أبو يعقوب إسحاق بن أبي سهل إسماعيل ابن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت الكاتب
قتل سنة 322.
نوبخت ويقال نيبخت مر الكلام عليه في الجزء الخامس في آل نوبخت.
وجدت في مسودة الكتاب ولا أعلم الآن من أين نقلته: المتكلم العارف بعلوم الأوائل كان يجري مجرى الوزراء ومن رجال الحل والعقد (انتهى) وفي كتاب خاندان نوبختي ما تعريبه: أنه من مشاهير كتاب ديوان الخلافة العباسية ومن أجلاء ممدوحي البحتري الشاعر والذي وصل إلينا من تاريخ إسحاق هذا إنما هو من سنة 312 يعني بعد وفاة أبيه أبي سهل إسماعيل بسنة واحدة لكن من المسلم إن إسحاق وولده أبو الفضل يعقوب كانا قبل هذا التاريخ بمدة من المعتبرين ومن عمال الديوان وأعيان البلاط العباسي فان البحتري المتوفي سنة 283 أو 284 قد مدحهما ويستفاد من قصيدة له في المترجم أنه كان عاملا في العواصم وانه كان بنواحي قنسرين رجل مفسد فطهرها منه وأراح الرعية من فساده وجمع ما تفرق من حال الناس الذي كان البحتري أحدهم وعاملهم بالعدل وانتصر للضعيف من القوي وذلك قوله فيه من قصيدة: إن العواصم قد عصمن بأبيض وذكر الأبيات المتعلقة بذلك من القصيدة. هكذا قال صاحب الكتاب ولكن الذي في ديوان البحتري المطبوع إن هذه القصيدة في مدح إسماعيل والد المترجم الآتي ذكره حيث قال في أولها وقال يمدح إسماعيل بن نيبخت. وإنما جاء ذكر ابنه إسحاق، بالتبع وإلا فاصل القصيدة في مدح أبيه وحينئذ فالذي كان عاملا هو الأب لا الابن لا أقل من الترديد بينهما والذي أوجب الاشتباه أنه ابتدأ بمدح الابن ببيت واحد وهو قوله:
ما للمكارم لا تريد سوى أبي | يعقوب إسحاق بن إسماعيل |
ثم ثنى بمدح الأب فقال:
والى أبي سهل بن نوبخت انتهى | ما كان من غرر لها وحجول |
ثم قال:
أن العواصم قد عصمن بأبيض | ماض كحد الأبيض المسلول |
فقوله والى أبي سهل أراد به أبا سهل إسماعيل والد أبي يعقوب إسحاق المذكور في البيت الأول وسيأتي جملة من هذه القصيدة في ترجمة أبيه إسماعيل بن علي. وكما مدح البحتري المترجم وأباه إسماعيل في هذه القصيدة مدحه وابنه أبا الفضل يعقوب بن أبي يعقوب إسحاق في قصيدة أخرى أولها:
كم بالكتيب من اعتراض كثيب | وقوام غصن في الثياب رطيب |
يقول فيها:
وإذا أبو الفضل استعار سجية | للمكرمات فمن أبي يعقوب |
لا يحتذي خلق القصي ولا يرى | متشبها في سؤدد بغريب |
تمضي صريمته وتوقد رأيه | عزمات جوذرز وسورة بيت |
شرف تتابع كابرا عن كابر | كالرمح أنبوبا على أنبوب |
وأرى النجابة لا يكون تمامها | لنجيب قوم ليس بابن نجيب |
وجوذرز وبيب هما من أجداد الممدوح المشهورين بالشجاعة في عهد الأكاسرة ذكرهما ابن الأثير في تاريخه.
حبس الوزير الخصيبي له وإفراج خلفه
عنه ثم حكى عن كتاب تجارب الأمم أنه في 11 رمضان سنة 313 عزل المقتدر وزيره الخاقاني واستوزر أحمد بن عبيد الله الخصيبي فاخذ الخصيبي في مصادرة الخاقاني وعماله وكتابه ومنهم المترجم فحبسه الخصيبي وقرر عليه مبلغا من المال ثم حكى عن تاريخ الوزراء للصابي إن المقتدر في 11 ذي القعدة سنة 314 عزل الخصيبي من الوزارة وقام فيها علي بن عيسى بن الجراح للمرة الثانية فطالب ابن الجراح الخصيبي بأموال المصادرات والضمانات التي كانت في وزارته فكان من جملة العمال الذين عليهم ضمانات المترجم فقد كان في ضمانه قبل وزارة ابن الجراح الثانية أموال النهروانات وعليه من ذلك مال كثير لم يؤد منه إلا شيئا يسيرا ومن ذلك يعلم إن المترجم بعد ما كان في عهد الخصيبي محبوسا ومصادرا ضمن أموال النهروانات وصارت في عهدته إلى أواخر وزارة الخصيبي.
قبض الوزير ابن الجراح عليه
ثم حكى عن كتاب تجارب الأمم أنه في سنة 315 كان الوزير ابن الجراح قد أحال جماعة على المترجم بأموال مما في ضمانه فلم يدفع لهم فقبض الوزير عليه وعلى كاتبه أحمد بن يحيى جلخة وجماعة من أصحابه وأخذ منه خمسين ألف دينار من الأموال التي في ضمانه وكانت أموال واسط في ذلك الوقت في ضمانه.
إفراج الوزير ابن مقلة عنه
ثم حكى عن كتاب صلة عريب إن المقتدر في 15 ربيع الأول سنة 316 عزل ابن الجراح من الوزارة واستوزر محمد بن علي بن مقلة صاحب الخط المشهور فأعاد العمال وأصحاب الديوان الذين كان قد عزلهم ابن الجراح ومنهم المترجم قال ومن ذلك التاريخ إلى سنة 320 التي قتل فيها المقتدر وبويع القاهر لا اطلاع لنا على أحوال المترجم سوى أنه يظهر إن دولته كانت في ترق يوما فيوما إلى حين قتل المقتدر وانه كان يعد من أصحاب النفوذ والاقتدار في البلاط (انتهى).
مجازاة القاهر له على الإحسان بالإساءة
قال ابن الأثير في الكامل: لما قتل المقتدر أشار مؤنس بنصب ولده أبي العباس أحمد في الخلافة وقال أنه تربيتي فإذا جلس في الخلافة سمحت نفس جدته وأخوته وغلمان أبيه ببذل الأموال فاعترض عليه أبو يعقوب إسحاق بن إسماعيل النوبختي وقال بعد الكد والتعب استرحنا من خليفة له أم وخالة وخدم يدبرونه فنعود إلى تلك الحال والله لا نرضى إلا برجل كامل يدبر نفسه ويدبرنا وما زال حتى رد مؤنسا عن رأيه وذكر أبا منصور محمد بن المعتضد فأجابه مؤنس إلى ذلك وكان النوبختي في ذلك كالباحث عن حتفه بظلفه. قال واشتغل القاهر بمناظرة والدة المقتدر فاعترفت له بما عندها من المصوع والثياب وصادر جميع حاشية المقتدر وأصحابه واخرج والدة المقتدر لتشهد على نفسها بأنها قد حلت أوقافها ووكلت في بيعها فقالت قد أوقفتها على أبواب البر ولا استحل حلها ولا بيعها فاحضر القاهر القاضي والعدول وأشهدهم أنه قد حل وقوفها جميعها ووكل في بيعها فبيع ذلك جميعه (انتهى) وعن تجارب الأمم وغيره أنه وكل القاضي علي بن عباس النوبختي في بيع ذلك ووكل أبا طالب وأبا الفرج أحمد بن يحيى جلخة والمترجم في بيع مستغلات أم المقتدر التي ضبطت في بغداد.
قبض الوزير ابن مقلة عليه ثم إطلاقه
واستوزر القاهر أبا علي محمد بن علي بن مقلة فوصل من شيراز عاشر ذي القعدة سنة 320 فقبض على جماعة من الكتاب والعمال منهم المترجم وطالبه بالأموال التي عليه فتوسل المترجم بأبي جعفر محمد بن شيرزاد وهو من عمال الديوان وأصدقاء المترجم القدماء فتكلم أبو جعفر مع الوزير ابن مقلة في أمر المترجم فقال له ابن مقلة لا بد من بقائه محبوسا لأنه قصر في عهد المقتدر في أداء المال الذي عليه فطلب المترجم إلى أبي جعفر أن يتوسط له عند مؤنس ففعل فأرسل مؤنس إلى ابن مقلة فأطلقه ثم احضره بعد قليل وأخذ خطه بان يؤدي في كل شهر ألفي دينار ثم عزل القاهر ابن مقلة وولى الوزارة أبا جعفر محمد بن قاسم بن عبيد الله بن وهب. وصار للمترجم نفوذ عظيم في عهد هذه الوزارة لأن أملاك واسط وحوالي الفرات في ضمان المترجم وهو من أعيان بغداد وصاحب أملاك وثروة كثيرة لهذا كان في ذلك العصر ملجأ المغضوب عليهم والمعزولين فيصلح بينهم وبين الوزير ولما عزل ابن مقلة من الوزارة واستتر أيضا بنو البريدي بن ظهر ابن مقلة توسط المترجم مع الوزير في أمر ابني البريدي وأخذ لهما منه أمانا فظهرا.
قبض القاهر عليه
ثم إن القاهر بمشاورة بعض أطباء البلاط عزم على إعادة الخصيبي إلى الوزارة والقبض على أبي جعفر الوزير محمد بن القاسم وابني البريدي والمترجم فأرسل القاهر خادما إلى دار الوزير لظنه إن المترجم وابني البريدي هناك وكان ابنا البريدي قد علما بالأمر فاختفيا قبل وصول الخادم فذهب الخادم إلى منزل المترجم وكان المترجم قد ذهب إلى دار الوزير فلما لم يجده ذهب إلى دار الوزير وقبض على المترجم وأرسل القاهر من فتش منازل المترجم في النوبختية وأطراف دجلة وقبض على حرمه وأولاده وكاتبه أبي عبد الله أحمد بن علي الكوفي وأقام علي بن عيسى مكان المترجم على أعمال واسط وسقي الفرات. قال ابن الأثير في سنة 321 أرسل القاهر إلى أبي يعقوب النوبختي وهو في مجلس وزيره محمد بن القاسم فأخذه وحبسه (انتهى).
كيفية قتله
عن تجارب الأمم إن القاهر في سنة 322 صمم على قتل أبي السرايا نصر بن حمدان وصاحب الترجمة فأمر بإلقائهما في بئر فأتى بالمترجم مقيدا والقي في البئر وأرادوا إلقاء أبي السرايا فتضرع إليهم كثيرا فلم يقبلوا فتسلق على نخلة قريبة من البئر فقطعوا يده فوقع عن النخلة فألقوه في البئر والقوا فيها التراب حتى سووها بالأرض. وهكذا كل من سعى في خلافة القاهر كان جزاؤه منه فلينظر الناظر إلى أعمال هؤلاء الذين تسموا بالخلافة والإمامة وفظائعهم. ويأتي إسحاق الكاتب النيبختي البغدادي ونفي البعد عن كونه المترجم.