السيد أحمد النقيب ابن سعد بن علي ابن شدقم الحمزي الحسيني المدني
توفي بالمدينة المنورة سلخ ربيع الثاني سنة 988.
ذكره السيد ضامن بن شدقم الحسيني المدني في كتاب أنسابه فقال: قال السيد محمد بن حسين بن عبد الله السمرقندي أصلا المكي مولدا المدني منشأ الحسيني الموسوي. وفي سنة. . . . أوقف السلطان مراد خان ابن سليم بن بازيد بن محمد ييلدرم بازيد بن أورخان بن عثمان ابن سليم العثماني أيد الله ملكه وخلد سروره وأمد العالم بطول عمره وخلفه ورحم سلفه أوقف بأرض مصر أراضي على أهل المدينة المنورة تغل كل سنة ستة آلاف أردب حنطة مصرية وغيرها من الخيرات الجارية السرمدية تنقل إليهم وإلى المدينة النبوية وكان قبل هذا الوقف قد أوقف السلطان قاتباي بمصر أوقافا على أهل المدينة تغل كل سنة سبعة آلاف أردب وخمسمائة أردب مصري لكل أمير بالمدينة عوضا له عن المكس حيث أبطله وكتب على باب السلام لعن الله آخذه ولما حرق المسجد النبوي عمره واشترى حوله بيوتا وعمرها وأوقفها عليهم فكل ذلك ينقل إليهم ويقسم على الأعزاء والأطراف سوى الأشراف فإنهم محرومون من الجميع ولو حصل الإنصاف لكانوا هم المقدمين فجرد السيد أحمد النقيب عزمه وبذل جهده فيما يليق بالمقام العالي من
التحف والهدايا السنية وأرسلها مع كتب إلى السلطان مراد ملتمسا منه الجبر والسرور بعد الإنكسار فأجابه لسؤاله ووقف عليهم أرضا تغل كل سنة أربعة آلاف أردب حنطة مصرية وأيضا من الديار الرومية ألف وخمسمائة أحمر شريفي ينقل المجموع إلى النقيب فيفرقه عليهم وأرسل السيد أحمد النقيب إلى بعض الملوك والوزراء هدايا وتحفا وكتبا يعرفهم بأحوال بني حسين فأجابوا لذلك وفي سنة 987 عصى بنو سليمان أحد قبائل عنزة وقطعوا الطرق وأسباب العالم عن الذهاب والإياب فجرد النقيب أحمد عزمه بجماعة من بني إبراهيم الغمراش أشراف ينبغ فحل بناديهم ونزل بطن واديهم فحاربهم وظفر بهم وغنمهم فاستفزعوا عليه العربان وأحاطوا به كالسوار من المعصم وطرحوه عن جواده بأسنة الرماح وكادوا يقتلونه فأنقذه سلامة بن صبيح وأحمد بن سليمان بن شرقي واستخلصوا فرسه وأركبوه إياها لما بينهم وبين كسابها من المحالفة ثم إن الشريف حسن أمد أحمد النقيب بمئة رامي بندق وسير معه أمير المدينة ميزان بن علي بن محمد ابن الأمير حسن ابن ثابت النغيري والسادة الأشراف بني حسين البادية وبني إبراهيم الغمراش وغيرهم من أهل ينبغ والبدوان، وكان أحمد النقيب هو سيد القوم ورئيسهم وإليه منتهى الرأي والأمر عليه يعول في الأسارى والأسر، فإما منا بعد وإما فداء، فسار بهم إلى وادي محسوس بأعلى وادي ينبع فأحاط بهم يوم التروية ضحوه واستأطل شأفتهم وقتل الأبطال وأسر وغنم الأموال وهرب الباقون في رؤوس الجبال، ثم جاد بما هو أهله على سلامة وأحمد وحربي لما أسدوه إليه، ثم توجه إلى ساحة الشريف حسن فشكره على ما فعل، ثم عاد إلى وطنه فأتاه الشعراء بالقصائد، ولم يخيب كل طالب وقاصد، فمنهم الفقير إلى الله الغني محمد بن حسين بن عبد الله المكي مولدا المدني منشأ السمرقندي أصلا الحسيني الموسوي أتيته بهذه القصيدة:
عز الديار بسمر الخط والقضب | والأخذ بالثأر معدود من الحسب |
وحازم الرأي من دارى على عجل | وهادن القوم بين اللهو واللعب |
حتى إذا فرصة لاحت أعد لها | مكائدا من شريف الرأي والنسب |
لا يدرك المجد إلا من له همم | تخالها فوق متن السبعة الشهب |
وعزمة شمخت للعز طالبة | كأحمد نجل سعد منتهى الطلب |
هو النقيب الذي شاعت مناقبه | ودونتها رواة العلم في الكتب |
والفاطمي الذي عمت مكارمه | سكان طيبة من عجم ومن عرب |
من سادة قادة أغصان دوحتهم | موصولة برسول الله خير نبي |
مغنى الرسالة مرباهم ومعهدهم | منازل الوحي عزا غير مكتسب |
يا عز كل أخ يا نسل خير أب | يا وارث المجد من آبائه النجب |
ما زلت تركض طرق المجد مجتهدا | حتى بلغت الذي ترجو من الإرب |
من معشر جهلوا معناك فارتكبوا | من المعائب ما أشفى على العطب |
بني سليمان لا عاشوا ولا سلموا | ولا عدتهم عوادي الذي والغضب |
لما أتوك وعين الله ناظرة | صبرت صبر كريم غير مضطرب |
حتى بلغت الذي حاولت من أمل | صبحتهم بالردى والقتل والسلب |
أبا سليمان خير المدح أصدقه | والفرق يظهر بين الصدق والكذب |
لما وردت إلى الدهناء محتفلا | للأخذ بالثأر في خيل وفي نجب |
وفتية من بني الزهراء عادتهم | حماية الجار والإنعام بالذهب |
في يوم الاثنين في مدسوس داسهم | حوافر صدرها أنكى من العقب |
في مثله قد روي ركب الحجيج كما | رويت سمر القنا من جحفل لجب |
أذكرتنا بالذي طارت رؤوسهم | يوم السويق الذي قد مر في الحقب |
أبقيت منا على حربي وصاحبه | سلامة بن صبيح أكرم العرب |
أما فلاح فلاح العكس طالعه | ومقبل مدبر بالقتل والهرب |
والمقشعر الذي تحت السيوف غدا | بالقشعريرة في هم وفي نصب |
كذاك سبتة والباقون شيعته | إن البقاء لهم من أعجب العجب |
فقل لآل سليمان وتابعهم | مقالة سلمت من ريبة الريب |
إن ابن سعد إله العرش ناصره | بالمصطفى والمليك المعتلي النسب |
حامي الحجاز الذي في ذاته حسن | وافي الصفات مع الأسماء واللقب |
وناشر العدل في أكناف كاظمة | وباذل الفضل في القربى مع الجنب |
هو المليك الذي يحمي حماه على | قرب وبعد بحد السيف والرعب |
موصولة برسول الله لحمته | يا خير فرع أتى من نسل خير أب |
تاج الملوك الأولى زينت بذكرهم | روس المنابر في الإنشاد والخطب |
عزت به طيبة مذ صار مالكها | وعز جيرانها في العجم والعرب |
ومكة مصره وهو العزيز بها | والله خوله بالملك والنسب |
لا زلت في دولة بالسعد قد قرنت | بخير أرض بها ميلاد خير أب |
ثم الصلاة على المختار ما بلغت | نفس امرئ من مناها غاية الطلب |
والآل والصحب ما قال القريض لنا | عز الديار بسمر الخط والقضب |
سرور أعاد الدهر والعود أحمد | فأشكر رب العالمين وأحمد |
لقد جاء نصر الله والفتح بعده | وجاء هناء للأنام مخلد |
بعود شريف من ذؤابه هاشم | مآثره طول المدى ليس تنفد |
عنيت ابن سعد أحمد الرأي أحمدا | ومن جده خير المبيين أحمد |
به طيبة طابت وعز جنابها | بتدبيره والله يشقي ويسعد |
أبا سيد السادات يا كاسب الثنا | ويا من له فوق السماكين مقعد |
ويا واصل الأرحام والمسند الذي | له الخير في كل المواطن يسند |
أرادت عيون في زمانك دولة | على ظنهم حاشا من الغي يهتدوا |
تعدوا على زوار طيبة وانتحوا | بسلب وضرب مثله ليس يعهد |
وولوا كما ولى اليهود بخيبر | عشية سيف الحق فيهم مجرد |
فغار عليهم راجح الفعل سيد | أمير بلاد المصطفى نعم سيد |
أمير له الميزان اسم لعدله | عظيم السجايا هاشمي موحد |
شجاع كريم في المنابر ذكره | له سابقات في الوغى ليس تجحد |
يباريه من آل الدويدار ماجد | علي على فعل المكارم مجهد |
إذا ثوب الداعي ليوم كريهة | أجاب له صدر الكتيبة يشهد |
لحسبك غارات لهم في ديارهم | بها شملهم من بعدها متبدد |
فلما نمت أخبارهم نحو مكة | إلى من له رب السماء مؤيد |
إلى ملك ساس الرعايا برحمة | ورأفة قلب بات لله يعبد |
إلى من حمى بيت الإله وطيبة | ومن جده خير الأنام محمد |
إلى حسن الأسماء والوصف والذي | له مفخر فوق الملوك وسؤدد |
إلى من حمى ركب الحجيج بجمعهم | وفي عرفات كم له بالدعا يد |
ومن مكة الغرا أتته عصابة | لأعدائه سلوا السيوف وجردو |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 596