ابن سعد بن نبيس لم نعرف اسمه ولا شيئا من أحواله سوى أنا وجدنا له قصيدة جيدة في بعض المجاميع في مدح أمير المؤمنين علي ورثاء ولده الحسين عليهما السلام وقد ذكر في آخرها بيتا يدل على أن اسم أبيه وجده كما ذكرناه ويأتي والقصيدة هي هذه:
عاتيته ما رق لي ولا عطف | وصد في الحب دلالا وصدف |
ومر بي يخطر في مشيته | كالغصن فاستوقفته فما وقف |
مهفهف القامة مهضوم الحشى | يغار من قامته الغصن الهيف |
ما الحسن في صورته تكلفا | وآفة الحسن استعارت الكلف |
ما ضره لو جاد لي بنظرة | أو قبلة تشفي الأورام واللهف |
أو جاد بالوصل على ذي لوعة | صب به منه غرام وكلف |
عجبت منه ترفا كيف احتوى | صلدا وصلدا لم يكن فيه ترف |
لو أن ما في خده في قلبه | رق لحالي ورثى لي وعطف |
خد كأن النار والماء معا | فيه فكيف الماء بالنار ائتلف |
لله ما أسعدني لو أنه | جاد بوصلي وعن الهجر انحرف |
يا شمس حسن يا قضيب بانة | يا بدر تم عنده الحسن وقف |
جد وارع لي العهد القديم وارث لي | وخل عنك الهجر فالهجر سرف |
ولا يغرنك مع الحسن الصبا | حسنك هذا عن قليل يختطف |
فاغتنم الأيام وانعم طربا | واقتطف اللذات مهما تقتطف |
فالدهر ما دامت به سعادة | ولا مشى أمر به إلا وقف |
الورد من خدك ظل زائل | كأنني به وقد صار كلف |
كم قد رأينا قمرا في تمه | ما تم إلا ليلة النصف انخسف |
فاعص هوى النفس وكن في حذر | وارج من الله عن الخلق الخلف |
والتمس الرشد بحب حيدر | أكرم من حل الغري والنجف |
ذاك علي المرتضى خير الورى | بعد رسول الله فضلا وشرف |
مولى يدور الحق معه حيثما | دار فمن حاققه فما عرف |
ليث الشرى يوم الوغى حيث انبرى | هادي الورى لا شطط ولا سرف |
بحر الندى ملقى العدى إلى الردى | نور الهدى بدر بدا لا ينكسف |
مولى علا دون الملا فوق العلا | ورد حلا منهلة لمن رشف |
عالي السنار حب الفنا معطي المنى | حلو الجنا لمن دنا ثم اقتطف |
سام سما حامي الحمى مروي الظما | بحر طما دونك منه فارتشف |
ما مثله في علمه وحكمه | بعد النبي بأفضل الوصف اتصف |
أخو رسول الله وابن عمه | وصهره بأفضل الوصف اتصف |
وارث حكمه وباب علمه | من طلب العلم فالباب وقف |
محك أولاد الحلال حبه | فحبه عن طاهر الأصل كشف |
مكسر الأصنام ملقي عتبة | ومرحب والليث عمرو للتلف |
سائل به الخيل وسل عن سيفه الـ | ـبيض وسل عنه الدروع والحجف |
يا حبذا يوم الوغى وحبذا | تعجز عن وصفيهما يا من وصف |
لله ما بينهما من كرم | ما خلقا إلا لخلق يعترف |
فذاك يقري الضيف إن حل به | وذاك يقري الوحش في البر الجيف |
يا أمة السوء التي تخلفت | عنه وما عنه مدى الدهر خلف |
تبا لها من أمة باغية | ما عرفت حقا له ولم تخف |
ويلي لذكر السبط يوم كربلا | هم وغم وبلاء وأسف |
لهفي على من ظل ظمآن الحشى | وهو على الماء الزلال ملتهف |
تراهم ما عرفوا محمدا | حقا وما جاءت به فيه الصحف |
عجبت منهم كيف لم تأتهم | صاعقة وأرضهم لم تنخسف |
يا دمع جد وارو الثرى من بعده | فالحزن للقلب عليه قد ألف |
يا آل طه قسما بحبكم | أقسام من بحبكم صدقا حلف |
إن ابن سعد بن نبيس دهره | لا حاد عن حبكم ولا صدف |
ولم يزل ينظم فيكم دررا | بنظمها تزري على در الصدف |
وهذه البكر التي قد زانها | بذكركم فهي معان وطرف |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 276