الظاهر برقوق برقوق بن أنص - أو انس - العثماني، أبو سعيد، سيف الدين. الملك الظاهر: أول من ملك مصر من الشراكسة. جلبه إليها أحد تجار الرقيق (واسمه عثمان) فباعه فيها منسوبا إليه. ثم أعتق وذهب إلى الشام فخدم نائب السلطنة. وعاد إلى مصر، فكان (أمير عشرة) وتقدم في دولة المنصور القلاووني (علي بن شعبان) فولى (أتابكية) العساكر، وانتزع السلطنة من آخر بني قلاوون (الصالح. أمير حاج) سنة 784 وتلقب بالملك (الظاهر) وانقادت اليه مصر والشام، وقام بأعمال من الاصلاح، وبنى المدرسة البرقوقية بين القصرين - بمصر - وخلع سنة 791 وأعيد (الصالح) فخرج خلسة إلى الكرك فأمتلكها وزحف على دمشق فدخلها، فزحف عليه الصالح بجيش من مصر، فظفر برقوق، وعاد إلى مصر سلطانا سنة 792 وتوفي بالقاهرة. أخباره كثيرة جدا، ومدة حكمه (أتابكا) وسلطانا قرابة 21 عاما. ومن عمائره (جسر الشريعة) بالغور، و (قناة العروب) بالقدس. وكان حازما شجاعا فيه دهاء ومضاء. أبطل بعض المكوس وحمدت سيرته إلا أنه - كما يقول السخاوي - كان طماعا جدأ لايقدم على جمع المال شيئا. قيل اشتهر ببرقوق لجحوظ عينيه. واستمرت دولة الشراكسة من عهده إلى سنة 922هـ؛ وعدة ملوكها 23 ملكا وكانت لهم مصر والشام

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 48

برقوق الملك الظاهر أبو سعيد الجركسي
واسمه الطنبغا ولكنه سمي بذلك الاسم لنتوء في عينيه كأنهما البرقوق كان مملوكا لرجل يقال له الخواجة عثمان ثم ملكه الأشرف شعبان فلما قتل ترقى إلى أن صار أمير أربعين ثم ما زال يترقى حتى قبض على بعض الأمراء الكبار وتولى التدبير للدولة مكانه ثم حصل التنافس بينه وبين أمير يقال له بركه ووقع بينهما حرب وكان الغلب لبرقوق فقبض على بركه وسجنه ثم ما زال يعمل في توليه للسلطنة استقلالا وخلع مخدومه الصالح حاجي إلى أن استقل في رمضان سنة 784 فجلس على التخت ولقب بالظاهر وبايعه الخليفة والقضاة والأمراء فمن دونهم وخلعوا الصالح بن الأشرف وأدخلوه إلى دور أهله بالقلعة فلما كان بعد ذلك بمدة خرج جماعة من الأمراء على برقوق فبرز إليهم فتسلل من معه وخذلوه فتغيب حينئذٍ واختفى في دار بقرب المدرسة الشيخونية ظاهر القاهرة ثم إن الأمراء أعادوا الصالح إلى المملكة ولقب بالمنصور وصار يلبغا الناصري أتابكاً له وأراد منطاش قتل برقوق فلم يوافقه الناصري بل شيعه إلى الكرك وسجنه بها ثم بعد ذلك ثار منطاش على الناصري فحاربه إلى أن قبض عليه وسجنه بالإسكندرية واستقل منطاش بالتدبير وكان أهوج فلم ينتظم له أمر وانتقضت عليه الأطراف فجمع العساكر وخرج إلى جهة الشام فاتفق خروج برقوق من الكرك وانضم إليه جمع قليل فالتقوا بمنطاش فانكسر إلى جهة الشام فاستولى الظاهر برقوق على جميع الأثقال وفيهم الخليفة والقضاة وأتباعهم فساقهم إلى القاهرة واستقرت قدمه في الملك وأعاد الصالح بن الأشرف إلى مكانه الذي كان فيه كل ذلك في أوائل سنة 792 ثم جمع العساكر وتوجه إلى الشام لمحاربة منطاش فحصرها وهرع إليه الأمراء وتعصب الشاميون لمنطاش فما أفاد بل انهزم منطاش بعد أن دامت الحرب بينهما مدة وثبت برقوق في الملك إلى أن مات سنة 801 إحدى وثمان مائة وعهد بالسلطنة لولده فرج وله يومئذٍ تسع سنين واستحلف القاضي الشافعي فحلف له وكذلك الخليفة وجميع الأمراء وكانت مدة استقلال برقوق بالمملكة من غير مشارك تسع عشرة سنة ومن آثاره المدرسة التي عمرها بين القصرين وكان شجاعاً ذكياً خبيرا بالأمور حازماً مهاباً فإن تيمورلنك لم يقدر على التقدم على مصر في سلطنته لما بلغه عنه من الحزم والعزم والشدة والقوة ولما بلغه موت برقوق أعطى من بشره مبلغاً من المال كثيرا وحصل معه الطمع في أخذ مصر فدفع الله عنها كما سيأتي بيان ذلك في ترجمته إن شاء الله تعالى وكان برقوق أول من أخذ البذل على الولايات حتى وظيفة القضاء وسائر الوظائف الدينية وهو أول ملوك الجراكسة في مصر

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 1- ص: 162

برقوق بن آنص الجركسى، السلطان الملك الظاهر أبو سعيد:
صاحب الديار المصرية والشامية والحجازية، وغيرها من البلاد الإسلامية. ذكرناه في هذا الكتاب لما صنع من المآثر بمكة. وهي عمارة أماكن بالمسجد الحرام وبعض المواليد، وقبة عرفة وغير ذلك.
كان مملوكا للأمير يلبغا الخاصكى، وتنقلت به الأحوال بعده، إلى أن استخدم لأحد ولدى الملك الأشرف شعبان. فلما تسلطن المنصور علي بن الأشرف، بعد قتل أبيه، صار برقوق من جملة الأمراء، وكان ممن قام على أينبك البدرى، الذي ولى تدبير المملكة بمصر، بعد قيامه على صهره قرطاى، ولما أمسك أينبك صار برقوق أمير آخور، وسكن الاصطبل، وأخرج منه يلبغا الناصري. وكان يلبغا المتحدث في الدولة بعد هرب أينبك، وكان ذلك في ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وسبعمائة.
وفى ثالث عشرى ذي الحجة منها، استقر برقوق أتابك بالعسكر بالقاهرة. وكان الأتابك قبله الأمير طشتمر الدوادار الأشرفى، ولى ذلك في جمادى الأولى من هذه السنة، بعد قدومه من دمشق مطلوبا، ثم حصل بين برقوق وجماعته وبين طشتمر وجماعته كدر، وأفضى الحال إلى أن ركب برقوق وخشداشه بركة، وهو أمير مجلس، ومن انضم إليهم من الأمراء والمماليك، في ليلة عرفة من هذه السنة، على طشتمر وجماعته، فانكسر أصحاب طشتمر، وقبضوا عليه وأنفذ لسجن الإسكندرية، واستقر برقوق أتابك العسكر عوضه، وصار تدبير الدولة إليه وإلى خشداشه بركة، ثم وقع بينه وبين بركة كدر.
فخرج بركة في أصحابه إلى قبة النصر، مستعدا للحرب، وانكسر بركة وقبض عليه، وارسل إلى الإسكندرية. وانفرد برقوق بتدبير الدولة. ودام على ذلك حتى بويع بالسلطنة، بعد خلع الصالح حاجى بن الأشرف، الذي ولى السلطنة بعد موت أخيه المنصور علي بن الأشرف.
وكانت مبايعة الملك الظاهر بالسلطنة، يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رمضان، سنة
أربع وثمانين وسبعمائة، واستمر حتى خلع في أوائل جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، بعد تخلى أصحابه عنه. وعند وصول العساكر الشامية إلى الديار المصرية، صحبة الأمير يلبغا الناصري، وأعيد الملك الصالح حاجى بن الأشرف، ولقب بالمنصور، وبعث الملك الظاهر إلى الكرك. فاعتقل بها أشهرا، ثم أطلق في ثالث شهر رمضان سنة إحدى وتسعين، وأقام بها حتى استفحل أمره، ثم خرج منها في ثالث عشرى شوال إلى دمشق، فلقيه عسكر من الشام فهزمه، ثم نزل في العشر الوسط من ذي القعدة، على قبة يلبغا ظاهر دمشق، واستولى على جميع بلاد الشام، ما خلا داخل دمشق، وما قرب من السور وبعلبك، وأتاه نائب حلب كمشبغا الحموي، فيمن معه من عسكر حلب؛ لأنه نقم على منطاش قيامه على الناصري، فقوى به أمر الظاهر.
ولما سمع باقترب العسكر المصري، رحل من قبة النصر للقائه، في ثالث عشر المحرم سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. فالتقا الجمعان في يوم الأحد رابع عشره؛ بمكان يقال له شقحب بقرب الكسوة، فحمل جاليش المصريين على جاليش الظاهر، فكسر جاليشه، وحمل الظاهر على الساقة فهزمها وظفر فيها بالمنصور والخليفة المتوكل والقضاة وغيرهم. وبويع هناك بالسلطنة بعد أن أشهد المنصور بخلع نفسه، وأعرض الظاهر عن دمشق؛ لأن منطاش هرب إليها وحصنها.
وكان خروجه من مصر مع المنصور، في سابع عشر ذي الحجة من سنة إحدى وتسعين.
وأقام الظاهر بشقحب أياما، ثم سار إلى مصر فوصلها في رابع عشر صفر، وفيه جلس على سرير الملك بها. وكان وصوله إليها بعد أن استولى عليها بعض مماليكه، لأنهم كانوا مسجونين في سرب في القلعة، فنقبوه حتى أخرجهم إلى موضع يتوصلون منه إلى القلعة، وخرجوا منه ليلا، فلم يكن للذين تركهم منطاش بها قدرة على قتالهم، فاستولوا على القلعة. وبعثوا إلى مولاهم الظاهر يعرفونه الخبر قبل علمهم بحاله، فازداد بذلك سرورا، ثم جهز عسكرا إلى دمشق، فاستولوا عليها بعد هرب منطاش، ثم عمل عليه، حتى قتل، وحمل إليه رأس منطاش، وأباد أعداءه واحدا بعد واحد، حتى صفي له
الأمر، وتمهدت له البلاد، وتم له ما لم يتم لغيره، وهو أن غالب نواب البلاد كانوا مماليكه.
واستمر في السلطنة حتى عهد بها إلى ولده الملك الناصر فرج عند موته، ثم مات يوم الجمعة خامس عشر شوال سنة إحدى وثمانمائة على فراشه. وله سيرة طويلة جمعها بعض أهل العصر في مجلد.
وله محاسن، منها: أنه كان يبعث في بعض السنين قمحا وفي بعضها ذهبا ليفرق بالحرمين، وعمر فيهما أماكن شريفة. وقد بينا ما عمر في زمنه من المسجد الحرام وغيره، فلا حاجة لإعادته.
ومن مآثره الحسنة: مدرسة حسنة مليحة أنشأها بين القصرين بالقاهرة، قرر بها دروسا في المذاهب الأربعة، والتفسير والقراءات، وغير ذلك، وله عليها أوقاف جيدة.
وكانت مدة سلطنته الأولى والثانية ستة عشر سنة وستة أشهر. وتوفى الملك الصالح حاجى، في سنة أربع عشرة وثمانمائة، في شوال في غالب ظني.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 3- ص: 1