الشيخ أحمد بن الشيخ مهدي بن أحمد ابن نصر الله آل أبي السعود الخطي القطيفي
توفي في ربيع الأول سنة 1306 ودفن بالحناكة المقبرة المعروفة في القطيف.
قال بعض المعاصرين في وصفه: أحد أركان الدهر ونبلاء العصر وفصحاء المصر، وذكر له في أنوار البدرين ترجمة مفصلة نذكر هنا ملخصها بحذف جملة من الاسجاع واختصار بعض العبارات قال: كان من أدباء القطيف وبلغائها وشعرائها ورؤسائها الحكام له من الأدب والشعر الحظ الوافر وله غيرة وحمية على الأصاغر والأكابر يعفو عمن أساء إليه وهو عليه قادر ذو همم عالية وسجايا عجيبة سامية عاصرناه مدة من الزمان فوجدناه من نوادر الأوان أن جلس مع العلماء فهو كأحدهم أو مع الشعراء والأدباء فهو المقدم عليهم أو مع الرؤساء والحكام فهو المشار إليه من بينهم بالبنان قد سلم الله سبحانه بسببه كثيرا من المؤمنين من القتل ولم نقف إلى الآن لاحد من الشعراء على مثل ما وقفنا عليه له مع ما هو فيه من أمور الحكام وكثرة العداوة والخصام بين أهل بلاده وما أصابه من البلايا والفوادح ولقد أصابته نكبات بعد وفاة والده من حكام الوهابية أوجبت نهب أمواله العظيمة وأملاكه وأجلاءه عن البلاد بالكلية فانجلى إلى البحرين على طريق قطر ثم إلى بندر ابوشهر وكاتب الدولة العثمانية وأطمعهم في البلاد وبسببه اخذت البلاد من أيدي الوهابية ثم رجع من أبي شهر إلى البحرين وسبب له رب البرية الرجوع إلى بلاده بالعز والهيبة وتسخير الحكام والرعية حتى وردت الدولة العثمانية وافتتحت تلك البلاد ورجعت إليه املاكه من الدور والنخيل فبقي فيها عزيزا جليلا رئيسا مهيبا متمكنا من جانب الحكام ملجا لكل من يلتجئ إليه ’’انتهى’’.
أشعاره
قال بعض المعاصرين: له السبع العلويات جارى بها ابن أبي الحديد وفاته وله مائة قصيدة في رثاء الحسين عليه السلام وأشعاره كثيرة في مناقب الأئمة عليهم السلام ومثالب أعدائهم انتهى قوله: بل وفاقه لا نستطيع فيه وفاقه بل قصر عنه ولم يدرك لحاقه كما يظهر من ملاحظة علوياته الآتية وعلويات ابن أبي الحديد ولكن عادة المبالغة وكيل المدح جزافا قد تأصلت في النفوس، وفي أنوار البدرين: له مدائح كثيرة في أمير المؤمنين وأبنائه الطاهرين عليه وعليهم السلام منها العلويات السبع جارى بها ابن أبي الحديد على وزنها وقافيتها أطول منها وأكثر إلا أنه ابتدأ فيها أولا بوقعة بدر ثم أحد ثم الأحزاب وأنشاها وهو مجلو عن البلاد وهو ابن7 سنة وقال أنه ترك منها أبياتا كثيرة لعلها أبلغ مما ذكره وتركها لبعض الأعذار الشرعية والعرفية قال وله معارضة المعلقات السبع وله في الاحتجاج للمذهب والمناجاة وكان سريع البديهة ربما ينظم القصيدة والأكثر في مجلس واحد بين الناس وهم مشغولون في الكلام وله في رثاء الحسين عليه السلام ما يقرب من مائة قصيدة وحكي أنه في بعض السنين في عشر المحرم كان ينظم كل ليلة قصيدة في رثاء الحسين عليه السلام ويعطيها من يقرؤها في ليلته، والذي وقفنا عليه من شعره غير ما تلف مجلدان كبيران. ومدح الملوك والأمراء كالسلطان عبد الحميد العثماني وغيره انتهى ملخصا. أقول: الرجل عنده مادة شعرية وقوة على النظم أضاعها في عدم تهذيب نظمه وفي الإكثار منه بدون أن يهذبه كأنه لم يسمع بحوليات زهير فجاء في شعره خلل كثير والحسن منه قليل وليته اقتصر في عشر المحرم على قصيدة واحدة وهذبها بدلا من أن ينظم كل ليلة قصيدة وما كان أغناه عن معارضة المعلقات. أما علوياته السبع فكانت النسخة مغلوطة فأصلحنا ما قدرنا على أصلاحه منها فمن القصيدة الأولى:
سرى ورواق الليل بالدجن مضروب | وقيد الحواشي بالأشعة مشبوب |
وميض كتلويح الرداء ودونه | وهاد تجافي بالسرى وأهاضيب |
فما راعني عذب الرواشف شادن | ولا شاقني شافي الروادف مخضوب |
سرى البارق الملتاح من جانب الحمى | لنا وجناح الليل اسود غربيب |
بدا من كثيبي عالج فاستفزني | بنجد وقلبي بالصبابة ملهوب |
وذكرني من كنت أهوى وبيننا | على الناي إدلاج يطول وتاويب |
رويدا طلاب المجد بالجد إنما | هو المجد بالمسعاة لا السعي مكسوب |
تهون المعالي عند قوم وإنها | على الدهر شيء بالمنية مطلوب |
سأتخذ الظلماء درعا حصينة | وإن قل عندي في الرجال الأصاحيب |
أما كان بدر شاهدا لذوي العلى | بان رواق العز في الموت مضروب |
غداة تولى بالمعالي مهذب | وعادت بانكاث المخازي القراضيب |
وأشرق في العلياء بدر سمائه | فللقوم خسران عليه وتتبيب |
وجاءت قريش تمضغ الضغن والعنا | صدور عليها للضغائن تكتيب |
وجرداء ما امتطت عليها جزارة | ولكنها تحت العجاجة سرحوب |
فلما اشمخرت واشمأزت قناتها | إلى حيث لا تسمو الرعان الأخاشيب |
سماها علي والرماح شوارع | وفحل المنايا بالشراسة مركوب |
جلى نقعها واليوم بالنقع مسدف | وكأس الردى بين الفوارس معبوب |
فاضحت وفيها للغواني نوادب | وللوحش ولغ والقشاعم تخليب |
وقد علت البيض القواضب ريها | شفاء وأشرعن الرماح السلاهيب |
فكم ضيغم أغفى وليس به كرى | ولكنه من خمرة الموت مصحوب |
وكم ملك يأبى المذلة أصبحت | تقبل مثواه العتاق اليعابيب |
وكم خر فيها مستطيل ودونه | طعين بأطراف الأسنة مخضوب |
وكم هان مشبوح الذراعين أغلب | فأمسى على المثوى لقى وهو مغلوب |
وكم آسر أضحى وللأسر موثق | عليه وللأغلال غل وتكليب |
واصيد ما راضت نوازق باسه | جرى وهو للجرد الشوازب مجنوب |
وشقشقة قرت لقرم مصعب | وعضب تولى وهو بالعضب معصوب |
وناعم جسم عافر الوجه شاحب | عوائده العقبان والنسر والذيب |
هو الخطب ما كانوا يظنون مثله | ولكنه من حارب الله محروب |
تغشاه طلاع الثنايا مشيع | إذا أرهق الأقوام للبؤس اتعوب |
وناصر دين الله وابن نصيره | إذا عز إقدام وأعوز مندوب |
عماد إلى الدين الحنيفي قائم | وهاد إلى الأمر الإلهي منسوب |
ومظهر أسرار النبوة والذي | بسطوته استعلى الهدى وثوى الحوب |
وذو الجهد يوم الشعب لما تشعشعت | كؤوس الردى في قومه والأكاويب |
وجاشت قريش والتوت وتمردت | ورانت عليها للضلال الغياهيب |
علا لم تنول للمساعي بعلة | ولكنه شيء من الله موهوب |
وفضل به تم الوجود وفيصل | به قام للامر الربوي ترتيب |
ألا ما لعيني والخيال المؤازر | ودون التداني طول رجع المعاذر |
أفي كل يوم لي على الدهر عثرة | تكر باعقاب الجدود العواثر |
ولا يسمح الدهر الغشوم بصاحب | ولا ترجع الأيام مني بعاذر |
ولا أقتضي منه ديوني ويقتضي | سوالف من أسئارها بالغوابر |
فلا بل كفي بالسماح ولا روى | زنادي ولا أم الضيوف مناوري |
إذا لم أزرها كالسعالى مغارة | عتاقا كاطراف الرماح الخواطر |
فقد طالما جمجمت دون مطالبي | وجعجعت اخفاف المطي الذواعر |
وخليت ما بين المعازيل والعلا | وأسهلت ما بيني وبين ابن ذاعر |
وهومت تهويم الغبي كإنني | إلى المجد لم اصدع صفاة العشائر |
ولا ذاق بأسي الزائرون ولانما | عديدي على هام العلا والمفاخر |
ولا اقتنصت هذي الليالي حبائلي | غلابا ولا دارت بهن دوائري |
ولا جلجلت بالدارعين صواعقي | ولا نصبت فوق الأعادي منابري |
ولا اغتبطت بي في الورى أم قسطل | ولا انجفلت من سطوتي أم عامر |
ولا أبرقت يوم النزال صوارمي | ولا هتفت يوم الهياج زماجري |
لعمري لقد خان الأجيدع ربه | وران على المعروف أم المناكر |
حنانيك ليس المجد إلا من السرى | ولا العز إلا تحت وطء الحوافر |
ولا مدح إلا للوصي فإنه | معاذ لمن أوذاه سوء الكبائر |
لئن تاه مدح فيه أو ضل شاعر | فقد دله من كل فضل بباهر |
ولكن لفظ المدح فيه على فمي | من الفكر منثال بغر الجواهر |
علي أمين الله جل جلاله | على كل غيب من خفي وظاهر |
زعيم على الأمر الربوي محكم | جميع القضايا من جميع المقادر |
شهدت لقد آوى الخلافة سيفه | إلى جانب من عقوة الدين عامر |
كغدوة أحد والقنا يحطم القنا | وفي الهام أمثال الرعود الزواجر |
غداة اكفهر القوم والله شاهد | لأدبارهم والدين دامي الأظافر |
تجلت قريش بالردى مشمخرة | حفيفا على حزن الملا والأواعر |
وجاءت على خيلائها تكسف الضحى | طلابا لأضغان التراث الغوابر |
وقد ضاقت الأرض الفضا من مزاحف | لأرعن موار الجناحين زاخر |
ظلام ولا غير المواضي نهاره | ولا شهب غير العاملات الشواجر |
تؤم الكماة المعلمين كواعب | من البيض أمثال النجوم الزواهر |
تميل على الارداف تيها كانها | غصون تلوى فوق كثبان حاجر |
جنين المنايا في خدود اسيلة | وأقمار تم تحت ليل الغدائر |
تثنى بقعقاع الرماح نزيفة | وتشدو إذا صلت ظبا في المغافر |
فلم يتبين واقع في حومة الوغى | صليل المواضي من حنين المزامر |
خفقن بترجيع الأغاني مكبة | على هام وراد الوغى في المصادر |
وقد جمعوا زلزالهم وتذامروا | مقارعة بين القنا المتشاجر |
فمالوا عليهم ميلة جاهلية | وقد وقفت أرواحهم في الحناجر |
وضاقت فجاج الأرض طرا عليهم | بما رحبت والحتف سامي المظاهر |
سماها أبو سفيان والكفر حاشد | على الهدي أذيال المنايا الحواضر |
يغالب امرا دونه الله غالب | ويسمو لأخرى رامها غير قادر |
وجاء بها تمشى الوجا مشمئزة | على رسلها فيهم بسود الغرائر |
فكم للمنايا فيهم من يلامق | وكم للمواضي فوقهم من معاجر |
وكم ساق فيها مصعب الحرب مصعبا | ودهدى على أعقابها بالدوائر |
فلما رأوا أن لا مناص من الردى | تولوا كأسراب القطا المتزاور |
وقد جعلوا حب القلوب نثارها | وآجالهم في بعض تلك النثائر |
وظل رسول الله لولا ابن عمه | قليل المحامي بينهم والموازر |
وقاه المنايا الحاضرات بنفسه | وقد نفشت في جمعهم بالفواقر |
وعب عباب الموت لا يرهب الردى | ولا يدري من دونه بالستائر |
يغاث له في الروع كل شمردل | ويعنو له في الروع كل مشاجر |
لئن رغموا علياه فالله دونها | وهز العوالي غير هز المخاصر |
فما الدين لولا ما بناه بقائم | وما الكفر لولا ما رماه بصاغر |
وما الخلق لولا ما أفات بممكن | وما الرزق لولا ما أقات بهامر |
وما العلم لولا ما أحاط بلا حب | وما النور لولا ما جلاه بزاهر |
مآثر يشرقن الشموس بنورها | ويصدعن الباب العقول الجماهر |
تبوأ أسناخ العلا يستجمها | إلى ركن فوق العلا غير مائر |
وحاز مناط الدهر كرها وطاعة | فأولاه من كلتا يديه بغامر |
وآوى وحامى دون ما الله نادب | إليه على رغم الحسود المجاهر |
إلى أن ثنوها دعوة جاهلية | تربي الأماني في جحور الأعاصر |
وما طال حتى أظهروا مستكنة | من الغدر تزجيها أكف المقادر |
وجاءوا بها طخياء قذفا على الهدى | تجر على الإسلام أم الجرائر |
مكللة سمر القنا قعضبية | مدفقة بيض الرقاق البواتر |
ثنوها إلى حرب الحسين مغارة | كما مد مقتل الغمام المباكر |
فراح بها وترا وقد طل دونه | لا بنا أبيه كل بر مغامر |
فلله ظام حيل بالماء دونه | و سيق له بالزاخرات الشوادر |
قضى ظاميا ما بل بالماء ريقه | ولا عل إلا بالرماح القواطر |
فقل للمعالي أسلسي أو تنكبي | هل انكفأت إلا بصفقة خاسر |
وللعربيات الجياد تنبذي | ظلال العوالي واقتحام المغاور |
فما للمعالي في علاهن باذخ | ولا للعوادي قائد في المضامر |
وللسمر والملس المتون وللظبا | بعادا فما عند الوغى من مواطر |
وللدين فليجرر بذل قناته | فان زعيم الدين دامي المناظر |
وللتسعة الأفلاك هلا تدكدت | إذا كان مجراهن بين الحفائر |
وللشم هلا ساخ بالأرض موردها | وحلت على أدقانها والمناسر |
لقد قذف الدين الحنيفي قاذف | من الخطب لم يخطر ببال وخاطر |
فهذي أنوف المجد جدعا وهذه | اكف المعالي داميات الخناصر |
فهل لك علم منهم يوم جدلوا | كمثل الأضاحي اتبعت بالعقائر |
تنوء العوالي منهم باهلة | من الهام والأجساد رهن المعافر |
وتجري عليهم كل جرداء لم تبل | بان وطئت في جريها جسم طاهر |
إليك أمير المؤمنين مدائحي | وفيك وإن لج اللواحي بصائري |
وأنت معاذي في المعاد وإنما | إليك مصير الأمر يوم المصائر |
هل المدح إلا في معاليك رائق | وهل راق بالأشعارمثل المآثر |
في كل يوم للحشاشة مصدع | أرق يلم وظاعن لا يرجع |
اما الأحبة فالأحبة دونهم | عب الخضارم واليباب البلقع |
وعدوت انتجع الدنو كإنني | دان من الصفواء لا تتصدع |
سبع وعشرون اهتبلن لي العدا | فغدت بكاسات العنا تتجرع |
أرعى من العهد القديم بروضة | أنف وأدعو معرضا ما يسمع |
وأظن من عصر الشباب شبيبة | ذهبت وفات بها الزمان المهيع |
لم يترك الزمن اللجوج بمهجتي | شيئا يتيمه الغزال الأروع |
فلأقذفن بكل خرق واسع | عيسا تجد الدة وتزعزع |
ولأحضمن إليه كل شقيقة | خضم المصاعب كل نبت يمرع |
ولأحملن على الدجنة فتية | يحيى لهم من كل فضل مرتع |
وتملكوا شرق العلاء وغربها | وتسلفوا دين العلا وتدفعوا |
فهم نجاد المجد أين تنجدوا | وهم طلاع المجد أين تطلعوا |
الممرعون الجود وهو مغيض | والسامكون المجد وهو موزع |
أرمي بهم غسق الظلام وأرتقي | منه لمصدع قلة لا تصدع |
والى أمير المؤمنين تحملي | والى علاه معاذنا والمفزع |
ملك تصور كيف شاء إلى الورى | يعطى به هذا وهذا يمنع |
وتحلقت عذباته بمعاقد | يهوي لأخمصها المحل الأرفع |
لم تستمد السحب منه سماحة | فتلث منها ديمة ما تقشع |
ولكم يمر به الغمام فينثني | وطفا يسح ركامه يتدفع |
ملك أقام الملك بعد تاود | والدين من جنباته يتصدع |
من بعد أن نيطت على الملكوت من | باسائه عصم هناك وأربع |
وسما فقصر عن مداه أولو العلا | حتى ثووا وهم حفاة ظلع |
لم يدع يوما بالقضاء ولو نأى | إلا واقبل نحوه يتسرع |
بل لو دعا رمم البلا لاجبنه | ولقد دعا فاجبن لا تتمنع |
سل عنه يوم الخندقين ومصرع | العمرين ذا عان وذاك مصرع |
بل سل غداة أطل منهم مرحب | فنجا بمهجته الجبان الأكوع |
من بعد ما غص الفضاء بجيشه | والكل منهم بالفرار مولع |
جيش تقدمه النسور عرمرم | مد الخضم بعارض ما يقلع |
فغدا اللذان تقدماه وقد سمت | للموت خطة مورد لا تدفع |
لم يلبثا إلا ومد عليهما | للخزي مرط لا يزاح ومدرع |
حتى تصوب للملاحم قسطل | عادت به شمس الظهيرة تسفع |
ودعا النبي لأنفذن برايتي | عبل الذراع مقذفا لا يجزع |
رجلا يحب الله وهو يحبه | لا ينثني حتى يفل المجمع |
حتى إذا سفر الصباح وكلهم | دنف الفؤاد لمثلها يتوقع |
أدناه ثم حباه تلك فضيلة ما نال | موسى مثل تلك ويوشع |
فغدا يلف مؤخرا بمقدم | والنصر تحت لوائه يترعرع |
أهوى لمرحب ضربة فقضى بها | ومضى لشامخة الحصون يزعزع |
حتى إذا جذب الرتاج وراءه | فكانه كرة دحاها مسبع |
ولكم تنوء بأربعين وأربع | وزرا عليهم وهي لا تتضعضع |
هذي المناقب لا مناقب أسرة | حشدوا علي ليل الضلال فقعقعوا |
فليتركوا أعلى الطريق لضيغم | سام له منه السبيل المهيع |
وليرفضوا عي الكلام وينصتوا | لهدير شقشقة الفنيق لكي يعوا |
سلبوا الخلافة من مناط حقوقها | والله يشهد والخلائق اجمع |
وتقمصوها بعد نصر محمد | نصا له في كل أي مصدع |
جاءوا بها مرحولة بشنارها | يغشاهم منها العظيم المفظع |
يا من تخب إليه كل فضيلة | خب الظما لورودها تتدفع |
إني مدحتك غير ذي من به | مني عليك ولا لشيء أطمع |
لكن وجدتك للمحامد والثنا | أهلا ففاه به لسان مسمع |
والمدح ليس ببالغ لكنه | نفث الصدور وغلة لا تنقع |
ما ذا يقول المادحون بمدح من | آي الكتاب بمدحه تتشعشع |
واليك مني ما حييت مدائحا | يعنو لهن الهبزري المصقع |
تشدو بفضلك يا علي وفي العدى | قدفا بكل بلية لا توزع |
لو رامهن اليشكري وطرفة | أودى نظامهما الفصيح المصقع |
وعليك مني ما حييت من الثنا | أبدا سلام متيم لا ينزع |
ولك السلام من السلام متى اغتدى | بالدوح قمري الاراكة يسجع |
لمن المطي يشفها الادراك | مثل الرعان على العناء تعاك |
يوضحن غامضة السبيل كأنما | أهوى إليه من الغمام دراك |
يحملن كل عقيلة لو أسفرت | للشمس غال ضياءها استهلاك |
يصفحن عن غر الصفاح أسيلة | أبدا بلحظ الناظرين تشاك |
هيهات ليس الغانيات تهزني | طربا ودوني فوقهن مشاك |
والى أمير المؤمنين مدائحي | أرسلتها وشي الرياض تحاك |
الفارس العربي والمتألق | القرشي والمتحنن الهتاك |
ومسابق الآجال طعنا في العدى | متداركا والآسر الفكاك |
خلق ارق من النسيم وسطوة | تعنو لها الاقدار وهي ركاك |
ومناط باس لو ألم شباه | بالأفلاك لم تتحرك الأفلاك |
وعلا يطول على العلا ومكارم | خضعت لاخمص طولها الأملاك |
ويد تمد الغيث من جدوائها | حتى يجلجل من نداه وشاك |
أسد يعير الموت غرة وجهه | واليوم ليل والمجال ضناك |
ما سالم الدنيا وقد دلى لها | كف المهالك والشكيم يداك |
لم يغض عن محو الضلال وإنما | أنحى إليه من يديه هلاك |
فأقام أعلام الهدى متاودا | منها العماد سميهن سواك |
فله من الشرف الأثيل ارائك | ومن المعالي نمرق ودراك |
وله على الأعداء حتف واصب | وله بارماق العفاة مساك |
ثم الصلاة عليه ما هتفت به | دعوات داع واستقام سماك |
دع الحب واسلم أن تباع وتشترى | ولا يتصاباك الغرام وان عرا |
أرقت ونام الليل صحبي ولم أكن | أرقت لبرق باليمامة قد سرى |
ولكن امرا بين جنبي لو ثوى | بدهم المنايا أوشكت أن تفطرا |
وما نحن بالقوم الذين إذا دعوا | رموا عامرا دون الردى أو معمرا |
ولكننا نغشى المنايا طوالعا | إلى المجد نمشي مرحة أو تبخترا |
ونلقي إلى من دوننا كل حادث | فنمري له النعماء وردا ومصدرا |
أخذنا العلا قسرا على طالبي العلا | فلم نتبين صاغرا أو مصغرا |
ولم نغتنم إلا مليكا محجبا | ولم نستلب إلا عديدا مجمهرا |
فلا جدجد المجدان لم اثر بها | عتاقا يقعقعن الوشيج المسعرا |
فان يسمعوها غدوة أو عشية | يسروا مذاعا أو يذايعوا مكفرا |
فلا صلح حتى يستزل يلملم | وحتى يعود القارضان لمن يرى |
سأقذفها كالشم تحمل مثلها | من الصيد لا تاتل في الأين موغرا |
فاما بلوع الملك قسرا أو الردى | والا فقد أدركت في المجد معذرا |
فلا شوق إلا للمعالي متى هفا | ولا مدح إلا للوصي متى جرى |
فتى انزل الدنيا حمى من ذمامه | فقرت وقد كادت تلاحي بها الذرى |
وزعزع أطراف الرماح لغارة | على الكفر أمسى عندها الهدي نيرا |
وجلى فما جلى لديه شمردل | من الصيد يصطاد الهزبر الغضنفرا |
وألوى إلى الاقران ليثا مشيعا | يعيد الضحى ليلا من النقع مدجرا |
فزلزل من أركانها كل ثابت | وأثبت من أركانها ما تمورا |
حنانيك كم ألبست ذا الدين يلمقا | من العز مزرور الحواشي ومعجرا |
وأنزلته من سورة الملك منزلا | تقاصر عنه ملك كسرى وقيصرا |
وتلك العلا ألوت عليك عقودها | ولم ترض من تلك المعاقد خنصرا |
وجلجلت بالعقد الصفون لمورد | من الموت لم تدرك لها عنه مصدرا |
وصلت على الهام المواضي كأنما | وقعن على الهام الرعود فأمطرا |
عداك من العليا الملام فإنما | ثوت منك مثوى مشرق الصبح مسفرا |
فما عشت عيش المطمئن وإنما | جلبت على الأحزاب يوما حبوكرا |
بحيث استعاذ الناس بالناس وانتدى | نبي الهدى داع من الله مخبرا |
أماطوا عن السر الخفاء وكلهم | قليل الوفا ما شد أزرا ولا قرا |
فلم يغن عنهم ما بنوه وخندقوا | وما أحصدوه من موثقة العرى |
هفوا خافقي الألباب والكفر حاشد | وقد أط فيهم زاجر الرعب مذعرا |
طلعت على عمرو بن ود بمؤبد | فصادفها عمرو بن ود معفرا |
فأين على الأقوام مثلك اصيد | إذا قيل يوما من فتى الحرب شمرا |
وأين يروم الدين غيرك والهدى | رقيبا على هذا الورى ومسيطرا |
وأين على العلياء مثلك شامخ | يؤلق من أنوارها كل أزهرا |
وأين على الإسلام مثلك ناصر | يسهل من سبل له ما توعرا |
وأين على علم الربوبي خازن | سواك يعيد الغامض السر مظهرا |
وأين على الهيجاء مثلك فارس | إذا ما خبت نار العجاجة أسعرا |
هلا وقفت على الكنس | بين النواصف من حبس |
لعبت بها أيدي الغمام | بكل منهمر خفس |
كان الجميع فأبكروا | منهن في غسق الغلس |
الا اثافيا بها | سفعا ونؤيا قد طمس |
للخل ما راق النسيب | وللهوى ما قد هجس |
وإلى الوصي من الثنا | ما طاب منه وما نفس |
غيث المحول وغوث من | أودى به سوء البلس |
طلاع كل ثنية | ما لأب كرب أو عنس |
وأخو النبي المصطفى | والأصيد الملك الندس |
عف الإزار مبرء | من كل رجس أو دنس |
واقام من دين النبي | عماده لما انتكس |
ضرب كأفواه الهباج | ودونه الطعن البلس |
ومحل قدس لو تبوأ | قدسه الملك ارتكس |
سبحان خلاق الورى | منشيه سبوح قدس |
من مثل حيدرة الوصي | فثم سر ملتبس |
عقاد ألوية العلا | والشامخ البر الشرس |
كيف استلان لمعشر | طمسوا الهدى حتى انطمس |
والبيض ترعد في | الفوارس والأسنة ترتجس |
كغداة بدر والنضير | وخيبر وبني عبس |
والخندقين وأحد والأحزاب | والفتح الخمس |
يا سر أحمد والذي | بزغت له شمس القدس |
والمستسر بعلمه | غيب القضاء وما وهس |
خذني إليك فقد أباد | حشاي شوقك وانتهس |
ثم الصلاة عليك ما | عج المثوب أو هجس |
ولك السلام متى أضاء | سناء بدرك في غلس |
هي سلوة اودى بها المتعلل | درك لعمرك في الهوى لا يوغل |
الآن إذ هتف المشيب بمفرقي | وابيض من رأسي الظلام المسدل |
صبغ يجعجع من طماحي لم يحل | ومن الشبيبة صبغ ليل ينصل |
اطفو وارسب في الغرام ومنجدي | رشا من الآرام أحور أكحل |
وجه كان الشمس تكسف دونه | يغشاه فرع دجنه متعثكل |
سبع وعشرون اهتبلن لي العدا | فغدت على شحنائها تتغلغل |
فلا هتكن فروج كل كريهة | طخياء تلعب بالكماة وتهزل |
حتى يناط من العجاجة بالضحى | ليل باقران العجاجة أميل |
تالله لا أدع الجماح إلى العلا | حتى يقصر بالبحار الجدول |
ما لي وما للحادثات ينشنني | ولدي من بأسي وعزمي موئل |
عزم كمنقض الصفاة ودونه | باس كحد المشرفي ومنصل |
فلأدخلن على الأسود عرينها | واليوم ليل بالعجاجة الليل |
لا تجزعن من الخطوب طوارقا | فلربما احترم الأخير الأول |
واشدد رجاءك بالوصي فإنه | حرم يقيك من الزمان ومعقل |
ضرب كما اختلب الغضنفر طاويا | سغبا وطعن كالعيون مججلل |
وفوارس من طول ما التثموا الوغى | شعث الصفاح إلى المنية ترقل |
أولاهم فرع العلا فتبوءوا | شرفا له انحط السماك الأعزل |
ورمى بهم في ثغر كل ملمة | ما ثوب الداعي وثار القسطل |
ألوى لحرب الناكثين بجمعهم | فثوت بهم أم الخطوب المعضل |
ثم استطال إلى ابن هند بعد ما | جمع العتو به واخنى العذل |
رفع المصاحف خيفة العود الذي | انحنى إلى أشياخه فتبزلوا |
وسما لأهل النهروان فرعبلوا | عصف الردى ما لا تهب الشمال |
من بعد ما اتخذ الرماح عرينه | والدين في ثوب المذلة يرفل |
حامى فما شمخت عليه قبيلة | إلا غشاها منه خطب مهول |
تعنو الملائك فالملوك متى سما | ملك معم في المعالي مخول |
الناسك الفتاك يوم خميسه | والمستطيل الراهب المتبتل |
وله المقام المجتبى وله المحل | المنتهى وله العماد الأطول |
واليه ميراث السماوات العلا | والأرض نصا والطراز الأول |
وله الولاية في الوجود جميعها | وله المدا والمبتدأ والموئل |
شرف سما الأفق المبين ودونه | مجد يطول على الضراح مؤثل |
ويدلو اندفعت مزاخر جودها | لطما على هذا الوجود المنهل |
ونجاد عزم لو تنجاه الثرى | لهوت له شم الأهاضب من عل |
ومغض جاش كالزمان ودونه | خلق يرق له الزلال السلسل |
يا قاسم النيران حيث تنهدت | والخلد في عذباته يتهلل |
يا صاحب الأعراف في يوم الجزا | حتى يماز من الهداة الضلل |
يا سر أحمد خيرة الله التي | اختيرت فخر لها الصفيح الأعزل |
يا سيف كل ضريبة يا ليث | كل كتيبة والمستغاث المفضل |
يا غيث كل محلة يا شمس كل | دجنة والشامخ المتطول |
والآسر الفكاك والمتألق | السفاك والمتعزر المتفضل |
والركن ركن العرش لا متاودا | سامي المعاقد والحجاب المسدل |
والأمر أمرالله أمرواصب | والحكم حكم الله حكم فيصل |
عطفا أمير المؤمنين فقد شفا | مني الغليل مكفر ومضلل |
يرضيك انك في نعيمك خالد | وعلى محبيك العنا يتسلل |
وإلا م نرسف في الهوان ولم يقم | لله سيف بالهداية مفصل |
في موكب تقص السيوف مهابة | منه ويرتعص الوشيج الذبل |
من كل أبلج لو تميز بأسه | لهوى لخفته أبان وماسل |
ضربوا رواق المجد فوق خميسه | والنصر تحت لوائهم يتهلل |
وعلي أن يطأ الحجاز وأهلها | يوم أغر من الدماء محجل |
عطفا أمير المؤمنين فما لنا | عن جود كفك أين كنا معدل |
لولاك ما سمحت بمدح همتي | قدري أجل من القريض وأفضل |
هذا وفي بعض الذي امتلأت به | عني البلاد لقائل متعلل |
خذها إليك أبا الأئمة بالثنا | سبعا على السبع الطوال لها العلو |
لم تعتلق بالمقرفات وإنما | طلعت كما طلع الكتاب المنزل |
من مبلغ الشعراء أن قريضهم | طلعت عليه من الرجال حبوكل |
قول كمطرد الكعوب يهزه | طعن كاشداق اللواغب انجل |
تركوا مناط الفضل لا عن طاعة | قسرا ويترك للأخير الأول |
خذني إليك فأنت أوفى ذمة | من أن يضام لجار مجدك معقل |
هل زروة قبل الممات فإنه | ذهبت بنفسي حسرة وتبلبل |
هتفت لأحمد في هواك هواتف | بالشوق في احشائه تتتضل |
قعدت به الاغلال عن نيل المنى | فهو العليل وداؤه المستعضل |
يرجو غياثك وهو أحرى ظنه | أن لا يحيط به العذاب المنزل |
ثم الصلاة عليك ما هطل الحيا | أو زار قدسك للملائك جحفل |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 184