التاهرتي بكر بن حماد بن سمك الزناتي، أبو عبد الرحمن التاهرتي: شاعر، عالم بالحديث ورجاله، فقيه، من أفاضل المغرب. ولد بتاهرت (أو تيهرت، ويسميها الفرنسيون Tiaret) بالجزائر، ورحل إلى البصرة سنة217هـ ، ثم إلى القيروان. وعاد منها إلى تاهرت سنة 295هـ ، فتوفي فيها. قال صاحب (تاريخ الجزائر) إن شعره كثير جدير بالجمع
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 63
بكر بن حماد التاهرتي القيرواني أبو عبد الرحمن توفي بتلعرت في المائة الثالثة من الهجرة ولم أعثر على تاريخ وفاته.
(والتاهرتي) نسبة إلى تاهرت بمثناة فوقية وألف وهاء مفتوحة وراء ساكنة ومثناة فوقية آخر الحروف. في معجم البلدان اسم لمدينتين متقابلتين بأقصى المغرب يقال لإحداهما تاهرت القديمة وللأخرى المحدثة وهي كثيرة الأنداء والضباب والأمطار حتى إن الشمس بها قل إن ترى، دخلها أعرابي من اليمن ثم خرج إلى السودان فأشار إلى الشمس وقال أما والله إن عززت في هذا المكان لطالما رأيتك ذليلة بتاهرت وأنشد:
ما خلق الرحمن من طرفة | أشهى من الشمس بتاهرت |
قل لابن ملجم والأقدار غالبة | هدمت ويلك للإسلام أركانا |
قتلت أفضل من يمشي على قدم | وأول الناس إسلاما وإيمانا |
واعلم الناس بالقرآن ثم بما | سن الرسول لنا شرعا وتبيانا |
صهر النبي ومولاه وناصره | أضحت مناقبه نورا وبرهانا |
وكان منه على رغم الحسود له | مكان هارون من موسى بن عمرانا |
وكان في الحرب سيفا صار | ما ذكرا ليثا إذا لقي الأقران أقرانا |
ذكرت قاتله والدمع منحدر | فقلت سبحان رب الناس سبحانا |
أني لأحسبه ما كان من بشر | كلا ولكنه قد كان شيطانا |
أشقى مراد إذا عدت قبائلها | وأخسر الناس عند الله ميزانا |
كعاقر الناقة الأولى التي جلبت | على ثمود بأرض الحجر خسرانا |
قد كان يخبرهم إن سوف يخضبها | قبل المنية أشقاها وقد كانا |
فلا عفا الله عنه ما تحمله | ولا سقى قبر عمران بن حطانا |
لقوله في شقي ظل مجترما | ونال ما ناله ظلما وعدوانا |
يا ضربة من تقي ما أراد بها | إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا |
بل ضربة من غوي أوردته لظى | فسوف يلقى بها الرحمن غضبانا |
كأنه لم يرد قصدا بضربته | إلا ليصلي عذاب الخلد نيرانا |
يا ضربة من تقي ما أراد بها | إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا |
أني لأذكره يوما فاحسبه | أوفي البرية عند الله ميزانا |
أكرم بقوم بطون الأرض أقبرهم | لم يخلطوا دينهم بغيا وعدوانا |
لله در المرادي الذي سفكت | كفاه مهجة شر الخلق إنسانا |
أمسى عشية غشاه بضربته | مما جناه من الآثام عريانا |
لا در در المرادي الذي سفكت | كفاه مهجة خير الخلق إنسانا |
قد صار مما تعاطاه بضربته | مما عليه من الإسلام عريانا |
أبكى السماء لباب كان يعمره | منها وحنت عليه الأرض تحنانا |
طورا أقول ابن ملعونين ملتقط | من نسل إبليس بل قد كان شيطانا |
ويل أمه أي ما ذا لعنة ولدت | لا إن كما قال عمران بن حطانا |
عبد تحمل إثما لو تحمله | ثهلان طرفة عين هد ثهلانا |
كذبت وأيم الذي حج الحجيج له | وقد ركبت ضلالا منك بهتانا |
لتلقين بها نارا مؤججة | يوم القيامة لا زلفى ورضوانا |
تبت يداه لقد خابت وقد خسرت | وصار أبخس من في الحشر ميزانا |
هذا جوابي لذاك النذل مرتجلا | أرجو بذاك من الرحمن غفرانا |
وهز علي بالعراقين لحية | مصيبتها جلت على كل مسلم |
وقال سيأتيها من الله نازل | ويخضبها أشقى البرية بالدم |
فعالجه بالسيف شلت يمينه | لشؤم قطام عند ذاك ابن ملجم |
فيا ضربة من خاسر ضل سعيه | تبوأ منها مقعدا في جهنم |
ففاز أمير المؤمنين بحظه | وان طرقت إحدى الليالي بمعظم |
إلا إنما الدنيا بلاء وفتنة | حلاوتها شيبت بصاب وعلقم |
ما أخش البرد وريعانه | وأطراف الشمس بتاهرت |
تبدو من الغيم إذا ما بدت | كأنها تنشر من تخت |
فنحن في بحر بلا لجة | تجري بنا الريح على سمت |
نفرح بالشمس إذا ما بدت | كفرحة الذمي بالسبت |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 591
بكر بن حماد التاهرتي.
قال مسلمة: ثقة صدوق، وكان شاعراً، وكان يروي عن عمر الضرير، ومسدد، ونحوهما. أخبرنا عنه الفضل بن نصر النقيرتي وابن أيمن.
مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 3- ص: 1