قال حضرت وفاة السيد في الرميلة ببغداد إلى إن قال ودفناه في الجنينة ببغداد وذلك في خلافة الرشيد (انتهى).

نسبته

(الحميري) نسبة إلى حمير بحاء مهملة مكسورة وميم ساكنة ومثناة تحتية مفتوحة وراء مهملة قبيلة معروفة من اليمن. وفي انساب السمعاني: هي من أصول القبائل نزلت أقصى اليمن وفي ذلك يقول المترجم:

نسبه

في معالم العلماء: السيد أبو هاشم إسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع بن مفرع الحميري (انتهى) وعن المرزباني في معجم الشعراء أنه إسماعيل بن محمد بن وداع الحميري. وفي الأغاني: السيد لقبه واسمه إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة مفرع الحميري ويكنى أبا هاشم وأمه امرأة من الأزد ثم من بني الحدان وجده يزيد بن ربيعة شاعر مشهور وهو الذي هجا زيادا وبنيه ونفاهم عن آل حرب وحبسه عبيد الله بن زياد لذلك وعذبه ثم أطلقه معاوية. عن إسحاق بن محمد النخعي سمعت ابن عائشة والقحذمي يقولان هو يزيد بن مفرع ومن قال أنه يزيد بن ربيعة فقد أخطأ. ومفرع لقب ربيعة لأنه راهن إن يشرب عسا من لبن فشربه حتى فرغه فلقب مفرغا وكان شعابا بسيالة ثم صار إلى البصرة (انتهى) فحيث أنه عرف بيزيد بن المفرع ظن ابن عائشة والقحذمي إن اسم أبيه مفرع فخطأ من قال إن اسمه ربيعة فلذلك تعقبهما أبو الفرج بان مفرغا لقب ربيعة فلا خطا. وحينئذ فمفرع بلفظ اسم الفاعل من فرع بالتشديد.

تلقيبه بالسيد

سيادته لغوية لا أنه فاطمي أو علوي قال الكشي في كتاب رجاله: روي إن أبا عبد اللهعليه السلام لقي السيد بن محمد الحميري فقال سمتك أمك سيدا ووفقت في ذلك وأنت سيد الشعراء ثم انشد السيد في ذلك:

أقوال العلماء فيه

ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادقعليه السلام فقال: إسماعيل بن محمد الحميري السيد الشاعر يكنى أبا عامر (انتهى) وفي الفهرست: السيد بن محمد أخباره تأليف الصولي أخبرنا بها أحمد بن عبدون عن أبي بكر الدوري عن الصولي (انتهى) والصولي هذا هو أبو بكر الصولي العالم المؤلف المشهور ومر في أحمد بن إبراهيم بن أحمد العمي إن له كتاب أخبار السيد الحميري وكتاب شعره. وكفى في جلالة شان السيد واعتناء العلماء به تأليف هؤلاء الكتب في أخباره وأشعاره، يرويها العلماء بأسانيدهم عنهم. وذكره ابن شهراشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المجاهرين وذلك أنه قال في آخر المعالم باب في بعض شعراء أهل البيتعليه السلام وهم على اربع طبقات: المجاهرون، والمقتصدون، والمتقون، والمتكلفون ثم قال: فصل في المجاهرين: السيد أبو هاشم إسماعيل بن محمد بن يزيد بن محمد بن وداع بن مفرع الحميري من أصحاب الصادق ولقي الكاظمعليه السلام وكان في بدءالأمر خارجيا ثم كيسانيا ثم إماميا وقيل لأبي عبيدة من أشعر الناس قال من شبه رجلا بريح عاد يريد قوله:

وقال بشار: لولا إن هذا الرجل شغل عنا بمدح بني هاشم لأتعبنا. وسمع مروان بن أبي حفصة القصيدة المذهبة فقال لكل بيت سبحان الله ما أعجب هذا الكلام. وقال التوزي لو قرئت القصيدة التي فيها إن يوم التطهير يوم عظيم على المنبر ما كان بذلك باس وقال بعضهم جمعت من شعره ألفين ومائتي قصيدة وزعمت أنه لم يذهب علي منه شيء فبينا أنا ذات يوم أنشد شعرا فقلت لمن هذا قالوا للسيد الحميري فقلت في نفسي ما أراني في شيء بعد الذي جمعته. وذكر ابن المعتز في طبقات الشعراء أنه رئي حمال في بغداد مثقل فسئل عن حمله فقال ميميات السيد. وقيل له لم لا تقول شعرا فيه غريب فقال: أقول ما يفهمه الصغير والكبير ولا يحتاج إلى التفسير وأنشأ:

(انتهى المعالم). ويأتي تفسير قوله وكان في بدءالأمر خارجيا.

وعن التحرير الطاووسي: إسماعيل بن محمد الحميري حاله في الجلالة ظاهر ومجده باهر فلنكتف بهذا (انتهى) وفي الوجيزة أنه ممدوح. وقال العلامة في الخلاصة: إسماعيل بن محمد الحميري ثقة جليل القدر عظيم الشأن والمنزلة رحمه الله تعالى (انتهى) وفي تكملة الرجال للشيخ عبد النبي الكاظمي نزيل جويا من جبل عامل التي هي بمنزلة الذيل لنقد الرجال: نقل المصنف وغيره عن الخلاصة أنه ثقة جليل القدر عظيم المنزلة فراجعتها وفيها فقيه جليل القدر (انتهى) وهو الأقرب لأنه من المعلوم أنه كان يشرب الخمر ومع ذلك كان مصرا عليه ولم يعلم أنه تاب وأما أنه ترحم عليه الصادقعليه السلام وانه من الأولياء وغير ذلك فهو من وفور محبته وولائه وهو غير ارتكاب الكبيرة المسقطة للاتصاف بالعدالة (انتهى) أقول في نسخة عندي من الخلاصة منقولة عن نسخة ولد ولد المصنف ومقابلة عليها كلمة ثقة وهو الموافق لأكثر النسخ المصححة بل لجميعها فإنه لم ينقل أحد عن الخلاصة لفظة فقيه غيره وقد ذكره في الخلاصة في القسم الأول وان دل بعض الأخبار على فقاهته كخبره الآتي مع الكميت وقول الكميت له أنت اعلم وأفقه منا. وما في الأغاني من إن امرأة من الخوارج قالت له المتعة أخت الزنا فقال أعيذك بالله إن تكفري بالقرآن بعد الإيمان فان الله عز وجل قال فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة. ولكن ليس لنا ما يدل على وثاقته إن لم يوجد ما يدل على عدمها والمستفاد من الأخبار الآتية فيه ومدح الصادقعليه السلام له وترحمه عليه رجاء التجاوز عن سيئاته بعظيم حسناته في ذبه عن أهل البيت الطاهر ونشر فضائلهم كقولهعليه السلام وقد قيل له أنه يشرب الخمر فقال وما ذلك على الله بعظيم إن يغفر لمحب علي عليه السلام و قوله إن زلت له قدم فقد ثبتت له أخرى فلذلك قال ابن طاوس ما مر من المدح ولم يذكر الوثاقة واكتفى صاحب الوجيزة بجعله ممدوحا ولكن سيأتي عن المرزباني أنه تاب وأرسل إلى الصادقعليه السلام بتوبته وروى الكشي كما يأتي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن يقال (انتهى) علم الأمة إلى أربعة نفر أولهم سلمان الفارسي والثاني جابر والثالث السيد والرابع يونس بن عبد الرحمن (انتهى) والمراد بالسيد هو السيد الحميري لتبادره عند الاطلاق ولمناسبة الترتيب بين الأربعة بحسب العصر. وفي مجالس المؤمنين: أنه كان من أكابر أهل زمانه واحرز قصب السبق في مضمار الفصاحة والبلاغة على أقرانه وذكروا إن دفاتر ميمياته كانت حمل بعير وفي تذكرة ابن المعتز أنه كان للسيد أربع بنات كل واحدة منهن تحفظ أربعمائة قصيدة من قصائده ولم يترك فضيلة ولا منقبة من فضائل أمير المؤمنينعليه السلام ومناقبه إلا نظم فيها شعرا على إن فضائله ومناقبهعليه السلام لا يحيط بها نطاق النظم والنثر. وذكر عبد الله بن المعتز في تذكرته إن أبوي السيد كليهما كانا أباضيين وكان يزجرهما ويردهما عن عقيدة النصب الباطلة وذكروا أنه سئل السيد كيف صرت شيعيا مع أنك شامي حميري فقال صبت علي الرحمة صبا فكنت كمؤمن آل فرعون وذلك إن الحميريين كانوا من إتباع معاوية بصفين وكان ذو الكلاع الحميري من قواد معاوية فيها ونقل ابن كثير الشامي في تاريخه عن الأصمعي أنه قال في السيد الحميري: لولا تعرضه للسلف في شعره ما قدمت عليه أحدا في طبقته، قال صاحب المجالس: صحة العقيدة وفسادها لا دخل له في جودة الشعر ورداءته والتقدم والتأخر فيه لكن الأصمعي لعداوته لأهل بيت النبوة يقول هذا في حق مداحهم وفقا للمثل المشهور وكل إناء بالذي فيه يرشح، ويعلم صحة ذلك مما حكاه الشيخ نور الدين علي بن عراف المصري في

تذكرته عن أبي العيناء أنه قال سمعت أبا قلابة الجرمي يقول في جنازة الأصمعي:

"انتهى المجالس" وفي المناقب عن كامل المبرد كان اصمع بن مظفر جد الأصمعي قطعه علي عليه السلام في السرقة فكان الأصمعي يبغضه قيل له من أشعر الناس قال من قال:

فقالوا السيد الحميري فقال هو والله أبغضهم إلي وسبه (انتهى) وفي لسان الميزان: إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة السيد الحميري الشاعر المفلق يكنى أبا هاشم كان رافضيا خبيثا. قال الدارقطني كان يذم السلف في شعره ويمدح عليا رضي الله عنه. قلت أخباره مشهورة ولا استحضر له رواية وقال عمر بن شبة سمعت محمد بن أبي بكر المقدمي يقول سمعت جعفر بن سليمان ينشد شعر السيد الحميري وكان أبو عبيدة معمر بن المثنى يرويه. وقال البلاذري في تاريخه: حدثني عبد الاعلى النرسي قال رأيت النبي(ص) في المنام فقال شر من ينتحل قبلتي الخوارج والروافض وشرهم قاتل علي والسيد الحميري (انتهى) وانتهاك اعراض الناس لا يسوع بالمنامات الكاذبة ولو ساع التعويل عليها لادعى كل شخص رؤية ما يوافقه وحاش لله إن يجعل رسول الله(ص) المتمسك بالثقلين كتاب الله والعترة ا لطاهرة شر من ينتحل قبلته وقد أمر بالتمسك بهما ونهى عن مفارقتهما بالتواتر وفي اليقظة لا في المنام والسيد الحميري قد اخبر صادق أهل البيتعليه السلام بنجاته ودعا له وهو من موالي علي ومحبيه ومن لم يدع فضيلة له إلا نظم فيها شعرا وكفاه بذلك فخرا وأجرا فكيف يقرنه النبي(ص) بقاتل علي قرين عاقر الناقة وأولى إن يكون بهذه الصفة من كذب على الرسول(ص) بهذا المنام والكذابة على رسول الله(ص) قد كثرت في حياته يقظة فكيف بعد مماته وفي المنام. وذكره المرزباني في النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة المشار إليها آنفا وهو الثامن عشر ممن ذكر فيها فقال: كان شاعرا مجيدا لم يسمع إن أحدا عمل شعرا جيدا وأكثر غيره قال: وقيل قرئ على التوزي شعر عمران بن حطان فقال من ينشدنا شعرا صافيا من مدح السيد فأنشده رجل ممن حضره:

وقصيدته المذهبة التي أولها: (هلا وقفت على المكان المعشب) فقال التوزي لو إن شعرا يستحق إن لا ينشد إلا في المساجد لحسنه لكان هذا ولو خطب به خاطب على المنبر في يوم جمعة لأتى حسنا ولحاز أجرا قيل وقال بشار بن برد للسيد لولا إن الله شغلك بمدح أهل البيتعليه السلام لافتقرنا قال المرزباني: وقيل له إلا تستعمل في شعرك ما يستعمله الشعراء في الغريب قال ذاك عي وتكليف مني لو فعلته وقد رزقني الله طبعا واتساعا في الكلام فانا أقول ما يفهمه الصغير والكبير ولا يحتاج إلى تفسير وانشد:

وروى نحوه في الأغاني مسندا. وفي الأغاني: كان شاعرا متقدما مطبوعا يقال إن أكثر الناس شعرا في الجاهلية والإسلام ثلاثة: بشار وأبو العتاهية والسيد فإنه لا يعلم إن أحدا قدر على تحصيل شعر أحد منهم اجمع وإنما مات ذكره وهجر الناس شعره لما يفرط فيه من التعرض لمن مال عن أهل البيت فتحومي شعره من هذا الجنس وغيره لذلك وهجره الناس تخوفا وتراقبا وله طراز من الشعر ومذهب قلما يلحق فيه أو يقاربه أحد ولا يعرف له من الشعر كثير. قال وليس يخلو من مدح بني هاشم أو ذم غيرهم ممن هو عنده ضد لهم ولو إن أخباره كلها تجري هذا المجرى ولا تخرج عنه لوجب إن لا نذكر منها شيئا ولكنا شرطنا إن نأتي بأخبار من نذكره من الشعراء فلم نجد بدا من ذكر اسلم ما وجدناه له وأخلاها من سئ اختياره على قلة ذلك (انتهى) وعن تذكرة الشعراء لابن المعتز أنه كان شاعرا وسيما جسيما مطبوعا حسن الأسلوب وثيق الشعر. وفي الأغاني عن التوزي قال: رأى الأصمعي جزءا من شعر السيد فقال لمن هذا فسترته عنه لعلمي بما عنده فيه فاقسم علي إن أخبره فأخبرته فقال أنشدني قصيدة منه فأنشدته قصيدة ثم أخرى وهو يستزيدني ثم قال قبحه الله ما أسلكه لطريق الفحول لولا مذهبه ولولا ما في شعره ما قدمت عليه أحدا من طبقته وفي رواية أخرى عن التوزي قال لي الأصمعي أحب إن تأتيني بشيء من شعر هذا الحميري فعل الله به وفعل فاتيته بشئ منه فقرأه فقال قاتله الله ما أطبعه وأسلكه لسبيل الشعراء والله لولا ما في شعره من التعرض للسلف لما تقدمه من طبقته أحد. وفيه عن أبي جعفر الأعرج ابن بنت الفضيل بن يسار قال كان السيد أسمر تام القامة أشنب ذا وفرة حسن الألفاظ جميل الخطاب إذا تحدث في مجلس قوم اعطى كل رجل في المجلس نصيبه من حديثه، وفي رواية عنه: أسمر تام الخلقة أشنب ذا وفرة حسن الألفاظ ومع ذلك أنتن الناس إبطين. وعن ليطة بن الفرزدق قال تذاكرنا الشعراء عند أبي فقال إن ها هنا لرجلين لو أخذا في معنى الناس لما كنا معهما في شئ: السيد الحميري وعمران بن حطان السدوسي ولكن الله عز وجل قد شغل كل واحد منهما بالقول في مذهبه. قال المؤلف شتان بين من حصر شعره في مدح أهل البيت وبين مادح ابن ملجم على قتله أمير المؤمنينعليه السلام. وفيه أخبرني محمد بن الحسن بن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة أنه قال أشعر المحدثين السيد الحميري وبشار. أخبرني ابن دريد قال سئل أبو عبيدة من أشعر المولدين قال السيد وبشار. أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري حدثنا عمر بن شبه قال اتيت أبا عبيدة معمر بن المثنى وعنده رجل من بني هاشم يقرأ عليه كتابا فلما فرآني أطبقه فقال له أبو عبيدة إن أبا زيد ليس ممن يحتشم منه فاقرأ فاخذ الكتاب وجعل يقرؤه فإذا هو شعر السيد فجعل أبو عبيدة يعجب منه ويستحسنه قال أبو زيد وكان أبو عبيدة يرويه قال وسمعت محمد بن أبي بكر المقدمي يقول: سمعت جعفر بن سليمان الضبعي ينشد شعر السيد. وقال الموصلي حدثني عمي قال جمعت للسيد في بني هاشم ألفين وثلاثمائة قصيدة فخلت إن قد استوعبت شعره حتى جلس إلي يوما رجل ذو اطمار رثة فسمعني انشد شيئا من شعره فأنشدني له ثلاث قصائد لم تكن عندي فقلت في نفسي لو كان هذا يعلم ما عندي كله ثم أنشدني بعده ما ليس عندي لكان عجيبا فكيف وهو لا يعلم وإنما انشد ما حضره وعرفت حينئذ إن شعره ليس مما يدرك ولا يمكن جمعه كله (انتهى) قال المؤلف للسيد ديوان شعر معروف. وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الدارقطني علي بن عمر بن أحمد صاحب السنن الحافظ المشهور أنه كان يحفظ ديوان السيد الحميري ولهذا نسب إلى التشيع (انتهى) أقول والظاهر إن هذا الديوان هو جملة من مشهور قصائده وإلا فقد سمعت إن جميع شعره لا يدرك ولا يمكن جمعه كله وإذا كان قد جمع له في بني هاشم خاصة ألفان وثلاثمائة قصيدة سوى شعره في غيرهم وليست هي جميع شعره في بني هاشم وإذا كانت ميمياته حمل حمال مثقل كما مر فلا بد إن يكون هذا الديوان بعض شعره. وفي الأغاني عن الطوسي إذا رأيت في شعر السيد دع ذا فدعه فإنه لا يأتي بعده إلا بلية من بلاياه وفيه بسنده عن الزبير بن بكار قال سمعت عمي يقول لو إن القصيدة التي أولها:

قرئت على منبر ما كان فيها باس ولو إن شعره كله كان مثله لرويناه وما عييناه وفيه بسنده عن نافع التوزي بهذه الحكاية بعينها قاله في: إن يوم التطهير يوم عظيم قال الراوي: ولم يكن التوزي متشيعا وفيه بسنده عن الحسين بن ثابت قدم علينا رجل بدوي كان أروى الناس لجرير فكان ينشد في الشيء من شعره فأنشد في معناه للسيد حتى أكثرت فقال لي ويحك من هذا؟ هو والله أشعر من صاحبنا وفيه بسنده عن إسحاق بن محمد سمعت العتبي يقول ليس في عصرنا هذا أحسن مذهبا في شعره ولا أنقى ألفاظا من السيد ثم قال لبعض من حضر أنشدني قصيدته اللامية التي أنشدتناها اليوم فأنشده قوله:

يقول فيها:

فقال العتبي: أحسن والله ما شاء هذا والله الشعر الذي يهجم على القلب بلا حجاب (انتهى) وقد ذكرنا تتمتها في جعفر بن عفان وهي:

وفيه عن الحسن بن علي بن المعتز الكوفي عن غانم الوراق قال خرجت إلى بادية البصرة فصرت إلى عمرو بن تميم فأثبتني بعضهم فقال هذا الشيخ والله راوية فجلسوا إلي وأنسوا بي وأنشدتهم وبدأت بشعر ذي الرمة فعرفوه وبشعر جرير والفرزدق فعرفوهما ثم أنشدتهم للسيد:

قال فجعلوا يمزقون (كذا) لانشادي ويطربون وقالوا لمن هذا فأعلمتهم فقالوا هذا والله أحد المطبوعين لا والله ما بقي في هذا الزمان مثله. وفي فوات الوفيات للكتبي: قال المازني سمعت أبا عبيدة يقول: ما هجا أمية أحد كما هجاهم يزيد بن مفرع والسيد الحميري (انتهى) ويزيد بن مفرع جده الأدنى كما مر. وفي تاريخ ابن عساكر في ترجمة أبي نواس الحسن بن هانئ قال أبو تمام أشعر الناس وأسهبهم في الشعر كلاما بعد الطبقة الأولى بشار والسيد وأبو نواس ومسلم بن الوليد بعدهم (انتهى) وفي فوات الوفيات للكتبي: السيد الحميري إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة كان شاعرا محسنا كثير القول إلا أنه كان رافضيا جلدا زائغا عن القصد له مدائح جمة في آل البيت وكان مقيما بالبصرة. وقال المرزباني في معجم الشعراء: أنه إسماعيل بن محمد بن وداع الحميري وكان أسمر تام القامة حسن الألفاظ جميل الخطاب مقدما عند المنصور والمهدي ومات أول أيام الرشيد (انتهى) فوات الوفيات أقول من خصائص شعره السهولة والعذوبة والانسجام وطول النفس وذكر الأخبار والمناقب بما يسمونه الشعر القصصي ولم يترك فضيلة لأمير المؤمنينعليه السلام إلا نظم فيها كما مر وكان معظما عند ملوك عصره من بني العباس في قوة سلطانهم وتشددهم على إتباع العلويين ومعاقبتهم بالحبس والنفي والقتل من هو أهون حالا وأشد تسترا من السيد مثل المنصور والمهدي والرشيد الذين هم من أشد بني العباس في ذلك ومع هذا كانوا يتغاضون عنه خوفا من لسانه ورعاية لمكانه.

أبواه خارجيان وهو شيعي

في الأغاني بسنده عن إسماعيل بن الساحر راوية السيد إن أبوي السيد كانا أباضيين وكان منزلهما بالبصرة في غرفة بني ضبة وكان السيد يقول طالما سب أمير المؤمنين في هذه الغرفة فإذا سئل عن التشيع من أين وقع له قال غاصت علي الرحمة غوصا وقال إسماعيل بن الساحر راويته: كنت عنده يوما في جناح له فأجال بصره فيه ثم قال يا إسماعيل طالما والله شتم أمير المؤمنين علي في هذا الجناح قلت ومن كان يفعل ذلك قال أبواي. وروي عن السيد إن أبويه لما علما بمذهبه هما بقتله فأتى عقبة بن مسلم بن المهنا فأخبره بذلك فأجاره وبوأه منزلا وهبه له فكان فيه حتى ماتا فورثهما (انتهى) وقال المرزباني في تلخيص أخبار شعراء الشيعة المقدم ذكره: كان أبواه يبغضان علياعليه السلام فسمعهما يسبانه بعد صلاة الفجر فقال:

#حكما غدوة كما صليا الفج-ر بلعن الوصي باب العلوم

ثم مضى إلى عقبة بن مسلم فخبره الخبر فنقله إليه ووهب له دارا وفرشها له وأخدمه وقام بأموره فقال شعرا ذكرناه في ترجمة عقبة قال وقيل أنه شرح حاله للأمير فقال إن أمي كانت توقظني في الليل وتقول أني أخاف إن تموت على مذهبك فتدخل النار فلا أجيبها فجعلت تنغص على المطعم والمشرب. ومن شعره فيها والبيت الأول من مناقب ابن شهراشوب:

قال: وكنت صبيا فإذا سمعتهما يثلبان علياعليه السلام خرجت عنهما وأبقى جائعا واؤثر ذلك على الرجوع إليهما فأبيت في المساجد جائعا لحبي فراقهما وبغضي إياهما فإذا أجهدني الجوع دخلت فأكلت ثم خرجت فلما كبرت قليلا

فتواعدني بالقتل فاتيت الأمير عقبة بن مسلم فكان من أمري ما كان (انتهى).

اعتقاده مذهب الكيسانية

ثم رجوعه إلى مذهب الإمامية

الكيسانية هم القائلون بامامة محمد بن الحنفية وانه المهدي المنتظر وانه حي في جبل رضوى بين أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان يجريان بماء وعسل وانه يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا منسوبون إلى كيسان وهو لقب المختار بن عبيد الذي دعا إلى محمد بن الحنفية وطلب بثار الحسينعليه السلام وكان السيد الحميري يرى في أول أمره رأي الكيسانية وفي ذلك يقول كما في الأغاني:

وفي الأغاني بسنده عن أبي داود سليمان بن سفيان المعروف بالمسترق راوية السيد الحميري أنه حضر يوما وقد ناظر السيد محمد بن علي بن النعمان المعروف بشيطان الطاق في الإمامة فغلبه محمد في دفع ابن الحنفية عن الإمامة فقال السيد:

ثم قال وهذه الأبيات بعينها تروى لكثير ذكر ذلك ابن أبي سعد.

ثم ذكر في ترجمة كثير أنه قال في ذلك:

وقد وقع اختلاف أيضا في نسبة الشعر بين السيد وكثير كما ستعرف. وفي فوات الوفيات للكليني كان السيد إذا سئل عن مذهبه انشد من قصيدته المشهورة:

وقال المرزباني في النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة المتقدم ذكرها. كان السيد رحمه الله يرى رأي الكيسانية في محمد بن الحنفية وهو القائل من أبيات: وما ذاق ابن خولة طعم موت وذكر الأبيات الثلاثة المتقدمة وقال أنه تاب بعد ذلك وقال:

والأبيات مشهورة أقول وتمامها كما في المناقب وغيرها:

قال المرزباني: وقال السيد كان أبو بجير يرى رأي الإمامية وكنت أرى رأي الكيسانية فكان يعيبني ويناظرني ولما رجعت إلى مذهب الإمامية اجتمعت به فاخذ يناظرني على ما كنت عليه فعرفته أني رجعت وأنشدته:

قال: فسجد أبو بجير وقال الحمد لله الذي لم يذهب بك باطلا ثم أمر لي بمال جزيل ورقيق وكراع. قال ومما روي في رجوعه قوله:

(انتهى) كلام المرزباني. وفي إرشادهم المفيد إن السيد إسماعيل بن محمد الحميري رجع عن مذهب الكيسانية لما بلغه انكار أبي عبد الله ع قوله ودعاؤه إلى القول بنظام الإمامة وقال يمدحه وذكر الأبيات وهي أقل مما مر وفي بعضها زيادة أو مخالفة لما مر: أيا راكبا البيت:

ولكن روينا البيت بان وليالأمر البيت:

وأشهد ربي البيت:

له غيبة البيت:

قال وفي هذا الشعر دليل على رجوع السيد عن مذهب الكيسانية وقوله بإمامة الصادقعليه السلام (انتهى) وفي فوات الوفيات للكتبي:

كان السيد الحميري يرى رجعة محمد بن الحنفية في الدنيا وكان كثير الشاعر يرى هذا الرأي وكان السيد يعتقد إن ابن الحنفية لم يمت وانه في جبل بين أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان نضاحتان يجريان بماء وعسل ويعود بعد الغيبة فيملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا ويقال إن السيد اجتمع بجعفر بن محمد الصادقعليه السلام فعرفه خطاه وانه على ضلالة فتاب (انتهى) ومر قول ابن شهراشوب: أنه كان في بدء الأمر خارجيا ثم كيسانيا ثم إماميا ولم يذكر أحد غيره أنه كان خارجيا وإنما ذكروا أنه كان كيسانيا وان أبويه كانا خارجيين. وبعضهم قال ثم صار إماميا ولكن العادة في مثله إن يتبع أولا مذهب أبويه ولا يرجع عنه إلا بعد إن يميز التمييز الكافي خصوصا إن رجوعه كان من قبل نفسه لا بإرشادهم مرشد بل كان أبواه يقهرانه على مذهب الخوارج ويعذبانه ويتهددانه بالقتل ومع ذلك رجع من قبل نفسه كما يدل عليه قوله السابق: غاصت علي الرحمة غوصا لكنه قد صرح هو نفسه فيما تقدم أنه كان يتشيع وهو صبي وهو عند أبويه قبل إن يكبر قليلا وانه لما كبر قليلا خرج عنهما ولعل هذا يدل على إن تشيعه كان في أول سن التمييز والله أعلم.

القول بعدم رجوعه عن مذهب الكيسانية

في الأغاني بسنده عن مسعود بن بشر إن جماعة تذاكروا أمر السيد وانه رجع عن مذهبه في ابن الحنفية وقال بامامة جعفر بن محمد فقال إسماعيل بن الساحر راويته والله ما رجع عن ذلك ولا القصائد الجعفريات إلا منحولة له قيلت بعده وآخر عهدي به قبل موته بثلاث وقد سمع رجلا يروي عن النبي(ص) أنه قال لعلي عليه السلام سيولد لك بعدي ولد وقد نحلته اسمي وكنيتي فقال في ذلك وهي آخر قصيدة قالها:

إلى إن قال: وكان يذهب مذهب الكيسانية ويقول بامامة محمد بن الحنفية وله في ذلك شعر كثير وقد روى بعض من لم تصح روايته أنه رجع عن مذهبه قال بمذهب الإمامية وله في ذلك:

وما وجدنا ذلك في رواية محصل ولا شعره أيضا من هذا الجنس ولا في هذا المذهب لأن هذا شعر ضعيف يتبين التوليد فيه وشعره في قصائده الكيسانية مباين لهذا جزالة ومتانة وله رونق ومعنى ليسا لما يذكر عنه في غيره. وروى في الأغاني عن أبي داود سليمان بن سفيان المعروف بالمسترق راوية السيد الحميري قال ما مضى والله إلا على مذهب الكيسانية وهذه القصائد التي يقولها الناس مثل:

تجعفرت باسم الله والله أكبر: تجعفر باسم الله فيمن تجعفرا وقوله:

لغلام للسيد يقال له قاسم الخياط قالها ونحلها السيد وجازت على كثير من الناس ممن لم يعرف خبرها بمحل قاسم منه وخدمته إياه (انتهى) أقول: الروايات متكثرة في رجوعه و ترحم الصادقعليه السلام فلا يلتفت إلى ما ذكر، ودعوى إن شعره في الكيسانية أقوى وامتن من شعره المنسوب إليه في رجوعه غير مسلمة فان شعره تغلب عليه السهولة و السلاسة مما قد يظن أنه ركة وضعف. ويأتي في أخباره مع سوار القاضي تصريح سوار بأنه كان كيسانيا فصار إماميا واعترف السيد بذلك.

مناقشة الدكتور طه حسين

ومما يناسب ذكره هنا والحديث شجون إن الدكتور طه حسين المصري ذكر في كتابه تجديد ذكرى أبي العلاء التناسخ وقال أنه معروف عند العرب منذ أواخر القرن الأول والشيعة تدين به وببعض المذاهب التي تقرب منه كالحلول والرجعة وليس بين أهل الأدب من يجهل ما كان من سخافات السيد الحميري وكثير في ذلك (انتهى) والعجيب من ابن آدم أنه يتكلم في كل شيء مما يعلم ومما لا يعلم ويقوده التقليد إلى خبط العشواء. عرفنا تعصب المتعصبين على الشيعة من مظهري النسك والدين وهو منهم برئ ممن لا يشبهون الدكتور في جميع أمورهم وحالاتهم لأمور ألفوها وعقائد تلقفوها بدون تحقيق ولا تمحيص أو مشيا مع الأهواء. أما إن يصدر مثل ذلك من مثل الدكتور طه حسين من البعيدين عن حالات أولئك كل البعد وليسوا من مسلكهم في خل ولا خمر فهو أمر يحق إن يعجب منه كما قال أمير المؤمنين ع: هيهات لقد حن قدح ليس منها وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها. متى سمع الدكتور طه حسين شيعيا أو رأى في كتاب للشيعة أو قرأ له قارئ في كتبهم إن الشيعة تدين بالتناسخ أو بالحلول بل متى رأى ذلك العالم من أهل السنة منصف متحر لحقائق الأمور اللهم لا. ومن قال نعم فقد أبطل وافترى بلى يجوز إن يكون سمع ذلك في كتاب بعض المتعصبين الذين لا يبالون إن يلصقوا بالشيعة كل نقص كذبا وزورا فالشيعة في كل عصر وزمان وفي كل قطر ومصر ومكان تبرأ إلى الله ممن يقول بالتناسخ أو الحلول وتكفره وتعتبره خارجا عن دين الإسلام. وان تعجب فعجب إن يكون أمثال الدكتور طه حسين ممن يريد تحري الحقيقة يلقي كلاما لا نصيب له في الصدق تقليدا لمن لا خلاق لهم ويرسله إرسال المسلمات أما قوله وليس بين أهل الأدب من يجهل ما كان من سخافات السيد الحميري وكثير فنقول ليس بين أهل العقل فضلا عن أهل الأدب من يجهل إن نسبة السخافة إلى السيد الحميري وكثير من أسخف السخافات فالسيد الحميري نادرة من نوادر الدهر في علمه وفضله وشعره وقوة حجته ولا يدانيه ولا يقف أمامه أحد من هؤلاء الذين ظهروا في هذه الأعصار يثلبون أعراض الناس ويتقولون عليهم بغير حجة ولا برهان وكثير يأتي في ترجمته فضله وحسن عقيدته.

ترحم الصادق عليه السلام عليه

في الأغاني قال: حدثني عبد الرحمن بن محمد الكوفي عن علي بن إسماعيل الهثمي عن فضيل الرسان قال: دخلت على جعفر بن محمد أعزيه عن عمه زيد ثم قلت له إلا أنشدك شعر السيد فقال انشد فأنشدته قصيدة يقول فيها:

فسمعت نحيبا من وراء الستور فقال: من قائل هذا الشعر فقلت السيد فقال رحمه الله فقلت جعلت فداك أني رأيته يشرب الخمر فقال رحمه الله فما ذنب على الله إن يغفره لآل علي إن محب علي لا تزل له قدم إلا ثبتت له أخرى. وقال: حدثني الأخفش عن أبي العيناء عن علي بن الحسن بن علي بن الحسين عن أبيه عن جعفر بن محمد أنه ذكر السيد فترحم عليه وقال إن زلت له قدم فقد ثبتت الأخرى. وفيه أيضا: وجدت في بعض الكتب حدثني محمد بن يحيى اللؤلؤي حدثني محمد بن عباد بن صهيب عن أبيه قال كنت عند جعفر بن محمد فاتاه نعي السيد فدعا له وترحم عليه فقال رجل يا ابن رسول الله تدعو له وهو يشرب الخمر ويؤمن بالرجعة فقال حدثني أبي عن جدي إن محبي آل محمد لا يموتون إلا تائبين وقد تاب ورفع مصلى كان تحته فاخرج كتابا من السيد يعرفه فيه أنه قد تاب ويسأله الدعاء له.

سيرته

أدرك السيد خمسة من ملوك بني العباس: السفاح وهو أولهم والمنصور أخاه والمهدي بن المنصور والهادي بن المهدي والرشيد بن المهدي وتوفي في خلافة الرشيد.

أخباره مع السفاح

في فوات الوفيات ونحوه في الأغاني واللفظ للأول قيل أنه لما استقام الأمر للسفاح خطب يوما فأحسن الخطبة فلما نزل عن المنبر قام إليه السيد الحميري فأنشده:

فسر السفاح بذلك وقال له أحسنت يا إسماعيل سلني حاجتك قال ترضى عن سليمان بن حبيب بن المهاب وتولية الأهواز فأمر بذلك وكتب عهده ودفعه إلى السيد وقدم به عليه فلما وقعت عينه عليه انشده:

فقال له سليمان شريف وشافع وشاعر ووافد ونسيب سل حاجتك فقال جارية فارهة جميلة ومن يخدمها وبدرة دراهم وحاملها وفرس رائع وسائسه وتخت من صنوف الثياب وحامله قال: قد أمرت لك بكل ما سالت وهو لك عندي كل سنة.

أخباره مع المنصور

في تلخيص أخبار شعراء الشيعة المقدم ذكره: أنه كان حسن الحال عند المنصور يطلق لسانه بما أراد فلما ظهر محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن أمره إن يقتصد في القول ويدع ما كان عليه من المغالاة في وصف الطالبيين قال قيل وقال له المنصور أنشدنا قصيدتك التي تقول فيها:

فأنشدها حتى بلغ إلى قوله:

قال فلما فرع جعل المنصور يلقمه ويقول شكر الله لك يا إسماعيل حبك لأهل بيت نبيه ثم قال يا ربيع ادفع إلى إسماعيل فرسا وجارية وغلاما وألف درهم واجعل الألف له في كل شهر.

قال وقيل بلغ السيد إن عبد الله بن أباض رأس الأباضية يعيب على علي عليه السلام ويتهدد السيد بأنه يذكره عند المنصور بما يوجب القتل وكان ابن أباض يظهر التسنن ويكتم مذهب الأباضية فكتب إليه السيد رحمه لله:

ومن المناقب:

قال المرزباني فلما وصلت إلى ابن أباض امتعض منها جدا وأجلب في أصحابه وسعى به إلى الفقهاء والقراء فاجتمعوا وصاروا إلى المنصور وهو بدجلة البصرة فرفعوا قصته فأحضرهم وأحضر السيد فسألهم عن دعواهم فقالوا: أنه يشتم السلف ويقول بالرجعة ولا يرى لك ولا لأهلك أمامة. فقال لهم: دعوني أنا واقصدوا لما في أنفسكم ثم اقبل على السيد فقال: ما تقول فيما يقولون فقال ما اشتم أحدا واني لأترحم على أصحاب رسول الله(ص) وهذا ابن أباض قل له يترحم على علي وعثمان وطلحة والزبير فقال له ترحم على هؤلاء فتلوى ساعة فحذفه المنصور بعود كان بين يديه وأمر بحبسه فمات في الحبس وأمر بمن كان معه فضربوا المقارع وأمر للسيد بخمسة آلاف درهم (انتهى) وذكرنا شيئا من أخباره مع المنصور وتقدمه عنده في أخباره مع سوار القاضي كما يأتي فراجع.

أخباره مع المهدي

في تلخيص أخبار شعراء الشيعة المار ذكره لما تولى المهدي تورع السيد عنه فلم يقبل عليه إلى إن انشد قوله يهجوه:

فقال هذا شعره وما احتاج على ذلك برهانا وطلبه فاستخفى ثم مدحه واعتذر فرضي عنه قال: قيل وغزا المهدي الصائفة فأعطى الناس ووصل الأشراف وأعيان العرب فدفع إليه السيد رقعة فيها:

وروى أبو الفرج في الأغاني هذه الأبيات وخبرها بنحو آخر قال: حدثني أبو سليمان الناجي قال جلس المهدي يوما يعطي قريشا فجاء السيد فدفع إلى الربيع رقعة مختومة وقال إن فيها نصيحة للأمير فأوصلها إليه فأوصلها فإذا فيها:

قال أبو الفرج وهي قصيدة طويلة حذفنا باقيها لشدة ما فيه قال فرمى بها إلى أبي عبيد الله ثم قال اقطع العطاء فقطعه وانصرف الناس ودخل السيد إليه فلما رآه ضحك وقال قد قبلنا نصيحتك يا إسماعيل ولم نعطهم شيئا. وفي الأغاني بسنده أنه دخل السيد على المهدي لما بايع لابنيه موسى وهارون فأنشأ يقول:

وفي الأغاني بسنده عن أبي جعفر المنصور قال بلغني إن السيد مات بواسط فلم يدفنوه والله لئن تحقق عندي لأحرقنها. قال المؤلف الظاهر أنه بلغه ذلك من خبر كاذب ولم يكن توفي بها بل مرض فأشيع موته وإنما توفي ببغداد في خلافة الرشيد كما مر ويأتي.

أخباره مع الرشيد

روى في الأغاني إن السيد عاش إلى خلافة هارون الرشيد وفي أيامه مات وانه مدحه بقصيدتين فأمر له ببدرتين ففرقهما فبلغ ذلك الرشيد فقال احسب أبا هاشم تورع عن قبول جوائزنا (انتهى) وفي النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة للمرزباني المتقدم ذكرها قيل: لما ولي الرشيد رفع إليه في السيد أنه رافضي فأحضره فقال إن كان الرافضي هو الذي يحب بني هاشم ويقدمهم على سائر الخلق فما اعتذر منه ولا أزول عنه وان كان غير ذلك فما أقول به ثم انشد:

منها:

قال فألطف له الرشيد ووصله ووصله جماعة من بني هاشم.

أخباره مع سوار القاضي

كان بين سوار بن عبد الله العنبري قاضي البصرة وبين السيد الحميري عداوة لأجل المذهب. روى أبو الفرح في الأغاني بسنده عن مهدي بن سابق إن السيد تقدم إلى سوار القاضي ليشهد عنده وكان قد دافع المشهود له بذلك وقال أعفني من الشهادة عند سوار وبذل له مالا فلم يعفه فلما تقدم إلى سوار فشهد قال ألست المعروف بالسيد قال بلى فقال استغفر الله من ذنب تجرأت به على الشهادة عندي قم لا أرضى بك فقام مغضبا من مجلسه وكتب إلى سوار رقعة يقول فيها:

فلما قرأها سوار وثب عن مجلسه وقصد أبا جعفر المنصور وهو يومئذ نازل بالجسر فسبقه السيد إليه فأنشده:

ودخل سوار فلما رآه المنصور تبسم وقال أما بلغك خبر إياس بن

معاوية حيث قبل شهادة الفرزدق واستزاد في الشهود فما أحوجك للتعرض للسيد ولسانه ثم أمر السيد بمصالحته. وفي الأغاني: بسنده عن الحارث بن عبد المطلب قال: كنت جالسا في مجلس أبي جعفر المنصور وهو بالجسر وهو قاعد مع جماعة على دجلة بالبصرة وسوار بن عبد الله العنبري قاضي البصرة جالس عنده والسيد بن محمد بين يديه ينشد قوله:

والمنصور يضحك سرورا بما ينشده فحانت منه التفاتة فرأى وجه سوار يتربد غيظا ويسود حنقا ويدلك إحدى يديه بالأخرى ويتحرق فقال له المنصور ما لك أرابك شيء قال نعم هذا الرجل يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه والله يا أمير المؤمنين ما صدقك ما في نفسه وان الذين يواليهم لغيركم. فقال المنصور مهلا هذا شاعرنا وولينا وما عرفت منه إلا صدق محبة وإخلاص نية فقال له السيد يا أمير المؤمنين والله ما تحملت بغضكم لأحد وما وجدت أبوي عليه فافتتنت بهما وما زلت مشهورا بموالاتكم في أيام عدوكم فقال له صدقت قال ولكن هذا وأهلوه أعداء الله ورسوله قديما والذين نادوا رسول الله(ص) من وراء الحجرات فنزلت فيهم آية من القرآن أكثرهم لا يعقلون وجرى بينهما خطاب طويل فقال السيد قصيدته التي أولها:

وقال فيها:

وزاد المفيد في روايته كما في الفصول المختارة:

قال في الأغاني فشكاه سوار إلى أبي جعفر فأمره إن يصير إليه معتذرا ففعل فلم يعذره فقال:

وروى المفيد كما في الفصول المختارة: أنه بعد ما أنشد السيد المنصور القصيدة التائية المار ذكرها ضحك أبو جعفر وقال نصبتك قاضيا فامدحه كما هجوته فأنشأ يقول:

وفي الأغاني: وبلغ السيد إن سوارا قد أعد جماعة يشهدون عليه بسرقة ليقطعه فشكاه إلى أبي جعفر فدعا بسوار وقال له: قد عزلتك عن الحكم للسيد أو عليه. فما تعرض له بسوء حتى مات قال: وحكى ابن الساحر إن السيد دعي لشهادة عند سوار القاضي فقال لصاحب الدعوى أعفني من الشهادة عند سوار فلم يعفه فلما شهد قال له سوار ألم أعرفك وتعرفني وكيف مع معرفتك بي تقدم على الشهادة عندي فقال أني تخوفت إكراهه ولقد افتديت شهادتي عندك بمال فلم يقبل مني فإذا أقمتها فلا يقبل الله لك صرفا ولا عدلا إن قبلتها وقام من عنده ولم يقدر سوار له على شيء لما تقدم به المنصور إليه في أمره واغتاظ غيظا شديدا وانصرف من مجلسه فلم يقض يومئذ بين اثنين ثم إن سوارا اعتل علته التي مات فيها فلم يقدر السيد على هجائه في حياته لنهي المنصور إياه عن ذلك ومات سوار فاخرج عشيا وحفر له فوقع الحفر في موضع كنيف وكان بين الأزد وبين تميم عداوة فمات عقب موت عباد بن حبيب بن المهلب فهجا السيد سوارا في قصيدة رثى بها عبادا ودفعها إلى نوائح الأزد لما بينهم وبين تميم من العداوة ولقربهم من دار سوار ينحن بها أولها:

(انتهى) الأغاني. وفي النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة للمرزباني قيل كان سوار بن عبد الله العنبري على القضاء والصلاة في البصرة فخرج يستسقي فلما قام على المنبر واستدبر الناس رافعا يديه رئي السيد ناحية من الناس يقول:

فشاع قوله في البصرة حتى بلغ جعفر بن سليمان فوجه إليه فلما جاءه قال يا أبا هاشم ما هذا الدعاء الذي بلغني عنك قال هو كما بلغ الأمير والله ما أرضى لمبغض أهل البيت إلا بحجارة من سجيل منضودة فضحك منه. قال وله في خبر الطائر:

قال وبلغ هذا سوارا وهو قاضي البصرة فقال ما يدع هذا أحدا من الصحابة إلا رماه بشعر يظهر عواره وامر بحبسه فاجتمع بنو هاشم والشيعة وقالوا له والله لئن لم تخرجه وإلا كسرنا الحبس وأخرجناه أيمتدحك شاعر فتثيبه ويمتدح أهل البيت شاعر فتحبسه فأطلقه على مضض فقال يهجوه:

قال: وقيل إن سوارا القاضي سعى به إلى المنصور وقال والله ما يريد بقوله بني هاشم أنتم وإنما يريد بني ابن أبي طالب ثم قال مع أنه كثير التنقل في المذاهب وبالأمس كان على رأي الكيسانية وهو اليوم يرى رأي الإمامية فقال المنصور ما تقول يا أبا هاشم فقال كنت أرى رأي الكيسانية في ابن الحنفية فلما صح عندي اعظام محمد لعلي بن الحسين وانقياده له

ملت إلى علي بن الحسينعليه السلام فهل تعلم في الأرض من هو خير منه فأميل إليه واتركه فانقطع سوار (انتهى).

جملة من باقي أخباره

في تلخيص أخبار شعراء الشيعة للمرزباني: قيل أنه مر بقوم يتناظرون في التفضيل فوقف عليهم فقال بعضهم هذه طبقة دون طبقتك فقال صدقت إلا أني كما قال جميل:

ثم أنشأ يقول:

قال فرجع أكثر أولئك عما كانوا عليه إلى تفضيل أمير المؤمنين ع. وفي الأغاني: حدثني أبو جعفر الأعرج وهو ابن بنت الفضل بن يسار عن إسماعيل بن الساحر راوية السيد وهو الذي يقول فيه السيد في عض قصائده:

#وإسماعيل يبرأ من فلان* ويزعم أنه للنار صالي

قال تلاحى رجلان من بني عبد الله بن دارم في المفاضلة بعد رسول الله(ص) فرضيا بحكم أول من يطلع فطلع السيد فقاما إليه وهما لا يعرفانه فقال له مفضل علي بن أبي طالب أني وهذا اختلفنا في خير الناس بعد رسول الله(ص) فقلت علي بن أبي طالب فقطع السيد كلامه وقال وأي شيء قال هذا الآخر ابن الزانية فضحك من حضر ووجم الرجل ولم يحر جوابا

(انتهى) وفي رواية أنه قال لم أقل شيئا. وعن الصولي أنه قال أبو العيناء للسيد بلغني انك تقول بالرجعة قال هو ما بلغك قال فأعطني دينارا بمئة دينار إلى الرجعة قال السيد على إن توصي لي بمن يضمن انك ترجع إنسانا أخاف إن ترجع قردا أو كلبا فيذهب مالي.

قال المرزباني في الكتاب المشار إليه: قيل إن جماعة من الخوارج اجتمعوا بالنخيلة بعد أهل النهروان فسار إليهم علي عليه السلام فطحنهم جميعا لم يفلت منهم إلا خمسة نفر وفيهم يقول عمران بن حطان:

فقال السيد رحمه الله:

وفي الأغاني: روى أبو داود المسترق إن السيد والعبدي هو سفيان بن مصعب اجتمعا فأنشد السيد:

فقال له العبدي: أخطأت لو شاركت كفك كفه كنت مثله ولكن قل تابعت كفه لتكون تابعا لا شريكا وكان السيد بعد ذلك يقول أنا أشعر الناس إلا العبدي (انتهى) قال المرزباني في الكتاب المشار إليه. قيل إن السيد حج أيام هشام فلقي الكميت فسلم عليه وقال أنت القائل في أمر فدك:

قال نعم قلته تقية من بني أمية وفي مضمون قولي شهادة عليهما أنهما أخذا ما كان في يدها. فقال السيد: لولا إقامة الحجة لوسعني السكوت لقد ضعفت يا هذا عن الحق يقول رسول الله(ص) فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها وان الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها فخالفت رسول الله(ص) وهب لها فدكا بأمر الله له وشهد لها أمير المؤمنين والحسن والحسين وأم أيمن بان رسول الله(ص) اقطع فاطمة فدكا فلم يحكما لها بذلك والله تعالى يقول يرثني ويرث من آل يعقوب ويقول وورث سليمان داود وهم يجعلون سبب مصير الخلافة إليهم الصلاة وشهادة المرأة لأبيها إن رسول الله(ص) قال مروا فلانا بالصلاة بالناس فصدقت المرأة لأبيها ولا تصدق فاطمة وعلي والحسن والحسين وأم أيمن في مثل فدك وتطالب مثل فاطمة بالبينة على ما ادعت لأبيها وتقول أنت مثل هذا القول، وبعد فما تقول في رجل حلف بالطلاق إن الذي طلبت فاطمةعليه السلام هو حق وان عليا والحسن والحسين وأم أيمن ما شهدوا إلا بحق، ما تقول في طلاقه؟ قال ما عليه طلاق، قال فان حلف بالطلاق أنهم قالوا غير الحق؟ قال يقع الطلاق لأنهم لم يقولوا إلا الحق قال فانظر في أمرك فقال الكميت أنا تائب إلى الله مما قلت وأنت أبا هاشم اعلم وأفقه منا (انتهى) وفي الأغاني بسنده عن الحسن بن علي بن حرب بن أبي الأسود الدؤلي قال كنا جلوسا عند أبي عمرو بن العلاء فتذاكرنا السيد فجاء فجلس وخضنا في ذكر الزرع والنخل ساعة فنهض فقلنا يا أبا هاشم مم القيام فقال:

وفيه أخبرني عمي حدثني الكراني عن ابن عائشة قال: وقف السيد على بشار وهو ينشد الشعر فاقبل عليه وقال:

قال بشار من هذا؟ فعرفه فقال لولا إن هذا الرجل قد شغل عنا بمدح بني هاشم لشغلنا ولو شاركنا في مذهبنا لتعبنا. قال: وروي في هذا الخبر إن عمران بن حطان الشاري خاطب الفرزدق بهذه المخاطبة وأجابه بهذا الجواب. وفيه ذكر التميمي وهو علي بن إسماعيل عن أبيه قال كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد إذ استأذن آذنه للسيد فأمر بإيصاله وأقعد حرمه خلف ستر ودخل فسلم وجلس فاستنشده فأنشده قوله:

قال فرأيت دموع جعفر بن محمد تتحدر على خديه وارتفع الصراخ والبكاء من داره حتى أمره بالإمساك فامسك. قال فحدثت أبي بذلك لما انصرفت فقال لي ويلي على الكيساني الفاعل ابن الفاعل يقول:

فقلت يا أبت وما ذا يصنع قال أولا ينحر أولا يقتل نفسه فثكلته أمه (انتهى) قال المؤلف: هذا تحامس بارد من أبيه ومثل السيد لا يعاب عليه في رثاء أهل البيتعليه السلام ومدحهم ولا يلحقه في ذلك لاحق. وفي الأغاني بسنده كان السيد إذا استنشد شيئا من شعره لم يبدأ بشيء إلا بقوله:

وفيه أخبرني أحمد بن عمار أخبرنا يعقوب بن نعيم حدثني إبراهيم بن عبد الله الطلحي راوية الشعراء بالكوفة حدثنا أبو مسعود عمرو بن عيسى الرباح ومحمد بن سلمة يزيد بعضهم على بعض إن السيد لما قدم الكوفة أتاه محمد بن سهل راوية الكميت فاقبل عليه السيد فقال من الذي يقول:

فقال محمد بن سهل هذا يقوله محارب بن دثار الذهلي فقال السيد لا كان الله وليا للعاض بظر أمه من ينشدنا قصيدة أبي الأسود:

فأنشده القصيدة بعض من كان حاضرا فطفق يسب محارب بن دثار ويترحم على أبي الأسود فبلغ الخبر منصور النمري فقال ما كان على أبي هاشم لو هجاه بقصيدة يعارض بها أبياته ثم قال أبياتا أولها:

ويأتي باقيها في ترجمة منصور.

وفيه بسنده عن سويد بن حمدان بن الحصين قال كان السيد يختلف إلينا ويغشانا فقام من عندنا ذات يوم فتخلفه رجل وقال: لكم شرف وقدر عند السلطان فلا تجالسوا هذا فإنه مشهور بشرب الخمر وذكر السلف فبلغ ذلك السيد فكتب إليه:

قال فهجر والله مشايخنا ذلك الرجل ولزموا محبة السيد ومجالسته. وفيه أخبرني علي بن سليمان الأخفش حدثني محمد بن يزيد المبرد حدثني التوزي قال جلس السيد يوما إلى قوم فجعل ينشدهم وهم يلغطون فقال:

قال: ومما يحكى عنه أنه اجتمع في طريقه بامرأة تميمية أباضية فأعجبها وقالت أريد إن أتزوج بك قال يكون كنكاح أم خارجة قالت فمن أنت فقال:

فقالت قد عرفتك ولا شيء أعجب من هذا يمان وتميمية ورافضي وأباضية فكيف يجتمعان الحديث. وروي في الأغاني: إن السيد كان أدلم منتن الإبطين وكان في ندمائه فتى أدلم غليظ الأنف والشفتين زنجي الخلقة وكانا يتمازحان فيقول له السيد أنت زنجي الأنف والشفتين ويقول الفتى للسيد أنت زنجي اللون والإبطين فقال السيد:

وروي فيه إن فتى مؤسرا تزوج امرأة اسمها ليلى واجتمع على السيد وكان من أظراف الناس وكان الفتى لا يصبر عنه وأنفق عليه مالا كثيرا وكانت ليلى تعذله على إسرافه وتقول له كأني بك قد افتقرت فلم يغن عنك شيئا فقال فيها السيد:

وروى فيه أنه أهدى بعض ولاة الكوفة إلى السيد رداء عدنيا فكتب إليه السيد فقال:

#فبعث إليه بخلعة تامة وفرس جواد وقال نقطع عتاب أبي هاشم

واستزادته إيانا. وروى فيه بسنده عن الحرمازي قال: كنت اختلف إلى بني قيس وكانا يرويان عن الحسن فلقيني السيد يوما وأنا منصرف من عندهما فقال أرني الواحك اكتب فيها شيئا وإلا أخذتها فمحوت ما فيها فأعطيته ألواحي فكتب فيها:

وروى فيه بسنده إن السيد كان بالأهواز فمرت به امرأة من آل الزبير تزف إلى إسماعيل بن عبد الله بن العباس وسمع الجلبة فسال عنها فأخبر بها قال:

فدخلت في طريقها إلى خربة للخلاء فنهشتها أفعى فماتت فكان السيد يقول لحقتها دعوتي (انتهى).

وفي النبذة المختارة من تلخيص أخبار شعراء الشيعة للمرزباني المقدم ذكرها: قيل أنه قال لغلامه عند موته إذا أنا مت فائت مجمع البصريين فأعلمهم بموتي فما أظن يجئ منهم إلا رجل أو رجلان ثم اذهب إلى مجمع الكوفيين فأعلمهم بموتي وأنشدهم:

فإنهم سيسارعون إليك. فلما مات مضى الغلام وفعل ما أمره به فجاءه من البصريين ثلاثة نفر معهم ثلاثة أكفان وجاءه من الكوفيين خلق ومعهم سبعون كفنا ثم بلغ خبره الرشيد فأرسل إليه بأخيه علي بن المهدي ومعه أكفان حسنة وطيب كثير فأمر برد أكفان الناس وتولى الصلاة عليه علي بن المهدي وكبر خمسا ووقف على قبره حتى سطح. وفي تعليقة البهبهاني على منهج المقال: كتب من خط الكفعمي أنه لما توفي السيد ببغداد أتى من الكوفة تسعون كفنا فكفنه الرشيد ورد أكفان العامة وصلى عليه المهدي وكبر عليه خمسا (انتهى). قوله أتى من الكوفة الصواب من الكوفيين يعني الموجودين ببغداد كما بيناه في الحاشية وهو قد توفي ببغداد وبينها وبين الكوفة نحو سبع مراحل وقوله المهدي الصواب علي بن المهدي كما مر عن المرزباني لان المهدي والد الرشيد وكان قد توفي قبل ذلك وقوله تسعون كفنا مر عن المرزباني أنها سبعون فقد صحف أحدهما بالآخر. وفي الأغاني: بسنده عن بشير بن عمار الصيرفي قال: حضرت وفاة السيد في الرميلة ببغداد فوجه رسولا إلى صف الجزارين الكوفيين يعلمهم بحاله ووفاته فغلط الرسول وذهب إلى صف السموسين البصريين ظ فشتموه ولعنوه فعلم أنه قد غلط فعاد إلى الكوفيين يعلمهم بحاله ووفاته فوافوه سبعون كفنا (انتهى).

أشعاره في أهل البيت عليه السلام

قد عرفت إن بعضهم جمع له في بني هاشم ألفين وثلاثمائة قصيدة ولم يستوف شعره فيهم وان له فيهمعليه السلام ألفا ومائتي قصيدة كانت تحفظ ثلاث بنات له كل واحدة أربعمائة بيت منها وان بعضهم قال أنها على حرف الميم فقط عدا ما كان على غيره من الحروف وانه لم يترك فضيلة لأمير المؤمنينعليه السلام إلا نظم فيها شعرا وقد ذهبت الأيام بهذه القصائد وبديوانه الذي كان معروفا محفوظا، وذكر عن بعض العلماء الذي غاب عني اسمه الآن: أنه كان يحفظ ديوانه، ولم يبق من ذلك إلا ما كان في تضاعيف الكتب والمؤلفات، وقد مر فيما سبق من ترجمته جملة من أشعاره في أهل البيت وغيرهم ونذكر هنا ما عثرنا عليه في مصنفات العلماء من أشعاره في أهل البيتعليه السلام زيادة على ما سبق وجله منقول من مناقب ابن شهراشوب وكان متفرقا في الأبواب فجمعناه فإنه يذكر البيت والبيتين والأكثر من القصيدة بحسب المناسبة فجمعنا ما تفرق منه ورتبناه بحسب الإمكان فمن ذلك قوله:

وله:

وله:

إذ يفصل الحاكم القضاء

مجاهر اظهر البراء

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله في خبر الطائر:

وله:

وقال في الحسين ع:

وله:

وله في الحارث بن عمرو الفهري الذي قال اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية:

#هو مولاك فاستطار ونادى*ربه باستكانة وانتصاب

وله:

وله:

وله:

وله:

القصيدة المذهبة

في مدح أمير المؤمنين علي عليه السلام وهي من مشهور شعره ولما لها من المكانة شرحها السيد المرتضى علم الهدى بطلب من أبيه والشرح مطبوع بمصر ووصل إلينا منه نسختان مخطوطتان وقد أوردناها في الجزء الخامس من المجالس السنية وفي الجزء الثالث من معادن الجواهر وقد سمعت قول التوزي فيها لو إن شعرا يستحق إن لا ينشد إلا في المساجد لحسنه لكان هذا ولو خطب به خاطب على المنبر في يوم جمعة لأتى حسنا ولحاز أجرا وقول مروان بن أبي حفصة لكل بيت منها لما سمعها: سبحان الله ما أعجب هذا الكلام وقد ذكر السيد المرتضى سنده إليها ولا باس بان نذكر سندنا إليها أيضا بواسطته فقد كان القدماء يحافظون على الأسانيد ويروون كلما يذكرونه بالأسانيد عن مشايخهم كما تراه في مؤلفاتهم وقد أهمل ذلك في هذا الزمان في جملة ما أهمل. ولنا عدة طرق إلى السيد المرتضى قدس الله سره نذكر منها هنا طريقا واحدا فنقول: إننا نروي هذه القصيدة وغيرها من مرويات الشريف المرتضى رضي الله عنه بالإجازة عن شيخنا وأستاذنا الفقيه الشيخ محمد طه النجفي عن شيخه الفقيه الزاهد الملا علي ابن الميرزا خليل الطبيب الطهراني النجفي عن شيخه الإمام الفقيه الشيخ محمد حسن النجفي صاحب جواهر الكلام عن شيخه الفقيه المتبحر السيد محمد الجواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة عن شيخه الإمام العلامة السيد محمد مهدي الطباطبائي النجفي الملقب بحر العلوم عن شيخه المحقق الوحيد محمد باقر البهبهاني الحائري عن أبيه محمد أكمل عن العلامة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي عن أبيه عن الشيخ بهاء الدين محمد العاملي المعروف بالبهائي عن والده الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي عن شيخه الشيخ زين الدين بن علي العاملي الجبعي المعروف بالشهيد الثاني عن شيخه نور الدين علي بن عبد العال العاملي الميسي عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود الشهير بابن المؤذن العاملي الجزيني عن الشيخ ضياء الدين علي بن شمس الدين الشهيد السعيد محمد بن مكي العاملي الجزيني عن والده المذكور عن الشيخ فخر الدين أبي طالب محمد بن الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن المطهر الحلي عن والده المعروف بالعلامة الحلي عن شيخه نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد الهذلي المعروف بالمحقق الحلي عن السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي عن الشيخ أبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي عن الشيخ أبي جعفر محمد بن القاسم العماد الطبري عن الشيخ أبي علي الحسن ابن شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي عن أبيه عن السيد الأجل المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي عن أبي عبد الله المرزباني عن محمد بن يحيى عن أبي صفي السلمي المازني عن حردان عن أبي حردان قال سمعت غير مرة السيد إسماعيل بن محمد الحميري وأنشدني القصيدة التي أولها:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

في المناقب: عن كتاب أبي موسى الحامض النحوي أنه عرض عباسي

للسيد الحميري إن أشعر الناس من قال:

فقال السيد أنا أشعر من هذا حيث أقول:

وله:

وله:

#فلباه لما دعاه إليه*وحده مثل ما وحدا

وله:

#وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

#وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله في الصادق ع:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله في قصة صالح:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

إلى قوله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

#كأن لم يكن في قلبه ثقة به*فيا عجبا إني ومن أين يوقن

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله في رثاء الحسين ع:

وله:

وله:

وله:

وله:

وله:

له:

وله:

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 405