الشاه إسماعيل الأول ابن السلطان حيدر الحسيني الموسوي الصفوي ابن جنيد ابن السلطان الشيخ صدر الدين بن إبراهيم ابن السلطان خواجة علي ابن الشيخ صدر الدين موسى ابن السلطان الشيخ صفي الدين اسحق ابن الشيخ أمين الدين جبرئيل ابن السيد صالح ابن السيد قطب الدين أحمد ابن السيد صلاح الدين رشيد ابن السيد محمد الحافظ كلام الله ابن السيد عوض الخواص ابن السيد فيروز شاه درين كلاه ابن محمد شرف شاه ابن محمد ابن أبي حسن بن محمد بن إبراهيم بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد العراقي ابن محمد قاسم بن أبي القاسم حمزة ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين.
ولد في 25 رجب سنة 892 وتوفي في تبريز 19 رجب سنة 930 أو 931 يوافق ذلك بحساب الجمل حروف طاب مضجعه ودفن بمقبرة جده صفي الدين بأردبيل.
قال الشيخ البهائي في رسالته توضيح المقاصد: السلطان الأعظم حامي حوزة الإيمان قدس الله روحه وكان ابتداء سلطنته المباركة سنة 906 يوافق ذلك بالعربية بحساب الجمل حروف مذهبنا حق وبالفارسية شمشير أئمة (انتهى) وبعض الطاعنين على مذهب الإمامية نسبوا ظهور هذا المذهب إليه وقالوا في تاريخ جلوسه مذهب ناحق ونا: حرف نفي في اللغة الفارسية ومدة ملكه 24 سنة. وهو أول الملوك الصفوية وموطد دولتهم ولم يكن آباؤه من السلاطين لكنهم كانوا من مشايخ الصوفية والعرفاء فلقبوا بلقب سلطان لذلك وجلس حيدر على سجادة الخلافة بعد أبيه وكثر أتباعه حتى ألبسوه التاج المحتوي على اثنتي عشرة تركيبة إشارة إلى مذهب الاثني عشرية وخاطبوه بالسلطان كابائه. وظهرت دولتهم بعد وفاة حسن الطويل ملك تبريز وهم من أهل أردبيل ونسبتهم إلى جدهم صفي الدين المذكور وبعضهم يقول إن مؤسس دولتهم هو السلطان حيدر ثم خلفه أولاده لكن المؤرخين يعدون أولهم الشاه إسماعيل لأن قوة الدولة كانت في زمانه. وهو الذي أظهر مذهب الإمامية في إيران وأمر بقول حي على خير العمل في الآذان وكان يفتخر بترويج مذهب الإمامية وتأييده حتى أنه أمر نقش هذا البيت على السكة:
إز مشرق تا بمغرب كرامام است | على وآل أو ما را تمامست |
ومعناه لو كان كل الناس من المشرق إلى المغرب أئمة كفانا منهم علي وآله، وقد نظمته فقلت:
لو كل من في الخافقين أئمة | لكفى علي عن أولاك وآله |
وفي البدر الطالع: الشاه إسماعيل بن حيدر بن جنيد بن إبراهيم بن علي بن موسى بن إسحاق الأردبيلي سلطان العجم كان سلفه مشايخ متصوفة يعتقدهم الملوك ويعظمهم الناس ويقفون عندهم في زواياهم. وقد كان تيمور يعتقد موسى بن إسحاق المذكور في نسب صاحب الترجمة وكان شاه رخ الآتي ذكره يعتقد علي بن موسى المذكور فلما جلس في الزاوية جنيد المذكور كثرت أتباعه فتوهم منه صاحب أذربيجان فأخرجه هو وأتباعه فخرجوا فقتل سلطان شروان جنيدا ثم اجتمعوا بعد مدة على حيدر والد صاحب الترجمة فالبس أصحابه التيجان الحمر فسماهم الناس قزل باش فصار كأحد السلاطين فقتل. ثم اجتمعوا بعد مدة على الشاه إسماعيل صاحب الترجمة وكثرت أتباعه فغزا سلطان شروان فكان الغلب لصاحب الترجمة وأسر جيشه سلطان شروان فأمرهم إن يضعوه في قدر كبير ويأكلوه. ثم افتتح ممالك العجم جميعها وكان يقتل من يظفر به وما نهبه من الأموال قسمه بين أصحابه ولا يأخذ منه شيئا. ومن جملة ما ملك تبريز وأذربيجان وبغداد وعراق العجم وعراق العرب وخراسان وكاد إن يدعي الربوبية وكان يسجد له عسكره ويأتمرون بأمره. قال قطب الدين الحنفي في الأعلام أنه قتل زيادة على ألف ألف نفس قال بحيث لا يعهد في الجاهلية ولا في الإسلام ولا في الأمم السابقة من قبل من قتل من النفوس ما قتله الشاه إسماعيل وقتل عدة من أعاظم العلماء بحيث لم يبق من أهل العلم أحد في بلاد العجم وأحرق جميع كتبهم ومصاحفهم وكان شديد الرفض بخلاف آبائه ومن جملة تعظيم أصحابه له أنه سقط مرة منديل من يده إلى البحر وكان على جبل شاهق مشرف على ذلك البحر فرمى نفسه خلف المنديل فوق ألف نفس تحطموا وتكسروا وغرقوا. وكانوا يعتقدون فيه الألوهية ذكر ذلك القطب المذكور ولم تنهزم له راية حتى حاربه السلطان سليم فهزمه ثم صالحه بعد ذلك (انتهى).
وفي كلامه أشياء من الكذب الصريح ساق إليها أو ساق من أخذها عنه العداوة المذهبية والتعصب قصدا للتشنيع كقوله: أنه أمر جيشه إن يطبخوا سلطان شروان ويأكلوه. وأنه كاد إن يدعي الربوبية وأن أصحابه كانوا يعتقدون فيه الألوهية. وأنه رمى منهم بنفسه فوق الألف خلف منديل سقط منه فتحطموا. وأنه كان يسجد له عسكره ومبالغته في عدد من قتله ونسبته إليه قتل العلماء وإحراق الكتب والمصاحف.
المحاربة بينه وبين السلطان بايزيد الثاني
وولده سليم الأول العثماني
كان الشاه إسماعيل قد نشر دعاته في بلاد الأناضول ونشر مذهب التشيع حتى كثير من أهلها وذلك في عهد السلطان بايزيد الثاني ابن محمد الفاتح ثم بعث رجلا من أتباعه اسمه شاه قلي أي غلام الشاه بعسكر إلى الأناضول فحاربه قره كزل باشا أمير أمراء الأناضول فغلبه شاه قلي ثم تقدم إلى كوتاهية وبعدها حاصر أنطاكية فأرسل بايزيد إليه الصدر الأعظم علي باشا مع ولده أحمد بن بايزيد فحاصراه في قول قيا ففر ليلا وتبعه علي باشا وجرت بينهما حرب قتل فيها الاثنان ثم ملك السلطان سليم الأول بعد أبيه بايزيد الثاني وكانت سوريا تابعة لملك مصر المسمى قانصو الغوري ويظهر أن ملك مصر تعاهد مع الشاه إسماعيل ضد السلطان سليم فقتل السلطان سليم أربعة وأربعين ألفا وقيل سبعين ألفا من الشيعة في الأناضول بحجة انتسابهم إلى الشاه إسماعيل الصفوي، وفي ذلك العصر كان الإسبانيون استولوا على بلاد الأندلس وأزالوا دولة بني الأحمر العربية من الأندلس واستنجد بنو الأحمر بالسلطان بايزيد فلم ينجدهم حتى فعل بهم الإسبانيون ما فعلوا وقتل الشيعة المسلمين في بلاده وحارب سلطان الفرس المسلم وهكذا جعل ملوك المسلمين بأسهم بينهم. ثم جهز السلطان سليم جيشا عظيما وذهب لمحاربة الشاه إسماعيل فوضع صاحب مرعش بايعاز من سلطان مصر العراقيل في طريق الجيوش العثمانية أثناء سفرهم إلى إيران ولكن ذلك لم يمنعهم عن متابعة السير فساروا من طريق أخرى والتقوا بالشاه إسماعيل وعساكره في جاليدران ووقعت بينهم حروب هائلة قتل فيها من العثمانيين أربعون ألفا ثم انهزم الشاه إسماعيل وتقدم السلطان سليم حتى دخل تبريز عاصمة إيران وبقي فيها ثلاثة أشهر ثم عاد لحصول القحط في إيران وبعث بجيش إلى صاحب مرعش الذي كان وضع العراقيل في سبيل الجيوش العثمانية أثناء سفرهم إلى إيران واستولى على إمارته وبعث برأسه إلى ملك مصر وفي سنة 922 جهز جيشا بقيادة سنان باشا إلى دياربكر ليلحق به لمحاربة الشاه إسماعيل فلما وصل مضيق ملاطية منعه مأمور مصر من العبور فأخبر السلطان بالأمر فعقد في الحال مجلسا وقرر محاربة ملك مصر وسار بجيشه إلى بلاد العرب فالتقى بجيش صاحب مصر في مرج دابق قرب حلب فانهزم بعض أمراء الجيش المصري باتفاق مع السلطان سليم وثبت ملكهم قانصو الغوري فقتل وفتحت سوريا وأقام المصريون طومباي مكان قانصو فزحف إليهم السلطان سليم وقهرهم وصلب طومباي شنقا على باب زويلة. وظهر في الأناضول رجل اسمه جلال من إتباع الشاه إسماعيل ويقول مؤرخو العثمانيين أنه ادعى المهدوية. والظاهر أنه قام لأخذ ثار الذين قتلهم السلطان سليم فاجتمع معه نحو عشرة آلاف فأرسل إليه السلطان سليم جيشا فقتله وفرق جموعه وصار يطلق على العصاة في الأناضول اسم جلالي.