عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن على البهكلى الضمدى ثم الصبيانى
ولد سنة 1180 ثمانين ومائة وألف تقريباً بصبيا ونشأ بها وقرأ على والده وغيره من أهل صبيا ثم رحل إلى صنعاء سنة 1202 فأخذ عن أكابر علمائها كشيخنا السيد العلامة عبد القادر بن أحمد والسيد العلامة على بن عبد الله الجلال والسيد العلامة عبد الله بن محمد الأمير وشيخنا العلامة الحسن بن إسمعيل المغربي وشيخنا السيد العلامة عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن المتوكل والعلامة علي بن هادي عرهب وغير هؤلاء وأخذ عنى في فنون متعددة واختص بي اختصاصاً كاملا وسألني مسائل كثيرة فأجبت عليه بأجوبة مطولة ومختصر وعاد إلى وطنه وقد برع في النحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان والأصول والتفسير والحديث في أقرب مدة لحسن فهمه وجودة تصوره وكمال اداركه وقوة ذهنه ثم مازال بعد رجوعه إلى وطنه يكاتبني بالأشعار الرايقة فأجيب عليه بمضمون ما يكتبه إلى وهو مع ذلك يتأسف على مفارقتى وأتاسف على مفارقته لما بيني وبينه من المودة الصادقة والمحبة الزائدة التي تفوق الوصف بل قد لا يتفق مثلها بين الأخوين الشقيقين وقد جرت بينى وبينه من المطارحات الأدبية نظماً ونثراً ما لا يتسع له إلا مجلداً وفيه فصاحة ورجاحة مع حسن تودد ولطافة طبع وكرم أخلاق وملاحة محاضرة واستحضار لرايق الأشعار وفائق الأخبار لا يمل جليسه لما جبل عليه من موافقة كل جليس وجلب خاطره بما يلايمه والوقوف على الحد الذي يريده ولهذا أحبته القلوب وانجذبت إليه الخواطر ورغب إليه كل احد فعاشر أهل صنعاء وعرف طباعهم واختلاف أوضاعهم وصار أخبر بهم من أحدهم لا يخفى عليه من أحوالهم دقيق ولا جليل ثم ارتحل إلى صنعاء رحلة ثانية وكنت إذ ذاك مشغولاً بالتدريس والتأليف والإفتاء ولكنه قد جفاني جماعة من الذين لا يعرفون الحقائق لصدور اجتهادات مني مخالفة لما ألفوه وعرفوه وهذا دأبهم سلفاً عن خلف لا يزالون يعادون من بلغ رتبة الاجتهاد وخالف ما دبوا عليه ودرجوا من مذاهب الآباء والأجداد فوصل صاحب الترجمة في سنة 1209 والمواحشة بيني وبين المذكورين زائدة ولهب نار الاختلاف صادعة فقرأ على في مختصر المنتهى وشرحه لعضد الدين وحاشيته للسعد وقرأ على في الخرازبة وشرحها في العروض ومازال يعادي أعداي ويوادد أوداي ويقوم في غيبتي مقام الأخ الحميم ويتوجع من أحوال أبناء الزمن وما جبل عليه طلبة العلم في قطر اليمن ثم وصل إلى صنعاء مرة ثالثة في شهر رمضان سنة 1211 وكنت إذ ذاك قد امتحنت بقبول القضاء الأكبر بعد الإلزام به من مولانا خليفة العصر حفظه الله فاستقر المترجم له في صنعاء نحو نصف سنة يتصل بي في كل وقت ويحضر في مواقف التدريس ومجالس المنادمة والتأنيس ويطارحني بأدبياته ويواصلني بفقرة الفايقة وأبياته حتى ولاه مولانا الإمام حفظه الله قضاء بيت الفقيه بن عجيل بعد موت القاضي العلامة عبد الفتاح بن أحمد العواجي وهو الآن قاض هنالك وقد باشره مباشرة حسنة بعفة ونزاهة وحرمة كاملة وصدع بالحق بحسب الحال ومقدار ما يبلغ إليه الطاقة وقد أجزته بكل ما يجوز لي روايته وهو مشارك لي في السماع من أكابر شيوخي وله قدرة على النظم والنثر وملكة كاملة في جميع العلوم عقلاً ونقلاً ولا يقلد أحداً بل يجتهد برأيه وهو حقيق بذلك ولما وقف على أبيات لي من الحماسة رضت القريحة بها مرغباً في الرتبة والوسطى اذا أعجزت الغاية وهي

فقال هذه الأبيات التي هي السحر الحلال وقد غاب عنى أولها:
ووقف على أبيات لي من ذلك الطراز الأول نظمتها لقصد امتحان الفكر وهي
فقال عافاه ذو الجلال
وكان الأولى بالمقام ما دار بيني وبينه من الأشعار الرقيقة والمكاتبات التي دخلت إلى معاهد اللطافة من كل طريقة ولكن العذر أنه لم يحضر حال تحرير الترجمة غير هذا وأما الرسائل والمسائل التي أجبت بها على سؤالاته فهي كثيرة جداً موجود أكثرها في مجموع رسائلي وإذ قد تعرضنا لذكر بعض مناقب هذا الفاضل فلنذكر ههنا بعض قرابته الذين بلغتنا أخبارهم بأخصر عبارة وأوجز إشارة فمنهم والده

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 1- ص: 318